الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: في آثار موقوفة
أخرج ابن عبد الحكم عن عبد لله بن عمرو بن العاص، قال: خلقت الدنيا على خمس صور: على صورة الطائر؛ برأسه وصدره وجناحيه وذنبه، فالرأس مكة والمدينة واليمن، والصدر الشام ومصر، والجناح الأيمن العراق، والجناح الأيسر السند والهند، والذنب من ذات الحمام إلى مغرب الشمس، وشر ما في الطائر الذنب (1) .
وأخرج محمد بن الربيع الجيزي وابن عبد الحكم، عن أبي قبيل، أن عبد الرحمن بن غنم الأشعري قدم من الشام إلى عبد الله بن عمرو، فقال له عبد الله: ما أقدمك إلى بلادنا؟ قال: أنت، قال: لماذا؟ قال: كنت تحدّثنا أن مصر أسرع الأرضين خرابًا، ثم أراك قد اتخذت فيها الرباع، وبنيت القصور، واطمأننت فيها. قال: إن مصر قد أوفت خرابها، دخلها بخت نصر، فلم يدع فيها إلا السباع والرباع، وقد مضى خرابها؛ فهي اليوم أطيب الأرض ترابًا، وأبعدها خرابًا، ولن تزال فيها بركة ما دام في شيء من الأرضين بركة (2) .
وأخرج ابن عبد الحكم، عن عبد الله بن عمرو، قال: قبط مصر أكرم الأعاجم كلها، وأسمحهم يدًا، وأفضلهم عنصرًا، وأقربهم رحمًا بالعرب عامة، وبقريش خاصة. ومن أراد أن يذكر الفردوس، أو ينظر إلى مثلها في الدنيا، فلينظر إلى أرض مصر حين يخضر زرعها، وتنور ثمارها (3) .
وأخرج ابن عبد الحكم، عن كعب الأحبار، قال: من أراد أن ينظر إلى شبه الجنة، فلينظر إلى أرض مصر إذا أخرفت. وفي لفظ:"إذا أزهرت"(4) .
(1) فتوح مصر1، مع اختلاف في الرواية.
(2)
فتوح مصر 32.
(3)
فتوح مصر 5.
(4)
ساقطة من ح، ط.
وأخرج ابن عبد الحكم، عن كعب الأحبار، قال: مثل قبط مصر كالغيضة، كلما قطعت نبتت حتى يخرب الله بهم وبصنعتهم جزائر الروم (1) .
وأخرج ابن الحكم عن ابن لهيعة، قال: كان عمرو بن العاص يقول: ولاية مصر جامعة تعدل الخلافة.
وأخرج ابن عبد الحكم من طريق عبد الرحمن شماسة النهدي، عن أبي رهم السماعي الصحابي رضي الله عنه قال: كانت لمصر قناطر وجسور بتقدير وتدبير، حتى إن الماء ليجري تحت منازلها وأقنيتها، فيحبسونه كيف شاءوا، ويرسلونه كيف شاءوا؛ فذلك قوله تعالى فيما حكى من قول فرعون:{أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ} ، ولم يكن في الأرض يومئذ ملك أعظم من ملك مصر. وكانت الجنات بحافتي النيل من أوله إلى آخره من الجانبين جميعًا، ما بين أسوان إلى رشيد، وسبعة خُلُج: خليج الإسكندرية، وخليج سخا، وخليج دمياط، وخليج منف، وخليج الفيوم، وخليج المنهى، وخليج سردوي؛ جنات متصلة لا ينقطع منها شيء عن شيء، والزرع ما بين الجبلين، من أول مصر إلى آخرها مما يبلغه الماء، وكان جميع مصر كلها تروى من ستة عشر ذراعًا لما قدروا ودبروا من قناطرها وخلجها وجسورها، فذلك قوله تعالى:{كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ} ، قال: والمقام الكريم المنابر (2) كان بها ألف منبر (3) .
(1) فتوح مصر 5.
(2)
ساقطة من ح، ط.
(3)
فتوح مصر6.