الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث
أحاديث الصفات الخبرية المبدوءة بحرف السين
{الساق}
المعنى في اللغة:
الساق للإنسان: ما بين الركبة والقدم سميت بذلك؛ لأن الماشي ينساق عليها، وتطلق الساق على الأمر الشديد وكشفه مثل في شدة الأمر، والاهتمام به؛ لأن الإنسان إذا دهمته شدة شمر لها عن ساقيه (1).
المعنى في الشرع:
ثبت ذكر الساق لله تعالى وغير ممتنع إضافة الساق إلى الله وإثباتها صفة لذاته، كما لم يمتنع إضافة اليد والوجه إليه سبحانه (2).
وقد ثبتت هذه الصفة صراحة في السنة في حديث صحيح، وحمل عليه قوله تعالى:
{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42](3).
قال الشوكاني: " وقد أغنانا الله سبحانه في تفسير هذه الآية بما صح عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم وذلك لا يستلزم تجسيماً ولاتشبيهاً فليس كمثله شيء " (4).
وروده في القرآن:
سبق قوله تعالى {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42].
وقد اختلف في المراد بالساق في هذه الآية.
674 -
(330) ثبت فيها حديث أبي سعيد رضي الله عنه:
سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: {يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رئاء وسمعة فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقا واحداً} وجاء في أثناء حديث أبي سعيد الطويل في الرؤية قوله صلى الله عليه وسلم: {فيأتيهم الجبار فيقول: أنا ربكم. فيقولون: أنت ربنا. فلا يكلمه إلا الأنبياء فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفونه؟ فيقولون: الساق. فيكشف عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن ويبقى من كان يسجد لله رياء وسمعة، فيذهب كيما يسجد فيعود ظهره طبقا واحداً}
(1) معجم مقاييس اللغة (سوق)(3/ 117)، اللسان (سوق)(4/ 2153 - 2156)، النهاية (سوق)(2/ 422).
(2)
انظر: إبطال التأويلات (1/ 159 - 163).
(3)
انظر: مختصر الصواعق (1/ 25).
(4)
فتح القدير (5/ 278) وقد وقع اختلاف في تفسير هذه الآية، انظر: جامع البيان (29/ 24 - 27)، تفسير ابن كثير (8/ 224، 225)، واختار ابن تيمية أنها ليست من آيات الصفات (مجموع الفتاوى 6/ 394، 395).
وفي هذه الصفة رسالتان هما:
1) المنهل الرقراق في تخريج ما روى عن الصحابة والتابعين في تفسير يوم يكشف عن ساق، سليم الهلالي.
2) صفة الساق لله تعالى بين إثبات السلف وتعطيل الخلف، محمد موسى نصر.
الحديث رواه البخاري وعند مسلم بلفظ: {
…
فيقول: هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها؟ فيقولون: نعم، فيكشف عن ساق فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن له بالسجود، ولايبقى من كان يسجد اتقاء ورياء إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة كلما أراد أن يسجد خر على قفاه}.
التخريج:
خ: كتاب التفسير: سورة ن والقلم: باب {يوم يكشف عن ساق} (6/ 198)(الفتح 8/ 664)
كتاب التوحيد: باب قول الله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} (9/ 158، 159)(الفتح 13/ 420).
م: كتاب الإيمان: باب إثبات رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة (3/ 27، 28).
شرح غريبه:
فيعود ظهره طبقاً واحداً: أي يجسو ويصلب ظهره فلا ينثني للسجود (أعلام الحديث للخطابي 3/ 1934). الطبق فقار الظهر واحدتها طبقة يريد أنه صار فقارهم كله كالفقارة الواحدة، فلا يقدرون على السجود (النهاية/طبق/3/ 114)
الفوائد:
(1)
إثبات الساق صفة لله تعالى، وإضافة الساق له سبحانه غير ممتنعة وإثبات ذلك صفة لذاته كما لم يمتنع إضافة اليد والوجه، وما جاء عن ابن عباس وغيره قد يكون تفسيراً على مقتضى اللغة، وأن الساق في اللغة الشدة دون قصد تفسيره في صفات الله تعالى في موجب الشرع (إبطال التأويلات 1/ 159، 160). وحمل الآية على الشدة لايصح بوجه فإن لغة القوم أن يقال: كشفت الشدة عن القوم لا كشفتُ عنها كقوله تعالى: {فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثون} [الزخرف: 50] فالعذاب مكشوف لا مكشوف عنه وأيضاُ فهناك تحدث شدة لاتزول إلا بدخول الجنة وهنا لا يدعون إلى السجود وإنما يدعون إليه أشد ما كانت الشدة (مختصر الصواعق 1/ 25).
(2)
ذكر ابن تيمية أن ما جاء عن ابن عباس في قوله تعالى: {يوم يكشف عن ساق} إن الله يكشف عن الشدة في الآخرة ليس بتأويل ذلك أن الآية ظاهرها لايدل على أنها من الصفات فإنه قال: {عن ساق} ولم يقل: عن ساقه كما في الحديث، ولكن الحديث فسرها (مجموع الفتاوى 6/ 394، 395) وبهذا يتبين خطأ التأويلات التي ذكرت في معنى الساق، ويعلم أن المراد ساق الله على الوجه الذي يليق به سبحانه، أما الشدائد فهي في ذلك اليوم متوالية من النفخ في الصور، وجمع الناس في صعيد واحد مع طول الوقوف وشخوص الأبصار وهم حفاة عراة غرل جياع عطاش، وجر جهنم بسبعين ألف زمام في كل زمام سبعون ألف ملك، ثم نصب الموازين والصراط والعبور على النار حتى ينجو المؤمنون إلى الجنة وكل هذه لم توجب للمؤمنين السجود
مما يدل أن الساق صفة لله تعالى يعرفه بها المؤمنون فيسجدون له سبحانه (شرح التوحيد 2/ 125).