الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على كل مسلم أنْ يخاف الله تعالى، وأنْ يعلم أنَّ الغيبة معصيةٌ لله وظلم على المغتاب فعلى كل مسلم أنْ يتجنب الكلام في أعراض الناس، وأنْ يعرف أنه إن وجد عيباً في أخيه المسلم فإنَّ فيه عيوباً كثيرة.
فعليك أخي المسلم أنْ تراقب لسانك لتعرف هل أنت واقع في هذا الداء، فإنْ كنت كذلك فاعلم أنَّ من أهم أسباب التخلص من الغيبة أنْ يحفظ الإنسان لسانه، فمن أعظم أسباب السلامة حفظ اللسان، ومن أعظم أبواب الوقاية الصمت في وقته.
ومن أهم أسباب التخلص من الغيبة أن يستشعر العبد أنَّه بهذه الغيبة يتعرض لسخط الله ومقته، وأنَّ قوله وفعله مسجلٌ عليه في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا
أحصاها، وعلى المرء أنْ يستحضر دائماً أنه ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد قال تعالى:{مَا يَلفِظُ مِنْ قَولٍ إلَاّ لَدَيهِ رَقيبٌ عَتيدٌ} [ق: 19] .
ومن أسباب الخلاص من الغيبة أنّ يستحضر المغتاب دائماً أنه يهدي غيره من حسناته؛ لأنَّ الغيبة ظلم، والظلم يقتص به يوم القيامة للمظلوم من الظالم وقد قال النَّبيُّ
صلى الله عليه وسلم: ((إذا خلص المؤمنون من النار حبسوا بقنطرة بين الجنة والنار فيتقاصون مظالم كانت بينهم، حتى إذا نُقُّوا وهُذِّبوا، أُذن لهم بدخول الجنة، فوالذي نفس محمد بيده، لأحدهم بمسكنه في الجنة، أدل بمنزله كان في الدنيا)) (1) .
فعلى المرء المسلم أنْ يشتغل بإصلاح عيوب نفسه دون الكلام في عيوب الآخرين.
النميمة:
واحذر أخي المسلم من النميمة، وهي نقل الكلام بين الناس لجهة الإفساد؛ فيذهب إلى شخص ويقول: قال فيك فلان كذا وكذا، من أجل الإفساد بينهما وإلقاء العداوة والبغضاء بين المسلمين.
وحقيقة النميمة: إفشاء السر وهتك الستر عما يكره كشفه.
(1) أخرجه: البخاري 3/167 (2440) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
والنمام: هو من يسعى في قطع الأرحام وقطع ما أمر الله به أنْ يوصل وهو من الذين يفسدون في الأرض قال تعالى: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [الشورى: 43] والنمام منهم.
وقال صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ من شر الناس من يدعه الناس اتقاء فحشه)) (1) والنمام منهم.
فاعلم أخي المسلم أنَّ النميمة من كبائر الذنوب، وهي محرمة بالكتاب والسنة والإجماع قال تعالى:{وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَاّفٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} . [القلم: 10 - 11] وهي من أسباب عذاب القبر وعذاب النار، فقد قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:((لا يدخل الجنَّة نمام)) (2)، وروى ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال: ((إنَّهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، بلى إنَّه كبير: أما أحدهما، فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله)) (3) .
(1) أخرجه: البخاري 8/20 (6054) ، ومسلم 8/21 (2591)(73) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(2)
أخرجه: البخاري 8/ 21 (6056) ، ومسلم 1/70 (105)(167) من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، ولفظ البخاري:((لا يدخل الجنَّة قتات)) .
(3)
أخرجه: البخاري 1/65 (218) ، ومسلم 1/165 (292)(111) .
والنميمة أذىً للمؤمنين والمؤمنات، وقد حرم الإسلام الأذى بشتى أنواعه، ومنه النميمة. والنمام ذو وجهين؛ لأنه يظهر لكل من الفريقين غير الوجه الذي يظهر به للطرف الآخر، وصاحب الوجهين شر الناس يوم القيامة، وقد قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:((تجدون الناس معادن، خيارهم في الجاهلية، خيارهم في الإسلام، إذا فقهوا، وتجدون خير الناس في هذا الشأن، أشدهم كراهية له، وتجدون شر الناس، ذا الوجهين، الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه)) (1) .
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن النمام لا يدخل الجنة وأنه يعذب في قبره وقال: ((أَلا أُنبئكم ما العَضْهُ (2) ؟ هيَ النَمِيمَةُ القالةُ بين الناس)) (3) وكلُ من حُمِلَتْ إليه النميمةُ يجب عليه ستة أمور الأول: أن لا يُصدِّق النمامَ؛ لأنه فاسق. والثاني: أن ينهاه عن ذلك وينصح له ويقبح له فعله، والثالث: أن يبغضه في الله، والرابع: أن لا تظن بأخيك الغائب السوء، والخامس: أن لا يحملك ما حُكي على التجسس، السادس: أن لا ترضى لنفسك ما نَهيتَ النمام عنه ولا تحكي نميمته.
فاحذر أخي المسلم من النميمة فإنَّها من أمراض النفوس، وهي داء خبيث يسري على الألسن فيهدم الأسر، ويفرق الأحبة ويقطع الأرحام.
قال الإمام الشافعي: ((إذا أراد الكلام فعليه أن يفكر قبل كلامه، فإن ظهرت المصلحة تكلم، وإن شك لم يتكلم حتى يظهر)) .
وينبغي على المسلم أنْ يسكت عن كل ما رآه الإنسان من أحوال الناس مما يكره إلا ما في حكايته فائدة لمسلم أو دفع معصية.
(1) أخرجه: البخاري 4/216 (3493) ومسلم 7/ 181 (2526) و 8/28 (2526)(100) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
العَضْهُ: كثرة القول وإيقاع الخصومة بين الناس بما يحكي البعض عن البعض. لسان العرب (قول)
(3)
أخرجه: مسلم 8/28 (2606)(102) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.