الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
الترخيم على لغتين لغة من ينتظر الحرف، ولغة من لا ينتظر، ويقال: لغة من نوى المحذوف، ولغة من لا ينوى، ويقال: لغة يا حار، ولغة يا حار، والأعرف الأكثر تقدير ثبوت المحذوف، والمحذوف منه مراد، ولذلك إذا وصفته رفعت الصفة فقلت: يا حار الظريف، وقد منع قوم منهم الفراء، والسيرافي، واستقبحه ابن السراج وصف المرخم، ومذهب سيبويه والجمهور الجواز، والترخيم فيما كان آخره هاء، أو كان مالكًا وحارثًا وعامرًا أكثر من الترخيم فيها، ودعوى الكسائي، والفراء أنهما لم يسمعا الترخيم فيما ليس في آخره زيادة من أسماء الناس إلا في هذه الثلاثة، غير صحيحة، بل رخمت العرب خالدًا ويزيد ولميس، ومذهب البصريين جواز ترخيم الأسماء على لغة من نوى، فيبقى على حركته أو سكونه نحو: يا جعف ويا هرق، وخالف الكوفيون فيما آخره بعد ساكن، فلم يرخموه إلا على لغة من لا ينوى يقولون: يا هرق وتقدم نقلنا عن الفراء، أنه يحذف الأخير والساكن قبله فيقول: يا هر.
والذي آخره مدغم إما أن يكون للحرف المدغم أصل في السكون، أو لا أصل له، فإن كان له أصل نحو: محمر، ومجد فترخيمه بحذف آخره تقول: يا محمر ويا مجد، إذ الأصل: محمرر ومجدد، وإن لم يكن له أصل في السكون نحو: خدب، وهجف، فترخيمه بحذف آخره، فيبقى ما قبله ساكنًا هذا ما لم يكن قبل المدغم حرف مد، فإن كان حرف مد، فإما أن يكون له حركة في الأصل
أو لا، إن كانت له حركة في الأصل نحو: راد، ومضار، وثمود مسمى به، و (تميد) لغة في (تماد)، ومديق، وأصيم، فتقول: يا راد، ويا مضار اسم فاعل ويا مضار إن كان اسم مفعول، ويا ثمود، ويا تميد، ويا مديق ويا أصيم، لأن الأصل: رادد، ومضارر، ومضارر، وثمودد، وتميدد، ومديقق، وأصيمم.
وإن لم يكن له أصل في الحركة فإما أن يكون له تصرف يتحرك فيه أو لا، إن كان له نحو: محمار قلت فيه: يا محمار، لأنهم قالوا في تفكيك فعله على لغة: لم يحمارر، وإن لم يكن له تصرف نحو: أسحار وهو نبت، وغيره، فإذا سمي به ثم رخم، فمذهب سيبويه أنك تحذف الراء الأخيرة، وتحرك الساكنة بالفتح فتقول: يا أسحار. واختلفوا عن سيبويه هل هذا على سبيل التحتم دون تجويز الكسر، وهو قول السيرافي، وجماعة عن سيبويه، أو على سبيل الاختيار، وتجويز الكسر، وهو قول الأستاذ أبي علي، واختلف النقل عن الفراء، فنقل ابن عصفور الكسر في (الراء) على أصل التقاء الساكنين، وهو قول الزجاج، ونقل صاحب (رءوس المسائل): أنه يسقط كل ساكن يبقى بعد الأخير، حتى ينتهي إلى متحرك، فـ (على) هذا تقول: يا أسخ.
وفي النهاية: إذا تكرر الأصل الواحد، وليس لأولهما أصل في الحركة نحو: معد وجبن وبلز، وطرطب وسمى به، ورخم بقى الساكن على سكونه، وبين
العلماء خلاف في (معد)، وفي (مسود) فمن يقول: الزائد الأول، حذف الآخر لتطرفه ثم يحذف الذي قبله، لأنه حرف صحيح لفظه لفظ الآخر المحكوم له بأصالته، ومن قال: الزائد: الثاني حذفه، وأبقى ما قبله، وهذه المسألة ذكرها سيبويه في (محمر)، و (مسود) انتهى.
وفي ترخيم قاضون، ومصطفون خلاف، فذهب الأكثرون إلى رد المحذوف فتقول: يا قاضي، ويا مصطفى، وذهب قوم إلى أنك تقول: يا قاض، ويا مصطف، ويتعين التخريم على لغة من ينتظر الحرف في الصفات التي التاء فيها فارقة بين المذكر والمؤنث كذاهبة وعاذلة فتقول: يا عاذل أقبلي، ولو سمي به مذكر جاز الترخيم على اللغتين فلا يعتبر اللبس في الأعلام، فإذا رخمت (عمرة) جاز ذلك على اللغتين، وإن كان يلتبس يا عمر بنداء من اسمه عمرو، وكلام ابن مالك يدل على اعتبار اللبس في العلم، ولو كانت التاء ليست للفرق نحو: ربعة جاز الترخيم على اللغتين، وذكر ابن أصبغ أن مذهب سيبويه أنه لا ترخم الصفات الشائعة المؤنثة بالهاء على تقدير من لم يراع المحذوف من غير اعتبار لبس البتة قال: وأجاز الفراء: ترخيمه على لغة من لم يراع المحذوف، إذا كان مما لا يلتبس به المذكر بالمؤنث.
واختلف النحويون إذا كان يلزم تقديم حذف تمامه عدم النظير هل يجوز ذلك أم لا، فذهب الأخفش، وكثير من النحويين إلى أنه يشترط أن يكون الباقي من الكلمة الصحيحة، أو المعتلة بعد الإعلال له نظير من الكلم التامة، وذهب السيرافي
وغيره إلى أنه لا يشترط ذلك فعلى المذهب الأول لا يجوز على تلك اللغة ترخيم (عرقوة) ولا (حذرية)، ولا (طيلسان)، ولا (حبلوى) ولا (حمراوى)، لصيرورة ذلك إلى فعلو وفعلى، و (فيعل) في الصحيح، وصيرورة ألف (فعلى) مبدلة من واو، وهمزة فعلاء مبدلة من واو، وهي لا تكون إلا مبدلة من ألف.
ونقل الخلاف عن الكوفيين في ترخيم نحو: (خطايا) و (زوايا)، فمنع الكسائي من ترخيمه على لغة من لا يراع المحذوف، وأجازه الفراء، وتقول على لغة من لا ينتظر المحذوف: يا جعف، ويا هرق، ويا (حار) فتظهر الضمة لصحة الحرف ويا ناجي تقدر الضمة لاعتلال الحرف، فإن وصفت المبني على الضمة الظاهرة بت (ابن)، واتبعت الحركة لـ (ابن) فتحت فقلت: يا حار بن عمر تريد: يا حار بن عمر، وتقول في (ثمود): يا ثمى، وفي (علاوة وسقاية وطفاوة): يا علاء، ويا سقاء، ويا طفاء وفي قطوان: يا قطا، وفي شاة: يا شاه، وفي (غاوي): يا غاو، ولا تبدلها همزة، وفي سوة إذا نقلت: يا سو، وفي سفيرج علما: يا سفيرل على مذهب الأخفش ترد اللام المحذوفة لأجل التصغير وجوبًا وكذا كل خماسي مرخم سمي به، وذهب الأكثرون إلى أنه لا يرد المحذوف، ولو سميت بـ (سفرجل) على هذه اللغة قلت: يا سفرج، ومنع من ذلك سعيد بن المبارك بن الدهان، ومذهب السيرافي في جواز ذلك على ما تقدم، ومنع ترخيم (طيلسان) تقدم أنه قول الأخفش، وكذا عنده، وعند المازني، والمبرد ترخيم (حبلوى) على هذه اللغة، وفرق بعض أصحابنا، فأجاز ذلك في سفرجل وشبهه ومنعه في حبلوى و (طيلسان).
وفي البديع: أما ترخيم (سعود) علما فلا يصح عند سيبويه على الضرب الثاني، وكذا سفرجل علمًا، و (قذعمل)، و (هندلع) عند سيبويه، وإن كان في الكلمة اعتلال مخالف للقياس أقر على حاله تقول في (حيوة): يا حيو، وفي استحواذ واستحوذ: يااستحو، ويا استحو، وفي ترخيم (القود): ياقو، وتقول في قاضية: يا قاضي، فلو رخمت يا قاضي المرخم من قاضية، ففي البسيط: الظاهر التزام لغة: يا حار كما قال
أنك يا معاو يا ابن الأفضل
وإذا كان الاسم ثنائيًا ذا لين، فإن علم له ثالث رد، فتقول في ترخيم (ذات) يا ذوا، وفي ترخيم (شاة): يا شاه، وإن جهل له ثالث ضعف نحو: لات تقولك يالاء، وإذا رخمت ما فيه التاء من الأعلام نحو: طلحة، وعائشة جاز على اللغتين فتقول: يا طلح ويا طلح، ومن لم يرخم بناه على الضم كالأسماء المفردة غيره، ومنهم من فتح التاء فقال يا طلحة، قال:
كليني لهم يا أميمة ناصب
…
...
…
....
…
...
وللنحاة كلام كثير في هذه الفتحة، وهل هو مرخم أو غير مرخم، فذهب بعضهم إلى أنه نصب المنادى على أصله ولم ينونه، لأنه غير منصرف، وهذا الذي اخترناه، وذهب بعضهم إلى أنه بناه على الفتح، لأنها حركة تشاكل حركة إعرابه لو أعرب جرى مجرى: لا رجل في الدار، وأنشد هذا القائل
يا ريح من نحو الشمال هبي
فالفتح، وذهب الأكثرون إلى أنه أقحم التاء مفتوحة، ولأبي علي قولان:
أحدهما: أن التاء زيدت وحركت اتباعًا بالفتح لحركة الحاء يعني في طلحة، لأن الحاء حشو الكلمة، وحركتها لازمة، فاتبع حركة الآخر حركة الأول، وهو عكس يا زيد بن عمرو.
والثاني: أنهم زادوا التاء بين الحاء وفتحها فالفتحة التي في التاء هي فتحة الحاء، ثم فتحت الحاء اتباعًا لحركة التاء، ولا تجرى الألف الممدودة للتأنيث مجرى التاء فتفتح فتقول: يا عفرا كما قلت: يا سلمة، وقد أجاز ذلك قوم، وليس بمسموع.
وإذا وقفت على المرخم بحذف التاء ألحقته هاء ساكنة، وهل هي التاء التي كانت حذفت أم هاء سكت فيه خلاف، ويجوز على قلة أن تقف بغير هاء، حكى سيبويه: يا حرمل يريد: يا حرمله، ومنه قولهم:(سطى مجر طرطب عجر) يريد يا مجره، وظاهر كلام سيبويه جواز أن لا تلحق هذه الهاء إذا وقفت على المرخم بحذف التاء، وقال ابن عصفور: لا يقاس على ما سمع من ذلك.
فأما قول الشاعر:
قفي قبل التفرق يا ضباعا
…
...
…
....
…
...
فقالوا هذه الألف عوض من الهاء المحذوفة في الوقف، والمرخم بحذف التاء يجوز أن يرخم ثانيًا بحذف ما يلي التاء، هذا مذهب سيبويه ومنع ذلك عامة النحويين، وأجاز سيبويه ذلك على لغة من لم يراع المحذوف إذا بقى بعد الترخيم الثاني على ثلاثة أحرف، وبمذهب سيبويه ورد السماع قال:
أحار بن بدر وليت ولاية
…
...
…
....
…
وقال آخر:
يا أرط إنك فاعل ما قلته
…
...
…
....
…
يريد: يا حارثة بن بدر، ويا أرطاة بن سهية، رخم أولا بحذف التاء على لغة من لم ينو، ثم ثانيًا بحذف التاء والألف على لغة من نوى، وجعل سيبويه من ذلك قول الشاعر:
أنك يا معاو يا ابن الأفضل
حذف التاء ثم ثانيا الياء، وحكى ابن كيسان: أن بعض المنشدين له من العرب ينشد يا معاو، فيقطع الكلمة في النداء على الواو ثم يقول: يا بن الأفضل، وذهب
ابن الطراوة إلى أن أصله يا معاوى منسوبًا حذف ياءي النسب، فبقى، يا معاو، والممدوح هو يزيد بن معاوية لا معاوية.
ولو ذهب ذاهب إلى أن المؤنث بالتاء يجوز في ترخيمه وجهان:
أحدهما: حذف التاء وهو الكثير والأقل حذفها بما قبلها كالحذف من منصور، لكان قولاً، وتقدير أن الشاعر في البيت الواحد نوى الترخيم أولاً ثم نوى الترخيم ثانيًا في الكلمة الواحدة حالة النطق، يحتاج إلى وحي يسفر عن هذا التقدير.
ولما كان الترخيم في النداء على وجهين كان الترخيم في غير النداء ضرورة على ذينك الوجهين، وشرط فيه أن يكون مما يصلح للنداء فلا يكون (بأل)، ولا في مضاف فمثل
قواطنًا مكة من ورق الحمى
و:
عفت المنا بمتالع فأبان
…
...
…
.... ....
و:
…
....
…
.... ....
…
مقدم بسبا الكتان ملثوم
يريد الحمام في أحد التخريجين، وعفت المنازل وبسبائب ليس بترخيم، وشذ ترخيم ما فيه (أل) للضرورة نحو قوله:
…
....
…
....
…
وأخلت لخيمات العذيب ظلالها
يريد: العذيبة، فرخم وفيه (أل)، ومثال ما رخم على تقدير التمام قوله:
…
....
…
.... ....
…
طريف بن مال ليلة الجوع والخصر
يريد: طريف بن مالك، ومثال ما رخم على تقدير مراعاة المحذوف قوله:
إن ابن حارث إن اشتق لرؤيته
…
...
…
....
…
...
يريد ابن حارثة، وزعم المبرد أن ذلك لا يجوز على تقدير مراعاة المحذوف، وهو محجوج بالسماع، وزعم بعض النحويين أنه إذا رخم في غير النداء عوض من المحذوف، وأنشد
ولضفادى جمه نقانق
ولا يشترط في ترخيم غير المنادى ضرورة علمية، ولا هاء تأنيث ألا تراهم قالوا:
ليس حي على المنون بخال
…
...
…
...
…
يريد: بخالد، ولا يرخم في غير ضرورة منادى عارٍ من الشروط إلا ما شذ من قولهم: يا صاح، ولم يسمع ترخيمه إلا على لغة مراعاة المحذوف، ولم يسمع يكاد إلا مرخمًا: وحتى حذفوا منه حرف النداء، ومذهب ابن جني، وابن خروف أن أصله: يا صاحبي ثم قالوا فيه على أحد اللغات: يا صاحب ثم رخموه، ومذهب الأستاذ أبي علي أنه نكرة مقبل عليها ومما شذ قوله:
أطرق كرا
وفيه قولان: المشهور أنه ترخيم كروان على لغة: يا حار، فشذوذ من كونه نكرة مقبل عليها، ومن حذف حرف النداء. والقول الثاني: أنه لا ترخيم فيه، وأن (الكرا) ذكر الكروان، وهذا قول للمبرد، وشذوذه حذف حرف النداء منه.
(مسائل) من الترخيم (غاوة) اسم موضع تقول في ترخيمه: يا غاو، ويا غاو، ولا تهمز، لأن ألفه عين الفعل وكذلك آية، وغاية بخلاف طفاوة تقول: يا طفاو، ويا طفاء فتهمز، ولو سميت بمسئول على لغة تميم ورخمت قلت: يا مسئو وزنه مفع، وفي لغة الحجاز بحذف الهمزة فتقول: يا مس بحذف الواو واللام؛ لأن الهمزة المخففة في نية الثبوت، فقد بقى بعد الحذف ثلاثة أحرف [ولو] سميت (يبعد) فلا يجوز ترخيمه، وإن كان أصله بوعد بخلاف (يسل) مسمى به، فإنه يجوز ترخيمه، والفرق أن يسل مستعمل أصله في لغة تميم، ويعد لم يستعمل أصله في لغة (ما)، ولو قيل: إن يسل لا يجوز ترخيمه على لغة الحجاز لم يبعد، لأن التخفيف في لغتهم لازم ولو سميت (بأرى) وأخواته فلا يجوز ترخيمه، لأن العرب مجمعون على التخفيف إلا في الشعر ولو سميت بيقوم ورخمت قلت: يا يقو، ويا يقى.