الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث: بذاءة اللسان
المبحث الأول: الترهيب من الوقوع في بذاءة اللسان
قال ابن كثير رحمه الله: {لَاّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ} يعني كلام الناس (2).
وقال سبحانه: {لَاّ يُحِبُّ الله الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَاّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ الله سَمِيعًا عَلِيمًا} (3).
أي ولا يحب الله الفحش في القول، ولا الإيذاء باللسان، إلا المظلوم فإنه يباح له أن يجهر بالدعاء على ظالمه، وأن يذكره بما فيه من السوء.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: ((المعنى لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد إلا أن يكون مظلوماً)) (4).
وقال الله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (5). وقال
(1) سورة النساء الآية: 114.
(2)
تفسير ابن كثير، 1/ 737.
(3)
سورة النساء الآية: 148.
(4)
أخرجه الطبري في التفسير، برقم 10749، وقال السيوطي في الدر المنثور، 2/ 237:((أخرجه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم)).
(5)
سورة ق الآية: 18.
تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} (1).
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، أي المسلمين أفضل؟ قال:((من سلم المسلمون من لسانه ويده)) (2).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبيّن فيها، يزلُّ بها في النار أبعد ما بين المشرق)) (3).
وفي رواية مسلم: ((إن العبد ليتكلّم بالكلمة ما يتبيّن ما فيها، يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب)) (4).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يُلقي لها بالاً يَرفَعُ الله بها درجات، وإن العبد ليتكلّم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم)) (5).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الرجل ليتكلّم بالكلمة من سخط الله لا يرى بها بأساً، فيهوي بها في نار جهنم سبعين خريفاً)) (6).
(1) سورة الفجر، الآية:14.
(2)
أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب أي الإسلام أفضل، برقم 11، ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان تفاضل الإسلام، برقم 42.
(3)
أخرجه البخاري، كتاب الرقاق، باب حفظ اللسان، برقم 6477، ومسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب التكلم بالكلمة يهوي بها في النار، رقم 2988.
(4)
انظ: المصدر السابق، برقم 2988.
(5)
أخرجه البخاري، كتاب الرقاق، باب حفظ اللسان، برقم 6478، ومسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب التكلم بالكلمة يهوي بها في النار، برقم 49 - (2988).
(6)
أخرجه الترمذي، كتاب الزهد، باب فيمن تكلم بكلمة يضحك بهاالناس، برقم 2314، وابن ماجه، كتاب الفتن، باب كف اللسان في الفتنة، برقم 3970، وقال الترمذي:((حديث حسن غريب))، وانظر: صحيح ابن ماجه، 2/ 358، وصحيح الترمذي، 2/ 268.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يُؤذِ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه)) (1).
وعن سهل بن سعد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من يضمن لي ما بين لحييه، وما بين رجليه أضمن له الجنة)) (2).
وعن المغيرة قال: إني سمعته صلى الله عليه وسلم يقول عند انصرافه من الصلاة: ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)) ثلاث مرات، وقد كان ينهى عن:((قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال، ومنعٍ وهات، وعقوق الأمهات، ووأد البنات)) (3).
وعن بلال بن الحارث المزني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الرجل ليتكلّم بالكلمة من رضوان الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتكلّم بالكلمة من سخط الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه)) (4).
(1) أخرجه البخاري، كتاب الأدب، باب من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، برقم 6018، ومسلم، كتاب الإيمان، باب إكرام الجار والضيف، برقم 47.
(2)
أخرجه البخاري، كتاب الرقاق، باب حفظ اللسان، برقم 6474، وفي الترمذي:((من وقاه الله شر ما بين لحييه وشر ما بين رجليه دخل الجنة))، انظر: صحيح الترمذي، 2/ 287.
(3)
أخرجه البخاري، كتاب الرقاق، باب ما يكره من قيل وقال، برقم 6473.
(4)
أخرجه البخاري، كتاب الرقاق، باب حفظ اللسان، برقم 6478، والترمذي، كتاب الزهد، باب في قلة الكلام، برقم 2319، والنسائي في الكبرى، كتاب الرقائق، برقم 11769، وابن ماجه، كتاب الفتن، باب كف اللسان في الفتنة، برقم 3969، و3970.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ((اجتمع عند البيت قرشيان، وثقفي، أو ثقفيان وقرشي، كثيرة شحم بطونهم، قليلة فقه قلوبهم، فقال أحدهم: أترون أن الله يسمع ما نقول؟ قال الآخر: يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا. وقال الآخر: إن كان يسمع إذا جهرنا فإنه يسمع إذا أخفينا. فأنزل الله عز وجل: {وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ
…
} الآية (1).
وعن سفيان بن عبد الله رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله حدثني بأمر أعتصم به، قال:((قل ربي الله ثم استقم)) قال: قلت: يا رسول الله، ما أخوف ما تخاف علي؟ فأخذ بلسان نفسه ثم قال:((هذا)) (2).
وعن عمر رضي الله عنه أنه دخل على أبي بكر رضي الله عنه وهو يجبذ لسانه، فقال له عمر: مَهْ، غفر الله لك، فقال أبو بكر:((إن هذا أوردني الموارد)) (3).
وعن جندب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث أن رجلاً قال: والله لا يغفر الله لفلان، وإن الله تعالى قال: من ذا الذي يتألَّى عليَّ أن لا أغفر لفلان، فإني قد غفرت لفلان، وأحبطت عملك))،أو كما قال. ويُذكر أن أبا هريرة رضي الله عنه
(1) أخرجه البخاري، كتاب التفسير، باب قوله تعالى:{وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ} ، برقم 4817، ومسلم، كتاب صفة المنافقين وأحكامهم، برقم 2775.
(2)
أخرجه الترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء في حفظ اللسان، برقم 2410،وابن ماجه، كتاب الفتن، باب كف اللسان في الفتنة، برقم 3972،وقال الترمذي:((هذا حديث حسن صحيح))، وقال الألباني في صحيح الترمذي، برقم 2410، وفي صحيح ابن ماجه، برقم 3972:((صحيح)).
(3)
أخرجه الإمام مالك في الموطأ، 2/ 988، والنسائي في الكبرى، برقم 11841.
قال: ((والذي نفسي بيده لتكلّم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته)) (1).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله؛ فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله تعالى قسوة للقلب، وإن أبعد الناس من الله تعالى القلب القاسي)) (2).
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر (3) اللسان، فتقول: اتق الله فينا فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا)) (4).
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه في حديثه الطويل وفي عجزه ((ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟)) قلت: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسانه ثم قال:((كفّ عليك هذا))، قلت: يا رسول الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلّم به؟ فقال:((ثكلتك أمك، وهل يكبُّ الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم)) (5).
وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أبغض الرجال إلى الله
(1) أخرجه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب النهي عن تقنيط الإنسان من رحمة الله تعالى، برقم 2621، وأبو داود، كتاب الأدب، باب في النهي عن البغي، برقم 4901.
(2)
أخرجه الترمذي، كتاب الزهد، باب منه، برقم 2411، وقال:((حسن غريب))، وقال عبدالقادر الأرنؤوط:((إسناده حسن))، انظر: الأذكار للنووي بتحقيق الأرنؤوط، ص 285.
(3)
أي تذل وتخضع.
(4)
أخرجه الترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء في حفظ اللسان، برقم 2407، وقال عبد القادر الأرنؤوط في تعليقه على الأذكار للنووي:((إنه حسن)). انظر: الأذكار، 286. وصحيح الترمذي، 2/ 287.
(5)
أخرجه الترمذي، كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم 2616، وقال:((حديث حسن صحيح)). وقال عنه الألباني في صحيح الترمذي، برقم 2616:((صحيح)).