الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَعَالَى: لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ كَقَوْلِهِ قالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلًا [الإسراء: 63- 65] .
[سورة الأعراف (7) : الآيات 19 الى 21]
وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ (19) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما مَا وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَقالَ مَا نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَاّ أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ (20) وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21)
يَذْكُرُ تَعَالَى أَنَّهُ أَبَاحَ لِآدَمَ عليه السلام وَلِزَوْجَتِهِ حَوَّاءَ الْجَنَّةَ أَنْ يَأْكُلَا مِنْهَا مِنْ جَمِيعِ ثِمَارِهَا إِلَّا شَجَرَةً وَاحِدَةً، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ حَسَدَهُمَا الشيطان وسعى في المكر والوسوسة والخديعة، ليسلبهما مَا هُمَا فِيهِ مِنَ النِّعْمَةِ وَاللِّبَاسِ الْحَسَنِ وَقالَ كَذِبًا وَافْتِرَاءً مَا نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَيْ لِئَلَّا تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ خَالِدَيْنِ ها هنا، وَلَوْ أَنَّكُمَا أَكَلْتُمَا مِنْهَا لَحَصَلَ لَكُمَا ذَلِكُمَا، كَقَوْلِهِ قالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلى [طه: 120] أَيْ لِئَلَّا تَكُونَا مَلَكَيْنِ، كَقَوْلِهِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا [النِّسَاءِ: 176] أَيْ لِئَلَّا تَضِلُّوا وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ [النَّحْلِ: 15] أَيْ لِئَلَّا تَمِيدَ بِكُمْ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ ويحيى بن أبي كثير يقرآن إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ بِكَسْرِ اللَّامِ، وَقَرَأَهُ الْجُمْهُورُ بِفَتْحِهَا، وَقاسَمَهُما أَيْ حَلَفَ لَهُمَا بِاللَّهِ إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ فَإِنِّي مِنْ قَبْلِكُمَا ها هنا وَأَعْلَمُ بِهَذَا الْمَكَانِ، وَهَذَا مِنْ بَابِ الْمُفَاعَلَةِ، وَالْمُرَادُ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ، كَمَا قَالَ خَالِدُ بْنُ زهير ابن عم أبي ذؤيب:[الطويل]
وَقَاسَمَهَا بِاللَّهِ جَهْدًا لَأَنْتُمُ
…
أَلَذُّ مِنَ السَّلْوَى إِذْ مَا نُشُورُهَا «1»
أَيْ حَلَفَ لَهُمَا بِاللَّهِ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى خَدَعَهُمَا وَقَدْ يُخْدَعُ الْمُؤْمِنُ بالله، وقال قتادة في الآية:
حلف بالله إني خلقت قبلكما وأنا أعلم منكم فَاتَّبِعَانِي أُرْشِدُكُمَا، وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ من خدعنا بالله انخدعنا له.
[سورة الأعراف (7) : الآيات 22 الى 23]
فَدَلَاّهُما بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ (22) قَالَا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (23)
(1) البيت لخالد بن زهير في شرح أشعار الهذليين ص 215، ولسان العرب (سلا) ، وتاج العروس (شور) ، (سلا) ، وتهذيب اللغة 13/ 69. والمخصص 5/ 15، 13/ 10، 14/ 241، وتفسير الطبري 5/ 450، وبلا نسبة في كتاب العين 7/ 298.