الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لقومك كذا وكذا، وألق الألواح، وخذ برأس أخيك. ثم يقطع الإغراء ويترك الكلام.
أقسام أخرى للاستعارة:
وقد تقدم القول في الاستعارة، ونعود هنا فنقول: إن هذه الاستعارة، وهي إسناد السكوت الى الغضب فيها، هي استعارة معقول للمشاركة في أمر معقول، وهي واحدة من خمس للاستعارات:
فالمستعار السكوت، والمستعار له الغضب، والمستعار منه الساكت، والمعنى «ولما زال عن موسى الغضب» لأن حقيقة السكوت زوال الكلام وحقيقة زوال الغضب عدم ما يدل عليه من الكلام أو غيره في تلك الحال، وغضب موسى إنما عرف هنالك من قوله:«بئسما خلفتموني من بعدي» فإن هذا الكلام كان مقدمة إلقاء الألواح، ولما زال الكلام الدال على الغضب، حسنت استعارة السكوت للغضب، ولا يلزم من سكوت الغضب حصول الرضا، فإن موسى لم يرض بمعصيتهم ولا ببقائهم على المعصية حتى تحصل التوبة، ولهذا أخبر سبحانه عنه بسكوت الغضب دون حصول الرضا، وهذه الاستعارة ألطف الاستعارات الخمس لأنها استعارة معقول لمعقول للمشاركة في أمر معقول.
الأقسام الأربعة الأخرى:
أما الأقسام الأربعة الأخرى فهي:
2-
استعارة المحسوس للمحسوس للاشتراك في أمر معقول، وهو الاستعارة المركبة من الكثيف اللطيف، ومثالها قوله تعالى:
«إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم» فإن المستعار له: الريح، والمستعار منه: ذات النتاج، والمستعار العقيم، وهو عدم النتاج، والمشاركة بين المستعار له والمستعار منه في عدم النتاج وهو شيء معقول.
3-
استعارة المحسوس للمعقول وهي ألطف من المركّبة.
ومثالها قوله تعالى: «بل نقذف بالحقّ على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق» . فالقذف والدفع مستعاران، وهما محسوسان، والحق والباطل مستعار لهما، وهما معقولان، ومثله قوله تعالى:«ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس» فالمستعار الحبل وهو محسوس، والمستعار له العهد وهو معقول، والمشاركة بينهما في الاتصال، لأن العهد يصل بين المعاهد والمسلم كما يصل الحبل بين المرتبطين، وهو شيء محسوس، ومن هذا القسم قوله تعالى:
«فاصدع بما تؤمر» ، فالمستعار منه الزجاجة، والمستعار الصدع وهو الشقّ، والمستعار له هو عقوق المكلفين، والمعنى صرّح بجميع ما أوحي إليك، وبين كل ما أمرت ببيانه، وإن شق ذلك على بعض القلوب فانصدعت، والمشابهة بينهما فيما يؤثره التصديع في القلوب، فيظهر أثر ذلك على ظاهر الوجوه من التّقبّض والانبساط، ويلوح عليها من علامات الإنكار والاستبشار كما يظهر ذلك على ظاهر الزجاجة المصدوعة من المطروقة في باطنها. يروى أن بعض الأعراب لما سمع هذه اللفظات الثلاث سجد فقيل: لم سجدت؟ فقال: سجدت لفصاحة هذا الكلام.
4-
استعارة المعقول للمحسوس بالاشتراك في أمر معقول.
ومثالها قوله تعالى: «إنا لماطغى الماء حملناكم في الجارية» فالمستعار له كثرة الماء وهي حسّيّة، والمستعار منه التكبر وهو عقلي، والجامع