الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الغاشية
مكية بلا خلاف وعدة آياتها ست وعشرون كذلك
وكان صلى الله عليه وسلم كما أخرج مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن النعمان بن بشير يقرؤها في الجمعة مع سورتها
ولما أشار سبحانه فيما قبل إلى المؤمن والكافر والجنة والنار إجمالا بسط الكلام هاهنا فقال عز قائلا:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ قيل هَلْ بمعنى قد وهو ظاهر كلام قطرب حيث قال: أي قد جاءك يا محمد حديث الغاشية، والمختار أنه للاستفهام وهو استفهام أريد به التعجيب مما في حيّزه والتشويق إلى استماعه والإشعار بأنه من الأحاديث البديعة التي حقها أن تتناقلها الرواة ويتنافس في تلقنها الوعاة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن ميمون قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة تقرأ هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ فقام عليه الصلاة والسلام يستمع ويقول: «نعم قد جاءني»
والْغاشِيَةِ القيامة كما قال سفيان.
والجمهور وأطلق عليها ذلك لأنها تغشى الناس بشدائدها وتكتنفهم بأهوالها. وقال محمد بن كعب وابن جبير:
هي النار من قوله تعالى وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ [ابراهيم: 50] وقوله سبحانه وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ [الأعراف: 41] وليس بذاك فإن ما سيرى من حديثها ليس مختصا بالنار وأهلها بل ناطق بأحوال أهل الجنة
أيضا وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ المرفوع مبتدأ وجاز الابتداء به وإن كان نكرة لوقوعه في موضع التنويع، وقيل لأن تقدير الكلام أصحاب وجوه والخبر ما بعد والظرف متعلق به والتنوين عوض عن جملة أشعرت بها الْغاشِيَةِ أي يوم إذا غشيت. والجملة إلى قوله تعالى مَبْثُوثَةٌ استئناف وقع جوابا عن سؤال نشأ من الاستفهام التشويقي كأن قيل من جهته عليه الصلاة والسلام ما أتاني حديثها ما هو؟ فقيل وُجُوهٌ إلخ. قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: لم يكن أتاه صلى الله عليه وسلم حديثها فأخبره سبحانه عنها فقال جل وعلا وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ والمراد بخاشعة ذليلة ولم توصف بالذل ابتداء لما في وصفها بالخشوع من الإشارة إلى التهكم وإنها لم تخشع في وقت ينفع فيه الخشوع، وكذا حال وصفها بالعمل في قوله سبحانه عامِلَةٌ على ما قيل وهو وقوله تعالى ناصِبَةٌ خبران آخران لوجوه إذ المراد بها أصحابها وفي ذلك الاحتمالات أخر ستأتي إن شاء الله تعالى أي عاملة في ذلك اليوم تعبة فيه، وذلك في النار على ما روي عن ابن عباس والحسن وابن جبير وقتادة، وعملها فيها على ما قيل جر السلاسل والأغلال والخوض فيها خوض الإبل في الوحل والصعود والهبوط في تلالها ووهادها وذلك جزاء التكبر عن العمل وطاعة الله تعالى في الدنيا وعن زيد بن أسلم أنه قال: أي عامِلَةٌ في الدنيا ناصِبَةٌ فيها لأنها على غير هدى فلا ثمرة لها إلّا النّصب وخاتمته النار وجاء ذلك في رواية أخرى عن ابن عباس وابن جبير أيضا. والظاهر أن الخشوع عند هؤلاء باق على كونه في الآخرة وعليه فيومئذ لا تعلق له بالوصفين معنى بل متعلقهما في الدنيا ولا يخفى ما في هذا الوجه من البعد وظهور أن العمل لا يكون في الآخرة بعد تسليمه لا يجدي نفعا في دفع بعده. وقال عكرمة عامِلَةٌ في الدنيا ناصِبَةٌ يوم القيامة والظاهر أن الخشوع على ما مر ولا يخفى ما في جعل المحاط باستقبالين ماضويا من البعد، وقيل: الأوصاف الثلاثة في الدنيا والكلام على منوال:
إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة أي ظهر لهم يومئذ أنها كانت خاشعة عاملة ناصبة في الدنيا من غير نفع وأما قبل ذلك اليوم فكانوا يحسبون أنهم يحسنون صنعا وهؤلاء النساك من اليهود والنصارى كما أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس ويشمل غيرهم مما شاكلهم من نساك أهل الضلال وهذا الوجه أبعد من أخويه. وقوله تعالى تَصْلى ناراً حامِيَةً متناهية في الحر من حميت النار إذا اشتد حرها خبر آخر ل وُجُوهٌ وقيل خاشِعَةٌ صفة لها وما بعد أخبار، وقيل: الأولان صفتان والأخيران خبران، وقيل: الثلاثة الأول صفات وهذه الجملة هي الخبر والكل كما ترى. وجوز أن يكون هذا وما بعده من الجملتين استئنافا مبينا لتفاصيل أحوالها. وقرأ ابن كثير في رواية شبل وحميد وابن محيصن «عاملة ناصبة» بالنصب على الذم. وقرأ أبو رجاء وابن محيصن ويعقوب وأبو عمرو وأبو بكر «تصلى» بضم التاء وقرأ خارجة «تصلّى» بضم التاء وفتح الصاد مشدد اللام للمبالغة تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ بلغت اناها أي غايتها في الحر فهي متناهية فيه كما في قوله تعالى وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ [الرحمن: 44] وهو التفسير المشهور. وقد روي عن ابن عباس والحسن ومجاهد وقال ابن زيد أي حاضرة لهم من قولهم أنى الشيء حضر وليس بذاك لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ بيان لطعامهم إثر بيان شرابهم، والضريع كما أخرج عبد بن حميد عن ابن عباس الشبرق اليابس وهي على ما قاله عكرمة شجرة ذات شوك لاطئة بالأرض. وقال غير واحد: هو جنس من الشوك ترعاه الإبل رطبا فإذا يبس تحامته وهو سم قاتل. قال أبو ذؤيب:
رعى الشبرق الريان حتى إذا ذوى
…
وصار ضريعا بان عنه النحائص
وقال ابن غرارة الهذلي يذكر إبلا وسوء مرعى:
وحبسن في هزم الضريع فكلها
…
حدباء دامية اليدين حرود
وقال بعض اللغويين: الضريع يبيس العرفج إذا انحطم. وقال الزجاج: نبت كالعوسج. وقال الخليل: نبت أخضر منتن الريح يرمي به البحر. والظاهر أن المراد ما هو ضريع حقيقة وقيل هو شجرة نارية تشبه الضريع وأنت تعلم أنه لا يعجز الله تعالى الذي أخرج من الشجر الأخضر نارا أن ينبت في النار شجر الضريع. نعم يؤيد ما قيل ما حكاه
في البحور الزاخرة عن البغوي عن ابن عباس يرفعه: «الضريع شيء في النار شبه الشوك أمرّ من الصبر، وأنتن من الجيفة، وأشد حرا من النار»
فإن صح فذاك. وقال ابن كيسان: هو طعام يضرعون عنده ويذلون ويتضرعون إلى الله تعالى طلبا للخلاص منه فسمي بذلك وعليه يحتمل أن يكون شجرا وغيره. وعن الحسن وجماعة أنه الزقوم. وعن ابن جبير أنه حجارة في النار، وقيل: هو واد في جهنم أي ليس لهم طعام إلّا من ذلك الموضع، ولعله هو الموضع الذي يسيل إليه صديد أهل النار وهو الغسلين وعليه يكون التوفيق بين هذا الحصر والحصر في قوله تعالى وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ [الحاقة: 36] ظاهرا بأن يكون طعامهم من ذلك الوادي هو الغسلين الذي يسيل إليه، وكذا إذا أريد به ما قاله ابن كيسان واتحد به وقد يتحد بهما عليه أيضا الزقوم واتحاده بالضريع على القول بأنه شجرة قريب. وقيل في التوفيق إن الضريع مجازا أو كناية أريد به طعام مكروه حتى للإبل وغيرها من الحيوانات التي تلتذ رعي الشوك فلا ينافي كونه زقوما أو غسلينا، وقيل: إنه أريد أن لا طعام لهم أصلا لأن الضريع ليس بطعام للبهائم فضلا عن الناس كما يقال: ليس لفلان إلّا ظل إلّا الشمس أي لا ظل له وعليه يحمل قوله تعالى وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ وقوله تعالى إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ [الدخان: 43، 44] فلا مخالفة أصلا. وقيل: إن الغسلين وهو الصديد في القدرة الإلهية أن تجعله على هيئة الضريع والزقوم فطعامهم الغسلين والزقوم اللذان هما الضريع ولا يخفى تعسفه على الرضيع. وقد يقال في التوفيق على القول بأن الثلاثة متغايرة بالذات أن العذاب ألوان والمعذبون طبقات فمنهم أكلة الزقوم، ومنهم أكلة الغسلين، ومنهم أكلة الضريع لكل باب منهم جزء مقسوم لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ إما في محل جر صفة لضريع والمعنى أن طعامهم من شيء ليس من مطاعم الإنس وإنما هو شوك والشوك مما ترعاه الإبل وتتولع به وهذا نوع منه تنفر عنه ولا تقربه ومنفعتا الغذاء منفيتان عنه وهما إماطة الجوع وإفادة القوة والسمن في البدن، وإن شئت فقل إنه من شيء مكروه يضرع عنده ويتضرع إلى الله تعالى ويطلب منه سبحانه الخلاص عنه وليس فيه منفعتا الغذاء أصلا، وإما في محل رفع صفة لطعام المقدر إذ التقدير ليس لهم طعام إلّا طعام من ضريع. والمعنى قريب مما ذكر ولا يجوز كونه صفة للمذكور إذ لا يدل حينئذ على أن طعامهم منحصر في الضريع بل يدل على أن ما لا يسمن ولا يغني من طعامهم منحصر فيه ويفسد المعنى. وأما لا محل له من الإعراب على أنه مستأنف والأول أظهر. ويروى أن كفار قريش قالوا لما سمعوا صدر الآية: إن الضريع لتسمن عليه إبلنا. فنزلت لا يُسْمِنُ إلخ. قيل: فلا يخلو إما أن يتكذبوا أو يتعنتوا بذلك وهو الظاهر فيرد قولهم بنفي السمن والشبع وإما أن يصدقوا فيكون المعنى أن طعامهم من ضريع ليس من جنس ضريعكم إنما هو غير مسمن ولا مغن من جوع. وعلى الأول هو صفة مؤكدة ردا لما زعموه لا كاشفة إذ لا خفاء وعلى الثاني هو صفة مخصصة وأيّا ما كان فتنكير الجوع للتحقير أي لا يغني من جوع ما، وتأخير نفي الإغناء عنه لمراعاة الفواصل والتوسل به إلى التصريح بنفي كلا الأمرين إذ لو قدم لما احتيج إلى ذكر نفي الاسمان ضرورة استلزام
نفي الإغناء عن الجوع إياه ولذلك كرر لا لتأكيد النفي. وفي الإرشاد إن نفي الأمرين عنه ليس على أن لهم استعدادا للشبع والسمن إلّا أنه لا يفيد شيئا منهما بل على أنه لا استعداد من جهتهم ولا إفادة من جهته، وتحقيق ذلك أن جوعهم وعطشهم ليسا من قبيل ما هو المعهود منهما في هذه النشأة من حالة عارضة للإنسان عند استدعاء الطبيعة لبدل ما يتحلل من البدن مشوقة له إلى المطعوم والمشروب بحيث يلتذ بهما عند الأكل والشرب ويستغنى بهما عن غيرهما عند استقرارهما في المعدة ويستفيد منهما قوة وسمنا عند انهضامهما بل جوعهم عبارة عن اضطرارهم عند اضطرام النار في أحشائهم إلى إدخال شيء كثيف يملؤها ويخرج ما فيها من اللهب، وأما أن يكون لهم شوق إلى مطعوم ما والتذاذ به عند الأكل واستغناء به عن الغير واستفادة قوة فهيهات. وكذا عطشهم عبارة
عن اضطرارهم عند أكل الضريع والتهابه في بطونهم إلى شيء مائع بارد ليطفئوه من غير أن يكون لهم التلذذ بشربه أو استفادة قوة به في الجملة وهو المعنى بما روي أنه تعالى يسلط عليهم الجوع بحيث يضطرون إلى أكل الضريع، فإذا أكلوه سلّط عليهم العطش فاضطروا إلى شرب الحميم فيشوي وجوههم ويقطع أمعاءهم أعاذنا الله تعالى وسائر المسلمين من ذلك انتهى. وهو خلاف الظاهر ومثله لا يقال عن الرأي وليس له فيما وقفنا عليه مستند يؤول لأجله الظواهر، فالحق أن لهم جوعا وعطشا وشهوة إلى الطعام والشراب كما أن للجائع والعطشان في الدنيا شهوة إليهما لكنهما لهم هناك قد بلغا الغاية بتسليط الله تعالى عز وجل بدون سبب عادي على نحو ما في الدنيا فيضطرون لذلك إلى الضريع والحميم كما يضطر من أفرط فيه الجوع والعطش في الدنيا إلى تناول الكريه البشع من المطعوم والمشروب لكنهم لا ينتفعون بما يتناولونه بل يزدادون به عذابا فوق العذاب. نسأل الله تعالى العفو والعافية بمنه وكرمه.
وقوله تعالى وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ شروع في رواية حديث أهل الجنة وتقديم حكاية أهل النار لأنه أدخل في تهويل الغاشية وتفخيم حديثها ولأن حكاية حسن حال أهل الجنة بعد حكاية سوء حال أهل النار مما يزيد المحكي حسنا وبهجة، والكلام في إعرابه نظير ما تقدم وإنما لم تعطف هذه الجملة على تلك الجملة إيذانا بكمال تباين مضمونيهما. والناعمة إما من النعومة وكنى بها عن البهجة وحسن المنظر أي وجوه يومئذ ذات بهجة وحسن كقوله تعالى تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ [المطففين: 24] أو من النعيم أي وجوه يومئذ متنعمة لِسَعْيِها أي لعملها الذي عملته في دار الدنيا وهو متعلق بقوله تعالى راضِيَةٌ والتقديم للاعتناء مع رعاية الفاصلة واللام ليست للتعليل بل مثلها في رضيت بكذا، فكأنه قيل راضية بسعيها. وذكر بعض المحققين أنها مقوية لتعدي الوصف بنفسه ولذا قال سفيان في ذلك كما أخرجه عنه ابن أبي حاتم:
رضيت عملها ورضاها به كناية أو مجاز عن أنه محمود العاقبة مجازى عليه أعظم الجزاء وأحسنه. وقيل في الكلام مضاف مقدر أي لثواب سعيها راضية وجوز كون اللام للتعليل أي لأجل سعيها في طاعة الله تعالى راضية حيث أوتيت وما أتيت من الخير وليس بذاك فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ مرتفعة المحل أو علية القدر فالعلو إما حسّي أو معنوي وجمع أبو حيان بينهما لا تَسْمَعُ خطاب لكل من يصلح للخطاب أو هو مسند إلى ضمير الغائبة المؤنثة وهو راجع للوجوه على أن المراد بها أصحابها أو الإسناد مجازي وكذا يقال فيما قبل وأشار بعض إلى أن في الآية صنعة الاستخدام اختيارا لأن المراد بالوجوه أولا حقيقتها وعند إرجاع الضمير إليها ثانيا أصحابها فهم الذين لا يسمعون فِيها لاغِيَةً أي لغوا فهي مصدر بمعناه ويجوز كونها صفة كلمة محذوفة على أنها للنسب أي كلمة ذات لغو، وجوز على تقدير كونها صفة كون الإسناد مجازيا لأن الكلمة ملغو بها
لا لاغية، ويجوز أن تكون صفة نفس محذوفة أي لا تسمع فيها نفسا لاغية وجعلها مسموعة لوصفها بما يسمع كما تقول: سمعت زيدا يقول كذا، وجوز أن يكون ذلك على المجاز في الإسناد أيضا. وقرأ الأعرج وأهل مكة والمدينة ونافع وابن كثير وأبو عمرو بخلاف عنهم «لا تسمع» بتاء التأنيث مبنيا للمفعول «لاغية» بالرفع وابن محيصن وعيسى وابن كثير وأبو عمرو كذلك إلّا أنهم قرؤوا بالياء التحتية لأن التأنيث مجازي مع وجود الفاصل والجحدري كذلك إلّا أنه نصب «لاغية» على معنى لا يسمع فيها أي أحد لاغية من قولك أسمعت زيدا فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ قيل يجري ماؤها ولا ينقطع وعدم الانقطاع إما من وصف العين لأنها الماء الجاري فوصفها بالجريان يدل على المبالغة كما في ناراً حامِيَةً وإما من اسم الفاعل فإنه للاستمرار بقرينة المقام والتنكير للتعظيم واختار الزمخشري كونه للتكثير كما في عَلِمَتْ نَفْسٌ [التكوير: 14، الانفطار: 5] أي عيون كثيرة تجري مياهها فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ رفيعة السمك أو المقدار وقيل مخبوءة من رفعت لك كذا أي خبأته وَأَكْوابٌ وقداح لا عرا لها مَوْضُوعَةٌ أي بين أيديهم وقيل على حافات العيون وجوز أن يراد موضوعة عن حد الكبار أوساط بين الصغر والكبر كقوله تعالى قَدَّرُوها تَقْدِيراً [الإنسان: 16] ولا يخفى بعده وَنَمارِقُ ووسائد قال زهير:
كهولا وشبانا حسانا وجوههم
…
على سرر مصفوفة ونمارق
جمع نمرقة بضم النون والراء وبكسرهما وفتحهما وبغير هاء مَصْفُوفَةٌ صف بعضها إلى جنب بعض للاستناد إليها والاتكاء عليها. وقال الكلبي: وسائد موضوعة بعضها إلى جنب بعض كالشيء الذي جعل صفا أينما أراد أن يجلس المؤمن جلس على واحدة واستند إلى أخرى وعلى رأسه وصائف كأنهن الياقوت والمرجان وَزَرابِيُّ وبسط فاخرة كما قال غير واحد وقال الفرّاء: هي الطنافس التي لها خمل رقيق. وقال الراغب: إنها في الأصل ثياب محبرة منسوبة إلى موضع ثم استعيرت للبسط واحدها زربية مثلثة الزاي ولم يفرق في الصحاح بين الزرابي والنمارق، والظاهر الفرق. نعم قيل قد جاء نمارق بمعنى الزرابي ومنه:
نحن بنات طارق
…
نمشي على النمارق
لظهور أن الوسائد لا يمشى عليها عادة مَبْثُوثَةٌ مبسوطة أو مفرقة في المجالس أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ استئناف مسوق لتقرير ما فصل من حديث الغاشية وما هو مبني عليه من البعث الذي هم فيه مختلفون بالاستشهاد عليه بما لا يستطيعون إنكاره. وأخرج عبد بن حميد وغيره عن قتادة قال: لما نعت الله تعالى ما في الجنة عجب من ذلك أهل الضلالة فأنزل سبحانه وتعالى أَفَلا يَنْظُرُونَ إلخ ويرجع هذا في الآخرة إلى إنكار. البعث كما لا يخفى والهمزة للإنكار والتوبيخ والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام، وكلمة كَيْفَ منصوبة بما بعدها على أنها حال من مرفوع خُلِقَتْ كما في قوله تعالى كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ [البقرة: 28] معلقة لفعل النظر والجملة بدل اشتمال من الإبل وقد تبدل الجملة وفيها الاستفهام من الاسم الذي قبلها كقولهم عرفت زيدا أبو من هو على أصح الأقوال على أن العرب قد أدخلت إلى على كيف بلا واسطة إبدال كما أدخلت عليها على فحكي عنهم أنهم قالوا: انظر إلى كيف يصنع كما حكي عنهم أنهم قالوا على كيف تبيع الأحمرين. وذكر أبو حيان في البحر والتذكرة وغيرهما أنه إذا علق الفعل عما فيه الاستفهام لم يبق الاستفهام على حقيقته. وقيل كيف بدل من الإبل وتعقبه في المغني بما في بعضه نظر، وجوز في مجمع البيان كونها في موضع نصب على المصدر وهو كما ترى والإبل يقع على البعران الكثيرة ولا واحد له من
لفظه وهو مؤنث ولذا إذا صغر دخلته التاء فقالوا أبيلة وقالوا في الجمع آبال وقد اشتقوا من لفظه، فقالوا: أبل وتأبل الرجل وتعجبوا من هذا الفعل على غير قياس فقالوا: ما آبل زيدا ولم يحفظ سيبويه فيما قيل اسما جاء على فعل بكسر الفاء والعين وغير ابل أي أينكرون ما أشير إليه من البعث وأحكامه ويستبعدون وقوعه من قدرة الله عز وجل فلا ينظرون إلى الإبل التي هي نصب أعينهم يستعملونها كل حين كيف خلقت خلقا بديعا معدولا به عن سنن خلق أكثر أنواع الحيوانات في عظم جثتها وشدة قوتها وعجيب هيئاتها اللائقة بتأتّي ما يصدر عنها من الأفاعيل الشاقة كالنوء بالأوقار الثقيلة وهي باركة وإيصالها الأثقال الفادحة إلى الأقطار النازحة وفي صبرها على الجوع والعطش حتى إن ظمأها ليبلغ العشر بكسر فسكون وهو ثمانية أيام بين الوردين وربما يجوز ذلك وتسمى حينئذ الحوازي بالحاء المهملة والزاي واكتفائها بالسير ورعيها لكل ما يتيسر من شوك وشجر وغير ذلك مما لا يكاد يرعاه سائر البهائم، وفي انقيادها مع ذلك للإنسان في الحركة والسكون والبروك والنهوض حيث يستعملها في ذلك كيف يشاء ويقتادها بقطارها كل صغير وكبير، وفي تأثرها بالصوت الحسن على غلظ أكبادها إلى غير ذلك، وخصت بالذكر لأنها أعجب ما عند العرب من الحيوانات التي هي أشرف المركبات وأكثرها صنعا ولهم على أحوالها أتم وقوف. وعن الحسن أنها خصت بالذكر لانها تأكل النوى والقتّ وتخرج اللبن، وقيل له الفيل أعظم في الأعجوبة، فقال: العرب بعيدة العهد بالفيل ثم هو خنزير لا يؤكل لحمه ولا يركب ظهره أي على نحو ما يركب ظهر البعير من غير مشقة في تربيضه ولا يحلب دره.
وقال أبو العباس المبرد: الإبل هنا السحاب لأن العرب قد تسميها بذلك إذ تأتي أرسالا كالإبل وتزجى كما تزجى الإبل وهي في هيئاتها أحيانا تشبه الإبل يعني أن إرادته منها هنا على طريق التشبيه والمجاز وكأنه كما قال الزمخشري لم يدع القائل بذلك إلّا طلب المناسبة بين المتعاطفات على ما يقتضيه قانون البلاغة وهي حاصلة مع بقاء الإبل في عطنها. قال الإمام: التناسب فيها أن الكلام مع العرب وهم أهل أسفار على الإبل في البراري فربما انفردوا فيها والمنفرد يتفكر لعدم رفيق يحادثه وشاغل يشغله فيتفكر فيما يقع عليه طرفه فإذا نظر لما معه رأى الإبل، وإذا نظر لما فوقه رأى السماء، وإذا نظر يمينا وشمالا رأى الجبال، وإذا نظر لأسفل رأى الأرض فأمر بالنظر في خلوته لما يتعلق به النظر من هذه الأمور فبينها مناسبة بهذا الاعتبار. وقال عصام الدين:
إن خيال العرب جامع بين الأربعة لأن ما لهم النفيس الإبل ومدار السقي لهم على السماء ورعيهم في الأرض وحفظ مالهم بالجبال، وما ألطف ذكر الإبل بعد ذكر الضريع فإن خطورها بعده على طرف الثمام، وإذا صح ما روي من كلام قريش عند نزول تلك الآية كان ذكرها ألطف وألطف.
وقرأ الأصمعي عن أبي عمرو «إلى الإبل» بسكون الباء وقرأ علي كرّم الله تعالى وجه وابن عباس رضي الله تعالى عنهما «إبلّ» بتشديد اللام ورويت عن أبي عمرو وأبي جعفر والكسائي وقالوا: إنها السحاب عن قوم من أهل اللغة.
وَإِلَى السَّماءِ التي يشاهدونها ليلا ونهارا كَيْفَ رُفِعَتْ رفعا سحيق المدى بلا عماد ولا مساك بحيث لا يناله الفهم والإدراك وَإِلَى الْجِبالِ التي ينزلون في أقطارها وينتفعون بمائها وأشجارها كَيْفَ نُصِبَتْ وضعت وضعا ثابتا يتأتى معه ارتقاؤها فلا تميل ولا تميد ويمكن الرقي إلى دارها وَإِلَى الْأَرْضِ التي يضربون فيها ويتقلبون عليها كَيْفَ سُطِحَتْ سفحا بتوطئة وتمهيد وتسوية وتوطيد حسبما يقتضيه صلاح أمور أهلها ولا ينافي ذلك القول بأنها قريبة من الكرة الحقيقية لمكان عظمها. وقرأ عليّ كرم الله تعالى
وجهه وأبو حيوة وابن أبي عبلة «خلقت» «رفعت» «نصبت» «سطحت» بتا المتكلم مبنيا للفاعل والمفعول ضمير محذوف وهو العائد إلى المبدل منه بدل اشتمال أي خلقتها رفعتها نصبتها سطحتها. وقرأ الحسن وهارون الرشيد سُطِحَتْ بتشديد الطاء والمعنى أفلا ينظرون نظر التدبر والاعتبار إلى كيفية خلق هذه المخلوقات الشاهدة بحقية البعث والنشور ليرجعوا عما هم عليه من الإنكار والنفور ويسمعوا إنذارك ويستعدوا للقائه بالإيمان والطاعة. وجوز أن يحمل النظر على الإبصار ويكون فيه دعوى ظهور المطلوب بحيث يظهر بمجرد إبصار هذه المخلوقات وهو خلاف الظاهر. والفاء في قوله تعالى فَذَكِّرْ لترتيب الأمر بالتذكير على ما ينبىء عنه الإنكار السابق من عدم النظر أي فاقتصر على التذكير ولا تلح عليهم ولا يهمنك أنهم لا ينظرون ولا يتذكرون. وقوله تعالى إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ تعليل للأمر. وقوله سبحانه لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ تقرير له وتحقيق لمعنى الإنذار أي لست بمتسلط عليهم تجبرهم على ما تريد كقوله تعالى وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ [ق: 45] وقرأ الجمهور «بمصيطر» بالصاد وكسر الطاء والأصل السين والصاد بدل منه فإنه من السطر بمعنى التسلط يقال: سطر عليه إذا تسلط وقرأ حمزة في رواية بإشمام الصاد زايا وهارون بفتح الطاء وهي لغة تميم وسيطر متعد عندهم ويدل عليه قولهم تسيطر لمكان المطاوعة. وقوله تعالى إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ قيل استثناء منقطع وإِلَّا فيه بمعنى لكن ومَنْ موصولة مبتدأ وما بعدها صلة والعائد الضمير المستتر فيه. وقوله سبحانه فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ خبر المبتدأ والفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط نحو: الذي يأتيني فله درهم، وجعل من شرطية يبعده وجود الفاء فيما يصلح لجوابيتها بدونها وتقدير فهو يعذبه تكلف مستغنى عنه وأيّا ما كان فمن المنقطع ما يقع بعد إلّا فيه جملة أي لكن من أعرض وأقام على الكفر منهم يعذبه الله تعالى العذاب الأكبر وهذا عذاب الآخرة في النار فإنه الأكبر وعذاب الدنيا بالنسبة إليه أصغر. وجعل الزمخشري الانقطاع على معنى لست بمستول عليهم لكن من تولى وكفر منهم فإن لله تعالى الولاية عليه والقهر فيعذبه في نار جهنم ولم يجعل على ما قيل متصلا لأنه يلزم عليه كونه صلى الله عليه وسلم مستوليا على من تولى وقد حصرت الولاية به تعالى، وجوز اتصاله بأن يكون من ضمير عَلَيْهِمْ فيكون من في محل جر تابعا له وتسلطه صلى الله عليه وسلم على المتولي باعتبار جهاده وقتله الذي وعد به عليه الصلاة والسلام ولا ينافي حصر الولاية به تعالى لأنه بأمره عز وجل فكأنه قيل: لست عليهم بمسيطر إلّا على من تولى وأقام على الكفر فإنك متسلط عليه بما يؤذن لك من جهاده وقتله وسبيه وأسره وبعده ذلك يعذبه الله تعالى في جهنم، فيكون في الآية إيعاد لهم بالجهاد في الدنيا وعذاب النار في الآخرة. وجوز أن يكون إيعادا بالجهاد فقط على أن المراد بالعذاب الأكبر القتل وسبي النساء والأولاد وسائر ما يترتب على الجهاد من البلايا فيكون فيه إشارة إلى أن هذه الأمة أكبر عذابهم في الدنيا ذلك لا ما كان في الأمم السابقة من الخسف والمسخ ونحوهما وأقيم فَيُعَذِّبُهُ إلخ مقام فتكون عليه متسلطا إيذانا بأن ذلك من قبله عز وجل حتى كأنه صلى الله عليه وسلم لا دخل له فيه وقال عصام الدين في كون الاستثناء منقطعا إشكال لأن المستثنى المنقطع هو المذكور بعدا لا غير مخرج عن متعدد قبله لعدم دخوله فيه مخالف له في الحكم وليس من تولى وكفر خارجا عن قوله تعالى عَلَيْهِمْ وليس حكمهم مخالفا له. ثم أجاب بأن الاستثناء المنقطع قد
يكون لدفع توهم ناشىء مما سبق من غير أن يخالف المستثنى منه في الحكم فالواجب ذكر حكم له ليعلم أنه ليس حكمه مخالفا لحكم المستثنى منه فكأنه هاهنا لدفع توهم التعذيب فتأمل. وجوز كون الاستثناء متصلا من قوله تعالى فَذَكِّرْ ومَنْ موصولة لا غير والمراد بالعذاب استحقاق العذاب أي فذكر إلا من انقطع طمعك من إيمانه وتولى فاستحق العذاب الأكبر. وقوله إِنَّما أَنْتَ إلخ على هذا
اعتراض ورجح الانقطاع بأن ابن عباس وزيد بن علي وقتادة وزيد بن أسلم قرؤوا «ألا» حرف تنبيه واستفتاح.
وقوله تعالى إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ تعليل لتعذيبه تعالى إياهم بالعذاب الأكبر وإياب مصدر آب أي رجع أي إن إلينا رجوعهم بالموت والبعث لا إلى أحد سوانا لا استقلالا ولا اشتراكا، وجمع الضمير فيه وفيما بعده باعتبار معنى من كما أن إفراده فيما سبق باعتبار لفظها. وقرأ أبو جعفر وشيبة «إيّابهم» بتشديد الياء قال البطليوسي في كتاب المثلثات: هذه القراءة تحتمل تأويلين أحدهما أن يكون إيّاب بالتشديد فعالا من أوب على زنة ككذب كذابا وأصله أواب فلم يعتد بالواو الأولى حاجزا لضعفها بالسكون فأبدل من الواو الثانية ياء لانكسار الهمزة فصار في التقدير أويابا ثم قبلت الأولى ياء أيضا لاجتماع ياء وواو وسكون إحداهما، ولأن الواو الأولى إذا لم تمنع من الانقلاب الثانية فهي أجدر بالانقلاب، والثاني أن يكون فيعالا وأصله أيوابا فاعل إعلال سيد وفعله على هذا أيب على وزن فيعل كحوقل حيقالا من الإياب وأصله أيوب فاعل كما ذكرنا، والوجه الأول أقيس لأنهم قالوا في مصدره التأويب والتفعيل مصدر فعل لا فيعل ومع ذلك فقد قالوا هو سريع الأوبة والأيبة فكأنهم آثروا الياء لخفتها انتهى. وقد ذكر هذين الوجهين الزمخشري إلّا أنه في الأول منهما يجوز أن يكون أصله أوابا فعالا من أوب ثم قيل أيوابا كديوان في دوان ثم فعل به ما فعل بأصل سيد، وظاهره أن الواو الأول هي التي قلبت أولا ياء، واعترض بأن المقرر أن الواو الأولى إذا كانت موضوعة على الإدغام وجاء ما قبلها مكسورا لا تقلب ياء لأجل الكسر كما في اخرواط مصدر اخروط وإن ديوانا إذا كان مذكورا للقياس عليه لا للتنظير لا يصلح لذلك لنصهم على شذوذه وكأن البطليوسي عدل إلى ما عدل لذلك. وفي الكشف: لو جعل مصدر فاعل من الأوب فقد جاء فيه فيعال حتى قال بعضهم إن فعالا مخفف عنه لكان أظهر لأن فيعل لا يثبت إلّا بثبت والأول كالمنقاس، ومعنى الفاعلة حينئذ إما المبالغة وإما مسابقة بعضهم بعضا في الأوب وأما جعله فعالا على ما قرر الزمخشري فأبعد إلى آخر كلامه وكونه من فاعل جوزه ابن عطية أيضا لكنه قال:
ويصح أن يكون من آوب فيجيء إيوابا سهلت همزته وكان اللازم في الإدغام يردها أوابا لكن استحسنت فيه الياء على غير قياس فاعترضه أبو حيان بأن قوله: وكان اللازم إلخ ليس بصحيح بل اللازم إذا اعتبر الإدغام أن يكون إيابا لأنه قد اجتمعت ياء وهي المبدلة من الهمزة بالتسهيل وواو وهي عين الكلمة وإحداهما ساكنة فتقلب الواو ياء وتدغم فيها الياء فيصير إيابا فلا تغفل.
ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ في المحشر لا على غيرنا وثُمَّ للتراخي الرتبي لا الزماني فإن الترتيب الزماني بين إيابهم وحسابهم لا بين كون إيابهم إليه تعالى وحسابهم عليه سبحانه فإنهما أمران مستمران. وفي تصدير الجملتين بأن وتقديم خبرها والإتيان بضمير العظمة وعطف الثانية على الأولى بثم المفيدة لبعد منزلة الحساب في الشدة من الإنباء عن غاية السخط الموجب لشديد العذاب ما لا يخفى. وفي الآية رد على كثير من الشيعة حيث زعموا أن حساب الخلائق على الأمير كرّم الله تعالى وجهه واستدلوا على ذلك بما افتروه عليه وعلى أهل بيته رضي الله تعالى عنهم أجمعين من الأخبار ومعنى
قوله كرم الله تعالى وجهه: أنا قسيم الجنة والنار
إن صح أن الناس من هذه الأمة فريقان فريق معي فهم على هدى وفريق عليّ فهم على ضلال فقسم معي في الجنة وقسم في النار» ولعلهم عنوا أن عليّا كرم الله تعالى وجهه يحاسب الخلائق بأمره عز وجل كما يقول غيرهم بأن الملائكة عليهم السلام يحاسبونهم بأمره جل وعلا وهو معنى لا ينافي الحصر الذي تقتضيه الآية لكنه لم يثبت، وأي خصوصية في الأمير كرم الله تعالى وجهه من بين جميع الأنبياء والمرسلين
والملائكة المقربين عليهم الصلاة والسلام أجمعين نقتضيه ولا نقص له كرم الله وجهه في نفي ذلك عنه ويكفيه رضي الله تعالى عنه من ظهور شرفه يوم القيامة أنه يزف إلى الجنة بين النبيّ وإبراهيم عليهما وعليه الصلاة والسلام كما جاء في الحديث إلى غير ذلك مما يظهر في ذلك اليوم والله تعالى أعلم.