المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة آل عمران (3): آية 73] - تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن - جـ ٤

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌[سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 1 الى 2]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 3 الى 4]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 5]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 6]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 7]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 8]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 9]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 10]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 11]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 12]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 13]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 14]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 15]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 16 الى 17]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 18]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 19]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 20]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 21 الى 22]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 23]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 24]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 25]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 26]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 27]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 28]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 29]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 30]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 31]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 32]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 33]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 34]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 35 الى 36]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 37 الى 38]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 39]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 40]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 41]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 42]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 43]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 44]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 45 الى 46]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 47]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 48 الى 49]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 50 الى 51]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 52]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 53]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 54]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 55]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 56 الى 58]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 59 الى 60]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 61]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 62 الى 63]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 64]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 65]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 66]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 67]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 68]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 69]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 70]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 71]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 72]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 73]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 74]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 75]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 76]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 77]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 78]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 79]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 80]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 81]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 82]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 83 الى 84]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 85]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 86]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 87 الى 89]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 90]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 91]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 92]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 93 الى 94]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 95]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 96 الى 97]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 98 الى 99]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 100]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 101]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 102]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 103]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 104]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 105]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 106 الى 107]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 108 الى 109]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 110]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 111]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 112 الى 115]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 116]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 117]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 118]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 119]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 120]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 121]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 122]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 123 الى 125]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 126 الى 127]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 128 الى 129]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 130 الى 132]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 133]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 134]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 135]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 136]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 137]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 138]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 139]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 140]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 141]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 142]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 143]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 144]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 145]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 146 الى 147]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 148]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 149 الى 150]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 151]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 152]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 153]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 154]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 155]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 156]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 157 الى 158]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 159]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 160]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 161]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 162 الى 163]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 164]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 165]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 166 الى 167]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 168]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 169 الى 170]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 171]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 172]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 173]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 174]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 175]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 176]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 177]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 178]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 179]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 180]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 181 الى 182]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 183 الى 184]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 185]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 186]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 187]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 188]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 189]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 190 الى 200]

الفصل: ‌[سورة آل عمران (3): آية 73]

[سورة آل عمران (3): آية 73]

وَلا تُؤْمِنُوا إِلَاّ لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (73)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ) هَذَا نَهْيٌ، وَهُوَ مِنْ كَلَامِ الْيَهُودِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، أَيْ قَالَ ذَلِكَ الرُّؤَسَاءُ لِلسِّفْلَةِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: مِنْ قَوْلِ يَهُودِ خَيْبَرَ لِيَهُودِ الْمَدِينَةِ. وَهَذِهِ الْآيَةُ أَشْكَلُ مَا فِي السُّورَةِ. فَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ، وَلَا تُؤْمِنُوا أَنْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ لِأَنَّهُمْ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فَإِنَّكُمْ أَصَحُّ مِنْهُمْ دِينًا. وَ" أَنْ" وَ" يُحاجُّوكُمْ" فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ، أَيْ بِأَنْ يُحَاجُّوكُمْ أَيْ بِاحْتِجَاجِهِمْ، أَيْ لَا تُصَدِّقُوهُمْ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ لَا حُجَّةَ لَهُمْ. (أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ) مِنَ التَّوْرَاةِ وَالْمَنِّ وَالسَّلْوَى وَفَرْقِ الْبَحْرِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْآيَاتِ وَالْفَضَائِلِ. فَيَكُونُ" أَنْ يُؤْتى " مُؤَخَّرًا بَعْدَ" أَوْ يُحاجُّوكُمْ"، وَقَوْلُهُ" إِنَّ الْهُدى هُدَى اللَّهِ" اعْتِرَاضٌ بَيْنَ كَلَامَيْنِ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: الْمَعْنَى وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ وَلَا تُؤْمِنُوا أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ وَلَا تُصَدِّقُوا أَنْ يُحَاجُّوكُمْ، يَذْهَبُ إِلَى أَنَّهُ مَعْطُوفٌ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ، فَالْمَدُّ عَلَى الِاسْتِفْهَامِ أَيْضًا تَأْكِيدٌ لِلْإِنْكَارِ الَّذِي قَالُوهُ أَنَّهُ لَا يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتُوهُ، لِأَنَّ عُلَمَاءَ الْيَهُودِ قَالَتْ لَهُمْ: لَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ، أَيْ لَا يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ، فَالْكَلَامُ عَلَى نَسَقِهِ. وَ" أَنْ" فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى قَوْلِ مَنْ رَفَعَ فِي قَوْلِكَ أَزَيْدٌ ضَرَبْتَهُ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ تُصَدِّقُونَ أَوْ تُقِرُّونَ، أي إيتاء موجود مصدق أو مقربة، أَيْ لَا تُصَدِّقُونَ بِذَلِكَ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ" أَنْ" فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ، كَمَا جَازَ فِي قَوْلِكَ أَزَيْدًا ضَرَبْتَهُ، وَهَذَا أَقْوَى فِي الْعَرَبِيَّةِ لِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ بِالْفِعْلِ أَوْلَى، وَالتَّقْدِيرُ أَتُقِرُّونَ أَنْ يُؤْتَى، أَوْ أَتُشِيعُونَ ذَلِكَ، أَوْ أَتَذْكُرُونَ ذَلِكَ وَنَحْوَهُ. وَبِالْمَدِّ قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَحُمَيْدٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ:" أَنْ" مَعْنَاهُ" أَلِأَنْ"، فَحُذِفَتْ لَامُ الْجَرِّ اسْتِخْفَافًا وَأُبْدِلَتْ مَدَّةً، كَقِرَاءَةِ مَنْ

ص: 112

قرأ" آن كان ذا مال"[القلم: 14]«1» أَيْ أَلِأَنْ. وَقَوْلُهُ" أَوْ يُحاجُّوكُمْ" عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ رُجُوعٌ إِلَى خِطَابِ الْمُؤْمِنِينَ، أَوْ تَكُونُ" أَوْ" بِمَعْنَى" أَنْ" لِأَنَّهُمَا حَرْفَا شَكٍّ وَجَزَاءٍ يُوضَعُ أَحَدُهُمَا مَوْضِعَ الْآخَرِ «2». وَتَقْدِيرُ الْآيَةِ: وَأَنْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقُلْ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ وَنَحْنُ عَلَيْهِ. وَمَنْ قَرَأَ بِتَرْكِ الْمَدِّ قَالَ: إِنَّ النَّفْيَ الْأَوَّلَ دَلَّ عَلَى إِنْكَارِهِمْ فِي قَوْلِهِمْ وَلَا تُؤْمِنُوا. فَالْمَعْنَى أَنَّ عُلَمَاءَ الْيَهُودِ قَالَتْ لَهُمْ: لَا تُصَدِّقُوا بِأَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ، أَيْ لَا إِيمَانَ لَهُمْ وَلَا حُجَّةَ، فَعَطَفَ عَلَى الْمَعْنَى مِنَ الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ وَالْكِتَابِ وَالْحُجَّةِ وَالْمَنِّ وَالسَّلْوَى وَفَلْقِ الْبَحْرِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْفَضَائِلِ وَالْكَرَامَاتِ، أَيْ أَنَّهَا لَا تَكُونُ إِلَّا فِيكُمْ فَلَا تُؤْمِنُوا أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ إِلَّا مَنْ تَبِعَ دِينكُمْ. فَالْكَلَامُ فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ وَاللَّامُ زَائِدَةٌ. وَمَنِ اسْتَثْنَى لَيْسَ مِنَ الْأَوَّلِ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزِ الْكَلَامُ. وَدَخَلَتْ" أَحَدٌ" لِأَنَّ أَوَّلَ الْكَلَامِ نَفْيٌ، فَدَخَلَتْ فِي صِلَةِ" إِنَّ" لِأَنَّهُ مَفْعُولُ الْفِعْلِ الْمَنْفِيِّ، فَأَنْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ لِعَدَمِ الْخَافِضِ. وَقَالَ الْخَلِيلُ:(إِنَّ) فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ بِالْخَافِضِ الْمَحْذُوفِ. وَقِيلَ: إِنَّ اللَّامَ لَيْسَتْ بِزَائِدَةٍ، وَ" تُؤْمِنُوا" مَحْمُولٌ عَلَى تُقِرُّوا. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: الْمَعْنَى وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ كَرَاهِيَةَ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى لَا تُخْبِرُوا بِمَا فِي كِتَابِكُمْ مِنْ صِفَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ لِئَلَّا يَكُونَ طَرِيقًا إِلَى عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ إِلَى تَصْدِيقِهِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدِ انقطع كلام اليهود عند قول عز وجل" إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ" ثُمَّ قَالَ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم" قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللَّهِ". أَيْ إِنَّ الْبَيَانَ الْحَقَّ هُوَ بَيَانُ اللَّهِ عز وجل" أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ" بَيَّنَ أَلَّا يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ، وَ" لَا" مُقَدَّرَةٌ بَعْدَ" إِنَّ" أَيْ لِئَلَّا يُؤْتَى، كَقَوْلِهِ" يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا" [النساء: 176] «3» أَيْ لِئَلَّا تَضِلُّوا، فَلِذَلِكَ صَلُحَ دُخُولُ" أَحَدٌ" فِي الْكَلَامِ. وَ" أَوْ" بِمَعْنَى" حَتَّى" وَ" إِلَّا أَنْ"، كَمَا قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

فَقُلْتُ لَهُ لَا تَبْكِ عَيْنُكَ إِنَّمَا

نُحَاوِلُ مُلْكًا أَوْ نَمُوتَ فَنُعْذَرَا

وَقَالَ آخَرُ «4» :

وَكُنْتُ إِذَا غَمَزْتُ قَنَاةَ قَوْمٍ

كَسَرْتُ كُعُوبَهَا أَوْ تَسْتَقِيمَا

(1). راجع ج 18 ص 236.

(2)

. في الأصول: إحداهما موضع الأخرى.

(3)

. راجع ج 6 ص 28.

(4)

. هو زياد الأعجم.

ص: 113

وَمِثْلُهُ قَوْلُهُمْ: لَا نَلْتَقِي أَوْ تَقُومَ السَّاعَةُ، بِمَعْنَى" حَتَّى" أَوْ" إِلَى أَنْ"، وَكَذَلِكَ مَذْهَبُ الْكِسَائِيِّ. وَهِيَ عِنْدَ الْأَخْفَشِ عَاطِفَةٌ عَلَى"" وَلا تُؤْمِنُوا" وَقَدْ تَقَدَّمَ. أَيْ لَا إِيمَانَ لَهُمْ وَلَا حُجَّةَ، فَعَطَفَ عَلَى الْمَعْنَى. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ كُلُّهَا خِطَابًا لِلْمُؤْمِنِينَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى جِهَةِ التَّثْبِيتِ لِقُلُوبِهِمْ وَالتَّشْحِيذِ لِبَصَائِرِهِمْ، لِئَلَّا يَشُكُّوا عِنْدَ تَلْبِيسِ الْيَهُودِ وَتَزْوِيرِهِمْ فِي دينهم. والمعنى أُوتِيتُمْ مِنَ الْفَضْلِ وَالدِّينِ، وَلَا تُصَدِّقُوا أَنْ يُحَاجَّكُمْ فِي دِينِكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ مَنْ خَالَفَكُمْ أيقدر عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ وَإِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ. قَالَ الضَّحَّاكُ: إِنَّ الْيَهُودَ قَالُوا إِنَّا نُحَاجُّ عِنْدَ رَبِّنَا مَنْ خَالَفَنَا فِي دِينِنَا، فَبَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُمْ هُمُ الْمُدْحَضُونَ الْمُعَذَّبُونَ وَأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ هُمُ الْغَالِبُونَ. وَمُحَاجَّتُهُمْ خُصُومَتُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. فَفِي الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يُحَاجُّونَا عِنْدَ رَبِّنَا فَيَقُولُونَ أَعْطَيْتَنَا أَجْرًا وَاحِدًا وَأَعْطَيْتَهُمْ أَجْرَيْنِ فَيَقُولُ هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حُقُوقِكُمْ شَيْئًا قَالُوا «1» لَا قَالَ فَإِنَّ ذَلِكَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ (. قَالَ عُلَمَاؤُنَا: فَلَوْ عَلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ لَمْ يُحَاجُّونَا عِنْدَ رَبِّنَا، فَأَعْلَمَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمْ يُحَاجُّونَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ، ثُمَّ قَالَ: قُلْ لَهُمُ [الْآنَ] «2» " إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ". وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ" آنَ يُؤْتَى" بِالْمَدِّ عَلَى الِاسْتِفْهَامِ، كَمَا قَالَ الْأَعْشَى:

أَأَنْ رَأَتْ رَجُلًا أغشى أَضَرَّ بِهِ

رَيْبُ الْمَنُونِ وَدَهْرٌ مُتْبِلٌ خَبِلُ «3»

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِغَيْرِ مَدٍّ عَلَى الْخَبَرِ. وَقَرَأَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ" إِنْ يُؤْتَى" بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، عَلَى مَعْنَى النَّفْيِ، وَيَكُونُ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا قَالَ الْفَرَّاءُ. وَالْمَعْنَى: قُلْ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللَّهِ إِنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ يَعْنِي الْيَهُودَ- بِالْبَاطِلِ فَيَقُولُونَ نَحْنُ أَفْضَلُ مِنْكُمْ. وَنَصَبَ" أَوْ يُحاجُّوكُمْ" يَعْنِي بِإِضْمَارِ" أَنْ" وَ" أَوْ" تُضْمَرُ بَعْدَهَا" أَنْ" إِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى" حَتَّى" وَ" إِلَّا أَنْ". وَقَرَأَ الْحَسَنُ" أَنْ يُؤْتِيَ" بِكَسْرِ التَّاءِ وَيَاءٍ مَفْتُوحَةٍ، عَلَى مَعْنَى أَنْ يُؤْتِيَ أَحَدٌ أَحَدًا مِثْلَ مَا أوتيتم، فحذف المفعول.

(1). في د: فيقولون.

(2)

. من ب، د.

(3)

. متبل: مسقم، وخبل: ملتو على أهله لا يرون فيه سرورا.

ص: 114