المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر منارة الإسكندرية وبقية عجائبها: - حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة - جـ ١

[الجلال السيوطي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المؤلف:

- ‌ذكر المواضع التي وقع فيها ذكر مصر في القرآن صريحًا أو كناية

- ‌لطيفةعن الكندي في أمر يوسف عليه السلام:

- ‌فائدةفي ذكر ما اشتهر على الألسنة في قوله تعالى {سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ} أنها مصر:

- ‌ذكر الآثار التي ورد فيها ذكر مصر:

- ‌فصل: في آثار موقوفة

- ‌فصل: في آثار أوردها المؤلفون في أخبار مصر ولم أقف عليها مسندة في كتب أهل الحديث

- ‌ذكر إقليم مصر:

- ‌ذكر من نزل مصر من أولاد آدم عليه الصلاة والسلام:

- ‌ذكر من ملك مصر قبل الطوفان:

- ‌ذكر من ملك مصر بعد الطوفان:

- ‌ذكر من دخل مصر من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام:

- ‌ذكر من كان بمصر من الصديقين كماشطة ابنة فرعون وابنها ومؤمن آل فرعون:

- ‌ذكر السحرة الذين آمنوا بموسى عليه الصلاة والسلام:

- ‌ذكر من كان بمصر من الحكماء في الدهر الأول:

- ‌ذكر قتل عوج بمصر:

- ‌ذكر عجائب مصر القديمة:

- ‌ذكر الأهرام:

- ‌ذكر ما قيل في الهرمين اللذين في الجيزة من الأشعار:

- ‌ذكر بناء الإسكندرية:

- ‌ذكر منارة الإسكندرية وبقية عجائبها:

- ‌ذكر دخول عمرو بن العاص مصر في الجاهلية:

- ‌ذكر كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس

- ‌ذكر بعث أبي بكر الصديق رضي الله عنه حاطبًا إلى المقوقس:

- ‌ذكر فتح مصر في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

- ‌ذكر الخلاف بين العلماء في مصر هل فتحت صلحا أو عنوة

- ‌فصل عن القضاعي لخص فيه قصة فتح مصر

- ‌ذكر الخطط:

- ‌ذكر بناء المسجد الجامع:

- ‌ذكر الدار التي بنيت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه فأمر بجعلها سوقا

- ‌ذكر أول من بنى بمصر غرفة:

- ‌ذكر حمام الفأر:

- ‌ذكر اختطاط الجيزة:

- ‌ذكر المقطم:

- ‌فصل عن ابن الجميزي وغيره عن الفتوى بهدم كل بناء بسفح المقطم

- ‌مدخل

- ‌ذكر جبل يشكر:

- ‌ذكر فتوح الفيوم:

- ‌ذكر فتح برقة والنوبة:

- ‌ذكر الجزية

- ‌ذكر المكس على أهل الذمة:

- ‌ذكر القطائع:

- ‌ذكر مرتبع الجند:

- ‌ذكر نهي الجند عن الزرع:

- ‌ذكر حفر خليج أمير المؤمنين:

- ‌ذكر انتقاض عهد الإسكندرية وسببه

- ‌ذكر رابطة الإسكندرية:

- ‌ذكر وسيم:

- ‌ذكر ما يقع بمصر قرب الساعة:

- ‌ذكر من دخل مصر من الصحابة رضي الله عنهم:

- ‌حرف الهمزة

- ‌حرف الباء:

- ‌حرف التاء:

- ‌حرف الثاء:

- ‌حرف الجيم:

- ‌حرف الحاء:

- ‌حرف الخاء:

- ‌حرف الدال:

- ‌حرف الذال:

- ‌حرف الراء:

- ‌حرف الزاي:

- ‌حرف السين:

- ‌حرف الشين:

- ‌حرف الصاد:

- ‌حرف الضاد:

- ‌حرف العين:

- ‌حرف الغين:

- ‌حرف الفاء:

- ‌حرف القاف:

- ‌حرف الكاف:

- ‌حرف اللام:

- ‌حرف الميم:

- ‌حرف النون:

- ‌حرف الهاء:

- ‌حرف الواو:

- ‌حرف لا:

- ‌حرف الياء:

- ‌باب الكنى:

- ‌باب المبهمات:

- ‌باب النساء:

- ‌تنبيه بشأن من عد المقوقس من الصحابة:

- ‌ذكر من كان بمصر من مشاهير التابعين الذين رووا الحديث

- ‌من صغار التابعين طبقة قتادة والزهري:

- ‌طبقة أخرى أصغر من التي قبلها وهي طبقة الأعمش وأبو حنيفة:

- ‌ذكر مشاهير أتباع التابعين الذين خَرَّج لهم أصحاب الكتب الستة من أهل مصر

- ‌ذكر من كان بمصر من الأئمة المجتهدين:

- ‌ذكر من كان بمصر من حفاظ الحديث:

- ‌ذكر من كان بمصر من المحدثين الذين لم يبلغوا درجة الحفظ والمنفردين بعلو الإسناد:

- ‌ذكر من كان بمصر من الفقهاء الشافعية:

- ‌ذكر من كان بمصر من الفقهاء المالكية:

- ‌ذكر من كان بمصر من الفقهاء الحنفية:

- ‌ذكر من كان بمصر من أئمة الفقهاء الحنابلة:

- ‌ذكر من كان بمصر من أئمة القراءات:

- ‌ذكر من كان بمصر من الصلحاء والزهاد والصوفية:

- ‌ذكر من كان بمصر من أئمة النحو واللغة:

- ‌ذكر من كان بمصر من أرباب المعقولات وعلوم الأوائل والحكماء والأطباء والمنجمين:

- ‌ذكر من كان بمصر من الوعاظ والقصاص:

- ‌ذكر من كان بمصر من المؤرخين:

- ‌ذكر من كان بمصر من الشعراء والأدباء:

- ‌ذكر أمراء مصر من حين فتحت إلى أن ملكها بنو عبيد:

- ‌ذكر أمراء مصر من بني عبيد:

الفصل: ‌ذكر منارة الإسكندرية وبقية عجائبها:

‌ذكر منارة الإسكندرية وبقية عجائبها:

قال صاحب مباهج الفكر: من عجائب المباني بأرض مصر منارة الإسكندرية، وهي مبنية بحجارة مهندمة مضببة بالرصاص، على قناطر من زجاج، والقناطر على ظهر سرطان من نحاس، وفيها نحو ثلاثمائة بيت، بعضها فوق بعض، تصعد الدابة بحملها إلى سائر البيوت من داخلها، وللبيوت طاقات تنظر إلى البحر.

واختلف أهل التاريخ فيمن بناها؛ فقيل: إنها من بناء الإسكندر، وقيل: من بناء دلوكة الملكة. ويقال: إن طولها كان ألف ذراع، وكان في أعلاها (1) تماثيل من نحاس، منها تمثال قد أشار بسبابة يده اليمنى نحو الشمس أينما كانت من الفلك، يدور معها حيثما دارت. ومنها تمثال وجهه إلى البحر، متى (2) صار العدو منهم على نحو من ليلة سمع له صوت هائل، يعلم به أهل المدينة طروق العدو. ومنها تمثال كلما مضى من الليل ساعة صوت صوتًا مطربًا، وكان بأعلاه مرآة ترى منها قسطنطينية، وبينهما عرض البحر، فكلما جهز الروم جيشًا رُئي في المرآة.

وحكى المسعودي أن هذه المنارة كانت في وسط الإسكندرية، وأنها تعد من بنيان العالم العجيب، بناها بعض ملوك اليونان، يقال إنه الإسكندر، لما كان بينهم وبين الروم من الحروب، فجعلوا هذه المنارة مرقبًا، وجعلوا فيها مرآة من الأحجار المشقفة، تشاهد فيها مراكب البحر إذا أقبلت من رومية على مسافة تعجز الأبصار عن إدراكها، ولم تزل كذلك إلى أن ملكها المسلمون، فاحتال ملك الروم لما انتفع بها المسلمون في ذلك على الوليد بن عبد الملك، بأن أنفذ أحد خواصه، ومعه جماعة إلى بعض ثغور

(1) ح، ط:"أعلاء".

(2)

ح، ط:"إذا".

ص: 89

الشام؛ على أنه راغب في الإسلام، فوصل إلى الوليد، وأظهر الإسلام، وأخرج كنوزًا ودفائن كانت بالشام؛ مما حمل الوليد على أن صدقه على أن تحت المنارة أموالًا ودفائن وأسلحة، دفنها الإسكندر. فجهزه مع جماعة من ثقاته إلى الإسكندرية، فهدم ثلث المنارة، وأزال المرآة، ثم فطن الناس "إلى" أنها مكيدة، فاستشعر ذلك، فهرب في مركب كانت معدة له، ثم بُني ما تهدم بالجص والآجر.

قال المسعودي: وطول المنارة في وقتنا هذا -وهو سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة- ثلاثون ذراعًا، وكان طولها قديمًا نحو أربعمائة ذراع، وبناؤها في عصرنا ثلاثة أشكال، فقريب من الثلث مربع "مبني"(1) بالحجارة، ثم بعد ذلك بناء مثمن الشكل مبني بالأجر ومائتان والجص نحو ستين ذراعًا، وأعلاها مدور الشكل (2) .

قال صاحب مباهج الفكر: وكان أحمد بن طولون بنى في أعلاها قبة من خشب، فهدمتها الرياح، فبُني مكانها مسجد في أيام الملك الكامل صاحب مصر. ثم إن وجهها البحري تداعى، وكذلك الرصيف الذي بين يديها من جهة البحر، وكادا ينهدمان؛ وذلك أيام الملك الظاهر ركن الدين بيبرس، فرمه (3) وأصلحه. انتهى.

وذكر ابن فضل الله في مسالكه أن هذه المنارة قد خربت وبقيت أثرًا بلا عين، وكان هذا وقع في أيام قلاون أو ولده.

وقال ابن المتوج في كتاب إيقاظ المتغفل: من العجائب منارة الإسكندرية التي بناها ذو القرنين، كان طولها أكثر من ثلاثمائة ذراع، مبنية بالحجر المنحوت، مربعة الأسفل، وفوق المنارة المربعة منارة مثمنة مبنية بالآجر، وفوق المنارة المثمنة منارة

(1) من ط.

(2)

انظر مروج الذهب 1: 375-376 في الكلام على منارة الإسكندرية، ويختلف ما نقله المؤلف هنا عما في هناك اختلافًا كثيرًا. وانظر نهاية الأرب 1:357.

(3)

كذا في ح، ط، وفي الأصل:"فرم".

ص: 90

مدورة وكانت كلها مبنية بالصخر المنحوت على أكثر من مائتي ذراع، وكان عليها مرآة من الحديد الصيني، عرضها سبعة أذرع، كانوا يرون فيها جميع من يخرج من البحر من جميع بلاد الروم، فإن كانوا أعداء تركوهم حتى يقربوا من الإسكندرية، فإذا قربوا منها ومالت الشمس للغروب أداروا المرآة مقابلة الشمس، فاستقبلوا بها السفن، حتى يقع شعاع الشمس في ضوء المرآة على السفن في البحر عن آخرها، ويهلك كل من فيها. وكانوا يؤدون الخراج ليأمنوا بذلك من إحراق المرآة لسفنهم، فلما فتح عمرو بن العاص الإسكندرية احتالت الروم بأن بعثت جماعة من القسيسين المستعربين (1) ، وأظهروا أنهم مسلمون،

وأخرجوا كتابًا زعموا أن ذخائر ذي القرنين في جوف المنارة، فصدقتهم العرب لقلة معرفتهم بحيل الروم، وعدم معرفتهم بمنفعة تلك المرآة والمنارة، وتخيلوا أنهم إذا أخذوا الذخائر والأموال أعادوا المرآة والمنارة كما كانت، فهدموا مقدار ثلثي المنارة، فلم يجدوا فيها شيئا، وهرب أولئك القسيسون، فعلموا حينئذ أنها خديعة، فبنوها بالآجر، ولم يقدروا أن يرفعوا إليها تلك الحجارة، فلما أتموها نصبوا عليها تلك المرآة كما كانت، فصدئت ولم يروا فيها شيئا، وبطل إحراقها. والنصف الأسفل الذي من عمل ذي القرنين، يدخل الآن من الباب الذي للمنارة، وهو مرتفع من الأرض مقدار ذراعا، يُصعد إليه على قناطر مبنية بالصخر المنحوت، فإذا دخل من باب المنارة يجد على يمينه بابا، فيدخل منه إلى مجلس كبير عشرين ذراعا مربعا، يدخل فيه الضوء من جانبي المرآة، ثم يجد بيتا آخر مثلها، ثم مجلسا ثالثا، ومجلسا رابعا كذلك.

قال: وقد عملت الجن لسليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام في الإسكندرية مجلسا من أعمدة الرخام الملون المجزع كالجزع اليماني، المصقول كالمرآة، إذا نظر الإنسان إليها يرى من يمشي خلفه لصفائها. وكان عدد الأعمدة ثلاثمائة عمود، وكل عمود

(1) في الأصل: "المستعربة".

ص: 91

ثلاثون ذراعا، وفي وسط المجلس عمود طوله مائة وإحدى عشرة ذراعا، وسقفه من حجر واحد أخضر مربع، قطعته الجن. ومن جملة تلك الأعمدة عمود واحد يتحرك شرقا وغربا، يشاهد ذلك الناس، ولا يرون ما سبب حركته!

قال: ومن جملة عجائب الإسكندرية السواري والملعب الذي كانوا يجتمعون فيه (1) في يوم من السنة، ويرمون بأكرة (2) ، فلا تقع في حجر أحد منهم إلا ملك مصر، وكان يحضر هذا الملعب ما شاء من الناس ما يزيد على ألف ألف رجل؛ فلا يكون منهم أحد إلا وهو ينظر في وجه صاحبه. ثم إن قرئ كتاب سمعوه جميعا، أو لعب لون من ألوان اللعب رأوه عن آخرهم (3) .

قال: ومن عجائبها المسلتان، وهما جبلان قائمان على سرطانات من نحاس في أركانهما، كل ركن على سرطان، فلو أراد أحد أن يُدخل من جانبهما شيئا حتى يعبر إلى جانبهما الآخر فعل.

قال: ومن عجائبهما عمودا الإعياء، وهما عمودان ملقيان، وراء كل عمود منهما جبل حصى كحصى الجمار، فمتى أقبل التعب النصب (4) بسبع حصيات من ذلك الحصى، فاستلقى على أحدهما، ثم يرمي (5) وراءه بالسبع حصيات، ويقوم ولا يلتفت، ويمضي لطيته، قام كأنه لم يتعب ولم يحس بشيء.

قال: ومن عجائبها القبة الخضراء، وهي أعجب قبة ملبسة نحاسا، كأنه الذهب الإبريز، لا يبليه القدم، ولا يخلقه الدهر.

(1) ح، ط:"إليه"، وما أثبته من الأصل.

(2)

كذا في الأصل، وفي ح، ط:"بالأكرة".

(3)

خطط المقريزي 1: 255.

(4)

في الأصل: "والنصب"، والأجود ما أثبته من ح، ط.

(5)

كذا في الأصل، وفي ح، ط:"رمى". وانظر المقريزي 1: 49.

ص: 92

وقال: ومن عجائبها منية عقبة، وحصن فارس، وكنيسة أسفل الأرض؛ وهي مدينة على مدينة، وليس على وجه الأرض مثلها، ويقال إنها إرم ذات العماد، سميت بذلك لأن عمدها لا يُرى مثلها طولا وعرضا.

وقال صاحب مرآة الزمان: كان للإسكندر أخ يُسمى الفرما، فلما بنى الإسكندر الإسكندرية، بنى الفرما الفرما، على نعت الإسكندرية. ولم تزل الإسكندرية بهجة يرتاح إليها كل من رآها، ولم تزل الفرما مذ بُنيت رثة، فلما فتحت الإسكندرية قال عوف بن مالك لأهلها: ما أحسن مدينتكم! فقالوا: إن الإسكندر لما بناها قال: هذه مدينة فقيرة إلى الله تعالى غنية عن الناس، فبقيت بهجتها. ولما فتحت الفرما قال أبرهة بن الصباح لأهلها: ما أخلق مدينتكم! قالوا: إن الفرما لما بناها قال: هذه مدينة غنية عن الله، فقيرة إلى الناس، فذهبت بهجتها.

ص: 93