الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
يضاف اسم الفاعل المجرد من (أل)، إن كان حالاً، أو مستقبلاً، لا إن كان ماضيًا إلا على مذهب من يجيز إعماله ماضيًا، إلى المفعول الظاهر نحو: هذا ضارب زيد، وهؤلاء ضراب زيد، وهؤلاء ضارابات زيد، وإلى شبيه المفعول نحو ما قال الخليل: هو كائن أخيك، فأضافه إلى الخبر، فيسقط التنوين مما هو فيه، ونون المثنى نحو: هما ضاربا زيد، ونون الجمع نحو: هم ضاربو زيد.
وشذ الفصل بين اسم الفاعل ومجروره بالمفعول كقراءة من قرأ: «مخلف وعده رسله» بنصب (وعده)، وجر (رسله) باسم الفاعل (مخلف) مضافًا إليه، ويجوز النصب في المفعول، فيثبت التنوين والنون نحو: هذا ضارب زيدًا، وهذان ضاربان زيدًا، وهؤلاء ضاربون زيدًا، فأما قول الشاعر:
رب حي عرندس ذي طلال
…
لا يزالون ضاربين الرقاب
بخفض (الرقاب)، فمؤول على ضاربي الرقاب، حذف لدلالة (الضاربي) عليه، ولا يجوز حذف النون والنصب إلا شاذًَا كقراءة من قرأ:«إنا مرسلوا الناقة» بنصب الناقة، فظاهر كلام سيبويه أن النصب أولى من الجر.
وقال الكسائي: ويظهر لي أن الجر أولى من النصب لما بيناه في الشرح، فإن فصل بين اسم الفاعل والمفعول وجب النصب كقوله تعالى:«إني جاعل في الأرض خليفة» فإن كان المفعول ضميرًا متصلاً باسم الفاعل نحو: زيد مكرمك، وهذان مكرماك، وهؤلاء مكرموك، فمذهب سيبويه، والمحققين أنه تجب الإضافة والضمير مجرور، وذهب الأخفش، وهشام إلى أنه في موضع نصب، وزال التنوين والنون لإضافة الضمير، لا للإضافة، ويظهر الفرق بين المذهبين في العطف، فيجيز الأخفش: هذا ضاربك وزيدًا، وقال تعالى:«إنا منجوك وأهلك» ، فـ (أهلك) معطوف على الكاف، إذ هي في موضع نصب عندهما ومن منع ذلك أضمر ناصبًا أي: وننجي أهلك، أو جعله عطفًا على موضع الكاف، وأجاز هشام إثبات التنوين والنون نحو: هذا ضاربنك، وهذان ضاربانك، وهؤلاء ضاربونك، وهذا ضاربني، وهؤلاء ضاربوني، فإن لم يتصل الضمير باسم الفاعل كان في موضع نصب نحو: الدرهم زيد معطيكه فـ (الهاء) في موضع نصب.
واسم الفاعل ذو (أل) إن كان مثنى، أو مجموعًا جمع السلامة لمذكر، يجوز أن يضاف إلى المفعول مطلقًا سواء أكان نكرة أم معرفة بأي جهة تعرف إذا كان يليه نحو: هذان الضاربا رجل، والضاربا زيد، والضاربو رجل، والضاربو زيد، فإن لم يله فالنصب نحو: هذان الضاربان في الدار زيدًا، وإذا ولى جاز إثبات النون فتنصب وحذفها فتجر، وتقدر حذفها للإضافة، وهو الأكثر، أو تنصب، ويقدر حذفها لطول الصلة، فإن كان اسم الفاعل الذي فيه 0 أل) مفعوله (بأل)،
أو مضافًا إلى ما فيه (أل)، أو إلى ما فيه ضمير (أل) جازت إضافته إلى ما يليه نحو: هذا الضارب الرجل، و:
…
....
…
...
…
... وهن الشافيات الحوائم
وهم الضراب الرقاب، وهذا الضارب غلام المرأة، والمرأة جاء الضارب غلامها، وفي هذا خلاف، ذهب المبرد إلى منع الجر، وأوجب النصب، والصحيح الجواز، والأفصح في هذه المسائل الثلاث ترك الإضافة والنصب، فإن كان المفعول نكرة، أو معرفًا بغير (أل) كتعريف العلمية، أو الإشارة، أو المضاف لضمير اسم الفاعل، فالفراء يجري ذلك مجرى المضاف لواحد من تلك الثلاثة فيقول: هذا الضارب رجل، والضارب زيد، والضارب ذينك، والضارب عبده، فيجيز في هذه كلها الجر، والصحيح وجوب النصب.
فإن كان اسم الفاعل غير مثنى، ولا مجموع بالواو والنون نحو: جاء الضاربك والضرابك، والضارباتك، فذهب سيبويه، والأخفش إلى أنه في موضع نصب، وذهب المبرد في أحد قوليه، والرماني إلى أنه في موضع جر، وأجاز الفراء فيه النصب والجر، فإن كان اسم الفاعل مثنى، أو مجموعًا بالواو والنون
نحو: جاء الزائراك، والمكرموك، فقال ابن مالك: جائز فيه الوجهان بإجماع، ودعوى الإجماع باطلة، بل الخلاف في المسألة، ذهب سيبويه إلى جواز الوجهين، وذهب الجرمي، والمازني، والمبرد، وجماعة إلى أنه في موضع جر فقط، ولا يجوز إثبات النون مع الضمير إلا في ضرورة نحو:
هم القائلون الخير والآمرونه
…
...
…
....
…
وقياس مذهب هشام في جواز ضاربونك أن يجيزه مع (أل).
وإذا أتبعت معمول اسم الفاعل الصالح للعمل، فإما أن يكون منصوبًا أو مخفوضًا، إن كان منصوبًا كان التابع منصوبًا نحو: هذا ضارب زيدًا وعمرًا، وأجاز الكوفيون والبغداديون: الخفض فتقول: ضارب زيدًا وعمرو، وإن كان مخفوضًا، والتابع نعت أو توكيد، فيجب في التابع الخفض نحو: هذا ضارب زيد العاقل نفسه، ومنهم من أجاز النصب على الموضع، والجر على اللفظ، أو بدل، أو عطف واسم الفاعل عار من (أل) فالجر والنصب نحو: هذا ضارب زيد أخيك، وعمرو، ويجوز: أخاك وعمرًا، وهذا عند من لم يشترط المحرز للموضع كالأعلم، ومن شرطه فلا يجيز النصب، بل إن نصب في العطف أضمر له
ناصبًا، وهو ظاهر قول سيبويه، وإن كان مقرونًا بـ (أل)، وهو مثنى أو مجموع بواو ونون، فقال ابن عصفور، وشيخنا أبو الحسن الأبذي: يجوز الخفض على اللفظ، والنصب على الموضع نحو: هذان الضاربا زيد أخيك وعمرو، والضاربو زيد أخيك وعمرو، ويجو النصب في البدل والمعطوف.
وما أجازه من النصب لا يجوز كفقد المحرز لموضع النصب، وإن كان مفردًا، أو مكسرًا، أو بألف وتاء، والتابع عار من (أل)، ومن الإضافة إلى ما هي فيه، أو إلى ضمير يعود على ذي (أل)، فالنصب نحو: هذا الضارب الرجل أخاك وزيدًا، وكذا الضراب والضاربات، وأجاز سيبويه العطف على اللفظ، ومنعه المبرد، وإن لم يكن التابع عاريًا مما ذكر نحو: جاءني الضارب الغلام والجارية، والضارب الغلام وجارية المرأة، وجاءني الضارب المرأة وجاريتها جاز النصب والجر، قال ابن مالك: المسائل الثلاث جائزة بلا خلاف.
وليس كما قال، بل في الثانية والثالثة، وهما هذا الضارب الجارية وغلام المرأة، وهذا الضارب المرأة وغلامها، قال ابن عصفور: خالف فيهما المبرد، فلم يجز فيهما إلا النصب على الموضع، وحكى الأستاذ أبو علي عن المبرد جواز: هذا الضارب الرجل وغلامه، بالجر على اللفظ، فاختلف النقلان عن المبرد.
ويجوز تقديم معمول اسم الفاعل عليه فتقول: هذا زيدًا ضارب، إلا إن كانت فيه (أل)، فأجازه بعضهم، وتأوله بعضهم، وذلك في الظرف، والمجرور، فإن كان اسم الفاعل مجرورًا بإضافة، أو بحرف جر غير زائد نحو: هذا غلام قاتل
زيدًا، ومررت بضارب زيدًا، فلا يجوز التقديم، أو بحرف جر زائد جاز نحو: ليس زيد بضارب عمرًا، فيجوز (عمرًا) بضارب، ومنع ذلك المبرد، جعل الزائد في ذلك كغير الزائد.
وأجاز بعض النحاة التقديم إذا كان اسم الفاعل أضيف إليه غير، أو حق أو جد نحو: هذا غير ضارب زيدًا، أو حق ضارب زيدًا، أو جد ضارب زيدًا، فأجاز تقديمه على غير، وحق، وجد فتقول: هذا زيدًا غير ضارب، وكذلك حق وجد، فإن كان اسم الفاعل خبرًا لمبتدأ نحو: هذا ضارب زيدًا، جاز تقديم المفعول على المبتدأ، إذا كان المبتدأ عاريًا من مانع تقديم فتقول: زيدًا هذا ضارب، فإن كان فيه مانع نحو: لزيد ضارب عمرًا فلا يجوز عمرًا لزيد ضارب؛ فإن كان المعمول لشيء من سببه نحو: زيد ضارب أبوه عمرًا، فأجاز تقديمه على المبتدأ البصريون والكسائي فتقول: عمرًا زيد ضارب أبوه، ومنع من ذلك الفراء.
فإن كان اسم الفاعل خبر مبتدأ، هو من سبب المبتدأ نحو: زيد أبوه ضارب عمرًا، فأجاز التقديم البصريون، ومنعه الكسائي والفراء، فإن كان اسم الفاعل، وما عطف عليه من اسم فاعل خبرًا عن مثنى، أو مجموع نحو: هذان ضارب زيدًا وتاركه، وهؤلاء ضارب زيدًا وسالبه، ومسالمه، فالمنصوص أنه لا يجوز تقدم المفعول على اسم الفاعل لا يجوز: هذان زيدًا ضارب وتاركه، ولا هؤلاء زيدًا ضارب وسالبه ومسالمه.
ويجوز فصيحًا في مفعول اسم الفاعل المتأخر أن يجر باللام تقول: زيد ضارب لعمرو، وإن كان ذلك لا يجوز في الفعل إلا نادرًا، أو في ضرورة وكذا في المصدر، والمثال نحو: سرني ضرب زيد لعمرو «فعال لما يري» .