المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في مسائل من الشهادات - توضيح الأحكام شرح تحفة الحكام - جـ ١

[عثمان بن المكي التوزري]

الفصل: ‌فصل في مسائل من الشهادات

أرض أو دار في يد غير المشهود له بها فلا تنزع من هذا ليتمكن منها القائم بمجرد شهادة السماع إلا أن يشهد العدول على البت أو أنهم سمعوا من العدول أو أشهدهم بذلك العدول فيكون هذا من باب النقل الصحيح انتهى (قلت) قوله فيكون هذا من باب النقل الصحيح ظاهر فيما إذا أشهدهم العدول بذلك أما إذا لم يشهدوهم بذلك فهي مسألة شهادة السماع فلا بد من استفتاء شروطها. وفي حاشية الشيخ المهدي قال الشيخ الرماصي المالكية مطبقون على التعبير بأنه لا ينزع بها من يد حائز وإنما تجوز للحائز وتحليف المشهود له على ما قال بعضهم لأن السماع ضعيف فلابد معه من اليمين ولا يقال لعل السماع وقع من شاهد واحد فلهذا وجبت اليمين لأنه لو كان كذلك لاقتضى خروج ما لا يثبت إلا بشاهدين قاله الزرقاني. وقوله لا يحصر من عنه السماع نقلا البيت لا نافية ويحصر فعل مضارع مبني للنائب ومن اسم موصول نائب فاعل والسماع مبتدأ وجملة نقلًا من الفعل ونائب الفاعل المضمر العائد على المبتدأ خبره وعنه جار ومجرور متعلق بنقلا وألفه للإطلاق والجملة من المبتدأ والخبر ومتعلقه صلة من لا محل لها من الإعراب والرابط بين الصلة والموصول ضمير عنه (وقوله).

‌فصل في مسائل من الشهادات

ذكر الناظم في هذا الفصل أربع مسائل القيام بالشهادة الناقصة والاستظهار بالبينة بعد إنكار المدعى عليه وتعارض البينات وكيفية العمل في الشيء إذا ادعاه شخصان فالأولى قوله

(ومن لطالب بحق شهدا

ولم يحقق عند ذاك العددا)

(فمالك عنه به قولان

للحكم في ذاك مبينان)

(إلغاؤها كأنها لم تذكر

وترفع الدعوى يمين المنكر)

ص: 121

(أو يلزم المطلوب أن يقرأ

ثم يؤدي ما به اقرأ)

(بعد يمينه وأن تجنبا

تعيينا أو عين والحلف أبى)

(كلف من يطلبه التعيينا

وهو له أن أعمل اليمينا)

(وما على المطلوب إجبار إذا

ما شاهدوا في أصل ملك هكذا)

الأبيات الثمانية يعني أن من شهد لرجل مثلًا بحق على آخر وكان مما يعد ولم يحقق عدده وقت أداء الشهادة ففي إلغاء شهادته وأعمالها قولان منقولان عن الإمام مالك مبينان للحكم في الذي شهد الشهادة المذكورة أي في شهادته (أحدهما) إلغاؤها لكونها كالعدم وعلى المطلوب المنكر يمين يرفع بها دعوى المدعي على الأصل وله قلبها على الطالب (وثانيهما) أن يكلف المدعى عليه بتعيين ما في ذمته لوجود قرينة قوية عند المدعي فإن عين قدرا حلف عليه وأداه وإن لم يعين شيئًا أو عين وامتنع من الحلف هدد فإن استمر على إبايته قيل للطالب عين مالك عليه فإن عين قدرًا وكان مما يشبه حلف عليه ويلزم المطلوب ما عينه وإن لم يعين شيئًا أو عين وأبى الحلف بطل حقه والقول الأول هو الأعرف لكن القول الثاني هو الذي به القضاء وتقدمت الإشارة إليه عند قول الناظم والمدعى فيه له شرطان. واعترض على الناظم بأن كلامه مخالف للنقل حيث أشار إلى أن المدعى عليه يكلف بالإقرار إذا أباه قبل أن يؤمر المدعي بالتعيين وليس كذلك بل لا يكلف إلا إذا امتنع الطالب من التعيين لعدم علمه بقدر الحق فقد نقل عن ابن يونس عن ابن حبيب عن مالك أنه إذا جحد المطلوب قيل للطالب أن عرفته فاحلف عليه وخذه فإن قال لا أعرفه وضاعت كتب محاسبتي أو أعرفه ولا أحلف فيسجن المطلوب حتى يقر بشيء ويحلف عليه فإن أقر بشيء ولم يحلف أخذ منه وحبس حتى يحلف اهـ فلم يبطل حق الطالب إذا قال لا أحلف أو قال لست أعرفه (قلت) فلو قال ظم عقب قوله وترفع الدعوى البيت

ص: 122

أو يؤمر الطالب بالتبيين

ويستحقه مع اليمين

فإن أبى من البيان والحلف

الزم مطلوب بأن قد يعترف

فإن بشيء قد أقر لزمه

بعد يمينه عليه فاعلمه

فإن أبى من كل ما قد وصفا

سجنه القاضي إلى أن يحلفا

والأول اختيار بعض من مضى

والثاني أولى وبه جرى القضا

لكان نصًا في المسألة هذا كله إذا كانت الشهادة في الحقوق المالية المتعلقة بالذمة أما إذا كانت في معين كحصة من دار مثلًا فإنه يكلف المطلوب بتعيينه فإن أبى أو عينه وامتنع من الحلف فإنه يحال بينه وبين الدار حتى يحلف فإن أقر بشيء منها أخذ منه ووقف الباقي وهكذا إلى أن يحلف كما تقدم في الدعوى. وقوله وما على المطلوب إجبار يعني لا يجبر بالسجن كما في المسألة الأولى على ما في النقل وهو مفهوم من قوله أو يلزم والإلزام لا يكون إلا بذلك بل يجبر بالحيلولة كما قررنا به كلامه. وقوله ومن لطالب إلخ من بفتح الميم اسم موصول بمعنى الذي تضمن معنى الشرط وذاك إشارة لوقت أداء الشهادة وجملة فمالك عنه إلخ جواب الشرط وضمير عنه يرجع لمالك وضمير به يرجع للفرع المسؤول عنه وذاك الثاني إشارة إلى من ومبينان يجوز فيه كسر الياء وفتحها صفة لقولان والغاؤها بدل من قولان بدل مفصل عن مجمل وهو القول الأول ويمين بالرفع فاعل ترفع. وقوله أو يلزم أو حرف عطف ويلزم بضم أوله وفتح ما قبل آخره فعل مضارع مبني للنائب منصوب بأن مضمرة جوازًا لوقوعها بعد عاطف مسبوق باسم خالص على حد قول الله عز وجل {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيًا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولًا} في قراءة من قرأ من السبعة بنصب يرسل فإن المحذوفة وما دخلت عليه في تأويل مصدر عطف على قوله الغاؤها أي إلغاؤها أو إلزام المطلوب. وقوله المطلوب نائب فاعل وقوله والحلف بفتح الحاء وسكون اللام وذاك الأعرف إشارة إلى الأول لا للقول الثاني لأنه لو أراد الثاني لقال وهذا الأعرف وإنما حمله الشارح على الثاني ليكون موافقًا لما به القضاء (والثانية) قوله

ص: 123

(ومنكر للخصم ما ادعاه

اثبت بعد أنه قضاه)

(ليس على شهوده من عمل

لكونه كذبهم في الأول)

يعني أن من قام لدى القاضي بدعوى دين مثلًا على آخر فأجاب المدعى عليه بالإنكار فلما استظهر المدعي بالبينة ورأى المدعى عليه من نفسه العجز عن الطعن فيها أو تذكر أن له بينة عليه في ذلك رجع عن إنكاره واعترف بالدين وادعى أنه كان قضاه له وله بينة تشهد بذلك فالعمل على عدم سماع بينته على الأشهر لكونه أسقطها بإنكاره ولأن كل من اضطرب كلامه وتناقضت مقالته سقطت دعواه وحجته إذ لا فرق في هذا بين المدعي والمدعى عليه. وظاهر النظم أن بينته لا تنفعه مطلقًا سواء كان عالمًا بأن ذلك يضره أو لا وسواء نفى أصل المعاملة أو نفى الدين فقط وسواء كانت لدعوى في الأصول والحدود أو في غيرهما وليس كذلك بل المسألة فيها تفصيل (ففي) الحطاب عند قول صاحب المختصر وإن أنكر القبض فقامت البينة فشهدت بينة بالتلف ما نصه قال ابن فرحون في الباب السادس والخمسين من القسم الثاني من تبصرته من ادعى على رجل دينا من سلف أو قراض أو وديعة أو بضاعة أو رسالة أو رهن أو عارية أو هبة أو صدقة أو حق من الحقوق فجحد أن يكون عليه شيء من ذلك فلما خاف أن تقوم عليه البينة أقر وادعى فيه وجهًا من الوجوه يريد إسقاط ذلك عن نفسه لم ينفعه ذلك وإن قامت له البينة على ما زعم أخيرًا لأن جحوده أولا أكذب البينة فلا تسمع وإن كانوا عدولًا (تنبيه) وكذلك الحكم أن لم يقر ولكن قامت بذلك بينة فأقام هو بينة أيضا على رد السلف أو الوديعة أو القراض أو البضاعة أو الرسالة أو على هلاك ذلك فلا ينفعه لأنه بإنكاره مكذب لذلك كله هذا قول الرواة أجمعين ابن القاسم وأشهب وابن وهب ومطرف وابن الماجشون (فرع) وأما أن قال ما لك علي سلف ولا ثمن سلف ولا لك عندي وديعة ولا قراض ولا بضاعة فلما ثبت وذلك قبله بالبينة أقر بذلك وزعم أنه رد الوديعة والسلعة أو غير ذلك مما يدعى عليه أو

ص: 124

ادعى هلاكه وأقام على ذلكبينة فههنا تنفعه البراءة لأن قوله ما لك شيء يريد في وقته هذا وأما في الصورة الأولى إذا قال ما أسلفتني ولا أودعتني فليس مثل قوله هنا ما لك علي سلف (قال) ابن حبيب وهذا مما لا أعلم فيه خلافًا عند الرواة إلا أني رأيت في كتاب الأقضية من السماع شيئًا يخالف هذا وأظن له وجهًا يصحح معناه أن شاء الله وذلك أنه سئل مالك عن رجل بعث معه رجل بعشرين دينارًا يبلغها إلى الجار والجار موضع وكتب إليه كتابًا وأشهد عليه عند دفعه إليه فحمل الكتاب وبلغه إلى من أرسل إليه فلما قرأه سأله عن الذهب فجحده إياه ثم أنه قدم المدينة فسأله الذي أرسل معه الذهب وقال له أني أشهدت عليك فقال له أن كنت دفعت إلي شيئًا فقد ضاع فقال مالك ما أرى عليه إلا يمينه وأرى هذا من مالك إنما هو في الجاهل الذي لا يعرف أن الإنكار يضره وأما العالم الذي يعلم أنه يضره ثم يندم عليه بعد ذلك فلا يعذر من كتاب الرعيني اهـ كلام ابن فرحون وهذا كله كلام الرعيني في كتاب الدعوى والإنكار غير أن الرعيني زاد بعده ورأيت لابن مزين لفظة أنه قبل بينة على القضاء وإن جحدوه وقال ما أسلفتني قط شيئًا والأول أصوب أن شاء الله. وفي مسائل العيوب من البرزلي فيمن قيم عليه بعيب فأنكر البيع فلما ثبت عليه زعم أن المشتري اعتمر وعرض للبيع بعد اطلاعه على العيب فقال هاشم بن محمد هذا تناقض لأنه كذب بينته قلت هذه المسئلة تجري على مسئلة من طولب بشيء فأنكره وأقيمت عليه البينة فأتى بحجة توجب قبول قوله وفيها خلاف مشهور في المدونة من مسئلة اللعان والتخيير والوديعة وغيرها حكاه ابن رشد وغيره انتههى وادعى ما يسقط ذلك فلا تسمع دعواه ولا بينته ولو كانت بينة عادلة بخلاف ما إذا قال ما لك علي سلف ولا وديعة ولا قراض أو قال ما لك عندي حق ثم أقر بعد ذلك أو قامت عليه البينة فادعى ما يسقط ذلك فإنه تسمع دعواه أو بينته وقد صرح بذلك في رسم أسلم من سماع عيسى من كتاب الدعوى والصلح وبذلك صرح المصنف

ص: 125

في باب الأقضية وإن أنكر مطلوب المعاملة فالبينة ثم لا تقبل بينة بالقضاء بخلاف لا حق لك علي انتهى وينبغي أن يقيد ذلك أيضا بما قاله الرعيني وهو أن يكون المدعى عليه يعرف أن الإنكار يضره وأما أن كان يجهل ذلك ولا يفرق بين قوله ما أسلفتني وما أودعتني وبين قوله ما لك عندي سلف ولا وديعة فيعذر بالجهل إلا إذا حقق عليه وقدر عليه وقيل له أنت تنكر هذا أصلا فإذا قامت عليه البينة فلا تسمع بينتك فإذا استمر على ذلك فحينئذ لا تسمع بينته وينبغي أن يقيد ذلك بغير الحدود والأصول لأن هذا قول ابن القاسم وابن كنانة انتهى قال الشدادي وبهذا القيد جرى العمل وفي جواب لأبي القاسم السيوري اختلاف قول المؤتمن يوجب ضمانه لما اؤتمن عليه كما في وكالات الحاوي. وقول الناظم كغيره كذبهم يعني بالتضمن لا بالتصريح لأن بينة القضاء تتضمن الإقرار بالمعاملة التي تفرع القضاء عنها وإنكاره المعاملة أو لا تكذيب لبينة القضاء وقال بعضهم المراد بتكذيب البينة إسقاطها بالإعراض عنها أولا فإذا استظهر بها في نازلة أخرى فإنها تقبل فلو قال الناظم بدل كذبهم أسقطهم لكان أظهر. واعلم أن الخلاف الجاري بين أهل المذهب في المسئلة مبني على قاعدة وهي مضمن الإقرار وهل هو كصريحه أولا فمن قال هو كصريحه أسقط دعواه وبينته إذا انتقل من الإنكار إلى الإقرار وادعى الخلاص أو الضياع ومن قال مضمن الإقرار ليس كصريحه قال ينفعه ذلك ولا يضره الانتقال من الإنكار إلى الإقرار وإذا أردت بسط المسئلة فانظرها في شرح المنجور على الزقاقية الأصلية وقد علم مما تقدم أن المعول عليه من الخلاف هو التفصيل المذكور (والثالثة) قوله

(وفي ذوي عدل يعارضان

مبرزًا أتى لهم قولان)

(وبالشهيدين مطرف قضى

والحلف والأعدل أصبغ ارتضى)

(وقدم التاريخ ترجيح قبل

لا مع يد والعكس عن بعض نقل)

(وإنما يكون ذاك عند ما

لا يمكن الجمع لنا بينهما)

ص: 126

ولما ذكر ما يسقط الشهادة من تجريح ورجوع ونقصان شرع يتكلم على ما يسقطها من جهة التعارض والتعارض لغة هو التدافع والتمانع والتنافر كل ذلك متقارب قاله الرصاع وفي الاصطلاح هو أن تشهد بينة بشيء ثم تشهد الأخرى بنقيضه فإنه لا يصح إعمالهما معً لأن فيه جمعا بين نقيضين وهو محال فلا بد من طرح إحداهما وإعمال الأخرى لمرجح يقتضي تقديم المعملة أو طرحها معا أن عدم الترجيح وتعذر الجمع بينهما فالترجيح يكون بأمور (منها) بيان سبب الملك كالنسج والنتاج فإن شهدت إحدى البينتين بأنه ملك لزيد نسجه أو نتج عنده وشهد الأخرى بأنه ملكه فإنها تقدم على من أطلقت لأنها زادت بيان سبب الملك من نسج أو نتاح (ومنها) زيادة عدالة لا عدد إلا إذا كثر العدد جدًا في إحدى البينتين وهل يحلف مقيمها بناء على أن زيادة العدالة كشاهد واحد وهو الراجح أو لا يمين عليه بناء على أنها كشاهدان قولان (ومنها) شهادة الملك فإنها تقدم على شهادة الحوز فقط ولو كان تاريخ الحوز سابقًا لأن الحوز قد يكون عن ملك وغيره فهو أعم من الملك والأعم لا يستلزم الأخص بخلاف العكس إلا إذا شهدت بينة ولو بالسماع أن هذا الحائز أو من ورثها الحائز عنه أو من اشتراها الحائز منه ابتاعها من هذا القائم أو ممن ورثها القائم منه أو ممن اشتراها منه فحينئذ تقدم على بينة الملك كذا في ابن مرزوق عند قول الشيخ خليل وجازت بسماع فشا عن ثقات وغيرهم بملك لحائز متصرف طويلا وقدمت بينة الملك إلا بسماع أنه اشتراها أي الدار مثلا من كأبي القائم اهـ (ومنها) الناقلة على المستصحبة فإذا شهدت بينة أن هذه الدار مثلًا لزيد أنشأها من ماله لا يعلمون أنها خرجت عن ملكه بناقل شرعي وشهدت أخرى أن عمر اشتراها من زيد مثلًا لأن من علم شيئًا يقدم على من لم يعلم وفي الحقيقة ليس هنا تعارض لأن قول المستصحبة لا يعلمونها خرجت عن ملكه لا يقتضي عدم الخروج لأنه يفيد نفي العلم بالخروج لا نفي الخروج وإنما يحصل التعارض الحقيقي لو شهدت المستصحبة بأنها باقية على ملكه إلى الآن أو أنها لم تنتقل عن ملكه

ص: 127

إلى الآن بناء على القول المرجوح وهو أن الشهادة لا تقبل إلا على القطع (ومنها) المثبتة على النافية كان تشهد إحدى البينتين بأن هندا بالغ أو أن الزوج كفؤ لها أو أن زيدًا باع أو طلق زوجته بوقت كذا وشهدت الأخرى بأنها غير بالغ أو الزوج غير كفؤ أو لم يتلفظ بالبيع أو الطلاق في ذلك الوقت. أو شهدت إحدى البينتين بمعاينة حوز الصدقة وشبهها يتصرف فيها المتصدق عليه إلى مرض موت المتصدق وشهدت الأخرى برؤية المتصدق بتصرف فيه إلى مرض الموت فإن بينة الحوز اعمل لأنها أوجبت حقًا كذلك إلا إذا سقط من الشهادة الأولى الاستمرار إلى مرض الموت فإن النافية تقدم عليها. وكذا إذا شهدت إحدى البينتين بأن زيدًا قتل عمرًا يوم كذا في وقت كذا وشهدت الأخرى بأنه كان في ذلك الوقت من ذلك اليوم ببلد بعيد فإن شهادة القتل اعمل لأنها أوجبت حكمًا وهو القصاص ابن رشد هذا مشهور المذهب وقال القاضي إسماعيل يقضي ببينة البراءة أن كانت أعدل وإن استويتا في العدالة سقطتا ابن عبد البر هذا هو الصحيح إذ لا ينبغي أن يقدم على الدم إلا بيقين دون شك ومال إليه الحطاب واعتمده ابن رحال وقال لا ينظر للأعدلية لأنها إنما ينظر إليها فيما يثبت بالشاهد واليمين (ومنها) الشهادة الحسية على الشهادة العرفية ويكون ذلك عند اختلاف الزوجيت في متاع البيت فما كان صالحا للرجال فهو للزوج ما لم تشهد بينة بأن المرأة هي التي اشترته من مالها فيكون لها وما كان صالحًا للنساء فهو للزوجة ما لم تشهد بينة للزوج بأنه اشتراه من ماله فيكون له إلا ما يكتبه الناس في عقود الأنكحة والبيوع على الطوع وعرف البلد على الشرط فإنه تقدم فيه الشهادة العرفية على الحسية على القول المعمول به كما في الفتاوي البرزلية والزقاقية (ومنها) بينة الصحة والفساد فبينة الصحة اعمل لأن الأصل في عقود المسلمين الصحة ما لم يغلب الفساد (ومنها) بينة التسفيه والترشيد فبينة السفه اعمل بالنسبة لإطلاقه من الحجر وأما بالنسبة للبيع ونحوه فتقدم بينة الترشيد لأنها أوجبت صحة العقد (ومنها) بينة التعديل والتجريح فبينة التجريح اعمل كما تقدم (ومنها) بينة الصحة والمرض

ص: 128

فبينة الصحة اعمل من بينة المرض (ومنها) بينة الطوع والإكراه فبينة الإكراه اعمل وكذا كل ضرر ولو أدى ذلك لفسخ العقود إذ لا ثمرة لها إلا ذلك (ومنها) بينة العدم والملا فتقدم بينة الملا بينت أم لا على ما به العمل (ومنها) شهادة عدلين على شهادة شاهد أعدل منهما مع يمين على واحد قولين لقول ابن رشد إذ من أهل العلم من لا يرى الشاهد واليمين إلى هذا الفرع أشار الناظم بقوله

(وفي ذوي عدل يعارضان

مبرزًا أتى لهم قولان)

(وبالشهيدين مطرف قضى)

يعني أن مطرف بن عبد الله الهلالي ابن أخت مالك وتلميذه قدم شهادة الشهيدين العدلين على الشاهد مع اليمين ولو كان أعدل أهل زمانه وقاله ابن الماجشون ورواه أصبغ عن ابن القاسم واستظهره ابن رشد كما تقدم. ومقابله قوله (والحلف والأعدل أصبغ ارتضى) يعني أن أصبغ ابن الفرج تلميذ ابن القاسم وأشهب وابن وهب وشيخ ابن المواز وابن حبيب وغيرهما اختار تقديم شهادة الشاهد الأعدل مع اليمين على الشاهدين ابن رشد وهذا بعيد عن القياس وقوله الحلف بفتح الحاء وسكون اللام بالنصب مفعول ارتضى مقدم والأعدل معطوف عليه وأصبغ بالرفع مبتدأ وجملة ارتضى خبره. وكذا تقدم شهادة عدلين على شهادة عدل واحد وامرأتين لأن المرأتين في الرتبة الثانية بعد الشاهدين قال الله تعالى {فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان} قاله ابن مرزوق فإن كان الذي معهما مبرزًا قدم عليهما (ومنها) المؤرخة فإنها تقدم على غير المؤرخة (ومنها) قدم التاريخ بأن كان تاريخ إحداهما أقدم من الأخرى فإنها ترجح بذلك القدم لأن الملك ثبت للأقدم والأصل بقاء ما كان على ما كان وإلى هذا الفرع أشار الناظم بقوله (وقدم التاريخ ترجيح قبل) ولو كانت المتأخرة أعدل من المتقدمة. وقوله (لا مع يد) أي قبل وقدم قدم التاريخ على حادثة التاريخ مع عدم يد الآخر لا مع يده أما إذا كان المتنازع فيه بيد صاحب

ص: 129

حديثة التاريخ فإنه لا ينتزع من يده لأن تركه تحت يده يتصرف فيه كيف شاء وهو ينظر إليه يكون قاطعًا لحجته هذا هو مراد الناظم وحمله عليه الشارح وهو الصواب كما في حاشية الشيخ المهدي. وقوله (والعكس عن بعض نقل) يعني تقديم ذات التاريخ الأقرب ولو كان الشيء بيد الآخر قيل وهو نقل غريب (قال) الشيخ البناني لا يقال أن حديثة التاريخ ناقلة لأنا نقول شرط الترجيح بالنقل أن تكون شهادته مشتملة على ذكر سبب النقل وهنا أن ما شهدت بالملك غير أن إحداهما قالت ملكه منذ عامين والأخرى قالت ملكه منذ عام واحد فالأصل الاستصحاب انتهى فإن لم يكن مرجح لإحدى البينتين سقطتا معا وبقي الحوز بيد حائزه بيمين فإن رجحت بينة مقابلة أخذه بيمين كذلك على القول المشهور وقيل أن الحائز لا ينتفع بينته مطلقًا وإن بينة المدعي هي المعتبرة لتخصيص البينة به في الحديث هذا كله أن تعذر مطلقًا وإن بينة المدعي هي المعتبرة لتخصيص البينة به في الحديث هذا كله أن تعذر الجمع بين البينتين فإن أمكن الجمع بينهما جمع وإليه أشار الناظم بقوله

(وإنما يكون ذاك عندما

لا يمكن الجمع لنا بينهما)

مثاله من قال لرجل أسلمت إليك هذا الثوب في مائة ويبة قمحا وقال الآخر بل هذين الثوبين في مائة ويبة قمحا وأقام كل واحد منهما بينة وكانتا في مجلسين فيقضي بالثلاثة الأثواب في مائتين قال الشيخ أحمد الدردير إنما يتم هذا لو ادعى المسلم بالمائتين وإلا فكيف يقضي له بما لم يدعه انتهى فإن كانتا في مجلس واحد وكل واحدة تنفي أ. يكون تكلم بغير ما شهدت به فهو تكاذب يحكم بأعدل البينتين فإن تكافأنا سقطتا (فرعان الأول) قال ابن عبد البر في الكافي ما نصه وإذا شهد شهود على رجل بقتل رجل فاقر غير المشهود عليه بقتل ذلك الرجل فأولياؤه مخيرون في قتل من شاؤوا منهما وقد قيل يقتلان جميعًا أحدهما بالشهادة والآخر بالإقرار لأنه يمكن أن يكونا شريكين في قتله وقيل بل يقتل المقر وحده انتهى وقد رأيت في بعض الكتب المعتمدة ولم يحضرني الآن أن القول الأخير هو الراجح ورجحانه ظاهر

ص: 130

وهو أن شرط أعمال الشهادة أن تكون سالمة من الريبة التي تقضي إلى تغليظ وإكذاب ومن المعلوم أن الريبة من القوادح المعتبرة ولما كانت المسئلة فيها نوع إشكال فعلى الحاكم إمعان النظر فيها والتأني فإن الدماء أمرها خطير لا يقدم عليها إلا بأمر لا شبهة فيه (الثاني) سمع عيسى ابن القاسم من قدم للقتل بقسامة فقال رجل أنا قتلته فقال رجل يقتل هذا أولًا بالقسامة وهذا بإقراره ولا آخذ به قال ابن القاسم في المجموعة أن شاؤوا قتلوا الأول أو قتلوا المقر بإقراره ولا يقتلون إلا واحد منهما وقال أصبغ وابن عبد الحكم كقول ربيعة أنهما يقتلان معا وفي قتل المقر بقسمة أو دونها قولان لابن القاسم انتهى قلشاني على الرسالة. وقوله وإنما يكون ذاك إلخ الإشارة راجعة للتعارض الموجب لترجيح إحدى البينتين على الأخرى وما مصدر به وجملة لا يمكن الجمع صلتها وهي مع صلتها في تأويل مصدر أي عند عدم إمكان الجمع (والرابعة) وهي من متعلقات ما قبلها (قوله)

(والشيء يدعيه شخصان معا

ولا يد ولا شهيد يدعى)

(يقسم ما بينهما بعد القسم

وذاك حكم في التساوي ملتزم)

(في بينات أو نكول أو يد

والقول قول ذي يد منفرد)

(وهو لمن أقام فيه البينة

وحالة الأعدل منها بينة)

الأبيات الأربعة يعني أن الشيء عقارا كان أو منقولا إذا دعاه شخصان مثلا كل واحد منهما يدعي جميعه لنفسه وليس لكل واحد منهما يد عليه ولا شهادة تصدق دعواه فإنه يقسم بينهما نصفين بعد اليمين وهكذا الحكم إذا استظهر كل واحد منهما ببينة وتعارضتا ولم يكن مرجح فإنهما تسقطان وتبقى الدعوى مجردة فيقسم بينهما نصفين بعد حلفهما أو نكولهما أو كان تحت أيديهما جميعًا ويقضي به للحالف على الناكل كما يقضي به لمن انفرد بوضع يده عليه بعد يمينه حيث لم تكن للآخر بينة بالملك وإلا قدمت على الحوز المجرد كما تقدم فإن أقام صاحب اليد بينة أيضا فإن كانت أرجح

ص: 131

من الأخرى أو كانت مساوية لها قضي به لصاحب اليد هذا معنى قوله وحالة الأعدل منها بينة فضمير منها يعود على البينة فتجري على نحو ما تقدم. وقوله والشيء يدعيه إلخ الشيء مبتدأ وجملة يقسم خبره وجملة يدعيه يجوز أن تكون في محل نصب على الحال من المبتدأ نظرًا لصورة التعريف ويجوز أن تكون في محل رفع نعت له نظرًا للمعنى لأن المعرف بال الجنسية في معنى النكرة مثل قول الشاعر

ولقد أمر على اللئيم يسبني

فمضيت ثم قلت لا يعنيني

فافهم وذاك إشارة إلى قسم الشيء الذي تنازعا فيه بينهما بعد القسم (تنبيهات) الأول قال الشيخ التاودي ومفهوم قوله يدعيه شيئان أحدهما أن يتفقا على أن لكل واحد منهما حظًا لكنهما يجهلانه والحكم أن الشيء يقسم بينهما نصفين كما هو الأصل في الشركة قاله ابن لب الثاني أن يدعيه أحدهما ويدعي الآخر نصفه فإن لميكن بيد واحد منهما قسم على الدعوى اتفاقًا وإن كان بأيديهما معا فقيل كذلك أي يقسم على الدعوى أيضا وهو المشهور وقال أشهب وسحنون يقسم بينهما نصفين وحيث قيل يقسم على الدعوى فقيل كالعول فيضرب مدعي الكل باثنين ومدعي النصف بواحد ويقسم على الثلث والثلثين وقيل على الدعوى والتسليم فيكون لمدعي الكل ثلاثة أرباع لأن النصف يسلمه له صاحبه والنصف الآخر هو محل النزاع فيقسم بينهما والله أعلم (الثاني) اعترض على الناظم من وجهين أحدهما أن كلامه يقتضي قسمة الشيء المتنازع فيه عاجلا وليس كذلك بل فيه تفصيل فإن كان يخشى فساده كالحيوان والرقيق والطعام فإنه يستأنى به قليلًا فإن لم يأتيا بشيء وخيف عليه قسم بينهما لأنه يحول ويزول وهو معنى الفساد وإن كان مما لا يخشى عليه الفساد كالدور فإنه يترك حتى يأتي أحدهما بأعدل مما أتى به صاحبه إلا أن يطول الزمان ولا يأتيا بشيء غير ما أتيا به أولا فإنه يقسم بينهما لأن ترك ذلك ووقفه ضرر (ثانيهما) لا مفهوم لقوله الأعدل بل غير الأعدلية من المرجحات كذلك فلو أبدل الأعدل بالأرجح لكان شاملًا لجميع المرجحات المتقدمة وقد تقدم أن الترجيح بالأعدلية إنما يعمل به فيما يثبت

ص: 132

بالشاهد واليمين (الثالث) قال القرافي فرع قال ابن أبي زيد في النوادر إذا ادعياها في يد ثالث فقال أحدهما أجرته إياها وقال الآخر أودعته إياها صدق. من علم سبق كرائه أو إيداعه ويستصحب الحال له والملك إلا أن تشهد بينة للآخر أنه فعل ذلك بحيازة عن الأول وحضوره ولم ينكر فيقضي له فإن جهل السبق قسمت بينهما قال أشهب فلو شهدت بينة أحدهما بغصب الثالث منه وبينة الآخر أن الثالث أقر له بالإيداع قضي لصاحب الغصب لتضمين بينة اليد السابقة (فرع) قال في النوادر لو كانت دار في يد رجلين وفي يد عبد لأحدهما فادعاها الثلاثة قسمت بينهم أثلاثًا أن كان العبد تاجرًا وإلا فنصفين لأن العبد في يد مولاه انتهى (الرابع) قال المواق عند قول صاحب المختصر أو لمن يقوله ما محصله أن كان بيد ثالث وادعاه لنفسه بعد تكافؤ بينتهما فقيل يبقى بيد حائزة لتجريح كل من البينتين الأخرى وعلى هذا القول أن اعترف به لأحدهما فهو لمن أقر بيده اهـ (الخامس) قال القاضي المكناسي في مجالسه ما نصه دعوى رجلين نكاح امرأة وإنكاره إياهما تعقد المقال وجميع المطالب وإنكاره فبعد الإشهاد بذلك يكلف كل واحد من المدعيين البينة على دعواه ويؤجلان على ما تقدم ذكره من ضرب الأجل وتجعل المرأة في خلال تلك الآجال عند أمينة حيث يوثق ولا حمالة عليها فإن أثبتاها معا فيعذر لكل واحد منهما في بينة صاحبه وتوقف المرأة خلال ذلك الأجل عند الأمينة كما تقدم فإن ثبتت بينة منهما وسقطت بينة الآخر ثبتت الزوجة لمن ثبتت بينته وعجز صاحبه ولا يمين على الذي ثبتت بينته ومكن من زوجته هذا إذا كانت الزوجة غير مدافعة لهما معا فإن كانت مدافعة لهما مكذبة لقولهما عقدت الأجل في دفع بينة كل واحد منهما عليها وعلى المتأجل فإن ثبتت البينتان وتكافأتا سقطتا قال ابن دبوس ناقلا عن ابن القاسم والمرأة مقرة أو منكرة قال إقرارها وإنكارها سواء فإن كان لم يدخل بها واحد منهما وكان الشهود عدولا انفسخ النكاحان جميعًا وكانت الفرقة تطليقة وإن كانت إحدى البينتين أعدل من الأخرى جعلت النكاح للأعدل وقال غيره وإن كانت إحداهما

ص: 133

أعدل سقطتا أيضا عند مالك وقال سحنون يثبت بالأعدل منهما فانظر التفصيل في محل الخلاف حيث هو أن كانت في مجلس أو مجلسين فإن لم يعلم الأول منهما وأقرت بأحدهما فلا يقبل قولها وهو مذهب المدونة ويفرق بينهما بطلقة وتأخذ من أحبت منهما أو من غيرهما وقيل يقبل قولها نقله اللخمي عن محمد بن عبد الحكم ونقله ابن دبوس عن أشهب انتهى (قال) المواق عند قول صاحب المختصر وأعدلية متناقضتين ملغات ولو صدقته المرأة ما نصه ابن عرفة فلو أقام كل بينة سقطتا ابن شاس المشهور أنه لا يرجح هاهنا بمزيد العدالة بخلاف البيع إذ لا يثبت نكاح بشاهد ويمين ويثبت به البيع ومزيد العدالة هاهنا كشاهد واحد ثم قال ولما ذكر ابن الحاجب أنه لا يقضي بالأعدل قال ولا عبرة بتصديق المرأة انتهى (وقال) صاحب الفروق فإن قيل لم يحكم بأعدل البينتين فيما عدى النكاح ولا يحكم بذلك في النكاح وفي الموضعين وجد الأعدل فما الفرق بينهما (أجيب) بأن الفرق بينهما أن غير النكاح يصح فيه أن يملكه شخصان فأكثر فيكون فيه التداعي وإذا وجدت البينة لكل واحد أو عدمت البينة فيحلفان ويقسم بينهما كما علمت بخلاف النكاح فإنه لا يكون كذلك ولأن البضع لا يقر على الشك في مراعات الترجيح لأن مراعات الترجيح الاجتهاد والاجتهاد لا ينبني على صحة المجتهد فيه فافترقا انتهى (خاتمة) لا بد في الشهادة بالملك من خمسة أمور يعتمد عليها الشاهد ويصرح بها وتكتب مفسرة لا مجملة على ما به العمل وهي كون الشيء محوزًا بيد المشهود له بالملكية وأنه ينسبه لنفسه وينسبه الناس إليه. وأنه يتصرف فيه تصرف المالك في ملكه بالهدم والاستغلال أو نحوهما. وطول المدة وأنه لا منازع له فيه ولا معارض. وأن يزيد الشهود أنه لم يخرج من ملكه في علمهم وقيل هو شرط كمال فقط وقيل شرط صحة أن كان المشهود له بالملك ميتًا وإلا فكمال وإلى هذا أشار الشيخ علي بن قاسم شهر الزقاق بقوله

يد نسبة طول كعشرة أشهر

وفعل بلا خصم الملك يجتلا

ص: 134

وهل عدم التفويت في علمهم كما

لام صحة للحي للميت ذا اجعلا

قال التاودي قال أبو الحسن ينبغي أن يكون هذا الاختلاف في الحسي وأما الميت فشرط صحة قطعا وإليه أشار بقوله للميت ذا اجعلا قال ابن مرزوق وما قاله أبو الحسن ظاهر حسن يعني لأن الحي يحلف على البت الوارث يحلف على نفي العلم فإن قطعوا بالشهادة وقالوا لم تخرج عن ملكه كانت زورا قاله في المدونة والمراد لم تقبل وقد تغتفر للعوام انتهى وفي الحطاب (تنبيه) اليد عبارة عن القرب والاتصال فاعظمها ثياب الإنسان التي عليه ونعله ومنطقته ويليه البساط الذي هو جالس عليه والدابة التي هو راكبها وتليه الدابة التي هو سائقها أو قائدها والدار التي هو ساكنها فهي دون الدابة لعدم الاستيلاء على جميعها قال بعض العلماء فيقدم أقوى اليدين على أضعفهما فلو تنازع الساكنان الدار سوي بينهما بعد إيمانها والراكب مع الراكب والسايق قيل يقدم الراكب مع يمينه اهـ فتأمله اهـ (وفي ابن سلمون) المستحقات على نوعين أصول وغيرها فأما الأصول فتكتب فيها الحمد لله يعرف شهوده فلانا ابن فلان الفلاني كمعرفتهم لعين جميع الدار أو الموضع بكذا حدودها كذا ويشهدون مع ذلك بأنها ملك من أملاكه ومال من ماله تحت يده منذ مدة كذا وأنه يتصرف فيها تصرف المالك في ملكه ينسبها لنفسه وينسبها الناس إليه لا يعلمون له فيها منازعا ولا مخاصما ولا يعلمون له فيها بيعا ولا تفويتا ولا أنها خرجت عن ملكه بوجه إلى الآن ويحوزونها بالوقوف إليها متى دعوا إلى ذلك وقيدوا على ذلك شهادتهم في كذا مسئولة منهم لسائلها عن إذن الخ هذ إذا كان المشهود له حيا فإن كان ميتا كتبت بدل إلى الآن إلى أن مات فأحاط بميراثه زوجة فلانة وبنوه منها فلان وفلان وفلان لا يعلمون له وارثا غير من ذكر ولا يعلمون لأحد من الورثة في ذلك بيعا ولا تفويتا بوجه حتى الآن ومن علم ذلك على حسبه وعرف من ذكر ويحوز الملك ويعينه أدى شهادته مسؤولة منه لسائلها في كذا عن إذن من يجب إلخ. وأما غير الأصول (فتكتب) الحمد لله يعرف شهوده فلانا كمعرفتهم

ص: 135