الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث
{نفي الشريك}
ثبت فيه حديث ابن عمر، وعائشة، وورد حديث ابن مسعود رضي الله عنهم:
803 -
(400) حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:
أن تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لبيك اللهم لبيك، لبيك لاشريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لاشريك لك} رواه البخاري، وفي رواية: لايزيد على هؤلاء الكلمات.
ورواه مسلم وزاد في رواية: وكان عبد الله بن عمر يزيد فيها: " لبيك لبيك وسعديك والخير بيديك، والرغباء إليك والعمل."، وفي رواية قال ابن عمر: كان عمر بن الخطاب يهل بإهلال
رسول الله صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الكلمات، ويقول:" لبيك اللهم لبيك، لبيك وسعديك والخير في يديك، لبيك والرغباء إليك والعمل ".
وفي رواية عند البخاري مختصراً من حديث جابر رضي الله عنه وفيه: {لبيك اللهم لبيك} .
وحديث ابن عمر رواه أيضاً أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وعنده في تلبية ابن عمر: " لبيك لبيك لبيك وسعديك
…
".
804 -
(401) حديث عائشة رضي الله عنها:
قالت: إني لأعلم كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبي: {لبيك اللهم لبيك، لبيك لاشريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك} رواه البخاري.
805 -
حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
قوله: كان من تلبية النبي صلى الله عليه وسلم: {لبيك اللهم لبيك، لبيك لاشريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك} رواه النسائي.
وهو عند مسلم مختصراً اقتصر على قوله: {لبيك اللهم لبيك} .
806 -
وفي الباب حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
قوله: كان من تلبية النبي صلى الله عليه وسلم: {لبيك إله الحق} رواه النسائي وابن ماجه.
التخريج:
خ: كتاب الحج: باب التلبية (2/ 170)(الفتح 3/ 408)
ثم باب من لبى بالحج وسمَّاه (2/ 176)(الفتح 3/ 432) وفيه حديث جابر.
كتاب اللباس: باب التلبيد (7/ 209)(الفتح 10/ 360) وذكره فيه لأن النبي صلى الله عليه وسلم أهل مُلبِّداً.
م: كتاب الحج: باب التلبية وصفتها ووقتها (8/ 87 - 89)
ثم باب استحباب إدامة الحاج التلبية حتى يشرع في رمي جمرة العقبة يوم النحر (9/ 28، 29).
د: كتاب المناسك ـ الحج ـ: باب كيف التلبية (2/ 167، 168).
ت: كتاب الحج: باب ما جاء في التلبية (3/ 187، 188) وقال: حسن صحيح.
س: كتاب مناسك الحج: كيف التلبية (5/ 159 - 161) وفيه حديث أبي هريرة الذي رواه من طريق
عبد العزيز بن أبي سلمة عن ابن الفضل عن الأعرج (5/ 161) قال النسائي: لا أعلم أحداً أسند هذا عن عبد الله بن الفضل إلا عبد العزيز رواه إسماعيل بن أمية عنه مرسلاً.
والحديث صححه الألباني في (صحيح الجامع 2/ 902) وهو في (صحيح ابن خزيمة 4/ 172)، وقد
…
حكم الألباني بضعف إسناده معتمداً على قول النسائي. وصححه الأرناؤوط على شرط الشيخين في تعليقه على (صحيح ابن حبان 9/ 110).
جه: كتاب المناسك: باب التلبية (2/ 974).
شرح غريبه:
الرِّغباء: بالمد وتروى بالقصر، والرُّغبى وهما من الرغبة كالنَّعماء والنُّعمى من النعمة (النهاية/رغب/2/ 237) ومعناها الطلب والمسألة (تهذيب سنن أبي داود 2/ 336).
الفوائد:
(1)
في مشروعية التلبية تنبيه على إكرام الله تعالى لعباده بأن وفودهم على بيته إنما كان باستدعاء منه سبحانه تعالى (الفتح 3/ 409).
(2)
فيه عطف الملك علىلحمد والنعمة بعد كمال الخبر، ولم يقل: إن الحمد والنعمة والملك لك، وفيه لطيفة بديعة هي: أن الكلام يصير بذلك جملتين مستقلتين فإنه لو قال: إن الحمد والنعمة والملك لك، لكان عطف الملك على ما قبله عطف مفرد على مفرد، فلما تمت الجملة الأولى بقوله: لك، ثم عطف الملك كان تقديره والملك لك، فيكون مساوياً لقوله: له الملك وله الحمد (تهذيب سنن أبي داود 2/ 340)، وقيل لأن الحمد متعلق بالنعمة ولهذا يقال: الحمد لله على نعمه، فكأنه قال: هنا لا حمد إلا لك لأنه لانعمة إلا لك، أما الملك فهو معنى مستقل بنفسه ذكر لتحقيق أن النعمة كلها لله؛ لأنه صاحب الملك (الفتح 3/ 409) وفي الجمع بين الحمد والملك كمال مع كمال وهو عامة الكمال؛ لأن الملك وحده كمال والحمد وحده كمال، واقتران أحدهما بالآخر كمال، فإذا اجتمع الملك المتضمن للقدرة مع النعمة المتضمنة لغاية النفع والرحمة والاحسان مع الحمد المتضمن لعامة الجلال والإكرام الداعي إلى محبته كان في ذلك من العظمة والكمال والجلال ما هو أولى به، وهو أهله، وكان في ذكر العبد له ومعرفته به من انجذاب قلبه إلى الله، وإقباله عليه سبحانه، والتوجه بدواعي المحبة كلها إلى الله ما هو لب العبودية ومقصودها (تهذيب سنن أبي داود لابن القيم 2/ 339).
(3)
اختلف في الزيادة على تلبية الرسول صلى الله عليه وسلم، فقيل: تستحب، وقيل: لا ينبغي أن يزاد على ما علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس، واختار بعضهم: أن الاقتصار على التلبية المرفوعة أفضل لمداومته هو صلى الله عليه وسلم عليها، وأنه لا بأس بالزيادة لكونه صلى الله عليه وسلم سمع أصحابه يزيدون فلم يردها عليهم وأقرهم عليها (الفتح 3/ 410). وقد روى البيهقي قول الشافعي في تلبيته صلى الله عليه وسلم الواردة في حديث ابن عمر:" وهي التي أحب أن تكون تلبية المحرم، إلا أن يدخل ما روى أبو هريرة لأنه مثلها في المعنى؛ لأنه تلبية والتلبية إجابة، فأبان أنه أجاب إله الحق بـ {لبيك} أولاً وأخيراً، وقال: ولايضيق على أحد في مثل ما قال ابن عمر ولاغيره من تعظيم الله ودعائه مع التلبية غير أن الاختيار عندي: أن يفرد ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من التلبية "(معرفة السنن والآثار 7/ 135، 136). قال ابن حجر: "وهذا أعدل الوجوه، فيفرد ما جاء مرفوعاً، وإذا اختار قول ماجاء موقوفاً، أو أنشأه هو من قبل نفسه مما يليق قاله على انفراده حتى لايختلط بالمرفوع، وهو شبيه بالدعاء في التشهد حيث إنه بعدما يفرغ من المرفوع يتخير من الدعاء والثناء ما شاء ".
(4)
اختلف في حكم التلبية، وقد ذكر ابن حجر فيها عشرة أقوال (الفتح 3/ 410، 411).
(5)
نبه ابن القيم على اشتمال كلمات التلبية على قواعد عظيمة وفوائد جليلة:
إحداها: تضمنها إجابة داع دعاك ومنادٍ ناداك ولا يصح في لغة ولاعقل إجابة من لايتكلم ولا يدعو من أجابه.
الثانية: تضمنها المحبة؛ لأنك لاتقول: لبيك إلا لمن تحبه وتعظمه.
الثالثة: تضمنها التزام دوام العبودية من معنى الإقامة.
الرابعة: تضمنها الذل والخضوع من قولهم: أنا ملبّ بين يديك أي خاضع ذليل.
الخامسة: تضمنها الإخلاص؛ إذ اللب هو الخالص.
السادسة: تضمنها الإقرار بسمع الرب تعالى؛ إذ لايقال: لبيك لمن لايسمع.
السابعة: تضمنها التقرب من الله من الإلباب وهو التقرب.
الثامنة: أنها شعار الانتقال من حال إلى حال، ومن منسك إلى منسك، ولهذا كانت السنة أن يلبي حتى يشرع في الطواف فيقطعها، ثم إذا سار لبّى حتى يقف بعرفة فيقطعها، ثم يلبي حتى يقف بمزدلفة فيقطعها، ثم يلبي حتى يرمي جمرة العقبة فيقطعها فإذا حلَّ من نسكه قطعها.
التاسعة: أنها شعار التوحيد الذي هو روح العبادات ومقصدها.
العاشرة: تضمنها مفتاح الجنة وباب الإسلام الذي يدخل منه إليه، ففيها كلمة الإخلاص والشهادة بأنه سبحانه لاشريك له.
الحادية عشرة: اشتمالها على الحمد لله وهو من أحب ما يتقرب به العبد إلى الله.
الثانية عشرة: اشتمالها على الاعتراف لله بالنعمة كلها، وبالملك كله وهذا المعنى مؤكد الثبوت بإن المقتضيه تحقيق الخبر وأنه مما لايدخله ريب ولا شك.
الثالثة عشرة: تضمنها الإخبار عن اجتماع الملك والنعمة والحمد لله عز وجل.
الرابعة عشرة: اشتمال التلبية على أفضل الذكر الوارد في الحديث: {لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير} وقد اشتملت التلبية على هذه الكلمات وتضمنت معانيها، وقول:{على كل شيء قدير} يمكن أن تدخل تحت قوله: {لاشريك لك} أو {إن الحمد والنعمة لك} أو تحت إثبات الملك إذ لو كان بعض الموجودات خارجاً عن قدرته سبحانه وملكه واقعاً بخلق غيره لم يكن نفي الشريك عاماً، ولم يكن إثبات الملك له والحمد عاماً وهذا من أعظم المحال، والملك كله لله، والحمد كله له وليس له شريك بوجه من الوجوه.
الخامسة عشرة: تضمنها الرد على كل مبطل في صفات الله وتوحيده.
السادسة عشرة: في تكرار قوله: {لاشريك لك} إخبار أنه سبحانه لا شريك له في إجابة الدعوة، كما أنه لاشريك له في الحمد والنعمة والملك (تهذيب سنن أبي داود 2/ 337 - 340).
ثبت فيه حديث عمر بن الخطاب، وورد حديث عقبة بن عامر، وأنس بن مالك رضي الله عنهم:
807 -
(402) حديث عمر رضي الله عنه:
رواه عنه عقبة بن عامر رضي الله عنه وفيه قول عمر: قال صلى الله عليه وسلم: {ما منكم من أحد يتوضأ فيُبْلِغ أو فيسبغ الوضوء ثم يقول: أشهد أن لاإله إلا الله، وأن محمداً عبد الله ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء} رواه مسلم، ثم رواه من طريق آخر وقال: ذكر مثله غير أنه قال: {من توضأ فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله} .
ورواه أبو داود وفيه: {فيحسن الوضوء، ثم يقول: حين يفرغ من وضوئه
…
}.
ورواه الترمذي وزاد في آخر الدعاء: {اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين} .
ورواه النسائي بدون قوله: {لاشريك له} وأوله: {من توضأ فأحسن الوضوء} .
ورواه ابن ماجه كذلك وأوله {ما من مسلم يتوضأ فيحسن الوضوء} .
808 -
حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه:
رواه أبو داود وأحال متنه على حديث عمر رضي الله عنه، وزاد عند قوله:{فأحسن الوضوء} قوله: ثم رفع بصره إلى السماء.
809 -
حديث أنس رضي الله عنه:
قوله صلى الله عليه وسلم: {من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال ـ ثلاث مرات ـ: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله فَتح له ثمانية أبواب الجنة من أيها شاء دخل} رواه ابن ماجه.
التخريج:
م: كتاب الطهارة: باب الذكر المستحب عقب الوضوء (3/ 118 - 120).
د: كتاب الطهارة: باب ما يقول الرجل إذا توضأ (1/ 42، 43) وقال المنذري في (مختصر د 1/ 127): في إسناد حديث عقبة رجل مجهول.
ـت: أبواب الطهارة: باب فيما يقال بعد الوضوء (1/ 77 - 79) وقال: " وهذا حديث في إسناده اضطراب، ولايصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب كبير شيء ". قال البخاري: " وأبو إدريس ـ الراوي عن عمرـ هو الخولاني لم يسمع من عمر شيئاً." قال ابن حجر في (التلخيص 1/ 101): رواية مسلم سالمة من هذا الاعتراض أي قول الترمذي: فيه اضطراب، وقد تعقب ابن العربي حكم الترمذي على الحديث بالاضطراب في (العارضة 1/ 72، 73). وأطال أحمد شاكر الكلام في ذلك في تعليقه على (السنن 1/ 79 - 83) وختمه بقول ابن القيم في (زاد المعاد 1/ 195، 196): لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم من أذكار الوضوء غير التسمية في أول
الوضوء، وقوله:{أشهد أن لا إله إلاالله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين} في آخره.
س: كتاب الطهارة: القول بعد الفراغ من الوضوء (1/ 92، 93).
جه: كتاب الطهارة وسننها: باب ما يقال بعد الوضوء (1/ 159) وحديث أنس قال البوصيري في (الزوائد /97): هذا إسناد فيه العمِّي وهو ضعيف، وزاد في (مصباح الزجاجة 1/ 68): له شاهد من حديث عقبة بن عامر، رواه مسلم وأصحاب السنن الأربعة.
شرح غريبه:
يُبلغ أو يسبغ الوضوء: البلاغ: ما يتبلغ به ويتوصل به إلى الشيء المطلوب (النهاية/بلغ/1/ 152) والإسباغ من الإتمام (النهاية/سبغ/2/ 338) والمعنى: يتم وضوءه ويكمله، فيوصله مواضعه على الوجه المسنون (شرح النووي 3/ 121).
الفوائد:
(1)
استحباب قول الدعاء الوارد بعد الوضوء، ويضم إليه قوله: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لاشريك لك، أستغفرك وأتوب إليك. ونقل النووي استحباب هذه الأذكار للمغتسل أيضاً (شرح النووي 3/ 121).
(2)
أن فتح أبواب الجنة، والدعاء منها فيه عظم التشريف في ذلك الموقف والإشادة بذكر من حصل له ذلك على رؤوس الأشهاد، فليس من يؤذن له في الدخول من باب لايتعداه كمن يُتلقى من كل باب، ويدخل من حيث شاء (شرح السيوطي على سنن النسائي 1/ 93).
810 -
(403) حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {من قال حين يسمع المؤذن أشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأن محمداً عبده ورسوله رضيت بالله رباً، وبمحمد رسولاً، وبالإسلام ديناً غُفر له ذنبه} رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
التخريج:
م: كتاب الصلاة: باب استحباب القول مثل ماقال المؤذن لمن سمعه (4/ 86).
د: كتاب الصلاة: باب مايقول إذا سمع المؤذن (1/ 142).
ت: أبواب الصلاة: ماجاء ما يقول الرجل إذا أذن المؤذن من الدعاء (1/ 411، 412) وقال: " حسن صحيح غريب لانعرفه إلا من حديث الليث بن سعد ".
س: كتاب الأذان: الدعاء عند الأذان (2/ 26).
جه: كتاب الأذان والسنة فيه: باب ما يقال إذا أذن المؤذن (1/ 239).
811 -
(404) حديث ابن عباس رضي الله عنهما:
في قصة ضِماد ـ مطولة ـ وفيها قوله صلى الله عليه وسلم: {إن الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، أما بعد
…
} رواه مسلم.
ورواه النسائي وابن ماجه ولم يذكرا قصة ضماد، وفي رواية النسائي: أن رجلاً كلَّم النبي
صلى الله عليه وسلم في شيء فقال صلى الله عليه وسلم
…
وذكر الحديث.
وعند ابن ماجه: {الحمد لله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا
…
}.
812 -
حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
في تعليمه صلى الله عليه وسلم أصحابه خطبة الصلاة وخطبة الحاجة، وهو مروي من طرق، وفي أحدها: قوله صلى الله عليه وسلم في خطبة الحاجة: {إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله} ثم ذكر الآيات الثلاث في خطبة الحاجة. رواه ابن ماجه
ورواه أبو داود والترمذي والنسائي بدون قوله: {لاشريك له} وزادت رواية عند أبي داود قوله صلى الله عليه وسلم: {أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فإنه لايضر إلا نفسه ولايضر الله شيئاً
…
}
ثم رواه أبو داود من مرسل ابن شهاب، وأحال متنه على متن حديث ابن مسعود بنحوه.
التخريج:
م: كتاب الجمعة (6/ 156 - 158).
جه: كتاب النكاح: باب خطبة النكاح (1/ 609، 610).
وانظر: د: كتاب الصلاة: باب الرجل يخطب على قوس (1/ 286)
كتاب النكاح: باب في خطبة النكاح (2/ 245).
ت: كتاب النكاح: باب ماجاء في خطبة النكاح (3/ 413، 414) وقال: حديث حسن، ثم ذكر أن الحديث روي من طريق أبي الأحوص، وأبي عبيدة كلاهما عن عبد الله، وقال: وكلا الحديثين صحيح.
س: كتاب الجمعة: باب كيفية الخطبة (3/ 104، 105)
كتاب النكاح: ما يستحب من الكلام عند النكاح (6/ 89، 90).
الفوائد:
(1)
عموم هذه الخطبة للنكاح وغيره، وينبغي الإتيان بها للاستعانة على قضاء الحوائج وإتمامها، ولم يخص النكاح وإنما هي خطبة لكل حاجة في مخاطبة العباد بعضهم بعضاً في التعليم والمواعظ والمجادلات فيستحب افتتاحها بها (مجموع الفتاوى 18/ 287).
(2)
استحباب قول: أما بعد في خطب الوعظ والجمعة والعيد وغيرها، وكذا في خطب الكتب المصنفة (شرح النووي 6/ 156).
(3)
اشتملت الخطبة في رواية ابن مسعود على الحمد والاستعانة والاستغفار، وهي جوامع الكلم النافع وهي: الحمد لله، واستغفر الله، ولاحول ولاقوة إلا بالله؛ لأن العبد بين أمرين: أمر يفعله الله به فهي نعم الله تنزل عليه فتحتاج إلى الشكر، وأمر يفعله هو إما خير وإما شر: فالخير يفتقر إلى معونة الله له فيحتاج إلى الاستعانه، والشر يفتقر إلى الاستغفار ليمحو أثره. واقتصرت رواية ابن عباس على الحمد والاستعانة وهذا موافق لفاتحة الكتاب حيث قسمت نصفين نصفاً للرب ونصفاً للعبد، فالأول مفتتح بالحمد لله، والثاني مفتتح بالاستعانة به (مجموع الفتاوى 18/ 285، 286).
(4)
الاستعاذة من سيئات الأعمال تشتمل على الاستعاذة من الضرر الفاعلي، والضرر الغائي؛ لأن سبب الضرر هو شر النفس وغايته عقوبة الذنب، فاستعاذ من المعاصي أن يعملها، ومن عقوبتها أن تصيبه، كما استعاذ من الشرور الواقعة وسببها الشر الذي هو الصفة القائمة بالنفس الموجبة للذنوب، وهي موجودة كوجود الشيطان (مجموع الفتاوى 18/ 289، 290).
وفي هذا الحديث رسالة صغيرة بعنوان: (خطبة الحاجة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمها أصحابه: للألباني).
813 -
حديث أنس رضي الله عنه:
قال أبو داود رحمه الله تعالى: حدثنا عمرو بن عثمان.
وقال الترمذي رحمه الله تعالى: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن (*) أخبرنا حيوة بن شُريح وهو ابن يزيد الحمصي.
كلاهما عن بقية عن مسلم ـ يعني ابن زياد ـ قال: سمعت أنس بن مالك يقول: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: {من قال حين يصبح: اللهم إني أصبحت أشهدك وأشهد حملة عرشك، وملائكتك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمداً عبدك ورسولك إلا غفر له ما أصاب في يومه ذلك من ذنب، وإن قالها حين يمسي غفر له ما أصاب تلك الليلة} . هذا لفظ أبي داود.
وعند الترمذي {أصبحنا نشهدك ونشهد
…
بأنك لا إله إلا أنت} ولم يذكر: {من ذنب} في الموضع الأول، ثم قال:{وإن قالها حين يمسي غفر الله له ما أصاب في تلك الليلة من ذنب} .
ورواه أبو داود من طريق آخر فقال: حدثنا أحمد بن صالح ثنا محمد بن أبي فديك قال أخبرني
عبد الرحمن بن عبد المجيد (**) عن هشام بن الغاز بن ربيعة عن مكحول الدمشقي عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {من قال حين يصبح، أو يمسي: اللهم إني أصبحت أشهدك، وأشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت وأن محمداً عبدك ورسولك أعتق الله ربعه من النار، فمن قالها مرتين أعتق الله نصفه، ومن قالها ثلاثاً أعتق الله ثلاثة أرباعه، فإن قالها أربعاً أعتقه الله من النار} .
التخريج:
د: كتاب الأدب: باب ما يقول إذا أصبح (4/ 319، 322).
ت: كتاب الدعوات: باب رقم (79)(5/ 527).
ورواه النسائي في (عمل اليوم والليلة/ 139) عن عمرو بن عثمان وكثير بن عبيد عن بقية به، وقال:
{اللهم إني أشهدك
…
}. ورواه قبلها في (138).
وعنه ابن السني في (عمل اليوم والليلة /66)
ورواه البخاري في (الأدب المفرد 2/ 610، 611)
والبغوي في (شرح السنة 5/ 110)
(*) وقع في المجردة (عبد الله بن عبد الله بن عبد الرحمن) وكذا في نسخة (العارضة 13/ 31) وهو على الصواب في نسخة (تحفة الأحوذي 9/ 472)، وفي (تحفة الأشراف 1/ 405، 406) وفيها عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي.
(**) قال المزي في (تحفة الأشراف 1/ 410): في سند أبي داود عن عبد الرحمن بن عبد المجيد السهمي ويقال: ابن عبد الحميد بن سالم بن رجاء المكفوف عن هشام، وهذه الرواية نقلها عن السنن: الضياء في (المختارة 7/ 226)، وقال المنذري في (مختصر د 7/ 331) وقد وقع في أصل سماعنا وفي غيره: عبد الرحمن بن عبد المجيد، والصحيح: عبد الحميد هكذا ذكره ابن يونس في تاريخ المصريين، وله العناية المعروفة بأهل بلده، وذكره غيره أيضاً كذلك.
والطبراني في (الأوسط 8/ 99، 100)
والضياء في (المختارة 7/ 210، 211) من طريق النسائي ومن طريق آخر.
وابن حجر في (نتائج الأفكار 2/ 357)
سبعتهم من طرق عن بقية به، ووقع في بعض الروايات قول بقية أخبرني مسلم بن زياد قال: سمعت أنس ابن مالك، وفي رواية عند الضياء، وعند ابن حجر بذكر التجزئة الواردة في الطريق الثاني عند أبي داود، ثم رواه ابن حجر في (نتائج الأفكار 2/ 358) من طريق الفريابي عن عمرو بن عثمان وعبد الرحيم بن حبيب عن بقية، ولم يذكر التجزئة.
ورواه ابن السني في (عمل اليوم والليلة/668) من طريق جعفر بن مسافر عن ابن أبي فديك عن
عبد الرحمن بن عبد الحميد عن هشام به.
ورواه الطبراني في (الدعاء 2/ 928، 930)
ومن طريقه المزي في (تهذيب الكمال 17/ 257)
كلاهمامن طريق أحمد بن صالح عن ابن أبي فديك عن عبد الرحمن بن عبد المجيد به.
ورواه محمد بن عثمان بن أبي شيبة في (العرش /63)
وابن السني في (عمل اليوم والليلة/668)
وعبد الغني المقدسي في (الترغيب في الدعاء 96)
والضياء في (المختارة 7/ 226)
والبيهقي في (الدعوات /37)
والطبراني في (الدعاء 2/ 928، 929)، وفي (مسند الشاميين 2/ 381، 382)
ومن طريقه ابن حجر في (نتائج الأفكار 2/ 356)
ورواه المزي في (تهذيب الكمال 17/ 255، 256)
ثمانيتهم من طرق عن محمد بن أبي فديك به، وفي أكثر الروايات قوله:{وحدك لاشريك لك}
وزاد ابن حجر عزوه إلى الخرائطي في (مكارم الأخلاق) ولم أجده في فهرس المطبوعة، وذكر أنه وقع في بعض النسخ: ابن عبد الحميد، وكذا هو في رواية الخرائطي والفريابي، قال: وجزم به صاحب الأطراف، ورجحه المنذري.
ورواه تمام في (الفوائد 1/ 330) من طريق هشام بن الغاز عن أبان بن أبي عياش عن أنس رضي الله عنه.
وللحديث شواهد:
الأول: حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه:
رواه ابن أبي شيبة في (العرش /64)
والحاكم في (المستدرك 1/ 523)
وعنه البيهقي في (الدعوات الكبير /144)
والطبراني في (الكبير 6/ 220، 221)، وفي (الدعاء 2/ 929، 930)
والبزار ذكره الهيثمي في (المجمع 10/ 86)
أربعتهم من طرق عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة عن سلمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من قال اللهم إني أشهدك وأشهد حملة العرش، والسماوات ومن فيهن، والأرض ومن فيهن، وأشهد جميع خلقك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت، وأكفّر من أبى ذلك من الأولين والآخرين، وأشهد أن محمداً عبدك ورسولك من قالها مرة أعتق الله ثلثه من النار، ومن قالها مرتين أعتق الله ثلثيه من النار، ومن قالها ثلاثاً أعتق من النار} واللفظ لابن أبي شيبة.
الثاني: حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:
رواه الطبراني في (الدعاء 2/ 929) من طريق عطية العوفي عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {ما من عبد يقول أربع مرات: اللهم إني أشهدك وكفى بك شهيداً، وأشهد حملة عرشك وملائكتك، وجميع خلقك أني أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لاشريك لك، وأن محمداً عبدك ورسولك إلا كتب الله تعالى له براءة من النار} .
الثالث: حديث عائشة رضي الله عنها:
رواه الطبراني في (الأوسط 10/ 165) من طريق ابن لهيعة عن أبي جميل الأنصاري عن القاسم بن محمد
عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أصبح يقول: {أصبحت يارب أشهدك وأشهد ملائكتك وأنبياءك ورسلك وجميع خلقك على شهادتي على نفسي أني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لاشريك لك، وأن محمداً عبدك ورسولك، وأؤمن بك وأتوكل عليك يقولها ثلاثاً} .
دراسة الإسناد:
الطريق الأول: رجال إسناده عند أبي داود:
(1)
عمرو بن عثمان: هوابن عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي، تقدم، وهو صدوق.
(راجع ص 1773)
(2)
بقية: تقدم، وهو صدوق كثير التسوية والتدليس عن الضعفاء. (راجع ص 773)
(3)
مسلم بن زياد الحمصي: مولى ميمونة، وقيل: مولى أم حبيبة، كان صاحب خيل عمر بن عبد العزيز. ذكر البخاري قول إسحاق لبقية: إن ابن المبارك روى عنك عن محمد بن زياد فجعل يعجب ويقول: إنما هو مسلم. قال ابن القطان: حاله مجهول. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: من زعم أنه محمد بن زياد فقد وهم.
وقال ابن حجر: مقبول، من الرابعة (بخ د ت سي).
ترجمته في:
التاريخ الكبير (7/ 261)، الجرح والتعديل (8/ 184)، الثقات لابن حبان (5/ 400)، تهذيب الكمال (27/ 514، 515)، الكاشف (2/ 258)، التهذيب (10/ 130)، التقريب (529) وفيه رمز (س) والصواب من نسخة أبي الاشبال (938).
الطريق الثاني: رجال إسناده عند الترمذي:
وهو متفق مع سابقه في بقية ومن فوقه وبقي من رجاله:
(1)
عبد الله بن عبد الرحمن: هو الدارمي، تقدم، وهو ثقة متقن. (راجع ص 657)
(2)
حيوة بن شريح بن يزيد الحمصي: تقدم، وهو ثقة ثبت. (راجع ص 719)
الطريق الثالث: رجال إسناده عند أبي داود:
(1)
أحمد بن صالح: تقدم، وهو ثقة حافظ. (راجع ص 598)
(2)
محمد بن أبي فديك: هو محمد بن إسماعيل بن مسلم، تقدم، وهو صدوق. (راجع ص 215)
(3)
عبد الرحمن بن عبد المجيد السهمي: قال الذهبي في المغني والميزان: لايعرف، كان في أيام مالك، تفرد عنه ابن أبي فديك.
وقال ابن حجر: مجهول، من السابعة (د).
لكنه ذكر في التهذيب أنه وقع في نسخة الخطيب، والتذكرة للفريابي: ابن عبد الحميد، وعند الطبراني في الدعاء: ابن عبد المجيد، ولم ير فيه جرحاً ولا تعديلاً إلا أن صنيع المزي في الأطراف يقتضي أن يكون هو ابن عبد الحميد قال: فإن كانا واحداً فقد عرف حاله. وابن عبد الحميد: قال أبو زرعة: شيخ. وقال أبو داود: ثقة. وقال أبو عمرو الكندي: كان من أفضل أهل مصر. وقال ابن يونس: كان قد عمي فكان يحدث حفظاً فأحاديثه مضطربة.
وقال ابن حجر في التقريب: ثقة، من التاسعة، مات سنة 292 هـ وله أربع وسبعون (د س). وقال في نتائج الأفكار: صدوق لكن تغير بأخرة.
ترجمته في:
تهذيب الكمال (17/ 255 - 257)، المغني (2/ 383)، الميزان (2/ 577)، الكاشف (1/ 635)، التهذيب (6/ 219 - 221)، التقريب (345)، نتائج الأفكار (2/ 356).
(4)
هشام بن الغاز بن ربيعة الجُرشي: ـ بضم الجيم وفتح الراء بعدها معجمة ـ الدمشقي، نزيل بغداد. قال ابن سعد، وابن معين، وصدقة بن خالد، وابن عمار، ودحيم: ثقة، وقال ابن معين في رواية: ليس به بأس، وقال دحيم: ما أحسن استقامته في الحديث، وكان الوليد بن مسلم يثني عليه. وقال أحمد: صالح الحديث. وقال ابن حبان: كان عابداً فاضلاً. وقال ابن خراش: كان من خيار الناس. وقال الذهبي في الكاشف: صدوق عابد، مات سنة 156 هـ، وفي الميزان: كان عابداً خيراً.
وقال ابن حجر: ثقة، من كبار السابعة، مات سنة بضع وخمسين ومائة (خت 4).
ترجمته في:
طبقات ابن سعد (7/ 468)، العلل لأحمد (1/ 305، 2/ 6، 507)، بحر الدم (440)، التاريخ لابن معين (4/ 464)، التاريخ الكبير (8/ 199)، الجرح والتعديل (9/ 67)، المعرفة (2/ 394)، تاريخ بغداد (14/ 42 - 44)، الثقات لابن شاهين (251)، الثقات لابن حبان (7/ 569، 570)، تهذيب الكمال
(30/ 258 - 261)، السّير (7/ 60)، الميزان (4/ 304)، الكاشف (2/ 338)، التهذيب (11/ 55، 56)، التقريب (573).
(5)
مكحول: هو الدمشقي، تقدم، وهو ثقة كثير الإرسال والتدليس فلا يقبل إلا ما صرح فيه بالسماع. (راجع ص 1242)
درجة الحديث:
الطريقان الأول، والثاني: فيهما مسلم بن زياد وهو مقبول أما بقية فقد صرح بالإخبار عن شيخه، وشيخه صرح بالسماع. فالحديث ضعيف؛ لضعف مسلم بن زياد.
وقول الهيثمي في (المجمع 10/ 119): فيه بقية وهو مدلس، يرده ما جاء في الروايات الأخرى.
وقد قال الترمذي: غريب، وهذا الثابت في النسخ المطبوعة، ونقله صاحب (تحفة الأشراف 1/ 406)، وكذا نقله ابن تيمية في (الكلم الطيب /40).
وقال المنذري في (الترغيب والترهيب 1/ 506)، وابن حجر في (الفتح 11/ 130): قال الترمذي: حسن.
والطريق الثالث: فيه عبد الرحمن بن عبد المجيد وهو مجهول على القول بأنه غير عبد الرحمن بن
عبد الحميد، وثقة على القول بأنه هو ومكحول مدلس وقد عنعن، فالحديث من هذا الطريق ضعيف.
وقد قال المنذري في (مختصر د 7/ 331): في إسناده عبد الرحمن وذكر قول ابن يونس فيه، أما إسناد تمام ففيه أبان بن عياش وهو متروك.
والحديث من الطريق الأول:
حسّنه ابن حجر في (نتائج الأفكار 2/ 355) حيث قال: حسن غريب، ثم قال في (2/ 358): بقية صدوق وأخرج له مسلم، وإنما عابوا عليه التدليس والتسوية وقد صرح بتحديث شيخه له، وسماع شيخه فانتفت الريبة، وشيخه روى عنه أيضاً إسماعيل بن عياش وغيره وتوقف فيه ابن القطان فقال: لاتعرف حاله، ورُدَّ بأنه وُصف بأنه كان على خيل عمر بن عبد العزيز فدل على أنه أمير، وذكره ابن حبان في الثقات، ثم ذكر الشواهد.
أما الطريق الثالث:
فقد جوده النووي في (الأذكار/110) قال: روينا في سنن أبي داود بإسناد جيد لم يضعفه، وتعقبه ابن حجر في (نتائج الأفكار 2/ 356، 357) وضعفه لجهالة ابن عبد المجيد، ولأنه خولف في اسم شيخ شيخه فهو عند تمام (أبان) بدل (مكحول) ثم قال: ففي وصف هذا الإسناد بأنه جيد نظر، ولعل أبا داود إنما سكت عنه لمجيئه من وجه آخر عن أنس، ومن أجله قلت: إنه حسن.
وقد ضعف الألباني الحديث في (ضعيف/الجامع 5/ 226، 227)، وفي (السلسلة الضعيفة 3/ 143 - 145) وأعله بالإضافة إلى حال بعض رواته بالاضطراب في المتن، وقد ضعفه في (ضعيف د/499، 501)، (ضعيف ت/454).
وحسنه الأرناؤوط في تعليقه على (الكلم الطيب/40) للشواهد.
أما الشواهد:
(1)
حديث سلمان رضي الله عنه:
صححه الحاكم في (المستدرك 1/ 523) ووافقه الذهبي.
وضعفه محقق كتاب (العرش /64، 65)، ومحقق (الدعاء للطبراني 2/ 930) لضعف حميد مولى ابن علقمة الراوي عن عطاء، وذكر أنه وقع خطأ في سند المستدرك حيث قال: حميد بن مهران عن عطاء وليس في تلاميذ عطاء حميد بن مهران، وإنما هو حميد مولى ابن علقمة.
قال البخاري في (التاريخ الصغير /179): روى عنه زيد بن حباب ثلاثة أحاديث زعم أنه سمع عطاء عن أبي هريرة عن سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثين آخرين لايتابع عليهما. قال المزي في (تهذيب الكمال 7/ 415): يعني حديث سلمان في الدعاء، وذكر الحديث، وقال ابن حجر في (التقريب /183): مجهول. فالحديث ضعيف.
وقال الهيثمي في (المجمع 10/ 86): فيه حميد وهو ضعيف.
وصحح الألباني إسناده في (الصحيحة 1/ 476).
(2)
حديث أبي سعيد رضي الله عنه:
قال ابن حجر في (نتائج الأفكار 2/ 359): سنده ضعيف.
وقال محقق (الدعاء للطبراني 2/ 929): إسناده ضعيف لأن شيخ شيخ الطبراني لم يقف على ترجمته، وابن عطية ضعيف، وعطية صدوق سيء الحفظ كثير التدليس، فهو ضعيف جداً.
(3)
حديث عائشة رضي الله عنها:
قال الهيثمي في (المجمع 10/ 119): فيه ابو جميل الأنصاري لم أعرفه.
وأضاف محقق (مجمع البحرين 7/ 345) سبباً آخر هو اختلاط ابن لهيعة.
وقد ذكر الهلالي في (صحيح الأذكار وضعيفه 1/ 230) حديث أبي سعيد، وحديث سلمان ـ ووهم فقال حديث أبي هريرة وليس كذلك ـ ثم قال: إنها لا تصلح شواهد لحديث أنس لأمرين: الأول ضعف أسانيدها ضعفاً شديداً، والثاني: الاختلاف في لفظ الحديث وهو اضطراب يدل على أن الحديث غير محفوظ والله أعلم.
وقد درس محمد الأندونيسي في (المتروكون والمجهولون ومروياتهم في سنن أبي داود السجستاني /263 - 266) الحديث وذكر رواية البخاري في الأدب، ورواية الترمذي ثم قال: وبهذا أصبح الحديث حسناً لغيره، وقد حسنه الحافظ.
وعليه فالحديث بمجموع الطرق والشواهد: حسن لغيره.
814 -
حديث عبد الله بن غنام رضي الله عنه:
قال أبو داود رحمه الله تعالى: حدثنا أحمد بن صالح ثنا يحيى بن حسان وإسماعيل قالا: ثنا سليمان ابن بلال عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عبد الله بن عنبسة عن عبد الله بن غنام البياضي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {من قال حين يصبح: اللهم ماأصبح بي من نعمة فمنك وحدك لاشريك لك فلك الحمد ولك الشكر، فقد أدى شكر يومه، ومن قال مثل ذلك حين يمسي فقد أدى شكر ليلته} .
التخريج:
د: كتاب الأدب: ما يقول إذا أصبح (4/ 320).
وأخرجه ابن الأثير في (أسد الغابة 3/ 241) من طريق أبي داود.
وابن أبي عاصم في (الآحاد والمثاني 4/ 183)
والبغوي في (شرح السنة 5/ 115، 116)
واليبهقي في (الدعوات الكبير 1/ 27، 28)
ثلاثتهم من طريق إسماعيل بن ابي أويس.
ورواه النسائي في (عمل اليوم والليلة/137)
وابن السني في (عمل اليوم والليلة/42)
وابن حبان في (صحيحه 3/ 142، 143)
وابن أبي عاصم في (الآحاد والمثاني 4/ 184)
والطبراني في (الدعاء 2/ 933، 934)
ومن طريقه المزي في (تهذيب الكمال 15/ 390، 391)
ورواه البيهقي في (الشعب 4/ 89)
وابن حجر في (نتائج الأفكار 2/ 359، 360)
سبعتهم من طرق عن سليمان بن بلال به، وعند ابن حبان، وأحد الطريقين عند الطبراني في الدعاء، وبعض نسخ ابن السني من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
وذكره البخاري في (التاريخ الكبير 5/ 161) قال: عن ابن غنام عن النبي صلى الله عليه وسلم قاله: إسماعيل عن أخيه عن سليمان بن بلال عن ربيعة.
وزاد السيوطي في (الدر المنثور 1/ 154) عزوه إلى ابن أبي الدنيا في الشكر ـ ولم أجده في المطبوعة ـ وإلى الفريابي في الذكر، والمعمري في عمل اليوم والليلة، والمستغفري في الدعوات.
دراسة الإسناد:
(1)
أحمد بن صالح: تقدم، وهو ثقة حافظ. (راجع ص 598)
(2)
يحيى بن حسان: التِنِّيْسي ـ بكسر المثناة والنون الثقيلة وسكون التحتانية ثم مهملة ـ أصله من البصرة، وقيل: من دمشق. قال مروان بن محمد لابن أبي الحواري: لو رأيتني والوليد بن مسلم نطلب الحديث قبل أن يقدم يحيى لرحمتنا ـ يعني لم نكن نحسن نطلب ـ حتى قدم يحيى بن حسان. قال أحمد: ثقة ثقة رجل صالح. وقال الشافعي، ومطين، والنسائي، والبزار، والعجلي: ثقة، وزاد البزار: صاحب حديث، وزاد العجلي: عالم بالحديث مأمون. وقال أبو حاتم: صالح الحديث. وقال أبو سعيد بن يونس:
كان ثقة حسن الحديث صنف كتباً وحدث بها. وقال الذهبي في السّير: لو كان لحقه لقال: ثقة حجة، وقال في الكاشف: ثقة إمام رئيس.
وقال ابن حجر: ثقة، من التاسعة، مات سنة 208 هـ وله أربع وستون سنة (خ م د ت س).
ترجمته في:
العلل لأحمد (3/ 253)، بحر الدم (458)، التاريخ الكبير (8/ 269)، الجرح والتعديل (9/ 135)، الثقات للعجلي (2/ 350)، الثقات لابن حبان (9/ 252)، التعديل والتجريح (3/ 1206)، تهذيب الكمال (31/ 266 - 269)، السّير (10/ 127 - 130)، الكاشف (2/ 363)، التهذيب (11/ 197)، التقريب (589).
(3)
إسماعيل: هو إسماعيل بن عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي،
أبو عبد الله بن أبي أويس المدني، ابن أخت مالك.
مختلف فيه: قال أحمد: لابأس به، وفي رواية: ثقة وقد قام في أمر المحنة مقاماً محموداً منه. وقال أبو حاتم: محله الصدق وكان مغفلا، ونقل الخليلي قوله: كان ثبتاً في حاله، ونقل عنه قوله: كان من الثقات. واختلف فيه قول ابن معين: فقال في رواية: ثقة، قال: لابأس به، وفي رواية: صدوق ضعيف العقل ليس بذاك يعني لايحسن الحديث ولايعرف أن يؤديه أو يقرأ من غير كتابه، وفي رواية: أبو أويس وابنه ضعيفان، وقال: يسرقان الحديث، وقال في رواية: مخلط يكذب، ليس بشيء، وقال: لايساوي فَلْسين. وقال النضر بن سلمة المروزي: كذاب كان يحدث عن مالك بمسائل عبد الله بن وهب. وقال النسائي: ضعيف، وقال: ليس بثقة، وورد أن النسائي نقل قوله: ربما كنت أضع الحديث لأهل المدينة إذا اختلفوا في شيء فيما بينهم. قال ابن حجر: لعل هذا كان منه في شبيبته ثم انصلح، أما الشيخان فلا يظن أنهما أخرجا عنه إلا الصحيح من حديثه الذي شارك فيه الثقات. وقال الدارقطني: لا أختاره في الصحيح. وقال ابن عدي:
روى عن خاله مالك أحاديث غرائب لا يتابعه عليها أحد، أثنى عليه ابن معين، وأحمد، والبخاري يحدث
عنه الكثير وهو خير من أبيه.
وقال الذهبي في الميزان: محدث مكثر فيه لين.
وقال برهان الدين الحلبي: مختلف في توثيقه وتجريحه، لم يذكر الذهبي أنه رُمي بالوضع، وقد قال ابن الملقن في أول شرح البخاري: إنه أقر على نفسه بالوضع كما حكاه النسائي عنه.
وقال ابن حجر في الهدي: احتج به الشيخان إلا أنهما لم يكثرا من تخريج حديثه، ولا أخرج له البخاري مماتفرد به سوى حديثين، أما مسلم فأخرج له أقل مما أخرج له البخاري، وأطلق النسائي القول بضعفه، وروى عن سلمة بن شبيب ما يوجب طرح روايته، وروينا في مناقب البخاري بسند صحيح أن إسماعيل أخرج له أصوله، وأذن له أن ينتقي منها، وأن يعلم له على ما يحدث به ليحدث به ويعرض عما سواه، وهو مشعر بأنه ما أخرج له البخاري عنه هو من صحيح حديثه لأنه كتب من أصوله، وعلى هذا لايحتج بشيء من حديثه غير ما في الصحيح من أجل ما قدح فيه النسائي وغيره إلا إن شاركه غيره فيعتبر به.
وقال في التقريب صدوق أخطأ في أحاديث من حفظه، من العاشرة، مات سنة 226 هـ (خ م د ت جه).
ترجمته في:
بحر الدم (71)، تاريخ الدارمي (239)، سؤالات ابن الجنيد (312)، الجرح والتعديل (2/ 181)، المعرفة (2/ 177، 178)، الضعفاء للعقيلي (1/ 87)، الكامل (1/ 317، 318)، تهذيب الكمال
(3/ 124 - 129)، الميزان (1/ 222، 223)، الكاشف (1/ 247)، الكشف الحثيث (97، 98)، التهذيب (1/ 310 - 312)، الهدي (391)، التقريب (106، 108).
(4)
سليمان بن بلال التيمي: ـ مولاهم ـ أبو محمد، أو أبو أيوب المدني. أثنى عليه مالك. وقال الذهلي: ما ظننت أن عنده من الحديث ما عنده حتى نظرت في كتاب ابن أبي أويس فإذا هو قد تبحر في حديث المدنيين، وقال: قام بحديث ابن أبي عتيق ومدار حديثه عليه. قال ابن سعد، وأحمد، وابن معين، ويعقوب ابن شيبة، والنسائي، وابن عدي، والخليلي: ثقة، وزاد ابن سعد: عاقلاً، وزاد ابن معين: صالح، أحب إلىَّ من الدراوردي. وقال أحمد في رواية: صالح الحديث، وقال: لابأس به. وزاد الخليلي: إذا روى عنه الثقات فكل حديثه محتج به. وقال أبو حاتم: متقارب. وقال أبو زرعة: أحب من إلىَّ هشام بن سعد، وقال عثمان ابن أبي شيبة: لابأس به، لكن ليس ممن يعتمد على حديثه. وقال ابن معين: كان يضع سليمان عند أهل المدينة؛ لأنه كان على السوق، وكان أروى الناس عن يحيى بن سعيد. وقال ابن مهدي:
منعني أن أكثر عنه ـ يعني سليمان ـ أني كنت قد كتبت عن عبد الله بن جعفر المخرمي، ولقد ندمت بعد أن لا أكون أكثرت عنه. قال الذهبي في الكاشف: ثقة إمام، وفي التذكرة: حافظ مفتٍ.
وقال ابن حجر في الهدي: أحد الثقات المشاهير، وقول عثمان بن أبي شيبة تليين غير مقبول فقد اعتمده الجماعة.
وقال في التقريب: ثقة، من الثامنة، مات سنة 177 هـ (ع).
ترجمته في:
طبقات ابن سعد (5/ 420)، العلل للإمام أحمد برواية المروذي (205)، بحر الدم (185، 186)، تاريخ الدارمي (125)، سؤالات ابن الجنيد (356)، التاريخ لابن معين (3/ 165)، التاريخ الكبير (4/ 4)، الجرح والتعديل (4/ 103)، الأسامي والكنى (1/ 296، 297)، الثقات لابن شاهين (100)، الثقات لابن حبان (6/ 388)، الإرشاد (1/ 296، 297)، تهذيب الكمال (11/ 372 - 376)، السّير (7/ 425 - 427)، التذكرة (1/ 234)، الكاشف (1/ 457)، التهذيب (4/ 175، 176)، الهدي (407)، التقريب (250).
(5)
ربيعة بن أبي عبد الرحمن التيمي: ـ مولاهم ـ أبو عثمان المدني المعروف بربيعة الرأي، وأبوه فَرّوخ. قال ابن حبان: كان من فقهاء المدينة، وعنه أخذ مالك الفقه، وقال مالك: أدركت أهل العلم ببلدنا وذكر ربيعة، وقال: ذهبت حلاوة الفقه مذ مات ربيعة. وقال يحيى بن سعيد: ما رأيت أحداً أفطن منه، وقال: ما رأيت أحداً أسد عقلاً منه. قال ابن سعد: كان ثقة وكأنهم يتقونه للرأي، وكان يقول: رأيت الرأي أهون علىّ من بعض الحديث. قال ابن عيينة: ثلاثة يعجبون برأيهم بالبصرة، وذكره، وقال: كنا إذا رأينا طالباً للحديث يغشى ثلاثة ضحكنا منه ـ وذكره ـ لأنهم كانوا لايتقنون الحديث. قال أحمد، وأبو حاتم، والنسائي، والعجلي، ويعقوب: ثقة، وزاد يعقوب: ثبت أحد مفتي المدينة. وقال عبد العزيز بن ابي سلمة: ما رأيت أحداً أحوط لسنة منه. وقال أبو بكر الحميدي: كان حافظاً. وقال ابن خراش: رجل جليل من جلتهم. وقال الخطيب: كان فقيهاً عالماً حافظاً للفقه والحديث. وذكر ابن الصلاح أنه قيل تغير في آخر عمره، وتُرك الاعتماد عليه لذلك، وذكر الأبناسي أنه لم يتكلم فيه أحد إلا لأجل رأيه لا من جهة الاختلاط.
وقال ابن حجر: ثقة فقيه مشهور، من الخامسة، مات سنة 136 هـ على الصحيح، وقيل 133 هـ وقال الباجي 142 هـ (ع).
ترجمته في:
طبقات ابن سعد (9/ 320 - 324)، العلل لأحمد (3/ 137)، العلل للإمام أحمد برواية المروذي (248)، سؤالات أبي داود لأحمد (215، 223)، بحر الدم (150)، التاريخ الكبير (3/ 286، 287)، الجرح والتعديل (3/ 475)، الثقات لابن حبان (4/ 231، 232)، الثقات للعجلي (1/ 358)، تاريخ بغداد (8/ 420 - 427)، الكواكب النيّرات (163 - 176)، تهذيب الكمال (9/ 123 - 130)، الميزان (2/ 44)، السّير (6/ 89 - 96)، التذكرة (1/ 157، 158)، المغني (1/ 230)، الكاشف (1/ 393) التهذيب (3/ 258، 259)، التقريب (207).
(6)
عبد الله بن عنبسة: وقيل ابن عُنَيسة ـ بضم العين وفتح النون وسكون الياء ـ سئل عنه ابن معين فقال: لاأدري. وقال أبو زرعة: مدني لا أعرفه إلا في هذا الحديث ـ يعني حديث {من قال إذا أصبح
…
}. ذكره ابن حبان في الثقات وقال: يروي عن ابن عباس، وقال ابن أبي حاتم: روى عن ابن غنام ويقال عن ابن عباس، وقال المزي: عن ابن غنام هو الصحيح. وذكر ابن حجر أنه وقع عند النسائي على الوجهين، ورجح الطبراني وغيره ابن غنام، وعند ابن حبان: ابن عباس وجزم أبو نعيم في معرفة الصحابة بأن من قال ابن عباس فقد صحف، وكذا قال ابن عساكر: إنه خطأ.
قال الذهبي في الميزان: روى عنه ربيعة، وقيل: إن محمد بن سعيد الطائفي روى عن هذا ولايكاد يعرف.
وقال ابن حجر: مقبول، من الثالثة (د سي).
ترجمته في:
التاريخ لابن معين (3/ 183)، التاريخ الكبير (5/ 161)، الجرح والتعديل (5/ 132)، الثقات لابن حبان (5/ 53)، تهذيب الكمال (15/ 390، 391)، الميزان (2/ 469)، الكاشف (1/ 581، 582، 584)، التهذيب (5/ 345)، التقريب (316) وفيه رمز (س) والصواب من نسخة أبي الاشبال (533).
درجة الحديث:
الإسناد رجاله ثقات سوى إسماعيل وهو: صدوق أخطأ في أحاديث لكنه توبع، وفيه عبد الله بن عنبسة وهو مقبول ولم يتابع فهو لين الحديث. كما أنه اختلف في سنده: فرواه يحيى بن حسان وإسماعيل والقعنبي عن سليمان عن ربيعة عن ابن عنبسة عن ابن غنام، ورواه ابن أبي مريم واختلف عليه ففي رواية الطبراني صحابيه ابن عباس، وفي رواية ابن أبي عاصم صحابيه ابن غنام. كما اختلف على ابن وهب فرواية ابن حبان وابن السني في بعض النسخ صحابيه ابن عباس، وفي رواية النسائي ابن غنام.
وقد خطّأ المزي في (تحفة الأشراف 6/ 403، 404) رواية يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب حيث قال: ابن عباس. ورواه غيره عن ابن وهب وفيه ابن غنام وتعقبه ابن حجر في (النكت الظراف) بأنه اختلف على ابن وهب كما اختلف على سليمان، وذكر أن أحمد بن صالح رواه عن ابن وهب، كما رواه عن غيره فيحتمل أنه كان عنده عن غير واحد.
لكن ابن حجر قال في (الإصابة 4/ 207) في ترجمة عبد الله بن غنام: قد صحفه بعضهم فقال:
ابن عباس.
وذكر ابن الأثير في (أسد الغابة 3/ 241، 242) قول أبي نعيم: صحف فيه بعض الرواة من رواية
ابن وهب فقال عن عبد الله بن عباس، وقيل: هو عبد الرحمن بن غنام، وقيل: ابن غنام من غير أن يذكر اسمه.
وبهذا يتبين أن الاختلاف لايضر حيث ترجح أنه عن ابن غنام فليس من المضطرب، لكن يبقى ضعف ابن عنبسة.
ذكر ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 9/ 325) الاختلاف فيه وسؤاله أباه أيهما أصح؟ قال: لاهذا ولاهذا، هؤلاء مجهولون.
وقد سكت عنه المنذري في (مختصر د 7/ 334).
وقال النووي في (الأذكار /110): روينا في سنن أبي داود بإسناد جيد لم يضعفه وذكر الحديث.
وحسنه ابن حجر في (نتائج الأفكار 2/ 360).
وقد ضعفه من المعاصرين:
الألباني في (ضعيف د/500)، وفي (ضعيف الجامع 5/ 226) وفي تعليقه على (المشكاة 1/ 739).
والأرناؤوط في تعليقه على (جامع الأصول 4/ 245، 252)، وعلى (شرح السنة 5/ 116).
والهلالي في (صحيح الأذكار وضعيفه 1/ 230، 231).
815 -
حديث أبي أسامة بن عمير بن عامر بن عمير بن عبد الله الهُذلي ـ والد أبي المليح ـ:
قال أبو داود رحمه الله تعالى: حدثنا أبو الوليد الطيالسي ثنا همام ح وثنا محمد بن كثير ـ المعنى ـ أخبرنا همام عن قتادة عن أبي المليح، قال أبو الوليد عن أبيه: أن رجلاً أعتق شِقصاً له من غلام فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: {ليس لله شريك} زاد ابن كثير في حديثه: " فأجاز النبي صلى الله عليه وسلم عتقه ".
التخريج:
د: كتاب العتق: باب فيمن أعتق نصيباً له من مملوك (4/ 22).
الرواية المتصلة:
أخرجها البيهقي في (الكبرى 10/ 273) من طريق أبي داود.
والنسائي في (الكبرى 3/ 186)
والطحاوي في (شرح معاني الآثار 3/ 107)، وفي (شرح مشكل الآثار 13/ 433، 435)
والطبراني في (الكبير 1/ 191)
ثلاثتهم من طريق أبي الوليد الطيالسي.
وأخرجها أحمد في (المسند 5/ 74)، والنسائي، والطحاوي في الموضعين المذكورين من طريق همام به.
ورواها أحمد في (المسند 5/ 74، 75) عن عبد الله بن بكر السهمي عن سعيد عن قتادة به.
وفي إحدى روايتي أحمد قوله: فجعل خلاصه عليه في ماله، وقال:{ليس لله تبارك وتعالى شريك} وفي الثانية {هو حر كله ليس لله تبارك وتعالى شريك} .
الرواية المرسلة:
أخرجها أحمد في (المسند 5/ 75)
والنسائي في (الكبرى 3/ 186، 187)
ومن طريقه الطحاوي في (شرح مشكل الآثار 13/ 425)
ثلاثتهم من طريق هشام عن قتادة عن أبي المليح به.
ورواه النسائي في (الكبرى 3/ 186)
ومن طريقه الطحاوي في (شرح مشكل الآثار 13/ 424، 425)
ورواها البيهقي في (الكبرى 10/ 273)
ثلاثتهم من طريق سعيد عن قتادة عن أبي المليح به.
ورواه أحمد في (المسند 5/ 74) عن أبي سعيد عن همام عن قتادة عن الحسن عن سمرة به.
ورواه البيهقي في (الكبرى 10/ 276) من طريق معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة أن رسول في الله صلى الله عليه وسلم قال: {من أعتق سهماً في مملوك فعتقه عليه في ماله إن كان له مال ليس لله شريك} .
وأصل الحديث في الصحيحين بدون الشاهد رواه:
(خ: كتاب العتق: باب إذا أعتق نصيباً في عبد وليس له مال استُسعى العبد غير مشقوق عليه / الفتح 5/ 156).
(م: كتاب العتق 10/ 136، 137) من طرق عن قتادة عن النضر به بلفظ: {من أعتق نصيباً، أو شقيصاً في مملوك فخلاصه عليه في ماله إن كان له مال وإلا قُوّم عليه فاستُسعي به غير مشقوق عليه} .
دراسة الإسناد:
(1)
أبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك، تقدم، وهو ثقة ثبت. (راجع ص 967)
(2)
محمد بن كثير: هو العبدي، تقدم، وهو ثقة. (راجع ص 258)
(3)
همام: هو ابن يحيى العوذي، تقدم، وهو ثقة ربما وهم. (راجع ص 259)
(4)
قتادة: هو ابن دعامة السدوسي، تقدم، وهو ثقة ثبت يدلس، من الثالثة. (راجع ص 261)
(5)
أبو المليح: تقدم، وهو ثقة. (راجع ص 306)
درجة الحديث:
رجاله كلهم ثقات، وعنعنة قتادة محتملة؛ لأن شعبة روى هذا الحديث عن قتادة عن أنس بلفظ مختلف فتبين أنه سمعه منه.
وقد اختلف على قتادة بالوصل والإرسال وذهب أحمد إلى ترجيح الإرسال. فقد روى الخطيب في (تاريخ بغداد 9/ 432) قول الأثرم لأحمد: "أجد في حديث سعيد عن قتادة عن أبي المليح عن أبيه .. قال فيه أحد عن أبيه؟ قال: قاله: السهمي وما أراه محفوظاً روى عدة منهم إسماعيل وغيره ليس فيه عن أبيه، وأظن هذا من خطأ سعيد وتصحف خطأ في التاريخ إلى حفظ" والتصويب من (تهذيب الكمال 14/ 343).
كما رجح النسائي الإرسال فقال: أرسله سعيد بن أبي عروبة وهشام بن عبد الله وهما أثبت من همام في قتادة وحديثهما أولى بالصواب. نقله المنذري في (مختصر د 5/ 395)، والمزي في (تحفة الأشراف 1/ 65).
وسبق أن سعيداً اختلف عليه فروى عنه مرسلاً، ومتصلاً، وقد اختار الطحاوي ترجيح الوصل فقال في (شرح مشكل الآثار 13/ 425): قد زاد همام عن قتادة فيه ما زاد، وهمام ممن لو روى حديثاً منفرداً بروايته إياه كان مأموناً عليه مقبولة روايته فيه ومن كان كذلك في تفرده برواية حديث كان كذلك في تفرده برواية زيادة في حديث. ويؤيد هذا القول قول ابن حجر في (الفتح 5/ 159): أخرجه أبو داود والنسائي بإسناد قوي، وأخرجه أحمد بإسناد حسن من حديث سمرة رضي الله عنه.
وصححه الألباني في (صحيح الجامع 2/ 954)، وفي (صحيح د/2/ 746)، وفي تعليقه على (المشكاة 2/ 246)، وفي (الإرواء 5/ 358، 359) وقال: صحيح على شرط الشيخين.
ويتأيد حديث أبي أسامة بحديث سمرة كما يتأكد ثبوته بحديث أبي هريرة في الصحيحين وإن لم يشتمل على الشاهد، ويحمل ذلك الحكم على ما إذا كان المعتق غنياً، أو على ما إذا كان جميعه له فأعتق بعضه ويحمل ما عارضه ـ ظاهراً ـ على المعسر (الفتح 5/ 159). وعليه فالمعتق الموسر يلزمه عتق جميع العبد لابعضه، والمعتق المعسر لايلزم بذلك بل يسعى العبد للشريك الذي لم يعتق (شرح معاني الآثار 3/ 107، 108).
شرح غريبه:
شقصاً: الشقص والشقيص: النصيب في العين المشتركة من كل شيء (النهاية/شقص/2/ 490).
الفوائد:
(1)
فيه مراعاة حق الله تعالى في حرية المملوك فيلزم من أعتق بعضه أن يعتق باقيه (شرح النووي 10/ 137) حيث دل على أن العتاق إذا وجب به بعض العبد لله انتفى أن يكون لغيره على بقيته ملك (شرح معاني الآثار 3/ 107).
816 -
حديث ابن عباس رضي الله عنهما:
قال ابن ماجه رحمه الله تعالى: حدثنا نصر بن علي الجهضمي ثنا حفص بن عمر ثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من جحد آية من القرآن فقد حَلَّ ضرب عنقه، ومن قال لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأن محمداً عبده ورسوله فلا سبيل لأحد عليه إلا أن يصيب حداً فيقام عليه} .
التخريج:
جه: كتاب الحدود: باب إقامة الحدود (2/ 849).
ورواه ابن عدي في (الكامل 2/ 793) من طريق حفص بن عمر به، واقتصر على الشطر الأول.
وقال الذهبي في (الميزان 1/ 560، 561) اخرج له ابن ماجه من قول ابن عباس، ورفعه مرة.
وزاد الألباني في (الضعيفة 3/ 610، 611) عزوه إلى الهروي في ذم الكلام.
دراسة الإسناد:
(1)
نصر بن علي الجهضمي: تقدم، وهو ثقة ثبت. (راجع ص 230)
(2)
حفص بن عمر بن ميمون: العدني الصنعاني، أبو إسماعيل لقبه الفَرْخ ـ بالفاء وسكون الراء والخاء المعجمة ـ مولى عمرو، ويقال: مولى علي. نقل ابن أبي حاتم قول أبي عبد الله محمد بن حماد الطهراني: ثقة. وقال مالك: ليس بشيء. وقال أحمد: لم أكتب عنه كان يتتبع السلطان، وقال: كان مع حماد ـ يعني البربري ـ في تلك البلايا. وقال ابن معين: كان رجل سوء. وقال أبو حاتم: لين الحديث، وقال أبو زرعة: واهٍ. وقال أبو داود: ليس بشيء، وقال: منكر الحديث. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال الدارقطني: ضعيف، وقال: متروك. وقال العجلي: يكتب حديث وهو ضعيف الحديث. وقال العقيلي: لايقيم الحديث. وقال ابن حبان: يروي عن مالك وأهل المدينة كان ممن يقلب الأسانيد، لايجوز الاحتجاج به إذا انفرد. وقال ابن عدي: عامة حديثه غير محفوظ وأخاف أن يكون ضعيفاً وقال الذهبي: ضعفوه.
وقال ابن حجر: ضعيف، من التاسعة (جه).
ترجمته في:
العلل للإمام أحمد برواية المروذي (44)، التاريخ الكبير (2/ 365)، الجرح والتعديل (3/ 182)، السؤالات والضعفاء لأبي زرعة (2/ 420)، الألقاب للفرضي (160)، كشف النقاب (2/ 351)، الضعفاء لابن الجوزي (1/ 224، 225)، المجروحين (1/ 257)، الكامل (2/ 792 - 794)، الضعفاء للعقيلي (1/ 273، 274)، تهذيب الكمال (7/ 42 - 45)، الميزان (1/ 560، 561)، المغني (1/ 180)، الكاشف (1/ 342)، نزهة الألباب (2/ 68)، التهذيب (2/ 410)، التقريب (173)، فتح الوهاب (101).
(3)
الحكم بن أبان: تقدم، وهو صدوق له أوهام. (راجع ص 1627)
(4)
عكرمة: تقدم، وهو ثقة ثبت. (راجع ص 725)
درجة الحديث:
الإسناد فيه حفص بن عمر وهو ضعيف، وقد انفرد به، والحكم صدوق له أوهام
فالحديث ضعيف.
قال ابن عدي في (الكامل 2/ 794): بعد روايته أحاديث من طريق حفص هذه الأحاديث عن الحكم يرويها عنه حفص، والحكم وإن كان فيه لين فإن حفصاً ألين منه بكثير والبلاء من حفص لا من الحكم ".
وقال البوصيري في (الزوائد /346): هذا إسناد ضعيف فيه حفص ضعفه ابن معين وأبو حاتم، والنسائي وابن عدي والدارقطني، ووثقه ابن أبي حاتم، وزاد في (مصباح الزجاجة 3/ 103) ووثقه ابن حبان.
وهذا غير مسلّم للبوصيري من وجهين:
(1)
أن ابن أبي حاتم لم يوثق حفصاً بل نقل توثيق الطهراني إياه.