الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
احذر أخي المسلم من أكل حق أخيك سواء كان بسرقة أو غصب أو عن طريق رشاً (1) أو غير ذلك؛ فإنَّ الكسب الحرام يفسدُ العبادة، ويخل بالطاعة ويكون مردوده على الصحة عكسياً. والكسب الحرام يفسد تربية الأبناء فتخرج تربيتهم معوجة، فإنَّ الجسد الذي ينبت بالحرام ينبت على معصية الله؛ لأنَّه نشأ من معصية الله، وقد قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:((لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت، النار أولى به)) (2) .
فاحرص أخي المسلم كل الحرص على دخلك وكسبك ولو قَلّ، وإياك إياك وحقوق الآخرين، قف متأملاً قول الله تعالى:{بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُم} [هود:86] .
جميع المعاصي محاربة لله:
ينبغي للعبد أنْ يعلم أنْ جميع المعاصي محاربةٌ لله؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة)) (3)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((مَن ضارَّ أَضرَّ اللهُ به، ومن شاقَّ شقَّ اللهُ عليه)) (4) .
فقوله: " من ضار " أي مسلماً بمعنى: أدخل على مسلم مضرة في ماله أو نفسه أو عرضه بغير حق " أَضرَّ الله به " أي جازاه من جنس فعله، وأدخل عليه المضرة، ومن شاق مسلماً، أي نازع مسلماً ظلماً وتعدياً " شقّ الله عليه " أي أنزل الله عليه المشقة جزاءً وفاقاً.
قطيعة الرحم:
احذر أخي المسلم قطيعةَ الرحم؛ فإنَّ قطيعة الرحم ذنبٌ عظيمٌ وجرمٌ جسيم، يفصم الروابط، ويقطع الشواجر، ويشيع العداوة والبغضاء، ويفكك الأسر.
(1) جمع رشوة.
(2)
جزء من حديث رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أخرجه معمر في جامعه (20719) ، ومن طريقه أحمد في مسنده 3/321.
(3)
أخرجه: مسلم 8/70 (2699) .
(4)
حديث حسن أخرجه أحمد 3 / 453 من حديث أبي صرمة رضي الله عنه، وللحديث طرق وشواهد انظر مسند أحمد 25/34 طبعة الرسالة.
وقطيعة الرحم أمرٌ مزيل للألفة والمودة، ومجلبٌ لمزيد من الهم والحزن والغم.
وهي من الأمور التي تفشت في مجتمعات المسلمين لا سيما في هذه الأزمان التي طغت فيها المادة، وقل فيها التواصي والتزاور فكثير من الناس مقصرون في هذا الواجب وواقعون في معصية قطيعة الرحم، وقد حذّرنا اللهُ من ذلك أشد التحذير بقوله:{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22] ، والسبب في إهمال كثير من الناس لصلة أرحامهم هو الجهل بالدين، وابتعاد الناس عن الهدي النبوي، فكلما كان الشخص عارفاً بالله كان أخشى لله، وصلة الرحم من خشية الله، وقطيعته من معصية الله، نسأل الله السلامة.
والواصل للأرحام له أجرٌ كبير، والواصل هو الذي يصل قرابته سواء وصلوه أم قطعوه؛ ولهذا قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:((ليس الواصلُ بالمكافئ، ولكنّ الواصلَ الذي إذا قطعت رحمه وَصَلَها)) (1) .
وصلة الأرحام تكون بزيارتهم وتفقدهم، وتتبع أحوالهم في السراء والضراء، وتكون الصلة بالمال وبالجاه، وبمشاركتهم بأفراحهم وبمواساتهم بأتراحهم.
ومن صلة الرحم أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر قال تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] .
وللقطيعة أسباب تحمل عليها منها الجهل؛ فإنَّ الجهل بفضيلة صلة الأرحام يفوت على المرء فضيلة ذلك، وكذا الجهل بخطر القطيعة وعظمة إثم القاطع يحمل عليها. وكذلك من أسباب القطيعة: ضعف التقوى، وقلة الوازع الديني فإذا ضعفت التقوى، وَرَقَّ الدينُ لم يبال المرء بقطع ما أمر الله به أنْ يوصل، ولعل من أكثر أسباب القطيعة الكبر؛ فبعضهم يتكبر على أقاربه حينما يفيء اللهُ عليه بشيءٍ من عرض هذه الدنيا
(1) أخرجه: البخاري 8/7 (5991) ، وهو في الأدب المفرد (68) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه.