الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويا للأسف على بعض الغلاة من المنتسبين إلى العلم في هذا العصر، فقد ظنوا أن مجابهة مخالفيهم بالطعن والقذف دليل على وفرة العلم وقوة الفهم حتى صار ((من عاداتهم الخبيثة: أنهم كلما ناظروا أحداً من الأفاضل في مسألة من المسائل توجهوا إلى جرحه بأفعاله الذاتية وبحثوا عن أعماله العرضية وخلطوا آلاف الكذبات بصدق واحد، وفتحوا لسان الطعن عليه بحيث يتعجب منه كل ساجد، وغرضهم منه إسكات مخاصمهم بالسب والشتم، والنجاة من تعقب مقابلهم بالتعدي، والظلم بجعل المناظرة مشاتمة والمباحثة مخاصمة)) (1) وحسبنا في الحكم على هذا المسلك قوله صلى الله عليه وسلم:((كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه)) (2) . بل ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء)) (3) .
اللسان نعمة:
وعليك أخي المسلم أنْ تتذكر دائماً أن اللسان نعمة من الله فعليك أنْ تستعمل هذه النعمة في طاعة الله، وإياك أنْ تستعملها في معصية الله تعالى، وعليك أنْ تُقيّد لسانك بالشرع ولا تطلق له العنان؛ إذ إنَّ مَن أرخى العنان سلك به الشيطان في كل مكان، وما أشد حزننا لما نرى كثيراً من الناس تساهلوا في حفظ ألسنتهم، فنجد بعضهم وظّفَ لسانه في سبّ الناس وشتمهم، ومنهم من استعمله في الحرام من الغناء والكذب والغيبة والنميمة والمراء وشهادة الزور.
(1) عن الرفع والتكميل انظر آداب الجرح فيه: 15 - 47.
(2)
أخرجه: مسلم 8/10 (2564)(32) ، وأبو داود (4882) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
أخرجه: الترمذي (1977) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه وقال: ((حسن غريب)) وفي المعنى أحاديث كثيرة.
فاحذر كل الحذر من حصائد اللسان، وقد قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حينما أوصاه:((كُفَّ عنك هذا)) وأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى لسانه فقال معاذ: وهل نُحاسَبُ على ما نقول؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((ويحك، وهل يَكُبُّ الناسَ على وجوههم في النار إلا حصائدُ ألسنتهم)) (1) وإنَّ من حصائد الألسن الأقوال المحرمة، وهي أنواع كثيرة، منها: ما يوصل إلى الكفر، ومنها دون ذلك، ومن حصائد اللسان: الكذب والغيبة والنميمة والفحش والسب والقذف.
أخي المسلم إن اللسان خطره عظيم ولا نجاة من خطره إلا بالصمت ولهذا قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((من صمت نجا)) (2) وقال أيضاً: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل
خيراً أو ليصمت)) (3) وقال أيضاً ((أمسك عليك لسانك، وليسعكَ بيتُكَ، وابْكِ على خطيئتِكَ)) (4) .
أخي المسلم فكّر دائماً أنَّ الموت بين يديك وأنك مسؤول عن كل كلمة، وأنَّ أنفاسك رأس مالك، وأنَّ لسانك شبكة تقدر أنْ تقتنص بها الحور العين.
(1) أخرجه: أحمد 5/231، والترمذي (2616) ، وابن ماجه (3973) من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه.
(2)
أخرجه: أحمد 2/159 و177، والترمذي (2501) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه.
(3)
أخرجه: البخاري 8/13 (6019) و8/39 (6135) و8/125 (6476) ، ومسلم 5/137 - 138 (48)(14) من حديث أبي شريح العدوي رضي الله عنه.
(4)
أخرجه: أحمد 4/148 و5/259، والترمذي (2406) من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه.