المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب المثال المثال هو ما حول من اسم الفاعل للمبالغة إلى - ارتشاف الضرب من لسان العرب - جـ ٥

[أبو حيان الأندلسي]

الفصل: ‌ ‌باب المثال المثال هو ما حول من اسم الفاعل للمبالغة إلى

‌باب المثال

المثال هو ما حول من اسم الفاعل للمبالغة إلى فعول، وفعال، ومفعال، وفعيل، وفعل، وغالب تحويلها من الثلاثي المجرد، وشذ بناؤها من أفعل سمع منه: مهوان، ومعطاء، ومهداء، ورشاد، وجزال، وزهوق، ودراك، وسار، ونذير، وأليم وسميع من أهان، وأعطى، وأهدى، وأرشد، وأجزل، وأزهق، وأدرك، وأسأر، وأنذر، وآلم، وأسمع، كقوله:

أمن ريحانة الداعي السميع

...

....

...

يريد المسمع، وفي كتاب (بغية الآمل) عن أبي بكر بن طلحة: أن هذه المثل تتفاوت في المبالغة، فضروب لمن كثر منه الضرب، و (فعال) لمن صار له كالصناعة، ومفعال لمن صار له كالآلة، وفعيل لمن صار له كالعطية والطبيعة، وفعل لمن صار له كالعاهة، ولم يتعرض لهذه المتقدمون، انتهى.

فأما: فعول، ومفعال، وفعال، وفعيل، فجاء النصب بعدها في النثر حكى الكسائي: أنت غيوظ ما علمت أكباد الرجال، وحكى سيبويه: إنه لمنحار بوائكها، وأما العسل فأنا شراب، وسمع بعض العرب: أن الله سميع دعاء من

ص: 2281

دعاه، وحكى وهو سميع الدعاء، وحكى اللحياني في نوارده: إنه سميع دعاي، ودعاءك وقال بعض العرب: وهو حفيظ علمك وعلم غيرك.

وحكى ابن سيده عن العرب: هو عليم علمك وعلم غيرك، وأما (فعل) فلا أعلم أحدًا حكاه في النثر إنما حكى منه سيبويه في الشعر:

حذر أمورًا

...

...

... ....

.....

و:

شنج عضادة سمحج

...

....

...

وذكر غيره في الشعر

....

....

مزقون عرضي

...

.....

ص: 2282

واختلف النحاة فيما كان من هذه الأمثلة الخمسة متعديًا فعله، فذهب الكوفيون إلى أنه لا يجوز إعمال شيء منها في المفعول، وإن وجد مفعول بعدها فهو على إضمار فعل يفسره المثال، وأن ذلك المفعول لا يجوز تقديمه على المثال المذكور فلا يجوز عندهم: هذا زيدًا ضروب، وعلى هذا لا يجوز أزيدًا أنت ضرابه إلا بالرفع.

وذهب سيبويه إلى جواز إعمالها الخمسة، ومنع أكثر البصريين من إعمال فعيل وفعل منهم المازني، والزيادي، والمبرد، وأجاز الجرمي إعمال فعيل دون فعل، وقال أبو عمرو: يعمل (فعل) على ضعف، وخالف في فعيل قال تقول: أنا حذر زيدًا، وفرق عمرًا يريد من زيد ومن عمرو، والذي أختاره جواز القياس في فعول: وفعال، ومفعال، والاقتصار في فعيل، وفعل على المسموع.

فلا يجوز: هذا لبيس الثياب، ولا ضرب عمرًا، وأما (فعيل) فأعمله ابن ولاد وتبعه ابن خروف: فأجاز: أزيد شريب الخمر، وطبيخ الطعام، وسمع إضافة (شريب) إلى معموله قال حسان:

لاتنفري يا ناق منه فإنه

شريب خمر مسعر لحروب

ص: 2283

وعلى هذا لا يبعد عمله نصبًا، وأما (فعال) فسمع من اللازم حسان ووضاء أي كثير الحسن، وكثير الوضاءة، ومن المتعدي: رجل قراء أي كثير القراءة، ولا نعلم أحدًا أعمل (قراء) في مفعول، فلا يجوز: زيد قراء السور، وتثنى هذه الأمثلة وتجمع فمن أجاز إعمالها مفردة أعملها مثناة ومجموعة، فـ (فعول) يجمع على (فعل) قال:

....

... غفر ذنبهم غير فخر

ولا يؤنث، ولا يجمع بالواو والنون، ويجمع (مفعال) على مفاعيل قال:

شم مهاوين أبدان الجزور ....

...

....

....

ويجوز جمعه بالواو والنون، وفعال ولا يكسر، ويجمع بالواو والنون وقال:

.... ....

خوارج تراكين قصد المخارج

ص: 2284

وفعيل، وفعل يجمعان بالواو والنون، ويؤنثان هما وفعال، ومفعال بالتاء إذا دخلت التاء لتأكيد المبالغة في فعول نحو: فروقة ومفعال نحو: مجذامة وفعال نحو: علامة، استوى في ذلك المذكر والمؤنث، ولا يعمل شيء منها في المفعول، ولا يكون شيء من تلك الأمثلة الخمسة للمبالغة إلا فيما يمكن فيه التكثير فلا تقول زيد قتال عمرًا، ولا زيد موات، ويجوز زيد قتال الأبطال.

وحكم هذه الأمثلة عند من يرى إعمالها حكم اسم الفاعل، أحكامًا وشروطًا واتفاقًا واختلافًا، إلا ما ذهب إليه ابن طاهر، وتلميذه ابن خروف أنه يجوز إعمالها ماضية، وإن عربت من (أل)، وإن كانا لا يقولان بإعمال اسم الفاعل العاري من (أل) إذا كان ماضيًا.

ص: 2285