المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل في رفع المدعى عليه وما يتعلق بذلك) - توضيح الأحكام شرح تحفة الحكام - جـ ١

[عثمان بن المكي التوزري]

الفصل: ‌(فصل في رفع المدعى عليه وما يتعلق بذلك)

القرعة عن التنازع دفعا للضغائن والاحقاد والرضا بما جرت به الاقدار وقضي به الملك الجبار قوله

(فصل في رفع المدعى عليه وما يتعلق بذلك)

اي برفع المدعى عليه من بيان حكم من عصى الامر ولم يحضر مجلس القاضي لمقابلة خصمه أو بيان اجرة العون على تكون قوله

(ومع مخيلة بصدق الطالب

يرفع بالارسال غير الغائب)

(ومن على يسير الاميال يحل

فالكتب كاف فيه مع امن السبل)

(ومع بعد أو مخافة كتب

لامثل القول أن افعل ما يجب)

(اما لاصلاح أو الاغرام

أو ازعج المطلوب للخصام)

(ومن عصى الامر ولم يحضر طبع

عليه ما يهمه كي يرتفع)

(واجرة العون على طالب حق

ومن سواه أن الد تستحق)

(الابيات الستة) يعني أن الخصم إذا حضر لدى القاضي عو أن نائبه وطلب منه احضار خصمه وله قرينة تدل على صدق دعواه فإن كان حاضرا في البلد وجه اليها احد اعوانه يرفعه لمجلس حكمه وان لم يكن معه في البلد فإن كان قريبا مثل الاميال اليسيرة مع امن الطريق كتب اليه مراسلة يامره بالحضور اليه للكلام مع خصمه فلان وان كان الطريق مخوفة أو بعيدة بموضع تحت حكمه كتب مراسلة لنائبه أن كان وإلَّا فلا مثل القوم أن يفعل مايجب فعله من النظر المؤدي للتناصف بين الخصمين أما بالصلح أو بالغرم فإن تعذر ذلك ازعج المطلوب والزمه التوجه لمحل حكم قاضي الجماعة هو أو نائبه ويؤجل بقدر ما يناسبه أن طلب ذلك للحضور مع خصمه وقوله مخيلة أي شبهة وقرينة تدل على أنه لم يقصد بذلك اتعاب خصمه

ص: 34

فإن لم تكن قرينة فلا يمكن من ذلك. وقال الامام ابن عرفة أن المطلوب يرفع وان لم يات الطال بشبهة وبه جرى العمل. وقوله من عصى الامر يعني أن الخصم إذا دعاه القاضي لمجلس قضائه للكلام مع خصمه فعصى وتغيب فانه يطبع عليه مايهمه طبعه مما لا صبر له عليه كداره بعد اخراج ما فيها من الحيوان بان يلصق شمع ونحوه على بالباب أو يسمر ليرتفع إلى المحاكمة فاذا فتح الباب ظهر ذلك فيعاقب فاعله والذي عليه عملنا اليوم الاستعانة على احضاره بالحاكم السياسي وهو احسن من الطبع وعلى الحاكم عقابه بقدر ما يراه قال أبو بكر بن العربي قال علماؤنا قول الله تعالى ل {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم} الآيه دليل على وجوب ارتفاع المدعو إلى الحاكم لأنه دعي إلى كتاب الله فإن لم يفعل كان مخالفا يتعين عليه الزجر بالادب على قدر المخالف والمخالف وقوله واجرة العون على طالب الحق. البيت يعني أن اجرة العون الذي يوجهه القاضي لجلب الخصم إنما هي على الطالب على المطلوب ولا عليهما معا ما لم يحصل الداد من المطلوب وإلَّا فهي عليه وحده دون الطالب (فرع) كتب المراسلات واجب على القاضي وحينئذ لا يجوز له الامتناع من كتبها ولا اخذ الاجرة عليها واما غيره يجوز له اخذ الاجرة عليها وتكون على الطالب كأجرة العون قال في المعيار (قلت) قوله لا يجوز له الامتناع من كتبها يعني إلَّا لعذر والله اعلم (فصل في) بيان تسع (مسائل من القضاء) ذيلتها بمسألة عاشرة فأشار إلى المسألة الاولى بقوله

(وليس بالجائز للقاضي إذا

لم يبد وجه الحكم أن ينفذا)

يعني أنه لا يجوز للقاضي أن ينفذ الحكم على احد الخصمين قبل أن يتبين له من هو المطلوب بالبينة ومن هو المطلوب باليمين منها لتداخل كلاهما لأن الحكم بالتخمين والظن فسق وجور والواجب علبه إذا لم يتبين له ذلك مشورة العلماء أن أمكن وإلَّا أمرهم بالصلح (تنبيه) قال أبو بكر ابن العربي لا يجوز الحكم بالفراسة وذلك

ص: 35

لأن مدار حكم الحاكم هو في الظاهر على كلام الخصمين لا حظ له في الباطن لأنه لا يبلغه علمه فلا ينفذ فيه حكمه وانما يحكم في الظاهر والباطن الظاهر الباطن سبحانه. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم إنما أنا بشر وانكم تختصمون الي ولعل بعضكم أن يكون الحن بحجته من بعض فأقضى له على نوع ما اسمع منه فمن قضيت له بشيء من حق اخيه فلا ياخذه فانما اقطع له قطعة من النار فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم المصطفى للاطلاع على الغيب يتبرأ من الباطن ويتنصل من تعدي حكمه اليه فكيف بغيره من الخلق وهذا يدل على أن الحاكم مصيب في حكمه في الظاهر وان أخطأ الصواب عند الله تعالى في الباطن لأن الله سبحانه قال وتدلوا بها إلى الحكام لتاكلوا بحكمهم وانتم تعلمون بطلان ذلك والحاكم في عفو الله وثوابه والظالم في سخط الله تعالى وعقابه انتهى (قلت) الحديث والاية يدلان على أن حكم الحاكم لا يحل الحرام لأنه لا يتناول إلَّا الظاهر فقط على القول الصحيح (الثانية) كأن قائلاً قال له حيث كان لا يجوز للقاضي أن ينفذ الحكم إذا لم يظهر له وجهه فما يصنع اجاب عنه بقوله

(والصلح يستدعي له أن اشكلا

حكم وان تعين الحق فلا)

(ما لم يخف بنافذ الاحكام

فتنة أو شحنا أولي الارحام)

يعني أن القاضي إذا اشكل عليه وجه الحكم أو المحكوم به بسبب تداخل كلام المتخاصمين كما تقدم أو تعارض البينات أو الأقوال فانه يدعوهما للصلح لأنه لا يجوز له أن ينفذ حكمه والحالة ما ذكر كما مر أما أن ظهر له وجه الحكم أو النص الذي يحكم به أو ترجيح احدى البينتين فلا يجوز له أن يدعوهما إلى الصلح بل الواجب عليه أن ينفذ حكمه إلَّا إذا خاف بتنفيذ حكمه حصول فتنة بين الخصوم أو وقوع الشحناء والبغض بين ذوي الارحام وكذلك اهل الفضل فانه يامرهم بالصلح. وقال كثير من اصحاب مالك لا بأس أن يامرهما بالصلح متى رآه قبل النظر وبعده

ص: 36

أشكل أمرهما أو لم يشكل كذا في ابن رحال على ميارة نقلا عن ابن دبوس (قلت) هذا هو المناسب لأهل هذا الزمان (الثالثة) قوله

(والخصم أن يعجز عن القاء الحجج

لموجب لقنها ولا حرج)

يعني أن الخصم إذا عجز عن الاستظهار بحجته بسبب اندهاش ونحوه لو اقر الخصم بما فيه منفعة له وغفل عن طلب الكتب عليه فإن القاضي يلقنه حجته وينبهه على كتب ما اقر له به خصمه بدون حرج عليه في ذلك ولا اثم ولو كان العاجز غير جاهل بامور الخصام على المشهور وقد يقال أن التلقين واجب إذا كان الخصم جاهلا ضعيفا عنها لقوله عليه الصلاة والسلام من ثبت غيبا في خصومة حتى يثبتها ثبت الله قدمه يوم تزل الاقدام قال الامام ابن عرفة فاذا ظن القاضي أن المعذور اليه يجهل ما يسقط عنه الحجة نبهه الحاكم على ما يسقطها وقال (خ) فإن اقر فله الاشهاد عليه وللحاكم تنبيهه عليه وقوله أن يعجز بضم الجيم فمفهومه أنه إذا كان غير عاجز ولا غافل فانه لا ينبهه وعليه الاثم وهو كذلك لأنه من الحيف وهو حرام كما أنه لا يجوز للقاضي وغيره تلقين الفجور والحيل ليتغلب على الخصم بها مع أنه في نفس الامر والواقع على باطل وهو جرحة فيمن فعله فقيها كان أو غيره ويؤدب فاعله باجتهاد الحاكم (الرابعة) قوله

(ومنع الافتاء للحكام

في كل مايرجع للخصام)

يعني أنه يمنع للحكام الافتاء في كل ما شأنه يرجع للخصام من ابواب المعاملات قال المهدي ما نصه وما ذكره الناظم من المنع هو الظاهر ابن عبد السلام ونصه يعني أنه يجوز له الفتيا فيما عدى مسائل الخصام وهل له الفتيا في مسائل الخصام قولان احدهما ليس له ذلك لأنه من اعانة الخصوم على الفجور والثاني اجازة فتياه في مسائل الخصام واما تعليم القاضي العلم وتعلمه فجائز له فعبارته ظاهرة في المنع الذي قاله ظم البرزلي وهذا إذا كانت الفتوى فيما يمكن أن تعرض بين يديه ولو جاءته من خارج بلده

ص: 37

او من بعض الكور أو على يدي عماله فليجبهم عنها له ومحل المنع أيضا حيث لا يمكن الاطلاع على مذهبه ألَّا من افتائه وذلك إذا كان مجتهدا أو مقلدا وفي المسألة قولان متساويان مثلا واما أن كان احدهما راجحا أو معمولا به جاز له أن يفتي به انظر البناني والله أعلم (الخامسة) قوله

(وفي الشهود يحكم القاضي بما

يعلم منهم باتفاق العلما)

(وفي سواهم مالك قد شددا

في منع حكمه بغير الشهدا)

(وقول سحنون به اليوم العمل

فيما عليه مجلس الحكم اشتمل)

يعني أنه يجوز للقاضي أن يستند على علمه في عدالة الشهود وجرحتهم فيحكم بشهادة من علم عدالته ولا يحكم بشهادة من علم جرحته اتفاقا ولا يجوز له أن يحكم بما علمه في غير التعديل والتجريح كان ذلك قبل ولايته أو بعدها في مجلس حكمه أو لا بل لابد من سماع الشهود لما اقر به الخصم لخصمه فإن لم يكن شهود حضورا لما اقر به فهو فيما اقر به الخصم لديه شاهد هذا هو المشهور وينقض حكمه أن وقع. وعند سحنون إذا جلس الخصمان لديه فاقر احدهما بشيء وسمعه القاضي وحده فجائز أن يقضي بينهما قال الناظم وبه العمل. وقال ابن رحال كلام المفيد وابن سلمون يفيد أن العمل على خلاف ما في التحفة وهذا هو اللائق بزماننا (تنبيه) يستثني من قوله وفي سواهم مالك قد شددا البيت الحكمان فانه يجوز لهما الحكم بما علماه من الزوجين ولا يحتاجان إلى احضار الشهود وينفذ ما حكم به قال ابن العربي (السادسة) قوله

(وعدل أن ادى على ما عنده

خلافه منع أن يرده)

(وحقه انهاء ما في عمله

لمن سواه شاهدا بحكمه)

يعني أن العدل إذا ادى شهادته عند القاضي والقاضي يعلم خلاف ما شهد به العدل

ص: 38

فليس للقاضي أن يرد شهادته لعدالته عنده وليس له أن يحكم بهما لمخالفتها لما في نفس الامر والواقع الذي يعلمه القاضي والعمل في ذلك أن يرفع القاضي شهادته حيث لا يجوز له أن يحكم بما في علمه لغيره من الحكام مع شهادة العدل فيكون القاضي في هاته الجزئية بحكم الشاهد أي على حكم الشاهد وطريقته فالباء بمعنى على ويجوز أن يكون لفظ حكم زائد بين الجار والمجرور للوزن أي به أي بما هو مخالف لشهادة الشاهد فتبقى الباء على حالها (السابعة) قوله

(وعلمه بصدق غير العدل لا

يبيح أن يقبل ما تحملا)

يعني أن القاضي إذا علم بصدق غير العدل فيما شهد به عنده فلا يجوز له قبول شهادته لأنه يؤدي إلى حكمه بعلمه وهو ممنوع كما تقدم (الثامنة) قوله

(ومن جفا القاضي فالتاديب

اولى وذا لشاهد مطلوب)

(وفلتة من ذي مررءة عثر

في جانب الشاهد مما يغتفر)

يعني أن من اساء الأدب على القاضي بكلام لا يليق بمنصبه الشريف أو على الشاهد في مجلس حكمه فإنه يؤدبه بالاجتهاد وتأديبه أولى من العفو عنه زجرا لأمثاله إلَّا إذا كان ذا مروءة وحصل منه ذلك فلتة في جانب الشاهد وكذا في جانب القاضي فهو مغتفر لقوله عليه الصلاة والسلام اقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم الحديث. ويلحق بقضية الشاهد وقوع احد الخصمين في صاحبه قال الشيخ ميارة فلو قال الناظم بدل الشطر الأخير من البيت الثاني. في الخصم والشاهد مما يغتفر. لافاد مسألة الوقوع في الخصم (التاسعة) قوله

(ومن الد في الخصام وانتهج

نهج الفرار بعد إتمام الحجج)

(ينفذ الحكم عليه الحكم

قطعا لكل ما به يختصم)

(وغير مستوف لها أن استتر

لم تنقطع حجته إذا ظهر)

ص: 39