الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الباب الرابع في فروع وفوائد وتنبيهات وأمثله يذنب بها ما تقدم وتتم
الفائدة إن شاء الله تعالى)
الأول في بيان من قيل عنه إنه كان لا يرسل إلا عن ثقة ومن كان بخلاف ذلك وقد تقدم كثير من ذلك مفرقات ونذكره هنا مجموعة ما زيادات وقد اتفقت كلمتهم على سعيد بن المسيب وأن جميع مراسيله صحيحة وأنه كان لا يرسل إلا عن ثقة من كبار التابعين أو صحابي معروف قال معنى ذلك بعبارات مختلفة جماعة من الأئمة منهم مالك ويحيى بن سعيد القطان وأحمد بن حنبل وعلي بن المديني ويحيى بن معين وغيرهم وقال أحمد بن حنبل مرسلات إبراهيم النخعي لا بأس بها وخص البيهقي ذلك بما أرسله عن ابن مسعود دون غيره وقد تقدم أنه لم يسمع من الصحابة رضي الله عنهم إلا اليسير جدا أو لم يسمع منهم شيئا أصلا فإذا أرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يكون بينه وبينه واحد بل أكثر فلهذا ينزل مراسيله وإن كانت مقبولة عن مرتبة مراسيل ابن المسيب لأنه من قدماء التابعين وقال يحيى بن سعيد القطان مرسلات سعيد بن جبير أحب إلي من مرسلات عطاء فقال له علي بن المديني مرسلات مجاهد أحب إليك أو مرسلات طاووس قال ما أقربهما وقدم مرسلات سعيد بن جبير عليهما وقال يحيى أيضا مرسلات إسماعيل بن أبي خالد ليست بشيء ومرسلات عمرو بن دينار أحب إلي وقال أيضا مرسلات عمرو بن قرة أحب إلي من مرسلات زيد بن أسلم قال ومالك عن سعيد بن المسيب أحب إلي من سفيان يعني الثوري عن إبراهيم
قلت لأن مالكا لم يرو إلا عن ثقة عنده ووافقه الناس على توثيق شيوخه إلا في النادر منهم كعبد الكريم بن أبي المخارق وعطاء الخراساني وأما سفيان الثوري فإنه روى عن جماعة كثيرين من الضعفاء مثل جابر الجعفي ونحوه وشعبة متوسط بينهما في ذلك ولهذا رجح جماعة من الأئمة مراسيله أيضا ولم يكن يدلس أصلا وقال يحيى القطان مرسلات ابن عيينة شبه الريح وكذلك سفيان الثوري ومرسلات مالك أحب إلي ليس في القوم أصح حديثا من مالك
وحكى ابن عبد البر عن الجماعة تصحيح مرسلات محمد بن سيرين كمراسيل النخعي وان مراسيل عطاء والحسن البصري لا يحتج بها لأنهما كانا يأخذان عن كل أحد وكذلك مراسيل ابي قلابة وأبي العالية
قلت تقدم عن ابن سيرين أنه ضعف مراسيل الحسين وأبي العالية وقال كانا يصدقان كل من حدثهما رواه عنه ابن عون وروى الفضل بن زياد قال سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول ليس في المرسلات شيء أضعف من مرسلات الحسن وعطاء ابن أبي رباح فإنهما كانا يأخذا عن كل أحد وقد خالفهم أبو زرعة الرازي فروى الترمذي في كتاب العلل عنه أنه قال كل حديث قال فيه الحسن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدت له أصلا إلا أربعة أحاديث وذكر ابن أبي خيثمة عن يحيى بن معين أنه قال إذا روى الحسن ومحمد يعني ابن سيرين عن رجل فسمياه فهو ثقة فيحتمل هذا أنهما كانا لا يرويان إلا عن ثقة عندهما سواء كان مسندا أو مرسلا ويحتمل أن ذلك فيمن ذكراه باسمه فأما من أرسلا عنه فجازأن يكون كذلك وأن يكون ضعيفا وهذا هو الأظهر وفيه جمع بين الأقوال كلها وكذلك أيضا اختلف في مراسيل الزهري لكن الأكثر على تضعيفها قال أحمد بن أبي شريح سمعت الشافعي يقول يقولون نحابي ولو حابينا أحدا لحابينا الزهري وإرسال الزهري ليس بشيء ذلك أن نجده يروي عن سليمان بن أرقم وقال أبو قدامة عبيد الله بن سعيد سمعت يحيى بن سعيد يعني القطان يقول مرسل الزهري شر من مرسل غيره لأنه حافظ وكلما قدر أن يسمي سمى وإنما يترك من لا يستجيز أن يسميه وقال ابن أبي حاتم ثنا أحمد بن سنان قال كان يحيى بن سعيد لا يرى
إرسال الزهري وقتادة شيئا ويقول هو بمنزلة الريح ويقول هؤلاء قوم حفاظ كانوا إذا سمعوا الشيء علقوه وروى عباس الدوري عن يحيى بن معين قال مراسيل الزهري ليست بشيء وقال يعقوب بن سفيان سمعت جعفر بن عبد الواحد الهاشمي يقول لأحمد بن صالح يعني المصري قال يحيى بن سعيد مرسل الزهري شبه لا شيء فغضب أحمد وقال ما ليحيى ومعرفة علم الزهري ليس كما قال يحيى
والظاهر أن قول الأكثر أولى بالاعتماد وقال أحمد بن حنبل ليس في المرسلات شيء أضعف من مرسلات الحسن وعطاء عن كل ضرب وقال يحيى بن سعيد مرسلات أبي إسحاق يعني السبيعي شبه لا شيء عندي والأعمش والتيمي ويحيى بن أبي كثير كذلك وقال علي بن المديني سمعت يحيى بن سعيد يقول أول ما طلبت الحديث وقع في يدي كتاب فيه مرسلات عن أبي مجز فجعت لا أشتهيها وأنا يومئذ غلام قال وسمعته يقول سفيان الثوري عن إبراهيم شبه لا شيء لأنه لو كان فيه إسناد صاح به وقال يحيى بن سعيد كا ن شعبة يضعف إبراهيم يعني النخعي عن علي ثم قال يحيى إبراهيم عن علي احب إلي من مجاهد عن علي والله أعلم
وروى الحاكم عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال وجدت بخط أبي ثنا الحسن بن عيسى مولى ابن المبارك قال حدثت ابن المبارك بحديث لأبي بكر بن عياش عن عاصم عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال حسن فقلت لابن المبارك أنه ليس له إسناد فقال عاصما يحتمل له أن يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ففي هذه الحكاية دليل للفرق بين الرواة وأنه لا يقبل مرسل بعضهم دون بعض والظاهر أن المقتضي لذلك عند ابن المبارك كون عاصم لا يرسل إلا عن ثقة ويحتمل أن يكون لكونه من أئمة النقل المرجوع إليهم فيه والله أعلم
الثاني في أمثلة لما يعتضد به المراسيل على القول الذي تقدم عن الإمام
الشافعي رحمة الله عليه فمنها حديث مالك عن أبي حازم عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر وقد ثبت متصلا من حديث عبيد الله بن عمر عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة به أخرجه مسلم فاعتضد به المرسل المتقدم وثبتت صحته والإمام الشافعي رواه في رواية المزني والزعفراني عنه مرسلا عن مالك واحتج به فيحتمل أن يكون اطلع على حديث أبي الزناد المتصل ويحتمل أن يكون اعتمده لخصوص سعيد بن المسيب
ومنها حديث مالك عن زيد بن أسلم عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع اللحم بالحيوان قال الشافعي أنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن القاسم بن أبي بزة قال قدمت المدينة فوجدت جزورا قد جزرت فجزئت أربعة أجزاء كل جزء منها بعناقق فأردت أن أبتاع منها جزءا فقال لي رجل من أهل المدينة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يباع حي بميت فسألت عن ذلك الرجل فأخبرت عنه خيرا ثم روى الشافعي رحمه الله عن إبراهيم بن أبي يحيى عن صالح مولى التوءمة عن ابن عباس عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه إنه كره بيع اللحم بالحيوان ثم قال ولو لم يرو في هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء كان قول أبي بكر رضي الله عنه مما ليس لنا خلافه لأنا لا نعلم صحابيا خالفه وإرسال سعيد عندنا حسن قال البيهقي هذا الحديث قد أرسله سعيد بن المسيب عن النبي صلى الله عليه وسلم والقاسم بن أبي بزة عن رجل من أهل المدينة والظاهر أنه غير ابن المسيب لأن ابن المسيب أشهر من أن لا يعرفه القاسم بن أبي بزة المكي حتى يسأل عنه
قلت ولو كان ابن المسيب ولم يكن يعرفه لسمى له باسمه ولم يقتصر على الثناء عليه قال البيهقي وقد رويناه عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن الحفاظ اختلفوا في سماع الحسن من سمرة لغير حديث العقيقة فمنهم من أثبته فيكون هذا مثالا للمرسل إذا أسند من وجه آخر ومنهم من نفاه فيكون مرسلا انضم إلى مرسل ابن المسيب والقاسم بن أبي بزة ومعه قول أبي بكر رضي الله عنه
ومنها حديث شعبة عن عباد بن العوام عن هشام عن الحسن قال قال رسول الله لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل قال الإمام الشافعي في
كتاب أحكام القرآن روي عن الحسن بن أبي الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل وهذا وإن كان منقطعا فإن أكثر أهل العلم يقول به ويقول الفرق بين النكاح والسفاح الشهود وهو ثابت عن ابن عباس وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال البيهقي أكد الشافعي رضي الله عنه مرسل الحسن بشيئين أحدهما أن اكثر أهل العلم يقول به والثاني أنه ثابت عن ابن عباس من قوله
قلت وروي أيضا عن عمر وغيره من الصحابة رضي الله عنهم كما أشار إليه الإمام الشافعي والحديث بذكر الشاهدين قد روي متصلا عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق كثيرة في أكثرهم مقال وأجودها سندا ما رواه عيسى بن يونس عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها وشاهدي عدل فنكاحها باطل الحديث بتمامة وفي رواية لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل رواه عن عيسى بن يونس أبو يوسف محمد بن أحمد بن الحجاج الرقي وهو ثقة قال فيه أبو علي النيسابوري هو من حفاظ أهل الجزيرة ومتقنيهم وسليمان بن عمر بن خالد الرقي وعبد الرحمن بن يونس وهذا في كتاب الثقات لابن حبان وقال أحمد بن حنبل في عبد الرحمن هذا ما علمت إلا خيرا ورواه محمد بن هارون الحضرمي عن عثمان بن عمر الرقي عن يحيى بن سعيد الأموي عن ابن جريج عن سليمان بن موسى كذلك أيضا ومع هذا فهو غريب لأن الأكثرين رووه عن ابن جريج بدون ذكر الشاهدين فإن صح ذلك فهو مثال للمرسل إذا أسند والله أعلم
الثالث انفرد ابن برهان باختيار قول في المرسل لم يتقدم الإشارة إليه فقال في كتابه الأصول الحق عندنا أن الإرسال إن كان صادرا ممن يعتقد صحة مذهبنا في الجرح والتعديل قبلنا قوله مرسلا كان أو مسندا وأن كان ممن يخالف مذهبنا في ذلك لم نقبل إرساله لا مكان أن من أغفل ذكره غير مقبول الرواية لأنه ربما لو صرح باسمه رددناه فرددنا إرساله لذلك انتهى كلامه
وهو ضعيف لأنه مبني أولا على على أن مجرد رواية العدل عن غيره تعديل له
والراجح أنه ليس كذلك إلا أن يصرح بأنه لا يروي إلا عن عدل أو يعرف ذلك من عادته فحينئذ يجيء ما قاله من اعتبار مذهبه في التعديل والجرح ثم يرد عليه ما تقدم مرارا من احتمال أن يكون الراوي الذي أرسل عنه لم يطلع فيه على جارج وعدله لذلك ولو صرح باسمه لظهر لغيره جرحه المؤثر وهي النكتة التي عول عليها من رد المرسل مطلقا والذي ينقدح فيه ما اختاره ابن برهان ما إذا قال الراوي حدثني الثقة ونحو ذلك فإن من يكتفي بمجرد ذلك منه كإمام الحرمين لا بد وأن يعتبر مذهب القائل لذلك في التعديل والذي عليه أكثر المحققين أنه لا يكتفي بقول الراوي حدثني الثقة من غير ذكر صرح باسمه وعرفناه زال ذلك الاحتمال إذا لم يظهر فيه جرح بعد البحث
وأما قول الإمام الشافعي ذلك في مواضع فقد قال كثير من أصحابنا إنما قاله لبيان الحجة لمتابعيه لا الاحتجاج على غيره وقد عرف من عادته أنه أراد بقوله من لا أتهم أو حدثني الثقة في مواضع إبراهيم بن أبي يحيى والأكثرون ضعفوه وتبين لهم من حاله ما لم يطلع عليه الإمام الشافعي رحمه الله وذلك مما يبين صحة ما ذكرناه والله أعلم
الرابع ظاهر كلام إمام الحرمين أن قول الراوي حدثني الثقة من قبيل المرسل وكذلك حدثني رجل لكنه اختار القبول في الأول دون الثاني وقد تقدم ذلك عنه والذي يقتضيه كلام غيره ممن يكتفي بقول الراوي أخبرني الثقة أن ذلك من قبيل المسند لا المرسل وأنه بمثابة ما لو صرح باسمه ووثقة واختار الشيخ أبو إسحاق في شرح اللمع أن ذلك بمثابة المرسل وأنه غير مقبول لما أشرنا إليه غير مرة من اختلاف الناس في الجرح والتعديل اجتهادا واطلاعا فلا تحصل الثقة بالخبر إلا بتسمية الراوي والنظر في حاله والبحث عنه وقد اعترض على هذا بشيئين
أحدهما أنه يلزم منه أن كل من عمل بحديث لا يجوز له حتى يعرف رواته كلهم ويبحث عنهم ولا يقلد غيره من الأئمة في جرحهم وتعديلهم وفي ذلك تضييق عظيم وحرج متروك العمل به
والثاني أنه يلزم منه أيضا أن القاضي إذا رفع إليه حكم قاض آخر لا ينفذه حتى يبحث عن عدالة من حكم ذلك القاضي بشهادته لجواز أن يكون إذا بحث عنهم عثر على تجريحهم
والجواب عن الأول أن الراوي إذا سمي باسمه فقد بعد عن التدليس فإن من كان من أهل زمن العامل بالخبر فالبحث عنه ممكن واستكشاف حاله متعين وإن كان متقدما ولم نكتف بظاهر الإسلام والستر على الراجح ووجدنا من عدله ولم نعثر فيه على جرح لغيره اكتفينا بذلك وحصل عليه الظن بقوله وإن وجدنا جرحا مؤثرا قدمناه على تعديله ولا يلزم من ذلك وجوب معرفته باطنا وأيضا فالعلماء مختلفون في الاكتفاء بالواحد في التعديل وفي أنه هل يحتاج فيه إلى ذكر السبب أم لا فمن يشترط ذلك أولا يكتفي بالواحد في التعديل لا يثبت الخبر عنده بقول الراوي وحده حدثني الثقة وأما على الراجح عند المحققين فالنكتة في عدم الاكتفاء بقوله حدثني الثقة ما قدمناه
والجواب عن الثاني بالفرق بين المقامين وشتان بين أمر لم يتقدم فيه حكم قاض وبين أمر تقدم في حكم قاض ويلزم من البحث عن عدالة من حكم القاضي بشهادتهما عند إرادة تنفيذ ذلك الحكم نقض ما حكم به ذلك القاضي بخلاف ما إذا لم نقبل قول الراوي حدثني الثقة أو سماه ووثقه واطلعنا فيه على جرح مؤثر فقدمناه فإنه لا نقض فيه لحكم تقدم وذلك ظاهر ويتأيد ذلك بأن الشاهدين لو رجعا عما شهدا به بعد إنفاذ الحكم بما شهدا به لم يؤثر رجوعها ولو رجع الراوي عن الخبر وأكذب نفسه أو اعترف بالغلط لم يجز العمل بخبره والله اعلم
الخامس قال فخر الدين الرازي ومن تبعه إذا كان الراوي دأبه إرسال الأخبار وأسند خبرا فقد اختلف فيه من لم يقبل المرسل فكثير منهم قبلوه لأن إرساله يختص بالمراسيل دون المسند ولا تهمة تلحق الراوي ومنهم من لم يقبله وزعم أن إرساله يدل على أنه إنما لم يذكر الراوي لضعفه فستره له والحالة هذه خيانة فلا يقبل خبره وهذا مأخذ ضعيف لأن إرسال الراوي لا ينحصر في
كون شيخه ضعيفا بل يحتمل أنه سمعه مرسلا أو أثر الاختصار أو كان في المذاكرة أو وثق بمن أرسل عنه كما تقدم إلى غير ذلك من الاحتمالات فلا يلزم القدح فيه وهذا بعينه قول من يجعل التدليس سببا للجرح في المدلس وسيأتي ذلك قريبا إن شاء الله تعالى
السادس تقدم الفرق بين المرسل والمنقطع والمعضل وأنه اصطلاح حديثي واسم الإرسال شامل لكن ذلك عند أئمة الأصول وكذلك بعض أهل الحديث ويظهر الفرق بينهما أن بعض من أجاز العمل بالمرسل منع ذلك في المنقطع وفي المعضل بطريق الأولى وأشار الإمام أبو المظفر بن السمعاني إلى شيء آخر وهو أن إرسال الحديث من أئمة التابعين كان معتادا بينهم متعارفا وأما انقطاع السند في أثنائه بإسقاط رجل أو أكثر ثم يذكر باقيه فإنه يدل على ضعف الساقط دلالة قوية وتقوى الريبة حينئذ به وجعل الحاكم من المنقطع أيضا قول الراوي عن رجل فإن ذلك لا يفيد احتجاجا به يعني ولا على القول بقبول المجهول لأن مثل هذا مجهول العين ولا يحتج به اتفاقا وإنما الخلاف في المجهول العدالة بعد معرفة عينه والتحقيق أن قول الرواي عن رجل ونحوه متصل ولكن حكمه حكم المنقطع لعدم الاحتجاج به
ثم إن هذا إنما يكون منقطعا إذا لم يعرف ذلك الرجل المبهم ومتى عرف كان متصلا ويحتج به إن كان ذلك الرجل مقبولا ومثاله ما روى سفيان الثوري عن داود بن أبي هند قال ثنا شيخ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي على الناس زمان يخير الرجل فيه بين العجز والفجور فمن أدرك ذلك منكم فليختر العجز على الفجور ورواه علي بن عاصم عن داود بن أبي هند قال نزلت حديلة قيس فسمعت شيخا أعمى يقال له أبو عمر يقول سمعت أبا هريرة يقول فذكره فتبين أن الرجل المبهم في طريق سفيان هو أبو عمر الحدلي وهو معروف
ومثاله في المعضل ما ذكر مالك في الموطأ أنه بلغه أن أبا هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للملوك طعامه وكسوته الحديث وقد رواه إبراهيم بن طهمان عن مالك خارج الموطأ عن محمد بن عجلان عن أبيه عن
أبي هريرة وإنما نحكم بالإرسال والانقطاع حين لا يكون روي من ذلك الوجه مسندا ولا متصلا والله أعلم
السابع قال ابن عبد البر اختلفوا في حديث الرجل عمن لم يلقه مثل مالك عن سعيد بن المسيب والثوري عن إبراهيم النخعي فقالت فرقة هذا تدليس لأنهما لو شاءا لسميا من حدثهما كما فعلا في الكثير مما بلغهما عنهما قالوا وسكوت المحدث عمن حدثه مع علمه به دلسة قال أبوعمر فإن كان هذا تدليسا فما أعلم أحدا من العلماء سلم منه في قديم الدهر ولا حديثة اللهم إلا شعبة بن الحجاج ويحيى بن سعيد القطان فإنهما ليس يوجد لهما شيء من هذا لا سيما شعبة وقالت طائفة ليس هذا بتدليس وإنما هذا إرسال وكما جاز أن يرسل سعيد بن المسيب عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما وهو لم يسمع منهما ولم يسم أحد من أهل العلم ذلك تدليسا كذلك مالك في سعيد بن المسيب انتهى كلامه
والقول الأول ضعيف لأن التدليس أصله التغطية والتلبيس وإنما يجيء ذلك فيما أطلقه الراوي عن شيخه بلفظ موهم للاتصال وهو لم يسمعه منه فأما إطلاقه الرواية عمن يعلم أنه لم يلقه أو لم يدركه أصلا فلا تدليس في هذا يوهم الاتصال وذلك ظاهر وعليه جمهور العلماء والله أعلم
الثامن فيما يتعلق بالتدليس وهو قسمان تدليس السماع وتدليس الشيوخ
فالأول نوعان أحدهما ما أشرنا إليه آنفا بأن يروي الراوي عن شيخه حديثا لم يسمعه منه بلفظ عن أو قال أو ذكر ونحو ذلك مما يوهم الاتصال ولا يصرح بحدثنا ولا أخبرنا ولا سمعت ومثاله ما روي عن ابن خشرم قال كنا عند سفيان بن عيينة فقال الزهري فقيل له حدثكم الزهري فقال لم أسمعه من الزهري ولا ممن سمعه من الزهري حدثني عبد الرزاق عن
معمر عن الزهري وعن إبراهيم بن بشار أن سفيان بن عيينة حدث يوما بحديث عن عمرو بن دينار فحوقق فيه إلى أن قال حدثني علي ابن المديني عن الضحاك بن مخلد عن ابن جريج عن عمرو بن دينار وهذا القسم حكمه في الحقيقة حكم المرسل من جهة أنه لا يعرف الراوي الذي أسقط بينه وبين من دلس عنه فكل مدلس مرسل ولا ينعكس إلا على القول الضعيف الذي حكاه ابن عبد البر فيما تقدم
ثم إن المرسل أحسن حالا من هذا من حيث إنه مبين فيه الانقطاع والتدليس موهم للاتصال وليس متصلا ولهذا ذمه كثير من العلماء حتى قال شعبة لأن أزني أحب إلي من أن أدلس وذلك محمول منه على المبالغة في ذمه والتنفير عنه وقال أيضا التدليس أخو الكذب وقال حماد بن زيد التدليس كذب ثم ذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور وقال حماد ولا أعلم المدلس إلا متشبعا بما لم يعط وقال جرير بن حازم أدنى ما يكون فيه أنه يري الناس أنه سمع ولم يسمع وقال عبد الله بن المبارك لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أدلس وقد ذهب جماعة من العلماء إلى جرح المدلس مطلقا لإيهامه سماع ما لم يسمع فلم يقبلوا منه حديثا وإن صرح بالسماع
وقال آخرون إن كان الغالب عليه التدليس عمن عاصره ولم يلقه ولا سمع منه لم تقبل روايته مطلقا وإن كان تدليسه عمن قد لقيه وسمع منه ما صرح فيه بالسماع دون ما دلس
والصحيح الذي عليه جمهور أئمة الحديث والفقه والأصول الاحتجاج بما رواه المدلس الثقة مما صرح فيه بالسماع دون ما رواه بلفظ محتمل لأن جماعة من الأئمة الكبار دلسوا وقد اتفق الناس على الاحتجاج بهم ولم يقدح التدليس فيهم
كقتادة والأعمش والسفيانين الثوري وابن عيينة وهشيم بن بشير وخلق كثير وأيضا فإن التدليس ليس كذبا صريحا بل هو ضرب من الإيهام بلفظ محتمل كما قال الإمام الشافعي رحمه الله ومن عرفناه دلس مرة فقد أبان لنا عورته وليست تلك العورة بكذب فيرد حديثه ولا على النصيحة في الصدق فيقبل منه ما قبلناه من أهل الصدق فلذلك قلنا إنه لا يقبل من المدلس حديث حتى يقول حدثنا وسمعت هذا لفظه وقد قسم الحاكم أبو عبد الله في كتابه علوم الحديث أجناس المدلسين إلى ستة أقسام وبعضها متداخل
فأولها التابعون الذين لا يدلسون إلا عن ثقة مثلهم أو اكبر كأبي سفيان طلحة بن نافع وقتادة
وثانيها من كان يقول قال فلان فإذا حصل لهم من ينقر عن سماعهم ذكروا من سمعوه منه كابن عيينة وابن إسحاق وهشيم ونحوهم
والثالث من يدلس عن أقوام مجهولين لا يدري من هم كسفيان الثوري وعيسى بن موسى غنجار وبقية بن الوليد وذكر علي بن المديني قال حدثني حسين الأشقر حدثني شعيب بن عبد الله النهمي عن أبي عبد الله عن نوف قال بت عند علي رضي الله عنه فذكر كلاما قال بن المديني فقلت لحسين ممن سمعته فقال حدثنية شعيب عن أبي عبد الله عن نوف فلقيت شعيبا فقلت من حدثك بهذا قال أبو عبد الله الحصاص قلت عمن قال عن حماد القصار قال فلقيت حمادا فقلت من حدثك بهذا قال بلغني عن فرقد السبخي عن نوف فإذا هو قد دلس عن ثلاثة والحديث بعد منقطع وأبو عبد الله الجصاص مجهول وحماد القصار لا يدرى من هو وبلغه عن فرقد وفرقد لم يدرك نوفا ولا رآه
والرابع قوم دلسوا عن شيوخ مجروحين سمعوا منهم فغيروا أسماءهم وهذا تدليس الشيوخ وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى
والخامس قوم دلسوا عن شيوخ سمعوا منهم الكثير وفاتهم بعض الشيء عنهم فدلسوه
والسادس قوم رووا عن شيوخ لم يروهم قط ولم يسمعوا منهم فيقولون قال فلان وحمل ذلك منهم على الاتصال وليس مسموعا ومثل ذلك بما ذكر أبو داود الطيالسي عن أشرس أن إسحاق بن راشد قدم الري فجعل يقول حدثنا الزهري قال فقلت له أين لقيت ابن شهاب قال لم ألقه مررت ببيت المقدس فوجدت كتابا له
قلت وهذا ليس من التدليس في شيء لما تقدم إن شرط التدليس أن يكون اللفظ محتملا لا صريحا فمتى كان صريحا في السماع ولم يكن كذلك فهو كذب يقتضي الجرح لفاعله اللهم إلا أن يؤول بتأويل بعيد كما قيل فما روي عن الحسن أنه قال حدثنا أبو هريرة وتأوله من لم يثبت له السماع منه على أنه أراد حدث أهل البصرة فيكون الضمير عائدا إليهم وكذلك قول طاووس قدم علينا معاذ اليمن وهو لم يدركه وإنما أراد قدم على أهل بلده وهذه الأقسام متداخلة كما تراها والتعاقد شرط في التقسيم
والذي ينبغي أن ينزل قول من جعل التدليس مقتضيا لجرح فاعله على من أكثر التدليس عن الضعفاء وأسقط ذكرهم تغطية لحالهم وكذلك من دلس اسم الضعيف حتى لا يعرف كما سيأتي ولهذا ترك جماعة من الأئمة كأبي حاتم الرازي وابن خزيمة وغيرهما الاحتجاج ببقية مطلقا قال ابن حبان سمع بقية من شعبة ومالك وغيرهما أحاديث مستقيمة ثم سمع من أقوام كذابين عن مالك وشعبة فروى عن الثقات بالتدليس ما أخذ عن الضعفاء ولا شك في أن مثل هذا مقتض للجرح لكن الذي استقر عليه عمل الأكثرين الاحتجاج بما رواه المدلس الثقة بلفظ صريح في السماع
وبهذا أجاب علي بن المديني ويحيى بن معين وغيرهما وإما ما رواه بلفظ محتمل فحكمه حكم المرسل كما تقدم فمن رد المرسل مطلقا لم يحتج بما قال فيه المدلس ونحو ذلك ومن قبلها مطلقا احتج بالمدلس وهذا مذهب أهل الكوفة كما تقدم في المرسل وهم أكثر الناس تدليسا قال يزيد بن هارون قدمت الكوفة فما رأيت بها أحدا لا يدلس إلا شريكا ومسعر بن كدام
وأما على القول الراجح من الفرق بين من عرف منه أنه لا يرسل إلا عن ثقة وغيره فكذلك في المدلس فكل من عرف منه أنه لا يدلس إلا عن ثقة يقبل منه ما قال فيه عن ونحوه دون غيره
قال أبو حاتم بن حبان بعد ترجيحه لهذا القول وهذا شيء ليس في الدينا إلا لسفيان بن عيينة فإنه كان يدلس ولا يدلس إلا عن ثقة متقن ولا يكاد يوجد لسفيان بن عيينة خبر دلس فيه إلا وقد بين سماعه عن ثقة مثل نفسه ثم مثل ذلك بمراسيل صغار الصحابة لأنهم لا يرسلون إلا عن صحابي كما تقدم ونقل ابن عبد البر هذا القول من التفصيل عن أئمة الحديث مطلقا فقال قالوا لا نقبل تدليس الأعمش لأنه إذا وقف أحال على ملإ يعنون على غير ثقة فإذا قيل عمن هذا قال عن موسى بن طريف وعباية بن ربعي والحسن بن ذكوان وقالوا يقبل تدليس ابن عيينة لأنه إذا وقف أحال على ابن جريج ومعمر ونظائرهما
قلت قال أبو معاوية كنت أحدث الأعمش عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد فيجيء أصحاب الحديث بالعشي فيقولون حدثنا الأعمش عن مجاهد بتلك الأحاديث فأقول أنا حدثتة عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد والأعمش قد سمع من مجاهد ثم يراه يدلس عن ثلاثة عنه واحدهم متروك وهو الحسن بن عمارة وقد ألحق الحاكم بابن عيينة في قصر
التدليس عن الثقات التابعين بأسرهم قال فإنهم كانوا لا يدلسون إلا عن ثقة ولم يكن غرضهم من الرواية إلا أن يدعو إلى الله عز وجل فيقولون قال فلان لبعض الصحابة فأما غير التابعين فأغراضهم فيه مختلفة
قلت وهذا لا يتم إلا بعد ثبوت أن من دلس من التابعين لم يكن يدلس إلا عن ثقة وفيه عسر وهذا الأعمش من التابعين وتراه دلس عن الحسن بن عمارة وهو يعرف ضعفه وقد تقدم أن من التابعين من كان يرسل عن كل أحد كعطاء وأبي العالية والزهري والحاكم معترف بذلك فكيف يرسلون عن كل أحد ولا يدلسون إلا عن ثقة هذا فيه نظر وقد روى عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة أنه قال كنت أنظر إلى فم قتادة فإذا قال حدثنا كتبت وإذا قال حدث لم أكتب لكن هذا قد لا يرد على الحاكم لأن شعبة كان لا يقبل التدليس مطلقا سواء كان عن ثقة أو لم يكن بخلاف ما تقدم عن الأعمش وقد تقدم قول الإمام الشافعي ومن عرفناه دلس مرة فقد أبان لنا عورته فأجرى حكم التدليس على من عرف به مرة واحدة ولم يقبل منه بعد ذلك إلا ما صرح فيه بالسماع لأن ذلك صار هو الظاهر من أمره كما أن من عرف بالكذب مرة واحدة في الحديث صار الكذب هو الظاهر من حاله وسقطت الثقة بجميع حديثه مع جواز أن يكون صادقا في بعضه فكذلك هنا والله اعلم
والنوع الثاني من تدليس السماع أن يسمع الراوي من شيخه حديثا قد سمعه من رجل ضعيف عن شيخ سمع منه ذلك الشيخ هذا الحديث فيسقط الراوي عنه الرجل الضعيف من بينهما ويروي الحديث عن شيخه عن الأعلى لكونه سمع منه أو أدركه ويسمى هذا النوع أيضا التسوية وهو مذموم جدا من وجوه كثيرة
منها أنه غش وتغطية لحال الحديث الضعيف وتلبيس على من أراد الاحتجاج به
ومنها أنه يروي عن شيخه ما لم يتحمله عنه لأنه لم يسمع منه الحديث إلا بتوسط الضعيف ولم يروه شيخه بدونه
ومنها أنه يصرف على شيخه بتدليس لم يأذن له فيه وربما ألحق بشيخه وصمة التدليس إذا اطلع عليه أنه رواه عن الواسطة الضعيف ثم يوجد ساقط في هذه الرواية فيظن أن شيخه الذي أسقطه ودلس الحديث وليس كذلك ولا ريب في تضعيف من أكثر من هذا النوع وقد وقع فيه جماعة من الأئمة الكبار لكن يسيرا كالأعمش وسفيان الثوري حكاه عنهما الخطيب وروى عن قبيصة قال حدث سفيان الثوري يوما حديثا بدل فيه رجلا فقيل له يا أبا عبد الله فيه رجل فقال هذا سهل للطريق وممن أكثر منه بقية والوليد بن مسلم وتكلم فيهما من أجله قال ابن أبي حاتم في كتاب العلل سمعت أبي وذكر الحديث الذي رواه اسحاق ابن راهوية عن بقية حدثني أبو وهب الأسدي عن نافع عن ابن عمر حديث حتى تعرفوا عقدة رأيه فقال إن هذا الحديث له أمر قل من يفهمه روى هذا الحديث عبيد الله بن عمرو عن إسحاق بن أبي فروة عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وعبيد الله ابن عمرو كنيته أو وهب وهو أسدي فكناه بقية ونسبه إلى بني أسد لكي لا يفطن له حتى إذا ترك إسحاق بن أبي فروة من الوسط لا يهتدي له قال وكان بقية من أفعل الناس لهذا
قلت وقد روى هذا الحديث محمد بن المسيب الأرغياني عن موسى بن سليمان عن بقية عن عبيد الله بن عمرو عن إسحاق ابن أبي فروة عن نافع به فتبين به صحة قول أبي حاتم وقال صالح جزرة سمعت الهيثم بن خارجة يقول قلت للوليد بن مسلم قد أفسدت حديث الأوزاعي قال وكيف قلت تروي عنه عن نافع وعنه عن الزهري وعنه عن يحيى يعني ابن أبي كثير وغيرك يدخل بين الأوزاعي ونافع عبد الله بن عامر الأسلمي وبينه وبين الزهري قرة فما يحملك على هذا قال أنبل الأوزاعي بأن يروي عن مثل هؤلاء قلت
فإذا روى الأوزاعي عن هؤلاء المناكير وهم ضعفاء فأسقطتهم أنت وصيرتها من رواية الأوزاعي عن الإثبات ضعف الأوزاعي فلم يلتفت إلى قولي
وبالجملة فهذا النوع أفحش أنواع التدليس مطلقا وشرها لكنه قليل بالنسبة إلى ما يوجد عن المدلسين والله تعالى الموفق بكرمه
وأما القسم الثاني وهو تدليس الشيوخ فهو يختلف باختلاف الأغراض فمنهم من يدلس شيخه لكونه ضعيفا أو متروكا حتى لا يعرف ضعفه إذا صرح باسمه ومنهم من يفعل ذلك لكونه كثير الرواية عنه كي لا يتكرر ذكره كثيرا أو لكونه متأخر الوفاة قد شاركه فيه جماعة فيدلسه للأغراب أو لكونه أصغر منه أو لشيء بينهما كما وقع للبخاري مع الذهلي وكلها سوى النوع الأول أمره خفيف وقد يسمح بذلك جماعة من الأئمة وأكثر منه الحافظ الخطيب في كتبه وليس فيه إلا تضييع للمروي عنه وتوعير لطريق معرفته على من يروم ذلك
وأما النوع الأول فهو مذموم جدا لما فيه من تغطية حال الضعيف والتلبيس على من يتنكب الاحتجاج به ولا تعلق له بما نحن بصدده هنا من المرسل فلذلك اختصرت الكلام فيه بخلاف القسم المتقدم فإنه داخل في أنواع المرسل وحكمه حكمه كما تقدم
وتمام الفائدة هنا بذكر أسماء المدلسين حسبما وصلت اإليه ليعتبر ما كان من حديثهم بلفظ عن ونحوها على اعتبار ما تقدم وهم مرتبون على حروف المعجم
1 -
إبراهيم بن يزيد النخعي ذكر الحاكم وغيره أنه مدلس وحكى خلف بن سالم عن عدة من مشايخه أن تدليسه من أخص شيء وكانوا يتعجبون منه
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
2 -
إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي شيخ الشافعي وصفه أحمد بن حنبل بالتدليس
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
3 -
إسماعيل بن أبي خالد ذكره النسائي وغيره
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
4 -
بقية بن الوليد مشهور به مكثر له عن الضعفاء يعاني التسوية التي تقدم ذكرها
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
5 -
تليد بن سليمان الكوفي قال فيه أحمد بن صالح العجلي كان يدلس
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
6 -
جابر الجعفي قال أبو نعيم قال سفيان الثوري كلما قال فيه جابر سمعت أو حدثنا فأشدد يديك به وما كان سوى ذلك فتوقه
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
7 -
حبيب بن أبي ثابت قال ابن حبان كان مدلسا وروى أبو بكر بن عياش عن الأعمش قال قال لي حبيب بن أبي ثابت لو أن رجلا حدثني عنك ما باليت أن أرويه عنك
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
8 -
حجاج بن ارطأة مشهور به عن الضعفاء وغيرهم
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
9 -
الحسن بن أبي الحسن البصري من المشهورين بذلك
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
10 -
الحسن بن ذكوان ذكره محمد بن نصر المروزي في حديثه عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن علي حديث نهي عن ثمن الميتة الحديث قال محمد بن نصر سمعه الحسن بن ذكوان عن عمرو بن خالد عن حبيب بن أبي ثابت فدلسه بإسقاط عمرو ابن خالد لأنه منكر الحديث وكذلك قال يحيى بن معين في كل ما رواه الحسن ين ذكوان عن حبيب بن أبي ثابت أن بينه وبين حبيب رجلا ليس بثقة
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
11 -
الحسين بن واقد المروزي ذكره أبو يعلى الخليلي ممن يدلس
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
12 -
حفص بن غياث الكوفي ذكره أحمد بن حنبل في رواية الأثرم عنه
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
13 -
الحكم بن عتبة وصفه بالتدليس غير واحد
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
قال الطيماوي ـ عضو مميز في ملتقى أهل الحديث ـ: (الحكم بن عتبة) بل الحكم بن عتيبة الكندي
14 -
وحميد الطويل كذلك
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
15 -
زكريا بن أبي زائدة قال أبو حاتم الرزاي يدلس عن الشعبي وعن ابن جريج
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
16 -
سعيد بن أبي عروبة مشهور بالتدليس ذكره به غير واحد
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
17 -
سفيان بن سعيد الثوري
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
18 -
وسفيان بن عيينة
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
19 -
وسليمان التيمي
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
20 -
وسليمان الأعمش والأربعة أئمة كبار مشهورون بالتدليس
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
21 -
سويد بن سعيد الحدثاني قال غير واحد كان كثير التدليس
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
22 -
شباك الضبي كوفي ذكره الحاكم في كتابه علوم الحديث فيمن كان يدلس
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
23 -
شريك بن عبد الله النخعي القاضي كوفي وليس تدليسه بالكثير
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
24 -
شعيب بن أيوب الصريفيني قال فيه ابن حبان كان يدلس
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
25 -
طلحة بن نافع أبو سفيان ذكره الحاكم ممن كان يدلس من التابعين
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
26 -
طاووس بن كيسان الفقيه أحد الأعلام ذكره حسين الكرابيسي في أثناء كلام له أنه أخذ من عكرمة كثيرا من علم ابن عباس وكان يرسله بعد ذلك عنه وهذا يقتضي أن يكون مدلسا ولم أر أحدا وصفه بذلك
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
27 -
عباد بن منصور الناجي قال مهنا سألت أحمد عنه قال قد كان روى أحاديث منكرة وكان يدلس
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
28 -
عبد الله ين أبي نجيح المكي ذكره النسائي فيمن كان يدلس رواه عنه ابن الحداد وأبو بكر الفقيه
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
29 -
عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي قال ابن حبان كان يدلس
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
30 -
عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد ذكره أحمد في حديث رواه عن عبد الله بن عمر فقال ينبغي أن يكون عبد المجيد دلسه أخذه من إنسان فحدث به ذكره الخلال في كتاب العلل
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
31 -
عبد الرحمن بن محمد المحاربي قال عبد الله بن أحمد بن حنبل بلغنا أنه كان يدلس
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
32 -
عبد الملك بن عمير مشهور به ذكره غير واحد
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
33 -
عبد الملك بن جريح الإمام المشهور يكثر من التدليس
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
34 -
عبد الوهاب بن عطا الخفاف قال الخطيب كان يدلس
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
35 -
عكرمة بن عمار ذكره أبو حاتم الرازي بذلك
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
36 -
عكرمة بن خالد ذكره شيخنا الذهبي في أرجوزة سمى فيها غالب المدلسين
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
37 -
علي بن غراب أبو الحسن الكوفي قال فيه أحمد بن حنبل كان يدلس
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
38 -
عمر بن علي المقدمي ذكره أحمد أيضا بذلك فيما رواه الأثرم عنه
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
39 -
عمرو بن عبد الله السبيعي تابعي مشهور بذلك
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
40 -
قتادة بن دعامة السدوسي مشهور أيضا به من جلة التابعين
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
41 -
المبارك بن فضالة قال فيه أبو زرعة يدلس كثيرا وقال أبو داود شديد التدليس
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
42 -
محمد بن إسحاق بن يسار الإمام المشهور ممن أكثر منه وخصوصا عن الضعفاء
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
43 -
محمد بن خازم أبو معاوية الضرير قال أحمد بن أبي طاهر كان يدلس
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
44 -
محمد بن شهاب الزهري الإمام العلم مشهور به وقد قبل الأئمة قوله عن
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
45 -
محمد بن صدقة الفدكي أبو عبد الله سمع مالك بن أنس وعنه إبراهيم بن المنذر الحراني ذكره ابن الأثير في اختصاره كتاب الأنساب للسمعاني أنه كان مدلسا
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
46 -
محمد بن عبد الرحمن الطفاوي سئل عنه أحمد بن حنبل فقال كان يدلس رواه البرقاني في الثالث من كتاب اللفظ له
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
47 -
محمد بن عجلان المدني ذكر ابن أبي حاتم حديثه عن الأعرج عن أبي هريرة حديث المؤمن القوي خير وأحب الى الله من المؤمن الضعيف فقال إنما سمعه من ربيعة بن عثمان عن الأعرج قلت رواه عبد الله بن إدريس عن ربيعة بن عثمان عن محمد بن عثمان بن حبان عن الأعرج وذكر غير ابن أبي حاتم أيضا أنه كان يدلس أعني ابن عجلان
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
48 -
محمد بن عيسى بن سميع ذكره ابن حبان أنه روى حديث مقتل عثمان عن ابن أبي ذئب قال ولم يسمعه منه إنما سمعه من إسماعيل بن يحيى أحد الضعفاء عنه وكذلك قال صالح ابن محمد وغيره
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
49 -
محمد بن عيسى بن الطباع ذكره أبو داود بالتدليس وذلك في الخامس من سؤالات أبي عبيد الأجري له
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
50 -
محمد بن مسلم أبو الزبير المكي مشهور بالتدليس قال سعيد بن أبي مريم ثنا الليث بن سعد قال جئت أبا الزبير فدفع لي كتابين فانقلبت بهما ثم قلت في نفسي لو أني عاودته فسألته اسمع هذا كله من جابر قال سألته فقال منه ما سمعت ومنه ما حدثت عنه فقلت له اعلم لي على ما سمعت منه فاعلم لي على هذا الذي عندي
ولهذا توقف جماعة من الأئمة عن الاحتجاج بما لم يروه الليث عن أبي الزبير عن جابر وفي صحيح مسلم عدة أحاديث مما قال فيه أبو الزبير عن جابر وليست من طريق الليث وكأن مسلما رحمه الله اطلع على أنها مما رواه الليث عنه وإن لم يروها من طريقه والله أعلم
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
51 -
مروان بن معاوية الفزاري قال يحيى بن معين ما رأيت أحيل للتدليس منه
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
52 -
مغيرة بن مقسم الضبي قال ابن فضيل كان يدلس فلا نكتب إلا ما قال ثنا إبراهيم وقال أحمد بن حنبل عامة حديثه عن إبراهيم مدخول إنما سمعه من حماد ومن يزيد بن الوليد والحارث العكلي وجعل أحمد يضعف حديثه عن إبراهيم يعني النخعي
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
53 -
مكحول الدمشقي ذكره الحافظ الذهبي بالتدليس وهو مشهور بالإرسال عن جماعة لم يلقهم وسيأتي فيما بعد إن شاء الله تعالى
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
54 -
موسى بن عقبة في صحيح البخاري روايته عن الزهري وفي بعضها عنه قال الزهري قال الإمام أبو بكر الإسماعيلي يقال إنه لم يسمع من الزهري شيئا
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
قلت وذلك بعيد لأن البخاري لا يكتفي بمجرد إمكان اللقاء ولم أر من ذكر موسى بالتدليس غيره
55 -
ميمون بن موسى المرائي قال فيه أحمد بن حنبل كان يدلس
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
56 -
هشام بن عروة أمام مشهور لم يشتهر بالتدليس ولكن قال علي بن المديني سمعت يحيى يعني ابن سعيد يقول كان هشام بن عروة يحدث عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما وما ضرب بيده شيئا الحديث فلما سألته قال أخبرني أبي عن عائشة قالت ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين لم أسمع من أبي إلا هذا والباقي لم أسمعه إنما هو عن الزهري رواه الحاكم في علومه عن ابن المديني في جعل هشام بمجرد هذا مدلسا نظر ولم أر من وصفه به
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
57 -
هشيم بن بشير أحد الأئمة مشهور بالتدليس مكثر منه
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
58 -
الوليد بن مسلم الدمشقي كذلك ويعاني التسوية أيضا كما تقدم
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
59 -
يحيى بن أبي حية أبو جناب الكلبي ضعفوه وقال أبو زرعة صدوق يدلس
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
60 -
يحيى بن سعيد الأنصاري ذكر علي بن المديني أنه كان يدلس حكاه عنه الحافظ عبد الغني في كتابه الكمال في ترجمة محمد بن عمرو بن علقمة
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
61 -
يحيى بن أبي كثير البصري معروف بالتدليس ذكره النسائي وغيره
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
62 -
يزيد بن أبي زياد ذكره الحاكم فيمن كان يدلس قاله في علوم الحديث
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
63 -
يزيد بن أبي مالك الهمداني ذكره أبو مسهر بالتدليس وسيأتي ذلك في آخر الكتاب
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
64 -
يونس بن عبيد ذكره بالتدليس النسائي وغيره
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
65 -
أبو إسرائيل الملائي واسمه إسماعيل بن أبي إسحاق متكلم فيه وخرج الترمذي من اسرائيل عن الحكم عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى عن بلال حديث لا تثوبن في شيء من الصلوات إلا في صلاة الفجر ثم قال الترمذي لم يسمع أبو إسرائيل هذا الحديث من الحكم يقال إنما رواه عن الحسن بن عمارة عن الحكم
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
66 -
أبو حرة الرقاشي واسمه واصل بن عبد الرحمن روى له مسلم قال فيه أحمد بن حنبل صاحب تدليس عن الحسن إلا أن يحيى يعني ابن سعيد روى عنه ثلاثة أحاديث يقول في بعضها حدثنا الحسن وقال البخاري يتكلمون في روايته عن الحسن
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
67 -
أبو سعد البقال واسمه سعيد بن المرزبان متكلم فيه قال ابن المبارك قلت لشريك بن عبد الله النخعي تعرف أبا سعيد البقال قال إني والله أعرفه عالي الإسناد أنا حدثته عن عبد الكريم الخزري عن زياد بن أبي مريم عن عبد الله بن معقل عن ابن مسعود حديث الندم توبة فتركني وترك عبد الكريم وزياد ابن أبي مريم وروى عن عبد الله بن معقل عن ابن مسعود الحديث
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
68 -
أبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي ذكر الذهبي في الميزان أنه كان يدلس عمن لحقهم ومن لم يلحقهم وكان له صحف يحدث منها ويدلس
[التعليق]
قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين
…
وهم مرتبون على حروف المعجم.
هذه أسماء من ظفرت به أنه ذكر بالتدليس ثم ليعلم بعد ذلك أن هؤلاء كلهم ليسوا على حد واحد بحيث أنه يتوقف في كل ما قال فيه واحد منهم عن ولم يصرح بالسماع بل هم على طبقات
أولها من لم يوصف بذلك إلا نادرا جدا بحيث أنه لا ينبغي أن يعد فيهم كيحيى بن سعيد الأنصاري وهشام بن عروة وموسى بن عقبة
وثانيها من احتمل الأئمة تدليسه وخرجوا له في الصحيح وإن لم يصرح بالسماع وذلك إما لإمامته أو لقلة تدليسه في جنب ما روى أو لأنه لا يدلس إلا عن ثقة وذلك كالزهري وسليمان الأعمش وإبراهيم النخعي وإسماعيل بن أبي خالد وسليمان التيمي وحميد الطويل والحكم بن عتبة ويحيى بن أبي كثير وابن جريج والثوري وابن عيينة وشريك وهشيم ففي الصحيحين وغيرهما لهؤلاء الحديث الكثير مما ليس فيه التصريح بالسماع وبعض الأئمة حمل ذلك على أن الشيخين اطلعا على سمعا الواحد لذلك الحديث الذي أخرجه بلفظ عن ونحوها من شيخه وفيه تطويل الظاهر أن ذلك لبعض ما تقدم آنفا من الأسباب قال البخاري لا أعرف لسفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت ولا عن سلمة بن كهيل ولا عن منصور وذكر مشايخ كثير لا أعرف لسفيان عن هؤلاء تدليسا ما أقل تدليسه
وثالثها من توقف فيهم جماعة فلم يحتجوا بهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع وقبلهم آخرون مطلقا كالطبقة التي قبلها لأحد الأسباب المتقدمة كالحسن وقتادة وأبي إسحاق السبيعي وأبي الزبير المكي وأبي سفيان طلحة بن نافع وعبد الملك بن عمير
ورابعها من اتفقوا على أنه لا يحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع لغلبة تدليسهم وكثرته عن الضعفاء والمجهولين كابن إسحاق وبقية وحجاج بن الاطأة وجابر الجعفي والوليد بن مسلم وسويد بن سعيد وأضرابهم ممن تقدم فهؤلاء هم الذين يحكم على ما رووه بلفظ عن بحكم المرسل كما تقدم
وخامسها من قد ضعف بأمر آخر غير التدليس فرد حديثهم به لا وجه له إذ لو صرح بالتحديث لم يكن محتجا به كأبي جناب الكلبي وأبي سعد البقال ونحوهما فليعلم ذلك
وهذا كله في تدليس الراوي ما لم يتحمله أصلا بطريق ما فأما تدليس الإجازة والمناولة والوجادة بإطلاق أخبرنا فلم يعده أئمة الفن في هذا الباب كما قيل في رواية أبي اليمان الحكم بن نافع عن شعيب ورواية مخرمة بن بكير بن الأشج عن أبيه وصالح بن أبي الأخضر عن الزهري وشبه ذلك بل هو إما محكوم عليه بالانقطاع أو يعد متصلا ومن هذا القبيل ما ذكره محمد بن طاهر المقدسي عن الحافظ أبي الحسن الدارقطني أنه كان يقول فيما لم يسمع من البغوي قرئي على أبي القاسم البغوي حدثكم فلان ويسوق السند إلى آخره بخلاف ما هو سماعه فإنه يقول فيه قرىء على أبي القاسم وأنا أسمع أو أخبرنا أبو القاسم البغوي قراءة ونحو ذلك فأما أن يكون له من البغوي إجازة شاملة بمروياته كلها فيكون ذلك متصلا له أو لا يكون كذلك فيكون وجادة وهو قد تحقق صحة ذلك عنه على أن التدليس في المتأخرين بعد سنة ثلاثمائة يقل جدا قال الحاكم لا أعرف في المتأخرين من يذكر به إلا أبا بكر محمد بن محمد بن سليمان الباغندي والله أعلم
التاسع في ألفاظ الأداء الدالة على السماع إما سريحا أو ظاهرا قويا يقرب من الصريح وهي حدثنا وأخبرنا وسمعت وقال لنا وذكر لنا وحضرت فلانا يقول وما أشبه ذلك ويلتحق بها أنبأنا ونبأنا وإن كان غلب استعمالها عند المتأخرين في الإجازة فهي من جملة صور التحمل وإن كانت قاصرة عن السماع وكذلك أشهد على فلان أنه قال كذا وهي منحطة عن رتبة ما تقدم لاحتمال الواسطة فدكر الحافظ أبو بكر الخطيب أن أرفع هذه العبارات سمعت فلانا يقول كذا قال لأنها لا تقبل التدليس ولا يكاد يستعمل فيما كان بالإجازة أو المكاتبة بخلاف أخبرنا وحدثنا فإن بعض أهل العلم جوزوا إطلاقهما فيما كان بلإجازة وروي عن الحسن البصري أنه كان يقول حدثنا أبو هريرة ويتأول أنه
حدث أهل البصرة وأن الحسن منهم وكان الحسن إذ ذاك بالمدينة فلم يسمع منه شيئا قال ولم يستعمل قول سمعت في شيء من ذلك انتهى كلامه
وفيه نظر من وجوه
أحدها أنه لا نعلم أحدا من المدلسين المقبول قولهم أطلق حدثنا أو أخبرنا فيما لم يتحمله من شيخه وقد اتفق أئمة الحديث قاطبة على قبول ما قال فيه المدلس الثقة حدثنا أو أخبرنا فمتى تطرق وهم التدليس إلى هاتين اللفظتين أدى ذلك إلى أنه لا يقبل من مدلس خبر أبدا والإجماع على خلافه
وثانيها إن ما ذكره عن الحسن من قوله حدثنا أبو هريرة فلا يرد على ذلك لأحد وجهين إما أن يثبت للحسن السماع من أبي هريرة رضي الله عنه كما قاله بعضهم وأما أن يكون ذلك من غلط الرواة عنه اعتقدوا أنه سمع منه فغيروا لفظة عن بحدثنا وهذا هو اختيار أبي زرعة وأبي حاتم الرازيين قال ابن أبي حاتم سمعت أبا زرعة يقول لم يسمع الحسن من أبي هريرة ولم يره فقيل له فمن قال عنه حدثنا أبو هريرة قال يخطىء قال وسمعت أبي وذكر حديثا حدثه مسلم بن إبراهيم ثنا ربيعة بن كلثوم سمعت الحسن يقول حدثنا أبو هريرة رضي الله عنه قال أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث قال لم يعمل ربيعة بن كلثوم شيئا لم يسمع الحسن من أبي هريرة فقلت لأبي أن سالما الخياط روى عن الحسن قال سمعت أبا هريرة قال هذا مما بيبن ضعف سالم
وثالثها إن المتفق عليه أن الشيخ إذا لم يقصد إسماع الراوي عنه فلا يقول عنه حدثنا ولا أخبرنا بل يقول سمعت كما كان البرقاني يقول سمعت أبا القاسم الأبندوني يقول وسأله الخطيب عن ذلك فذكر أن الأبندوني كان عراقي الرواية وكان البرقاني يجلس بحيث لا يراه الأبندوني ولا يعلم بحضوره ويتسمع ما يحدث به الداخل إليه فلذلك كان يقول سمعت ولا يقول حدثنا لأنه لم يقصد بحديثه فظهر بهذا أن قول حدثنا أو أخبرنا أرفع من قول سمعت وههنا
تفاصيل كثيرة بالنسبة إلى العبارة عما سمعه من لفظه أو قرأه عليه أو قرىء عليه وهو يسمع أو كان بالمناولة والإجازة المجردة عنها إلى الكتابة ونحو ذلك لا تعلق لها بما نحن فيه فلا فائدة في ذكرها هنا وهي مستوفاة فيما عملته من مقدمة نهاية الأحكام
العاشر في الألفاظ المحتملة للسماع وتطلق في التدليس وهي ثلاثة
الأول لفظ عن وقد اختلف فيها في ألفاظ المتقدمين فذهب بعض الأئمة إلى أن ما كان فيه لفظ عن فهو من قبيل المرسل المنقطع حين يتبين اتصاله من جهة أخرى وهذا القول حكاه ابن الصلاح ولم يسم قائله ونقله قبله القاضي أبو محمد الرامهرمزي في كتابه المحدث الفاصل عن بعض المتأخرين من الفقهاء ووجه بعضهم هذا القول بأن هذه اللفظة لا إشعار لها بشيء من أنواع التحمل وبصحة وقوعها فيما هو منقطع كما إذا قال الواحد منا مثلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن أنس ونحوه فهذا القول في عن وإن قل من يقول به وهو أضيق الأقوال
وثانيها إن الراوي إن كان طويل الصحبة للذي روى عنه بلفظ عن ولم يكن مدلسا كانت محمولة على الاتصال وإلا فهو مرسل قاله الإمام أبو المظفر بن السمعاني ووجهه أن طول الصحبة يتضمن غالبا السماع لحمله ما عند المحدث أو أكثره فتحمل عن على الغالب وإن كانت محتملة للإرسال
والقول الثالث إنها تقتضي الاتصال وتدل عليه إذا ثبت اللقاء بين المعنعن والمعنعن عنه ولو مرة واحدة وكان الراوي بريئا من تهمة التدليس وهذا هو الذي عليه رأي الحذاق كابن المديني والإمام البخاري وأكثر الأئمة
قال ابن عبد البر وجدت أئمة الحديث أجمعوا على قبول المعنعن إذا جمع شروطا ثلاثة العدالة وعدم التدليس ولقاء بعضهم بعضا على خلاف بينهم في ذلك وكذلك قال الإمام أبو الحسن القابسي وما قالوا فيه عن فهو من المتصل
إذا عرف أن ناقله أدرك المنقول عنه إدراكا بينا ولم يكن ممن عرف بالتدليس وذكر بعض الأئمة المتأخرين من أهل الأندلس أنه ينبغي أن يكون مراد هؤلاء ثبوت اللقاء تحقق السماع في الجملة لا مجرد اللقاء فقط فكم من تابعي لقي صحابيا ولم يسمع منه وكذلك من بعدهم وفي كلام الحاكم أبي عبد الله على الحديث المسند ما يشعر بذلك أي أن المعتبر ثبوت السماع في الجملة لا مجرد اللقاء ويحتمل أن يكتفي بثبوت اللقاء فقط لما يلزم منه غالبا من السماع
والقول الرابع إنه يكتفي بمجرد إمكان اللقاء دون ثبوت أصله فمتى كان الراوي بريئا من تهمة التدليس وكان لقاؤه لمن روى عنه بالعنعنة ممكنا من حيث السن والبلد كان الحديث متصلا وإن لم يأت أنهما اجتمعا قط وهذا قول الإمام مسلم والحاكم أبي عبد الله والقاضي أبي بكر بن الباقلاني والإمام أبي بكر الصيرفي من أصحابنا وقد جعله مسلم رحمه الله قول كافة أهل الحديث وإن القول باشتراط ثبوت اللقاء قول مخترع بل لم يسبق قائله إليه وبالغ في رده وطول في الاحتجاج لذلك في مقدمة صحيحه بما سيأتي تلخيصه والجواب عنه
وقد اتفقت هذه الأقوال الثلاثة على أن عن لا تحمل على الانقطاع بمجردها وهو الذي عليه دهماء أهل الحديث قديما وحديثا وإن اختلفوا في شروط ذلك بحسب اختلاف هذه الأقوال الثلاثة وقول من وجه القول الأول أنه لا إشعار لها بشيء من أنواع التحمل مأخذه أنه إذا قال الراوي عن فلان احتمل أن يكون المقدر الذي يتعلق به عن فعلا مبنيا للفاعل وأن يكون مبنيا للمفعول ويحتمل أن يكون بلغنا أو يكون نفس المقول أي قال فلان عن فلان لا ترجيح لأحد هذه الاحتمالات فلزم الوقف وعدم الحكم بالاتصال حتى يتبين من جهة أخرى والجواب عنه أنه إذا ظهر الفعل في أول الكلام كان قرينة في حمل جميع المحذوفات المقدرة في السند عليه فإذا قال الراوي أول السند حدثنا أو أخبرنا فلان حمل جميع ما بعده من العنعنة على ذلك لأن الحذف يتقدر منه أقل ممكن بحسب الضرورةالداعية إليه ويكتفي فيه بالقرينة المشعرة به وأيضا إذا ساغ استعمالها في الاتصال وحملها عليه وهو الذي نقله جماعة من الأئمة عن كافة
العلماء كما تقدم كانت حقيقتها الاتصال فحيث وردت في المرسل وهي الانقطاع يكون مجازا فيه لأن المجاز خير من الاشتراك وإنما يدعي المجاز فيها عند عدم المعاصرة لتعذر الحقيقة وكذا إذا علم قصد الإرسال إذ المجاز لا يستعمل إلا لقرينة وقد حدث عن اصطلاح متأخر بعد الخمسمائة وهو استعمالها في مكان بالإجازة إذا وقعت في أثناء السند فيقول الراوي فيما سمعه من شيخه بإجازته من الأعلى أخبرنا فلان عن فلان وليس في ذلك ما يقدح في كونها للاتصال لأن الإجازة أحد أنواع التحمل على الصحيح وقد كان الحافظ أبو نعيم أحيانا يطلق فيها أخبرنا ولا يبين أنه إجازة وتبعه عليه طائفة قليلة
والكلام الآن في تلخيص ما استدل به مسلم على الاكتفاء بمجرد إمكان اللقاء في جعل عن للاتصال مع البرءة عن تهمة التدليس
فمما استدل به ما معناه أنا اتفقنا نحن وأنتم على قبول خبر الواحد الثقة عن مثله إذا ضمهما عصر واحد وأنه حجة ثم أدخلت فيه شرطا زائدا وهو ثبوت اللقاء فيلزمك إثبات القول به عمن سلف وحقيقة هذا الدليل دعوى الإجماع في محل الخلاف ويمكن عكسه عليه بأن يقال اتفقنا نحن وأنت على قبول المعنعن من غير المدلس إذا ثبت اللقاء فنقصت أنت من شروط الإجماع ثبوت اللقاء فيتوجه عليك المطالبة بالدليل على إسقاطه واحتج أيضا بأنه يلزم هذا القائل أنه لا يثبت سندا معنعنا حتى يرى فيه السماع من أوله إلى آخره لأن احتمال الإرسال فيه جائز ممكن بل موجود كثيرا فإن سماع هشام بن عروة من أبيه كثير جدا وقد روى عنه أيوب وابن المبارك وجماعة عن أبيه عن عائشة حديث طبيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحله الحديث ورواه الليث وأبو أسامة ووهب وآخرون عن هشام أخبرني عثمان بن عروة عن عروة عنها وكذلك حديثه عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف يدني إلي رأسه الحديث رواه جماعة عن هشام بن عروة على الجادة ورواه مالك عن الزهري عن عروة عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها وذكر أحاديث أخر بهذه المثابة ثم قال وهذا كثير في الروايات فإذا كانت العلة عند من وصفنا قوله قبل في فساد الحديث
وتوهينه إذا لم يعلم أن الراوي قد سمع ممن روى عنه شيئا إمكان الإرسال فيه لزمه ترك الاحتجاج في قياد قوله برواية من يعلم أنه قد سمع ممن روى عنه إلا في نفس الخبر الذي ذكر فيه السماع لما بينا قبل عن الأئمة الذين نقلوا الأخبار أنهم كانت لهم تارات يرسلون فيها الحديث إرسالا ولا يذكرون من يسمعون منه وتارة ينشطون فيسندون الخبر على هيئة ما سمعوا وما علمنا أحدا من أئمة السلف ممن يستعمل الأخبار ويتفقد صحة الأسانيد وسقيمها كأيوب وابن عون ومالك وشعبة والقطان ومن بعدهم فتشوا عن موضع السماع في الأسانيد كما ادعاه الذين وصفنا من قبل وإنما كان تفقدهم سماع رواية الحديث ممن روى عنه إذا كان الراوي ممن عرف بالتدليس وشهر به فحينئذ يبحثون عن سماعه في روايته ويتفقدون ذلك منه أما ابتغاء ذلك من غير مدلس فما سمعنا ذلك عن واحد ممن سميناه ولم نسم انتهى كلامه وهو متضمن ثلاثة أمور
أحدها النقض بما زيد في إسناده رجل مع روايته بدونه عمن سمع منه كما ذكر من الأمثلة
وثانيها الحكم على من نقص الرجل والحالة هذه بأنه أرسل الإسناد لأنه غير مدلس
وثالثها إن تفقد الأولين لسماع الراوي للحديث إذا قال فيه عن إنما كان حين يكون قد عرف بالتدليس
أما الأول فهي مسألة معضلة وسنأتي الكلام فيها في الفصل الآتي بعد هذا إن شاء الله تعالى ويمكن الفرق بين المقامين بأن الراوي إذا ثبت لقاؤه لمن عنعن عنه ومشافهته له وكان بريئا من تهمة التدليس فالظاهر من حاله فيما أطلقه بلفظ عن الاتصال وعدم الإرسال حتى يتبين ذلك بدليل كما في الأمثلة التي ذكرها وهي منغمرة في جنب الغالب الكثير من الأسانيد فلا يعترض بها على الغالب لندرتها بخلاف إرسال الراوي عمن لم يلقه فإنه كثير جدا بلفظ عن
فلا يلزم من عدم التوقف في ذلك عدم التوقف في هذا ومع ظهور الفرق بينهما فلا نقض
وأما الثاني فهو في الحقيقة دليل لخصمة لأنه حكم على كثير من المعنعنات بالإرسال كما ذكر من الأمثلة ثم قال وهذا كثير في الروايات وليس الرواة مدلسين فقد ضعفت العنعنة من المعاصر حينئذ فيحتاج إلى تقوية بزيادة اشتراط ثبوت اللقاء أالسماع في الجملة ليفيد قوة الظن بالاتصال مع السلامة من وصمة التدليس ولقد فهم الأئمة بصرف جماعة من الأئمة الكبار فعدوهم مدلسين وعدوا قوما مثلهم أو دونهم من الرتبة مرسلين مع شمول الإرسال اللغوي للطائفتين لأن أولئك أرسلوا عمن سمعوا منه وهؤلاء أرسلوا عمن لم يسمعوا منه فيحتاج حينئذ إذا لم يكن الراوي مدلسا وأتى بلفظ عن الى ثبوت اللقاء او السماع في الجملة حتى ينتفي الإرسال
أما الثالث وهو أن تفقد الأئمة لمن أتى بلفظ عن إنما كان حين يعرف بالتدليس فإن أراد به الجميع فهو ممنوع فإن من مخالفيه في المسألة جبلي العلم علي بن المديني والإمام البخاري فلا إجماع في المسألة وإذا كان البعض فلا دليل فيه وبهذا أيضا يخرج الجواب بما بسطه الإمام مسلم رحمه الله بعد ذلك من استدلاله بروايات جماعة سماهم عن الصحابة بلفظ عن كعبد الله ابن يزيد الأنصاري وهو معدود من الصحابة رضي الله عنهم أيضا عن أبي مسعود الأنصاري وحذيفة رضي الله عنهما قال وليس في روايته عنهما ذكر السماع منهما ولا حفظنا في رواية أنه شافههما في حديث قط وذكر جماعة كثيرين منهم قيس ابن أبي حازم عن أبي مسعود البدري والنعمان بن أبي عياش عن أبي سعيد الخدري إلى أن قال فكل هؤلاء من التابعين الذين نصبنا روايتهم عن الصحابة الذين سميناهم لم يحفظ عنهم سماع علمناه منهم في رواية بعينها ولا أنهم لقوهم في خبر بعينه وحاصل ذلك كله ما أشرنا إليه من ادعاء الإجماع على قبول العنعنة من غير المدلس مع عدم ثبوت اللقاء إذا كان ممكنا والإجماع ممنوع كما تقدم ثم إن جميع ما ذكر مسلم رحمه الله من الأمثلة خاصة لا تعم
ويمكن أن يكون قبول الأئمة لذلك لقرائن اقترنت بها أفادت اللقاء فإن الحكم على الكليات بحكم جزئي لا يطرد فقد يكون لكل حديث حكم يطلع فيه على لقاء أو سماع ثم إن ما ذكرنا من أمثلته هنا قد ثبت في كلها السماع وغفل عنه مسلم رحمه الله حالة كتابته هذا الفصل فحديث عبد الله بن يزيد عن أبي مسعود خرجه البخاري في كتاب المغازي من صحيحه من طريق شعبة عن عدي بن ثابت عن عبد الله بن يزيد أنه سمع أبا مسعود الأنصاري فذكر الحديث وكذلك خرج أيضا رواية قيس بن أبي حازم عن أبي مسعود في باب تخفيف الإمام وفيه عن إسماعيل بن أبي خالد سمعت قيسا قال أخبرني أبو مسعود أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم إني لأتأخر عن صلاة الغداة الحديث ففي هذين الحديثين التصريح بالسماع
وأما رواية النعمان بن أبي عياش عن أبي سعيدالخدري فقد خرجها مسلم بصريح السماع في مواضع منها في صفة الجنة في حديث أبي حازم عن سهل بن سعد حديث إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام قال أبو حازم فحدثت به النعمان بن أبي عياش فقال حدثني أبو سعيد بهذا وكذلك في الحديثين الآخرين حديث يرى أهل الجنة الغرف وحديث أنا فرطكم على الحوض وكأن مسلما رحمه الله غفل عن روايةالنعمان لها عن أبي سعيد بصريح السماع لكونها جاءت في مسند غيره بحكم التبع والله أعلم
الثاني لفظ أن كقول سفيان حدثنا الزهري أن سعيد بن المسيب حدثه أن أبا هريرة رضي الله عنه قال كذا فاختلفوا فيها هل تحمل على الاتصال أم لا فروي عن مالك رحمه الله أن عن وإن سواء وحكاه ابن عبد البر والقاضي
عياض عن جمهور أهل الحديث قال ابن عبد البر لا اعتبار بالحروف والألفاظ إنما الاعتبار باللقاء والمجالسة والسماع والمشاهدة يعني مع السلامة عن وصمة التدليس قال فإذا كان سماع بعضهم من بعض صحيحا كان حديث بعضهم عن بعض أبدا بأي لفظ ورد محمولا على الاتصال حتى يثبت خلافه وروي عن أحمد بن حنبل أن عن وأن ليسا سواء وحكى عن الإمام أبي بكر البرديجي أن ما كان بلفظ إن محمول على الانقطاع حتى يتبين فيه الاتصال من جهة أخرى وكذلك قال يعقوب بن أبي شيبة صاحب المسند فإنه ذكر فيه حديث ابن الزبير عن محمد بن الحنفية عن عمار رضي الله عنه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي الحديث وحديث عطاء عن محمد بن الحنفية أن عمارا مر بالنبي صلى الله عليه سلم وهو يصلي الحديث وجعل الأول مسندا متصلا والثاني مرسلا لقوله فيه إن ولم يقل عن وكذلك قال الدارقطني في الحديث الذي أخرجه مسلم من طريق عمرو بن سعيد عن حميد بن عبد الرحمن الحميري عن ثلاثة من ولد سعد عن أبيهم قصة مرضه والوصية ثم من طريق محمد بن سيرين عن حميد عن ثلاثة من ولد سعد أن سعدا وجعل هذه الرواية مرسلة لقوله فيها إن وقد اعترض ابن عبد البر على هذا القول باتفاق الأئمة على أن الإسناد المتصل إلى الصحابي لا فرق فيه بين قوله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وإن رسول الله قال أو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال أو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وفي هذا الاعتراض نظر فقد خالف القاضي أبو بكر الباقلاني وغيره فيما إذا قال الصحابي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا أنه يحمل على الاتصال قال لأنه متردد بين أن يكون سمعه منه أو من غيره عنه صلى الله عليه وسلم وأجاب الجمهور بأنه إن لم يكن سمعه منه فقد سمعه من صحابي مثله كما تقدم في مراسيل الصحابة ولا يضر عدم معرفته لأن كلهم عدول وإذا كان هذا في قال منقدحا فكذلك في عن وإن لكن تقدم في عن أنها استقر شيوعها في الاتصال بالشروط المتقدمة والاحتمال قائم في أن وليس من بعد الصحابة بمثابتهم في أنه لا يضر الجهل بأعيانهم والذي
يقتضيه النظر إن إن يقتضي الاتصال بالشروط المتقدمة لكنها أنزل درجة من عن والله أعلم
الثالث قولهم قال فلان أو ذكر او حدث أو فعل أو كان يقول كذا وما أشبه ذلك فاختلف فيه وقد حكينا عن ابن عبد البر تعميم الحكم بالاتصال فيما يذكره الراوي عمن لقيه بأي لفظ كان وكذلك قال الإمام أبو بكر الصيرفي والحافظ أبو بكر الخطيب وغيرهما وهذا مع الشروط التي قدمناها في عن من السلامة عن التدليس وثبوت اللقاء والسماع أو إمكانه على اختلاف الرأيين والدليل لصحة هذا وما قبله منقولهم أن فلانا ونحوه أن الراوي لو لم يكن قد سمع هذا منه لكان بإطلاقه ما يشعر بالرواية عنه من غير ذكر الواسطة مدلسا والظاهر السلامة من ذلك إذ لم يعرف به وقد كان حجاج بن محمد المصيصي يقول قال ابن جريج فيما سمع منه من كتبه وحمل الناس منه ذلك على الاتصال لأنه كان لا يروي إلا ما سمع وقال همام بن يحيى ما قلت قال قتادة فأنا سمعته منه وعن شعبة قال لأن أزني أحب إلي من أن أقول قال فلان ولم أسمع منه وقال حماد بن زيد أني لأكره إذا كنت لم أسمع من أيوب حدثنا أن أقول قال أيوب كذا وكذا فيظن الناس أني قد سمعته منه
وفي هذا دليل على أن عرف أهل ذلك الزمان أن قال يقتضي الاتصال وقد فرق الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله بين المتقدمين وغيرهم في ذلك وقال هذا الحكم لا أراه يستمر فيما وجد من المصنفين في تصانيفهم مما ذكروه عن مشايخهم قائلين فيه ذكر فلان وقال فلان ونحو ذلك والظاهر أنه أراد بالمصنفين من بعد طبقة الأئمة الستة لأن ابن حزم جعل حديث أبي مالك الأشعري ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الخمر والمعازف الحديث
وهو في صحيح البخاري منقطعا لكون البخاري قال وقال هشام بن عمار وساق إسناده واعترض عليه ابن الصلاح بما تقدم عن ابن عبد البر وغيره إن قال من غير المدلس يقتضي الاتصال إذا ثبت اللقاء بينهما وقال الإمام أبو جعفر بن حمدان النيسابوري كلما قال البخاري في صحيحه وقال لي فلان فهو عرض ومناولة وذكر ابن الصلاح ان قول الرواي قال لنا فلان وذكر لنا لائق بما سمعه منه في المذاكرة وهو به أشبه ولكن هذا لا يقدح في الاتصال لأن ما يحصل في المذاكرة سماع والعرض والمناولة من أنواع التحمل المقتضي للاتصال لكن ذلك كله منحط عن درجة السماع المقصود وبهذا يتبين أن رتبة قال مجردة منحطة عن رتبة عن وإن أيضا إلا أن يصرح الراوي بأنه لا يقولها إلا فيما سمعه أو يعرف ذلك من عادته كمن تقدم ذكرهم والله سبحانه وتعالى أعلم