المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 175 الى 177] - تفسير ابن كثير - ط العلمية - جـ ٣

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌سورة المائدة

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 1 الى 2]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 3]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 4]

- ‌ذِكْرُ الْآثَارِ بِذَلِكَ

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 5]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 6]

- ‌ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَأَنَّهُ لَا بد منه

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 7 الى 11]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 12 الى 14]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 15 الى 16]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 17 الى 18]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 19]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 20 الى 26]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 27 الى 31]

- ‌ذِكْرُ أَقْوَالِ الْمُفَسِّرِينَ هَاهُنَا

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 32 الى 34]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 35 الى 37]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 38 الى 40]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 41 الى 44]

- ‌سبب آخر في نزول هذه الآيات الكريمات

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 45]

- ‌قَاعِدَةٌ مُهِمَّةٌ:

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 46 الى 47]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 48 الى 50]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 51 الى 53]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 54 الى 56]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 57 الى 58]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 59 الى 63]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 64 الى 66]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 67]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 68 الى 69]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 70 الى 71]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 72 الى 75]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 76 الى 77]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 78 الى 81]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 82 الى 86]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 87 الى 88]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 89]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 90 الى 93]

- ‌ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي بَيَانِ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 94 الى 95]

- ‌ذِكْرُ أَقْوَالِ السَّلَفِ فِي هَذَا الْمَقَامِ

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 96 الى 99]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 100 الى 102]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 103 الى 104]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 105]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 106 الى 108]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 109]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 110 الى 111]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 112 الى 115]

- ‌ذِكْرُ أَخْبَارٍ رُوِيَتْ عَنِ السَّلَفِ فِي نُزُولِ الْمَائِدَةِ عَلَى الْحَوَارِيِّينَ

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 116 الى 118]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 119 الى 120]

- ‌سورة الأنعام

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 4 الى 6]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 7 الى 11]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 12 الى 16]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 17 الى 21]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 22 الى 26]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 27 الى 30]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 31 الى 32]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 33 الى 36]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 37 الى 39]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 40 الى 45]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 46 الى 49]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 50 الى 54]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 55 الى 59]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 60 الى 62]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 63 الى 65]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 66 الى 69]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 70]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 71 الى 73]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 74 الى 79]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 80 الى 83]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 84 الى 90]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 91 الى 92]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 93 الى 94]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 95 الى 97]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 98 الى 99]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 100]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 101]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 102 الى 103]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 104 الى 105]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 106 الى 107]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 108]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 109 الى 110]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 111]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 112 الى 113]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 114 الى 115]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 116 الى 117]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 118 الى 119]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 120]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 121]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 122]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 123 الى 124]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 125]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 126 الى 127]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 128]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 129]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 130]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 131 الى 132]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 133 الى 135]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 136]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 137]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 138]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 139]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 140]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 141 الى 142]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 143 الى 144]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 145]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 146]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 147]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 148 الى 150]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 151]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 152]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 153]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 154 الى 155]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 156 الى 157]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 158]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 159]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 160]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 161 الى 163]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 164]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 165]

- ‌سورة الأعراف

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 4 الى 7]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 8 الى 9]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 10]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 11]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 12]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 13 الى 15]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 16 الى 17]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 18]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 19 الى 21]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 22 الى 23]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 24 الى 25]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 26]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 27]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 28 الى 30]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 31]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 32]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 33]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 34 الى 36]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 37]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 38 الى 39]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 40 الى 41]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 42 الى 43]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 44 الى 45]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 46 الى 47]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 48 الى 49]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 50 الى 51]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 52 الى 53]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 54]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 55 الى 56]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 57 الى 58]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 59 الى 62]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 63 الى 64]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 65 الى 69]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 70 إِلًى 72]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 73 الى 78]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 79]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 80 الى 81]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 82]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 83 الى 84]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 85]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 86 الى 87]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 88 الى 89]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 90 الى 92]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 93]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 94 الى 95]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 96 الى 99]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 100]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 101 الى 102]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 103]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 104 الى 106]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 107 الى 108]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 109 الى 110]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 111 الى 112]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 113 الى 114]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 115 الى 116]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 117 الى 122]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 123 الى 126]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 127 الى 129]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 130 الى 131]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 132 الى 135]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 136 الى 137]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 138 الى 139]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 140 الى 141]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 142]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 143]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 144 الى 145]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 146 الى 147]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 148 الى 149]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 150 الى 151]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 152 الى 153]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 154]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 155 الى 156]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 157]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 158]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 159]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 160 الى 162]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 163]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 164 الى 166]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 167]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 168 الى 170]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 171]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 172 الى 174]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 175 الى 177]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 178]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 179]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 180]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 181]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 182 الى 183]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 184]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 185]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 186]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 187]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 188]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 189 الى 190]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 191 الى 198]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 199 الى 200]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 201 الى 202]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 203]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 204]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 205 الى 206]

- ‌فهرس المحتويات

- ‌سورة المائدة

- ‌سورة الأنعام

- ‌سورة الأعراف

الفصل: ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 175 الى 177]

[سورة الأعراف (7) : الآيات 175 الى 177]

وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ (177)

قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنِ الْأَعْمَشِ وَمَنْصُورٍ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها الْآيَةَ قَالَ: هُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يقال له بلعم بن باعوراء وَكَذَا رَوَاهُ شُعْبَةُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ مَنْصُورٍ بِهِ «1» .

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عن ابن عباس: هُوَ صَيْفِيُّ بْنُ الرَّاهِبِ قَالَ قَتَادَةُ وَقَالَ كَعْبٌ: كَانَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَلْقَاءِ وَكَانَ يَعْلَمُ الِاسْمَ الْأَكْبَرَ وَكَانَ مُقِيمًا بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ مَعَ الْجَبَّارِينَ وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه: هُوَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ يُقَالُ لَهُ بَلْعَمُ آتَاهُ اللَّهُ آيَاتِهِ فَتَرَكَهَا، وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: كَانَ مِنْ عُلَمَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ يُقَدِّمُونَهُ فِي الشَّدَائِدِ بَعَثَهُ نبي الله موسى عليه السلام إِلَى مَلِكِ مَدْيَنَ يَدْعُوهُ إِلَى اللَّهِ فَأَقْطَعُهُ وَأَعْطَاهُ فَتَبِعَ دِينَهُ وَتَرَكَ دِينَ مُوسَى عليه السلام وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحَارِثِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هو بلعم بن باعوراء، وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «2» : حَدَّثَنِي الْحَارِثُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هُوَ بِلْعَامُ وَقَالَتْ ثَقِيفٌ: هُوَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ.

وَقَالَ شُعْبَةُ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ عبد الله بن عمرو فِي قَوْلِهِ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا الآية قَالَ: هُوَ صَاحِبُكُمْ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ «3» .

وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْهُ وَهُوَ صَحِيحٌ إِلَيْهِ وَكَأَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ أُمَيَّةَ بْنَ أَبِي الصَّلْتِ يُشْبِهُهُ فَإِنَّهُ كَانَ قَدِ اتَّصَلَ إِلَيْهِ عِلْمٌ كَثِيرٌ مِنْ عِلْمِ الشَّرَائِعِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِعِلْمِهِ فَإِنَّهُ أَدْرَكَ زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَلَغَتْهُ أَعْلَامُهُ وَآيَاتُهُ وَمُعْجِزَاتُهُ وَظَهَرَتْ لِكُلِّ مَنْ لَهُ بَصِيرَةٌ وَمَعَ هَذَا اجْتَمَعَ بِهِ وَلَمْ يَتْبَعْهُ وَصَارَ إِلَى مُوَالَاةِ الْمُشْرِكِينَ وَمُنَاصَرَتِهِمْ وَامْتِدَاحِهِمْ وَرَثَى أَهْلَ بَدْرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِمَرْثَاةٍ بَلِيغَةٍ قبحه الله. وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ مِمَّنْ آمَنَ لِسَانُهُ وَلَمْ يُؤْمِنْ قَلْبُهُ فَإِنَّ لَهُ أَشْعَارًا رَبَّانِيَّةً وَحِكَمًا وَفَصَاحَةً وَلَكِنَّهُ لَمْ يَشْرَحِ الله صدره للإسلام.

(1) انظر تفسير الطبري 6/ 119.

(2)

تفسير الطبري 6/ 119.

(3)

تفسير الطبري 6/ 120.

ص: 457

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا ابن أبي نمر حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْأَعْوَرِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها قَالَ هُوَ رَجُلٌ أُعْطِيَ ثَلَاثَ دَعْوَاتٍ يُسْتَجَابُ لَهُ فِيهِنَّ وَكَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ فَقَالَتْ اجْعَلْ لِي مِنْهَا وَاحِدَةً قَالَ فَلَكِ وَاحِدَةٌ فَمَا الَّذِي تُرِيدِينَ؟ قَالَتْ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي أَجْمَلَ امْرَأَةٍ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَدَعَا اللَّهَ فَجَعَلَهَا أَجْمَلَ امْرَأَةٍ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَلَمَّا عَلِمَتْ أَنْ لَيْسَ فِيهِمْ مِثْلُهَا رَغِبَتْ عَنْهُ وَأَرَادَتْ شَيْئًا آخَرَ فَدَعَا اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَهَا كَلْبَةً فَصَارَتْ كَلْبَةً فَذَهَبَتْ دَعْوَتَانِ فَجَاءَ بَنُوهَا فَقَالُوا لَيْسَ بِنَا عَلَى هَذَا قَرَارٌ قَدْ صَارَتْ أُمُّنَا كَلْبَةً يُعَيِّرُنَا النَّاسُ بِهَا فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَرُدَّهَا إِلَى الْحَالِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا فَدَعَا اللَّهَ فَعَادَتْ كما كانت وذهبت الدعوات الثلاث وتسمى الْبَسُوسُ «1» ، غَرِيبٌ.

وَأَمَّا الْمَشْهُورُ فِي سَبَبٍ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ فَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي زَمَنِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُ مِنَ السَّلَفِ.

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هُوَ رَجُلٌ مِنْ مَدِينَةِ الْجَبَّارِينَ يُقَالُ لَهُ بَلْعَامُ وَكَانَ يَعْلَمُ اسْمَ اللَّهِ الْأَكْبَرَ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَغَيْرُهُ مِنْ علماء السلف: كان مُجَابَ الدَّعْوَةِ وَلَا يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ «2» ، وَأَغْرَبَ بَلْ أَبْعَدَ بَلْ أَخْطَأَ مَنْ قَالَ: كَانَ قَدْ أُوتِيَ النُّبُوَّةَ فَانْسَلَخَ مِنْهَا، حَكَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ بَعْضِهِمْ وَلَا يَصِحُّ.

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَمَّا نَزَلَ مُوسَى بِهِمْ يَعْنِي بالجبارين ومن معه أتاه- يعني بلعم- أَتَاهُ بَنُو عَمِّهِ وَقَوْمُهُ فَقَالُوا: إِنَّ مُوسَى رَجُلٌ حَدِيدٌ وَمَعَهُ جُنُودٌ كَثِيرَةٌ وَإِنَّهُ إِنْ يَظْهَرْ عَلَيْنَا يُهْلِكْنَا فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَرُدَّ عَنَّا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ، قَالَ: إِنِّي إِنْ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يَرُدَّ مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ ذَهَبَتْ دُنْيَايَ وَآخِرَتِي، فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى دَعَا عَلَيْهِمْ فَسَلَخَهُ اللَّهُ مَا كَانَ عَلَيْهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ «3» الآية.

وقال السدي: لَمَّا انْقَضَّتِ الْأَرْبَعُونَ سَنَةً الَّتِي قَالَ اللَّهُ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً بَعَثَ يُوشَعَ بْنَ نُونٍ نَبِيًّا فَدَعَا بَنِي إسرائيل فأخبرهم أنه نبي وأن الله أَمَرَهُ أَنْ يُقَاتِلَ الْجَبَّارِينَ فَبَايَعُوهُ وَصَدَّقُوهُ، وَانْطَلَقَ رجل من بني إسرائيل يقال له بلعام فكان عَالَمًا يَعْلَمُ الِاسْمَ الْأَعْظَمَ الْمَكْتُومَ فَكَفَرَ- لَعَنَهُ اللَّهُ- وَأَتَى الْجَبَّارِينَ وَقَالَ لَهُمْ: لَا تَرْهَبُوا بني إسرائيل فإني إذا خرجتم تقاتلونهم أدعو عَلَيْهِمْ دَعْوَةً فَيَهْلِكُونَ وَكَانَ عِنْدَهُمْ فِيمَا شَاءَ مِنَ الدُّنْيَا غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ أن يأتي النساء لعظمهن فَكَانَ يَنْكِحُ أَتَانًا لَهُ وَهُوَ الَّذِي قَالَ الله تعالى: فَانْسَلَخَ مِنْها «4» .

(1) انظر الدر المنثور 3/ 266.

(2)

انظر تفسير الطبري 6/ 120. [.....]

(3)

انظر تفسير الطبري 6/ 122.

(4)

انظر تفسير الطبري 6/ 121.

ص: 458

وقوله تعالى: فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ أي استحوذ عليه وعلى أَمْرِهِ فَمَهْمَا أَمَرَهُ امْتَثَلَ وَأَطَاعَهُ وَلِهَذَا قَالَ: فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ أَيْ مِنَ الْهَالِكِينَ الْحَائِرَيْنِ الْبَائِرَيْنِ وَقَدْ وَرَدَ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ حَدِيثٌ رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الْمُوصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ حَيْثُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ عَنِ الصَّلْتِ بْنِ بَهْرَامَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ حَدَّثَنَا جُنْدُبٌ الْبَجَلِيُّ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ أَنَّ حُذَيْفَةَ يَعْنِي ابْنَ الْيَمَانِ رضي الله عنه حَدَّثَهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إِنَّ مِمَّا أَتَخَوَّفُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ قَرَأَ الْقُرْآنَ حَتَّى إِذَا رؤيت بهجته عليه وكان رداؤه الْإِسْلَامِ اعْتَرَاهُ إِلَى مَا شَاءَ اللَّهُ انْسَلَخَ مِنْهُ وَنَبَذَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ وَسَعَى عَلَى جَارِهِ بِالسَّيْفِ وَرَمَاهُ بِالشِّرْكِ» قَالَ قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَيُّهُمَا أَوْلَى بِالشِّرْكِ الْمَرْمِيُّ أَوِ الرَّامِي؟ قال «بل الرامي» .

إِسْنَادٌ جَيِّدٌ وَالصَّلْتُ بْنُ بَهْرَامَ كَانَ مِنْ ثِقَاتِ الْكُوفِيِّينَ وَلَمْ يُرْمَ بِشَيْءٍ سِوَى الْإِرْجَاءِ وَقَدْ وَثَّقَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُمَا.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ يَقُولُ تَعَالَى:

وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها أَيْ لَرَفَعْنَاهُ مِنَ التَّدَنُّسِ عَنْ قَاذُورَاتِ الدُّنْيَا بِالْآيَاتِ الَّتِي آتَيْنَاهُ إِيَّاهَا وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ أي مال إلى زينة الحياة الدُّنْيَا وَزَهْرَتِهَا وَأَقْبَلَ عَلَى لَذَّاتِهَا وَنَعِيمِهَا وَغَرَّتْهُ كَمَا غَرَّتْ غَيْرَهُ مِنْ غَيْرِ أُولِي الْبَصَائِرِ والنهي، وقال أبو الراهويه فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ قال: تراءى له الشيطان على علوة مِنْ قَنْطَرَةِ بَانْيَاسَ، فَسَجَدَتِ الْحِمَارَةُ لِلَّهِ وَسَجَدَ بَلْعَامُ لِلشَّيْطَانِ، وَكَذَا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ «1» رحمه الله: وَكَانَ مِنْ قِصَّةِ هَذَا الرَّجُلِ مَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَحَدَّثَ عَنْ سَيَّارٍ أَنَّهُ كَانَ رَجُلًا يُقَالُ له بلعام وَكَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، قَالَ: وَإِنَّ مُوسَى أَقْبَلَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ يُرِيدُ الْأَرْضَ الَّتِي فِيهَا بَلْعَامُ أَوْ قَالَ: الشَّامَ قَالَ: فَرُعِبَ النَّاسُ منه رعبا شديدا فَأَتَوْا بَلْعَامَ فَقَالُوا: ادْعُ اللَّهَ عَلَى هَذَا الرجل وجيشه، قال حتى أؤامر ربي أو حتى أؤامر، قال فآمر فِي الدُّعَاءِ عَلَيْهِمْ فَقِيلَ لَهُ لَا تَدْعُ عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادِي وَفِيهِمْ نَبِيُّهُمْ.

قَالَ: فَقَالَ لِقَوْمِهِ إِنِّي قَدْ آمَرْتُ رَبِّي فِي الدُّعَاءِ عَلَيْهِمْ وَإِنِّي قَدْ نُهِيتُ فَأَهْدَوْا لَهُ هَدِيَّةً فَقَبِلَهَا ثُمَّ رَاجَعُوهُ فَقَالُوا: ادْعُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: حتى أؤامر ربي فأمر فلم يأمره بشيء فقال: قد وأمرت فلم يأمرني بشيء فَقَالُوا: لَوْ كَرِهَ رَبُّكَ أَنْ تَدْعُوَ عَلَيْهِمْ لَنَهَاكَ كَمَا نَهَاكَ الْمَرَّةَ الْأُولَى، قَالَ: فَأَخَذَ يَدْعُو عَلَيْهِمْ فَإِذَا دَعَا عَلَيْهِمْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ الدُّعَاءُ عَلَى قَوْمِهِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ أَنْ يَفْتَحَ لِقَوْمِهِ دَعَا أَنْ يَفْتَحَ لموسى وجيشه أو نحوا من ذلك إن شاء الله، قال: فقالوا مَا نَرَاكَ تَدْعُو إِلَّا عَلَيْنَا، قَالَ: مَا يَجْرِي عَلَى لِسَانِي إِلَّا هَكَذَا وَلَوْ دَعَوْتُ عليه أيضا ما استجيب لي ولكن

(1) تفسير الطبري 6/ 123، 124.

ص: 459

سَأَدُلُّكُمْ عَلَى أَمْرٍ عَسَى أَنْ يَكُونَ فِيهِ هَلَاكُهُمْ، إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الزِّنَا وَإِنَّهُمْ إِنْ وقعوا في الزنا هَلَكُوا وَرَجَوْتُ أَنْ يُهْلِكَهُمُ اللَّهُ فَأَخْرِجُوا النِّسَاءَ تستقبلهم فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ مُسَافِرُونَ فَعَسَى أَنْ يَزْنُوا فَيَهْلَكُوا.

قال: ففعلوا فأخرجوا النساء تستقبلهم قَالَ وَكَانَ لِلْمَلِكِ ابْنَةٌ فَذَكَرَ مِنْ عِظَمِهَا ما الله أعلم به فقال: فَقَالَ أَبُوهَا أَوْ بَلْعَامُ لَا تُمَكِّنِي نَفْسَكِ إِلَّا مِنْ مُوسَى، قَالَ: وَوَقَعُوا فِي الزِّنَا قال: فأتاها رأس سبط من أسباط بني إسرائيل فَأَرَادَهَا عَلَى نَفْسِهِ، فَقَالَتْ: مَا أَنَا بِمُمَكِّنَةِ نفسي إلا من موسى فقال إن منزلتي كذا وكذا وإن في حالي كذا وكذا فَأَرْسَلَتْ إِلَى أَبِيهَا تَسْتَأْمِرُهُ قَالَ فَقَالَ لَهَا: مكنيه قَالَ وَيَأْتِيهِمَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَارُونَ وَمَعَهُ الرُّمْحُ فَيَطْعَنُهُمَا. قَالَ: وَأَيَّدَهُ اللَّهُ بِقُوَّةٍ فَانْتَظَمَهُمَا جَمِيعًا وَرَفَعَهُمَا عَلَى رُمْحِهِ فَرَآهُمَا النَّاسُ- أَوْ كَمَا حَدَّثَ- قَالَ: وَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الطَّاعُونَ فَمَاتَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا.

قَالَ أَبُو الْمُعْتَمِرِ: فحدثني سيار أن بلعاما رَكِبَ حَمَّارَةً لَهُ حَتَّى أَتَى الْعَلُولَى أَوْ قَالَ طَرِيقًا مِنَ الْعَلُولَى جَعَلَ يَضْرِبُهَا وَلَا تتقدم وَقَامَتْ عَلَيْهِ فَقَالَتْ: عَلَامَ تَضْرِبُنِي؟ أَمَا تَرَى هَذَا الَّذِي بَيْنَ يَدَيْكَ؟ فَإِذَا الشَّيْطَانُ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ: فَنَزَلَ وَسَجَدَ لَهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها- إِلَى قَوْلِهِ- لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ قَالَ: فَحَدَّثَنِي بِهَذَا سَيَّارٌ وَلَا أَدْرِي لَعَلَّهُ قَدْ دَخَلَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ حَدِيثِ غَيْرِهِ.

(قُلْتُ) هو بلعام ويقال بلعم بن باعوراء ويقال ابن أبر، ويقال ابن باعور بن شهتوم بْنِ قَوَشْتَمَ بْنِ مَابَ بْنِ لُوطِ بْنِ هاران ويقال بن حَرَانَ بْنِ آزَرَ وَكَانَ يَسْكُنُ قَرْيَةً مِنْ قُرَى الْبَلْقَاءِ، قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَعْرِفُ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ فَانْسَلَخَ مِنْ دِينِهِ لَهُ ذِكْرٌ فِي الْقُرْآنِ ثُمَّ أَوْرَدَ من قصته نحوا مما ذكرناه ها هنا أورده عَنْ وَهْبٍ وَغَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بن إسحاق بن سيار: عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ أَنَّهُ حَدَّثَ أَنَّ مُوسَى عليه السلام لَمَّا نَزَلَ فِي أَرْضِ بَنِي كَنْعَانَ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ، أَتَى قَوْمُ بَلْعَامَ إِلَيْهِ فَقَالُوا لَهُ: هَذَا مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ جَاءَ يُخْرِجُنَا مِنْ بِلَادِنَا وَيَقْتُلُنَا وَيُحِلُّهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَإِنَّا قَوْمُكَ وَلَيْسَ لَنَا مَنْزِلٌ وَأَنْتَ رَجُلٌ مُجَابُ الدَّعْوَةِ فَاخْرُجْ فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ، قَالَ وَيَلْكُمُ نَبِيُّ اللَّهِ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ وَالْمُؤْمِنُونَ كَيْفَ أَذْهَبُ أَدْعُو عَلَيْهِمْ وَأَنَا أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا أَعْلَمُ؟ قَالُوا لَهُ: مَا لَنَا مِنْ مَنْزِلٍ فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ يُرَقِّقُونَهُ وَيَتَضَرَّعُونَ إِلَيْهِ حَتَّى فَتَنُوهُ فَافْتُتِنَ فَرَكِبَ حَمَارَةً لَهُ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْجَبَلِ الَّذِي يُطْلِعُهُ عَلَى عَسْكَرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَهُوَ جَبَلُ حُسْبَانَ.

فَلَمَّا سَارَ عَلَيْهَا غَيْرَ كَثِيرٍ رَبَضَتْ بِهِ فَنَزَلَ عَنْهَا فَضَرَبَهَا حَتَّى إذا أزلقها قَامَتْ فَرَكِبَهَا، فَلَمْ تَسْرِ بِهِ كَثِيرًا حَتَّى ربضت به فضربها حتى إذا أزلقها أذن لَهَا فَكَلَّمَتْهُ حُجَّةً عَلَيْهِ فَقَالَتْ: وَيْحَكَ يَا بَلْعَمُ أَيْنَ تَذْهَبُ؟ أَمَا تَرَى الْمَلَائِكَةَ أَمَامِي تردني عن وجهي هذا؟ تذهب إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ وَالْمُؤْمِنِينَ لِتَدْعُوَ عَلَيْهِمْ، فَلَمْ يَنْزِعْ عَنْهَا يَضْرِبُهَا فَخَلَّى اللَّهُ سَبِيلَهَا حِينَ فَعَلَ بِهَا ذَلِكَ، فَانْطَلَقَتْ

ص: 460

بِهِ حَتَّى إِذَا أَشْرَفَتْ بِهِ عَلَى رَأْسِ حُسْبَانَ عَلَى عَسْكَرِ مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيلَ جَعَلَ يَدْعُو عَلَيْهِمْ وَلَا يَدْعُو عَلَيْهِمْ بَشَرٍّ إِلَّا صَرَفَ اللَّهُ لِسَانَهُ إِلَى قَوْمِهِ وَلَا يَدْعُو لِقَوْمِهِ بِخَيْرٍ إِلَّا صَرَفَ لِسَانَهُ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَقَالَ لَهُ قَوْمُهُ: أَتَدْرِي يَا بَلْعَمُ مَا تَصْنَعُ؟ إِنَّمَا تَدْعُو لَهُمْ وَتَدْعُو عَلَيْنَا قال فهذا مالا أَمْلِكُ، هَذَا شَيْءٌ قَدْ غَلَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ.

قَالَ: وَانْدَلَعَ لِسَانُهُ «1» فَوَقَعَ عَلَى صَدْرِهِ فَقَالَ لَهُمْ: قَدْ ذَهَبَتْ مِنِّي الْآنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْمَكْرُ وَالْحِيلَةُ فَسَأَمْكُرُ لَكُمْ وَأَحْتَالُ، جَمِّلُوا النِّسَاءَ وَأَعْطُوهُنَّ السِّلَعَ ثُمَّ أَرْسِلُوهُنَّ إِلَى الْعَسْكَرِ يَبِعْنَهَا فِيهِ وَمُرُوهُنَّ فَلَا تَمْنَعُ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا مِنْ رَجُلٍ أَرَادَهَا فَإِنَّهُمْ إِنْ زَنَى رَجُلٌ مِنْهُمْ وَاحِدٌ كُفِيتُمُوهُمْ، فَفَعَلُوا فَلَمَّا دخلت النِّسَاءُ الْعَسْكَرَ مَرَّتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْكَنْعَانِيِّينَ اسْمُهَا كَسْبَى- ابْنَةُ صُورَ رَأْسِ أُمَّتِهِ- بِرَجُلٍ مِنْ عُظَمَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَهُوَ زَمْرَى بْنُ شَلُومَ رأس سبط شمعون بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام.

فلما رآها أعجبته، فقام فأخذ بيدها وأتى بها موسى وقال: إِنِّي أَظُنُّكَ سَتَقُولُ هَذَا حَرَامٌ عَلَيْكَ؟ قَالَ: أَجَلْ هِيَ حَرَامٌ عَلَيْكَ لَا تَقْرَبْهَا، قَالَ فو الله لا أطيعك في هذا فدخل بِهَا قُبَّتَهُ فَوَقَعَ عَلَيْهَا وَأَرْسَلَ اللَّهُ عز وجل الطَّاعُونَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَكَانَ فِنْحَاصُ بْنُ الْعَيْزَارِ بْنِ هَارُونَ صَاحِبَ أَمْرِ مُوسَى وَكَانَ غَائِبًا حِينَ صَنَعَ زَمْرَى بْنُ شَلُومَ ما صنع، فجاء والطاعون يجوس فيهم فَأُخْبِرَ الْخَبَرَ فَأَخَذَ حَرْبَتَهُ وَكَانَتْ مِنْ حَدِيدٍ كُلُّهَا.

ثُمَّ دَخَلَ الْقُبَّةَ وَهُمَا مُتَضَاجِعَانِ فَانْتَظَمَهُمَا بِحَرْبَتِهِ ثُمَّ خَرَجَ بِهِمَا رَافِعَهُمَا إِلَى السَّمَاءِ وَالْحَرْبَةُ قَدْ أَخَذَهَا بِذِرَاعِهِ وَاعْتَمَدَ بِمِرْفَقِهِ عَلَى خَاصِرَتِهِ وَأَسْنَدَ الْحَرْبَةَ إِلَى لَحْيَيْهِ وَكَانَ بَكْرَ الْعَيْزَارِ، وَجَعَلَ يَقُولُ اللَّهُمَّ هَكَذَا نَفْعَلُ بِمَنْ يَعْصِيكَ وَرُفِعَ الطَّاعُونُ، فَحُسِبَ مَنْ هَلَكَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الطَّاعُونِ فِيمَا بَيْنُ أَنْ أَصَابَ زَمْرَى الْمَرْأَةَ إِلَى أَنْ قَتَلَهُ فِنْحَاصُ، فَوَجَدُوهُ قَدْ هَلَكَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا وَالْمُقَلِّلُ لَهُمْ يَقُولُ عِشْرُونَ أَلْفًا فِي سَاعَةٍ مِنَ النَّهَارِ، فَمِنْ هُنَالِكَ تُعْطِي بَنُو إِسْرَائِيلَ وَلَدَ فنحاص من كل ذبيحة ذبحوها الرقبة والذراع واللحى والبكر من كل أموالهم وأنفسها لِأَنَّهُ كَانَ بَكْرَ أَبِيهِ الْعَيْزَارِ، فَفِي بَلْعَامَ بْنِ بَاعُورَاءَ أَنْزَلَ اللَّهُ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها- إِلَى قَوْلِهِ- لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ «2» .

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ اختلف المفسرون في معناه، فعلى سياق ابن إسحاق عن سالم عن أبي النضر أن بلعاما انْدَلَعَ لِسَانُهُ عَلَى صَدْرِهِ، فَتَشْبِيهُهُ بِالْكَلْبِ فِي لهيثه فِي كِلْتَا حَالَتَيْهِ إِنْ زُجِرَ وَإِنْ تُرِكَ ظاهر، وَقِيلَ مَعْنَاهُ فَصَارَ مِثْلَهُ فِي ضَلَالِهِ وَاسْتِمْرَارِهِ فِيهِ وَعَدَمِ انْتِفَاعِهِ بِالدُّعَاءِ إِلَى الْإِيمَانِ وَعَدَمِ الدعاء كالكلب في لهيثه

(1) اندلع لسانه: خرج من فمه واسترخى كلسان الكلب.

(2)

انظر الأثر في تفسير الطبري 6/ 124، 125.

ص: 461