المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الكلمات المختلفة فيها أهي أسماء أو أفعال أو غيرها - ارتشاف الضرب من لسان العرب - جـ ٥

[أبو حيان الأندلسي]

الفصل: ‌باب الكلمات المختلفة فيها أهي أسماء أو أفعال أو غيرها

‌باب الكلمات المختلفة فيها أهي أسماء أو أفعال أو غيرها

وذلك نحو: مه، ونزال، وبله، وسيأتي ذكرها كلمة كلمة إن شاء الله تعالى، ذهب الكوفيون إلى أنها أفعال حقيقة مرادفة لما تفسر به، وذهب جمهور البصريين إلى أنها أسماء، ويسمونها أسماء أفعال.

وذهب بعض البصريين إلى أنها أفعال استعملت استعمال الأسماء، وجاءت على أبنيتها، واتصلت الضمائر بها اتصالها بالأسماء، وذهب أبو القاسم بن القاسم من نحاة الأندلس إلى أن نحو: مه، وصه، وبله مما ليس أصله ظرفًا، ولا مصدرًا أفعال، وما أصله مصدر، أو ظرف، فهو منصوب على إضمار فعل لا يجوز إظهاره.

وذهب بعض المتأخرين إلى أنها ليست أسماء، ولا أفعالاً، ولا حروفًا، فإنها خارجة عن قسمة الكلمة المشهورة، ويسميها خالفة، فهي قسم رابع من قسمة الكلمة، واختلف الذين قالوا: إنها أسماء أفعال، فقيل مدلولها ألفاظ أفعال لا أحداث، ولا أزمان، وتلك الأفعال هي التي تدل على الحدث والزمان، فـ (مه) اسم للفظ اسكت، وقيل تدل على معاني الأفعال من الحدث والزمان، فـ (مه) مرادف لـ (اسكت)، قيل: هو ظاهر مذهب سيبويه، وأبي علي وجماعة، فدلالتها على الزمان بالوضع لا بالصيغة، وقيل هي أسماء للمصادر ثم دخلها معنى الطلب والأمر، فتبعه الزمان ودخلها معنى الوقوع بالمشاهدة، ودلالة الحال في غير الأمر، فتبعه الزمان فـ (مه) اسم لقولك سكوتًا، وكذلك باقيها، فيكون إطلاق أسماء الأفعال عليها يعني به المصادر، وهي أفعال

ص: 2289

لا الأفعال التي قسيمة الأسماء، وهذه الكلمات قسمان: بسيط ومركب، البسيط قسمان: قسم مختلف في اقتياسه وقسم مسموع، فالذي اختلف في اقتياسه قسمان ما جاء على فعال، وما جاء على فعلال، أما ما جاء على فعال نحو: نزال، وحذار، ومناع، ونعاء، وشبهه، وبناؤه على الكسر، وبنو أسد يبنونه على الفتح، وحكى ابن دريد بيتًا فيه نزال بالتشديد وتقول: نزال إلى زيد، ونزال على زيد، ونزال الوادي، فذهب سيبويه، والأخفش إلى جواز القياس عليها من كل فعل ثلاثي مجرد متصرف تام، فلو كان الثلاثي غير مجرد من الزيادة نحو: اقتدر فلا يبنى منه فعال وكذا من غير المتصرف، وغير التام فلا تقول: وذار، ولا كوان قائمًا، وسمع من غير المجرد: بدار من بادر، ودراك من أدرك، وقاس على دراك أبو بكر بن طلحة فأجاز أن يبنى فعال من كل فعل يكون على وزن أفعل، كما جاز بناؤه في التعجب.

وذهب المبرد إلى أنه لا ينقاس شيء من الثلاثي، ولا غيره على وزن فعال، فلا تقول: قعاد، ولا ضراب تريد: اقعد واضرب، وأما ما جاء على (فعلال) فسمع من كلامهم: قرقار، وعرعار، وجرجار، وهي عند سيبويه، والأخفش من فعلل التي هي فعل، وقاس عليها الأخفش، فأجاز: قرطاس، وأخراج، من قرطس، وأخرج، ومنع سيبويه من القياس على ذلك.

وذهب أبو العباس إلى أن (قرقار)، و (عرعار) ليسا من (قرقر)، ولا (عرعر)، وأنكر أن يكون اسم فعل مسموعًا من رباعي، و (قرقار) عنده حكاية عن صوت الرعد كما قال الشاعر:

ص: 2290

يمناه واليسرى على الثرثار

قالت له ريح الصبا قرقار

و (عرعار) عنده صوت الصبيان إذا لعبوا، والعرعرة لعبة لأبناء العرب يتداعون إليها بهذا اللفظ كما قال:

....

....

يدعو وليدهم بها عرعار

وحكى عن أبي عمرو، والمازني مثل قول المبرد أنهما حكايتا صوت، وفي كتاب الفرق لقطرب: ومن زجر العرب الناقة عند الطلب لتسكن: قرقار، وقرقر، ويقال للريح: قرقر تسكن بذلك.

والقسم المسموع ثنائي الوضع، وثلاثي، وأزيد، الثنائي منه:(مه)، و (صه)، و (ها) ووى، ووا، وبخ، وقط، وقد، ودع، ولعا فمه: انكفف، وصه: اسكت، وقد تكسرها، وهما منونة وغير منونة فتقولك مه، وصه، ومه، وصه، ويأتي الكلام على حكم التنوين فيهما، وفيما نون من هذه الكلمات إن شاء الله تعالى.

ص: 2291

ويقال: صاه بألف بين الصاد والهاء، والهاء ساكنة، ويقال: صهصيت، وأصهى صهصهاة إذا قلت: صه.

وها: خذ، وكذا هاء كل منهما هكذا لمفرد ومثنى ومجموع مذكر ومؤنث، أو تأتي بكاف الخطاب فتقول: هاك، هاك، هاكم، هاكما، هاكن، أو بالهمز قبل كاف الخطاب فتقول: هاءك، هاءك، هاءكما، هاءكم، هاءكن، وتخلف الكاف همزة تصرف تصرف الكاف فتقول: هاء، هاء، هاؤما، وهاؤم، (هاؤن).

فهي في هذه الأوجه الخمسة اسم فعل، وتلحقها الضمائر، فتكون فعلاً فتجرى مجرى عاطٍ نحو: هاء، هائي، هائيا، هاءوا، هائين، ومجرى هب: هأ، هئ، هأا، هأوا، هأن، ومجرى خف: هاء، هاءى، هاءا، هاءوا، هاءن، وتقول على هذه اللغة: ما أهاء أي ما آخذ، وحكى الكسائي أنه إذا قيل للرجل منهم هاء قال: إلام أهاء بفتح الهمزة، وإلام إهاء.

ووى: أعجب، وفيها تندم، وتلحقها كاف الخطاب فتقول: ويك قال عنترة:

....

.....

قيل الفوارس ويك عنتر أقدم

ص: 2292

وزعم الكسائي أن (ويك) محذوفة من (ويلك)، فالكاف على قوله ضمير مجرور، فأما قوله تعالى:«ويكأن الله يبسط» فعند أبي الحسن أي: أعجب؛ لأن الله يبسط، وعند الخليل وسيبويه: أن (وى) وحدها، و (الكاف) للتشبيه.

و (وا) بمعنى التعجب والاستحسان قال:

وا بأبي أنت وفوك الأشنب

و (بخ) عظم الأمر وفخم، وتقال وحدها، ويجوز أن تكرر فتقول: بخ بخ، فتحرك الأول منونًا، وتسكن الثاني، وإذا أفردت قلت: بخ ساكنة، وبخ، وبخ وقال يعقوب: بخ بخ، وبه به، وقال الداودي: يقال إذا حمد الله، وقال غيره: يقال عند الإعجاب، وفي الترشيح: وللشيء إذا رضيته: بخ بخ ساكن الثاني، لأنه معرفة وبخ بخ منون مكسور لالتقاء الساكنين، وكذلك ما أشبهه من الأصوات الثنائية انتهى.

و (قط)، و (قد) بمعنى واحد، قيل الدال بدل من الطاء، وقيل منقولة من (قد) الحرف، فإذا انتصب ما بعدهما كانا اسمى فعل تقول: قط عبد الله درهم، وقد زيدًا درهم، وهما مبنيان على السكون وتلحقهما نون الوقاية فتقول: قطنى وقدني، وحكى الكوفيون أن من العرب من يقول: قط عبد الله درهم، وقد

ص: 2293

عبد الله درهم، وبجر (عبد الله) وإضافة (قط)، و (قد) إليه، وإعرابهما مبتدأين، و (درهم) الخبر ومعناهما حسب، وإذا انتصب ما بعدهما فهما اسما فعل، ومعناهما: ليكف، وقال في البسيط: قطك اسم بمعنى حسب، أي اكتف، وهي ساكنة الطاء مفتوحة الكاف، وإذا أضفته إلى نفسك قلت: قطني وقطى، وقط بالكسر لتدل على الياء، وإذا أضفته إلى غيرك قلت: قطك، وقطكما، وقطكم، وقطكن انتهى.

و (دع) لا يخاطب بها إلا العاثر، فيقال له: دع أي قم وانتعش، وقد ينون فيقال: دعا ويقال: دعدعًا ولعًا للعاثر بمعنى: دع، ولم يستعمل (دعدعا) ولعًا إلا منونين.

وفي كتاب قطرب: وتقول: دع دع، ويقال: لعًا لعًا لك، ولعًا لك بالتشديد، ودع دعا يريد: دع دع، ويقال: دعدعت بالرجل أدعدع به دعدعة إذا قلت له دع دع، ولعلعت به لعلعة إذا قلت له لعا لعا.

وزعم ملك النحاة أبو نزار: أن (ده) من قول:

وقول إلا ده فلا ده

اسم فعل: وأن معناه في كلام العرب صح، أو يصح، وتقرير دعواه، والرد عليه مذكور في كتاب التذكرة من تأليفنا.

والثلاثي: تيد، و (هيت)، و (بله)، و (إيها)، وإيه، و (ويها)، و (بس)، و (واهًا)، و (أف)، و (إلخ)، و (كخ)، و (هاء)، و (بجل)، و (لبى)، و (هاه)، و (إيت)، و (لب) قيل بمعنى أمهل.

ص: 2294

وحكى البغداديون: تيدك زيدا، فاحتمل أن يكون مصدرًا، والكاف مجرورة، واحتمل أن يكون اسم فعل، فالكاف للخطاب، ويظهر من كلام ابن مالك أنها لا تكون إلا اسم فعل، وقال الفارسي: أرى أن يكون مأخوذًا من التؤدة، فـ (الفاء) واو، وأبدلت منها التاء، والعين همزة ألزمت بدل الياء، وهذا الذي قاله متكلف، والغالب على أسماء الأفعال عدم الاشتقاق، ويقال: تيد زيد، وهيت أي أسرع وعجل.

وقال صاحب اللباب: (هيت) اسم فعل معناه: جئت لك، وبنى لوقوعه موقع الماضي، فعلى هذا يكون خبرًا، لا أمرًا، ثم قال: ويكون بمعنى الأمر ومنها لغات: هيت، وهيت، وهيت، وهيا، وهياء، وهيك، وهيك، وهيك.

وفي كتاب الفرق لقطرب: وتقول في حث الإنسان تشبيهًا بسوق البهائم: هيا هيا، وهيا هيا قال الشاعر:

وقد دجا الليل فهياهيا

ما دام فيهن فصيل حيا

وتقول: هيت لك، ولا يلحقها ضمير، وتقول: هيت لك، ولكما، ولكم، ولكن، واللام للتبين نحو: سقيا لك، ويقال: هيت به، وهوت به أي صاح بلفظ هيت، وليس فعلا له.

و (بله) أي دع قال سيبويه: بله زيدًا أي: دع زيدًا، أو تكون مصدرًا،

ص: 2295

فتضاف تقول: بله زيد أي ترك زيد، وهو مضاف للمفعول، وقال أبو علي: هو مضاف للفاعل قال: ولو أظهر الفاعل لقيل: بله زيد، ويقال: بله وبله مبنيًا على الفتح، وعلى الكسر، ومن استعماله مصدرًا ما حكى الشيباني أبو عمرو: وما بلهك كذا، وروى أبو زيد فيه القلب إذا كان مصدرًا تقول: بهل زيد، وحكى أبو الحسن الهيثم فيه فتح الهاء واللام فتقول: بهل، وحكى أبو زيد: أن من العرب من يدخل عليه (من) فيقول: «إن فلانًا لا يطيق أن يحمل الفهر، فمن (بله) أن يأتي بالصخرة» ، يريد: فكيف يطيق أن يحمل الصخرة، وأجاز قطرب وأبو الحسن: أن تكون بمعنى (كيف) تقول: بله زيد (أي كيف زيد)، وذكرها أبو الحسن في حروف الجر في الاستثناء نحو: قام القوم بله زيد، وزعم الدينوري: أنها من أدوات الاستثناء تقول: قام القوم بله زيدًا كأنك قلت: إلا زيدًا و (بله) ليست مشتقة، وزعم العبدي: أنها مشتقة من لفظ البله، وتقدم لنا الكلام على (بله) في آخر باب الاستثناء.

و (إيها) و (هيها) ومن العرب من يقول: إيه فلا ينون، ومعناه: طلب الكف عن فعل، وإذا قلت: إيها قلت أيهت به أوية تأيها، و (إيه) ومن العرب من لا ينون فيقول: إيه ومعناه: زد أو حدث، وقال قطرب: وقالوا في زجر الخيل: (إيه إيه) وقد أيه بها، ولا يستعمل مفعول بعده، وقد استعمله بعض الشعراء المولدين فقال:

ص: 2296

إيه أحاديث نعمان وساكنه

...

....

....

وما أظنه يصح، و (ويها) تسلط، وقال ثعلب:(ويها) إذا زجرته على الشيء، وأغريته به، وقال أبو منصور محمد بن علي الجبان الرازي:(ويها) اسم لقولك: انزجر أو أغر، وقال ابن درستويه، وأبو الحسن الهروي: ويها حض لا غير ولا يكون زجرًا، وقال قطرب تقول: ويهك يا فلان، و (إيهك) إذا زجرته ونهيته، و (إيها ويها) وقال يونس: سمعت (ويهك فلانًا) بمعنى خذ فلانًا.

وفي الترشيح: (إيها) اكفف، وويها في الإغراء، و (واهًا) في الاستطابة هن نكرات، ولذلك نون، وبس: ارفق، وواهًا: أعجب قال:

واها لسلمى ثم واها واها

و (أف) أتضجر، وفي البسيط: معناه التضجر، وقيل الضجر، وقيل: تضجرت، ويقال: أفة وتفة تنصب دعاء على الشخص، نصب المصادر التي هي بدل من اللفظ بالفعل، ويقال أفة بالرفع مبتدأ محذوف الخبر، ومعناه كمعناه منصوبًا، وقالت العرب: أف لك، وأف لزيد أعربوه ورفعوه بلام الجر، وقالوا:

ص: 2297

أفا لزيد أجروه مجرى (ويلا لزيد) ومن عطف على المكسور في هذا عطف على الحكم، وحقيقة الإعراب فيقول: أف ونكد، ومقت، فيرفع المعطوف بالحمل على الأصل، ولا يبنى على اللفظ الخفض، وكذلك (هيهات) لقصدك والسحق بكسر التاء، والمعطوف على (هيهات) مرفوع ومثله ويل له وبعد انتهى.

وفي (أف) لغات نسردها مضبوطة بالشكل: أف، أف، أف، أف، أف، أف، أفا، أف، أف، أفا، أف، أف، أف، أف، أفي بغير إمالة، و (أفى) بالإمالة المحضة، و (أفى) بالإمالة بين بين، والألف في هذه للتأنيث، أفى، أفوه، أفه، أفه، أفه فهذه اثنان وعشرون لغة مع الهمزة المضمومة.

إف، إف، إف، إف، غف، إفا، إف، إف، إفا، إفى، بالإمالة، إفي فهذه إحدى عشرة لغة مع الهمزة المكسورة: أف، أف، أف، أف، أفى، ويقال أفف أفا إذا قيل ذلك، وقالوا: أفا له كما تقولي الدعاء عليه: جدعا له، وقد أتى به سيبويه في كتابه، وتقول: كان الأمر على إف، وإفانه أي على حينه وأوانه.

و (إخ)، و (كخ) أتكره، و (هاء) أجيب، و (بجل) حرف بمعنى (نعم) في الطلب والخبر، واسم فعل بمعنى (اكتف)، وتلحقها نون الوقاية [نحو: بجلنى، واسم بمعنى (حسب) فلا تلحق نون الوقاية] قال:

....

....

... ألا بجلى من الشراب ألا بجل

و (لبى) خفيفة الباء بمعنى أجيبك، و (هاه) بمعنى قاربت، و (إيت) يقال: إيت لهذا الأمر، و (ويت) اسم فعل لـ (عجبت)، و (لب) ذكر ابن مالك عند

ص: 2298

الكلام في الشرح على (لبيك) أن (لب) اسم فعل بمعنى أجبت، ورددنا عليه ذلك ثمة.

ومما فيه خلاف (حسب) تقول العرب: (حسبك درهمان)، فزعم الجرمي أن (حسب) في معنى الأمر، والضمة في الباء ضمة بناء، والكاف حرف خطاب لا موضع له من الإعراب، وقيل: الضمة ضمة بناء، والكاف في موضع جر، وهي مفعولة في المعنى، ولم يمنع البناء الإضافة كما قالوا: اضرب أيهم قائم، وذهب المازني إلى أن (حسبك) مبتدأ، و (درهمان) خبره، وذهب بعضهم إلى أنه مبتدأ، و (درهمان) معموله تقديره: ليكفك درهمان، ولا خبر له، لأنه فيه معنى الأمر، ولذلك جزم في (حسبك ينم الناس) وتقدم الكلام على (حسبك ينم الناس) في باب المبتدأ والخبر.

القسم الزائد على ثلاثة: (رويد)، و (أو)، و (آمين)، و (مهيم) و (حمحام)، و (همهام)، و (محماح)، و (بحباح)، و (أولى)، و (فداء)، و (النجاء)، و (هيهات)، و (دهدرين)، و (سرعان)، و (وشكان)، و (شتان)، و (بطان)، فـ (رويد) اسم فعل بمعنى أمهل، وهو مبني على الفتح، وبمعنى: دع ومنه: لو أردت الدراهم لأعطيتك رويد ما الشعر أي: فدع الشعر، زاد (ما) قبل المفعول، ويجوز أن لا تزاد كما قال

رويد بني شيبان بعض وعيدكم

...

...

ص: 2299

وهو تصغير (إرواد) تصغير ترخيم، لا تصغير (رود) بمعنى المهل، خلافًا للفراء في دعواه ذلك، والفاعل مستتر كحاله في أسماء الأفعال، وفي النهاية:(رويدًا) تصغير (مرد)، لأن اسم الفاعل مصغر، وأما المصادر فلا تصغر قبل التسمية انتهى.

ولو عطف عليه أكد فقلت: رويدًا أنت وزيد عمرا، ويكون مصدرًا ينوب مناب الفعل، ويبقى على إعرابه، ويضاف إلى الفاعل نحو: رويدك زيدًا، وإلى مفعول حكى من كلامهم: رويد نفسه على معنى رويدًا نفسه، وتقدم الخلاف في النصب إذا كان مصدرًا ويكون أيضًا معربًا صفة لمصدر قالوا: سار سيرا رويدا، فقيل هو الذي استعمل مصدرًا وصف به، وقع موقع (مرود)، كما وصفوا (برضى) أي مرضى، وقيل: ليس (إياه)، بل هو تصغير (مرود) تصغير ترخيم.

وينتصب أيضًا (رويدًا) حالاً، قالوا: ساروا رويدًا، فـ (رويدًا) حال من ضمير المصدر المحذوف الذي دل على إضماره الفعل التقدير: ساروه أي ساروا السير في حال كونه (رويدًا)، وكونه (نعتًا) لمصدر محذوف قول ضعفاء المعربين، قدروه: ساروا سيرًا رويدًا.

و (أوه) بمعنى أتوجع ويقال: أوه، وأوه، و (آوه)، وأوتاه، وآوياه، و (أو)، و (أوه)، و (آووه)، وآو، و (آو)، وآه، وآه، وإذا صرف الفعل منه في: أوه، وتأوه. و (أمين)، و (آمين): استجب، و (مهيم) وهي استفهام معناه ما وراءك، وقيل أحدث لك شيء، و (همهام)، وما بعدها روى الكسائي

ص: 2300

أنه سمع أعرابيًا يقول: إذا قيل له أبقى عندكم شيء يقول: همهام أي لم يبق شيء، وقيل: هي اسم لـ (فنى). و (أولى لك): اسم لدنوت من الهلاك قاله الأصمعي.

وفي البسيط: (أولى) المستعمل في الوعيد نحو قوله تعالى: «أولى لك» هو بمعنى وليه الهلاك، وما يكرهه، ولا يكون اسمًا للفعل لا يعرب، وقد حكى أبو زيد: رفعه مؤنثًا في قولهم: (أولاه) فهو علم كـ (أحمد) استعمل علمًا في الوعيد، فامتنع من الصرف، ومن أدخل التاء جعله اسمًا مؤنثًا، كـ (أرملة)، و (أضحاة)، وامتنع من التنوين للعلمية في الوعيد والتأنيث، فـ (على) هذا لا يكون اسم فعل. و (فداء) اسم (ليفدك) تقول العرب: فداء لك أبي وأمي، ويروى قوله:

مهلاً فداء لك الأقوام كلهم

...

....

....

بالكسر اسم فعل مبني، وبالفتح على المصدر، وبالرفع على الابتداء، والخبر أي الأقوام فادون لك، وأجاز أبو علي في (فداء) أن يكون بمنزلة قول العرب: فداء بالمد والكسر، وكسره يدل على بنائه، وبناؤه يدل على أنه اسم فعل، وكأنه قال: التقدير نفسي، وقال الهجري: فدى بالضم والفتح مقصور، وبالكسر ممدود ومقصور. و (النجاء) اسم لأنج، وتلحقها كاف الخطاب فتقول: النجاءك، قاله

ص: 2301

ابن طاهر، وقيل ليس اسم فعل، بل هو من المصادر النائبة عن الفعل، و (هيهات) اسم فعل لـ (بعد)، خلافًا لأبي إسحاق، إذ جعلها بمعنى البعد، فهي في موضع رفع نحو قوله تعالى:«هيهات هيهات لما توعدون» ، وفتحت لأنها بمنزلة الأصوات انتهى. وتكرارها توكيد في الآية وقوله:

هيهات هيهات العقيق وأهله

...

....

....

أي بعد بعد، وجعلها ثعلب كلمة واحدة مركبة كـ (بيت بيت)، وخلافًا للمبرد، إذ زعم أنها ظرف غير متمكن، وبني لإبهامه، وتأويله عنده في البعد، وترك التنوين والبناء، قال: ومن جعلها نكرة في الجمع نون فقال هيهات، وإذا ضمت فقيل: هيهات، فمذهب أبي علي أنها تكتب بالتاء ومذهب ابن جني أنها تكتب بالهاء، وذكر الحسن محمد بن الصاغاني: فيها ستا وثلاثين وجهًا: هيهات، وأيهات، وهيهان، وأيهان، وهايهات وآيهان كل واحدة من هذه الستة مضمومة الآخر، ومكسورته، ومفتوحته، وكل واحدة منونة وغير منونة، فتلك ستة وثلاثون وجهًا.

وقيل: هيهاتًا، وأيهاء، وأيهاك، والكاف للخطاب: وأيها، وهيها، ويفتح الحجازيون تاء (هيهات)، ويقفون بالهاء، وتكسرها تميم وأسد، ويقفون بالتاء، وبعضهم يضمها، وتقدم الخلاف في كتبها إذا ضمت.

ص: 2302

(دهدرين) اسم الباطل وفي الأمثال: (دهدرين سعد القين)، و (سعد) مرفوع به أي باطل سعد القين، و (دهدرين) تثنية لا شفع الواحد، وإنما هي توكيد كأنه قيل: باطل، باطل، وقيل: الدهدر، و (الدهدن) الباطل وأصله أن (القين) مضروب به المثل في الكذبة، ثم إن (قينا) ادعى أن اسمه سعد زمانًا، ثم تبين أن دعواه كاذبة، فقيل له ذلك، أي جمعت باطلين يا سعد، فـ (دهدرين) نصب بفعل مضمر وهو جمعت، و (سعد) منادى مفرد، و (القين) صفة له.

وقال (أبو محمد بن بري): قد رواه قوم مفصلاً (دهدرين سعد القين) وفسر بأن (ده) فعل أمر (من الدها) قدمت لامه إلى موضع عينه فصار (دوه) ثم حذفت الواو لالتقاء الساكنين فصار: ده، و (درين) من دريد إذا تتابع، والمعنى بالغ في الكذب يا سعد، انتهى، وقال الأصمعي: لا أدري ما أصله، وعلى هذا لا يكون (دهدرين) في هذين القولين اسم فعل.

و (سرعان) بمعنى سرع، وتفتح سينه وتضم، وتكسر، وتفتح نونها وتضم، والراء مسكنة على كل حال، ومن كلامهم:(سرعان ذي إهالة)، و (سرعان) خبر محض، وخبر فيه معنى التعجب، ذكر الجوهري: سرعان ما صنعت كذا، أي ما أسرع، وقد استعمله بعض شعرائنا بهذا المعنى قال:

سرعان ما عاث جيش الكفر واحربا

عبث الدبا في مغانيها التي كنسا

و (وشكان) مثلثة الواو ومعناه سرع، وقيل: قرب، ويقال: وشك يوشك وشكا، أي سرع، و (يوشك) من أفعال المقاربة ماضيه أوشك، ويقال في وشكان: أشكان، وفي مصدر (وشك): أشكا، بإبدال الهمزة المضمومة

ص: 2303

واوًا، و (الشين) في (وشكان) ساكنة على كل حال، ويستعمل (وشكان) أيضًا مصدرًا تقول: عجبت من وشكان ذلك الأمر أي من سرعته.

و (شتان) اسم لتباعد، وقيل: اسم لـ (بعد)، وزعم الزجاج أنه مصدر جاء على فعلان، وهو واقع موقع الفعل، وزعم الأصمعي أنه مثنى، وهو مثل (سيان) فتقول: شتان الزيدان، وشتان زيد وعمرو، وسمع: شتان ما زيد وعمرو، ولا يجوز عنده: شتان ما بين زيد وعمرو، والصحيح جوازه، وهو مسموع من العرب.

وحكى صاحب (اللباب)، وصاحب البسيط: أن الأصمعي جوز أن تكون بمعنى (بعد) فتقول: شتان ما بين زيد وعمرو، وأن غيره منع من ذلك، والنقل الأول عن الأصمعي نقله صاحب التمهيد، وابن عصفور، وشيخنا أبو الحسن الأبذي، أما (بطآن) فاسم لـ (بطؤ) تقول (بطآن ذا خروجا) وفيه معنى التعجب أي ما أبطأ.

القسم الثاني من القسمة الأولى، وهو المركب، وينقسم قسمين: قسم مركب من جار ومجرور، وقسم مركب من غيرهما، فالمركب من غيرهما:(هلم وحيهل)، أما (هلم) فقال البصريون هي مركبة من (ها) التي للتنبيه، و (لم) التي هي فعل أمر من قولهم: لم الله شعثه، حذفت ألفها تخفيفًا، ولزم الحذف ولم يضر التركيب، إذ المعنى: أجمع نفسك إلينا، وهو أحد معانيها.

وقال الخليل: لم يبقها التركيب على أصلها، وقال الفراء: هي مركبة من (هل) التي للزجر، وأم بمعنى أقصد، فالهمزة ألقيت حركتها على الساكن قبلها،

ص: 2304

وحذفت هي، فقيل: هلم، وذكر بعض من عاصرنا أن تركيبها إجماع وذكر في البسيط أن منهم من قال: ليست مركبة، وهو قول لا بأس به، إذ الأصل البساطة حتى يقوم دليل واضح على التركيب.

وذكر في البسيط: أنهم نطقوا بالأصل على ما ادعاه البصريون فقالوا: هالم، ولغة الحجاز استعمال هلم: اسم فعل، فيستكن فيها الضمير كسائر أسماء الأفعال، وميمها مفتوحة مشددة، ولغة بني تميم اتصال الضمائر بقها فتقول: للمذكر: هلم.

وحكى الجرمي عن بعض تميم فيها الكسر فيقولون: هلم، وتقول للمؤنث: هلمى، وللاثنين: هلما، ولجمع المذكر العاقل: هلموا، وللمؤنثات: هلممن، هذا نقل البصريين، وأكثر الكوفيين في المؤنثات، وزعم الفراء: أنك تقول في (هلمن) بفتح الميم، وزيادة نون ساكنة بعدها وقاية لفتح الميم، ونون الضمير، فتدغم فيها النون الساكنة وما ذكره شاذ، وعن أبي عمرو: أنه سمع العرب تقول: هلمين يا نسوة: بكسر الميم مشددة، وزيادة ياء ساكنة بعدها نون الإناث، وعليه جاء قول أبي الطيب [الطويل].

قصدنا له قصد الحبيب لقاؤه

إلينا وقلنا للسيوف هلمينا

وحكى عن بعضهم (هلمن) بضم الميم، وهو شاذ، وفي النهاية: ومن النحويين من يقول: هلمين في أمر المؤنث يزيد قبل نون الإناث ياء، تبقى معها ميم (هلم) على فتحها، وأظنه مرويًا عن العرب، وقال أيضًا: وتنقل حركة الميم إلى اللام، كما تقول: ارددن، ولا يحضرني شاهد في شيء من ذلك، إلا أني رأيت في شعر أبي تمام بيتًا، والظاهر الوثوق بقوله: وإن كنا لا نستشهد به قال:

ص: 2305

هلمن اعجبوا من ابنة الناس كلهم

ذريعته فيما يحاول خامل

وأكثر النحاة على أنها في لغة بني تميم، وذهب بعضهم إلى أنها في لغتهم اسم فعل، وإذا ألحقتها النون الشديدة قلت: هلمن، وهلمن، وهلمان، والقياس على هذا في جمع الإناث أن تقولك هلممنان، وهلم تستعمل متعدية بمعنى أحضر قال تعالى:«قل هلم شهدآءكم» ، وقاصرة بمعنى أقبل قال تعالى:«هلم إلينا» ، وتقول: هلم إلى الثريد، وباللام (هلم) للثريد.

ومنهم من حذف الحرف فينصبه تقول: هلم الثريد، أي إيت الثريد وتقول: هلم لك، ولك، ولكما، ولكن، والمضمر الذي هو الكاف، هو المضمر الذي في (هلم)، والتقدير: إرادتي لك.

وفي البديع تصنيف محمد بن مسعود الغزني: هلم لكم جاز أن تكون بمنزلة لام ذلك، وأن تكون لام جر دخلت على الاسم، ويتبين ذلك بالتوكيد، فإذا قلت: هلم لك نفسك بالجر، فـ (الكاف) اسم، واللام حرف جر، وإن رفعت فالكاف حرف خطاب، واللام عماد كما في ذلك، والرفع أولى بدليل أن المعطوف لا يكون إلا مرفوعًا مع إبراز الضمير نحو: هلم لكم أنتم وزيد انتهى.

وفيه بعض تلخيص، وقد اشتقوا منها، وهي مركبة فعلاً، حكى الأصمعي أنه يقال للرجل: هلم إلى كذا فتقول: لا أهلم بفتح الهمزة والهاء وضم اللام وفتح الميم المشددة، وتقول أيضًا إلام أهلم.

ص: 2306

ذكر أبو علي أنه يقال للرجل: هلم كذا فتقول: لا أهلمه أي لا أعطيه قاله الجوهري، وقال أيضًا: كان ذلك عام كذا (وهلم جرا) معناه: تعالوا على هينكم مثبتين، وانتصاب (جرا) على أنه مصدر في موضع الحال أي جارين قاله البصريون، وقال الكوفيون: مصدر؛ لأن معنى (هلم): جروا. وقيل انتصب على التمييز، وأول من قاله عائذ بن يزيد في جواب جنندلة قال:

فإن جاوزت مقفرة رمت بي

إلى أخرى كتلك هلم جرا

وقال المؤرج بن الزمار التغلبي:

المطعمين لدى الشتاء

سدائفًا ملنيب تمرا

في الجاهلية كان سو

ددوائل فهلم جرا

يقال للشيء الكثير (هلم جرا)

و (حيهل) مركبة من (حي) ومعناها أقبل، وهلا، وهلا، قال ابن هشام: بمعنى عجل، وقيل: هل بمعنى قر، وتقدم، وقيل (هل) يظهر أنها صوت للإبل ركبا، وصار كـ (خمسة عشر) مفتوحتين، وسمى بمجموعهما الفعل تقول: حيهل الثريد بمعنى: ائت الثريد واحضره، وقال بعضهم: حيهل الصلاة أي اقصدوا الصلاة فهذه متعدية، ويجوز أن تكون لازمة، فتعدى بـ (إلى) على معنى تعالى إلى كذا، أو بالباء بمعنى أسرع بكذا، أو بـ (على) على معنى أقبل على كذا.

وفيها لغات: حيهل، وحيهل، وقد ينونان، فلا يكون إذ ذاك إلا بمعنى ائت، وإذا وقفوا فبالألف، أو بهاء السكت، و (حيهلا) بإثبات الألف وصلاً ووقفًا من غير تنوين قال الشاعر:

ص: 2307

بحيهلا يزجون كل مطية

أمام المطايا سيرها المتقاذف

وحيهلا، وحكى أبو زيد: حيهلك بكاف الخطاب، وقد يفرد كل واحد منهما، ويختص (حي) باستحثاث العاقل، و (هلا) لاستحثاث غير عاقل، ويقل استعمالها للعاقل وتصل (حي) بـ (على) خاصة فتقول: حي على الثريد، ويقال: هل الثريد، وإلى الثريد، وتغلب حالة التركيب أن يكون استحثاثًا لمن يعقل تغليبًا لـ (حي)، ومنهم من يغل ب (هل) فيستحث بها ما لا يعقل.

وفي النهاية: إذا قلت حي هل أمرًا، فقيل في (حي)، وفي (هل) ضميران: لأنهما في الأصل اسمًا فعلين، فكل واحد منهما يستحق الضمير، وقيل فيهما ضمير واحد، لأنهما بالتركيب صارا كالكلمة الواحدة، ويدل على ذلك أن (حي) لا يتعدى، و (هل) لا يتعدى، فلما ركبا تعديا، فدل على أن حكم الإفراد قد زال وقوله:

.... ....

يوم كثير تناديه وحيهله

أضافه إلى الضمير وأعربه.

والمركب من جار ومجرور قسمان مركب من حرف ومجروره، ومركب من ظرف ومجروره، فالأول (عليك)، و (إليك)، و (على)، و (إلى)، وكذاك، وكما أنت، والمركب من ظرف ومجروره: عندك، ولديك، ودونك، وبينكما، ووراءك، وأمامك، ومكانك، وبعدك، هذا هو المسموع.

ص: 2308

أما (عليك) فإنه يتعدى قال تعالى: «عليكم أنفسكم» أي ألزموا أنفسكم، ويتعدى بالباء تقول عليك بزيد، وقدره بعضهم: خذ زيدًا من عليك، وبعضهم أمسك عليك زيدًا، وأما (علي) فتقول: علي زيدًا أي أولني زيدًا، وضعتها العرب موضع فعل يتعدى إلى اثنين، وشذ إغراء الغائب في قولهم (عليه رجل ليسنى)، وأجاز بعضهم إغراء الغائب.

وإما (إليك) فمعناه: تنح، وإلى معناه أتنحى أو انتحيت، وهو لازم عند البصريين، وزعم الكوفيون، ويعقوب ابن السكيت: أنه يتعدى فتقول: إليك زيدًا أي: أمسك زيدًا.

وأما (كذا) فنحو قوله:

....

.....

كذاك القول إن عليك عينا

أي أمسك القول، وإنما يقول هذا الرجل: كشفت إليه أمرًا فجعل يخبر محاسن أحواله، فقلت زاجرًا له ومنتهرًا: كذاك القول أي: كف القول.

وأما (كما أنت) فسمع الكسائي: كما أنت زيدًا أي انتظر زيدًا، وكما أنتنى أي: انتظرني.

وأما (عندك) فتكون متعدية نحو: عندك زيدًا أي (خذ)، ولازمة فتقول: عندك أي: توقف، و (لديك) حكاها الجوهري، وهي متعدية تقول: لديك زيدًا، و (دونك) متعدية تقول: دونك زيدًا أي خذ ولازمة بمعنى (تأخر) و (وراءك) تأخر، و (أمامك) تقدم، و (مكانك) اثبت، وسمع الفراء (مكانك) بي، وكما أنتني أي: انتظرني، فتكون (مكانك) لازمة ومتعدية،

ص: 2309

وبعدك تأخر تحذه شيئًا خلفه، وحكى الكسائي الإغراء يبين، وحكى أنه سمع من كلامهم: بينما البعير فخذاه أي أمسكا البعير، ولا حجة فيه لجواز أن يكون من باب الاشتغال، والبصريون يقصرون الإغراء بالظروف على المسموع، وأجاز الكسائي، والكوفيون في نقل قياس بقية الظروف على المسموع نحو: خلفك وقدامك، وأجاز ابن كيسان القياس على لديك، و (دونك) ما هو بمعناهما، وهو عندك، ومنع قياس (خلفك) و (قدامك) على عندك، وقد ذكرنا أن الإغراء بـ (لديك) مسموع فلا يحتاج إلى قياسه.

وأسماء الأفعال كلها مبنية حتى إن أبا الفتح زعم أن حركة كاف مثل (عليك)، و (دونك) حركة بناء، ولا ينقاس تنوينها، ولا اتصالها بكاف الخطاب، بل يقتصر فيه على السماع.

و (كاف الخطاب) لا موضع لها من الإعراب، لا نعلم خلافًا في ذلك، بخلاف (عليك) و (دونك) وأخواتها، فمذهب الكسائي أنها في موضع نصب ومذهب الفراء أنها في موضع رفع، فلا يجوز توكيدها بالمجرور، ومذهب البصريين أنها في موضع جر، وذهب طاهر بن بابشاذ إلى أنها حرف خطاب فلا موضع لها من الإعراب، كهي في (حيهلك). وإذا قلنا أنها في موضع جر، فلك أن تؤكد الكاف بالمجرور فتقول: عليك نفسك زيدًا، ولك أن تؤكد الضمير المستكن فتقول: عليك أنت نفسك زيدًا، فلا بد من تأكيده بالضمير المنفصل، ولك أن تجمع بينهما فتقول: عليك نفسك أنت نفسك زيدًا، وتقول: هلم لك نفسك إذا أكدت الكاف، فإن جمعت بين التوكيدين فقلت: هلم أنت نفسك لك نفسك، ولا تقول هلم لك نفسك أنت نفسك، ولا عليك أنت نفسك نفسك، بل الترتيب في جمع التوكيدين كما ذكرنا.

ص: 2310

ومذهب الأخفش أن أسماء الأفعال لا موضع لها من الإعراب، ونسبه صاحب الكافي إلى الجمهور [وذهب سيبويه، والمازني، وأبو علي الدينوري إلى أنها في موضع نصب] والقولان عن الفارسي، وذهب بعض النحاة إلى أنها في موضع رفع على الابتداء، وأغنى الضمير المستكن فيها عن الخبر، كما أغنى الظاهر في (أقائم الزيدان)، ومذهب جماعة إلى أن أسماء الأفعال كلها معارف ما نون منها، وما لم ينون، وهو تعريف علم الجنس، ومذهب جماعة أن ما لزمه التنوين منها نكرة، وما لم يدخله تنوين البتة معرفة، وما جاز فيه دخوله يكون نكرة إن دخله، معرفة إن لم يدخله، فالأول كـ (واهًا) والثاني (كبله) والثالث (كمه).

ومذهب البصريين أنه لا يجوز تقديم مفعوله عليه فلا يجوز: زيدًا عليك، ولا زيدًا رويد، وأجاز ذلك الكسائي، وفي نقل أجازه الكوفيون إلا الفراء، ولا يجوز حذف اسم الفعل وإبقاء مفعوله، وأجازه بعضهم، وفي كلام سيبويه ما يدل ظاهره على الجواز، لكن تأوله الشيوخ، والمغري به إن كان ضمير متكلم، أو غائب جاز اتصاله وانفصاله تقول: زيد عليكه وعليك إياه، وعليكني، وعليك إياي، وإن كان ضمير مخاطب، فالانفصال فقط، ويؤتي بالنفس فتقول: عليك إياك وعليك نفسك.

ص: 2311