الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَدْ كَانَتْ أُخْتُهُ صَفِيَّةُ تَحْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَكَانَتْ مِنَ الصَّالِحَاتِ، وَلَمَّا أُخْبِرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنَّ الْمُخْتَارَ يَزْعُمُ أنه يوحى إليه، فقال: صَدَقَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً أَيْ يُلْقِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ الْمُزَيَّنَ الْمُزَخْرَفَ، وَهُوَ الْمُزَوَّقُ الَّذِي يَغْتَرُّ سَامِعُهُ مِنَ الْجَهَلَةِ بِأَمْرِهِ.
وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ أَيْ وَذَلِكَ كُلُّهُ بِقَدَرِ اللَّهِ وَقَضَائِهِ، وَإِرَادَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ، أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوٌّ مِنْ هَؤُلَاءِ فَذَرْهُمْ أَيْ فَدَعْهُمْ، وَما يَفْتَرُونَ أَيْ يَكْذِبُونَ. أَيْ دَعْ أَذَاهُمْ، وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فِي عَدَاوَتِهِمْ، فَإِنَّ اللَّهَ كَافِيكَ وَنَاصِرُكَ عَلَيْهِمْ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَيْ وَلِتَمِيلَ إِلَيْهِ. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ «1» أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَيْ قُلُوبُهُمْ وَعُقُولُهُمْ وَأَسْمَاعُهُمْ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: قُلُوبُ الْكَافِرِينَ وَلِيَرْضَوْهُ أَيْ يُحِبُّوهُ ويريدوه، وإنما يستجيب ذلك مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: فَإِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ [الصَّافَّاتِ: 161- 163] وَقَالَ تَعَالَى: إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ [الذاريات: 8- 9] .
وقوله وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَلِيَكْتَسِبُوا مَا هُمْ مُكْتَسِبُونَ، وَقَالَ السُّدِّيُّ وَابْنُ زَيْدٍ: وَلِيَعْمَلُوا ما هم عاملون «2» .
[سورة الأنعام (6) : الآيات 114 الى 115]
أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (114) وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لَا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115)
يَقُولُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم قُلْ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ، الَّذِينَ يَعْبُدُونَ غَيْرَهُ أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً أَيْ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلًا أَيْ مُبَيَّنًا وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ أَيْ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ، أَيْ بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْبِشَارَاتِ بِكَ، مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ كَقَوْلِهِ فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ [يُونُسَ: 94] وَهَذَا شَرْطٌ، وَالشَّرْطُ لَا يَقْتَضِي وُقُوعَهُ، وَلِهَذَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «لَا أَشُكُّ وَلَا أَسْأَلُ» .
وَقَوْلُهُ تعالى: وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلًا قَالَ قَتَادَةُ: صِدْقًا فِيمَا قَالَ وَعَدْلًا فِيمَا حَكَمَ «3» ، يَقُولُ صِدْقًا فِي الْأَخْبَارِ، وَعَدْلًا فِي الطَّلَبِ، فَكُلُّ مَا أَخْبَرَ بِهِ فَحَقٌّ لَا مِرْيَةَ فِيهِ
(1) أثر ابن عباس في تفسير الطبري 5/ 317.
(2)
الآثار عن السدي وابن زيد وعلي بن طلحة في تفسير الطبري 5/ 317- 318.
(3)
تفسير الطبري 5/ 319.