الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآية (1)
* قالَ اللَّه عز وجل: {الم} [لقمان: 1].
* * *
قال رحمه الله: [{الم} اللَّهُ أَعلَمُ بمُراده به] قوله تعالى: {الم} ثلاثة حُروف هِجائية، يَقول المُفَسِّر رحمه الله:[اللَّهُ أَعلَمُ بمُراده به]، وفي هذا إثباتٌ، لأن اللَّه تعالى أَراد به شيئًا، لكنه لا يُعلَم، فنَأخُذ من كلام المُفَسِّر رحمه الله أنه يَرَى أن لهذه الحُروفِ مَعنًى، ولكن اللَّه أَعلَمُ به، وقال بعضُ أهلِ العِلْم رحمهم الله: إن لها مَعنًى، وجعَلوا يَتَخبَّطون بهذا المَعنَى، ويَجعَلونها رُموزًا لمَّا جعَلوها له، وقال مجُاهِد: إنه لا مَعنَى لها
(1)
، فنَقول: لا مَعنَى لها.
ولا نَقول: اللَّهُ أَعلَمُ بما أَراد؛ وذلك لأن القُرآن نزَل باللغة العربية كما قال تعالى: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 195]، وقال سبحانه وتعالى:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [يوسف: 2] وقال تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [الزخرف: 3]، واللغة العرَبية ليس لهذه الحُروفِ فيها مَعنًى، وعلى هذا فنَقول: إنه لا مَعنَى لها، ونَقول ذلك لأن هذا هو مُقتَضى اللُّغة العرَبية التي نزَل بها القُرآن.
فإذا قال قائِل: إذا قلت: لا مَعنَى لها. كيف يَسوغ لك أن تَجزِم بنَفي المَعنَى؟
فالجَوابُ: نعَمْ، يَسوغ لنا ذلك؛ لأن القُرآن باللغة العربية، وهذه الحُروفُ
(1)
أخرجه الطبري في تفسيره (1/ 209)، وانظر: تفسير ابن كثير (1/ 70).
الِهجائية بمُقتَضى اللغة العربية ليس لها مَعنًى، فأَجزِم بذلك؛ لأن القُرآن باللغة العربية.
وإذا كان الأَمْر هكذا؛ فما الفائِدة من وُجودها في القُرآن؟
الجَوابُ: هذه هي التي قد نَقول: اللَّهُ أَعلَمُ بذلك، ولكن بعض أهل العِلْم التَمَس لهذا حِكْمة، بأنه إشارةٌ إلى أن هذا القُرآنَ الذي أَعجَزَكم ما أَتَى بحُروف جديدة حتى تَقول: واللَّهِ هذه ليسَتْ من حُروفنا، وإنما هو من الحُروف التي يَتَركَّب منها الكلام العرَبيُّ، ومع ذلك أَعجَزَكم.
قالوا: ولهذا لا يَأتي الابتِداء بهذه الحُروفِ الِهجائية إلَّا وبعده ذِكْر القُرآن، أو ما هو من خَصائِص القرآن:{الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ} ، وهناك بعضُ السُّوَر مِثْل:{الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ} ، {الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} ، ليس فيها ذِكْر القرآن، لكن فيها ذِكْر ما هو من خَصائِصه، فـ {غُلِبَتِ الرُّومُ} هذا من أمور الغَيْب، ولا يُعلَم إلَّا بالوَحْي، كذلك {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} هذا فيه إخبار عمَّن سبَق، وهو من أُمور الغَيْب أيضًا، {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت: 3].
وعلى كل حال: هذا الذي ذكَرْناه أخيرًا هو ما ذهَبَ إليه شيخُ الإسلام ابنُ تيميَّةَ
(1)
رحمه الله وسبَقه إليه الزَّمخشَريُّ في كِتابه (الكَشَّاف)
(2)
.
* * *
(1)
انظر تفسير ابن كثير (1/ 71).
(2)
الكشاف (1/ 26).