الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في تداعي الموكل والوكيل
أي هذا فصل في بيان حكم ما إذا أقر الوكيل بقبض ما وكل على قبضه أو قبض ثمن ما وكل على بيعه ووقع نزاع بينه وبين موكله فادعى الوكيل أنه دفعه له وأنكر الموكل ذلك وزعم أنه لم يدفع له ما وكله عليه ولا شيئًا منه فحكى الناظم في ذلك أربعة أقوال (أحدها) قوله
(وإن وكيل ادعى أقباض من
…
وكله ما حاز فهو مؤتمن)
(مع طول مدة وإن يكن مضى
…
شهر يصدق مع يمين تقتضى)
(وإن يكن بالفور الإنكار له
…
فالقول مع حلف لمن وكله)
يعني أن الموكل والوكيل إذا كان تداعيهما بعد طول المدة كسنة فيما بين قبضه وادعائه الاقباض فالقول قول الوكيل بدون يمين لأنه قام له شاهدان طول المدة والأمانة وإن كان تداعيهما بالقرب كالشهر ونحوه فالقول قوله بيمين لأنه قام له شاهد واحد وهو الأمانة وإن كان تداعيهما بالفور فالقول قول الموكل بيمين وهذا القول لمطرف وقوله يصدق مبني للنائب مجزوم ومع بسكون العين وحلف بفتح الحاء وسكون اللام (ثانيهما) قوله
(وقيل أن القول للوكيل
…
مع اليمين دون ما تفصيل)
يعني أن القول قول الوكيل في الرد بيمينه مطلقًا طال الزمن أم لا مات الموكل وزعم أنه دفع له قبل موته أو لم يمت كان مفوضًا إليه أم لا وهذا القول الذي حكاه بقيل هو المشهور ومذهب المدونة فلو قدمه الناظم على بقية الأقوال كما فعل ابن رشد أو اقتصر عليه كما فعل صاحب المختصر لكان أحسن وما بعد دون زائدة (ثالثها) قوله
(وقيل أن أنكر بعد حين
…
فهو مصدق بلا يمين)
(وإن يمر الزمن القليل
…
فمع يمين قوله مقبول)
يعني أن تداعيهما أن كان بعد طول الزمن فالقول قول الوكيل بلا يمين لأنه مصدق وإن كان ذلك بالقرب كالأيام اليسيرة فالقول قوله مع يمينه وهذا القول لابن الماجشون وابن عبد الحكم فالقول الأول فيه ثلاث مراتب كما علمت وهذا فيه مرتبتان (رابعها) التفرقة بين المفوض إليه وغيره وإليه أشار بقوله
(وقيل بل يختص بالمفوض
…
إليه ذا الحكم لفرق مقتضي)
(ومن له وكالة معينة
…
يغرم إلا أن يقيم البينة)
يعني أن الحكم المذكور في القول الثالث إنما يتمشى في الوكيل المفوض إليه فإن كان التداعي بعد طول الزمن فهو مصدق بلا يمين وإن كان بالقرب قالقول قوله بيمين أما الوكيل على شيء بعينه فإن قوله غير مقبول ويغرم إلا أن يقيم البينة على الدفع وإن طال الزمن وهذا قول أصبغ بن الفرج هذا كله فيما قبضه الوكيل بغير إشهاد وأما ما قبضه بإشهاد لقصد التوثق فلا يقبل قوله ولا يصدق في دعواه الدفع لموكله إلا بإشهاد. وفي كتاب الفروق (فرق) بين مسئلتين قال مالك إذا دفع رجل إلى رجل مالا وأمره أن يدفعه إلى آخر فادعى أنه دفعه إليه فأنكر المبعوث إليه لم يقبل قول المأمور إلا أن يقيم بينة على الدفع له وإذا ادعى تلف المال قبل قوله وفي كلا الموضعين فهو مدع لإخراج المال من يده الفرق بينهما إنما قبل قوله في دعوى التلف لأنه أمين وليس كذلك الإعطاء لأنه مفرط في الدفع بدون بينة ولأنه مدع لإشغال ذمة غيره وبراءة ذمته فلم يقبل قوله وليس كذلك في التلف لأنه ليس مدعيا لإشغال ذمة غيره فافترقا والله أعلم. ولما فرغ من الكلام على الوكيل بالنص شرع يتكلم على الوكيل بالعادة فقال
(والزوج للزوجة كالموكل
…
فيما من القبض لما باعت يلي)
يعني أن الزوج لزوجته كالوكيل مع موكله فإنها إذا باعت شيئًا من أملاكها وقبض
الزوج لها ثمن ما باعته أو قبض لها دينا ثم تنازعا فادعت أنه لم يدفع لها ما قبض لها وادعى هو أنه دفع لها ذلك فتجري في هاته المسئلة الأقوال الأربعة السابقة ولكن الحق أن يقال كما في ابن رحال وهو أنه يجب أن يراعي حال الزوج مع زوجته فإنه إذا كان بينهما مشارة فليس هو كالوكيل والحاصل أن مدار هذه الأمور على العوائد فيراعي عرف كل بلد والقرائن الدالة على التوكيل وعدم ذلك ولا يكفي في هذه المسئلة الإطلاق أنه كوكيل (قلت) ويراعى أيضا الموضع الذي هما فيه فإن كان مما تتمشى فيه الأحكام الشرعية كحاضرة تونس حرسها الله فالقول قول الزوج أو الأخ مع أخته إذا قبض مالها وادعى دفعه لها بيمينه طال الزمن أو لم يطل على القول المشهور من الأقوال المتقدمة وإن كان لا تتمشى فيه الأحكام الشرعية غالبًا خصوصًا إذا كانت عادتهم عدم اعتبار النساء ولا يمكن من حقوقهن كبلدنا توزر فإن القول قول الزوجة أو الأخت طال الرحمن أو لم يطل ولا يبرأ من ذلك إلا بشهادة عادلة هذا كله إذا كانت الوكالة جارية بينهم بالعادة وإلا فالدرك على الغريم كما هو اليوم وقوله كالموكل بفتح الكاف وقوله
(وموت زوج أو وكيل أن عرض
…
من غير دفع ما بتحقيق قبض)
(من ماله يأخذ ذاك قائم
…
بالفور والعكس لعكس لازم)
يعني أن الزوج إذا قبض ثمن ما باعته زوجته أو قبض دينا لها أو قبض الوكيل ما وكل عليه وثبت القبض وتحقق أما بالشهادة العادلة أو بالاعتراف ثم مات القابض من زوج أو وكيل ولم تتحقق براءة ذمته مما قبض والمرأة أو الموكل يذعيان عدم الدفع فإن كان ذلك بالقرب والحدثان فيما بين القبض والموت فيؤخذ ذلك من أموالهما بعد يمين القضاء أنهما ما قبضا ولا وهبا ولا خرج عن ملكهما بناقل شرعي إلى الآن وإن كان ذلك بعد مدة طويلة تكون قاطعة لدعوى عدم القبض عادة فلا شيء للزوجة ولا للموكل قبل ورثة الزوج أو الوكيل هذا معنى قوله والعكس لعكس لازم أي والعكس وهو عدم الأخذ لازم العكس وهو عروض الموت بعد طول فيما بين زمن