المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 63 الى 65] - تفسير ابن كثير - ط العلمية - جـ ٣

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌سورة المائدة

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 1 الى 2]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 3]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 4]

- ‌ذِكْرُ الْآثَارِ بِذَلِكَ

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 5]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 6]

- ‌ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَأَنَّهُ لَا بد منه

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 7 الى 11]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 12 الى 14]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 15 الى 16]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 17 الى 18]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 19]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 20 الى 26]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 27 الى 31]

- ‌ذِكْرُ أَقْوَالِ الْمُفَسِّرِينَ هَاهُنَا

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 32 الى 34]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 35 الى 37]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 38 الى 40]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 41 الى 44]

- ‌سبب آخر في نزول هذه الآيات الكريمات

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 45]

- ‌قَاعِدَةٌ مُهِمَّةٌ:

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 46 الى 47]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 48 الى 50]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 51 الى 53]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 54 الى 56]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 57 الى 58]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 59 الى 63]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 64 الى 66]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 67]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 68 الى 69]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 70 الى 71]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 72 الى 75]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 76 الى 77]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 78 الى 81]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 82 الى 86]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 87 الى 88]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 89]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 90 الى 93]

- ‌ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي بَيَانِ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 94 الى 95]

- ‌ذِكْرُ أَقْوَالِ السَّلَفِ فِي هَذَا الْمَقَامِ

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 96 الى 99]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 100 الى 102]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 103 الى 104]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 105]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 106 الى 108]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 109]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 110 الى 111]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 112 الى 115]

- ‌ذِكْرُ أَخْبَارٍ رُوِيَتْ عَنِ السَّلَفِ فِي نُزُولِ الْمَائِدَةِ عَلَى الْحَوَارِيِّينَ

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 116 الى 118]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 119 الى 120]

- ‌سورة الأنعام

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 4 الى 6]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 7 الى 11]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 12 الى 16]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 17 الى 21]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 22 الى 26]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 27 الى 30]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 31 الى 32]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 33 الى 36]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 37 الى 39]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 40 الى 45]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 46 الى 49]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 50 الى 54]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 55 الى 59]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 60 الى 62]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 63 الى 65]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 66 الى 69]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 70]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 71 الى 73]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 74 الى 79]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 80 الى 83]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 84 الى 90]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 91 الى 92]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 93 الى 94]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 95 الى 97]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 98 الى 99]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 100]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 101]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 102 الى 103]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 104 الى 105]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 106 الى 107]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 108]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 109 الى 110]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 111]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 112 الى 113]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 114 الى 115]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 116 الى 117]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 118 الى 119]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 120]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 121]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 122]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 123 الى 124]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 125]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 126 الى 127]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 128]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 129]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 130]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 131 الى 132]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 133 الى 135]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 136]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 137]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 138]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 139]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 140]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 141 الى 142]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 143 الى 144]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 145]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 146]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 147]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 148 الى 150]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 151]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 152]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 153]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 154 الى 155]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 156 الى 157]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 158]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 159]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 160]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 161 الى 163]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 164]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 165]

- ‌سورة الأعراف

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 4 الى 7]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 8 الى 9]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 10]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 11]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 12]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 13 الى 15]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 16 الى 17]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 18]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 19 الى 21]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 22 الى 23]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 24 الى 25]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 26]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 27]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 28 الى 30]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 31]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 32]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 33]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 34 الى 36]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 37]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 38 الى 39]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 40 الى 41]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 42 الى 43]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 44 الى 45]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 46 الى 47]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 48 الى 49]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 50 الى 51]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 52 الى 53]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 54]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 55 الى 56]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 57 الى 58]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 59 الى 62]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 63 الى 64]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 65 الى 69]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 70 إِلًى 72]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 73 الى 78]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 79]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 80 الى 81]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 82]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 83 الى 84]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 85]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 86 الى 87]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 88 الى 89]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 90 الى 92]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 93]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 94 الى 95]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 96 الى 99]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 100]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 101 الى 102]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 103]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 104 الى 106]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 107 الى 108]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 109 الى 110]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 111 الى 112]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 113 الى 114]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 115 الى 116]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 117 الى 122]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 123 الى 126]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 127 الى 129]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 130 الى 131]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 132 الى 135]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 136 الى 137]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 138 الى 139]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 140 الى 141]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 142]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 143]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 144 الى 145]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 146 الى 147]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 148 الى 149]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 150 الى 151]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 152 الى 153]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 154]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 155 الى 156]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 157]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 158]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 159]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 160 الى 162]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 163]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 164 الى 166]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 167]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 168 الى 170]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 171]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 172 الى 174]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 175 الى 177]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 178]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 179]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 180]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 181]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 182 الى 183]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 184]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 185]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 186]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 187]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 188]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 189 الى 190]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 191 الى 198]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 199 الى 200]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 201 الى 202]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 203]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 204]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 205 الى 206]

- ‌فهرس المحتويات

- ‌سورة المائدة

- ‌سورة الأنعام

- ‌سورة الأعراف

الفصل: ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 63 الى 65]

[الْكَهْفِ: 49] وَلِهَذَا قَالَ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ.

[سورة الأنعام (6) : الآيات 63 الى 65]

قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجانا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (63) قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (64) قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65)

يَقُولُ تَعَالَى مُمْتَنًّا عَلَى عِبَادِهِ، فِي إِنْجَائِهِ الْمُضْطَرِّينَ مِنْهُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، أَيِ الْحَائِرِينَ الْوَاقِعِينَ فِي الْمَهَامِهِ الْبَرِّيَّةِ، وَفِي اللُّجُجِ الْبَحْرِيَّةِ، إِذَا هاجت الرياح الْعَاصِفَةُ، فَحِينَئِذٍ يُفْرِدُونَ الدُّعَاءَ لَهُ وَحْدَهُ لَا شريك له، كَقَوْلِهِ وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء: 67] الآية، وقوله هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِها جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ [يُونُسَ: 22] الآية، وقوله أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ تَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ [النَّمْلِ: 63] .

وَقَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً أي جهرا وسرا لَئِنْ أَنْجانا أَيْ مِنْ هَذِهِ الضَّائِقَةِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ أي بعدها قال الله قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ أَيْ تَدْعُونَ مَعَهُ فِي حَالِ الرَّفَاهِيَةِ آلِهَةً أُخْرَى.

وَقَوْلُهُ قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ لَمَّا قَالَ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ، عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً أي بعد إنجائه إياكم، كقوله فِي سُورَةِ سُبْحَانَ رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كانَ بِكُمْ رَحِيماً وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تارَةً أُخْرى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً [الْإِسْرَاءِ: 66- 69] .

قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: ذُكِرَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هَارُونُ الْأَعْوَرُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ قَالَ: هَذِهِ لِلْمُشْرِكِينَ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ لِأُمَّةِ محمد صلى الله عليه وسلم وعفا عَنْهُمْ.

وَنَذْكُرُ هُنَا الْأَحَادِيثَ، الْوَارِدَةَ فِي ذَلِكَ وَالْآثَارَ، وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانِ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ وَبِهِ الثِّقَةُ.

ص: 240

قال البخاري «1» رحمه الله تعالى فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ

يَلْبِسَكُمْ يَخْلِطَكُمْ مِنَ الِالْتِبَاسِ، يَلْبِسُوا يَخْلِطُوا شِيَعًا فِرَقًا، حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ» أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ قَالَ «أَعُوُذُ بِوَجْهِكَ» أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «هذه أهون- أو أَيْسَرُ» .

وَهَكَذَا رَوَاهُ أَيْضًا فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ، عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ حَمَّادٍ بِهِ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا فِي التَّفْسِيرِ عَنْ قُتَيْبَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ مُسَاوِرٍ، وَيَحْيَى بْنِ حَبِيبِ بْنِ عدي، أَرْبَعَتُهُمْ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ بِهِ، وَقَدْ رَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، سَمِعَ جَابِرًا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهِ. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، عَنْ أَبِي يَعْلَى الْمُوصِلِيِّ، عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ بِهِ، وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ الْقُرَشِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَسُفْيَانَ بْنِ وَكِيعٍ، كُلُّهُمْ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ بِهِ، وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ، مِنْ حَدِيثِ آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسٍ وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَعَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ بِهِ، وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، كِلَاهُمَا عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ بِهِ.

طَرِيقٌ آخَرُ- قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مِقْدَامُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يوسف، حدثنا عبد الله بن لَهِيعَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ» أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ» أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً قَالَ «هَذَا أَيْسَرُ» وَلَوِ استعاذه لأعاذه.

ويتعلق بهذه الآية، أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ (أَحَدُهَا) قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ «2» فِي مُسْنَدِهِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، حَدَّثَنَا أبو بكر يعني ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ رَاشِدٍ هُوَ ابْنُ سعد المقرائي، عن سعد بن أبي وقاص، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ فَقَالَ «أَمَا إِنَّهَا كَائِنَةٌ وَلَمْ يَأْتِ تَأْوِيلُهَا بَعْدُ» وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَرَفَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ به، ثم قال هذا حديث غريب.

(1) صحيح البخاري (تفسير سورة الأنعام باب 3) .

(2)

مسند أحمد 1/ 170- 171.

ص: 241

حَدِيثٌ آخَرُ- قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «1» : حَدَّثَنَا يَعْلَى هُوَ ابْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، عن عامر بن سعيد بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى مَرَرْنَا عَلَى مَسْجِدِ بَنِي مُعَاوِيَةَ، فَدَخَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَصَلَّيْنَا مَعَهُ، فَنَاجَى رَبَّهُ عز وجل طويلا ثم قال «سألت ربي ثلاثا: سألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها، وسألته أن لا يهلك أمتي بالسنة «2» فأعطانيها، وسألته أن لا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِيهَا» انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِمٌ، فَرَوَاهُ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَعَنْ محمد بن يحيى بن أبي عمرو، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، كِلَاهُمَا عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ بِهِ.

حَدِيثٌ آخَرُ- قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ»

: قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ، أَنَّهُ قَالَ: جَاءَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن عمر في حرة بَنِي مُعَاوِيَةَ- قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى الْأَنْصَارِ- فَقَالَ لِي: هَلْ تَدْرِي أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَسْجِدِكُمْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَأَشَرْتُ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنْهُ، فَقَالَ: هل تدري ما الثلاث التي دعاهن فيه؟ فقلت: نعم، فقال: أخبرني بهن، فقلت: دعا أن لا يُظْهِرَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، وَلَا يُهْلِكَهُمْ بِالسِّنِينَ فَأُعْطِيهِمَا: وَدَعَا بِأَنْ لَا يُجْعَلَ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ فَمُنِعَهَا، قَالَ: صَدَقْتَ فَلَا يَزَالُ الْهَرْجُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. لَيْسَ هُوَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ السِّتَّةِ، وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ قَوِيٌّ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

حَدِيثٌ آخَرُ- قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمٍ بن عباد، عن خصيف، عن عبادة بن حُنَيْفٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنِي حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى حَرَّةِ بَنِي مُعَاوِيَةَ، قَالَ: فَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ فَأَطَالَ فيهن، ثم التفت إلي فقال «حبستك يا حذيفة» قَلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ «إِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ ثَلَاثًا فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً: سَأَلْتُهُ أن لا يُسَلِّطَ عَلَى أُمَّتِي عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَعْطَانِي، وسألته أن لا يهلكهم بغرق فأعطاني، وسألته أن لا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِي» ، رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ من حديث محمد بن إِسْحَاقَ.

حَدِيثٌ آخَرُ- قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «4» : حَدَّثَنَا عبيدة بن حميد، حدثني سليمان بن الْأَعْمَشُ، عَنْ رَجَاءٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه، قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقِيلَ لِي: خَرَجَ قَبْلُ، قَالَ: فَجَعَلْتُ لَا أَمُرُّ بِأَحَدٍ إِلَّا قَالَ: مَرَّ قَبْلُ، حَتَّى مررت

(1) مسند أحمد 1/ 175.

(2)

أي بالجدب والقحط.

(3)

مسند أحمد 5/ 445.

(4)

مسند أحمد 5/ 240.

ص: 242

فَوَجَدْتُهُ قَائِمًا يُصَلِّي، قَالَ: فَجِئْتُ حَتَّى قُمْتُ خَلْفَهُ، قَالَ: فَأَطَالَ الصَّلَاةَ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قلت: يا رسول الله، قد صَلَّيْتَ صَلَاةً طَوِيلَةً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إِنِّي صَلَّيْتُ صَلَاةَ رَغْبَةٍ ورهبة، إني سَأَلْتُ اللَّهَ عز وجل ثَلَاثًا، فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ ومنعني واحدة: سألته أن لا يهلك أمتي غرقا فأعطاني، وسألته أن لا يُظْهِرَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا لَيْسَ مِنْهُمْ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أن لا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَرَدَّهَا عَلَيَّ» وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي الْفِتَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ بِهِ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ: مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ أَوْ نَحْوَهُ.

حَدِيثٌ آخَرُ- قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «1» : حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيَّ حَدَّثَهُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، صَلَّى سُبْحَةَ «2» الضُّحَى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ «إِنِّي صَلَّيْتُ صلاة رغبة ورهبة، وسألت رَبِّي ثَلَاثًا، فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً: سَأَلْتُهُ أن لا يبتلي أمتي بالسنين ففعل، وسألته أن لا يظهر عليهم عدوهم ففعل، وسألته أن لا يلبسهم شيعا فأبى علي» ، ورواه النَّسَائِيُّ فِي الصَّلَاةِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ بِهِ.

حَدِيثٌ آخَرُ- قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «3» : حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ:

قَالَ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِيهِ، خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ مَوْلَى بَنِي زُهْرَةَ، وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ: وافيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في لَيْلَةٍ صَلَّاهَا كُلَّهَا، حَتَّى كَانَ مَعَ الْفَجْرِ، فَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم من صلاته، فقلت: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْتَ اللَّيْلَةَ صَلَاةً مَا رَأَيْتُكَ صَلَّيْتَ مِثْلَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَجَلْ إِنَّهَا صَلَاةُ رَغَبٍ وَرَهَبٍ، سَأَلْتُ رَبِّي عز وجل فِيهَا ثَلَاثَ خِصَالٍ، فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً، سَأَلْتُ ربي عز وجل أن لا يُهْلِكَنَا بِمَا أَهْلَكَ بِهِ الْأُمَمَ قَبْلَنَا فَأَعْطَانِيهَا، وسألت ربي عز وجل أن لا يُظْهِرَ عَلَيْنَا عَدُوًّا مِنْ غَيْرِنَا فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُ ربي عز وجل أن لا يَلْبِسَنَا شِيَعًا فَمَنَعَنِيهَا» وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ: مِنْ حَدِيثِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ بِهِ. وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ بِإِسْنَادَيْهِمَا، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ وَالتِّرْمِذِيُّ، فِي الْفِتَنِ، مِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ رَاشِدٍ، كِلَاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ به، وقال: حسن صحيح.

(1) مسند أحمد 2/ 146.

(2)

السبحة: صلاة النفل.

(3)

مسند أحمد 5/ 108- 109. [.....]

ص: 243

حَدِيثٌ آخَرُ- قَالَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ في تفسيره «1» : حدثني زياد بن عبد اللَّهِ الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ، حَدَّثَنِي نَافِعُ بْنُ خَالِدٍ الْخُزَاعِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، صَلَّى صَلَاةً خَفِيفَةً تَامَّةَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فَقَالَ «قَدْ كَانَتْ صَلَاةَ رَغْبَةٍ وَرَهْبَةٍ، سَأَلْتُ اللَّهَ عز وجل فِيهَا ثَلَاثًا أَعْطَانِي اثنتين ومنعني واحدة: سألت الله أن لا يصيبكم بعذاب أصاب به من كان قبلكم فأعطانيها، وسألت الله أن لا يسلط عليكم عدوا يستبيح بيضتكم فأعطانيها، وسألت الله أن لا يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ فَمَنَعَنِيهَا» قَالَ أَبُو مَالِكٍ:

فَقُلْتُ لَهُ أَبُوكَ سَمِعَ هَذَا مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: نَعَمْ، سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ بِهَا الْقَوْمَ، أَنَّهُ سَمِعَهَا مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

حَدِيثٌ آخَرُ- قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «2» : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: قَالَ مَعْمَرٌ: أَخْبَرَنِي أَيُّوبُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحْبِيِّ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إِنَّ اللَّهَ زَوَى «3» لِيَ الْأَرْضَ، حَتَّى رَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ مُلْكَ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا، وَإِنِّي أُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الْأَبْيَضَ وَالْأَحْمَرَ، وَإِنِّي سَأَلْتُ ربي عز وجل أن لا يهلك أمتي بسنة عامة، وأن لا يسلط عليهم عدوا فيهلكهم بعامة، وأن لا يلبسهم شيعا، وأن لا يُذِيقَ بَعْضَهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً، فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ، وإني قد أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة، وأن لا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِمَّنْ سِوَاهُمْ، فَيُهْلِكَهُمْ بِعَامَّةٍ حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا، وَبَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا، وَبَعْضُهُمْ يَسْبِي بَعْضًا، قَالَ: وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «إني لَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي إِلَّا الْأَئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ، فَإِذَا وُضِعَ السَّيْفُ فِي أُمَّتِي، لَمْ يُرْفَعْ عَنْهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .

لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ السِّتَّةِ، وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ قَوِيٌّ، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، وَعَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ، وَقَتَادَةَ، ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ، عَنْ ثَوْبَانَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بنحوه والله أَعْلَمُ.

حَدِيثٌ آخَرُ- قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْهَاشِمِيُّ، وَمَيْمُونُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ الْحَسَنِ الْحَنَفِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ نَافِعِ بْنِ خَالِدٍ الْخُزَاعِيِّ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وكان من أصحاب الشجرة، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى وَالنَّاسُ حَوْلَهُ، صَلَّى صَلَاةً خَفِيفَةً تَامَّةَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، قَالَ فَجَلَسَ يَوْمًا فَأَطَالَ الْجُلُوسَ، حَتَّى أَوْمَأَ بَعْضُنَا إِلَى بَعْضٍ أَنِ اسْكُتُوا إِنَّهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا فَرَغَ، قال له بعض القوم:

(1) تفسير الطبري 5/ 220.

(2)

مسند أحمد 4/ 123.

(3)

أي جمعها وضمّها.

ص: 244

يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ أَطَلْتَ الْجُلُوسَ، حَتَّى أَوْمَأَ بَعْضُنَا إِلَى بَعْضٍ إِنَّهُ يَنْزِلُ عَلَيْكَ، قَالَ «لَا وَلَكِنَّهَا كَانَتْ صَلَاةَ رَغْبَةٍ وَرَهْبَةٍ، سَأَلْتُ اللَّهَ فِيهَا ثَلَاثًا فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَمَنَعَنِي واحدة سألت الله أن لا يُعَذِّبَكُمْ بِعَذَابٍ عَذَّبَ بِهِ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فأعطانيها، وسألت الله أن لا يُسَلِّطَ عَلَى أُمَّتِي عَدُوًّا يَسْتَبِيحُهَا فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أن لا يلبسكم شيعا وأن لا يُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ فَمَنَعَنِيهَا» قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَبُوكَ سَمِعَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: إِنَّهُ سَمِعَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَدَدَ أَصَابِعِي هَذِهِ عَشْرَ أَصَابِعَ.

حَدِيثٌ آخَرُ- قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «1» : حَدَّثَنَا يُونُسُ هُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ هُوَ ابْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ رَجُلٍ قَدْ سَمَّاهُ، عَنْ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «سَأَلْتُ رَبِّي عز وجل أَرْبَعًا فَأَعْطَانِي ثَلَاثًا، ومنعني واحدة، سألت الله أن لا يَجْمَعَ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُ اللَّهَ أن لا يُظْهِرَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُ الله أن لا يُهْلِكَهُمْ بِالسِّنِينَ كَمَا أَهْلَكَ الْأُمَمَ قَبْلَهُمْ فَأَعْطَانِيهَا، وسألت الله عز وجل أن لا يلبسهم شيعا وأن لا يُذِيقَ بَعْضَهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ فَمَنَعَنِيهَا» لَمْ يُخَرِّجْهُ أحد من أصحاب الكتاب السِّتَّةِ.

حَدِيثٌ آخَرُ- قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ الثَّعْلَبِيُّ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ السوائي، عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «سَأَلْتُ رَبِّي ثَلَاثَ خِصَالٍ فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً، فَقُلْتُ:

يَا رَبِّ لَا تُهْلِكْ أُمَّتِي جُوعًا فَقَالَ هَذِهِ لَكَ قُلْتُ: يَا رَبِّ لَا تُسَلِّطْ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ يَعْنِي أَهْلَ الشِّرْكِ فَيَجْتَاحَهُمْ قَالَ: ذَلِكَ لَكَ، قُلْتُ: يَا رَبِّ لَا تَجْعَلْ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ- قَالَ- فَمَنَعَنِي هَذِهِ» .

حَدِيثٌ آخَرُ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الدَّرْدَاءِ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَيْسَانَ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «دَعَوْتُ رَبِّي عز وجل أَنْ يَرْفَعَ عَنْ أُمَّتِي أَرْبَعًا، فَرَفَعَ اللَّهُ عَنْهُمُ اثْنَتَيْنِ، وَأَبَى عَلَيَّ أَنْ يَرْفَعَ عَنْهُمُ اثْنَتَيْنِ دَعَوْتُ رَبِّي أَنْ يَرْفَعَ الرَّجْمَ مِنَ السَّمَاءِ، والغرق من الأرض، وأن لا يلبسهم شيعا، وأن لا يُذِيقَ بَعْضَهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ، فَرَفَعَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرَّجْمَ مِنَ السَّمَاءِ وَالْغَرَقَ مِنَ الْأَرْضِ، وَأَبَى اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَ اثْنَتَيْنِ الْقَتْلَ وَالْهَرْجَ» «2» .

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا، قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يزيد،

(1) مسند أحمد 6/ 396.

(2)

الدر المنثور 3/ 33.

ص: 245

حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ أَبَانٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُنِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَدْرٍ شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ، عَنْ رَجُلٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ قَالَ: فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ لَا تُرْسِلْ عَلَى أُمَّتِي عَذَابًا مِنْ فَوْقِهِمْ وَلَا مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ، وَلَا تَلْبِسْهُمْ شِيَعًا وَلَا تُذِقْ بَعْضَهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ» قَالَ: فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَجَارَ أُمَّتَكَ، أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْهِمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِهِمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ «1» .

حَدِيثٌ آخَرُ- قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله البزاز، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْقَزِيُّ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أَرْبَعَ خِصَالٍ، فأعطاني ثلاثا، ومنعني واحدة، سألته أن لا تكفر أمتي صفقة واحدة فأعطانيها، وسألته أن لا يُعَذِّبَهُمْ بِمَا عَذَّبَ بِهِ الْأُمَمَ قَبْلَهُمْ فَأَعْطَانِيهَا، وسألته أن لا يُظْهِرَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أن لا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِيهَا» «2» وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَنْقَزِيِّ بِهِ نَحْوَهُ.

طَرِيقٌ أُخْرَى- وَقَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ الْمَدَنِيُّ، حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ رَبَاحٍ مَوْلَى آلِ أَبِي ذُبَابٍ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «سَأَلْتُ رَبِّي ثَلَاثًا فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً، سَأَلْتُهُ أن لا يُسَلِّطَ عَلَى أُمَّتِي عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَعْطَانِي، وسألته أن لا يهلكهم بالسنين فأعطاني، وسألته أن لا يلبسهم شيعا وأن لا يُذِيقَ بَعْضَهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ فَمَنَعَنِي» ثُمَّ رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِهِ، ورواه البزار من طريق عَمْرِو بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِهِ.

أَثَرٌ آخَرُ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عن أبي بن كعب، قال:

أربعة في هذه الأمة، قد مضت اثنتان وبقيت اثنتان، قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ قَالَ: الرَّجْمُ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ قَالَ: الْخَسْفُ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ قَالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي الرَّجْمَ وَالْخَسْفَ.

وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ

(1) المصدر السابق.

(2)

الدر المنثور 3/ 36.

ص: 246

بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ قَالَ: فَهِيَ أَرْبَعُ خِلَالٍ، منها اثنتان بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، أُلْبِسُوا شِيَعًا وَذَاقَ بَعْضُهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ. وَبَقِيَتِ اثْنَتَانِ لَا بُدَّ مِنْهُمَا وَاقِعَتَانِ، الرَّجْمُ وَالْخَسْفُ.

وَرَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ وكيع، عن أبي جعفر. وقال ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الْمُنْذِرُ بْنُ شَاذَانَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ الْآيَةَ، قَالَ: حُبِسَتْ عُقُوبَتُهَا حَتَّى عُمِلَ ذَنْبُهَا، فَلَمَّا عُمِلَ ذَنْبُهَا أُرْسِلَتْ عُقُوبَتُهَا.

وَهَكَذَا قَالَ مجاهد وسعيد بن جبير وأبو مالك والسدي، وابن زيد وغير واحد فِي قَوْلِهِ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ يَعْنِي الرَّجْمَ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ يَعْنِي الْخَسْفَ وَهَذَا هو اختيار ابن جرير.

وروى ابْنُ جَرِيرٍ «1» : عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِي قَوْلِهِ قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مسعود يصيح وهو في المسجد أَوْ عَلَى الْمِنْبَرِ، يَقُولُ: أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ بِكُمْ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ لو جاءكم عذاب السَّمَاءِ لَمْ يُبْقِ مِنْكُمْ أَحَدًا، أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ لَوْ خَسَفَ بِكُمُ الْأَرْضَ أَهْلَكَكُمْ، ولم يُبْقِ مِنْكُمْ أَحَدًا، أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ أَلَا إِنَّهُ نَزَلَ بِكُمْ أَسْوَأُ الثَّلَاثِ.

قَوْلٌ ثَانٍ- قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، سَمِعْتُ خَلَّادَ بْنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقُولُ:

فِي هذه الآية قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ فَأَئِمَّةُ السُّوءِ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ فَخَدَمُ السُّوءَ «2» .

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ يَعْنِي أُمَرَاءَكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ يَعْنِي عَبِيدَكُمْ وَسَفَلَتَكُمْ «3» .

وَحَكَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أبي سنان وعمرو بن هانئ، نحو ذلك. قال ابْنُ جَرِيرٍ: وَهَذَا الْقَوْلُ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ صَحِيحٌ، لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَظْهَرُ وَأَقْوَى، وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ رحمه الله، وَيَشْهَدُ لَهُ بِالصِّحَّةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ أَمْ

(1) تفسير الطبري 5/ 217- 218.

(2)

تفسير الطبري 5/ 218.

(3)

المصدر السابق.

ص: 247