الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَشْفَى عَلَى الشَّيْءِ أَشْرَفَ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ أَشْفَى الْمَرِيضُ عَلَى الْمَوْتِ. وَمَا بَقِيَ مِنْهُ إِلَّا شَفًا أَيْ قَلِيلٌ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ عِنْدَ مَوْتِهِ وَلِلْقَمَرِ عِنْدَ إِمْحَاقِهِ وَلِلشَّمْسِ عِنْدَ غُرُوبِهَا: مَا بَقِيَ مِنْهُ إِلَّا شَفًا أَيْ قَلِيلٌ. قَالَ الْعَجَّاجُ:
وَمَرْبَأٍ عَالٍ لِمَنْ تشرفا
…
أشرفته بلا شفى أو بشفى
قَوْلُهُ" بِلَا شَفًى" أَيْ غَابَتِ الشَّمْسُ." أَوْ بِشَفَى" وَقَدْ بَقِيَتْ مِنْهَا بَقِيَّةٌ. وَهُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ، وَفِيهِ لُغَةٌ أَنَّهُ مِنَ الْوَاوِ. وَقَالَ النَّحَّاسُ: الْأَصْلُ فِي شَفَا شَفَوَ، وَلِهَذَا يُكْتَبُ بِالْأَلِفِ وَلَا يُمَالُ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: لَمَّا لَمْ تَجُزْ فِيهِ الْإِمَالَةُ عُرِفَ أَنَّهُ مِنَ الْوَاوِ، وَلِأَنَّ الْإِمَالَةَ بَيْنَ الْيَاءِ، وَتَثْنِيَتُهُ شَفَوَانِ. قَالَ الْمَهْدَوِيُّ: وَهَذَا تَمْثِيلٌ يُرَادُ بِهِ خُرُوجُهُمْ من الكفر إلى الايمان.
[سورة آل عمران (3): آية 104]
وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)
قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ «1» . وَ" مِنْ" فِي قَوْلِهِ" مِنْكُمْ" لِلتَّبْعِيضِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْآمِرِينَ يَجِبُ أَنْ يَكُونُوا عُلَمَاءَ وَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ عُلَمَاءَ. وَقِيلَ: لِبَيَانِ الْجِنْسِ، وَالْمَعْنَى لِتَكُونُوا كُلُّكُمْ كذلك. قُلْتُ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، وَقَدْ عَيَّنَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ:" الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ"[الحج: 41]«2» الْآيَةَ. وَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ مُكِّنُوا. وَقَرَأَ ابْنُ الزُّبَيْرِ:" وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيَسْتَعِينُونَ اللَّهَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ" قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ: وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ تَفْسِيرٌ مِنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَكَلَامٌ مِنْ كَلَامِهِ غَلِطَ فِيهِ بَعْضُ النَّاقِلِينَ «3» فَأَلْحَقَهُ بِأَلْفَاظِ الْقُرْآنِ، يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا أَصِفُ الْحَدِيثُ الَّذِي حَدَّثَنِيهِ أَبِي حَدَّثَنَا [حَسَنُ]«4» بْنُ عَرَفَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ عَنْ أَبِي عَوْنٍ»
عَنْ صُبَيْحٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقْرَأُ" وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيَسْتَعِينُونَ اللَّهَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ" فَمَا يَشُكُّ عَاقِلٌ فِي أَنَّ عُثْمَانَ لَا يَعْتَقِدُ «6»
(1). راجع ص 46.
(2)
. راجع ج 12 ص 72.
(3)
. في هـ: الغافلين.
(4)
. في ب، د، هـ وفيها: أبي عوف.
(5)
. في ب، د، هـ وفيها: أبي عوف.
(6)
. في ب، د، هـ: لا يعتد.