المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة المائدة (5) : الآيات 96 الى 99] - تفسير ابن كثير - ط العلمية - جـ ٣

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌سورة المائدة

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 1 الى 2]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 3]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 4]

- ‌ذِكْرُ الْآثَارِ بِذَلِكَ

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 5]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 6]

- ‌ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَأَنَّهُ لَا بد منه

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 7 الى 11]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 12 الى 14]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 15 الى 16]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 17 الى 18]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 19]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 20 الى 26]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 27 الى 31]

- ‌ذِكْرُ أَقْوَالِ الْمُفَسِّرِينَ هَاهُنَا

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 32 الى 34]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 35 الى 37]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 38 الى 40]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 41 الى 44]

- ‌سبب آخر في نزول هذه الآيات الكريمات

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 45]

- ‌قَاعِدَةٌ مُهِمَّةٌ:

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 46 الى 47]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 48 الى 50]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 51 الى 53]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 54 الى 56]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 57 الى 58]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 59 الى 63]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 64 الى 66]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 67]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 68 الى 69]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 70 الى 71]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 72 الى 75]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 76 الى 77]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 78 الى 81]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 82 الى 86]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 87 الى 88]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 89]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 90 الى 93]

- ‌ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي بَيَانِ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 94 الى 95]

- ‌ذِكْرُ أَقْوَالِ السَّلَفِ فِي هَذَا الْمَقَامِ

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 96 الى 99]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 100 الى 102]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 103 الى 104]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 105]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 106 الى 108]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 109]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 110 الى 111]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 112 الى 115]

- ‌ذِكْرُ أَخْبَارٍ رُوِيَتْ عَنِ السَّلَفِ فِي نُزُولِ الْمَائِدَةِ عَلَى الْحَوَارِيِّينَ

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 116 الى 118]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 119 الى 120]

- ‌سورة الأنعام

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 4 الى 6]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 7 الى 11]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 12 الى 16]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 17 الى 21]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 22 الى 26]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 27 الى 30]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 31 الى 32]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 33 الى 36]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 37 الى 39]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 40 الى 45]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 46 الى 49]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 50 الى 54]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 55 الى 59]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 60 الى 62]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 63 الى 65]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 66 الى 69]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 70]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 71 الى 73]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 74 الى 79]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 80 الى 83]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 84 الى 90]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 91 الى 92]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 93 الى 94]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 95 الى 97]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 98 الى 99]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 100]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 101]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 102 الى 103]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 104 الى 105]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 106 الى 107]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 108]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 109 الى 110]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 111]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 112 الى 113]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 114 الى 115]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 116 الى 117]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 118 الى 119]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 120]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 121]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 122]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 123 الى 124]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 125]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 126 الى 127]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 128]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 129]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 130]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 131 الى 132]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 133 الى 135]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 136]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 137]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 138]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 139]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 140]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 141 الى 142]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 143 الى 144]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 145]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 146]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 147]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 148 الى 150]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 151]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 152]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 153]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 154 الى 155]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 156 الى 157]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 158]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 159]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 160]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 161 الى 163]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 164]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 165]

- ‌سورة الأعراف

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 4 الى 7]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 8 الى 9]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 10]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 11]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 12]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 13 الى 15]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 16 الى 17]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 18]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 19 الى 21]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 22 الى 23]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 24 الى 25]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 26]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 27]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 28 الى 30]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 31]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 32]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 33]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 34 الى 36]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 37]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 38 الى 39]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 40 الى 41]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 42 الى 43]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 44 الى 45]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 46 الى 47]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 48 الى 49]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 50 الى 51]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 52 الى 53]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 54]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 55 الى 56]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 57 الى 58]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 59 الى 62]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 63 الى 64]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 65 الى 69]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 70 إِلًى 72]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 73 الى 78]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 79]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 80 الى 81]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 82]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 83 الى 84]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 85]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 86 الى 87]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 88 الى 89]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 90 الى 92]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 93]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 94 الى 95]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 96 الى 99]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 100]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 101 الى 102]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 103]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 104 الى 106]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 107 الى 108]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 109 الى 110]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 111 الى 112]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 113 الى 114]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 115 الى 116]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 117 الى 122]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 123 الى 126]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 127 الى 129]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 130 الى 131]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 132 الى 135]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 136 الى 137]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 138 الى 139]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 140 الى 141]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 142]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 143]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 144 الى 145]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 146 الى 147]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 148 الى 149]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 150 الى 151]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 152 الى 153]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 154]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 155 الى 156]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 157]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 158]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 159]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 160 الى 162]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 163]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 164 الى 166]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 167]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 168 الى 170]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 171]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 172 الى 174]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 175 الى 177]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 178]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 179]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 180]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 181]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 182 الى 183]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 184]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 185]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 186]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 187]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 188]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 189 الى 190]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 191 الى 198]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 199 الى 200]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 201 الى 202]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 203]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 204]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 205 الى 206]

- ‌فهرس المحتويات

- ‌سورة المائدة

- ‌سورة الأنعام

- ‌سورة الأعراف

الفصل: ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 96 الى 99]

قلت: فهل في العهود من حَدٌّ تَعْلَمُهُ؟ قَالَ: لَا، قَالَ قُلْتُ: فَتَرَى حَقًّا عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُعَاقِبَهُ؟

قَالَ: لَا، هُوَ ذَنْبٌ أَذْنَبَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عز وجل، وَلَكِنْ يَفْتَدِي» رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ «1» . وَقِيلَ:

مَعْنَاهُ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ بِالْكَفَّارَةِ، قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٌ، ثُمَّ الْجُمْهُورُ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ عَلَى أَنَّهُ مَتَى قَتَلَ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ وَجَبَ الْجَزَاءُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأُولَى والثانية والثالثة، وَإِنْ تَكَرَّرَ مَا تَكَرَّرَ سَوَاءٌ الْخَطَأُ فِي ذَلِكَ وَالْعَمْدُ.

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَنْ قَتَلَ شَيْئًا مِنَ الصَّيْدِ خَطَأً وَهُوَ مُحْرِمٌ، يُحْكَمُ عَلَيْهِ فيه كلما قتله، فإن قَتْلَهُ عَمْدًا يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِيهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، فَإِنْ عَادَ يُقَالُ لَهُ: يَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْكَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ عز وجل. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «2» : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، جَمِيعًا عَنْ هِشَامٍ هُوَ ابْنُ حَسَّانٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عباس، فيمن أصاب صيدا يحكم عَلَيْهِ ثُمَّ عَادَ قَالَ: لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ، يَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ. وَهَكَذَا قَالَ شُرَيْحٌ وَمُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، رَوَاهُنَّ ابْنُ جَرِيرٍ، ثُمَّ اخْتَارَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ يَزِيدَ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ زيد بن أَبِي الْمُعَلَّى، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ صَيْدًا فَتَجَوَّزَ عَنْهُ، ثُمَّ عَادَ فَأَصَابَ صَيْدًا آخَرَ، فَنَزَلَتْ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ فَأَحْرَقَتْهُ، فَهُوَ قَوْلُهُ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «3» فِي قَوْلِهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ يَقُولُ، عَزَّ ذِكْرُهُ: وَاللَّهُ مَنِيعٌ فِي سُلْطَانِهِ، لَا يَقْهَرُهُ قَاهِرٌ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنَ الِانْتِقَامِ مِمَّنِ انْتَقَمَ مِنْهُ، وَلَا مِنْ عُقُوبَةِ مَنْ أَرَادَ عُقُوبَتَهُ مَانِعٌ، لِأَنَّ الْخَلْقَ خَلْقُهُ، وَالْأَمْرَ أَمْرُهُ، لَهُ الْعِزَّةُ وَالْمَنَعَةُ. وَقَوْلُهُ ذُو انْتِقامٍ يَعْنِي أَنَّهُ ذُو مُعَاقَبَةٍ لِمَنْ عصاه على معصيته إياه.

[سورة المائدة (5) : الآيات 96 الى 99]

أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96) جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ ذلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (97) اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (98) مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَاّ الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ (99)

قَالَ ابْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَغَيْرُهُمْ، في قوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ يَعْنِي مَا يَصْطَادُ مِنْهُ طَرِيًّا وَطَعامُهُ مَا يَتَزَوَّدُ مِنْهُ مَلِيحًا يَابِسًا، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ عَنْهُ: صَيْدُهُ مَا أُخِذَ منه حيا

(1) تفسير الطبري 5/ 59- 60. [.....]

(2)

تفسير الطبري 5/ 62.

(3)

تفسير الطبري 5/ 64.

ص: 177

وَطَعامُهُ مَا لَفَظَهُ مَيِّتًا، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَأَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنهم، وَعِكْرِمَةَ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، قَالَ سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ قَالَ طَعامُهُ كُلُّ مَا فِيهِ، رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ «1» وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ سِمَاكٍ قَالَ: حُدِّثْتُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَطَبَ أَبُو بَكْرٍ النَّاسَ، فَقَالَ أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَطَعَامُهُ مَا قُذِفَ. قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ قال طَعامُهُ مَا قُذِفَ «2» .

وَقَالَ عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قال: طعامه مَا لَفَظَ مِنْ مَيْتَةٍ، وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ «3» أَيْضًا. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: طَعَامُهُ مَا لَفَظَهُ حَيًّا أَوْ حَسِرَ عَنْهُ فَمَاتَ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «4» : حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي هُرَيْرَةَ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: إِنَّ الْبَحْرَ قد قذف حيتانا كثيرة ميتة، أفنأكلها؟ فقال: لا تأكلوها، فَلَمَّا رَجَعَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى أَهْلِهِ، أَخَذَ الْمُصْحَفَ فَقَرَأَ سُورَةَ الْمَائِدَةِ فَأَتَى هَذِهِ الْآيَةَ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ فَقَالَ: اذْهَبْ فَقُلْ لَهُ: فَلْيَأْكُلْهُ فَإِنَّهُ طَعَامُهُ، وَهَكَذَا اخْتَارَ ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِطَعَامِهِ مَا مَاتَ فِيهِ. وَقَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ خَبَرٌ، وَإِنَّ بَعْضَهُمْ يَرْوِيهِ مَوْقُوفًا، حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ قَالَ «طَعَامُهُ مَا لَفَظَهُ مَيِّتًا» ثُمَّ قَالَ:

وَقَدْ وَقَفَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ. حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قَوْلِهِ أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ قَالَ: طَعَامُهُ مَا لَفَظَهُ مَيِّتًا «5» .

وَقَوْلُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ أَيْ منفعة وقوتا لكم أيها المخاطبون وَلِلسَّيَّارَةِ وهم جَمْعُ سَيَّارٍ، قَالَ عِكْرِمَةُ: لِمَنْ كَانَ بِحَضْرَةِ البحر والسفر وَقَالَ غَيْرُهُ: الطَّرِيُّ مِنْهُ لِمَنْ يَصْطَادُهُ مِنْ حاضرة البحر، وطعامه مَا مَاتَ فِيهِ أَوِ اصْطِيدَ مِنْهُ وَمُلِّحَ وَقُدِّدَ، زَادًا لِلْمُسَافِرِينَ وَالنَّائِينَ عَنِ الْبَحْرِ وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَالسُّدِّيِّ وغيرهم. وقد استدل الجمهور على حل ميتته بِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، وَبِمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ مَالِكُ بن أنس عن ابن وهب وابن كيسان، عن

(1) تفسير الطبري 5/ 64.

(2)

تفسير الطبري 5/ 66.

(3)

المصدر نفسه.

(4)

تفسير الطبري 5/ 67.

(5)

تفسير الطبري 5/ 70.

ص: 178

جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْثًا قِبَلَ السَّاحِلِ، فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ وهم ثلاثمائة وَأَنَا فِيهِمْ، قَالَ فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ فَنِيَ الزَّادُ، فَأَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِأَزْوَادِ ذَلِكَ الْجَيْشِ، فَجُمِعَ ذَلِكَ كُلُّهُ فَكَانَ مِزْوَدَيْ تَمْرٍ، قَالَ: فَكَانَ يُقَوِّتُنَا كُلَّ يَوْمٍ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى فَنِيَ، فَلَمْ يَكُنْ يُصِيبُنَا إلا تمرة تَمْرَةٌ، فَقَالَ: فَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَنِيَتْ، قَالَ: ثُمَّ انْتَهَيْنَا إِلَى الْبَحْرِ فَإِذَا حُوتٌ مِثْلُ الظَّرِبِ «1» ، فَأَكَلَ مِنْهُ ذَلِكَ الْجَيْشُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِضِلْعَيْنِ مِنْ أَضْلَاعِهِ فَنُصِبَا، ثُمَّ أَمَرَ بِرَاحِلَةٍ فَرُحِلَتْ وَمَرَّتْ تَحْتَهُمَا، فَلَمْ تُصِبْهُمَا، وَهَذَا الْحَدِيثُ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلَهُ طُرُقٌ عَنْ جَابِرٍ «2» .

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، فَإِذَا عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ مِثْلُ الْكَثِيبِ الضَّخْمِ، فَأَتَيْنَاهُ فَإِذَا بِدَابَّةٍ يُقَالُ لَهَا الْعَنْبَرُ، قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَيِّتَةٌ، ثُمَّ قَالَ: لَا، نَحْنُ رُسُلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدِ اضْطُرِرْتُمْ فَكُلُوا، قَالَ: فَأَقَمْنَا عَلَيْهِ شَهْرًا وَنَحْنُ ثَلَاثُمِائَةٍ حَتَّى سَمِنَّا، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا نَغْتَرِفُ من وقب عينيه بالقلال الدهن، ويقتطع منه الفدر كالثور، قَالَ: وَلَقَدْ أَخَذَ مِنَّا أَبُو عُبَيْدَةَ ثَلَاثَةَ عشر رجلا فأقعدهم في وقب عينيه، وَأَخَذَ ضِلْعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ فَأَقَامَهَا ثُمَّ رَحَلَ أعظم بعير معنا، فمر من تحته، وَتَزَوَّدْنَا مِنْ لَحْمِهِ وَشَائِقَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ «هُوَ رِزْقٌ أَخْرَجَهُ اللَّهُ لَكُمْ هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ فَتُطْعِمُونَا؟» قَالَ فَأَرْسَلْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُ، فَأَكَلَهُ.

وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ وَجَدُوا هَذِهِ السَّمَكَةَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ:

هِيَ وَاقِعَةٌ أُخْرَى، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ هِيَ قَضِيَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَكِنْ كَانُوا أَوَّلًا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ بَعَثَهُمْ سَرِيَّةً مَعَ أَبِي عُبَيْدَةَ فَوَجَدُوا هَذِهِ فِي سَرِيَّتِهِمْ تِلْكَ مَعَ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ مَالِكٌ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ مِنْ آلِ ابْنِ الْأَزْرَقِ: أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ أَبِي بُرْدَةَ وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنَ الْمَاءِ، فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا، أَفَنَتَوَضَّأُ بِمَاءِ الْبَحْرِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» ، وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الْإِمَامَانِ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بن حنبل وأهل السنن الأربع، وَصَحَّحَهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمْ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِهِ «3» .

وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طُرُقٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سلمة، حدثنا

(1) الظرب: الجبل الصغير.

(2)

موطأ مالك (كتاب صفة النبي حديث 24) وصحيح البخاري (شركة باب 1) وصحيح مسلم (صيد حديث 17- 21) .

(3)

سنن أبي داود (طهارة باب 41) وسنن الترمذي (طهارة باب 52) . وسنن النسائي (طهارة باب 46 ومياه باب 4) وسنن ابن ماجة (طهارة باب 38 وصيد باب 18) ومسند أحمد 2/ 361.

ص: 179

أَبُو الْمُهَزِّمِ هُوَ يَزِيدُ بْنُ سُفْيَانَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجٍّ أَوْ عمرة، فاستقبلنا جراد، فجعلنا نضربهن بعصينا وسياطنا، فنقتلهن، فسقط فِي أَيْدِينَا، فَقُلْنَا: مَا نَصْنَعُ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ؟ فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ «لَا بَأْسَ بِصَيْدِ الْبَحْرِ» أَبُو الْمُهَزِّمِ ضَعِيفٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ ابْنُ مَاجَهْ: حَدَّثَنَا هارون بن عبد الله الجمال، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عبد الله عن علام، عَنْ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا دَعَا عَلَى الْجَرَادِ قَالَ «اللَّهُمَّ أَهْلِكْ كِبَارَهُ، وَاقْتُلْ صِغَارَهُ، وَأَفْسِدْ بَيْضَهُ، وَاقْطَعْ دَابِرَهُ، وَخُذْ بِأَفْوَاهِهِ عَنْ مَعَايِشِنَا وَأَرْزَاقِنَا، إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ» ، فَقَالَ خَالِدٌ:

يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَدْعُو عَلَى جُنْدٍ مِنْ أَجْنَادِ اللَّهِ بِقَطْعِ دَابِرِهِ؟ فَقَالَ «إِنَّ الْجَرَادَ نَثْرَةُ الْحُوتِ فِي الْبَحْرِ» قَالَ هَاشِمٌ: قَالَ زِيَادٌ: فَحَدَّثَنِي مَنْ رَأَى الْحُوتَ يَنْثُرُهُ، تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ مَاجَهْ.

وَقَدْ رَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَى مَنْ يَصِيدُ الْجَرَادَ فِي الْحَرَمِ، وَقَدِ احْتَجَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ مَنْ ذَهَبَ مِنَ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ تُؤْكَلُ دَوَابُّ الْبَحْرِ وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنِ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ قَالَ: طَعَامُهُ كُلُّ مَا فِيهِ. وَقَدِ اسْتَثْنَى بَعْضُهُمُ الضَّفَادِعَ وَأَبَاحَ مَا سِوَاهَا، لِمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ قَتْلِ الضِّفْدِعِ، وَلِلنَّسَائِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَتْلِ الضِّفْدِعِ، وَقَالَ: نَقِيقُهَا تَسْبِيحٌ. وَقَالَ آخَرُونَ: يُؤْكَلُ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ السَّمَكُ، وَلَا يُؤْكَلُ الضِّفْدِعُ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا سِوَاهُمَا، فَقِيلَ: يُؤْكَلُ سَائِرُ ذَلِكَ. وَقِيلَ: لَا يُؤْكَلُ. وَقِيلَ:

مَا أُكِلَ شَبَهَهُ مِنَ الْبَرِّ، أُكِلَ مِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ. وَمَا لَا يُؤْكَلُ شَبَهُهُ لَا يُؤْكَلُ، وَهَذِهِ كُلُّهَا وُجُوهٌ فِي مَذْهَبِ الشافعي رحمه الله تعالى.

وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: لَا يُؤْكَلُ مَا مَاتَ فِي الْبَحْرِ، كَمَا لَا يُؤْكَلُ مَا مَاتَ فِي الْبَرِّ، لِعُمُومِ قوله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَقَدْ وَرَدَ حَدِيثٌ بِنَحْوِ ذَلِكَ، فَقَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ:

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي هُوَ ابْنُ قَانِعٍ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى بْنِ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَا: حَدَّثَنَا الحسين بن يزيد الطَّحَّانُ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَا صِدْتُمُوهُ وَهُوَ حَيٌّ فَمَاتَ فَكُلُوهُ، وَمَا أَلْقَى الْبَحْرُ مَيِّتًا طَافِيًا فَلَا تَأْكُلُوهُ» ، ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ وَيَحْيَى بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ بِهِ، وَهُوَ مُنْكَرٌ، وَقَدِ احْتَجَّ الْجُمْهُورُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ بِحَدِيثِ الْعَنْبَرِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ، وَبِحَدِيثِ «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا.

وَرَوَى الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أُحِلَّتْ لَنَا ميتتان ودمان، فأما الميتتان: فالحوت والجراد، وأما الدَّمَانِ: فَالْكَبِدُ وَالطُّحَالُ» وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَلَهُ شَوَاهِدُ، وَرُوِيَ

ص: 180

مَوْقُوفًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً أَيْ فِي حَالِ إِحْرَامِكُمْ يَحْرُمُ عَلَيْكُمُ الِاصْطِيَادُ، فَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى تَحْرِيمٍ ذَلِكَ فَإِذَا اصْطَادَ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ مُتَعَمِّدًا، أَثِمَ وَغُرِّمَ، أَوْ مُخْطِئًا، غُرِّمَ وَحَرُمَ عَلَيْهِ أَكْلُهُ، لِأَنَّهُ فِي حَقِّهِ كَالْمَيْتَةِ، وَكَذَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ مِنَ الْمُحْرِمِينَ وَالْمُحِلِّينَ، عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ، وَبِهِ يَقُولُ عَطَاءٌ وَالْقَاسِمُ وَسَالِمٌ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَغَيْرُهُمْ، فَإِنْ أَكَلَهُ أَو شَيْئًا مِنْهُ فَهَلْ يلزمه جزاء ثان؟ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ [أَحَدُهُمَا] نَعَمْ، قَالَ: عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: إِنْ ذَبَحَهُ ثُمَّ أَكَلَهُ فَكَفَّارَتَانِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ طائفة. [والثاني] لا جزاء عليه في أكله، نَصَّ عَلَيْهِ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ. قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَعَلَى هَذَا مَذَاهِبُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ، ثُمَّ وَجَّهَهُ أَبُو عُمَرَ بِمَا لَوْ وَطِئَ، ثُمَّ وَطِئَ، ثُمَّ وَطِئَ قَبْلَ أَنْ يَحُدَّ، فَإِنَّمَا عَلَيْهِ حَدٌّ وَاحِدٌ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: عَلَيْهِ قِيمَةُ مَا أَكَلَ.

وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: إِذَا قَتَلَ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ وَحَلَالٌ أَكْلُ ذَلِكَ الصَّيْدِ، إِلَّا أَنَّنِي أَكْرَهُهُ لِلَّذِي قَتَلَهُ لِلْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «صَيْدُ البر لكم حلال وأنتم حرم ما لم تصيدوه أن يُصَدْ لَكُمْ» وَهَذَا الْحَدِيثُ سَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَقَوْلُهُ بِإِبَاحَتِهِ لِلْقَاتِلِ غَرِيبٌ. وَأَمَّا لِغَيْرِهِ فَفِيهِ خِلَافٌ قَدْ ذَكَرْنَا الْمَنْعَ عَمَّنْ تَقَدَّمَ، وَقَالَ آخَرُونَ بِإِبَاحَتِهِ لِغَيْرِ الْقَاتِلِ سَوَاءٌ الْمُحْرِمُونَ وَالْمُحِلُّونَ لِهَذَا الْحَدِيثِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا إِذَا صَادَ حَلَالٌ صَيْدًا، فَأَهْدَاهُ إِلَى مُحْرِمٍ، فَقَدْ ذَهَبَ ذَاهِبُونَ إِلَى إِبَاحَتِهِ مُطْلَقًا، وَلَمْ يَسْتَفْصِلُوا بَيْنَ أَنْ يكون قد صاده من أجله أَمْ لَا، حَكَى هَذَا الْقَوْلَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَكَعْبِ الْأَحْبَارِ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ فِي رِوَايَةٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَبِهِ قَالَ الْكُوفِيُّونَ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «1» : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ، حَدَّثَنَا بشر بن الفضل، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ لَحْمِ صَيْدٍ صَادَهُ حَلَالٌ، أَيَأْكُلُهُ الْمُحْرِمُ؟ قَالَ: فَأَفْتَاهُمْ بِأَكْلِهِ، ثُمَّ لَقِيَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ، فَقَالَ: لَوْ أَفْتَيْتَهُمْ بِغَيْرِ هَذَا لَأَوْجَعْتُ لَكَ رَأْسَكَ. وَقَالَ آخَرُونَ:

لَا يَجُوزُ أَكْلُ الصَّيْدِ لِلْمُحْرمِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَمَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ مُطْلَقًا لِعُمُومِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، وعبد الكريم عن ابن أبي آسية عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَرِهَ أكل الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ، وَقَالَ: هِيَ مُبْهَمَةٌ يَعْنِي قَوْلَهُ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ لَحْمِ الصَّيْدِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. قَالَ مَعْمَرٌ: وَأَخْبَرَنِي أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَبِهِ قَالَ طَاوُسٌ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الثوري وإسحاق بن راهويه في

(1) تفسير الطبري 5/ 73.

ص: 181