الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآية (5)
* قالَ اللَّه عز وجل: {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [لقمان: 5].
* * *
القرآن الكريم أحيانًا يُكرِّر الآياتِ بعَيْنها، فهذه الآيةُ مُكرَّرة في سورة البقَرة، وإن كان فيها اختِلاف يَسيرٌ في الآية الأُولى التي قبلها، أمَّا قوله عز وجل:{أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} فهي آية واحِدة.
قوله تعالى: {عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ} أَتَى بـ {عَلَى} الدالَّة على الاستِعْلاء، يَعنِي: أنهم على هُدًى يَسيرون عليه، وهم به عالون مُرتَفِعون؛ لارتفاع مَرتَبَتهم.
وقوله تعالى: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} هذه الجُملةُ جُملة اسمِيَّة مُؤكَّد خبَرها بضمير الفصل، وهو قوله سبحانه وتعالى:{هُمُ الْمُفْلِحُونَ} ، فإنَّ {هُمُ} ضمير فَصْل، وضَمير الفَصْل يُفيد ثلاث فَوائِدَ:
الفائِدةُ الأُولى: الفَصْل بين الصِّفة والخبَر.
والفائِدةُ الثانِية: الحَصْر.
الفائِدةُ الثالِثة: التوكيدُ.
فإذا قلت: (زَيْدٌ القائِمُ)، هذا: مُبتَدَأ وخبَر، لكن يُحتَمَل أن تَكون (القائِمُ) صِفةً لـ (زَيدٌ) وأن الخبَر مُنتَظَر:(زَيدٌ القائِمُ فاضِلٌ) مثَلًا، فإذا قلت:(زيدٌ هو القائِمُ)،
تَعيَّن أن تَكون (القائِمُ) خبَرًا، ففَصَلت الآن بين الصِّفة والخبَر، كذلك إذا قلت:(زَيدٌ هو القائِمُ)، فإنه يُفيد الحصر، (زيدٌ هو) يَعنِي: لا غيره هو (القائِمُ)، كذلك إذا قلت:(زيدٌ هو القائِمُ)، أَبلَغُ في التوكيد من قولك:(زيدٌ القائِمُ).
فهنا قوله تعالى: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} يَعنِي: لا غيرهم، والمُفلِح يَقول المُفَسِّر رحمه الله:[هو الفائِزُ] والفائِزُ هو السَّعيد، والمُفلِح يَقولون: إنه مَن أَدرَك المَطلوب ونجا من المَرغوب، فحصَل له ما يُريد وسلِم ممَّا لا يُريد.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: أن المُتَّصِفين بما تَقدَّم همُ الذين على الهُدَى، فيَتَفرَّع على ذلك: أن مَن خالَف فيما تَقدَّم فليس على هُدًى، وأنه فاته من الهُدى بقَدْر ما فاته من العمَل واليَقين.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: إظهار فَضْل اللَّه سبحانه وتعالى على هَؤلاءِ الفُضَلاءِ؛ لقوله تعالى: {مِنْ رَبِّهِمْ} .
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: الإشارة إلى أن رُبوبية اللَّه سبحانه وتعالى نوعان: عامَّة، وخاصَّة؛ فالعامة: لجميع الخَلْق {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا} ، والخاصَّة: للمُؤمِنين.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن بهذه الأَعمالِ الفاضِلةِ الجليلة والاعتِقادات النافِعة يَحصُل الفَلاح؛ لقوله تعالى: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} .
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أنه لا سَبيلَ إلى الفَلاح إلَّا بذلك؛ وجهُه: الحَصْر في قوله تعالى: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} .
* * *