المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة آل عمران (3): الآيات 146 الى 147] - تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن - جـ ٤

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌[سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 1 الى 2]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 3 الى 4]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 5]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 6]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 7]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 8]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 9]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 10]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 11]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 12]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 13]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 14]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 15]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 16 الى 17]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 18]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 19]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 20]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 21 الى 22]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 23]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 24]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 25]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 26]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 27]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 28]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 29]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 30]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 31]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 32]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 33]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 34]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 35 الى 36]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 37 الى 38]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 39]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 40]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 41]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 42]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 43]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 44]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 45 الى 46]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 47]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 48 الى 49]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 50 الى 51]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 52]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 53]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 54]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 55]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 56 الى 58]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 59 الى 60]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 61]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 62 الى 63]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 64]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 65]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 66]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 67]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 68]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 69]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 70]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 71]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 72]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 73]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 74]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 75]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 76]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 77]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 78]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 79]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 80]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 81]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 82]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 83 الى 84]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 85]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 86]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 87 الى 89]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 90]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 91]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 92]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 93 الى 94]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 95]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 96 الى 97]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 98 الى 99]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 100]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 101]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 102]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 103]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 104]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 105]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 106 الى 107]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 108 الى 109]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 110]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 111]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 112 الى 115]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 116]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 117]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 118]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 119]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 120]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 121]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 122]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 123 الى 125]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 126 الى 127]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 128 الى 129]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 130 الى 132]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 133]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 134]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 135]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 136]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 137]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 138]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 139]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 140]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 141]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 142]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 143]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 144]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 145]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 146 الى 147]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 148]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 149 الى 150]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 151]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 152]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 153]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 154]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 155]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 156]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 157 الى 158]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 159]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 160]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 161]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 162 الى 163]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 164]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 165]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 166 الى 167]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 168]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 169 الى 170]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 171]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 172]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 173]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 174]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 175]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 176]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 177]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 178]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 179]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 180]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 181 الى 182]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 183 الى 184]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 185]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 186]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 187]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 188]

- ‌[سورة آل عمران (3): آية 189]

- ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 190 الى 200]

الفصل: ‌[سورة آل عمران (3): الآيات 146 الى 147]

فِي مَعْلُومِهِ سُبْحَانَهُ، أَنَّ رُوحَ الْحَيِّ تُفَارِقُ جَسَدَهُ، وَمَتَى قُتِلَ الْعَبْدُ عَلِمْنَا أَنَّ ذَلِكَ أَجَلُهُ. وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: لَوْ لَمْ يُقْتَلْ لَعَاشَ. وَالدَّلِيلُ عَلَى قَوْلِهِ:" كِتاباً مُؤَجَّلًا" إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ" [الأعراف: 34] «1» " فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ" [العنكبوت: 5] " لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ" [الرعد: 38]. وَالْمُعْتَزِلِيُّ يَقُولُ: يَتَقَدَّمُ الْأَجَلُ وَيَتَأَخَّرُ، وَإِنَّ مَنْ قُتِلَ فَإِنَّمَا يَهْلِكُ قَبْلَ أَجَلِهِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا ذُبِحَ مِنَ الْحَيَوَانِ كَانَ هَلَاكُهُ قَبْلَ أَجَلِهِ، لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْقَاتِلِ الضَّمَانُ وَالدِّيَةُ. وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ لَا تَهْلِكُ نَفْسٌ قَبْلَ أَجَلِهَا. وَسَيَأْتِي لِهَذَا مَزِيدُ بَيَانٍ فِي" الْأَعْرَافِ" «2» إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى كَتْبِ الْعِلْمِ وَتَدْوِينِهِ. وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي" طَهَ" عِنْدَ قَوْلِهِ." قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ" [طه: 52] «3» إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها) يَعْنِي الْغَنِيمَةَ. نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ تَرَكُوا الْمَرْكَزَ طَلَبًا لِلْغَنِيمَةِ. وَقِيلَ: هِيَ عَامَّةٌ فِي كُلِّ مَنْ أَرَادَ الدُّنْيَا دُونَ الْآخِرَةِ، وَالْمَعْنَى نُؤْتِهِ مِنْهَا مَا قُسِمَ لَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ:" مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها مَا نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ" [الاسراء: 18] «4». (وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها) أَيْ نُؤْتِهِ جَزَاءَ عَمَلِهِ، عَلَى مَا وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ تَضْعِيفِ الْحَسَنَاتِ لِمَنْ يَشَاءُ. وَقِيلَ: لمراد مِنْهَا «5» عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ وَمَنْ لَزِمَ الْمَرْكَزَ مَعَهُ حَتَّى قُتِلُوا. (وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ) أَيْ نُؤْتِيهِمُ الثَّوَابَ الْأَبَدِيَّ جَزَاءً لَهُمْ عَلَى تَرْكِ الانهزام، فهو تأكيد لما تَقَدَّمَ مِنْ إِيتَاءِ مَزِيدِ الْآخِرَةِ. وَقِيلَ:" وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ" مِنَ الرِّزْقِ فِي الدُّنْيَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الشَّاكِرَ يُحْرَمُ مَا قَسَمَ لَهُ مِمَّا يناله الكافر.

[سورة آل عمران (3): الآيات 146 الى 147]

وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلَاّ أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (147)

(1). راجع ج 7 ص 202 وج 13 ص 327 وج 9 ص 327.

(2)

. راجع ج 7 ص 202.

(3)

. راجع ج 11 ص 205 فما بعد.

(4)

. راجع ج 10 ص 235.

(5)

. في د وج: بهذا.

ص: 227

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ «1» مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ) قَالَ الزُّهْرِيُّ: صَاحَ الشَّيْطَانُ يَوْمَ أُحُدٍ: قُتِلَ مُحَمَّدٌ، فَانْهَزَمَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ، كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ عرف رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، رَأَيْتُ عَيْنَيْهِ مِنْ تَحْتِ الْمِغْفَرِ تُزْهِرَانِ، فَنَادَيْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَوْمَأَ إِلَيَّ أَنِ اسْكُتْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:" وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَما ضَعُفُوا" الْآيَةَ. وَ" كَأَيِّنْ" بِمَعْنَى كَمْ. قَالَ الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ: هِيَ أَيُّ دَخَلَتْ. عَلَيْهَا كَافُ التَّشْبِيهِ وَبُنِيَتْ مَعَهَا فَصَارَ فِي الْكَلَامِ مَعْنَى وَكَمْ وَصُوِّرَتْ فِي الْمُصْحَفِ نُونًا، لِأَنَّهَا كَلِمَةٌ. نُقِلَتْ عَنْ أَصْلِهَا فَغُيِّرَ لَفْظُهَا لِتَغَيُّرِ مَعْنَاهَا، ثُمَّ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهَا فَتَلَعَّبَتْ «2» بِهَا الْعَرَبُ وَتَصَرَّفَتْ فِيهَا بِالْقَلْبِ وَالْحَذْفِ، فَحَصَلَ فِيهَا لُغَاتٌ أَرْبَعٌ قُرِئَ بِهَا. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ" وَكَائِنْ" مِثْلَ وَكَاعِنْ، عَلَى وَزْنِ فاعل، وأصله كي فَقُلِبَتِ الْيَاءُ أَلِفًا، كَمَا قُلِبَتْ فِي يَيْأَسُ «3» فَقِيلَ يَاءَسُ، قَالَ الشَّاعِرُ:

وَكَائِنْ بِالْأَبَاطِحِ مِنْ صَدِيقٍ

يَرَانِي لَوْ أُصِبْتُ هُوَ الْمُصَابَا

وَقَالَ آخَرُ:

وَكَائِنْ رَدَدْنَا عَنْكُمُ مِنْ مُدَجَّجٍ

يَجِيءُ أَمَامَ الرَّكْبِ يَرْدِي «4» مُقَنَّعَا

وَقَالَ آخَرُ:

وَكَائِنْ فِي الْمَعَاشِرِ «5» مِنْ أُنَاسٍ

أَخُوهُمْ فَوْقَهُمْ وَهُمُ كرام

وقرأ ابن محيصن" وكين" مَهْمُوزًا مَقْصُورًا مِثْلَ وَكَعِنْ، وَهُوَ مِنْ كَائِنْ حُذِفَتْ أَلِفُهُ. وَعَنْهُ أَيْضًا" وَكَأْيِنْ" مِثْلَ وَكَعْيِنْ وهو مقلوب كي الْمُخَفَّفِ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ" كَأَيِّنْ" بِالتَّشْدِيدِ مِثْلَ كَعَيِّنْ وَهُوَ الْأَصْلُ، قَالَ الشَّاعِرُ:

كَأَيِّنْ مِنْ أُنَاسٍ لم يزالوا

أخوهم فوقهم وهم كرام

(1). قراءة نافع.

(2)

. في اوح: فلغت.

(3)

. القلب في ذلك على لغة من يقلب حرف العلة الساكن المفتوح ما قبله ألفا، وهى لغة بلحارث بن كعب وخثعم وزبيد وقبائل من اليمن، كما ذكره الواحدي في وسيطه في تفسير قوله تعالى:" إِنْ هذانِ لَساحِرانِ".

(4)

. يردى: يمشى الرديان (بالتحريك) وهو ضرب من المشي فيه تبختر. والمقنع: الذي تقنع بالسلاح، كالبيضة والمغفر.

(5)

. في البحر: المعاسر.

ص: 228

وَقَالَ آخَرُ:

كَأَيِّنْ أَبَدْنَا مِنْ عَدُوٍّ بِعِزِّنَا

وَكَائِنْ أَجَرْنَا مِنْ ضَعِيفٍ وَخَائِفِ

فَجَمَعَ بَيْنَ لُغَتَيْنِ: كَأَيِّنْ وَكَائِنْ، وَلُغَةٌ خَامِسَةٌ كَيْئِنْ مِثْلَ كيعن، وكأنه مخفف من كيئ مَقْلُوبِ كَأَيِّنْ. وَلَمْ يَذْكُرِ الْجَوْهَرِيُّ غَيْرَ لُغَتَيْنِ: كَائِنْ مِثْلَ كَاعِنْ، وَكَأَيِّنْ مِثْلَ كَعَيِّنْ، تَقُولُ كَأَيِّنْ رَجُلًا لَقِيتُ، بِنَصْبِ مَا بَعْدَ كَأَيِّنْ عَلَى التَّمْيِيزِ. وَتَقُولُ أَيْضًا: كَأَيِّنْ مِنْ رَجُلٍ لَقِيتُ، وَإِدْخَالُ مِنْ بَعْدَ كَأَيِّنْ أَكْثَرُ مِنَ النصب بها وأجود. وبكائن تَبِيعُ هَذَا الثَّوْبَ؟ أَيْ بِكَمْ تَبِيعُ، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

وَكَائِنْ ذَعَرْنَا مِنْ مَهَاةٍ وَرَامِحٍ

بِلَادُ الْعِدَا «1» لَيْسَتْ لَهُ بِبِلَادِ

قَالَ النَّحَّاسُ: وَوَقَفَ أَبُو عَمْرٍو" وَكَأَيْ" بِغَيْرِ نُونٍ، لِأَنَّهُ تنوين. وروى ذلك سورة ابن الْمُبَارَكِ عَنِ الْكِسَائِيِّ. وَوَقَفَ الْبَاقُونَ بِالنُّونِ اتِّبَاعًا لِخَطِ الْمُصْحَفِ. وَمَعْنَى الْآيَةِ تَشْجِيعُ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْأَمْرُ بِالِاقْتِدَاءِ بِمَنْ تَقَدَّمَ مِنْ خِيَارِ أَتْبَاعِ الْأَنْبِيَاءِ، أَيْ كَثِيرٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كثير، أو كثير من الأنبياء قالوا فَمَا ارْتَدَّ أُمَمُهُمْ، قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ لِلْحَسَنِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. قَالَ الْحَسَنُ: مَا قُتِلَ نَبِيٌّ فِي حَرْبٍ قَطُّ. وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: مَا سَمِعْنَا أَنَّ نَبِيًّا قُتِلَ فِي الْقِتَالِ. وَالثَّانِي عَنْ قَتَادَةَ وَعِكْرِمَةَ. وَالْوَقْفُ- عَلَى هَذَا الْقَوْلِ- عَلَى" قُتِلَ" جَائِزٌ، وَهِيَ قِرَاءَةُ نَافِعٍ وَابْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي عَمْرٍو وَيَعْقُوبَ. وَهِيَ قِرَاءَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَاخْتَارَهَا أَبُو حَاتِمٍ. وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ" قُتِلَ" وَاقِعًا عَلَى النَّبِيِّ وَحْدَهُ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ تَمَامُ الْكَلَامِ عِنْدَ قَوْلِهِ" قُتِلَ" وَيَكُونُ فِي الْكَلَامِ إِضْمَارٌ، أَيْ وَمَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ، كَمَا يُقَالُ: قُتِلَ الْأَمِيرُ مَعَهُ جَيْشٌ عَظِيمٌ، أَيْ وَمَعَهُ جَيْشٌ. وَخَرَجْتُ مَعِي تِجَارَةٌ، أَيْ وَمَعِي. الْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ نَالَ النَّبِيَّ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الرِّبِّيِّينَ، وَيَكُونَ وَجْهُ الْكَلَامِ قُتِلَ بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعَهُ، تَقُولُ الْعَرَبُ: قَتَلْنَا بَنِي تَمِيمٍ وَبَنِي سَلِيمٍ، وَإِنَّمَا قَتَلُوا بَعْضَهُمْ. وَيَكُونُ قَوْلُهُ" فَما وَهَنُوا" رَاجِعًا إِلَى مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ. قُلْتُ: وَهَذَا الْقَوْلُ أَشْبَهُ بِنُزُولِ الْآيَةِ وَأَنْسَبُ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُقْتَلْ، وَقُتِلَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ. وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ وَابْنُ عامر" قاتَلَ" وهي قراءة

(1). كذا في الأصول المهاة: البقرة الوحشية. والرامح: الثور الوحشي، لان قرنه بمنزلة الرمح فهو رامح: والمعنى لا يقيم مع الانس في مكان. الذي في ديوانه:" بلاد الورى ليست له ببلاد".

ص: 229

ابْنِ مَسْعُودٍ، وَاخْتَارَهَا أَبُو عُبَيْدٍ وَقَالَ. إِنَّ اللَّهَ إِذَا حَمِدَ مَنْ قَاتَلَ كَانَ مَنْ قُتِلَ دَاخِلًا فِيهِ، وَإِذَا حَمِدَ مَنْ قُتِلَ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ غَيْرُهُمْ، فَقَاتَلَ أَعَمُّ وَأَمْدَحُ. وَ" الرِّبِّيُّونَ" بِكَسْرِ الرَّاءِ قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ. وَقِرَاءَةُ عَلِيٍّ رضي الله عنه بِضَمِّهَا. وَابْنِ عَبَّاسٍ بِفَتْحِهَا، ثَلَاثُ لُغَاتٍ. وَالرِّبِّيُّونَ الْجَمَاعَاتُ الْكَثِيرَةُ، عَنْ مُجَاهِدٍ. وَقَتَادَةَ وَالضَّحَّاكِ وَعِكْرِمَةَ، وَاحِدُهُمْ رُبِّيٌ بِضَمِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا، مَنْسُوبٌ إِلَى الرِّبَّةِ بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْضًا وَضَمِّهَا، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: الرِّبِّيُّونَ الْأُلُوفُ الْكَثِيرَةُ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: الرِّبِّيُّونَ الْأَتْبَاعُ. وَالْأَوَّلُ أَعْرَفُ فِي اللُّغَةِ، وَمِنْهُ يُقَالُ لِلْخِرْقَةِ الَّتِي تُجْمَعُ فِيهَا الْقِدَاحُ: رِبَّةٌ وَرُبَّةٌ. وَالرِّبَابُ قَبَائِلُ تَجَمَّعَتْ. وَقَالَ أَبَانُ بْنُ ثَعْلَبٍ: الرِّبِّيُّ عَشْرَةُ آلَافٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ: هُمُ الْعُلَمَاءُ الصُّبُرُ. ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَالرَّبِيعُ وَالسُّدِّيُّ: الْجَمْعُ الْكَثِيرُ، قَالَ حَسَّانُ:

وَإِذَا معشر تجافوا عن الح

ق حملنا عليهم ربيا

وقال الزجاج: ها هنا قراءتان" رِبِّيُّونَ" بضم الراء- و" رِبِّيُّونَ" بِكَسْرِ الرَّاءِ، أَمَّا الرُّبِّيُّونَ (بِالضَّمِّ): الْجَمَاعَاتُ الْكَثِيرَةُ. وَيُقَالُ: عَشْرَةُ آلَافٍ. قُلْتُ: وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ" رِبِّيُّونَ" بِفَتْحِ الرَّاءِ مَنْسُوبٌ إِلَى الرَّبِّ. قَالَ الْخَلِيلُ: الرِّبِّيُّ الْوَاحِدُ مِنَ الْعُبَّادِ الَّذِينَ صَبَرُوا مَعَ الْأَنْبِيَاءِ. وَهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ نُسِبُوا إِلَى التَّأَلُّهِ وَالْعِبَادَةِ وَمَعْرِفَةِ الرُّبُوبِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)" وَهَنُوا" أَيْ ضَعُفُوا، وَقَدْ تَقَدَّمَ وَالْوَهْنُ: انْكِسَارُ الْجِدِّ «1» بِالْخَوْفِ. وَقَرَأَ الحسن وأبو الْحَسَنُ وَأَبُو السَّمَّالِ" وَهَنُوا" بِكَسْرِ الْهَاءِ وَضَمِّهَا، لُغَتَانِ عَنْ أَبِي زَيْدٍ. وَهَنَ الشَّيْءُ يَهِنُ وَهْنًا. وَأَوْهَنْتُهُ أَنَا وَوَهَّنْتُهُ ضَعَّفْتُهُ. وَالْوَاهِنَةُ: أَسْفَلُ الْأَضْلَاعِ وَقِصَارُهَا «2» . وَالْوَهَنُ مِنَ الْإِبِلِ: الْكَثِيفُ. وَالْوَهْنُ: سَاعَةٌ تَمْضِي مِنَ اللَّيْلِ، وَكَذَلِكَ الْمَوْهِنُ. وَأَوْهَنَّا صِرْنَا «3» فِي تِلْكَ السَّاعَةِ، أَيْ مَا وَهَنُوا لِقَتْلِ نَبِيِّهِمْ، أَوْ لِقَتْلِ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ، أَيْ مَا وَهَنَ بَاقِيهُمْ، فَحَذَفَ الْمُضَافَ. (وَما ضَعُفُوا) أَيْ عَنْ عَدُوِّهِمْ. (وَمَا اسْتَكانُوا) أَيْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي الْجِهَادِ. وَالِاسْتِكَانَةُ: الذِّلَّةُ وَالْخُضُوعُ، وَأَصْلُهَا" اسْتَكَنُوا" عَلَى افْتَعَلُوا، فَأُشْبِعَتْ فَتْحَةُ الْكَافِ فَتَوَلَّدَتْ مِنْهَا أَلِفٌ. وَمَنْ جَعَلَهَا مِنَ الْكَوْنِ فهي استفعلوا، والأول

(1). الواهنة: القصيري وهى أسفل الأضلاع.

(2)

. الواهنة: القصيري وهى أسفل الأضلاع.

(3)

. كذا في دو اللسان، وفى هـ وأ وح: ضربنا. [ ..... ]

ص: 230