المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ثم يقول تعالى: {حتى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأرض يَنْبُوعاً} [الإسراء: - تفسير الشعراوي - جـ ١٤

[الشعراوي]

الفصل: ثم يقول تعالى: {حتى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأرض يَنْبُوعاً} [الإسراء:

ثم يقول تعالى: {حتى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأرض يَنْبُوعاً} [الإسراء: 90]

وفي آية أخرى قال: {وَفَجَّرْنَا الأرض عُيُوناً. .} [القمر: 12]

فالتفجير: أن تعمل في الأرض عملية تُخرِج المستتر في باطنها على ظهرها، وعين الماء تُخرِج لك الماء من الأرض، وتأخذ من حاجتك فلا ينقص؛ لأنها تعوض ما أُخِذ منها بقانون الاستطراق، وقد يحدث أن يغيض الماء فيها قليلاً.

أما الينبوع فتراه يفيض باستمرار دون أن ينقص فيه منسوب الماء، كما في زمزم مثلاً، ولا شكَّ أن هذا المطلب منهم جاء نتيجة حرمانهم من الماء، وحاجتهم الشديدة إليه.

ويذكر الحق سبحانه أنهم واصلوا حديثهم للرسول صلى الله عليه وسلم َ، فقالوا:{أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأنهار خِلالَهَا تَفْجِيراً} .

ص: 8742

سبق أن طلبوا الماء لأنفسهم، وهنا يطلبون للرسول {جَنَّةٌ} أي: بستان أو حديثة من النخيل والعنب؛ لأنهما الصِّنْفان المشهوران عن العرب {فَتُفَجِّرَ الأنهار خِلالَهَا تَفْجِيراً} [الإسراء:‌

‌ 91]

أي: خلال هذه الحديقة حتى تستمر ولا تذبل.

ويواصلون تحديهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم َ، فيقولون:{أَوْ تُسْقِطَ السمآء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بالله والملائكة قَبِيلاً} .

ص: 8742

الزَّعْم: هو القبول المخالف للواقع، ويقولون: الزعم مطّية

ص: 8742

الكذب، قال تعالى:{زَعَمَ الذين كفروا أَن لَّن يُبْعَثُواْ. .} [التغابن: 7]

وإنْ كانوا اتهموا رسول الله بالزعم، فما هو إلا مُبلِّغ عن الله، وناقل إليهم منهج ربه، فإنْ أرادوا أنْ يتَّهموا فليتهموا الحق سبحانه وتعالى؛ لأن رسوله لا ذنبَ له، وقد جاءوا بمسألة إسقاط السماء عليهم؛ لأن الحق سبحانه سبق أنْ قال عنهم:{أَفَلَمْ يَرَوْاْ إلى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِّنَ السمآء والأرض إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأرض أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِّنَ السمآء} [سبأ: 9]

ولذلك طلبوا من رسول الله أنْ يُوقِع بهم هذا التهديد.

و {كِسَفاً. .} [الإسراء: 92] أي: قِطَعاً، ومفردها كسفة كقطعة.

ويقول تعالى: {أَوْ تَأْتِيَ بالله والملائكة قَبِيلاً} [الإسراء: 92] أي: نراهم أمامنا هكذا مُقابلةً عياناً، وقد جاء هذا المعنى أيضاً في قوله تعالى:{وَقَالَ الذين لَا يَرْجُونَ لِقَآءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الملائكة أَوْ نرى رَبَّنَا. .} [الفرقان: 21]

والمتأمل فيما طلبه الكفار من رسول الله صلى الله عليه وسلم َ يجده تعجيزاً بعيداً كُلَّ البعد عن الواقع، مما يدلنا على أنهم ما أرادوا الإيمان والهداية، بل قصدوا الجدل والعناد؛ لذلك يقول الحق سبحانه رَدّاً على لَجَج هؤلاء وتعنُّتهم:{وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ الملائكة وَكَلَّمَهُمُ الموتى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ ليؤمنوا} [الأنعام: 111]

ص: 8743