الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القبض وزمن الموت نعم إذا طلبت الزوجة أو الموكل يمين ورثة الزوج أو الوكيل فلها تحليف من يظن به العلم من البالغين الرشداء فيحلف على نفي العلم لا غير (قال) المهدي قوله وموت زوج أو وكيل أن عرض البيتين انظره هل هذا تقييد لما تقدم من قبول قول الوكيل في الرد مطلقًا من غير تقييد وهو الذي يدل عليه كلامهم هنا أو هذا قول من الأقوال المتقدمة المقابلة للمشهور لم أر من تعرض لذلك انتهى وقوله عرض وقبض مبنيان للفاعل بفتح الراء والباء ودفع مضاف وما اسم موصول مضاف إليه وبتحقيق متعلق بقبض وجملة قبض صلة ما والعائد من الصلة إلى الموصول محذوف تقديره قبضه والضمير المستتر في قبض يعود على الزوج أو الوكيل والله أعلم (ولما) كان من أفراد الوكالة وكالة الخصام ولا يقع الخصام بين المتداعيين إلا مع الإنكار والغالب إذا طال بينهما الخصام فيما تنازعا فيه الرجوع إلى الصلح ناسب أن يكون باب الصلح عقب باب الوكالة فلهذا ذكره عقبة فقال
باب الصلح وما يتعلق به
أي هذا باب في بيان حكم الصلح وبيان ما يقع بين الناس منه في الغالب صحة وفسادا وما ينقض وما لا ينقض (والصلح) والإصلاح والمصالحة لغة قطع المنازعة قال في المصباح مأخوذ من صلح الشيء صلوحًا من باب قعد وصلاحا أيضا وصلح بالضم لغة وهو خلاف فسد وصلح يصلح بفتحتين لغة ثالثة فهو صالح وأصلحته فصلح وأصلح أتى بالصلاح وهو الخير والصواب وفي الأمر مصلحة أي خير والجمع المصالح وصالح صلاحًا من باب قاتل والصلح اسم منه وهو التوفيق ومنه صلح الحديبية وأصلحت بين القوم وفقت وتصالح القوم واصطلحوا وهو صالح للولاية أي له أهلية للقيام بها اهـ وفي مختار الصحاح والصلاح بكسر الصاد مصدر المصالحة والاسم الصلح يذكر ويؤنث وقد اصطلحا وتصالحا وأصالحا بتشديد الصاد والإصلاح ضد الإفساد
والمصلحة واحدة المصالحة اهـ (واصطلاحا) عرفه الإمام ابن عرفة بقوله انتقال عن حق أو دعوى بعوض لرفع نزاع أو خوف وقوعه فقوله رحمه الله تعالى عن حق يدخل فيه صلح الإقرار. وقوله أو دعوى يدخل فيه صلح الإنكار. وقوله بعوض متعلق بانتقال يخرج به الانتقال بغير عوض. وقوله لرفع نزاع أو خوف وقوعه يخرج به الانتقال لا لرفع نزاع ولا لخوف وقوعه كبيع الدين ونحوه من البياعات. ويدخل في قوله أو خوف وقوعه الصلح عن إقرار وإنكار. وفي الرضاع قال شيخنا أبو عبد الله محمد بن عقاب رحمه الله تعالى وذكر الانتقال فيه إشكال لأنه مسبب عن الصلح لا أنه هو فتأمله والله أعلم (وأركانه) ثلاثة العاقد وهو المصالح ويتناول كل واحد من المتصالحين وشرط صحة عقده التمييز ولزومه التكليف كالبيع. والمعقود عليه ويتناول المصالح به والمصالح عنه بشروطهما الآتية والصيغة أو ما يقوم مقامهما كالمعاطاة (والأصل) في مشروعيته الكتاب قال الله تعالى {فأصلحوا بين أخويكم} وقال تعالى {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس} وقال تعالى {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا إلى قوله فلا جناح عليهما أن يصالحا} . والسنة فقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم. وروى أن كعب ابن مالك تقاضى من أبي حدرد دينا له عليه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد فارتفعت أصواتهما حتى سمعهما النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيته فخرج حتى كشف سجف حجرته فنادى كعب بن مالك فقال يا كعب فقال لبيك يا رسول الله فأشار بيده أن ضع الشطر فقال كعب قد فعلت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قم فاقضه الحديث. وإجماع الأمة على ذلك. وحكمة مشروعيته دفع التشاجر وإصلاح ذات البين بين الناس (وحكم) الشرع فيه الجواز وإليه أشار الناظم رحمه الله تعالى بقوله
(والصلح جائز بالاتفاق
…
لكنه ليس على الإطلاق)
يعني أن حكم الصلح الجواز باتفاق العلماء لأنه مشروع لكنه جوازه ليس على إطلاقه بل يجوز ما لم يؤد إلى حرام لقوله صلى الله عليه وسلم الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حرامًا والمسلمون على شروطهم إلا شرطًا حرم حلالًا أو أحل حرامًا وفسر تحليل الحرام بأمثلة منها من صالح على دار ادعاها بخمر أو خنزير أو غير ذلك مما لا تجوز المعاوضة فيه وفسر تحريم الحلال كمن صالح عن سلعة بثوب بشرط أن لا يلبسه ولا يبيعه إلى غير ذلك من وجوه التحجير (قال) ابن عرفة وهو أي الصلح من حيث ذاته مندوب إليه وقد يعرض وجوبه عند تعيين مصلحة وحرمته وكراهته لاستلزامه مفسدة واجبة الدرء أو راجحته كما مر في النكاح للخمي وغيره اهـ فيراد بالجواز في كلام الناظم ما يشمل المندوب والواجب وقد تقدم نحو هذا عند قول الناظم والصلح يستدعي له أن أشكلا. البيتين خ وأمر بالصلح ذوى الفضل والرحم كان خشي تفاقم الأمر انتهى. وخرج بالاستدراك الحرام والمكروه فيفسخ في الحرام ويمضي في المكروه. وقول أصبغ ينفذ الحرام ويمضي مراده بالحرام ما حرم على دعوى إحدهما دون الآخر لا الحرام مطلقًا والمراد بالمكروه ما هو ممنوع على ظاهر الحكم كما يأتي في الصلح على الإنكار وإلى هذا أشار الزقاق بقوله. وإن يقع الصلح الكريه فامضين. ولو حادثا وافسخ حراما وقيل لا. ويكون الصلح في الدماء والفروج كالخلع والأموال وهو دائر فيها بين خمسة أوجه (البيع) أن كانت المعاوضة فيه عن أعيان. والصرف أن كان أحد النقدين عن الآخر. والإجارة أن كانت عن منافع. والإحسان وهو ما يعطيه المصالح من غير إلحاح على وجه الهبة. ودفع الخصومة أن لم يتعين شيء من ذلك فمتى يتعين أحد هذه الأبواب روعيت فيه شروطه للحديث المتقدم. ولما ذكر أنه غير جائز على الإطلاق شرع في بيان وجه ذلك فقال.
(وهو كمثل البيع في الإقرار
…
كذاك للجمهور في الإنكار)
يعني أن الصلح على الإقرار وكذلك على الإنكار عند جمهور العلماء حكمه كالبيع فيما يحل ويحرم قال الله تعالى {وأحل الله البيع وحرم الربا فما جاز في البيع يجوز في الصلح وما لم يجز في البيع لم يجز في الصلح (ثم) أن كان الصلح في الإقرار على أخذ ذات غير المدعى به فهو بيع لذات المدعى به فيشترط فيه شروط البيع من كون كل من المدعى به والمأخوذ عوضًا طاهرًا منتفعًا به مقدورًا على تسليمه معلومًا غير مجهول وانتفاء موانعه كدعواه بعرض أو حيوان أو طعام فأقر به فصالحه على دنانير أو دراهم نقدًا أن كان المدعى فيه في الذمة لئلا يلزم عليه فسخ الدين في الدين (أما) أن كان معينًا فلا يشترط طكون المصالح به نقدًا. وعلى عرض أو طعام مخالف للمصالح عنه نقدًا. وأما لأجل فيمنع لربا النسائ أن كان طعامًا (فإن) اختل شرط من شروط البيع كصلحه على ثوب بشرط أن لا يلبسه أو لا يبيعه على شيء غير منتفع به كالفرس الذي يكلب أو كان غير مقدور على تسليمه كالعبد الآبق والبعير الشارد أو بشيء نجس أو مجهول أو إلى أجل مجهول لم يصح إلا أن المدعى به أن كان مجهولا لا يقدر على الوصول إلى معرفته جاز وإلا فلا كما في الحطاب. وفي المواق قال المتيطي يعقد فيها قام فلان على فلان يزعم أن له حقا لا يعرف قدره ولا مبلغه ثم أن فلان المدعى عليه خشي أن يكون للقائم علقة فيما خلا أو حق فيما سلف وإن كان لا يعرف شيئًا من ذلك فرأى أن يتحلل من دعواه بأن يدفع له كذا فرضي بذلك فلان القائم وقطع حجته وأسقط التبعة اهـ وإن كان الصلح على أخذ منافع فهو إجارة للمصالح به على الذات المدعى بها فيشترط فيها شروط الإجارة كأن يكون المدعى به معينًا كهذه الدابة فيجوز صلحه عنها بمنافع معينة أو مضمونة لعدم فسخ الدين في الدين. وإن كان المدعى به غير معين بأن كان في الذمة كدينار أو ثوب موصوف لم يجز الصلح عليه بمنافع معينة أو مضمونة لأنه فسخ دين في دين بناء على أن قبض الأوائل ليس قبضا للأواخر وهو مذهب ابن القاسم أما على أن قبض الأوائل قبض للأواخر وهو مذهب أشهب فالجواز. وإن كان على أخذ بعض المدعى به فهو إبراء
من البعض المتروك وهل يشترط فيه قبول المدعى عليه والحيازة قبل موت المدعي أو فلسة لأنه هبة أو لا يشترط ذلك لأنه ليس هبة حقيقة وهو المعتمد كما في الدسوقي قولان. وإن كان على الإنكار فيشترط فيه شروط الصلح على الإقرار وثلاثة شروط أخر على مذهب الإمام مالك أن جاز على دعوى المدعي وعلى دعوى المدعى عليه وعلى ظاهر الحكم الشرعي بأن لا تكون هناك تهمة فساد. واعتبر ابن القاسم الشرطين الأولين فقط. واعتبر أصبغ أمرًا واحدًا وهو أن لا تتفق دعواهما على فساد (فمثال) ما توفرت فيه الشروط الثلاثة أن يدعي إنسان على آخر بعشرة حالة فأنكر ثم صالحه عنها بثمانية معجلة أو بعرض حال. ومثال ما يجوز على دعواهما ويمتنع على ظاهر الحكم أن يدعى بمائة درهم حالة فيصالحه على أن يؤخره بها إلى شهر أو على خمسين مؤخرة لشهر فالصلح صحيح على دعوى كل لأن المدعي أخر صاحبه أو أسقط عنه البعض وأخره لشهر والمدعى عليه افتدا من اليمين بما التزم أداءه عند الأجل ولا يجوز على ظاهر الحكم لأنه سلف بمنفعة فالسلف التأخير والمنفعة سقوط اليمين المنقلبة على المدعي عند الإنكار بتقدير نكول المدعى عليه أو حلفه فيسقط جميع الحق المدعى به فهذا ممنوع عند الإمام جائز عند ابن القاسم وأصبغ. ومثال ما يمتنع على دعواهما أن يدعي عليه بدراهم وطعام من يبيع فيعترف بالطعام وينكر الدراهم فيصالحه على طعام مؤجل أكثر من طعامه أو يعترف بالدراهم ويصالحه بدنانير مؤجلة أو بدراهم أكثر من دراهمه فيفسخ لما فيه من السلف بزيادة والصرف المؤخر عند الإمام وابن القاسم وأصبغ لاشتمال هاته الصورة على الأمور الثلاثة لا على الأمرين فقط. ومثال ما يمتنع على دعوى المدعي وحده أن يدعي عليه بعشرة دنانير فينكرها فيصالحه على مائة درهم إلى أجل فهذا يمتنع على دعوى المدعي وحده للصرف المؤخر ويجوز على إنكار المدعى عليه لأنه إنما صالحه على الافتداء من اليمين الواجبة عليه فهذا ممتنع عند مالك وابن القاسم وجائز عند أصبغ إذ لم تتفق دعواهما على فساد. ومثال ما يمتنع على دعوى المدعى عليه وحده أن يدعى إنسان على آخر
بعشرة أرادب قمحًا من قرض وقال المدعى عليه إنما لك علي خمسة من سلم وأراد أن يصالحه على دراهم أو دنانير فهذا جائز على دعوى المدعي لأن طعام القرض يجوز بيعه قبل قبضه ويمتنع على دعوى المدعى عليه لعدم جواز بيع طعام السلم قبل قبضه فهذا ممتنع عند مالك وابن القاسم وأجازه أصبغ كالذي قبله (تنبيه) المراد بظاهر الحكم ما ظهر من الأحكام الشرعية وهي النسب التامة في قولهم تهمة سلف جر نفعًا توجب الحرمة تهمة بيع الطعام قبل قبضه توجب الحرمة والمراد بكون الصلح جائزًا على ما ظهر للعلماء من تلك الأحكام أن يكون ذلك الصلح ليس فيه شيء من تلك الأحكام التي ظهرت لهم؟ ؟ ؟ للمنع لا أن المراد به خطاب الله تعالى المتعلق أفعال المكلفين لأنه لا اطلاع لنا عليه قاله الدسوقي (تتميم) ويجوز الصلح على مقتضى السكوت كان يدعي إنسان على آخر بشيء مبين فيسكت ثم يصالحه على شيء عما يقتضيه السكوت ويترتب عليه من حبس وتعزير حتى يقر المدعى عليه أو ينكر فيعامل بمقتضى كل منهما كما تقدم عند قوله
ومن أبى إقرارا أو إنكار
…
لخصمه كلفه إجبارا
على أن يترك الدعوى وهو عند ابن محرز كالإقرار والإنكار فيعتبر فيه الشروط الثلاثة المتقدمة الآتية على مذهب الإمام وإنما جعله مثلهما لأنه يحتملها فأعطي حكمهم فلو ادعي عليه بدينار فسكت فصالحه على درهم مؤخر لم يجزبالنظر لدعوى المدعي وأما بالنظر للمدعى عليه فيجوز لاحتمال إنكاره ولو ادعى عليه بإردب من قرض فسكت فصالحه بدينار لم يجز بالنظر للمدعى عليه لاحتمال إقراره وأنه من بيع (فرع) يجوز الصلح عن دين بما تصح به المعاوضة عن الدين كدعواه عرضا أو حيوانًا أو طعامًا فيصالحه بدنانير أو دراهم أو بهما أو بعرض أو بطعام مخالف للمصالح عنه نقدًا ويمنع بمنافع كسكنى دار أو بمؤخر لئلا يؤدي إلى فسخ دين في دين أو صرف مؤخر لأنه ربا نساء كما لو صالحه عما يدعيه عليه من الدنانير أو الدراهم التي في ذمته من قرض أو من بيع بفضة أو بدنانير مؤجلة أو كان يؤدي إلى
بيع الطعام قبل قبضه كصلحه عن طعام من بيع بدراهم أو غيرها أو يؤدي إلى ضع وتعجيل كصلحه من عشرة دنانير أو دراهم أو أثواب مؤجلة بثمانية نقدا (ثم) شرع في توضيح قوله وهو كمثل البيع في الإقرار البيت فقال
(فجائز في البيع جاز مطلقًا
…
فيه وما اتقى بيعا يتقي)
(كالصلح بالفضة أو بالذهب
…
تفاضلا أو بتاخر أبي)
يعني أن ما جازت معاوضته في البيع يجوز في الصلح مطلقًا سواء كان عن إقرار أو إنكار أو سكوت فيجوز الصلح عن دين بما يباع به كدعواه عرضًا فيصالحه عنه بدراهم أو دنانير نقدًا كما تقدم بيانه نصا سواء وما امتنعت معاوضته في البيع يمتنع في الصلح فيمتنع بمنافع كسكنى دار لئلا يؤدي إلى فسخ دين في دين كما مر وبفضة عن فضة أكثر منها أو أقل أو ذهب عن ذهب أكثر منه أو أقل ولو مناجزة لأنه يؤدي إلى ربا الفضل وبأحدهما عن الآخر إلى أجل لأنه يؤدي إلى ربا النساء خ وحرم في نقد وطعم ربا فضل ونساء أما لو أخذ فضة عن فضة قدرها أو ذهبا عن ذهب قدره ولو نسيئة فهو جائز لأنه اقتضاء دين لا صلح كما لو أخذ فضة عن ذهب والعكس مناجزة وقوله اتقى ويتقي وأبي الثلاثة مبنية للنائب ومعنى أبي منع وقوله
(والصلح بالمطعوم في المطعوم
…
نسيئة رد على العموم)
يعني أن من له طعام على آخر سواء كان من قرض أو وديعة أو هبة فلا يجوز أن يصالحه عليه بطعام آخر إلى أجل لأنه يؤدي إلى ربا النساء وفسخ دين في دين وإن كان من بيع لم يجز الصلح عنه أيضا لا بطعام ولا بغيره لا حال ولا مؤجل لأنه يؤدي إلى بيع الطعام قبل قبضه وفسخ دين في دين وقوله
(والوضع من دين على التعجيل
…
أو المزيد فيه للتأجيل)
يعني أنه لا يجوز الصلح على أن يوضع من الدين شيء على تعجيل باقية فهو ممنوع
في باب البيع وكذا في الصلح وكذلك يمتنع تأخير الدين للزيادة فيه ولعله لا فرق بينهما إلا في تسميته بيعا أو صلحا ووجه المنع في المسألة الأولى أن من عجل ما لم يجب عليه يعد مسلفا فقد سلف الآن ثمانية من عشرة عليه إلى شهر مثلا ليقضي من نفسه عشرة عند الأجل فهو سلف جر نفعًا وفي الثانية سلف جر نفعًا ظاهر. وقوله
(والجمع في الصلح لبيع وسلف
…
وما أبان غررا بذا اتصف)
يعني أنه كما يمتنع الجمع بين البيع والسلف في باب البيع على مذهب ابن القاسم يمتنع في باب الصلح فمن كان له على غريمه دينار وهو مقر به أو منكر فيصطلحان على أن يأخذ رب الدين من غريمه عرضا بنصف دينار والنصف الآخر يؤخره به إلى أجل فقد اجتمع فيه البيع والسلف لأن العرض مبيع بنصف الدينار والنصف الآخر منه سلف إلى الأجل الذي أخره إليه. وقوله وما أبان غررًا بذا اتصف يعني لا يجوز الصلح بما فيه غرر كالعبد الآبق والبعير الشارد لعدم جوازه في البيع كما مر وقوله بذا الإشارة راجعة إلى الحكم السابق وهو المنع أي والصلح الذي أظهر غررا اتصف بالمنع كالبيع وقوله
(والصلح بالطعام قبل القبض
…
من ذمة فذاك غير مرضي)
(وإن يكن يقبض من أمانة
…
فحالة الجواز مستبانة)
يعني كما لا يجوز بيع الطعام قبل قبضه من بيع كذلك لا يجوز الصلح به قبل قبضه من ذمة من هو في ذمته أن كان من بيع أما أن كان الطعام المصالح به قبل قبضه من قرض أو هبة ونحوهما فالصلح به جائز كبيعه وقوله من ذمة قال أبو البقاء صوابه والصلح بالطعام قبل القبض من ذمة ما لم يكن من قرض ولهذا قال التاودي وقوله من ذمة صوابه من بيع لأن محترزه طعام القرض وهو في الذمة أيضا لا طعام
الأمانة فقط كما عبر به في مفهومه إذ قال وإن يكن يقبض من أمانة البيت وقوله (فصل) أي هذا فصل في مسائل من الصلح وقوله
(وللأب الصلح عن المحجور
…
ولو بدون حقه المأثور)
(إن خشي الفوت على جميع ما
…
هو به يطلب من قد خصما)
(والبكر وحدها تخص هاهنا
…
بعفوه عن مهرها قبل البنا)
يعني أنه يجوز للأب الصلح عن ولده الذي تحت حجره وفي ولايته ذكرًا كان أو أنثى بقدر حقه الذي يصير إليه بعد الخصام أو بأقل منه أن خشي فوات جميع الحق بتجريح بينته أو بكثرة مصاريف الخصم فيكون الصلح ببعضه أولى من فوت جميعه أو فوت أكثر من القدر الذي يصالح به أما الحق الثابت الذي لا خصام فيه ولا يخشى عليه الضياع فلا يجوز فيه الصلح عنه بأقل من حقه إذ لا نظر فيه ولا مصلحة فإن فعل رده القاضي واستوفى له حقه ولا يترك وتركه من التضييع فإن غفل عليه حتى رشد المولى عليه كان له القيام على الغريم إلا البكر فإنها اختصت من سائر أخوتها المولى عليهم بأنه يجوز لأبيها العفو عن نصف صداقها أن طلقها زوجها قبل البناء لقول الله تعالى {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح الآية والذي بيده عقدة النكاح عندنا الأب وكذا قبل الطلاق إذا كان مصلحة لا بعد البناء ولو سفيهة ولا بعد موت الزوج قبل البناء أو بعده فلا يجوز العفو (تنبيه) كما يجوز للأب الصلح عن محجوره إذا كان طالبًا يجوز صلحه عنه إذا كان مطلوبًا وهو من باب أولى كل ذلك مع عدم الغبن والضرر وإلا فلا يجوز كالوصي إذ لا فرق بينهما على التحقيق والله أعلم وقوله
(وللوصي الصلح عمن قد حجر
…
يجوز إلا مع غبن أو ضرر)
يعني أنه يجوز للوصي أن يصالح عن محجوره طالبًا كان أو مطلوبًا إذا كان في صلحه
سداد ونظر أما أن كان فيه غبن أو ضرر عليه في حقه فإنه لا يجوز وينقض أن وقع كما مر في صلح الأب وحاصل فقه المسئلة في الصلح عن المحجور أن المحجور لا يخلو أما أن يكون طالبًا أو مطلوبًا وفي كل ثلاثة أقسم فإن كان طالبًا والحق ثابت لم يجز الصلح عنه باتفاق وإن كان الحق غير ثابت ولا يرجى له ثبوت فالصلح جائز وإن كان الحق غير ثابت في الحال ولكن يرجى ثبوته في المثال فالصلح ممنوع وأما أن كان المحجور مطلوبًا فإن كان الحق الذي يطالب به غير ثابت ولا مرجو الثبوت لم يجز الصلح بحال وإن كان الحق ثابتًا جاز الصلح بمثله فأقل وإن كان يخشى ثبوته فقولان والمعتمد منهما الجواز كما في التسولي وغيره (فرع) وفي المعيار سئل ابن الفخار عن صلح الوصي عن الأيتام في يمين القضاء فأجاب لا يجوز حتى يرى أنه يحلف وإلا لم يجز وتعرف عزيمته بقرائن الأحوال انتهى وتقدم هذا في باب اليمين وقوله. وللوصي متعلق بيجوز وقوله
(ولا يجوز نقص صلح أبرما
…
وإن تراضيا وجبرا ألزما)
يعني أن الصلح إذا وقع بين متخاصمين على وجه جائز ثم أراد أحدهما نقضه والرجوع إلى ما كانا عليه من الخصام فإنه لا يجوز وإن وافقه الآخر على ذلك وتراضيا عليه لأنه انتقال من معلوم إلى مجهول وهو ممنوع لما فيه من المخاطرة هذا إذا وقع عن إنكار بدليل التعليل أما إذا وقع عن إقرار فإنه يجوز نقضه بتراضيهما لأنه إقالة منه واحترزت بقولي على وجه جائز عما إذا وقع على وجه فاسد متفق على فساده فإنه ينتقض ولو تراضيا على عدم نقضه وفي نقض الصلح المختلف فيه وهو المشهور وعدم نقضه وبه العمل قولان تقدمت الإشارة إليهما بكلام الزقاق وكلام التسولي هنا لا يعول عليه كما في حاشية المهدي (ولما) كان المصالح به لا يحل أخذه للظالم من المتصالحين فيما بينه وبين الله تعالى بل ذمته مشغولة للمظلوم منهما ولو حكم به حاكم لأن حكم الحاكم لا يحل الحرام سواء كان مأخوذًا أو متروكًا فإن كان الظالم
هو المدعي حرم عليه الشيء المأخوذ وإن كان الظالم هو المدعى عليه حرم عليه الشيء المتروك فرع الفقهاء رضي الله تعالى عنهم على هذا فروعًا ثمانية منهم ما يسوغ للمظلوم نقض الصلح فيها ومنها ما لا يسوغ له ذلك أشار الناظم إلى فرع منها بقوله
(وينقض الواقع في الإنكار
…
أن عاد منكر إلى الإقرار)
يعني أن الظالم إذا أقر ببطلان دعواه بعد وقوع الصلح فإن للمظلوم نقضه بلا خلاف ولو أسقط في عقد الصلح البينات لأنه كالمغلوب على الصلح بالإنكار وإن شاء أمضاه وضمان ما قبض كل منهما من قابضه (الثاني) أن تشهد بينة للمظلوم على الظالم لم يعلمها المظلوم عند الصلح ولابد من حلفه على عدم العلم (الثالث) من صالح وله بينة غائبة يعلمها وهي بعيدة جدًا كخراسان من إفريقية وأشهد أنه يقوم بها أعلن بالإشهاد عند الحاكم أو لم يعلن بها كما يأتي في الفرع الخامس (الرابع) من صالح لعدم وثيقته ثم وجدها بعد الصلح على الإنكار وقد أشهد أنه يقوم بها أن وجدها فله نقض الصلح إذا وجدها كما إذا نسيها حال الصلح ثم تذكرها فإنه يحلف ويقوم بها (الخامس) من ادعى عليه شخص بشيء معلوم فأنكره فاشهد المدعي سرًا أن بينته غائبة بعيدة الغيبة وأنه إنما يصالح لأجل بعد غيبة بينته وإنه يقوم بها أن قدمت والحال أنه لم يعلن بالإشهاد عند الحاكم ثم صالحه ثم قدمت بينته فله القيام بها كمن أشهد وأعلن (السادس) أن يكون المدعى عليه يقر بلحق سرا ويجحده علانية فاشهد المدعى ببينة على جحده علانية ثم صالحه على التأخير أو إسقاط بعض الحق ونحوهما وأشهد بينة لم يعلم بها المدعى عليه على أنه غير ملتزم للتأخير أو الإسقاط وإنما فعل ذلك الصلح ليقر له علانية فإنه يعمل بذلك وينفعه وشرط هذا الإيداع ويعبر عنه بالاسترعاء والاستحفاظ تقدمه على الصلح ولو بساعة ولهذا ينبغي أن يؤرخ بوقت كذا لا باليوم إذ قد يقع الصلح في ذلك اليوم فلا ينتفع به إذ لا يعلم أيهما قبل صاحبه وثبوت إنكار المدعى عليه ورجوعه بعد الصلح إلى الإقرار وثبوت خوف المشهد
المسترعي من نحو ظالم وإلا لم يفده ذلك إلا في التبرعات فلا يشترط فيها إثبات التقية على المشهور. وأما ما لا ينقض فيه ففرعان (الأول) من ادعى على رجل بدين فأنكره ثم صالحه عليه وهو عالم ببينته ولم يشهد بأنه يقوم بها فإنه لا قيام له بها ولا ينقض صلحه سواء كانت بينته حاضره أو غائبة غيبة قريبة أو بعيدة لا جدا ولو لم يصرح بإسقاطها لأن إعراضه عنها يعد منه إسقاط لها فلو أشهد فالحكم ما تقدم (الثاني) من ادعى على شخص بحق فأقر له به غير أن المدعى عليه قال للمدعى احضر بينتك التي فيها حقك وامحها أو مزقها وخذ ما فيها فقال ضاعت مني وأنا أصالحك فصالحه ثم وجد الوثيقة بعد ذلك فإنه لا قيام له بها ولا ينقض الصلح والفرق بين هذا وبين ما سبق وهو أنه إذا وجد وثيقته بعده فله نقضه هو أن الغريم في هذا يقر بالحق وما سبق الغريم فيه منكر للحق والحال أن صاحب الدين قد أشهد كما مر (تنبيهان) الأول قول العوام أن صلح المنكر إثبات لحق الطالب جهل منهم وإنما له القيام ببينة تعرف أصل حقه قاله صاحب اختصار المتيطية (الثاني) قال التاودي على قول الزقاق كذلك الاستحفاظ فاترك ما نصه أي لما يلحق الشاهد من الضرر من المشهود عليه لأن الاستحفاظ وهو الاسترعاء أيضا ويسمى إيداع الشهادة إنما يكون في الغالب على الظالم خوفًا من سطوته أو من القاضي لما ذكروه من أنه لا يكتب إلا عن إذن القاضي فيسجل عليه أو يكتب بخطه أذنت للعدلين فلان وفلان أن يكتبا الاسترعاء لفلان وفي مجالس المكناسي أن القاضي ينهى عنه لأنه خدعة ولا يضبط معه عقد وأكثر ما يفعله أهل الحيل وينفع في التبرعات مطلقًا والأصل فيه ما في المستخرجة أن مالكًا سئل عن الرجل يهرب عبده لدار الحرب فيكتب له اخرج وأنت حر بعد أن يشهد أنه غير ملتزم لعتقه قال مالك لا يلزمه العتق والعبد رقيق وسئل سحنون عن رجل طلب منه السلطان عبده ليشتريه منه فاعتقه أو دبره وقال إنما فعل ذلك خوفًا من السلطان قال لا يلزمه شيء من ذلك قال ابن سهل وكل ما استرعى فيه من عتق أو طلاق أو حبس نفعه قال ويصدق المشهد فيما يذكره من التوقع ولو لم يعرف إلا من قوله وأما المعاوضات فلا بد فيها
من ثبوت التقية والقيام بها بعد زوالها بالفورية وقال سحنون في الذي يقر سرًا ويجحد علانية فيقول أخرني وأقر فاشهد المدعي في السر أنه إنما يصالحه لأجل إنكاره وإذا وجد بينة قام قال لا يلزمه الصلح أن ثبت جحد وثبت أصل الحق والظالم أحق بالحمل عليه هـ وصوبه ابن يونس وإذا ثبتت الاستطالة والقهر كان للبائع وغيره القيام لو لم يسترع وإذا زوجه خوفا منه واسترعى بذلك وأنه لو لم يزوجه لاحتازها من غير نكاح فالنكاح مفسوخ أبدا قاله ابن الماجشون وغيره وكذلك التي تخالع ثم تثبت الضرر أن استرعت اتفاقًا وكذلك لو لم تسترع خ ولا يضرها إسقاط البينة المسترعاة على الأصح فإن صالح أسقط في عقد الصلح الاسترعاء وكان قد استرعى واسترعى في الاسترعاء قام بالاسترعاء في الاسترعاء فإن أسقط الاسترعاء والاسترعاء في الاسترعاء فلا قيام له ولو استرعى فيه إذ لا استرعاء في الاسترعاء على الصحيح فما يكتب من قولهم ما تكرر وتناهى لا طائل تحته وأحسن من ذلك كله كما في ابن غازي عن المتيطي أن يقول كل بينة تقوم له بالاسترعاء فهي سقاطة كاذبة وإقراره أيضا أنه لم يسترع ولا وقع بينه وبينه شيء يوجب الاسترعاء فإن ذلك يسقط ويخرج به من الخلاف لأنه يصير مكذبا للبينة ومبطلا لها وهو من دقيق الفقة اهـ ويؤرخ فيه بالساعة ليعلم تقدمه ابن الهندي فإن كان تاريخ الاسترعاء والحبس واحدًا لم يضر ذلك وتقدمه أتم (فائدة) يطلق الاسترعاء بمعنى الاستحفاظ كما تقدم ويطلق على ما قابل شهادة الأصل لأن التوثيق بأسره ينقسم إلى قسمين أصل واسترعاء فالأصل ما يمليه المشهود عليه على الشاهد كإشهاد المتعاقدين بالبيع أو النكاح أو غيرهما والاسترعاء شهادة الشاهد بما في علمه من عسر أو يسر أو حرية أو رق أو ملك أو غير ذلك اهـ وقد تقدم هذا في باب الشهادات وقوله
(والتركات ما تكون الصلح
…
مع علم مقدرًا لها يصح)
يعني أن الصلح يصح بين الورثة في التركات التي توجد مخالفة عن مورثهم سواء كانت عينا أو عرضا أو حيوانا أو ملفقة من البعض أو الكل أو غير ذلك بشرط علم كل واحد من الورثة قدر منابه منها وسواء وقع التنصيص عليها في الوثيقة أو لم يقع فإن لم يعلم ما ينوبه منها لم يجز لما تقدم من أن الصلح كالبيع وبيع المجهول لا يجوز فكذلك الصلح على مجهول لا يجوز وقوله ما بمعنى التي وتكون أي توجد وقوله
(ولا يجوز الصلح باقتسام ما
…
في ذمة وإن أقر الغرما)
يعني أن التركة إذا كان فيها ديون على أناس فلا يجوز للورثة أن يقتسموا تلك الديون بأن يستولى واحد غريما وآخر غريما آخر وهكذا ولو أقر الغرماء بالدين بل تبقى الديون على حالها بينهم فمتى اقتضوا منها شيئًا اقتسموه ولا تقسم الذمم لورود النهي عن الذمة بالذمة وقوله
(والزرع قبل ذروه والثمر
…
ما دام مبقى في رؤس الشجر)
يعني أنه لا يجوز الصلح على قسم الزرع قبل ذروه والثمر في رؤس الشجر قبل جذاذه تحريا لما فيه من الغرر والمخاطرة من غير ضرورة تدعو إلى ذلك ولأنهما ربويان والشك في التماثل كالتحقق في التفاضل بل حتى يصفى الزرع ويجذ الثمر فيقسم كل بمعياره فإن اقتسموه جهلا منهم لم يصح وكان على الشركة وما أصابه من جائحة ونحوها فبينهم وقوله والزرع بالجر عطف على ما أي لا يجوز الصلح ولا يصح باقتسام ما في ذمة ولا باقتسام الزرع وقوله
(ولا بإعطاء من الوارث
…
للعين في الكالئي والميراث)
(وحيث لا عين ولا دين ولا
…
كالئي ساغ ما من إرث بذلا)
يعني أنه لا يجوز للورثة أن يصطلحوا مع زوجة الهالك على أن يعطوها عينا في مقابلة
كالئي صداقها وميراثها من زوجها للجهل بباقي التركة بعد بيع ما يقضى به الدين منها لأن الدين مقدم على الميراث ومحل المنع أن كان المصالح به أكثر من صداقها أما أن كان قدره أو أقل جاز لأنها لما أخذت قدر صداقها فأقل فكأنها أخذت صداقها أو بعضه ووهبت ميراثها ولا إشكال في الجواز قاله أبو الحسن فإن لم يكن في التركة عين ولا دين ولا كالئي على الهالك لزوجته فإنه يجوز لهم أن يصالحوها بدنانير أو دراهم أو غير ذلك كان ذلك القدر المبذول قدر ميراثها أو أقل أو أكثر بشرط علم مقدارها من ذلك وقوله ما من إرث ما فاعل بساغ ومن إرث بيان لما ومتعلق ببذلا وجملة بذلا صلة ما (تنبيه) من ادعى الجهل بعد اعترافه بالمعرفة هل يقبل قوله إذا كان من شأنه ذلك كالمرأة التي لا تخرج بعد يمينه وهو ما ذهب إليه ابن رشد وغيره أولا يقبل قوله عملا بإقراره وهو ما ذهب إليه ابن العطار قولان وبالأول العمل وقوله
(وإن يفت ما الصالح فيه يطلب
…
لم يجز إلا مع قبض يجب)
يعني أن من ادعى على أخر بأنه غصبه حيوانًا أو ثوبًا مثلا وفات ذلك بيد المدعى عليه بموت أو تغيير يوجب عليه القيمة وأرادا أن يتصالحا على ذلك فإنه لا يجوز الصلح عنه إلا بمعجل لأنه بنفس الفوات وجبت عليه القيمة فلا تفسخ في مؤخر وفهم منه أنه إذا كان قائما جاز أن يتصالحا عليه بمعجل وبمؤجل وهو كذلك كالبيع وهو يجوز بالمعجل وبالمؤجل وقوله
(وجائز تحلل فيما ادعي
…
ولم تقم بينة للمدعي)
هو معنى قول المدونة وإن صالح رجل رجلا في حق ادعاه عليه في داره ولم يسمه فإن عرفاه جميعًا أو جهلاه جميعًا جاز وإن جهله أحدهما لم يجز انتهى وفي المتيطية في الصلح على دعوى مجهولة يعقد فيها قام فلان على فلان يزعم أن له قبله حقا لا يعرف قدره ولا مبلغه ثم أن فلانا المدى عليه خشي أن يكون للقائم علقة فيما خلا أو حق
فيما سلف وإن كان لا يعرف شيئًا من ذلك فرأى أن يتحلل من دعواه بأن يدفع له كذا فرضي بذلك فلأن القائم وقطع حجته وأسقط التبعة وقد تقدم ويحتمل كلام الناظم معنى آخر وهو أنه يجوز الصلح على الافتداء عن يمين توجهت على المدعى عليه ولو علم براءة نفسه وقيل أن علم براءة نفسه وجبت اليمين ولا يجوز له أن يصالح لأربعة أمور إذلال نفسه وقد قالرسول الله صلى الله عليه وسلم من أذل نفسه أذله الله. وإضاعة المال. وإغراء الغير. وإطعام ما لا يحل. ورده الغبريني نقلا ومعنى أما نقلا فلان عثمان بن عفان صالح عن يمينه وأبا بكر وعمر حلفا فلأمر أن جائز أن وأما معنى فلان ما استدل به لا ينهض لأن في صلحه إعزاز نفسه لأن الخصومات مرجوحة ولاسيما كثرتها ولم يضيع ماله بل ادخره عنده وكونه أطعمه مالا حرامًا وجرأه على الغير ليس باختياره وإنما هو مضطر لذلك وظلم هو نفسه قال الله تعالى {إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير حق} (قلت) وحمله على كلام المدونة أظهر كما في الشارحين خلافا للتاودي لأن اليمين ليست هي المدعى بها وإنما اليمين تكون لازمة عند عدم البينة كما هو الفرض كذا في حاشية المهدي عليه وقوله ولم تقم الواو للحال وقوله
(والصلح بالكالئي حيث حلا
…
بالصرف للعين لزوج حلا)
يعني أنه يجوز للزوج أن يصالح عن كالئي زوجته الذي في ذمته إذا حل أجله بدراهم عن دنانير أو العكس وسواء كان مقرًا أو منكرًا فإن كان مؤخرًا منع وكذا إذا ادعى عدم حلوله وادعت حلوله لأنه صرف مستأخر وقال أصبغ في الأخير يجوز لأنهما لم يتفقا على فساد (فرع) وفي لب اللباب ولو وقع الصلح على أن يرتحل القاتل من بلد الأولياء فقيل الصلح ينتقض ولصاحب الدم أن يقوم بالقصاص وقيل يجوز ويحكم على القاتل بأن لا يساكنهم أبدا كما شرطوه وهذا هو المشهور المعمول به فإن لم يغب أو غاب ثم عاد وكان الدم قد ثبت فلهم القود والدية وإن لم يثبت كانوا على
حجتهم انتهى (فرع) وفي الرابع من الأجوبة للشيخ عظوم القيرواني يضح الصلح في الحبس كما في ابن عبد الغفور وغيره أن من ادعى عليه في حبس فصالح فيه ثم أراد الرجوع في الصلح لم يكن له ذلك ولو شاء لاستثبت قبل الصلح اهـ. وفي إحباس المعيار وسئل عمن توفي وخلف أرضا وعقارا وادعى عليه بدين فبيع ذلك واشترى وقضي عنه دينه ثم حبس فقام قائم وادعى أن ما بيع وحبس على قوم معينين وعلى أعقابهم ماله وملك له وليس للمالك فيه شيء فترافع القائم والمحبس عليهم إلى من له النظر في الأحكام الشرعية فطال خصامهم ثم صولح بينهم بأن أخذ القائم مما ادعاه مالا وملكا له مقدار ثلاثة أرباع الحبس المذكور وسلم للمحبس عليهم مقدار الربع من ذلك فهل يا سيدي ما تسلم فيه القائم يبقى على حكم الحبس وحرمته من عدم التصرف فيه بالبيع والهبة وغير ذلك أم لا ويبطل حكم الحبس فيما بقي بينوا لنا ذلك بيانًا شافيًا فأجاب الجواب أن ما أخذه القائم بملكية الأملاك المحبسة في الصلح على دعواه يكون مطلقًا وملكًا للقائم على حسب دعواه وأما ما أخذه المعترفون بالحبس في الأملاك المذكورة المقوم عليهام في صلحهم المذكور فإنه يكون حبسا لا مطلقا حسبما اقتضت ذلك دعواهم وأوجبه اعترافهم فلا يرفع ما أوجبه اعترافهم وحكم به إقرارهم قيام القائم المذكور والله سبحانه أعلم وقد نبه الموثقون على الحكم في المسألة حيث تكلموا على وثيقة الصلح في الحبس من كتاب الأحباس والله تعالى أعلم انتهى وقد تم ما أردت الكتابة عليه من أول الرجز إلى باب النكاح بحمد لله تعالى في غرة شوال المبارك من عام ثلاثة وثلاثين وثلاثمائة وألف من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى تحية صح من مؤلفه عثمان بن المكي وفقه الله آمين
الحمد لله على أفضاله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحابته والناسجين على منواله هذا وأن النظارة العلمية قد اطلعت على ما كتبه الفاضل للزكي العالم المدرس الشيخ السيد عثمان ابن المكي على رجز ابن عاصم المسمى بتحفة الحكام من أوله إلى باب النكاح فألفته حسنا في بابه نافعا لراغبيه وطلابه فلذا شكرت مؤلفه على حسن صنعه وأذنت له في نشره وطبعه رجاء لتعميم نفعه وكتب بالنظارة العلمية بالجامع الأعظم أدام الله عمرانه في يوم السبت 15 من ربيع الثاني سنة 1334 وفي 19 فيفري سنة 1916 صح أحمد الشريف. صح محمد بن القاضي. صح محمد الطاهر بن عاشور
تم الجزء الأول ويليه الجزء الثاني وأوله باب النكاح