الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَحَدِهِمْ مَوْضِعَ قَدَمَيْهِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ، فَكَانَ النَّاسُ إِذَا قَامَ أَحَدُهُمْ يُصَلِّي لَمْ يَعْدُ بَصَرُ أَحَدِهِمْ مَوْضِعَ جَبِينِهِ، فَتُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ عُمَرُ، فَكَانَ النَّاسُ إِذَا قَامَ أَحَدُهُمْ يُصَلِّي لَمْ يَعْدُ بَصَرُ أَحَدِهِمْ مَوْضِعَ الْقِبْلَةِ، فَكَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَكَانَتِ الْفِتْنَةُ فَتَلَفَّتَ النَّاسُ فِي الصَّلَاةِ يَمِينًا وَشِمَالًا. قَوْلُهُ تَعَالَى:(أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ)" أَفَإِنْ ماتَ" شَرْطٌ" أَوْ قُتِلَ" عَطْفٌ عَلَيْهِ، وَالْجَوَابُ" انْقَلَبْتُمْ". وَدَخَلَ حَرْفُ الِاسْتِفْهَامِ عَلَى حَرْفِ الْجَزَاءِ لِأَنَّ الشَّرْطَ قَدِ انْعَقَدَ بِهِ وَصَارَ جُمْلَةً وَاحِدَةً وَخَبَرًا وَاحِدًا. وَالْمَعْنَى: أَفَتَنْقَلِبُونَ عَلَى أَعْقَابِكُمْ إِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ؟ وَكَذَلِكَ كُلُّ اسْتِفْهَامٍ دَخَلَ عَلَى حَرْفِ الْجَزَاءِ، فَإِنَّهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، وَمَوْضِعُهُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ جَوَابِ الشَّرْطِ. وَقَوْلُهُ" انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ" تَمْثِيلٌ، ومعناه ارتددتم كفارا بعد إيمانكم، قاله قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ. وَيُقَالُ لِمَنْ عَادَ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ: انْقَلَبَ عَلَى عَقِبَيْهِ. وَمِنْهُ" نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ"«1» . وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالِانْقِلَابِ هُنَا الِانْهِزَامُ، فَهُوَ حَقِيقَةٌ لَا مَجَازٌ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى فَعَلْتُمْ فِعْلَ الْمُرْتَدِّينَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ رِدَّةً. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً) بَلْ يَضُرُّ نَفْسَهُ وَيُعَرِّضُهَا لِلْعِقَابِ بِسَبَبِ الْمُخَالَفَةِ، وَاللَّهُ تَعَالَى لَا تَنْفَعُهُ الطَّاعَةُ وَلَا تَضُرُّهُ «2» الْمَعْصِيَةُ لِغِنَاهُ. (وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ)، أَيِ الَّذِينَ صَبَرُوا وَجَاهَدُوا وَاسْتُشْهِدُوا. وَجَاءَ" وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ" بَعْدَ قَوْلِهِ:" فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً" فهو اتصال وعد بوعيد.
[سورة آل عمران (3): آية 145]
وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَاّ بِإِذْنِ اللَّهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتاباً مُؤَجَّلًا) هَذَا حَضٌّ عَلَى الْجِهَادِ، وَإِعْلَامٌ أَنَّ الموت لأبد مِنْهُ وَأَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ مَقْتُولٍ أَوْ غَيْرِ مَقْتُولٍ مَيِّتٌ إِذَا بَلَغَ أَجَلَهُ الْمَكْتُوبَ لَهُ، لِأَنَّ مَعْنَى" مُؤَجَّلًا" إِلَى أَجَلٍ. وَمَعْنَى" بِإِذْنِ اللَّهِ" بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ. وَ" كِتاباً" نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ، أَيْ كَتَبَ اللَّهُ كِتَابًا مُؤَجَّلًا. وأجل الموت هو الوقت الذي
(1). راجع ج 8 ص 26.
(2)
. في هـ ود: ولا يتضرر بالمعصية. [ ..... ]