الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس عشر: جواز لعن أصحاب المعاصي والكفار عموماً بدون تعيين أحد بعينه
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: ((اعلم أن لعن المسلم المصون حرام بإجماع المسلمين، ويجوز لعن أصحاب الأوصاف المذمومة، كقولك: ((لعن الله الظالمين، لعن الله الكافرين، لعن الله اليهود والنصارى، لعن الله الفاسقين، ولعن الله المصوّرين ونحو ذلك
…
)) (1).
ثم ساق رحمه الله أدلة كثيرة منها:
1 -
قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) (2).
2 -
قوله صلى الله عليه وسلم: ((لعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من آوى محدثاً، ولعن الله من لعن والديه، ولعن الله من غيَّر المنار)) وفي رواية ((منار الأرض)) (3).
3 -
وقوله صلى الله عليه وسلم: في حديث جابر رضي الله عنه حينما رأى حماراً قد وُسِم في وجهه فقال -: ((لعن الله الذي وسمه)) (4).
4 -
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم الْعَنْ رعلاً وذكوان، وعُصيَّة عصت الله ورسوله)) (5). وهذه ثلاث قبائل من العرب.
(1) الأذكار للنووي، 303.
(2)
أخرجه البخاري، كتاب الصلاة، باب، برقم 435، و436، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم 529.
(3)
أخرجه مسلم، كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله تعالى، برقم 1978.
(4)
أخرجه مسلم، كتاب اللباس والزينة، باب النهي عن ضرب الحيوان في وجهه ووسمه فيه، برقم 2117.
(5)
أخرجه مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب القنوت في جميع الصلوات إذا نزلت بالمسلمين نازلة، برقم 675.
((وأما لعن الإنسان بعينه ممن اتصف بشيء من المعاصي كيهودي أو نصراني، أو ظالم، أو زانٍ، أو مصوِّر، أو سارقٍ، أو آكل ربا، فظواهر الأحاديث أنه ليس بحرام. وأشار الغزالي إلى تحريمه إلا في حق من علمنا أنه مات على الكفر، كأبي لهب، وأبي جهل، وفرعون، وهامان، وأشباههم، قال: لأن اللعن هو الإبعاد عن رحمة الله تعالى، وما ندري ما يُختم به لهذا الفاسق أو الكافر، قال: ويقرب من اللعن الدعاء على الإنسان بالشر حتى الدعاء على الظالم كقول الإنسان: لا أصحّ الله جسمه، ولا سلّمه الله، وما جرى مجراه
…
)) (1).
قلت والأصوب - والله أعلم - ما ذهب إليه الغزالي من أنه لا يجوز لعن من اتصف بشيء من المعاصي إذا كان معلوماً بعينه إلا في حق من عُلِم بعينه، وقد علمنا أنه مات على الكفر، وذلك لأننا لا ندري ما يختم به لهذا الفاسق أو الكافر، فكم رأينا وكم سمعنا من أناس كانوا متلبسين بالمعاصي، أو الكفر، فهداهم الله وختم لهم بخير، فأصبحوا من أنصار الحق بعد أن كانوا من أنصار الباطل (2).
ثم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن سب الأموات، وبيّن صلى الله عليه وسلم أنهم قد وصلوا إلى ما قدموا لأنفسهم، قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما
(1) الأذكار للنووي، 304.
(2)
وقد قرر ابن تيمية عدم جواز لعن المعيَّنين؛ لجواز توبتهم، انظر: فتاوى ابن تيمية،21/ 156، و6/ 511.