الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم اعلم أخي المسلم أنَّ البهتان على البريء من أثقل الذنوب، وويل لمن سعى بوشاية بريءٍ عند صاحب سلطان ونحوه فصدقه، فربما جنى على بريءٍ بأمر يسوءه وهو منه براء.
وقد حرم الله عز وجل المشي بالنميمة لما فيها من إيقاع العداوة والبغضاء بين المسلمين ورخص في
الكذب
في الإصلاح بين الناس، ورغب في الإصلاح بين المسلمين قال تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال: 1] . وقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة)) (1) .
وقد قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أيضاً: ((ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس، ويقول خيراً وينمي خيراً)) (2) .
أخي المسلم: اعلم أنَّ مَن نَمَّ إليك نَمَّ عليك، والنمام ينبغي أنْ يُنصَحَ ويُرشَدَ، وإلا فَيُترك ويُبغَض ولا يُوثَق بقوله ولا بصداقته، وكيف لا يبغض وهو لا ينفك عن الكذب والغيبة والغدر والخيانة والغل والحسد والنفاق والإفساد بين الناس والخديعة.
الكذب:
ومن حرمة المسلم على المسلم أن لا تكذب عليه: والكذب آفةٌ سيئةٌ من آفات اللسان، وهذه الآفة من أقبح الأمراض النفسية، إذا لم يسارع صاحبها بالعلاج، أودى به إلى النار، وبئس القرار، قال تعالى:{وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُون} .
(1) أخرجه: أحمد 6/444، وأبو داود (4919) ، والترمذي (2509)، وابن حبان (5092) من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه. وقال الترمذي:((هذا حديث حسن صحيح)) .
(2)
أخرجه: البخاري 3/240 (2692) ، ومسلم 8/28 (2605) من حديث أم مكتوم بنت عقبة بن أبي معيط.
[البقرة: 10] والكذب من كبائر الذنوب وفيه أضرارٌ عظيمة، ومن أضراره: إحداث الريبة عند الإنسان - والريبة هي التهمة والشك - والكذب محل تهمة وشك، والكذب يجعل الإنسان يقع في خصلة من خصال المنافقين. والمنافقون في الدرك الأسفل من النار قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:((أربعٌ من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من نفاق حتى يدعها: إذا أؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر)) (1) .
والكذب يمحق البركة بالبيع والشراء. والكذب يعدم الثقة بالناس، ومن آثار الكذب قلب الحقائق؛ لأنَّ الكذب يصور الحق باطلاً والباطل حقاً، ولو لم يكن في الكذب سوى أنَّه يؤدي إلى النار لكفاه سوءاً، قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الكذب يهدي
إلى الفجور وإنَّ الفجور يهدي إلى النار، وإنَّ الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً)) (2) .
(1) أخرجه: البخاري 1/15 (34) ، ومسلم 1/56 (58)(106) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.
(2)
أخرجه: البخاري 8/30 (6094) ، ومسلم 8/29 (2607)(103) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.