الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْلَادِهِمْ لِذَلِكَ وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا كُلُّهُ مِنْ تزيين الشياطين وشرعهم ذلك، قوله تَعَالَى: وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ أَيْ كُلُّ هَذَا وَاقِعٌ بِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى وَإِرَادَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ لِذَلِكَ كَوْنًا وَلَهُ الْحِكْمَةُ التَّامَّةُ فِي ذَلِكَ فَلَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ أَيْ فَدَعْهُمْ وَاجْتَنِبْهُمْ وَمَا هُمْ فيه فسيحكم الله بينك وبينهم.
[سورة الأنعام (6) : آية 138]
وَقالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُها إِلَاّ مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها وَأَنْعامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِراءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِما كانُوا يَفْتَرُونَ (138)
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الْحِجْرُ الحرام مما حرموا من الْوَصِيلَةَ وَتَحْرِيمُ مَا حَرَّمُوا، وَكَذَلِكَ قَالَ مُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ وَقَتَادَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وغيرهما وَقَالَ قَتَادَةُ وَقالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ تَحْرِيمٌ كَانَ عَلَيْهِمْ مِنَ الشَّيَاطِينِ فِي أَمْوَالِهِمْ وتغليظ وتشديد وَلَمْ يَكُنْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَالَ ابْنُ زيد بن أسلم حِجْرٌ إنما احتجروها لِآلِهَتِهِمْ، وَقَالَ السُّدِّيُّ لَا يَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ يقولون حرام أن يطعم إِلَّا مَنْ شِئْنَا «1» .
وَهَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ [يوسف: 59] وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ [المائدة: 103] وقال السدي أما الأنعام التي حرمت ظهورها فهي البحيرة والسائبة والوصيلة وَالْحَامُ، وَأَمَّا الْأَنْعَامُ الَّتِي لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ الله عليها لا إذا ولدوها وَلَا إِنْ نَحَرُوهَا.
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ: قَالَ لي أبو وائل أتدري مَا فِي قَوْلِهِ وَأَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها وَأَنْعامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا قُلْتُ لَا، قَالَ هِيَ الْبَحِيرَةُ كَانُوا لَا يَحُجُّونَ عَلَيْهَا «2» ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ كَانَ مِنْ إِبِلِهِمْ طَائِفَةٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْ شَأْنِهَا لَا إِنْ رَكِبُوا وَلَا إِنْ حلبوا ولا إن حملوا ولا إن نتجوا وَلَا إِنْ عَمِلُوا شَيْئًا «3» .
افْتِراءً عَلَيْهِ أَيْ عَلَى اللَّهِ وَكَذِبًا مِنْهُمْ فِي إِسْنَادِهِمْ ذَلِكَ إِلَى دِينِ اللَّهِ وَشَرْعِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُمْ فِي ذَلِكَ وَلَا رَضِيَهُ مِنْهُمْ سَيَجْزِيهِمْ بِما كانُوا يَفْتَرُونَ أَيْ عَلَيْهِ وَيُسْنِدُونَ إِلَيْهِ.
[سورة الأنعام (6) : آية 139]
وَقالُوا مَا فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (139)
(1) الآثار المذكورة وردت في تفسير الطبري 5/ 354- 355.
(2)
تفسير الطبري 5/ 356.
(3)
المصدر السابق.