الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هارون، فوقع لنا بدلا عاليا، ولَيْسَ لَهَا عِنْدَهُ غَيْرُهُ، واللَّهُ أعلم.
7913 -
بخ د ت:
قيلة بنت مخرمة العنبرية، لها صحبة، هاجرت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، هي ورفيقها
حريث بن حسان البكري، وافد بني بكر بن وائل.
روى حديثها عَبد الله بن حسان العنبري (بخ د ت) ، عن جَدَّتَيْهِ صَفِيَّةَ ودُحَيْبَةَ ابْنَتَيْ عُلَيْبَةَ، وكانتا ربيبتي قيلة، وكانت جدة أبيهما، أنها اخبرتهما، قالت: قدمنا على رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقدم صاحبي يعني حريث بن حسان وافد بني بكر بن وائل فبايعه.
روى لها البخاري في "الأدب"، وأبو دَاوُدَ، والتِّرْمِذِيّ. وقَدْ وقَعَ لَنَا حديثها بطوله عاليا.
أخبرنا بِهِ أَبُو إِسْحَاقَ ابْنُ الدَّرَجِيِّ، قال: أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الصَّيْدَلانِيُّ، قال: أَخْبَرَنَا مَحْمُودُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّيْرَفِيُّ، قال: أخبرنا أَبُو الحسين بْن فَاذْشَاهْ.
(ح) : وأَخْبَرَنَا ابْنُ الدَّرَجِيِّ، قال: أنبأنا أَبُو جَعْفَرٍ الصَّيْدَلانِيُّ، ودَاوُدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَاشَاذَةَ، وعفيفة بْنت أحمد، قَالُوا: أخبرتنا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبد اللَّهِ، قَالَتْ: أخبرنا أَبُو بَكْرِ بْنُ رِيذَةَ، قَالا: أخبرنا أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، قال (1) : حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ، قال: حَدَّثَنَا حفص بْن عُمَر أَبُو عُمَر الْحَوْضِيُّ.
(ح) : قال الطَّبَرَانِيُّ: وحَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى، وأبو خليفة
(1) المعجم الكبير: 25 / حديث 1. ولكنه محرف ومصحف تحريفا وتصحيفا عجيبا، وقد عنيت بضبطه وتدقيقه على أمهات كتب الغريب واللغة.
الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالا: حَدَّثَنَا عَبد اللَّهِ بن سوار بن قُدَامَةَ بْنِ عَنْزَةَ الْعَنْبَرِيُّ.
(ح) : قال: وحَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُخَرِّمِيُّ، قال: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ.
(ح) : قال: وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْغَلابِيُّ، قال: حَدَّثَنَا عَبد الله بْن رجاء الغداني.
(ح) : قال: وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هشام بْن أَبي الدميك المستملي، قال: حَدَّثَنَا عُبَيد اللَّهِ بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَائِشَةَ التَّيْمِيّ، قَالُوا: حَدَّثَنَا عَبد اللَّهِ بْنُ حَسَّانٍ الْعَنْبَرِيُّ أَبُو الْجُنَيْدِ أَخُو بَنِي كعب ابن الْعَنْبَرِ، قال: حَدَّثَتْنِي جَدَّتَايَ صَفِيَّةُ ودُحَيْبَةُ بِنْتَا عُلَيْبَةَ وكَانَتَا رَبِيبَتِي قَيْلَةَ بِنْتِ مَخْرَمَةَ وكَانَتْ جَدَّةَ أَبِيهِمَا أَنَّ قَيْلَةَ بِنْتَ مَخْرَمَةَ حَدَّثَتْهُمَا أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ حَبِيبِ بن أزهر، أخي بني جَنَابٍ، فَوَلَدَتْ لَهُ النِّسَاءَ. ثُمَّ تُوِفِّيَ فَانْتَزَعَ بَنَاتَهَا مِنْهَا أَثْوَبُ بْنُ أَزْهَرَ عَمُّهُنَّ، فَخَرَجَتْ تَبْتَغِي الصَّحَابَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أول الإِسْلامِ، فَبَكَتْ جُوَيْرِيَةُ مِنْهُنَّ حُدَيْبَاءَ قَدْ كَانَتْ أَخَذَتْهَا الْفَرْصَةُ وهِيَ أَصْغَرُهُنَّ عَلَيْهَا سَبِيجٌ لَهَا مِنْ صُوفٍ، فَرَحِمَتْهَا، فَاحْتَمَلَتْهَا مَعَهَا، فَبَيْنَمَا هُمَا تُرْتِكَانِ الْجَمَلَ إِذِ انْتَفَجَتِ الأَرْنَبُ، فَقَالَتِ الْحُدَيْبَاءُ الْفَصْيَةُ: لا واللَّهِ لا يَزَالُ كَعْبُكِ أَعْلَى مِنْ كَعْبِ أَثْوَبَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَبَدًا، ثُمَّ سَنَحَ الثَّعْلَبُ فَسَمَّتْهُ اسْمًا غَيْرَ الثَّعْلَبِ - نَسِيَهُ عَبد اللَّهِ بْنُ حَسَّانٍ - ثُمَّ قَالَتْ مَا قَالَتْ فِي الأَرْنَبِ، فَبَيْنَمَا هُمَا تُرْتِكَانِ إِذْ بَرَكَ الْجَمَلُ وأَخَذَتْهُ رَعْدَةٌ، فَقَالَتِ الْحُدَيْبَاءُ الْفَصْيَةُ: أَدْرَكَتْكَ واللَّهِ أَخْذَةُ أَثْوَبَ. فَقُلْتُ: واضْطُرِرْتُ إِلَيْهَا، ويْحَكَ مَا أَصْنَعُ؟ قَالَتْ: قَلِّبِي ثِيَابَكِ
ظُهُورَهَا لِبُطُونِهَا، وتَدَحْرَجِي ظَهْرَكِ لِبَطْنِكِ، وقَلِّبِي أَحْلاسَ جَمَلِكِ. ثُمَّ خَلَعَتْ سُبَيِّجَهَا، فَقَلَّبَتْهُ وتَدَحْرَجَتْ ظَهْرَهَا لِبَطْنِهَا، فَلَمَّا فَعَلَتْ مَا أَمَرَتْنِي، انْتَفَضَ الْجَمَلُ ثُمَّ قَامَ، فَتَفَاجَّ، وبَالَ، فَقَالَتِ الْحُدَيْبَاءُ: أَعِيدِي عَلَيْهِ أَذَاتَكِ فَفَعَلْتُ، مَا أَمَرَتْنِي بِهِ، فَأَعَدْتُهَا. ثُمَّ خَرَجْنَا نُرْتِكُ، فَإِذَا أَثْوَبُ يَسْعَى عَلَى أَثَرِنَا بِالسَّيْفِ صَلْتًا، فَوَأَلَنَا إِلَى حُوَاءٍ ضَخْمٍ فَدَارَاهُ حَتَّى أَلْقَى الْجَمَلَ إِلَى رُوَاقِ الْبَيْتِ الأَوْسَطِ، جَمَلٌ ذَلُولٌ، واقْتَحَمَتْ دَاخِلَهُ بِالْجَارِيَةِ، وأَدْرَكَنِي بِالسَّيْفِ فَأَصَابَتْ ظُبَتُهُ طَائِفَةً مِنْ قُرُونِ رَأْسِي، وَقَال: ألقي إلى ابنة أخي يادفار. فَرَمَيْتُ بِهَا إِلَيْهِ فَجَعَلَهَا عَلَى مَنْكِبِهِ فَذَهَبَ بِهَا، وكُنْتُ أَعْلَمَ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، ومَضَيْتُ إِلَى أُخْتٍ لِي نَاكِحٍ فِي بَنِي شَيْبَانَ أَبْتَغِي الصَّحَابَةَ إِلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوَّلَ الإِسْلامِ. فَبَيْنَمَا أَنَا عِنْدَهَا ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنَ اللَّيَالِي تحسب عني نَائِمَةً جَاءَ زَوْجُهَا مِنَ السَّامِرِ، فَقَالَ: وأَبِيكِ لَقَدْ وجَدْتُ لِقَيْلَةٍ صَاحِبًا، صَاحِبَ صِدْقٍ.
فَقَالَتْ أُخْتِي: مَنْ هُوَ؟ قال: حُرَيْثُ بْنُ حَسَّانٍ الشَّيْبَانِيُّ غَادٍ وافِدُ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَا صَبَاحٍ. فَقَالَتْ أُخْتِي: الْوَيْلُ لِي لا تَسْمَعُ بِهَذَا أُخْتِي فَتَخْرُجُ مَعَ أَخِي بَكْرِ بْنِ وائِلٍ بَيْنَ سَمْعِ الأَرْضِ وبَصَرِهَا، لَيْسَ مَعَهَا مِنْ قَوْمِهَا رَجُلٌ. فَقَالَ: لا تَذْكُرِيهِ لَهَا فَإِنِّي غَيْرُ ذاكره لها. فَسَمِعْتُ مَا قَالا، فَغَدَوْتُ فَشَدَدْتُ عَلَى جَمَلِي، فَوَجَدْتُهُ غَيْرَ بَعِيدٍ، فَسَأَلْتَهُ الصُّحْبَةَ فَقَالَ: نَعَمْ وكَرَامَةٌ ورِكَابَهُ مُنَاخَةٌ عِنْدَهُ، فَخَرَجْتُ مَعَهُ صَاحِبَ صِدْقٍ، حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وهُوَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ صَلاةَ الْغَدَاةِ، وقَدْ أُقِيمَتْ حِينَ شَقَّ الْفَجْرُ والنُّجُومُ شَابِكَةٌ فِي السَّمَاءِ، والرِّجَالُ لا تَكَادُ تَعَارَفُ مِنْ ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، فَصَفَفْتُ مَعَ الرِّجَالِ، امْرَأَةٌ حَدِيثَةُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ، فَقَالَ لِي الرَّجُلُ الَّذِي يَلِينِي
مِنَ الصَّفِّ: امْرَأَةٌ عَنْتِ أَمْ رَجُلٍ؟ فَقُلْتُ: لا، بَلِ امْرَأَةٌ. فَقَالَ: إِنَّكِ قَدْ كِدْتِ تَفْتِنِينِي، فَصَلِّي فِي النِّسَاءِ ورَاءَكِ. فَإِذَا صَفٌّ مِنَ النِّسَاءِ قَدْ حَدَثَ عِنْدَ الْحُجُرَاتِ، لَمْ أَكُنْ رَأَيْتُهُ حِينَ دَخَلْتُ، فَكُنْتُ فِيهِنَّ حَتَّى إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ، دَنَوْتُ، فَجَعَلْتُ إِذَا رَأَيْتُ رَجُلا ذَا رِوَاءٍ وذَا قَشَرٍ طَمِحَ إِلَيْهِ بَصَرِي، لأَرَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوْقَ النَّاسِ، حَتَّى جَاءَ رَجُلٌ بَعْدَ مَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُول اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وعَلَيْكِ السَّلامُ ورَحْمَةُ اللَّهِ، وعَلَيْهِ أَسْمَالٌ مُلَيَّتَيْنِ، قَدْ كَانَتَا بِزَعْفَرَانٍ وقَدْ نُفِضَتَا، وبِيَدِهِ عَسِيبُ نَخْلٍ مَقْشُوٌّ غَيْرُ خُوصَتَيْنِ مِنْ أَعْلاهُ قَاعِدًا الْقُرْفُصَاءَ. فَلَمَّا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُتَخَشِّعَ فِي الْجِلْسَةِ أَرْعَدْتُ مِنَ الْفَرَقِ، فَقَالَ لَهُ جَلِيسُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْعَدْتَ الْمِسْكِينَةَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ولَمْ يَنْظُرْ إِلَيَّ وأَنَا عِنْدَ ظَهْرِهِ: يَا مِسْكِينَةُ عَلَيْكِ السَّكِينَةُ.
فَلَمَّا قَالَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَذْهَبَ اللَّهُ مَا كَانَ دَخَلَ قَلْبِي مِنَ الرُّعْبِ، وتَقَدَّمَ صَاحِبِي أَوَّلُ رَجُلٍ حُرَيْثُ بْنُ حَسَّانٍ، فَبَايَعَهُ عَلَى الإِسْلامِ عَلَيْهِ وعَلَى قَوْمِهِ، ثُمَّ قال: يَا رَسُولَ اللَّهِ اكْتُبْ بَيْنَنَا وبَيْنَ تَمِيمٍ بِالدَّهْنَاءِ لا يُجَاوِزُهَا إِلَيْنَا مِنْهُمْ إِلا مُسَافِرٌ أَوْ مُجَاوِزٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اكْتُبْ لَهُ بِالدَّهْنَاءِ يَا غُلامُ. فَلَمَّا أَمَرَ لَهُ بِهَا شُخِصَ بِي، وهي وطني وداري، فقلت: يارسول اللَّهِ لَمْ يَسْأَلْكَ السَّوِيَّةَ مِنَ الأَمْرِ إِذْ سَأَلَكَ، إِنَّمَا هَذِهِ الدَّهْنَاءُ عِنْدَهُ مُقَيَّدُ الْجَمَلِ ومَرْعَى الْغَنَمِ، ونِسَاءُ تَمِيمٍ وأَبْنَاؤُهَا ورَاءَ ذَلِكَ. فَقَالَ: أَمْسِكْ يَا غُلامُ، صدقت المسكية، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ يَسَعُهُمَا الْمَاءُ والشَّجَرُ، ويَتَعَاوَنَانِ عَلَى الْفُتَّانِ. فَلَمَّا رَأَى حُرَيْثٌ أَنْ قَدْ حِيلَ دُونَ كِتَابِهِ ضَرَبَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الأُخْرَى، ثُمَّ قال: كُنْتُ وأَنْتِ
كَمَا قال: حَتْفَهَا تَحْمِلُ ضَأْنٌ بِأَظْلافِهَا. فَقَالَتْ: واللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنْ كُنْتَ لَدَلِيلا فِي الظَّلْمَاءِ بَذُولا لَدَى الرَّحْلِ، عَفِيفًا عَنِ الرَّفِيقَةِ حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ولَكِنْ لا تَلُمْنِي عَلَى أَنْ أَسْأَلَ حَظِّي إِذْ سَأَلْتَ حَظَّكَ. قال: ومَا حَظُّكِ فِي الدَّهْنَاءِ لا أبالك؟ قُلْتُ: مُقَيَّدُ جَمَلِي تَسْأَلُهُ لِجَمَلِ امْرَأَتِكَ. قال: لا جَرَمَ عَنِّي أُشْهِدُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنِّي لَكِ أَخٌ وصَاحِبٌ مَا حَيِيتُ، إِذْ ثَنَيْتُ عَلَى هَذَا عِنْدَهُ. فَقُلْتُ: إِذْ بَدَأْتَهَا فَلَنْ أُضَيِّعَهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُلامُ ابْنُ هَذِهِ أَنْ يَفْصِلَ الْخُطَّةَ ويَنْتَصِرُ مِنْ ورَاءِ الْحَجَزَةِ؟ فَبَكَيْتُ، ثُمَّ قُلْتُ: قَدْ واللَّهِ كُنْتُ ولَدْتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ حِزَامًا، فَقَاتَلَ مَعَكَ يَوْمَ الرَّبَذَةِ، ثُمَّ ذَهَبَ يَمْتَرِي مِنْ خَيْبَرَ فَأَصَابَتْهُ حِمَاهَا، فَمَاتَ وتَرَكَ عَلَيَّ النِّسَاءَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تَكُونِي مِسْكِينَةً لَجَرَرْنَاكِ عَلَى وجْهِكِ، أَوْ لَجُرِرْتِ عَلَى وجْهِكِ - شَكَّ عَبد اللَّهِ بْنُ حَسَّانٍ أَيُّ الْحَرْفَيْنِ حَدَّثَتْهُ الْمَرْأَتَانِ - أَتَغْلَبُ إِحْدَاكُنَّ أَنْ تُصَاحِبَ صُوَيْحِبَةً فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا فَإِذَا حَالَ بَيْنَهُ وبَيْنَهُ مَنْ هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْهُ اسْتَرْجَعَ، ثُمَّ قال: رَبِّ أَسِنِّي مَا أَمْضَيْتَ وأَعِنِّي عَلَى مَا أَبْقَيْتَ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَبْكِي، فَيَسْتَعْبِرُ إِلَيْهِ صُوَيْحِبَةٌ، فَيَا عِبَادَ اللَّهِ لا تُعَذِّبُوا مَوْتَاكُمْ. ثُمَّ كَتَبَ لَهَا فِي قِطْعَةِ أَدِيمٍ أَحْمَرَ: لِقَيْلَةَ والنِّسْوَةِ مِنْ بِنَاتِ قَيْلَةَ أَلا يُظْلَمُنَّ حَقًّا، ولا يُكْرَهُنَّ عَلَى مَنْكَحٍ، وكُلُّ مُؤْمِنٍ ومُسْلِمٍ لَهُنَّ نَصِيرٌ، أَحْسَنَّ ولا يُسَئْنَ.
رَوَى الْبُخَارِيُّ (1) بَعْضَهُ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَبد الله
(1) الادب المفرد (1178) .
ابن حَسَّانٍ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَاعِدًا الْقُرْفُصَاءَ، فَلَمَّا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم الْمُتَخَشِّعَ فِي الْجِلْسَةِ أَرْعَدْتُ مِنَ الْفَرَقِ. فَوَقَعَ لَنَا بَدَلا عَالِيًا.
ورَوَى أَبُو دَاوُدَ (1) بَعْضَهُ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَر ومُوسَى بْن إِسْمَاعِيل، عَنْ عَبد اللَّهِ بْنِ حَسَّانٍ: قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَدِمَ صَاحِبِي تَعْنِي حَرُيْثَ بْنَ حسان وافد بني بكر بن وائِلٍ فَبَايَعَهُ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى قَوْلِهِ: ويَتَعَاوَنَانِ عَلَى الْفُتَّانِ.
ورَوَى التِّرْمِذِيّ (2) بَعْضَهُ عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ عَفَّانَ بْنِ مُسْلِمٍ وَقَال فِي آخِرِهِ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ حَتَّى جَاءَ رَجُلٌ وقَدِ ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ. وَقَال: لا نَعْرِفُهُ إلا من حديث عَبد اللَّهِ بْنِ حَسَّانٍ.
شرح ما اشتمل عليه هذا الحديث من الألفاظ الغريبة والمعاني المشكلة:
قولها: فولدت له النساء، يعني: البنات.
والصحابة - بفتح الصاد - جمع صاحب. وقد يكون الصحابة مصدرا، بمعنى الصحبة، والموضع يحتملهما.
والحديباء: تصغير الحدباء.
والفرصة (3) : ريح الحدب، وهي أول تلك العلة التي يتولد الحدب منها.
(1) أبو داود (3070) .
(2)
التِّرْمِذِيّ (2812) .
(3)
لله يقال: الفرسة - بالسين المهملة - أيضا (النهاية: 3 / 428) .
والسبيج قيل: هو كساء من صوف أسود مأخوذ من السبج، وهو خرز أسود شديد السواد.
وَقَال ابن السكيت (1) : هو تعريب شبي يعني القميص. فعلى هذا يجوز أن يكون أسود وغيره.
وترتكان (2) : أي تسرعان ويحملان بعيرهما على الرتكان، وهو جنس من عدو البعير، يقال: رتك البعير، إذا عدا ذلك العدو، وأرتكه صاحبه: حمله عليه.
وانتفجت: أي وثبت وخرجت.
والفصية: الفرج والتخلص، تفاءلت بما رأت من خروج الأرنب من الضيق إلى السعة.
والعرب تتطير وتتفاءل بما ترى وتسمع عند العروض إلى أمر يعرض لهم.
وقولها: لا يزال كعبك أعلى، تعني كعب الفتاة، يكنون بذلك عن الشرف، أي: لا تزالين أشرف منه، وأمرك أعلى من أمره.
وقولها: سنح الثعلب. السانح أن يقطع السبع أو الطير الطريق من يمين الرجل إلى شماله، والبارح بضد ذلك، وقيل على العكس فيهما، تتطير العرب بأحدهما وتنفاءل بالآخر على اختلاف الأقوال فيه. وفي هذا الحديث أقوى دليل على بطلان ما كانت العرب تفعله من رموز أنفسهم في التطير والتفاؤل، لأنها تفاءلت بشيئين ثم كان الأمر على خلاف ما ظننته.
(1) انظر" سبج" من اللسان.
(2)
النهاية: 2 / 194.
وقولها: أدركتك أخذة أثوب، أي: أخذه. وتقليب الثياب أرادت به التفاؤل أيضا. والتدحرج: التقلب. وهذا الفعل له أصل في الشرع وذلك عند الاستسقاء، كما روي أنه صلى الله عليه وسلم حول رداءه وجعل أعلاه اسفله تفاؤلا أيضا.
وانتفض: ارتعد.
وتفاج، أي: باعد ما بين رجليه كما يفعله البائل حين يريد البول، وكذلك فاج، وقد كانت العرب تصنع أشياء من رموز أنفسهم، فيكون كما يظنون، وقد عمل في ذلك كتب.
والصلت: المجرد (1) .
وآلت، أي: لجأت.
والحواء: البيوت المجتمعة، والضخم العظيم.
وقولها: حتى ألفى الجمل إلى رواق البيت أي أدخلته الرواق، وهي صفة دون الصفة العليا، واقتحمت: أي دخلت بعنف.
وظبته (2) : أي حده.
وطائفة: أي قطعة.
وقرون الرأس: جوانبه، والقرنان ناحيتا الرأس.
وقوله: يا دفار (3) ، مبني على الكسر أي يا منتنة.
(1) انظُر النهاية: 3 / 45.
(2)
3 / 156.
(3)
النهاية: 2 / 124.
وقولها: تحسب عني نائمة: العين في عني مبدلة من الهمزة، وهي لغة بني تميم، تسمى العنعنة، يقلبون الهمزة عينا، فعلى هذا نائمة ترفع الهاء خبر لأن. ورواه بعضهم جاهلا بهذه اللغة: تحسب عيني نائمة بنصب الهاء مفعولا ثانيا لتحسب، والأول أحفظ وأشهر.
والسامر: لفظ الواحد والجمع فيه سواء وهو ها هنا الجماعة يجتمعون بالليل يتحدثون.
وقوله: وأبيك: قسم على عادتهم.
وذا صباح: أي أول النهار، ويزيدون ذا في ألفاظ تأكيدا لها، كما يقولون: ذات يوم، وذات ليلة.
وقولها: بين سمع الأرض وبصرها: قيل فيه أقوال، قال أبو عُبَيد: وجهه عندي أنها أرادت أن الرجل يخلو بها ليس معها أحد يسمع كلامها ولا يبصرها دون الأشياء والناس. وَقَال بعضهم: أي بين طولها وعرضها. وقولها: وركابه مناخة عنده: أي جماله. وقولها: حين شق الفجر: بفتح الشين وضم الراء، أي: ظهر وطلع، كأنها تعني شق الفجر الظلام.
والنجوم شابكة: أي مشتبكة، تعني من كثرتها كأنها متصلة بعضها ببعض.
وتعارف: أي يتعارفون.
وقولها: ذا رواء: أي منظر وهيئة.
وذا قشر: أي ذا لباس حسن.
وطمح: أي امتد وعلا ظنت أن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان يتميز من أصحابه بهيئة أو لباس أو مجلس.
والقرفصاء جلسة المحتبي إلا أنه يحتبي بيديه دون الثوب، وذلك أن يضم رجليه إلى بطنه، ثم يشبك إحدى يديه في الأخرى، ويجعلهما على ساقيه.
والأسمال: الاخلاق.
ومليتين تصغير ملاءتين. وانما جمعت الأسمال مع تثنية الملاءتين أرادت أنهما كانتا قد تقطعتا حتى صارتا قطعا فلهذا جمعتهما.
وقولها: كانت بزعفران: أي مخضوبتين به.
ونفضتا (1) : أي ذهب لونه منهما إلا اليسير لطول لبسهما واستعمالهما كما يقال في اليد والشعر نصل الخضاب.
والعُسيب تصغير العسيب وهو القضيب من النخلة.
والمقشو: المقشور غير خوصتين، وفي رواية خويصتين على التصغير، والخوص ورق المقل وغيره، وتريد به ها هنا القطعتين من القشر.
والمتخشع: المتواضع، كأنها حين ظنت أن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنما يعرف بلباسه أو مجلسه ثم رأته غير متميز من أصحابه زادت هيبته عندها، فأرعدت.
(1) النهاية: 5 / 97.
وقوله: عليك السكينة، إغراء، أي: إلزميها واسكني لا بأس عليك.
وقولها: عليه وعلى قومه، أي: بايعه على الإسلام لأجله ولأجل قومه نيابة عنهم.
وقوله: اكتب بيننا وبين تميم بالدهناء، أي: اقطعنا إياه، واجعله لنا خاصة دونهم، وهي أرض لينة ذات رمل كثير ونبات.
وقولها شخص بي (1) : أي دهشت وتحيرت، وَقَال ابن عائشة: أي ارتفع بصري صعدا من اكبار ما سمعت واعظامه.
والسوية: العدل والإنصاف.
وقولها: عنده مقيد الجمل أي حيث يقيد فيه حتى يسمن لخصب الموضع، فلا يحتاج إلى التطواف في الرعي.
وقوله: يسعهم الماء والشجر: أي هم شركاء فيهما، لكل منهما حظه.
والفتان: شياطين الإنس والجن الذين يظلمون الناس ويفتنونهم، ويروى بفتح الفاعل لفظ الواحد مبالغة للفاءين.
وقولها: حيل دون كتابه، أي: فاته ما كان يريد أن يكتب له.
وقوله: حتفها تحمل ضأن بأظلافها" مثل قديم (2) سائر في
(1) النهاية: 2 / 450.
(2)
انظر مجمع الامثال للميداني، رقم 1020.
العرب أصله أن شاة بحثت بأظلافها عن الأرض فظهرت مدية فذبحت بها، فيضرب لكل من عمل عملا أضر بنفسه. وقولها: لدى الرحل: أي عند المنزل.
وقوله: لاجرم عني، وفي رواية أني، على لغتهم (1) . وقولها: إذ بدأتها فلن أضيعها: أي حين أحسنت إلي هذا الاحسان ابتداء لا أزال اشكرك به.
وقوله: ايلام ابن هذه - وفي رواية ابن ذه - أن يفصل الخطة (2) : أي الحال والخطب، أي من يكون ولد مثل هذه المرأة في العقل يكون بحيث يفصل الأمور وينظر في عواقبها، أي إذا كانت الام عاقلة لا تنكر، ولايلام ابنها أن يكون عاقلا مثلها.
والحجزة الذين يمنعون بعض الناس من بعض ويفصلون بينهم بالحق، جمع: حاجز.
قال صاحب" الغريبين": أراد بابن ذه: الإنسان يقول إذا أصابه خطة ضيم، فاحتج عن نفسه، وطلب النصف، وعبر بلسانه ما يدفع به الظلم عن نفسه، لم يكن ملوما، فكأنه حين لأمها الرجل على ما دفعت عن نفسها اعتذر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه لالوم عليها فيما فعلت.
وَقَال أبو عُبَيد: يعني أنه إذا نزل به أمر ملتبس مشكل لا يهتدى إليه يفصله حتى يبرمه ويخرج منه، وصفه بجودة الرأي أي
(1) أي: قلب الهمزة عينا.
(2)
النهاية: 2 / 48.
أن هذا أن ظلم بظلامة، فإن عنده من المنعة والعز ما ينتصر به من ظالمه حتى يستوفي حقه، وإن كان لظالمه من يمنعه من هذا ويحجزه عنه. وقولها: كنت ولدته حزاما، فالهاء في " ولدته" ضمير ابن هذه، حين ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد مثلها من النساء تذكرت ولدها حزاما.
وقولها: يمتري من خيبر: أي يأتيني بالميرة منها، وهي الطعام. وحين تذكرت ولدها غلبها البكاء.
وقوله: صويحبة. يريد من كان معه من ولد أو زوج أو غيرهما.
وقوله: من هو أولى به. يعني: الله تبارك وتعالى. أي على الرجل والمرأة مصاحبة صاحبه ما عاشا بالمعروف، فإذا قبض الله سبحانه وتعالى أحدهما استرجع، فقال: إنا لله وإنا إليع راجعون، وعلم أنه أولى بخلقه من غيره، يعني: فإن يذكر ذلك وغلبة الجزع استعان بالدعاء على ذلك.
وهذه الكلمة تروى على وجوه: في رواية بعضهم: أنسني ما أمضيت" من النسيان. وفي رواية: أسني" أي عوضني مما أمضيت، فيكون فيه حذف، والأوس العوض. وروي: آسني وأسني" أي: عزني وصبرني على ما أمضيت فيكون فيه اختصار أيضا.
وقوله: وأعني على ما أبقيت. وفي رواية وأغثني بما أبقيت. قيل: هو إنكار من النبي صلى الله عليه وسلم لجزعها على ميت بعد طول عهد، لأن الباكي يهيج غيره على البكاء. أي على الرجل إذا غلبه الجزع أن يدعو الله أن ينسيه ما فاته حتى لا يجزع بعد وفاته، ويستعين