الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مالك، وغيره: في كفرهم يترددون.
[سورة الأنعام (6) : آية 111]
وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَا كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَاّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (111)
يَقُولُ تَعَالَى: وَلَوْ أَنَّنَا أَجَبْنَا سُؤَالَ هَؤُلَاءِ، الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ، لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا، فَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ تُخْبِرُهُمْ بِالرِّسَالَةِ مِنَ اللَّهِ بِتَصْدِيقِ الرُّسُلِ، كَمَا سَأَلُوا فَقَالُوا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا [الإسراء: 92] وقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ [الْأَنْعَامِ: 124] وَقالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقاءَنا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً [الْفُرْقَانِ: 21] وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى أَيْ فَأَخْبَرُوهُمْ بِصِدْقِ مَا جَاءَتْهُمْ بِهِ الرُّسُلُ وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا قَرَأَ بَعْضُهُمْ، قِبَلًا بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْبَاءِ، مِنَ الْمُقَابَلَةِ وَالْمُعَايَنَةِ، وَقَرَأَ آخَرُونَ بِضَمِّهِمَا، قِيلَ مَعْنَاهُ مِنَ الْمُقَابَلَةِ وَالْمُعَايَنَةِ أَيْضًا، كَمَا رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، وَالْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ قَتَادَةُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ قبلا أي أَفْوَاجًا، قُبَيْلًا قُبَيْلًا، أَيْ تُعْرَضُ عَلَيْهِمْ كُلُّ أمة بعد أمة، فيخبرونهم بِصِدْقِ الرُّسُلِ فِيمَا جَاءُوهُمْ بِهِ مَا كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ أَيْ إِنَّ الْهِدَايَةَ إِلَيْهِ لَا إِلَيْهِمْ، بَلْ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ، وَيُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ، وَهُوَ الْفَعَّالُ لِمَا يريد، لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ لِعِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ وَسُلْطَانِهِ وَقَهْرِهِ وَغَلَبَتِهِ، وَهَذِهِ الْآيَةُ كقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ [يونس: 96- 97] .
[سورة الأنعام (6) : الآيات 112 الى 113]
وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (113)
يَقُولُ تَعَالَى: وَكَمَا جَعَلْنَا لَكَ يَا مُحَمَّدُ أعداء يخالفونك ويعادونك ويعاندونك، جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ مِنْ قَبْلِكَ أَيْضًا أَعْدَاءً فلا يحزنك ذلك، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا [الأنعام: 34] الآية، وَقَالَ تَعَالَى: مَا يُقالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ [فُصِّلَتْ: 43] وَقَالَ تَعَالَى: وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ [الفرقان: 31] الآية، وَقَالَ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
إِنَّهُ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ «1» .
وَقَوْلُهُ شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ بَدَلٌ مِنْ عَدُوًّا أَيْ لهم أعداء من شياطين الإنس والجن، والشيطان كل من خرج عن نظيره بالشر، ولا يعادي الرسل إلا الشياطين من هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، قَبَّحَهُمُ اللَّهُ وَلَعَنَهُمْ، قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ
(1) صحيح البخاري (بدء الوحي باب 3) وصحيح مسلم (إيمان حديث 252) ومسند أحمد 6/ 223.