المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الباب الرابع في فروع وفوائد وتنبيهات وأمثله يذنب بها ما تقدم وتتم - جامع التحصيل في أحكام المراسيل

[صلاح الدين العلائي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المحقق

- ‌الكتب المؤلفة في المراسيل

- ‌(الباب الأول في حد الحديث المرسل والفصل بينه وبين غيره)

- ‌(الباب الثاني في ذكر مذاهب العلماء في قبول الحديث المرسل والاحتجاج به

- ‌(الباب الثالث في ذكر الأدلة الدالة للأقوال المتقدمة)

- ‌(الباب الرابع في فروع وفوائد وتنبيهات وأمثله يذنب بها ما تقدم وتتم

- ‌(الباب الخامس في بيان المراسيل الخفي إرسالها)

- ‌الباب السادس في سياقه ذكر الرواة المحكوم على روايتهم بالإرسال عن ذلك الشيخ المعين

- ‌حرف الألف

- ‌(حرف الباء)

- ‌(حرف التاء)

- ‌(حرف الثاء)

- ‌(حرف الجيم)

- ‌(حرف الحاء)

- ‌(حرف الخاء)

- ‌(حرف الدال)

- ‌(حرف الذال)

- ‌(حرف الراء)

- ‌(حرف الزاي)

- ‌(حرف السين)

- ‌(حرف الشين)

- ‌(حرف الصاد)

- ‌(حرف الضاد)

- ‌(حرف الطاء)

- ‌(حرف الظاء)

- ‌(حرف العين)

- ‌(حرف الغين)

- ‌(حرف الفاء)

- ‌(حرف القاف)

- ‌(حرف الكاف)

- ‌(حرف اللام)

- ‌(حرف الميم)

- ‌(حرف النون)

- ‌(حرف الهاء)

- ‌(حرف الواو)

- ‌(حرف اللام ألف)

- ‌(حرف الياء)

- ‌(فصل في الكنى)

- ‌(فصل فيما كان من ذلك عن النساء أو المبهمات)

الفصل: ‌(الباب الرابع في فروع وفوائد وتنبيهات وأمثله يذنب بها ما تقدم وتتم

‌(الباب الرابع في فروع وفوائد وتنبيهات وأمثله يذنب بها ما تقدم وتتم

الفائدة إن شاء الله تعالى)

الأول في بيان من قيل عنه إنه كان لا يرسل إلا عن ثقة ومن كان بخلاف ذلك وقد تقدم كثير من ذلك مفرقات ونذكره هنا مجموعة ما زيادات وقد اتفقت كلمتهم على سعيد بن المسيب وأن جميع مراسيله صحيحة وأنه كان لا يرسل إلا عن ثقة من كبار التابعين أو صحابي معروف قال معنى ذلك بعبارات مختلفة جماعة من الأئمة منهم مالك ويحيى بن سعيد القطان وأحمد بن حنبل وعلي بن المديني ويحيى بن معين وغيرهم وقال أحمد بن حنبل مرسلات إبراهيم النخعي لا بأس بها وخص البيهقي ذلك بما أرسله عن ابن مسعود دون غيره وقد تقدم أنه لم يسمع من الصحابة رضي الله عنهم إلا اليسير جدا أو لم يسمع منهم شيئا أصلا فإذا أرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يكون بينه وبينه واحد بل أكثر فلهذا ينزل مراسيله وإن كانت مقبولة عن مرتبة مراسيل ابن المسيب لأنه من قدماء التابعين وقال يحيى بن سعيد القطان مرسلات سعيد بن جبير أحب إلي من مرسلات عطاء فقال له علي بن المديني مرسلات مجاهد أحب إليك أو مرسلات طاووس قال ما أقربهما وقدم مرسلات سعيد بن جبير عليهما وقال يحيى أيضا مرسلات إسماعيل بن أبي خالد ليست بشيء ومرسلات عمرو بن دينار أحب إلي وقال أيضا مرسلات عمرو بن قرة أحب إلي من مرسلات زيد بن أسلم قال ومالك عن سعيد بن المسيب أحب إلي من سفيان يعني الثوري عن إبراهيم

ص: 88

قلت لأن مالكا لم يرو إلا عن ثقة عنده ووافقه الناس على توثيق شيوخه إلا في النادر منهم كعبد الكريم بن أبي المخارق وعطاء الخراساني وأما سفيان الثوري فإنه روى عن جماعة كثيرين من الضعفاء مثل جابر الجعفي ونحوه وشعبة متوسط بينهما في ذلك ولهذا رجح جماعة من الأئمة مراسيله أيضا ولم يكن يدلس أصلا وقال يحيى القطان مرسلات ابن عيينة شبه الريح وكذلك سفيان الثوري ومرسلات مالك أحب إلي ليس في القوم أصح حديثا من مالك

وحكى ابن عبد البر عن الجماعة تصحيح مرسلات محمد بن سيرين كمراسيل النخعي وان مراسيل عطاء والحسن البصري لا يحتج بها لأنهما كانا يأخذان عن كل أحد وكذلك مراسيل ابي قلابة وأبي العالية

قلت تقدم عن ابن سيرين أنه ضعف مراسيل الحسين وأبي العالية وقال كانا يصدقان كل من حدثهما رواه عنه ابن عون وروى الفضل بن زياد قال سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول ليس في المرسلات شيء أضعف من مرسلات الحسن وعطاء ابن أبي رباح فإنهما كانا يأخذا عن كل أحد وقد خالفهم أبو زرعة الرازي فروى الترمذي في كتاب العلل عنه أنه قال كل حديث قال فيه الحسن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدت له أصلا إلا أربعة أحاديث وذكر ابن أبي خيثمة عن يحيى بن معين أنه قال إذا روى الحسن ومحمد يعني ابن سيرين عن رجل فسمياه فهو ثقة فيحتمل هذا أنهما كانا لا يرويان إلا عن ثقة عندهما سواء كان مسندا أو مرسلا ويحتمل أن ذلك فيمن ذكراه باسمه فأما من أرسلا عنه فجازأن يكون كذلك وأن يكون ضعيفا وهذا هو الأظهر وفيه جمع بين الأقوال كلها وكذلك أيضا اختلف في مراسيل الزهري لكن الأكثر على تضعيفها قال أحمد بن أبي شريح سمعت الشافعي يقول يقولون نحابي ولو حابينا أحدا لحابينا الزهري وإرسال الزهري ليس بشيء ذلك أن نجده يروي عن سليمان بن أرقم وقال أبو قدامة عبيد الله بن سعيد سمعت يحيى بن سعيد يعني القطان يقول مرسل الزهري شر من مرسل غيره لأنه حافظ وكلما قدر أن يسمي سمى وإنما يترك من لا يستجيز أن يسميه وقال ابن أبي حاتم ثنا أحمد بن سنان قال كان يحيى بن سعيد لا يرى

ص: 89

إرسال الزهري وقتادة شيئا ويقول هو بمنزلة الريح ويقول هؤلاء قوم حفاظ كانوا إذا سمعوا الشيء علقوه وروى عباس الدوري عن يحيى بن معين قال مراسيل الزهري ليست بشيء وقال يعقوب بن سفيان سمعت جعفر بن عبد الواحد الهاشمي يقول لأحمد بن صالح يعني المصري قال يحيى بن سعيد مرسل الزهري شبه لا شيء فغضب أحمد وقال ما ليحيى ومعرفة علم الزهري ليس كما قال يحيى

والظاهر أن قول الأكثر أولى بالاعتماد وقال أحمد بن حنبل ليس في المرسلات شيء أضعف من مرسلات الحسن وعطاء عن كل ضرب وقال يحيى بن سعيد مرسلات أبي إسحاق يعني السبيعي شبه لا شيء عندي والأعمش والتيمي ويحيى بن أبي كثير كذلك وقال علي بن المديني سمعت يحيى بن سعيد يقول أول ما طلبت الحديث وقع في يدي كتاب فيه مرسلات عن أبي مجز فجعت لا أشتهيها وأنا يومئذ غلام قال وسمعته يقول سفيان الثوري عن إبراهيم شبه لا شيء لأنه لو كان فيه إسناد صاح به وقال يحيى بن سعيد كا ن شعبة يضعف إبراهيم يعني النخعي عن علي ثم قال يحيى إبراهيم عن علي احب إلي من مجاهد عن علي والله أعلم

وروى الحاكم عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال وجدت بخط أبي ثنا الحسن بن عيسى مولى ابن المبارك قال حدثت ابن المبارك بحديث لأبي بكر بن عياش عن عاصم عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال حسن فقلت لابن المبارك أنه ليس له إسناد فقال عاصما يحتمل له أن يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

ففي هذه الحكاية دليل للفرق بين الرواة وأنه لا يقبل مرسل بعضهم دون بعض والظاهر أن المقتضي لذلك عند ابن المبارك كون عاصم لا يرسل إلا عن ثقة ويحتمل أن يكون لكونه من أئمة النقل المرجوع إليهم فيه والله أعلم

الثاني في أمثلة لما يعتضد به المراسيل على القول الذي تقدم عن الإمام

ص: 90

الشافعي رحمة الله عليه فمنها حديث مالك عن أبي حازم عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر وقد ثبت متصلا من حديث عبيد الله بن عمر عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة به أخرجه مسلم فاعتضد به المرسل المتقدم وثبتت صحته والإمام الشافعي رواه في رواية المزني والزعفراني عنه مرسلا عن مالك واحتج به فيحتمل أن يكون اطلع على حديث أبي الزناد المتصل ويحتمل أن يكون اعتمده لخصوص سعيد بن المسيب

ومنها حديث مالك عن زيد بن أسلم عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع اللحم بالحيوان قال الشافعي أنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن القاسم بن أبي بزة قال قدمت المدينة فوجدت جزورا قد جزرت فجزئت أربعة أجزاء كل جزء منها بعناقق فأردت أن أبتاع منها جزءا فقال لي رجل من أهل المدينة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يباع حي بميت فسألت عن ذلك الرجل فأخبرت عنه خيرا ثم روى الشافعي رحمه الله عن إبراهيم بن أبي يحيى عن صالح مولى التوءمة عن ابن عباس عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه إنه كره بيع اللحم بالحيوان ثم قال ولو لم يرو في هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء كان قول أبي بكر رضي الله عنه مما ليس لنا خلافه لأنا لا نعلم صحابيا خالفه وإرسال سعيد عندنا حسن قال البيهقي هذا الحديث قد أرسله سعيد بن المسيب عن النبي صلى الله عليه وسلم والقاسم بن أبي بزة عن رجل من أهل المدينة والظاهر أنه غير ابن المسيب لأن ابن المسيب أشهر من أن لا يعرفه القاسم بن أبي بزة المكي حتى يسأل عنه

قلت ولو كان ابن المسيب ولم يكن يعرفه لسمى له باسمه ولم يقتصر على الثناء عليه قال البيهقي وقد رويناه عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن الحفاظ اختلفوا في سماع الحسن من سمرة لغير حديث العقيقة فمنهم من أثبته فيكون هذا مثالا للمرسل إذا أسند من وجه آخر ومنهم من نفاه فيكون مرسلا انضم إلى مرسل ابن المسيب والقاسم بن أبي بزة ومعه قول أبي بكر رضي الله عنه

ومنها حديث شعبة عن عباد بن العوام عن هشام عن الحسن قال قال رسول الله لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل قال الإمام الشافعي في

ص: 91

كتاب أحكام القرآن روي عن الحسن بن أبي الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل وهذا وإن كان منقطعا فإن أكثر أهل العلم يقول به ويقول الفرق بين النكاح والسفاح الشهود وهو ثابت عن ابن عباس وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال البيهقي أكد الشافعي رضي الله عنه مرسل الحسن بشيئين أحدهما أن اكثر أهل العلم يقول به والثاني أنه ثابت عن ابن عباس من قوله

قلت وروي أيضا عن عمر وغيره من الصحابة رضي الله عنهم كما أشار إليه الإمام الشافعي والحديث بذكر الشاهدين قد روي متصلا عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق كثيرة في أكثرهم مقال وأجودها سندا ما رواه عيسى بن يونس عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها وشاهدي عدل فنكاحها باطل الحديث بتمامة وفي رواية لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل رواه عن عيسى بن يونس أبو يوسف محمد بن أحمد بن الحجاج الرقي وهو ثقة قال فيه أبو علي النيسابوري هو من حفاظ أهل الجزيرة ومتقنيهم وسليمان بن عمر بن خالد الرقي وعبد الرحمن بن يونس وهذا في كتاب الثقات لابن حبان وقال أحمد بن حنبل في عبد الرحمن هذا ما علمت إلا خيرا ورواه محمد بن هارون الحضرمي عن عثمان بن عمر الرقي عن يحيى بن سعيد الأموي عن ابن جريج عن سليمان بن موسى كذلك أيضا ومع هذا فهو غريب لأن الأكثرين رووه عن ابن جريج بدون ذكر الشاهدين فإن صح ذلك فهو مثال للمرسل إذا أسند والله أعلم

الثالث انفرد ابن برهان باختيار قول في المرسل لم يتقدم الإشارة إليه فقال في كتابه الأصول الحق عندنا أن الإرسال إن كان صادرا ممن يعتقد صحة مذهبنا في الجرح والتعديل قبلنا قوله مرسلا كان أو مسندا وأن كان ممن يخالف مذهبنا في ذلك لم نقبل إرساله لا مكان أن من أغفل ذكره غير مقبول الرواية لأنه ربما لو صرح باسمه رددناه فرددنا إرساله لذلك انتهى كلامه

وهو ضعيف لأنه مبني أولا على على أن مجرد رواية العدل عن غيره تعديل له

ص: 92

والراجح أنه ليس كذلك إلا أن يصرح بأنه لا يروي إلا عن عدل أو يعرف ذلك من عادته فحينئذ يجيء ما قاله من اعتبار مذهبه في التعديل والجرح ثم يرد عليه ما تقدم مرارا من احتمال أن يكون الراوي الذي أرسل عنه لم يطلع فيه على جارج وعدله لذلك ولو صرح باسمه لظهر لغيره جرحه المؤثر وهي النكتة التي عول عليها من رد المرسل مطلقا والذي ينقدح فيه ما اختاره ابن برهان ما إذا قال الراوي حدثني الثقة ونحو ذلك فإن من يكتفي بمجرد ذلك منه كإمام الحرمين لا بد وأن يعتبر مذهب القائل لذلك في التعديل والذي عليه أكثر المحققين أنه لا يكتفي بقول الراوي حدثني الثقة من غير ذكر صرح باسمه وعرفناه زال ذلك الاحتمال إذا لم يظهر فيه جرح بعد البحث

وأما قول الإمام الشافعي ذلك في مواضع فقد قال كثير من أصحابنا إنما قاله لبيان الحجة لمتابعيه لا الاحتجاج على غيره وقد عرف من عادته أنه أراد بقوله من لا أتهم أو حدثني الثقة في مواضع إبراهيم بن أبي يحيى والأكثرون ضعفوه وتبين لهم من حاله ما لم يطلع عليه الإمام الشافعي رحمه الله وذلك مما يبين صحة ما ذكرناه والله أعلم

الرابع ظاهر كلام إمام الحرمين أن قول الراوي حدثني الثقة من قبيل المرسل وكذلك حدثني رجل لكنه اختار القبول في الأول دون الثاني وقد تقدم ذلك عنه والذي يقتضيه كلام غيره ممن يكتفي بقول الراوي أخبرني الثقة أن ذلك من قبيل المسند لا المرسل وأنه بمثابة ما لو صرح باسمه ووثقة واختار الشيخ أبو إسحاق في شرح اللمع أن ذلك بمثابة المرسل وأنه غير مقبول لما أشرنا إليه غير مرة من اختلاف الناس في الجرح والتعديل اجتهادا واطلاعا فلا تحصل الثقة بالخبر إلا بتسمية الراوي والنظر في حاله والبحث عنه وقد اعترض على هذا بشيئين

أحدهما أنه يلزم منه أن كل من عمل بحديث لا يجوز له حتى يعرف رواته كلهم ويبحث عنهم ولا يقلد غيره من الأئمة في جرحهم وتعديلهم وفي ذلك تضييق عظيم وحرج متروك العمل به

ص: 93

والثاني أنه يلزم منه أيضا أن القاضي إذا رفع إليه حكم قاض آخر لا ينفذه حتى يبحث عن عدالة من حكم ذلك القاضي بشهادته لجواز أن يكون إذا بحث عنهم عثر على تجريحهم

والجواب عن الأول أن الراوي إذا سمي باسمه فقد بعد عن التدليس فإن من كان من أهل زمن العامل بالخبر فالبحث عنه ممكن واستكشاف حاله متعين وإن كان متقدما ولم نكتف بظاهر الإسلام والستر على الراجح ووجدنا من عدله ولم نعثر فيه على جرح لغيره اكتفينا بذلك وحصل عليه الظن بقوله وإن وجدنا جرحا مؤثرا قدمناه على تعديله ولا يلزم من ذلك وجوب معرفته باطنا وأيضا فالعلماء مختلفون في الاكتفاء بالواحد في التعديل وفي أنه هل يحتاج فيه إلى ذكر السبب أم لا فمن يشترط ذلك أولا يكتفي بالواحد في التعديل لا يثبت الخبر عنده بقول الراوي وحده حدثني الثقة وأما على الراجح عند المحققين فالنكتة في عدم الاكتفاء بقوله حدثني الثقة ما قدمناه

والجواب عن الثاني بالفرق بين المقامين وشتان بين أمر لم يتقدم فيه حكم قاض وبين أمر تقدم في حكم قاض ويلزم من البحث عن عدالة من حكم القاضي بشهادتهما عند إرادة تنفيذ ذلك الحكم نقض ما حكم به ذلك القاضي بخلاف ما إذا لم نقبل قول الراوي حدثني الثقة أو سماه ووثقه واطلعنا فيه على جرح مؤثر فقدمناه فإنه لا نقض فيه لحكم تقدم وذلك ظاهر ويتأيد ذلك بأن الشاهدين لو رجعا عما شهدا به بعد إنفاذ الحكم بما شهدا به لم يؤثر رجوعها ولو رجع الراوي عن الخبر وأكذب نفسه أو اعترف بالغلط لم يجز العمل بخبره والله اعلم

الخامس قال فخر الدين الرازي ومن تبعه إذا كان الراوي دأبه إرسال الأخبار وأسند خبرا فقد اختلف فيه من لم يقبل المرسل فكثير منهم قبلوه لأن إرساله يختص بالمراسيل دون المسند ولا تهمة تلحق الراوي ومنهم من لم يقبله وزعم أن إرساله يدل على أنه إنما لم يذكر الراوي لضعفه فستره له والحالة هذه خيانة فلا يقبل خبره وهذا مأخذ ضعيف لأن إرسال الراوي لا ينحصر في

ص: 94

كون شيخه ضعيفا بل يحتمل أنه سمعه مرسلا أو أثر الاختصار أو كان في المذاكرة أو وثق بمن أرسل عنه كما تقدم إلى غير ذلك من الاحتمالات فلا يلزم القدح فيه وهذا بعينه قول من يجعل التدليس سببا للجرح في المدلس وسيأتي ذلك قريبا إن شاء الله تعالى

السادس تقدم الفرق بين المرسل والمنقطع والمعضل وأنه اصطلاح حديثي واسم الإرسال شامل لكن ذلك عند أئمة الأصول وكذلك بعض أهل الحديث ويظهر الفرق بينهما أن بعض من أجاز العمل بالمرسل منع ذلك في المنقطع وفي المعضل بطريق الأولى وأشار الإمام أبو المظفر بن السمعاني إلى شيء آخر وهو أن إرسال الحديث من أئمة التابعين كان معتادا بينهم متعارفا وأما انقطاع السند في أثنائه بإسقاط رجل أو أكثر ثم يذكر باقيه فإنه يدل على ضعف الساقط دلالة قوية وتقوى الريبة حينئذ به وجعل الحاكم من المنقطع أيضا قول الراوي عن رجل فإن ذلك لا يفيد احتجاجا به يعني ولا على القول بقبول المجهول لأن مثل هذا مجهول العين ولا يحتج به اتفاقا وإنما الخلاف في المجهول العدالة بعد معرفة عينه والتحقيق أن قول الرواي عن رجل ونحوه متصل ولكن حكمه حكم المنقطع لعدم الاحتجاج به

ثم إن هذا إنما يكون منقطعا إذا لم يعرف ذلك الرجل المبهم ومتى عرف كان متصلا ويحتج به إن كان ذلك الرجل مقبولا ومثاله ما روى سفيان الثوري عن داود بن أبي هند قال ثنا شيخ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي على الناس زمان يخير الرجل فيه بين العجز والفجور فمن أدرك ذلك منكم فليختر العجز على الفجور ورواه علي بن عاصم عن داود بن أبي هند قال نزلت حديلة قيس فسمعت شيخا أعمى يقال له أبو عمر يقول سمعت أبا هريرة يقول فذكره فتبين أن الرجل المبهم في طريق سفيان هو أبو عمر الحدلي وهو معروف

ومثاله في المعضل ما ذكر مالك في الموطأ أنه بلغه أن أبا هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للملوك طعامه وكسوته الحديث وقد رواه إبراهيم بن طهمان عن مالك خارج الموطأ عن محمد بن عجلان عن أبيه عن

ص: 95

أبي هريرة وإنما نحكم بالإرسال والانقطاع حين لا يكون روي من ذلك الوجه مسندا ولا متصلا والله أعلم

السابع قال ابن عبد البر اختلفوا في حديث الرجل عمن لم يلقه مثل مالك عن سعيد بن المسيب والثوري عن إبراهيم النخعي فقالت فرقة هذا تدليس لأنهما لو شاءا لسميا من حدثهما كما فعلا في الكثير مما بلغهما عنهما قالوا وسكوت المحدث عمن حدثه مع علمه به دلسة قال أبوعمر فإن كان هذا تدليسا فما أعلم أحدا من العلماء سلم منه في قديم الدهر ولا حديثة اللهم إلا شعبة بن الحجاج ويحيى بن سعيد القطان فإنهما ليس يوجد لهما شيء من هذا لا سيما شعبة وقالت طائفة ليس هذا بتدليس وإنما هذا إرسال وكما جاز أن يرسل سعيد بن المسيب عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما وهو لم يسمع منهما ولم يسم أحد من أهل العلم ذلك تدليسا كذلك مالك في سعيد بن المسيب انتهى كلامه

والقول الأول ضعيف لأن التدليس أصله التغطية والتلبيس وإنما يجيء ذلك فيما أطلقه الراوي عن شيخه بلفظ موهم للاتصال وهو لم يسمعه منه فأما إطلاقه الرواية عمن يعلم أنه لم يلقه أو لم يدركه أصلا فلا تدليس في هذا يوهم الاتصال وذلك ظاهر وعليه جمهور العلماء والله أعلم

الثامن فيما يتعلق بالتدليس وهو قسمان تدليس السماع وتدليس الشيوخ

فالأول نوعان أحدهما ما أشرنا إليه آنفا بأن يروي الراوي عن شيخه حديثا لم يسمعه منه بلفظ عن أو قال أو ذكر ونحو ذلك مما يوهم الاتصال ولا يصرح بحدثنا ولا أخبرنا ولا سمعت ومثاله ما روي عن ابن خشرم قال كنا عند سفيان بن عيينة فقال الزهري فقيل له حدثكم الزهري فقال لم أسمعه من الزهري ولا ممن سمعه من الزهري حدثني عبد الرزاق عن

ص: 96

معمر عن الزهري وعن إبراهيم بن بشار أن سفيان بن عيينة حدث يوما بحديث عن عمرو بن دينار فحوقق فيه إلى أن قال حدثني علي ابن المديني عن الضحاك بن مخلد عن ابن جريج عن عمرو بن دينار وهذا القسم حكمه في الحقيقة حكم المرسل من جهة أنه لا يعرف الراوي الذي أسقط بينه وبين من دلس عنه فكل مدلس مرسل ولا ينعكس إلا على القول الضعيف الذي حكاه ابن عبد البر فيما تقدم

ثم إن المرسل أحسن حالا من هذا من حيث إنه مبين فيه الانقطاع والتدليس موهم للاتصال وليس متصلا ولهذا ذمه كثير من العلماء حتى قال شعبة لأن أزني أحب إلي من أن أدلس وذلك محمول منه على المبالغة في ذمه والتنفير عنه وقال أيضا التدليس أخو الكذب وقال حماد بن زيد التدليس كذب ثم ذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور وقال حماد ولا أعلم المدلس إلا متشبعا بما لم يعط وقال جرير بن حازم أدنى ما يكون فيه أنه يري الناس أنه سمع ولم يسمع وقال عبد الله بن المبارك لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أدلس وقد ذهب جماعة من العلماء إلى جرح المدلس مطلقا لإيهامه سماع ما لم يسمع فلم يقبلوا منه حديثا وإن صرح بالسماع

وقال آخرون إن كان الغالب عليه التدليس عمن عاصره ولم يلقه ولا سمع منه لم تقبل روايته مطلقا وإن كان تدليسه عمن قد لقيه وسمع منه ما صرح فيه بالسماع دون ما دلس

والصحيح الذي عليه جمهور أئمة الحديث والفقه والأصول الاحتجاج بما رواه المدلس الثقة مما صرح فيه بالسماع دون ما رواه بلفظ محتمل لأن جماعة من الأئمة الكبار دلسوا وقد اتفق الناس على الاحتجاج بهم ولم يقدح التدليس فيهم

ص: 97

كقتادة والأعمش والسفيانين الثوري وابن عيينة وهشيم بن بشير وخلق كثير وأيضا فإن التدليس ليس كذبا صريحا بل هو ضرب من الإيهام بلفظ محتمل كما قال الإمام الشافعي رحمه الله ومن عرفناه دلس مرة فقد أبان لنا عورته وليست تلك العورة بكذب فيرد حديثه ولا على النصيحة في الصدق فيقبل منه ما قبلناه من أهل الصدق فلذلك قلنا إنه لا يقبل من المدلس حديث حتى يقول حدثنا وسمعت هذا لفظه وقد قسم الحاكم أبو عبد الله في كتابه علوم الحديث أجناس المدلسين إلى ستة أقسام وبعضها متداخل

فأولها التابعون الذين لا يدلسون إلا عن ثقة مثلهم أو اكبر كأبي سفيان طلحة بن نافع وقتادة

وثانيها من كان يقول قال فلان فإذا حصل لهم من ينقر عن سماعهم ذكروا من سمعوه منه كابن عيينة وابن إسحاق وهشيم ونحوهم

والثالث من يدلس عن أقوام مجهولين لا يدري من هم كسفيان الثوري وعيسى بن موسى غنجار وبقية بن الوليد وذكر علي بن المديني قال حدثني حسين الأشقر حدثني شعيب بن عبد الله النهمي عن أبي عبد الله عن نوف قال بت عند علي رضي الله عنه فذكر كلاما قال بن المديني فقلت لحسين ممن سمعته فقال حدثنية شعيب عن أبي عبد الله عن نوف فلقيت شعيبا فقلت من حدثك بهذا قال أبو عبد الله الحصاص قلت عمن قال عن حماد القصار قال فلقيت حمادا فقلت من حدثك بهذا قال بلغني عن فرقد السبخي عن نوف فإذا هو قد دلس عن ثلاثة والحديث بعد منقطع وأبو عبد الله الجصاص مجهول وحماد القصار لا يدرى من هو وبلغه عن فرقد وفرقد لم يدرك نوفا ولا رآه

ص: 98

والرابع قوم دلسوا عن شيوخ مجروحين سمعوا منهم فغيروا أسماءهم وهذا تدليس الشيوخ وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى

والخامس قوم دلسوا عن شيوخ سمعوا منهم الكثير وفاتهم بعض الشيء عنهم فدلسوه

والسادس قوم رووا عن شيوخ لم يروهم قط ولم يسمعوا منهم فيقولون قال فلان وحمل ذلك منهم على الاتصال وليس مسموعا ومثل ذلك بما ذكر أبو داود الطيالسي عن أشرس أن إسحاق بن راشد قدم الري فجعل يقول حدثنا الزهري قال فقلت له أين لقيت ابن شهاب قال لم ألقه مررت ببيت المقدس فوجدت كتابا له

قلت وهذا ليس من التدليس في شيء لما تقدم إن شرط التدليس أن يكون اللفظ محتملا لا صريحا فمتى كان صريحا في السماع ولم يكن كذلك فهو كذب يقتضي الجرح لفاعله اللهم إلا أن يؤول بتأويل بعيد كما قيل فما روي عن الحسن أنه قال حدثنا أبو هريرة وتأوله من لم يثبت له السماع منه على أنه أراد حدث أهل البصرة فيكون الضمير عائدا إليهم وكذلك قول طاووس قدم علينا معاذ اليمن وهو لم يدركه وإنما أراد قدم على أهل بلده وهذه الأقسام متداخلة كما تراها والتعاقد شرط في التقسيم

والذي ينبغي أن ينزل قول من جعل التدليس مقتضيا لجرح فاعله على من أكثر التدليس عن الضعفاء وأسقط ذكرهم تغطية لحالهم وكذلك من دلس اسم الضعيف حتى لا يعرف كما سيأتي ولهذا ترك جماعة من الأئمة كأبي حاتم الرازي وابن خزيمة وغيرهما الاحتجاج ببقية مطلقا قال ابن حبان سمع بقية من شعبة ومالك وغيرهما أحاديث مستقيمة ثم سمع من أقوام كذابين عن مالك وشعبة فروى عن الثقات بالتدليس ما أخذ عن الضعفاء ولا شك في أن مثل هذا مقتض للجرح لكن الذي استقر عليه عمل الأكثرين الاحتجاج بما رواه المدلس الثقة بلفظ صريح في السماع

ص: 99

وبهذا أجاب علي بن المديني ويحيى بن معين وغيرهما وإما ما رواه بلفظ محتمل فحكمه حكم المرسل كما تقدم فمن رد المرسل مطلقا لم يحتج بما قال فيه المدلس ونحو ذلك ومن قبلها مطلقا احتج بالمدلس وهذا مذهب أهل الكوفة كما تقدم في المرسل وهم أكثر الناس تدليسا قال يزيد بن هارون قدمت الكوفة فما رأيت بها أحدا لا يدلس إلا شريكا ومسعر بن كدام

وأما على القول الراجح من الفرق بين من عرف منه أنه لا يرسل إلا عن ثقة وغيره فكذلك في المدلس فكل من عرف منه أنه لا يدلس إلا عن ثقة يقبل منه ما قال فيه عن ونحوه دون غيره

قال أبو حاتم بن حبان بعد ترجيحه لهذا القول وهذا شيء ليس في الدينا إلا لسفيان بن عيينة فإنه كان يدلس ولا يدلس إلا عن ثقة متقن ولا يكاد يوجد لسفيان بن عيينة خبر دلس فيه إلا وقد بين سماعه عن ثقة مثل نفسه ثم مثل ذلك بمراسيل صغار الصحابة لأنهم لا يرسلون إلا عن صحابي كما تقدم ونقل ابن عبد البر هذا القول من التفصيل عن أئمة الحديث مطلقا فقال قالوا لا نقبل تدليس الأعمش لأنه إذا وقف أحال على ملإ يعنون على غير ثقة فإذا قيل عمن هذا قال عن موسى بن طريف وعباية بن ربعي والحسن بن ذكوان وقالوا يقبل تدليس ابن عيينة لأنه إذا وقف أحال على ابن جريج ومعمر ونظائرهما

قلت قال أبو معاوية كنت أحدث الأعمش عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد فيجيء أصحاب الحديث بالعشي فيقولون حدثنا الأعمش عن مجاهد بتلك الأحاديث فأقول أنا حدثتة عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد والأعمش قد سمع من مجاهد ثم يراه يدلس عن ثلاثة عنه واحدهم متروك وهو الحسن بن عمارة وقد ألحق الحاكم بابن عيينة في قصر

ص: 100

التدليس عن الثقات التابعين بأسرهم قال فإنهم كانوا لا يدلسون إلا عن ثقة ولم يكن غرضهم من الرواية إلا أن يدعو إلى الله عز وجل فيقولون قال فلان لبعض الصحابة فأما غير التابعين فأغراضهم فيه مختلفة

قلت وهذا لا يتم إلا بعد ثبوت أن من دلس من التابعين لم يكن يدلس إلا عن ثقة وفيه عسر وهذا الأعمش من التابعين وتراه دلس عن الحسن بن عمارة وهو يعرف ضعفه وقد تقدم أن من التابعين من كان يرسل عن كل أحد كعطاء وأبي العالية والزهري والحاكم معترف بذلك فكيف يرسلون عن كل أحد ولا يدلسون إلا عن ثقة هذا فيه نظر وقد روى عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة أنه قال كنت أنظر إلى فم قتادة فإذا قال حدثنا كتبت وإذا قال حدث لم أكتب لكن هذا قد لا يرد على الحاكم لأن شعبة كان لا يقبل التدليس مطلقا سواء كان عن ثقة أو لم يكن بخلاف ما تقدم عن الأعمش وقد تقدم قول الإمام الشافعي ومن عرفناه دلس مرة فقد أبان لنا عورته فأجرى حكم التدليس على من عرف به مرة واحدة ولم يقبل منه بعد ذلك إلا ما صرح فيه بالسماع لأن ذلك صار هو الظاهر من أمره كما أن من عرف بالكذب مرة واحدة في الحديث صار الكذب هو الظاهر من حاله وسقطت الثقة بجميع حديثه مع جواز أن يكون صادقا في بعضه فكذلك هنا والله اعلم

والنوع الثاني من تدليس السماع أن يسمع الراوي من شيخه حديثا قد سمعه من رجل ضعيف عن شيخ سمع منه ذلك الشيخ هذا الحديث فيسقط الراوي عنه الرجل الضعيف من بينهما ويروي الحديث عن شيخه عن الأعلى لكونه سمع منه أو أدركه ويسمى هذا النوع أيضا التسوية وهو مذموم جدا من وجوه كثيرة

منها أنه غش وتغطية لحال الحديث الضعيف وتلبيس على من أراد الاحتجاج به

ص: 101

ومنها أنه يروي عن شيخه ما لم يتحمله عنه لأنه لم يسمع منه الحديث إلا بتوسط الضعيف ولم يروه شيخه بدونه

ومنها أنه يصرف على شيخه بتدليس لم يأذن له فيه وربما ألحق بشيخه وصمة التدليس إذا اطلع عليه أنه رواه عن الواسطة الضعيف ثم يوجد ساقط في هذه الرواية فيظن أن شيخه الذي أسقطه ودلس الحديث وليس كذلك ولا ريب في تضعيف من أكثر من هذا النوع وقد وقع فيه جماعة من الأئمة الكبار لكن يسيرا كالأعمش وسفيان الثوري حكاه عنهما الخطيب وروى عن قبيصة قال حدث سفيان الثوري يوما حديثا بدل فيه رجلا فقيل له يا أبا عبد الله فيه رجل فقال هذا سهل للطريق وممن أكثر منه بقية والوليد بن مسلم وتكلم فيهما من أجله قال ابن أبي حاتم في كتاب العلل سمعت أبي وذكر الحديث الذي رواه اسحاق ابن راهوية عن بقية حدثني أبو وهب الأسدي عن نافع عن ابن عمر حديث حتى تعرفوا عقدة رأيه فقال إن هذا الحديث له أمر قل من يفهمه روى هذا الحديث عبيد الله بن عمرو عن إسحاق بن أبي فروة عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وعبيد الله ابن عمرو كنيته أو وهب وهو أسدي فكناه بقية ونسبه إلى بني أسد لكي لا يفطن له حتى إذا ترك إسحاق بن أبي فروة من الوسط لا يهتدي له قال وكان بقية من أفعل الناس لهذا

قلت وقد روى هذا الحديث محمد بن المسيب الأرغياني عن موسى بن سليمان عن بقية عن عبيد الله بن عمرو عن إسحاق ابن أبي فروة عن نافع به فتبين به صحة قول أبي حاتم وقال صالح جزرة سمعت الهيثم بن خارجة يقول قلت للوليد بن مسلم قد أفسدت حديث الأوزاعي قال وكيف قلت تروي عنه عن نافع وعنه عن الزهري وعنه عن يحيى يعني ابن أبي كثير وغيرك يدخل بين الأوزاعي ونافع عبد الله بن عامر الأسلمي وبينه وبين الزهري قرة فما يحملك على هذا قال أنبل الأوزاعي بأن يروي عن مثل هؤلاء قلت

ص: 102

فإذا روى الأوزاعي عن هؤلاء المناكير وهم ضعفاء فأسقطتهم أنت وصيرتها من رواية الأوزاعي عن الإثبات ضعف الأوزاعي فلم يلتفت إلى قولي

وبالجملة فهذا النوع أفحش أنواع التدليس مطلقا وشرها لكنه قليل بالنسبة إلى ما يوجد عن المدلسين والله تعالى الموفق بكرمه

وأما القسم الثاني وهو تدليس الشيوخ فهو يختلف باختلاف الأغراض فمنهم من يدلس شيخه لكونه ضعيفا أو متروكا حتى لا يعرف ضعفه إذا صرح باسمه ومنهم من يفعل ذلك لكونه كثير الرواية عنه كي لا يتكرر ذكره كثيرا أو لكونه متأخر الوفاة قد شاركه فيه جماعة فيدلسه للأغراب أو لكونه أصغر منه أو لشيء بينهما كما وقع للبخاري مع الذهلي وكلها سوى النوع الأول أمره خفيف وقد يسمح بذلك جماعة من الأئمة وأكثر منه الحافظ الخطيب في كتبه وليس فيه إلا تضييع للمروي عنه وتوعير لطريق معرفته على من يروم ذلك

وأما النوع الأول فهو مذموم جدا لما فيه من تغطية حال الضعيف والتلبيس على من يتنكب الاحتجاج به ولا تعلق له بما نحن بصدده هنا من المرسل فلذلك اختصرت الكلام فيه بخلاف القسم المتقدم فإنه داخل في أنواع المرسل وحكمه حكمه كما تقدم

وتمام الفائدة هنا بذكر أسماء المدلسين حسبما وصلت اإليه ليعتبر ما كان من حديثهم بلفظ عن ونحوها على اعتبار ما تقدم وهم مرتبون على حروف المعجم

ص: 103

1 -

إبراهيم بن يزيد النخعي ذكر الحاكم وغيره أنه مدلس وحكى خلف بن سالم عن عدة من مشايخه أن تدليسه من أخص شيء وكانوا يتعجبون منه

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 104

2 -

إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي شيخ الشافعي وصفه أحمد بن حنبل بالتدليس

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 104

3 -

إسماعيل بن أبي خالد ذكره النسائي وغيره

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 105

4 -

بقية بن الوليد مشهور به مكثر له عن الضعفاء يعاني التسوية التي تقدم ذكرها

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 105

5 -

تليد بن سليمان الكوفي قال فيه أحمد بن صالح العجلي كان يدلس

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 105

6 -

جابر الجعفي قال أبو نعيم قال سفيان الثوري كلما قال فيه جابر سمعت أو حدثنا فأشدد يديك به وما كان سوى ذلك فتوقه

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 105

7 -

حبيب بن أبي ثابت قال ابن حبان كان مدلسا وروى أبو بكر بن عياش عن الأعمش قال قال لي حبيب بن أبي ثابت لو أن رجلا حدثني عنك ما باليت أن أرويه عنك

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 105

8 -

حجاج بن ارطأة مشهور به عن الضعفاء وغيرهم

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 105

9 -

الحسن بن أبي الحسن البصري من المشهورين بذلك

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 105

10 -

الحسن بن ذكوان ذكره محمد بن نصر المروزي في حديثه عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن علي حديث نهي عن ثمن الميتة الحديث قال محمد بن نصر سمعه الحسن بن ذكوان عن عمرو بن خالد عن حبيب بن أبي ثابت فدلسه بإسقاط عمرو ابن خالد لأنه منكر الحديث وكذلك قال يحيى بن معين في كل ما رواه الحسن ين ذكوان عن حبيب بن أبي ثابت أن بينه وبين حبيب رجلا ليس بثقة

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 105

11 -

الحسين بن واقد المروزي ذكره أبو يعلى الخليلي ممن يدلس

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 106

12 -

حفص بن غياث الكوفي ذكره أحمد بن حنبل في رواية الأثرم عنه

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 106

13 -

الحكم بن عتبة وصفه بالتدليس غير واحد

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

قال الطيماوي ـ عضو مميز في ملتقى أهل الحديث ـ: (الحكم بن عتبة) بل الحكم بن عتيبة الكندي

ص: 106

14 -

وحميد الطويل كذلك

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 106

15 -

زكريا بن أبي زائدة قال أبو حاتم الرزاي يدلس عن الشعبي وعن ابن جريج

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 106

16 -

سعيد بن أبي عروبة مشهور بالتدليس ذكره به غير واحد

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 106

17 -

سفيان بن سعيد الثوري

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 106

18 -

وسفيان بن عيينة

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 106

19 -

وسليمان التيمي

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 106

20 -

وسليمان الأعمش والأربعة أئمة كبار مشهورون بالتدليس

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 106

21 -

سويد بن سعيد الحدثاني قال غير واحد كان كثير التدليس

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 106

22 -

شباك الضبي كوفي ذكره الحاكم في كتابه علوم الحديث فيمن كان يدلس

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 106

23 -

شريك بن عبد الله النخعي القاضي كوفي وليس تدليسه بالكثير

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 107

24 -

شعيب بن أيوب الصريفيني قال فيه ابن حبان كان يدلس

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 107

25 -

طلحة بن نافع أبو سفيان ذكره الحاكم ممن كان يدلس من التابعين

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 107

26 -

طاووس بن كيسان الفقيه أحد الأعلام ذكره حسين الكرابيسي في أثناء كلام له أنه أخذ من عكرمة كثيرا من علم ابن عباس وكان يرسله بعد ذلك عنه وهذا يقتضي أن يكون مدلسا ولم أر أحدا وصفه بذلك

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 107

27 -

عباد بن منصور الناجي قال مهنا سألت أحمد عنه قال قد كان روى أحاديث منكرة وكان يدلس

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 107

28 -

عبد الله ين أبي نجيح المكي ذكره النسائي فيمن كان يدلس رواه عنه ابن الحداد وأبو بكر الفقيه

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 107

29 -

عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي قال ابن حبان كان يدلس

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 107

30 -

عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد ذكره أحمد في حديث رواه عن عبد الله بن عمر فقال ينبغي أن يكون عبد المجيد دلسه أخذه من إنسان فحدث به ذكره الخلال في كتاب العلل

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 107

31 -

عبد الرحمن بن محمد المحاربي قال عبد الله بن أحمد بن حنبل بلغنا أنه كان يدلس

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 108

32 -

عبد الملك بن عمير مشهور به ذكره غير واحد

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 108

33 -

عبد الملك بن جريح الإمام المشهور يكثر من التدليس

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 108

34 -

عبد الوهاب بن عطا الخفاف قال الخطيب كان يدلس

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 108

35 -

عكرمة بن عمار ذكره أبو حاتم الرازي بذلك

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 108

36 -

عكرمة بن خالد ذكره شيخنا الذهبي في أرجوزة سمى فيها غالب المدلسين

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 108

37 -

علي بن غراب أبو الحسن الكوفي قال فيه أحمد بن حنبل كان يدلس

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 108

38 -

عمر بن علي المقدمي ذكره أحمد أيضا بذلك فيما رواه الأثرم عنه

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 108

39 -

عمرو بن عبد الله السبيعي تابعي مشهور بذلك

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 108

40 -

قتادة بن دعامة السدوسي مشهور أيضا به من جلة التابعين

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 108

41 -

المبارك بن فضالة قال فيه أبو زرعة يدلس كثيرا وقال أبو داود شديد التدليس

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 108

42 -

محمد بن إسحاق بن يسار الإمام المشهور ممن أكثر منه وخصوصا عن الضعفاء

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 109

43 -

محمد بن خازم أبو معاوية الضرير قال أحمد بن أبي طاهر كان يدلس

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 109

44 -

محمد بن شهاب الزهري الإمام العلم مشهور به وقد قبل الأئمة قوله عن

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 109

45 -

محمد بن صدقة الفدكي أبو عبد الله سمع مالك بن أنس وعنه إبراهيم بن المنذر الحراني ذكره ابن الأثير في اختصاره كتاب الأنساب للسمعاني أنه كان مدلسا

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 109

46 -

محمد بن عبد الرحمن الطفاوي سئل عنه أحمد بن حنبل فقال كان يدلس رواه البرقاني في الثالث من كتاب اللفظ له

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 109

47 -

محمد بن عجلان المدني ذكر ابن أبي حاتم حديثه عن الأعرج عن أبي هريرة حديث المؤمن القوي خير وأحب الى الله من المؤمن الضعيف فقال إنما سمعه من ربيعة بن عثمان عن الأعرج قلت رواه عبد الله بن إدريس عن ربيعة بن عثمان عن محمد بن عثمان بن حبان عن الأعرج وذكر غير ابن أبي حاتم أيضا أنه كان يدلس أعني ابن عجلان

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 109

48 -

محمد بن عيسى بن سميع ذكره ابن حبان أنه روى حديث مقتل عثمان عن ابن أبي ذئب قال ولم يسمعه منه إنما سمعه من إسماعيل بن يحيى أحد الضعفاء عنه وكذلك قال صالح ابن محمد وغيره

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 109

49 -

محمد بن عيسى بن الطباع ذكره أبو داود بالتدليس وذلك في الخامس من سؤالات أبي عبيد الأجري له

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 109

50 -

محمد بن مسلم أبو الزبير المكي مشهور بالتدليس قال سعيد بن أبي مريم ثنا الليث بن سعد قال جئت أبا الزبير فدفع لي كتابين فانقلبت بهما ثم قلت في نفسي لو أني عاودته فسألته اسمع هذا كله من جابر قال سألته فقال منه ما سمعت ومنه ما حدثت عنه فقلت له اعلم لي على ما سمعت منه فاعلم لي على هذا الذي عندي

ولهذا توقف جماعة من الأئمة عن الاحتجاج بما لم يروه الليث عن أبي الزبير عن جابر وفي صحيح مسلم عدة أحاديث مما قال فيه أبو الزبير عن جابر وليست من طريق الليث وكأن مسلما رحمه الله اطلع على أنها مما رواه الليث عنه وإن لم يروها من طريقه والله أعلم

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 110

51 -

مروان بن معاوية الفزاري قال يحيى بن معين ما رأيت أحيل للتدليس منه

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 110

52 -

مغيرة بن مقسم الضبي قال ابن فضيل كان يدلس فلا نكتب إلا ما قال ثنا إبراهيم وقال أحمد بن حنبل عامة حديثه عن إبراهيم مدخول إنما سمعه من حماد ومن يزيد بن الوليد والحارث العكلي وجعل أحمد يضعف حديثه عن إبراهيم يعني النخعي

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 110

53 -

مكحول الدمشقي ذكره الحافظ الذهبي بالتدليس وهو مشهور بالإرسال عن جماعة لم يلقهم وسيأتي فيما بعد إن شاء الله تعالى

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 110

54 -

موسى بن عقبة في صحيح البخاري روايته عن الزهري وفي بعضها عنه قال الزهري قال الإمام أبو بكر الإسماعيلي يقال إنه لم يسمع من الزهري شيئا

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 110

قلت وذلك بعيد لأن البخاري لا يكتفي بمجرد إمكان اللقاء ولم أر من ذكر موسى بالتدليس غيره

55 -

ميمون بن موسى المرائي قال فيه أحمد بن حنبل كان يدلس

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 111

56 -

هشام بن عروة أمام مشهور لم يشتهر بالتدليس ولكن قال علي بن المديني سمعت يحيى يعني ابن سعيد يقول كان هشام بن عروة يحدث عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما وما ضرب بيده شيئا الحديث فلما سألته قال أخبرني أبي عن عائشة قالت ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين لم أسمع من أبي إلا هذا والباقي لم أسمعه إنما هو عن الزهري رواه الحاكم في علومه عن ابن المديني في جعل هشام بمجرد هذا مدلسا نظر ولم أر من وصفه به

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 111

57 -

هشيم بن بشير أحد الأئمة مشهور بالتدليس مكثر منه

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 111

58 -

الوليد بن مسلم الدمشقي كذلك ويعاني التسوية أيضا كما تقدم

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 111

59 -

يحيى بن أبي حية أبو جناب الكلبي ضعفوه وقال أبو زرعة صدوق يدلس

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 111

60 -

يحيى بن سعيد الأنصاري ذكر علي بن المديني أنه كان يدلس حكاه عنه الحافظ عبد الغني في كتابه الكمال في ترجمة محمد بن عمرو بن علقمة

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 111

61 -

يحيى بن أبي كثير البصري معروف بالتدليس ذكره النسائي وغيره

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 111

62 -

يزيد بن أبي زياد ذكره الحاكم فيمن كان يدلس قاله في علوم الحديث

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 112

63 -

يزيد بن أبي مالك الهمداني ذكره أبو مسهر بالتدليس وسيأتي ذلك في آخر الكتاب

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 112

64 -

يونس بن عبيد ذكره بالتدليس النسائي وغيره

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 112

65 -

أبو إسرائيل الملائي واسمه إسماعيل بن أبي إسحاق متكلم فيه وخرج الترمذي من اسرائيل عن الحكم عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى عن بلال حديث لا تثوبن في شيء من الصلوات إلا في صلاة الفجر ثم قال الترمذي لم يسمع أبو إسرائيل هذا الحديث من الحكم يقال إنما رواه عن الحسن بن عمارة عن الحكم

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 112

66 -

أبو حرة الرقاشي واسمه واصل بن عبد الرحمن روى له مسلم قال فيه أحمد بن حنبل صاحب تدليس عن الحسن إلا أن يحيى يعني ابن سعيد روى عنه ثلاثة أحاديث يقول في بعضها حدثنا الحسن وقال البخاري يتكلمون في روايته عن الحسن

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 112

67 -

أبو سعد البقال واسمه سعيد بن المرزبان متكلم فيه قال ابن المبارك قلت لشريك بن عبد الله النخعي تعرف أبا سعيد البقال قال إني والله أعرفه عالي الإسناد أنا حدثته عن عبد الكريم الخزري عن زياد بن أبي مريم عن عبد الله بن معقل عن ابن مسعود حديث الندم توبة فتركني وترك عبد الكريم وزياد ابن أبي مريم وروى عن عبد الله بن معقل عن ابن مسعود الحديث

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 112

68 -

أبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي ذكر الذهبي في الميزان أنه كان يدلس عمن لحقهم ومن لم يلحقهم وكان له صحف يحدث منها ويدلس

[التعليق]

قال العلائي: ذكر أسماء المدلسين

وهم مرتبون على حروف المعجم.

ص: 112

هذه أسماء من ظفرت به أنه ذكر بالتدليس ثم ليعلم بعد ذلك أن هؤلاء كلهم ليسوا على حد واحد بحيث أنه يتوقف في كل ما قال فيه واحد منهم عن ولم يصرح بالسماع بل هم على طبقات

أولها من لم يوصف بذلك إلا نادرا جدا بحيث أنه لا ينبغي أن يعد فيهم كيحيى بن سعيد الأنصاري وهشام بن عروة وموسى بن عقبة

وثانيها من احتمل الأئمة تدليسه وخرجوا له في الصحيح وإن لم يصرح بالسماع وذلك إما لإمامته أو لقلة تدليسه في جنب ما روى أو لأنه لا يدلس إلا عن ثقة وذلك كالزهري وسليمان الأعمش وإبراهيم النخعي وإسماعيل بن أبي خالد وسليمان التيمي وحميد الطويل والحكم بن عتبة ويحيى بن أبي كثير وابن جريج والثوري وابن عيينة وشريك وهشيم ففي الصحيحين وغيرهما لهؤلاء الحديث الكثير مما ليس فيه التصريح بالسماع وبعض الأئمة حمل ذلك على أن الشيخين اطلعا على سمعا الواحد لذلك الحديث الذي أخرجه بلفظ عن ونحوها من شيخه وفيه تطويل الظاهر أن ذلك لبعض ما تقدم آنفا من الأسباب قال البخاري لا أعرف لسفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت ولا عن سلمة بن كهيل ولا عن منصور وذكر مشايخ كثير لا أعرف لسفيان عن هؤلاء تدليسا ما أقل تدليسه

وثالثها من توقف فيهم جماعة فلم يحتجوا بهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع وقبلهم آخرون مطلقا كالطبقة التي قبلها لأحد الأسباب المتقدمة كالحسن وقتادة وأبي إسحاق السبيعي وأبي الزبير المكي وأبي سفيان طلحة بن نافع وعبد الملك بن عمير

ورابعها من اتفقوا على أنه لا يحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع لغلبة تدليسهم وكثرته عن الضعفاء والمجهولين كابن إسحاق وبقية وحجاج بن الاطأة وجابر الجعفي والوليد بن مسلم وسويد بن سعيد وأضرابهم ممن تقدم فهؤلاء هم الذين يحكم على ما رووه بلفظ عن بحكم المرسل كما تقدم

ص: 113

وخامسها من قد ضعف بأمر آخر غير التدليس فرد حديثهم به لا وجه له إذ لو صرح بالتحديث لم يكن محتجا به كأبي جناب الكلبي وأبي سعد البقال ونحوهما فليعلم ذلك

وهذا كله في تدليس الراوي ما لم يتحمله أصلا بطريق ما فأما تدليس الإجازة والمناولة والوجادة بإطلاق أخبرنا فلم يعده أئمة الفن في هذا الباب كما قيل في رواية أبي اليمان الحكم بن نافع عن شعيب ورواية مخرمة بن بكير بن الأشج عن أبيه وصالح بن أبي الأخضر عن الزهري وشبه ذلك بل هو إما محكوم عليه بالانقطاع أو يعد متصلا ومن هذا القبيل ما ذكره محمد بن طاهر المقدسي عن الحافظ أبي الحسن الدارقطني أنه كان يقول فيما لم يسمع من البغوي قرئي على أبي القاسم البغوي حدثكم فلان ويسوق السند إلى آخره بخلاف ما هو سماعه فإنه يقول فيه قرىء على أبي القاسم وأنا أسمع أو أخبرنا أبو القاسم البغوي قراءة ونحو ذلك فأما أن يكون له من البغوي إجازة شاملة بمروياته كلها فيكون ذلك متصلا له أو لا يكون كذلك فيكون وجادة وهو قد تحقق صحة ذلك عنه على أن التدليس في المتأخرين بعد سنة ثلاثمائة يقل جدا قال الحاكم لا أعرف في المتأخرين من يذكر به إلا أبا بكر محمد بن محمد بن سليمان الباغندي والله أعلم

التاسع في ألفاظ الأداء الدالة على السماع إما سريحا أو ظاهرا قويا يقرب من الصريح وهي حدثنا وأخبرنا وسمعت وقال لنا وذكر لنا وحضرت فلانا يقول وما أشبه ذلك ويلتحق بها أنبأنا ونبأنا وإن كان غلب استعمالها عند المتأخرين في الإجازة فهي من جملة صور التحمل وإن كانت قاصرة عن السماع وكذلك أشهد على فلان أنه قال كذا وهي منحطة عن رتبة ما تقدم لاحتمال الواسطة فدكر الحافظ أبو بكر الخطيب أن أرفع هذه العبارات سمعت فلانا يقول كذا قال لأنها لا تقبل التدليس ولا يكاد يستعمل فيما كان بالإجازة أو المكاتبة بخلاف أخبرنا وحدثنا فإن بعض أهل العلم جوزوا إطلاقهما فيما كان بلإجازة وروي عن الحسن البصري أنه كان يقول حدثنا أبو هريرة ويتأول أنه

ص: 113

حدث أهل البصرة وأن الحسن منهم وكان الحسن إذ ذاك بالمدينة فلم يسمع منه شيئا قال ولم يستعمل قول سمعت في شيء من ذلك انتهى كلامه

وفيه نظر من وجوه

أحدها أنه لا نعلم أحدا من المدلسين المقبول قولهم أطلق حدثنا أو أخبرنا فيما لم يتحمله من شيخه وقد اتفق أئمة الحديث قاطبة على قبول ما قال فيه المدلس الثقة حدثنا أو أخبرنا فمتى تطرق وهم التدليس إلى هاتين اللفظتين أدى ذلك إلى أنه لا يقبل من مدلس خبر أبدا والإجماع على خلافه

وثانيها إن ما ذكره عن الحسن من قوله حدثنا أبو هريرة فلا يرد على ذلك لأحد وجهين إما أن يثبت للحسن السماع من أبي هريرة رضي الله عنه كما قاله بعضهم وأما أن يكون ذلك من غلط الرواة عنه اعتقدوا أنه سمع منه فغيروا لفظة عن بحدثنا وهذا هو اختيار أبي زرعة وأبي حاتم الرازيين قال ابن أبي حاتم سمعت أبا زرعة يقول لم يسمع الحسن من أبي هريرة ولم يره فقيل له فمن قال عنه حدثنا أبو هريرة قال يخطىء قال وسمعت أبي وذكر حديثا حدثه مسلم بن إبراهيم ثنا ربيعة بن كلثوم سمعت الحسن يقول حدثنا أبو هريرة رضي الله عنه قال أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث قال لم يعمل ربيعة بن كلثوم شيئا لم يسمع الحسن من أبي هريرة فقلت لأبي أن سالما الخياط روى عن الحسن قال سمعت أبا هريرة قال هذا مما بيبن ضعف سالم

وثالثها إن المتفق عليه أن الشيخ إذا لم يقصد إسماع الراوي عنه فلا يقول عنه حدثنا ولا أخبرنا بل يقول سمعت كما كان البرقاني يقول سمعت أبا القاسم الأبندوني يقول وسأله الخطيب عن ذلك فذكر أن الأبندوني كان عراقي الرواية وكان البرقاني يجلس بحيث لا يراه الأبندوني ولا يعلم بحضوره ويتسمع ما يحدث به الداخل إليه فلذلك كان يقول سمعت ولا يقول حدثنا لأنه لم يقصد بحديثه فظهر بهذا أن قول حدثنا أو أخبرنا أرفع من قول سمعت وههنا

ص: 115

تفاصيل كثيرة بالنسبة إلى العبارة عما سمعه من لفظه أو قرأه عليه أو قرىء عليه وهو يسمع أو كان بالمناولة والإجازة المجردة عنها إلى الكتابة ونحو ذلك لا تعلق لها بما نحن فيه فلا فائدة في ذكرها هنا وهي مستوفاة فيما عملته من مقدمة نهاية الأحكام

العاشر في الألفاظ المحتملة للسماع وتطلق في التدليس وهي ثلاثة

الأول لفظ عن وقد اختلف فيها في ألفاظ المتقدمين فذهب بعض الأئمة إلى أن ما كان فيه لفظ عن فهو من قبيل المرسل المنقطع حين يتبين اتصاله من جهة أخرى وهذا القول حكاه ابن الصلاح ولم يسم قائله ونقله قبله القاضي أبو محمد الرامهرمزي في كتابه المحدث الفاصل عن بعض المتأخرين من الفقهاء ووجه بعضهم هذا القول بأن هذه اللفظة لا إشعار لها بشيء من أنواع التحمل وبصحة وقوعها فيما هو منقطع كما إذا قال الواحد منا مثلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن أنس ونحوه فهذا القول في عن وإن قل من يقول به وهو أضيق الأقوال

وثانيها إن الراوي إن كان طويل الصحبة للذي روى عنه بلفظ عن ولم يكن مدلسا كانت محمولة على الاتصال وإلا فهو مرسل قاله الإمام أبو المظفر بن السمعاني ووجهه أن طول الصحبة يتضمن غالبا السماع لحمله ما عند المحدث أو أكثره فتحمل عن على الغالب وإن كانت محتملة للإرسال

والقول الثالث إنها تقتضي الاتصال وتدل عليه إذا ثبت اللقاء بين المعنعن والمعنعن عنه ولو مرة واحدة وكان الراوي بريئا من تهمة التدليس وهذا هو الذي عليه رأي الحذاق كابن المديني والإمام البخاري وأكثر الأئمة

قال ابن عبد البر وجدت أئمة الحديث أجمعوا على قبول المعنعن إذا جمع شروطا ثلاثة العدالة وعدم التدليس ولقاء بعضهم بعضا على خلاف بينهم في ذلك وكذلك قال الإمام أبو الحسن القابسي وما قالوا فيه عن فهو من المتصل

ص: 116

إذا عرف أن ناقله أدرك المنقول عنه إدراكا بينا ولم يكن ممن عرف بالتدليس وذكر بعض الأئمة المتأخرين من أهل الأندلس أنه ينبغي أن يكون مراد هؤلاء ثبوت اللقاء تحقق السماع في الجملة لا مجرد اللقاء فقط فكم من تابعي لقي صحابيا ولم يسمع منه وكذلك من بعدهم وفي كلام الحاكم أبي عبد الله على الحديث المسند ما يشعر بذلك أي أن المعتبر ثبوت السماع في الجملة لا مجرد اللقاء ويحتمل أن يكتفي بثبوت اللقاء فقط لما يلزم منه غالبا من السماع

والقول الرابع إنه يكتفي بمجرد إمكان اللقاء دون ثبوت أصله فمتى كان الراوي بريئا من تهمة التدليس وكان لقاؤه لمن روى عنه بالعنعنة ممكنا من حيث السن والبلد كان الحديث متصلا وإن لم يأت أنهما اجتمعا قط وهذا قول الإمام مسلم والحاكم أبي عبد الله والقاضي أبي بكر بن الباقلاني والإمام أبي بكر الصيرفي من أصحابنا وقد جعله مسلم رحمه الله قول كافة أهل الحديث وإن القول باشتراط ثبوت اللقاء قول مخترع بل لم يسبق قائله إليه وبالغ في رده وطول في الاحتجاج لذلك في مقدمة صحيحه بما سيأتي تلخيصه والجواب عنه

وقد اتفقت هذه الأقوال الثلاثة على أن عن لا تحمل على الانقطاع بمجردها وهو الذي عليه دهماء أهل الحديث قديما وحديثا وإن اختلفوا في شروط ذلك بحسب اختلاف هذه الأقوال الثلاثة وقول من وجه القول الأول أنه لا إشعار لها بشيء من أنواع التحمل مأخذه أنه إذا قال الراوي عن فلان احتمل أن يكون المقدر الذي يتعلق به عن فعلا مبنيا للفاعل وأن يكون مبنيا للمفعول ويحتمل أن يكون بلغنا أو يكون نفس المقول أي قال فلان عن فلان لا ترجيح لأحد هذه الاحتمالات فلزم الوقف وعدم الحكم بالاتصال حتى يتبين من جهة أخرى والجواب عنه أنه إذا ظهر الفعل في أول الكلام كان قرينة في حمل جميع المحذوفات المقدرة في السند عليه فإذا قال الراوي أول السند حدثنا أو أخبرنا فلان حمل جميع ما بعده من العنعنة على ذلك لأن الحذف يتقدر منه أقل ممكن بحسب الضرورةالداعية إليه ويكتفي فيه بالقرينة المشعرة به وأيضا إذا ساغ استعمالها في الاتصال وحملها عليه وهو الذي نقله جماعة من الأئمة عن كافة

ص: 117

العلماء كما تقدم كانت حقيقتها الاتصال فحيث وردت في المرسل وهي الانقطاع يكون مجازا فيه لأن المجاز خير من الاشتراك وإنما يدعي المجاز فيها عند عدم المعاصرة لتعذر الحقيقة وكذا إذا علم قصد الإرسال إذ المجاز لا يستعمل إلا لقرينة وقد حدث عن اصطلاح متأخر بعد الخمسمائة وهو استعمالها في مكان بالإجازة إذا وقعت في أثناء السند فيقول الراوي فيما سمعه من شيخه بإجازته من الأعلى أخبرنا فلان عن فلان وليس في ذلك ما يقدح في كونها للاتصال لأن الإجازة أحد أنواع التحمل على الصحيح وقد كان الحافظ أبو نعيم أحيانا يطلق فيها أخبرنا ولا يبين أنه إجازة وتبعه عليه طائفة قليلة

والكلام الآن في تلخيص ما استدل به مسلم على الاكتفاء بمجرد إمكان اللقاء في جعل عن للاتصال مع البرءة عن تهمة التدليس

فمما استدل به ما معناه أنا اتفقنا نحن وأنتم على قبول خبر الواحد الثقة عن مثله إذا ضمهما عصر واحد وأنه حجة ثم أدخلت فيه شرطا زائدا وهو ثبوت اللقاء فيلزمك إثبات القول به عمن سلف وحقيقة هذا الدليل دعوى الإجماع في محل الخلاف ويمكن عكسه عليه بأن يقال اتفقنا نحن وأنت على قبول المعنعن من غير المدلس إذا ثبت اللقاء فنقصت أنت من شروط الإجماع ثبوت اللقاء فيتوجه عليك المطالبة بالدليل على إسقاطه واحتج أيضا بأنه يلزم هذا القائل أنه لا يثبت سندا معنعنا حتى يرى فيه السماع من أوله إلى آخره لأن احتمال الإرسال فيه جائز ممكن بل موجود كثيرا فإن سماع هشام بن عروة من أبيه كثير جدا وقد روى عنه أيوب وابن المبارك وجماعة عن أبيه عن عائشة حديث طبيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحله الحديث ورواه الليث وأبو أسامة ووهب وآخرون عن هشام أخبرني عثمان بن عروة عن عروة عنها وكذلك حديثه عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف يدني إلي رأسه الحديث رواه جماعة عن هشام بن عروة على الجادة ورواه مالك عن الزهري عن عروة عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها وذكر أحاديث أخر بهذه المثابة ثم قال وهذا كثير في الروايات فإذا كانت العلة عند من وصفنا قوله قبل في فساد الحديث

ص: 118

وتوهينه إذا لم يعلم أن الراوي قد سمع ممن روى عنه شيئا إمكان الإرسال فيه لزمه ترك الاحتجاج في قياد قوله برواية من يعلم أنه قد سمع ممن روى عنه إلا في نفس الخبر الذي ذكر فيه السماع لما بينا قبل عن الأئمة الذين نقلوا الأخبار أنهم كانت لهم تارات يرسلون فيها الحديث إرسالا ولا يذكرون من يسمعون منه وتارة ينشطون فيسندون الخبر على هيئة ما سمعوا وما علمنا أحدا من أئمة السلف ممن يستعمل الأخبار ويتفقد صحة الأسانيد وسقيمها كأيوب وابن عون ومالك وشعبة والقطان ومن بعدهم فتشوا عن موضع السماع في الأسانيد كما ادعاه الذين وصفنا من قبل وإنما كان تفقدهم سماع رواية الحديث ممن روى عنه إذا كان الراوي ممن عرف بالتدليس وشهر به فحينئذ يبحثون عن سماعه في روايته ويتفقدون ذلك منه أما ابتغاء ذلك من غير مدلس فما سمعنا ذلك عن واحد ممن سميناه ولم نسم انتهى كلامه وهو متضمن ثلاثة أمور

أحدها النقض بما زيد في إسناده رجل مع روايته بدونه عمن سمع منه كما ذكر من الأمثلة

وثانيها الحكم على من نقص الرجل والحالة هذه بأنه أرسل الإسناد لأنه غير مدلس

وثالثها إن تفقد الأولين لسماع الراوي للحديث إذا قال فيه عن إنما كان حين يكون قد عرف بالتدليس

أما الأول فهي مسألة معضلة وسنأتي الكلام فيها في الفصل الآتي بعد هذا إن شاء الله تعالى ويمكن الفرق بين المقامين بأن الراوي إذا ثبت لقاؤه لمن عنعن عنه ومشافهته له وكان بريئا من تهمة التدليس فالظاهر من حاله فيما أطلقه بلفظ عن الاتصال وعدم الإرسال حتى يتبين ذلك بدليل كما في الأمثلة التي ذكرها وهي منغمرة في جنب الغالب الكثير من الأسانيد فلا يعترض بها على الغالب لندرتها بخلاف إرسال الراوي عمن لم يلقه فإنه كثير جدا بلفظ عن

ص: 119

فلا يلزم من عدم التوقف في ذلك عدم التوقف في هذا ومع ظهور الفرق بينهما فلا نقض

وأما الثاني فهو في الحقيقة دليل لخصمة لأنه حكم على كثير من المعنعنات بالإرسال كما ذكر من الأمثلة ثم قال وهذا كثير في الروايات وليس الرواة مدلسين فقد ضعفت العنعنة من المعاصر حينئذ فيحتاج إلى تقوية بزيادة اشتراط ثبوت اللقاء أالسماع في الجملة ليفيد قوة الظن بالاتصال مع السلامة من وصمة التدليس ولقد فهم الأئمة بصرف جماعة من الأئمة الكبار فعدوهم مدلسين وعدوا قوما مثلهم أو دونهم من الرتبة مرسلين مع شمول الإرسال اللغوي للطائفتين لأن أولئك أرسلوا عمن سمعوا منه وهؤلاء أرسلوا عمن لم يسمعوا منه فيحتاج حينئذ إذا لم يكن الراوي مدلسا وأتى بلفظ عن الى ثبوت اللقاء او السماع في الجملة حتى ينتفي الإرسال

أما الثالث وهو أن تفقد الأئمة لمن أتى بلفظ عن إنما كان حين يعرف بالتدليس فإن أراد به الجميع فهو ممنوع فإن من مخالفيه في المسألة جبلي العلم علي بن المديني والإمام البخاري فلا إجماع في المسألة وإذا كان البعض فلا دليل فيه وبهذا أيضا يخرج الجواب بما بسطه الإمام مسلم رحمه الله بعد ذلك من استدلاله بروايات جماعة سماهم عن الصحابة بلفظ عن كعبد الله ابن يزيد الأنصاري وهو معدود من الصحابة رضي الله عنهم أيضا عن أبي مسعود الأنصاري وحذيفة رضي الله عنهما قال وليس في روايته عنهما ذكر السماع منهما ولا حفظنا في رواية أنه شافههما في حديث قط وذكر جماعة كثيرين منهم قيس ابن أبي حازم عن أبي مسعود البدري والنعمان بن أبي عياش عن أبي سعيد الخدري إلى أن قال فكل هؤلاء من التابعين الذين نصبنا روايتهم عن الصحابة الذين سميناهم لم يحفظ عنهم سماع علمناه منهم في رواية بعينها ولا أنهم لقوهم في خبر بعينه وحاصل ذلك كله ما أشرنا إليه من ادعاء الإجماع على قبول العنعنة من غير المدلس مع عدم ثبوت اللقاء إذا كان ممكنا والإجماع ممنوع كما تقدم ثم إن جميع ما ذكر مسلم رحمه الله من الأمثلة خاصة لا تعم

ص: 120

ويمكن أن يكون قبول الأئمة لذلك لقرائن اقترنت بها أفادت اللقاء فإن الحكم على الكليات بحكم جزئي لا يطرد فقد يكون لكل حديث حكم يطلع فيه على لقاء أو سماع ثم إن ما ذكرنا من أمثلته هنا قد ثبت في كلها السماع وغفل عنه مسلم رحمه الله حالة كتابته هذا الفصل فحديث عبد الله بن يزيد عن أبي مسعود خرجه البخاري في كتاب المغازي من صحيحه من طريق شعبة عن عدي بن ثابت عن عبد الله بن يزيد أنه سمع أبا مسعود الأنصاري فذكر الحديث وكذلك خرج أيضا رواية قيس بن أبي حازم عن أبي مسعود في باب تخفيف الإمام وفيه عن إسماعيل بن أبي خالد سمعت قيسا قال أخبرني أبو مسعود أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم إني لأتأخر عن صلاة الغداة الحديث ففي هذين الحديثين التصريح بالسماع

وأما رواية النعمان بن أبي عياش عن أبي سعيدالخدري فقد خرجها مسلم بصريح السماع في مواضع منها في صفة الجنة في حديث أبي حازم عن سهل بن سعد حديث إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام قال أبو حازم فحدثت به النعمان بن أبي عياش فقال حدثني أبو سعيد بهذا وكذلك في الحديثين الآخرين حديث يرى أهل الجنة الغرف وحديث أنا فرطكم على الحوض وكأن مسلما رحمه الله غفل عن روايةالنعمان لها عن أبي سعيد بصريح السماع لكونها جاءت في مسند غيره بحكم التبع والله أعلم

الثاني لفظ أن كقول سفيان حدثنا الزهري أن سعيد بن المسيب حدثه أن أبا هريرة رضي الله عنه قال كذا فاختلفوا فيها هل تحمل على الاتصال أم لا فروي عن مالك رحمه الله أن عن وإن سواء وحكاه ابن عبد البر والقاضي

ص: 121

عياض عن جمهور أهل الحديث قال ابن عبد البر لا اعتبار بالحروف والألفاظ إنما الاعتبار باللقاء والمجالسة والسماع والمشاهدة يعني مع السلامة عن وصمة التدليس قال فإذا كان سماع بعضهم من بعض صحيحا كان حديث بعضهم عن بعض أبدا بأي لفظ ورد محمولا على الاتصال حتى يثبت خلافه وروي عن أحمد بن حنبل أن عن وأن ليسا سواء وحكى عن الإمام أبي بكر البرديجي أن ما كان بلفظ إن محمول على الانقطاع حتى يتبين فيه الاتصال من جهة أخرى وكذلك قال يعقوب بن أبي شيبة صاحب المسند فإنه ذكر فيه حديث ابن الزبير عن محمد بن الحنفية عن عمار رضي الله عنه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي الحديث وحديث عطاء عن محمد بن الحنفية أن عمارا مر بالنبي صلى الله عليه سلم وهو يصلي الحديث وجعل الأول مسندا متصلا والثاني مرسلا لقوله فيه إن ولم يقل عن وكذلك قال الدارقطني في الحديث الذي أخرجه مسلم من طريق عمرو بن سعيد عن حميد بن عبد الرحمن الحميري عن ثلاثة من ولد سعد عن أبيهم قصة مرضه والوصية ثم من طريق محمد بن سيرين عن حميد عن ثلاثة من ولد سعد أن سعدا وجعل هذه الرواية مرسلة لقوله فيها إن وقد اعترض ابن عبد البر على هذا القول باتفاق الأئمة على أن الإسناد المتصل إلى الصحابي لا فرق فيه بين قوله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وإن رسول الله قال أو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال أو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وفي هذا الاعتراض نظر فقد خالف القاضي أبو بكر الباقلاني وغيره فيما إذا قال الصحابي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا أنه يحمل على الاتصال قال لأنه متردد بين أن يكون سمعه منه أو من غيره عنه صلى الله عليه وسلم وأجاب الجمهور بأنه إن لم يكن سمعه منه فقد سمعه من صحابي مثله كما تقدم في مراسيل الصحابة ولا يضر عدم معرفته لأن كلهم عدول وإذا كان هذا في قال منقدحا فكذلك في عن وإن لكن تقدم في عن أنها استقر شيوعها في الاتصال بالشروط المتقدمة والاحتمال قائم في أن وليس من بعد الصحابة بمثابتهم في أنه لا يضر الجهل بأعيانهم والذي

ص: 122

يقتضيه النظر إن إن يقتضي الاتصال بالشروط المتقدمة لكنها أنزل درجة من عن والله أعلم

الثالث قولهم قال فلان أو ذكر او حدث أو فعل أو كان يقول كذا وما أشبه ذلك فاختلف فيه وقد حكينا عن ابن عبد البر تعميم الحكم بالاتصال فيما يذكره الراوي عمن لقيه بأي لفظ كان وكذلك قال الإمام أبو بكر الصيرفي والحافظ أبو بكر الخطيب وغيرهما وهذا مع الشروط التي قدمناها في عن من السلامة عن التدليس وثبوت اللقاء والسماع أو إمكانه على اختلاف الرأيين والدليل لصحة هذا وما قبله منقولهم أن فلانا ونحوه أن الراوي لو لم يكن قد سمع هذا منه لكان بإطلاقه ما يشعر بالرواية عنه من غير ذكر الواسطة مدلسا والظاهر السلامة من ذلك إذ لم يعرف به وقد كان حجاج بن محمد المصيصي يقول قال ابن جريج فيما سمع منه من كتبه وحمل الناس منه ذلك على الاتصال لأنه كان لا يروي إلا ما سمع وقال همام بن يحيى ما قلت قال قتادة فأنا سمعته منه وعن شعبة قال لأن أزني أحب إلي من أن أقول قال فلان ولم أسمع منه وقال حماد بن زيد أني لأكره إذا كنت لم أسمع من أيوب حدثنا أن أقول قال أيوب كذا وكذا فيظن الناس أني قد سمعته منه

وفي هذا دليل على أن عرف أهل ذلك الزمان أن قال يقتضي الاتصال وقد فرق الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله بين المتقدمين وغيرهم في ذلك وقال هذا الحكم لا أراه يستمر فيما وجد من المصنفين في تصانيفهم مما ذكروه عن مشايخهم قائلين فيه ذكر فلان وقال فلان ونحو ذلك والظاهر أنه أراد بالمصنفين من بعد طبقة الأئمة الستة لأن ابن حزم جعل حديث أبي مالك الأشعري ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الخمر والمعازف الحديث

ص: 123

وهو في صحيح البخاري منقطعا لكون البخاري قال وقال هشام بن عمار وساق إسناده واعترض عليه ابن الصلاح بما تقدم عن ابن عبد البر وغيره إن قال من غير المدلس يقتضي الاتصال إذا ثبت اللقاء بينهما وقال الإمام أبو جعفر بن حمدان النيسابوري كلما قال البخاري في صحيحه وقال لي فلان فهو عرض ومناولة وذكر ابن الصلاح ان قول الرواي قال لنا فلان وذكر لنا لائق بما سمعه منه في المذاكرة وهو به أشبه ولكن هذا لا يقدح في الاتصال لأن ما يحصل في المذاكرة سماع والعرض والمناولة من أنواع التحمل المقتضي للاتصال لكن ذلك كله منحط عن درجة السماع المقصود وبهذا يتبين أن رتبة قال مجردة منحطة عن رتبة عن وإن أيضا إلا أن يصرح الراوي بأنه لا يقولها إلا فيما سمعه أو يعرف ذلك من عادته كمن تقدم ذكرهم والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 124