الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بينهما بغير الظرف، فشيء لو كان في مكان الضرورات- وهو الشعر- لكان سمجا مردودا، فكيف به في الكلام المنثور؟ فكيف به في القرآن المعجز بحسب لفظه وجزالته» ؟.
الفصل بين المتضايفين:
هذا وقد زعم كثير من النحويين أنه لا يفصل بين المتضايفين إلا في الشعر خاصة، لأن المضاف منزل من المضاف إليه منزلة جزئه، لأنه واقع موقع تنوينه، فكما لا يفصل بين أجزاء الاسم لا يفصل بينه وبين ما نزّل منزلة الجزء منه، وهذا قول البصريين. وعند الكوفيين أن مسائل الفصل سبع، منها ثلاث جائزة في السعة، أي: النثر، وهي:
1-
أن يكون المضاف مصدرا والمضاف إليه فاعله، والفاصل إما مفعوله كقراءة ابن عامر الآنفة الذكر، وقول الشاعر:
عتوا إذ أجبناهم الى السلم رأفة
…
فسقناهم سوق البغاث الأجادل
فسوق مصدر مضاف، والأجادل مضاف إليه، من إضافة المصدر إلى فاعله، والبغاث مفعوله، وفصل به بين المضاف والمضاف إليه، والأصل: سوق الأجادل البغاث. وإما ظرفه كقول بعضهم:
«ترك يوما نفسك وهواها موبق لها» ، فترك مصدر مضاف، ونفسك مضاف إليه، من إضافة المصدر إلى فاعله، ومفعوله محذوف، ويوما ظرف للمصدر، بمعنى أنه متعلق به، وفصل به بين المضاف والمضاف إليه.
2-
أن يكون المضاف وصفا والمضاف إليه مفعوله الأول، والفاصل مفعوله الثاني، كقراءة بعضهم:«فلا تحسبنّ الله مخلف وعده رسله» بنصب وعده وجر رسله، فمخلف اسم فاعل وهو متعد لاثنين، وهو مضاف، ورسله مضاف إليه، من إضافة الوصف إلى مفعوله الأول، ووعده مفعوله الثاني، وفصل به بين المضاف والمضاف إليه.
3-
أن يكون الفاصل قسما كقولهم: «هذا غلام والله زيد» ، يجر زيد بإضافة الغلام إليه وفصل بينهما بالقسم.
والمسائل الأربع الباقية من السبع تختص بالشعر وهي:
1-
الفصل بالأجنبي كقول جرير:
تسقي امتياحا ندى المسواك ريقتها
…
كما تضمّن ماء المزنة الرّصف
فتسقي مضارع سقى متعد لاثنين، وفاعله ضمير يرجع الى المحبوبة في البيت قبله، وندى مفعوله الأول وهو مضاف، وريقتها مضاف إليه والمسواك مفعوله الثاني، فصل به بين المضاف والمضاف إليه، أي: تسقي ندى ريقتها المسواك، والمسواك أجنبي من «ندى» لأنه ليس معمولا له وإن كان عاملهما واحدا.
2-
الفصل بفاعل المضاف كقوله:
ما إن وجدنا للهوى من طبّ
…
ولا عدمنا قهر وجد صبّ
فأضاف «قهر» الى مفعوله وهو «صب» ، وفصل بينهما بفاعل المصدر وهو «وجد» .