المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

واحذر أخي المسلم من التوبيخ والتعيير بالذنب؛ فإنَّ ذلك مذموم، - حرمة المسلم على المسلم

[ماهر الفحل]

الفصل: واحذر أخي المسلم من التوبيخ والتعيير بالذنب؛ فإنَّ ذلك مذموم،

واحذر أخي المسلم من التوبيخ والتعيير بالذنب؛ فإنَّ ذلك مذموم، وقد نهى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ تُثرّب الأمة الزانية مع أمره بجلدها، فتجلد حداً ولا تعيّر بالذنب ولا توبّخ؛ لذا فرّق أهلُ العلم بين النصيحة والتعيير، ويقول الفضيل:((المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويعيّر)) (1) .

وهذا المعنى عظيم، والفرق ظاهر بين النصيحة والتعيير، وهو أنّ النصح يقترن

به الستر، والتعيير يقترن به الإعلان، وقد قيل:((من أمر أخاه على رؤوس الملأ فقد عيَّره)) .

‌الزنا:

إنَّ من أعظم حُرم المسلم على المسلم العرض، ومن ذلك الزنا، وأنا لن أتكلم عن هذه الجريمة العظمى من بابها الواسع، بل سأتكلم عنها من جانب أنها جريمة عظمى بحق أخيك المسلم.

ولو لم يكن في هذه الجريمة إلا تدنيس العرض والشرف ونزع شعار الطهر والعفاف والفضيلة لكفى هذه الجريمة سوءاً. ثم إنَّ صاحب هذه الجريمة يُكسَى ثوب المقت بين الناس. وجريمة الزنا تشتت القلب وتمرضه إن لم تُمِتْهُ، وهذه الجريمة تفسد نظام البيت وتهز كيان الأسرة وتقطع العلاقة الزوجية، ثم يتعرض الأولاد لسوء التربية مما يتسبب عنه التشرد والانحراف والجريمة.

(1) انظر: جامع العلوم والحكم 1/225 حديث (7) .

ص: 32

ثم إنَّ في هذه الجريمة ضياعاً للأنساب واختلاطها وتمليك الأموال لغير أصحابها عند التوارث، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيمن يخلط النسب حينما أراد رجل أنْ يطأ جارية، وكانت حاملاً فقد روى الإمام مسلم في صحيحه (1) من حديث أبي الدرداء، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: أنه أُتي بامرأة مجحٍ (2) على باب فسطاط فقال: ((لعله يريد أنْ يلمَّ بها؟)) فقالوا: نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقد هممتُ أنْ ألعنه لعناً يدخُلُ معه قبرَه، كيف يورثه وهو لا يحلُ له؟ كيف يستخدمُه وهو لا يحلُ له؟)) .

وإنَّ من أعظم الزنا وأشده الزنا بحليلة الجار قال ابن القيم: ((وأعظم أنواع الزنا أنْ يزني بحليلة جاره، فإنَّ مفسدة الزنا تتضاعف ما ينتهكه من الحرمة، فالزنا بالمرأة التي لها زوج أعظم إثماً وعقوبة من التي لا زوج لها؛ إذ فيه انتهاك حرمة الزوج وإفساد فراشه، وتعليق نسب غيره عليه، وغير ذلك من أنواع أذاه فهو أعظم إثماً وجرماً من الزنا بغير ذات البعل، فإنْ كان زوجها جاراً له انضاف إلى ذلك سوء الجوار)) (3) .

وقد ذكر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أن من أكبر الكبائر: ((أنْ تزاني حليلة جارك)) (4) .

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه)) (5) .

وكذلك إنَّ من أشد الزنا الزنا بنساء المجاهدين في سبيله، وقد قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:

(1) صحيح مسلم 4/160 (1441)(139) .

(2)

هي الحامل التي قربت ولادتها.

(3)

موارد الضمآن 5 / 108 (21) .

(4)

أخرجه: البخاري 6/22 (4477) ، ومسلم 1/63 (86)(141) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.

(5)

أخرجه: مسلم 1/49 (46) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

ص: 33