المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر من كان بمصر من الأئمة المجتهدين: - حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة - جـ ١

[الجلال السيوطي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المؤلف:

- ‌ذكر المواضع التي وقع فيها ذكر مصر في القرآن صريحًا أو كناية

- ‌لطيفةعن الكندي في أمر يوسف عليه السلام:

- ‌فائدةفي ذكر ما اشتهر على الألسنة في قوله تعالى {سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ} أنها مصر:

- ‌ذكر الآثار التي ورد فيها ذكر مصر:

- ‌فصل: في آثار موقوفة

- ‌فصل: في آثار أوردها المؤلفون في أخبار مصر ولم أقف عليها مسندة في كتب أهل الحديث

- ‌ذكر إقليم مصر:

- ‌ذكر من نزل مصر من أولاد آدم عليه الصلاة والسلام:

- ‌ذكر من ملك مصر قبل الطوفان:

- ‌ذكر من ملك مصر بعد الطوفان:

- ‌ذكر من دخل مصر من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام:

- ‌ذكر من كان بمصر من الصديقين كماشطة ابنة فرعون وابنها ومؤمن آل فرعون:

- ‌ذكر السحرة الذين آمنوا بموسى عليه الصلاة والسلام:

- ‌ذكر من كان بمصر من الحكماء في الدهر الأول:

- ‌ذكر قتل عوج بمصر:

- ‌ذكر عجائب مصر القديمة:

- ‌ذكر الأهرام:

- ‌ذكر ما قيل في الهرمين اللذين في الجيزة من الأشعار:

- ‌ذكر بناء الإسكندرية:

- ‌ذكر منارة الإسكندرية وبقية عجائبها:

- ‌ذكر دخول عمرو بن العاص مصر في الجاهلية:

- ‌ذكر كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس

- ‌ذكر بعث أبي بكر الصديق رضي الله عنه حاطبًا إلى المقوقس:

- ‌ذكر فتح مصر في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

- ‌ذكر الخلاف بين العلماء في مصر هل فتحت صلحا أو عنوة

- ‌فصل عن القضاعي لخص فيه قصة فتح مصر

- ‌ذكر الخطط:

- ‌ذكر بناء المسجد الجامع:

- ‌ذكر الدار التي بنيت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه فأمر بجعلها سوقا

- ‌ذكر أول من بنى بمصر غرفة:

- ‌ذكر حمام الفأر:

- ‌ذكر اختطاط الجيزة:

- ‌ذكر المقطم:

- ‌فصل عن ابن الجميزي وغيره عن الفتوى بهدم كل بناء بسفح المقطم

- ‌مدخل

- ‌ذكر جبل يشكر:

- ‌ذكر فتوح الفيوم:

- ‌ذكر فتح برقة والنوبة:

- ‌ذكر الجزية

- ‌ذكر المكس على أهل الذمة:

- ‌ذكر القطائع:

- ‌ذكر مرتبع الجند:

- ‌ذكر نهي الجند عن الزرع:

- ‌ذكر حفر خليج أمير المؤمنين:

- ‌ذكر انتقاض عهد الإسكندرية وسببه

- ‌ذكر رابطة الإسكندرية:

- ‌ذكر وسيم:

- ‌ذكر ما يقع بمصر قرب الساعة:

- ‌ذكر من دخل مصر من الصحابة رضي الله عنهم:

- ‌حرف الهمزة

- ‌حرف الباء:

- ‌حرف التاء:

- ‌حرف الثاء:

- ‌حرف الجيم:

- ‌حرف الحاء:

- ‌حرف الخاء:

- ‌حرف الدال:

- ‌حرف الذال:

- ‌حرف الراء:

- ‌حرف الزاي:

- ‌حرف السين:

- ‌حرف الشين:

- ‌حرف الصاد:

- ‌حرف الضاد:

- ‌حرف العين:

- ‌حرف الغين:

- ‌حرف الفاء:

- ‌حرف القاف:

- ‌حرف الكاف:

- ‌حرف اللام:

- ‌حرف الميم:

- ‌حرف النون:

- ‌حرف الهاء:

- ‌حرف الواو:

- ‌حرف لا:

- ‌حرف الياء:

- ‌باب الكنى:

- ‌باب المبهمات:

- ‌باب النساء:

- ‌تنبيه بشأن من عد المقوقس من الصحابة:

- ‌ذكر من كان بمصر من مشاهير التابعين الذين رووا الحديث

- ‌من صغار التابعين طبقة قتادة والزهري:

- ‌طبقة أخرى أصغر من التي قبلها وهي طبقة الأعمش وأبو حنيفة:

- ‌ذكر مشاهير أتباع التابعين الذين خَرَّج لهم أصحاب الكتب الستة من أهل مصر

- ‌ذكر من كان بمصر من الأئمة المجتهدين:

- ‌ذكر من كان بمصر من حفاظ الحديث:

- ‌ذكر من كان بمصر من المحدثين الذين لم يبلغوا درجة الحفظ والمنفردين بعلو الإسناد:

- ‌ذكر من كان بمصر من الفقهاء الشافعية:

- ‌ذكر من كان بمصر من الفقهاء المالكية:

- ‌ذكر من كان بمصر من الفقهاء الحنفية:

- ‌ذكر من كان بمصر من أئمة الفقهاء الحنابلة:

- ‌ذكر من كان بمصر من أئمة القراءات:

- ‌ذكر من كان بمصر من الصلحاء والزهاد والصوفية:

- ‌ذكر من كان بمصر من أئمة النحو واللغة:

- ‌ذكر من كان بمصر من أرباب المعقولات وعلوم الأوائل والحكماء والأطباء والمنجمين:

- ‌ذكر من كان بمصر من الوعاظ والقصاص:

- ‌ذكر من كان بمصر من المؤرخين:

- ‌ذكر من كان بمصر من الشعراء والأدباء:

- ‌ذكر أمراء مصر من حين فتحت إلى أن ملكها بنو عبيد:

- ‌ذكر أمراء مصر من بني عبيد:

الفصل: ‌ذكر من كان بمصر من الأئمة المجتهدين:

‌ذكر من كان بمصر من الأئمة المجتهدين:

1-

سليم بن عتر التجيبي المصري أبو سلمة. قاضي مصر وقاضيها وناسكها. من الطبقة الأولى من التابعين. شهد خطبة عمر بالجابية، وكان يُسمى الناسك لكثرة فضله وشدة عبادته، وكان يختم في كل ليلة ثلاثة ختمات، وهو أول من قص بمصر سنة ثلاثين، وولاه معاوية القضاء بها سنة أربعين، فأقام قاضيًا عشرين سنة. وهو أول من أسجل بمصر سجلًا في المواريث. مات بدمياط سنة خمس وسبعين (1) .

2-

أبو تميم الجيشاني عبد الله بن مالك بن أبي الأسجم الرُّعيي المصري "م، ن، ت". قرأ القرآن على معاذ، وروى عن عمر وعليّ، وعنه أبو الخير اليزني وغيره. قال في العبر: كان من عباد أهل مصر وعلمائهم. مات سنة سبع وسبعين (2) .

3-

أبو علقمة مولى بني هاشم (3) . قال الذهبي في التجريد: مصري فقيه، وقال ابن عدي: اسمه مسلم بن يسار، روى عن عثمان وابن مسعود وأبي هريرة وطائفة، وعنه أبو الزبير المكي. قال أبو حاتم: أحاديثه صحاح (4) .

4-

عبد الرحمن بن حجيرة (5) الخولاني أبو عبد الله المصري "الأربعة" قاضي مصر. روى عن ابن مسعود وأبي ذر وأبي هريرة، وكان عبد العزيز بن مروان يرزقه في السنة ألف دينار فلا يدخرها. وروى ابن لهيعة عن عبيد الله المغيرة أن رجلًا سأل ابن عباس عن مسألة، فقال: تسألني وفيكم ابن حُجيرة ولده (6) !

(1) الولاة والقضاة للكندي 303.

(2)

العبر 1: 88.

(3)

انظر العبر 1: 12.

(4)

على التصغير.

(5)

في الأصول: "أبو عبد الرحمن" والصواب أنه "عبد الله بن عبد الرحمن بن حجيرة" وانظر الجزء الثاني 2: 118.

(6)

تهذيب التهذيب 6: 160.

ص: 295

5-

عبد الله أبو عبد الرحمن. قاضي مصر أيضًا، روى عن أبيه وغيره، وكان عالمًا زاهدًا ورعًا، روى عنه عبد الله بن الوليد وغيره. وذكره ابن حبان في الثقات.

6-

مالك بن شراحيل قاضي مصر. مات سنة خمس وثمانين (1) .

7-

يونس بن عطية الحضرمي. قاضي مصر، وكان على الشرط أيضًا، مات سنة ست وثمانين (2) .

8-

أبو النجيب العامري السرحي المصري "د، ن". قيل: اسمه ظليم. روى عن ابن عمر وأبي سعيد، وعنه ابن بكر بن سوادة، وكان فقيهًا. مات بإفريقية سنة ثمان وثمانين (3) .

9-

أبو الخير مرثد بن عبد الله اليزني الحميري. روى عن ثابت وابن عمرو وأبي أمامة، وعقبة بن عامر الجهني، وعنه يزيد بن أبي حبيب وجعفر بن ربيعة وآخرون. قال ابن يونس: كان مفتي أهل مصر في زمانه، وكان عبد العزيز بن مروان يحضره فيجلسه للفتيا. وقال الذهبي في العبر: تفقه على عقبة بن عامر، وكان مفتي أهل مصر في وقته. مات سنة تسعين من الهجرة (4) .

10-

عبد الرحمن بن معاوية بن حديج الكندي أبو معاوية المصري قاضي مصر. روى عن أبيه وابن عمر، وعنه يزيد بن أبي حبيب. مات سنة خمس وتسعين (5) .

11-

عمر بن عبد العزيز الخليفة الصالح أمير المؤمنين "ع". ولد بمصر وأبوه أمير عليها سنة إحدى -وقيل ثلاث- وستين. قال الذهبي: وتفقه حتى بلغ رتبة الاجتهاد،

(1) الولاة والقضاة للكندي 321، قال:"ولي القضاء في المحرم سنة 83".

(2)

الولاة والقضاة 322.

(3)

. . . . . . . . . .

(4)

العبر 1: 105.

(5)

القضاة والولاة 324.

ص: 296

ومناقبه كثيرة. مات في رجب سنة إحدى ومائة (1) .

12-

حبيب بن الشهيد أبو مروان التجيبي مولاهم المصري (2)"د، هـ". فقيه طرابلس الغرب، من المتأخرين. حدث عن رويفع الأنصاري وعمر بن عبد العزيز، وعنه يزيد بن أبي حبيب. مات سنة تسع ومائة (3) .

13-

مكحول أبو عبد الله الفقيه "الأربعة". أحد الأئمة، عالم الشام. وقيل: إنه ولد بمصر، روى عن ثوبان وأبي أمامة وأنس وغيرهم، وعنه الزهري وأبو حنيفة وخلق. قال أبو حاتم: ما أعلم بالشام أفقه منه، مات سنة اثنتي عشرة ومائة، وقال ابن كثير: كان نوبيّا (4) .

14-

علي بن رباح اللخمي المصري "الأربعة". قال في العبر: كان من علماء زمانه، حمل عن عدة من الصحابة، مات وهو في عشر المائة "سنة" (5) أربع عشرة. وقيل: سنة سبع عشرة ومائة (6) .

15-

يحيى بن ميمون الحضرمي أبو عمرو المصري "د، ن". قاضي مصر. روى عن سهل بن سعد الساعدي وغيره، وعنه ابن لهيعة وجماعه، وثقه ابن حبان (7) .

16-

ثوبة بن نمر بن حومل الحضرمي أبو محجن المصري. قاضي مصر. روى عن ابن عفير عريف بن سريع، وعنه الليث وطائفة قال الدارقطني: جمع له القضاء والقصص بمصر. وكان فاضلًا عابدًا. توفي سنة عشرين ومائة (8) .

17-

نافع مولى ابن عمر (9)"ع". فقيه أهل المدينة. بعثه عمر بن عبد العزيز إلى

(1) تهذيب التهذيب 7: 475.

(2)

تهذيب التهذيب: "البصري".

(3)

تهذيب التهذيب 2: 185.

(4)

تهذيب التهذيب 10: 289.

(5)

من ح، ط.

(6)

العبر 1: 142.

(7)

تهذيب التهذيب 11: 290.

(8)

الولاة والقضاة 342.

(9)

وهو المعروف بأبي عبد الله المدني.

ص: 297

مصر يعلمهم السنن، فأقام بها مدة. ذكره الذهبي في العبر. مات سنة عشر، وقيل: عشرين ومائة (1) .

18-

جُعْثُل بن هاعان بن سعيد الرعيني القتباني المصري "الأربعة". روى عن ابن تميم الجيشاني، وعنه بكر بن سوادة. قال ابن يونس: كان أحد القراء الفقهاء، أمره عمر بن عبد العزيز بالخروج من مصر إلى المغرب ليقرئهم، وولي القضاء بإفريقية لهشام بن عبد الملك. توفي قريبًا من سنة خمس عشرة ومائة (2) .

19-

بكير بن عبد الله الأشج المدني الفقهيه "ع". نزيل مصر أبو عبد الله عن أبي أمامة سهل ومحمود بن لبيد، وعنه الليث وحماد. قال ابن المديني: لم يكن بالمدينة بعد كبار التابعين أعلم من ابن شهاب ويحيى الأنصاري وبكير بن الأشج. وقال ابن حبان: من ثقات أهل مصر وقرائهم. قال الذهبي: مات سنة اثنتين وعشرين ومائة (3) .

20-

بكر بن سوادة الجذامي بن ثمامة المصري الفقيه مفتي مصر "الأربعة".

روى عن ابن عمر وسهل بن سعد، وعنه عمر بن الحارث والليث. قال ابن يونس: توفي بإفريقية وقيل: بل غرق في بحار الإسكندرية سنة ثمان وعشرين ومائة (4) .

21-

أبو قبيل المعافري المصري حييّ (5) بن ناضر -بالمعجمة "ت، ن". روى عن عقبة بن عامر وابن عمرو، وعنه عمرو بن الحارث والليث. وكان له علم بالملاحم والفتن. مات سنة ثمان وعشرين ومائة (6) .

(1) العبر 1: 147، وذكر أنه مات سنة 117.

(2)

تهذيب التهذيب 2: 79.

(3)

تهذيب التهذيب 1: 491.

(4)

تهذيب التهذيب 1: 483.

(5)

تهذيب التهذيب: "جي بن هانئ بن ناضر".

(6)

تهذيب التهذيب 3: 73.

ص: 298

22-

خالد بن أبي عمران التجيبي مولاهم أبو عمر التونسي الفقيه "م". قاضي إفريقية. روى عن ابن عمر، ولم يسمع عنه، وعن عبد الله بن الحارث بن جزء، وعنه يحيى الأنصاري وابن لهيعة والليث. قال ابن سعد: كان ثقة، وكان لا يدلس. مات بإفريقية سنة تسع وعشرين ومائة (1) .

23-

يزيد بن أبي حبيب، واسمه سويد الأزدي، أبو رجاء المصري "ع". فقيه مصر وشيخها ومفتيها. لقي عبد الله بن الحارث بن جزء وروى عن سالم ونافع وعكرمة وعطاء وخلق، وعنه ابن لهيعة والليث وآخرون. قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث. وقال ابن يونس: كان مفتي أهل مصر؛ وهو أول من أظهر العلم بمصر والمسائل في الحلال والحرام. وقبل ذلك كانوا يتحدثون في الترغيب والملاحم والفتن؛ وهو أحد ثلاثة جعل إليهم عمر بن عبد العزيز الفتيا بمصر. وقال الليث: هو سيدنا وعالمنا. مات سنة ثمان وعشرين ومائة (2) .

24-

عبيد الله بن أبي جعفر المصري الفقيه أبو بكر، مولى بني أمية. عن أبي عبد الرحمن الحبلي والشعبي وعطاء ونافع وعدة، وعنه ابن لهيعة والليث. قال ابن سعد: وكان ثقة فقيه زمانه، وقال في العبر: أحد العلماء والزهاد، ولد سنة ستين، ومات سنة اثنتين -وقيل خمس، أو ست وثلاثين- ومائة (3) .

25-

جبر بن نعيم بن مرة الحضرمي المصري "م، ن". قاضي مصر، روى عن عطاء وأبي الزبير، وعنه الليث وابن لهيعة. قال الدارقطني: ولي القضاء والقصص بمصر، وقال يزيد بن أبي حبيب: ما أدركت من قضاة مصر أفقه منه. مات سنة سبع وثلاثين ومائة.

(1) تهذيب التهذيب 3: 110، طبقات ابن سعد 7:521.

(2)

طبقات ابن سعد 7: 513، وفيها "مات في خلافة مروان بن محمد".

(3)

طبقات ابن سعد 7: 514.

ص: 299

26-

خالد بن يزيد الجمحي مولاهم أبو عبد الرحيم المصري الفقيه "ع". عن عطاء والزهري، وعنه الليث. مات سنة تسع وثلاثين ومائة (1) .

27-

عمرو بن الحارث بن يعقوب بن عبد الله الأنصاري مولاهم أبو أمية المصري "ع". عن أبيه والزهري، وعنه مجاهد، وهو أكبر منه، وبكير بن الأشج وقتادة وهما من شيوخه، ومالك وابن وهب، وهو راويته. قال أبو حاتم: كان أحفظ أهل زمانه، وقال ابن وهب: ما رأيت أحفظ منه. مات سنة سبع -أو ثمان- وأربعين ومائة، وله ست وخمسون سنة (2) .

28-

حيوة بن شريح بن صفوان التجيبي أبو زرعة المصري "ع". الفقيه الزاهد العابد، أحد الزهاد والعلماء السادة. عن يزيد بن أبي حبيب، وعنه الليث. سئل عنه أبو حاتم، فقال: هو أحب إليّ من الليث بن سعد، ومن المفضل بن فضالة. وقال ابن المبارك: ما وصف لي أحد ورأيته إلا كانت رؤيته دون صفته إلا حيوة بن شريح، فإن رؤيته كانت أكبر من صفته. عرض عليه قضاء مصر فأبى. مات سنة ثمان وخمسين ومائة (3) .

29-

يحيى بن أيوب الغافقي المصري. عن بكير بن الأشج ويزيد بن أبي حبيب. قال في العبر: كان كثير العلم، فقيه النفس. مات سنة ثلاث وستين ومائة (4) .

30-

عبد الرحمن بن شريح المعافري أبو شريح. قال في العبر: كان ذا جلالة وفضل وعبادة، روى عن أبي قبيل وطبقته. مات بالإسكندرية سنة سبع وستين ومائة (5) .

(1) تهذيب التهذيب 3: 129.

(2)

تهذيب التهذيب 8: 14.

(3)

تهذيب التهذيب 3: 69.

(4)

العبر 1: 243.

(5)

العبر 1: 250.

ص: 300

31-

ابن لهيعة عبد الله بن عقبة (1) بن لهيعة الحضرمي المصري. أبو عبد الرحمن الفقيه، قاضي مصر ومسندها. عن عطاء وعمرو بن دينار والأعرج وخلق، وعنه الثوري والأوزاعي وشعبة، وماتوا قبله. وابن المبارك وخلق. وثقه أحمد وغيره، وضعفه يحيى القطان وغيره. مات بمصر يوم الأحد نصف ربيع الأول سنة أربع وستين ومائة (2) .

32-

الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي أبو الحارث المصري "ع". أحد الأعلام، ولد بقلقشندة سنة أربع وتسعين، وروى عن الزهري وعطاء ونافع وخلق، وعنه ابنه شعيب وابن المبارك وآخرون. قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث صحيحه، وكان قد اشتغل بالفتوى في زمانه بمصر، وكان سريًّا من رجال، نبيلًا سخيًّا له ضيافة. وقال يحيى بن بكير: ما رأيت أحدًا أكمل من الليث، كان فقيه النفس، عربي اللسان، يحسن القرآن والنحو، ويحفظ الحديث والشعر، حسن الذاكرة. وقال الشافعي: كان الليث أفقه من مالك إلا أنه ضيعه أصحابه (3) .

قال ابن كثير: وقد حكى بعضهم أنه ولي القضاء بمصر وهو غريب. وقال الذهبي في العبر: كان نائب مصر وقاضيها من تحت أوامر الليث، وإذا رابه من أحد شيء كاتب فيه فيُعزل، وقد أراده المنصور أن يلي إمرة مصر فامتنع.

مات يوم الجمعة رابع عشر شعبان سنة خمس وسبعين ومائة، كذا ذكره غير واحد. وقال ابن سعد: سنة خمس وستين. وحكى ابن خلكان أنه سمع قائل يقول يوم مات الليث:

(1) تهذيب التهذيب: "عبد الله بن لهيعة بن عقبة".

(2)

تهذيب التهذيب 5: 373.

(3)

طبقات ابن سعد 7: 517.

ص: 301

ذهب الليث فلا ليث لكم

ومضى العلم غريبًا وقُبِر

فالتفتوا فلم يروا أحدًا (1) .

33-

عثمان بن الحكم الجذامي. قال ابن فرحون: مشهور من أصحاب مالك المصريين، وهو أول من أدخل علم مالك مصر، ولم يأت مصر أنبل منه.

روى عن مالك وابن جريج وموسى بن عقبة وسعيد بن أبي مريم. مات سنة ثلاثين وستين ومائة (2) .

34-

طليب بن كامل اللخمي. من كبار أصحاب مالك وجلسائه، أبو خالد. أصله أندلسي سكن الإسكندرية، روى عنه ابن القاسم وابن وهب، وبه تفقه ابن القاسم قبل رحلته إلى مالك. مات في حياة مالك بالإسكندرية سنة ثلاث وسبعين ومائة (3) .

35-

المفضل بن فضالة بن عبيد الرعيني أبو معاوية المصري الفقيه "د، ت، هـ" قاضي مصر. عن يزيد بن أبي حبيب وخلق، وعنه قتيبة وغيره. وكان زاهدًا ورعًا قانتًا مجاب الدعوة. مات سنة إحدى وثمانين ومائة عن أربع وسبعين سنة.

36-

عبد الله بن وهب بن مسلمة المصري الفهري مولاهم أبو محمد الخير. أحد الأعلام. ولد في ذي القعدة سنة خمس وعشرين ومائة، وروى عن مالك والسفيانين وغيرهم. قال ابن عدي: من جلة الناس وثقاتهم، لا أعلم له حديثًا منكرًا، تفقه بمالك والليث. وقال ابن يونس: جمع بين الفقيه والرواية والعبادة، وله تصانيف كثيرة، وكانوا أرادوه على القضاء فتغيب.

(1) ابن خلكان 1: 439.

(2)

الديباج المذهب 187.

(3)

الديباج المذهب 130.

ص: 302

وقال ابن فرحون. قالوا: لم يكتب مالك لأحد بالفقيه إلا إلى ابن وهب، فكان يكتب إليه: إلى عبد الله بن وهب فقيه مصر، وإلى أبي محمد المفتي؛ ولم يكن يفعل هذا لغيره. وقال فيه ابن وهب عالم، وابن القاسم فقيه (1) .

وقال أحمد بن صالح. ما رأيت أكثر حديثًا منه، حدث بمائة ألف حديث، قرئ عليه كتابه في أهوال القيامة، فخر مغشيًّا عليه، فلم يتكلم بكلمة حتى مات بعد أيام. وذلك في شعبان سنة سبع وتسعين ومائة (2) .

37-

عبد الرحمن بن القاسم بن خالد العتقي المصري أبو عبد الله الفقيه "خ، ن" راوية (3) المسائل عن مالك، روى عن أبي عيينة وغيره، وعنه أصبغ

وسحنون وآخرون. قال ابن حبان: كان حبرًا فاضلًا، تفقه على مذهب مالك، وفرع على أصوله، ولد سنة ثمان وعشرين ومائة، ومات في صفر سنة إحدى وتسعين ومائة. وكان زاهدًا صبورًا مجانبًا للسلطان (4) .

38-

الإمام الشافعي أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد الله بن عبد يزيد بن هشام بن الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف، جد رسول الله صلى الله عليه وسلم. والسائب جده صحابي أسلم يوم بدر؛ وكذا ابنه شافع، لقي النبي صلى الله عليه وسلم وهو مترعرع.

ولد الشافعي سنة خمسين ومائة بغزة أو بعسقلان أو اليمن أو منى -أقوال- ونشأ بمكة، وحفظ القرآن وهو ابن سبع سنين، والموطأ وهو ابن عشر، وتفقه على مسلم بن خالد الزنجي مفتي مكة، وأذن له في الإفتاء وعمره خمس عشرة سنة، ثم لازم مالكًا

(1) الديباج المذهب 130.

(2)

تهذيب التهذيب 10: 273.

(3)

ح "راوي".

(4)

تهذيب التهذيب 6: 71.

ص: 303

بالمدينة، وقدم بغداد سنة خمس وتسعين، فاجتمع عليه علماؤها، وأخذوا عنه وصنف بها كتابه القديم، ثم عاد إلى مكة، ثم خرج إلى بغداد سنة خمس وتسعين، فأقام بها شهرًا، ثم خرج إلى مصر. وصنف بها كتبه الجديدة كالأم والأمالي الكبرى والإملاء الصغير ومختصر البويطي ومختصر المزني ومختصر الربيع والرسالة والسنن. قال ابن زولاق: صنف الشافعي نحوًا من مائتي جزء. ولم يزل بها ناشرًا للعلم، ملازمًا للإشغال بجامع عمرو إلى أن أصابته شديدة فمرض بسببها أيامًا، ثم مات يوم الجمعة سلخ رجب سنة أربع ومائتين.

قال ابن عبد الحكم: لما حملت أم الشافعي به رأت كأن المشتري خرج من فرجها حتى انقض بمصر، ثم وقع في كل بلد منه شظية؛ فتأول أصحاب الرؤيا أنه يخرج عالم يخص علمه أهل مصر، ثم يتفرق في سائر البلدان.

وقال الإمام أحمد: إن الله تعالى يقيض للناس في رأس كل مائة سنة من يعلمهم السنن، وينفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب؛ فنظرنا فإذا في رأس المائة عمر بن عبد العزيز، وفي رأس المائتين الشافعي.

وقال الربيع: كان الشافعي يفتي وله خمس عشرة سنة؛ وكان يحيي الليل إلى أن مات.

وقال أبو ثور: كتب عبد الرحمن بن مهدي إلى الشافعي أن يضع له كتابًا فيه معاني القرآن، ويجمع قبول الأخيار فيه وحجة الإجماع وبيان الناسخ والمنسوخ من القرآن والسنة، فوضع له كتاب الرسالة.

قال الإسنوي: الشافعي أول من صنف في أصول الفقه بالإجماع، وأول من قرر ناسخ الحديث من منسوخه، وأول من صنف في أبواب كثيرة من الفقه معروفة (1) .

(1) تهذيب التهذيب 9: 25.

ص: 304

39-

إسحاق بن الفرات أبو نعيم التجيبي "ن". صاحب مالك، قاضي ديار مصر. قال الشافعي: ما رأيت بمصر أعلم باختلاف الناس من إسحاق بن الفرات. روى عن الليث وغيره. مات بمصر سنة أربع ومائتين (1) .

40-

أشهب بن عبد العزيز العامري أبو عمرو "د، ن" فقيه ديار مصر، صاحب مالك. انتهت إليه الرياسة بمصر بعد ابن القاسم، قال الشافعي: ما أخرجت مصر أفقه من أشهب لولا طيش فيه. وكان محمد بن عبد الله بن عبد الحكم يفضل أشهب على ابن القاسم. وقال ابن عبد البر: كان فقيهًا حسن الرأي والنظر، ولد سنة أربعين ومائة، ومات سنة أربع ومائتين؛ قيل: اسمه مسكين، وأشهب لقب (2) .

41-

عبد الله بن عبد الحكم بن أعين بن ليث بن رافع المصري أبو محمد "ن". كان من جلة أصحاب مالك، ألقيت إليه الرياسة بمصر بعد أشهب، وله مصنفات في الفقه وغيره. وقال ابن حبان: كان ممن عقد على مذهب مالك وفرع على أصوله. روى عن مالك وابن لهيعة والليث، وعنه بنوه: محمد وعبد الرحمن وسعد ومحمد بن عبد الله بن نمير وآخرون. وثقه أبو زرعة وغيره. ولد سنة خمس وخمسين ومائة ومات في رمضان سنة خمس عشرة، وقيل: أربع عشرة ومائتين. ودفن إلى جانب الشافعي (3) .

42-

إسحاق بن بكر بن مضر المصري الفقيه "م، ن". قال ابن يونس: كان فقيهًا مفتيًا، وكان يجلس في حلقة الليث، ويفتي بقوله ويحدث. قال في العبر: لا أعلمه روى عن غير أبيه. مات بمصر سنة ثماني عشرة ومائتين (4) .

43-

عثمان بن صالح بن صفوان السهمي أبو يحيى المصري قاضي مصر، روى

(1) الديباج المذهب 96.

(2)

الديباج المذهب 98.

(3)

الديباج المذهب 134.

(4)

العبر 1: 373.

ص: 305

عن مالك والليث وابن وهب، وعنه البخاري وابن معين وأبو حاتم وخلق. مات في المحرم سنة تسع عشرة ومائتين (1) .

44-

أحمد بن صالح المصري أبو جعفر "خ، د". أحد الحفاظ المبرزين، والأئمة المذكورين؛ كان إمامًا فقيهًا نظارًا متقنًا، رأسًا في الحديث وعلله، إمامًا في القراءات والفقه والنحو. قرأ على ورش وقالون، وسمع من ابن وهب وغيره. روى عنه البخاري وأبو داود، وكان يرى في الجنب إذا لم يقدر على الماء لبرد أنه يتوضّا ويُجزئه. ولد سنة سبعين ومائة، ومات في ذي القعدة سنة ثمان وأربعين ومائتين (2) .

45-

ابن عم الشافعي، محمد بن عبد الله بن محمد بن العباس بن عثمان بن شافع. قال العبّادي في طبقاته: كان من فقهاء أصحاب الشافعي، وله مناظرات مع المزني، وتزوج بابنة الشافعي زينب فأولدها "أحمد"(3) .

46-

ابن بنت الشافعي أبو بكر -أو أبو عبد الرحمن أو أبو محمد- أحمد. وَلَد ابن عم الشافعي المذكور؛ قال العبادي: تفقه بأبيه، وروى الكثير عنه عن الشافعي، وله أوجه منقولة في المذهب. قال أبو الحسين الرازي: كان واسع العلم، فاضلًا، لم يكن في آل شافع بعد الإمام أجل منه.

47-

البويطي أبو يعقوب يوسف بن يحيى القرشي "ت" الإمام الجليل؛ أحد أئمة الإسلام وأركانه وزهاده. كان خليفة الشافعي في حلقته بعده. قال الشافعي: ليس أحد أحق بمجلسي من أبي يعقوب، وليس أحد من أصحابي أعلم منه. وكان ابن أبي الليث الحنفي قاضي مصر يحسده، فسعى به إلى الواثق بالله أيام المحنة بخلق القرآن،

(1) تهذيب التهذيب 7: 122.

(2)

تهذيب التهذيب 1: 39، طبقات الشافعي 1:186.

(3)

من ح، ط.

ص: 306

فأمر بحمله إلى بغداد مغلولًا مقيدًا، وأريد منه القول بذلك، فامتنع؛ فجلس ببغداد إلى أن مات في القيد والسجن يوم الجمعة من رجب سنة إحدى وثلاثين. وكان الشافعي له كرامة "يقول له" (1) : أنت تموت في الحديد (2) .

48-

حرملة بن يحيى بن عبد الله التجيبي أبو حفص المصري صاحب الشافعي. قال النووي في شرح المهذب: له مذهب لنفسه، وقال السبكي في الطبقات: هو صاحب وجه. وقال الإسنوي: كان إمامًا حافظًا للحديث والفقه، صنف المبسوط والمختصر، وروى عنه مسلم وابن ماجه. ولد سنة ست وستين ومائة، ومات في شوال سنة ثلاث وأربعين ومائتين (3) .

49-

المزني أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن عمرو بن إسحاق، الإمام الجليل، ناصر المذهب، قال فيه الشافعي: لو ناظر الشيطان لغلبه، وكان إمامًا ورعًا زاهدًا مجاب الدعوة، متقللًا من الدنيا. قال الرافعي: المزني صاحب مذهب مستقل. قال الإسنوي: صنف كتبًا، منها المبسوط، والمختصر، والمنثور، والمسائل المعتبرة، والترغيب في العلم، وكتاب الوثائق والعقارب؛ سمي بذلك لصعوبته، وصنف كتابًا مفردًا على مذهبه لا على مذهب الشافعي. كذا ذكره البندنيجي في تعليقه. وكان إذا فاتته صلاة في الجماعة صلاها خمسًا وعشرين مرة، ويُغَسِّل الموتى تعبدًا واحتسابًا، ويقول: أفعله ليرق قلبي، وكان جبل علم، مناظرًا محجاجًا. ولد سنة خمس وسبعين ومائة، وتوفي لست بقين من رمضان سنة أربع وستين ومائتين، ودفن قريبًا من قبر الشافعي (4) .

(1) من ح، ط.

(2)

طبقات الشافعية 1: 275، طبقات الشافعية 1:275.

(3)

طبقات الشافعية 1: 257.

(4)

ابن خلكان 1: 71.

ص: 307

50-

أصبغ بن الفرج بن سعيد بن نافع الأموي أبو عبد الله المصري. "ح، د، ت، ن" الفقيه مفتي أهل مصر. عن عبد الرحمن بن القاسم وابن وهب، وعنه البخاري وأبو حاتم. قال ابن معين: كان من أعلم خلق الله كلهم برأي مالك. وقال أبو حاتم: كان من أجل أصحاب ابن وهب. وقال ابن يونس: كان مضطلعًا بالفقه والنظر. وله تصانيف حسان. وقال بعضهم: ما أخرجت مصر مثل أصبغ، وقال ابن اللباد: ما انفتح لي طريق الفقه إلا من أصول أصبغ. ولد بعد الخمسين ومائة، ومات يوم الأحد لأربع بقين من شوال سنة خمس وعشرين ومائتين (1) .

51-

سعيد بن كثير بن عفير أبو عثمان المصري "خ، ن". الحافظ العلامة قاضي الديار المصرية، روى عن مالك والليث، وكان فقيهًا نسابة إخباريًّا، شاعرًا

كثير الاطلاع قليل المثل، صحيح النقل. ولد سنة ست وأربعين ومائة، ومات سنة ست وعشرين ومائتين (2) .

52-

عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد المصري "م، د، ن". عن أبيه وابن وهب، وعنه مسلم وأبو داود والنسائي. قال في العبر: كان أحد الفقهاء، مات سنة ثمان وأربعين ومائتين (3) .

53-

الحارث بن مسكين بن محمد بن يوسف الأموي أبو عمرو المصري "د، ن". الحافظ الفقيه العلامة، روى عنه أبو داود والنسائي. قال الخطيب: كان فقيهًا على مذهب مالك. ثقة في الحديث، ثبتا. وله تصانيف. ولد سنة أربع وخمسين ومائة، ومات ليلة الأحد لثلاث بقين من ربيع الأول سنة خمسين ومائتين (4) .

(1) ابن خلكان 1: 79.

(2)

تهذيب التهذيب 4: 74.

(3)

تهذيب التهذيب 6: 398.

(4)

الديباج المذهب 106، طبقات الشافعية 1:249.

ص: 308

54-

أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح الأموي مولاهم المصري الحافظ الفقيه العلامة "م، د، ن". روى عن ابن عيينة وابن وهب، وعنه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه، والسرح هو طاهر بن وهب. قال أبو حاتم: كان ثقة فهمًا من الصالحين الأثبات. مات يوم الاثنين رابع عشرة ذي القعدة سنة خمسين ومائتين. وذكره ابن فرحون في طبقات المالكية، وقال: كان فقيهًا ثقة صدوقًا (1) .

55-

محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري أبو عبد الله "ن". ولد سنة اثنتين وثمانين ومائة، وأخذ مذهب مالك عن ابن وهب، وأشهب، فلما قدم الشافعي مصر صحبه، وتفقه به، فلما مات الشافعي رجع إلى مذهب مالك. وانتهت إليه الرياسة بمصر. قال ابن يونس: كان المفتي بمصر في أيامه. وقال غيره: كان من العلماء الفقهاء، مبرزًا، من أهل النظر والمناظرة والحجة، وإليه كانت الرحلة من الغرب والأندلس في العلم والفقه، وكان فقيه مصر في عصره على مذهب مالك، ورسخ في مذهب الشافعي، وربما تخير قوله عند ظهور الحجة، وكان أفقه أهل زمانه؛ له مصنفات كثيرة. مات يوم الأربعاء ثاني ذي القعدة سنة ثمان وستين ومائتين (2) .

56-

يونس بن عبد الأعلى بن موسى الصدفي المصري الإمام أبو موسى الفقيه المقري المحدث "م، ن، هـ". روى عن ابن عيينة، وتفقه على الشافعي، وقرأ على ورش، وتصدر للإقراء والفقه، وانتهت إليه رياسة العلم وعلو الإسناد في الكتاب والسنة. قال يحيى بن حبان: يونس كان ركنًا من أركان الإسلام، وكان ورعًا صالحًا عابدًا كبير الشأن. ولد في ذي الحجة سنة سبعين ومائة، ومات في ربيع الآخر سنة أربع وستين ومائتين، روى عنه مسلم والنسائي وابن ماجه (3) .

(1) طبقات الشافعية 1: 199، الديباج المذهب 35، وفيه:"أحمد بن عمر".

(2)

طبقات الشافعية 1: 223.

(3)

طبقات الشافعية 1: 279.

ص: 309

57-

ابن الموّاز العلامة أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الإسكندراني. صاحب التصانيف، أخذ عن أصبغ بن الفرج وعبد الله بن عبد الحكم، وانتهت إليه الرياسة في مذهب مالك، وإليه كان المنتهى في تفريع المسائل، وله اختيارات خارجة عن مذهب مالك؛ منها وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة. مات سنة إحدى وثمانين ومائتين (1) .

58-

قاسم بن محمد بن قاسم الأموي مولاهم. القرطبي الفقيه. محدث الأندلس. قال في العبر: له رحلتان إلى مصر، وتفقه على الحارث بن مسكين وابن عبد الحكم. وكان مجتهدًا لا يقلد. قال رفيقه بقيّ بن مخلد: هو أعلم من محمد بن عبد الله بن عبد الحكم. وقال ابن عبد الحكم: لم يقدم علينا من الأندلس أعلم من قاسم. وقال محمد بن عمر بن لبابة: ما رأيت أفقه منه، روى عن إبراهيم بن المنذر الخزامي وطبقته. مات سنة ست وسبعين ومائتين (2) .

59-

محمد بن نصر المروزي الإمام أبو عبد الله. أحد أئمة الفقهاء. ولد ببغداد، ونشأ بنيسابور، وأقام بمصر مدة ورجع؛ فاستوطن سمرقند. كان من أعلم الناس باختلاف الصحابة والتابعين فمن بعدهم؛ وله تصانيف جليلة. وكان رأسًا في الفقه، رأسًا في الحديث، رأسًا في العبادة، وقال شيخه في الفقه محمد بن عبد الله بن الحكم: كان محمد بن نصر عندنا إمامًا؛ فكيف بخراسان! وقال غيره: لم يكن للشافعية في وقته مثله. وعنه أنه قال: مكثت في مصر مدة أنفق فيها في كل سنة عشرين درهمًا. مات في المحرم سنة أربع وتسعين ومائتين وهو في عشر التسعين.

قال ابن كثير في تاريخه: رُوي أنه اجتمع في الديار المصرية محمد بن نصر ومحمد بن

(1) الديباج المذهب 232.

(2)

العبر 2: 57.

ص: 310

جرير ومحمد بن المنذر؛ فجلسوا في بيت يكتبون الحديث؛ ولم يكن عندهم في ذلك اليوم شيء يقتاتونه؛ فاقترعوا فيما بينهم من يسعى لهم في شيء يأكلونه؛ ليدفعوا عنه ضرورتهم، فجاءت القرعة على أحدهم؛ فنهض إلى الصلاة، فجعل يصلي، ويدعو الله؛ وذلك وقت القيلولة، فرأى نائب مصر وهو نائم وقت القيلولة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يقول له: أنت هاهنا والمحمدون ليس عندهم شيء يقتاتونه! فانتبه الأمير من منامه؛ فسأل: من هاهنا من المحمدين؟ فذُكر له هؤلاء الثلاثة، فأرسل إليهم في الساعة بألف دينار (1) .

ويشبه هذا ما حكاه ابن كثير أيضًا في ترجمة الحسن بن سفيان الفسوي محدث خراسان، قال: من غريب ما اتفق له أنه كان هو وجماعة من أصحابه بمصر في رحلتهم للحديث؛ منهم محمد بن خزيمة ومحمد بن جرير ومحمد بن هارون الروياني؛ فضاق عليهم الحال حتى مكثوا ثلاثة أيام لا يأكلون شيئًا؛ واضطرهم الحال إلى السؤال؛ فأنفت نفوسهم من ذلك؛ ثم ألجأتهم الضرورة إلى تعاطي ذلك؛ فاقترعوا فيما بينهم، فوقعت القرعة على الحسن بن سفيان، فقام فاختلى في زاوية المسجد الذي هم فيه فصلى ركعتين طال فيها، واستغاث بالله وسأله بأسمائه العظام؛ فما انصرف من الصلاة حتى دخل المسجد رجل، فقال: أين الحسن ورفقته؟ فقالوا: ها نحن، فقال: الأمير ابن طولون يقرأ عليكم السلام، ويعتذر إليكم في تقصيره؟ وهذه مائة دينار؛ لكل واحد منكم؛ فقالوا له: ما الحامل له على هذا؟ فقال: إنه أحب اليوم أن يختلي بنفسه؛ فبينما هو الآن نائم إذ جاءه فارس في الهواء، بيده رمح؛ فدخل عليه المنزل، ووضع عقب الرمح في خاصرته، فوكزه به، وقال: قم فأدرك الحسن بن سفيان وأصحابه

(1) تاريخ ابن كثير 11: 102-103.

ص: 311

قم فأدركهم، قم فأدركهم، قم فأدركهم؛ فإنهم منذ ثلاثة أيام جياع في المسجد الفلاني، فقال له: من أنت؟ قال: أنا رضوان خازن الجنان؛ فاستيقظ الأمير وخاصرته تؤلمه ألما شديدا؛ فبعث بالنفقة في الحال؛ ثم جاء لزيارتهم، واشترى ما حول ذلك المسجد، ووقفه على الواردين إليه (1) .

60-

أبو عبيد بن حربويه علي بن الحسين بن حرب بن عيسى البغدادي قاضي مصر. أحد الأئمة. تفقه على أبي ثور؛ وكان يوافقه في كثير من اختياراته، ويوافق الشافعي تارة، وله اختيارات انفرد بها في نفسه، ومن مذهبه أنه منع من تعجيل الزكاة، وأوجب اجتناب الحائض في جميع بدنها.

قال النووي: وقد خالف في ذلك إجماع المسلمين، ولي قضاء واسط، ثم إقليم مصر، فأقام بها مدة طويلة، وكانت الخلفاء تعظمه، ثم استعفى من القضاء فأُعفِيَ، وعاد إلى بغداد، فمات بها في صفر سنة تسع وثلاثمائة (2) .

61-

أبو بكر محمد بن عبد الله الصيرفي. قال الذهبي في العبر: له مصنفات في المذهب، وهو صاحب وجه. توفي بمصر في رجب سنة ثلاثين وثلاثمائة (3) .

62-

أبو إسحاق المروزي إبراهيم بن أحمد. أحد أئمة الدين، وأحد أصحاب الوجوه. تفقه على ابن سريج، وكان إماما جليلا غواصا على المعاني الدقيقة، بحرا خضما، ورعا زاهدا، انتهت إليه رياسة العلم ببغداد، وانتشر الفقه عن أصحابه في البلاد، وشرح مختصر المزني، وصنف الأصول، ثم انتقل في آخر عمره إلى مصر سنة القرامطة، وجلس في مجلس الشافعي، واجتمع الناس عليه، وضربوا إليه أكباد الإبل،

(1) طبقات الشافعية 2: 24.

(2)

الولاة والقضاة 481.

(3)

العبر 2: 221.

ص: 312

وسار في الآفاق من مجلسه سبعون إماما من أصحاب الحديث. توفي بمصر سابع رجب سنة أربعين وثلاثمائة، ودفن عند الإمام الشافعي (1) .

63-

أبو بكر بن الحداد محمد أحمد بن جعفر الكناني المصري. الإمام الجليل، أحد أصحاب الوجوه. ولد يوم موت المزني، وأخذ الفقه عن أبي سعيد محمد بن عقيل الفريابي وبشر بن نصر بن غلام الله عرف وجالس أبا إسحاق المروزي لما ورد مصر، ودخل إلى بغداد، فاجتمع بابن جرير، وأخذ العربية عن محمد بن ولاد، وروى الحديث عن جماعة؛ منهم أبو عبد الرحمن النسائي ولزمه، وتخرج به؛ يعرف الأسماء والكنى والنحو واللغة واختلاف الفقهاء وأيام

الناس وسائر الجاهلية والشعر والنسب، وكان كثير التعبد يصوم يوما ويفطر يوما، ويختم في كل يوم وليلة ختمة. ولي القضاء بمصر، وصنف الباهر في الفقه في مائة جزء، وكتاب جامع الفقه، وكتاب أدب القضاء في أربعين جزءا، وكتاب المولدات وهو مشهور. مات في المحرم -وقيل في صفر- سنة أربع -وقيل: خمس- وأربعين وثلاثمائة، ودفن بسفح المقطم (2) .

64-

الماسرجسي أبو الحسن محمد بن علي بن سهل النيسابوري شيخ القاضي أبي الطيب. أحد أصحاب الوجوه. قال الحاكم: كان من أعرف أصحابنا للمذهب. أخذ عن أبي إسحاق المروزي، وصحبه إلى مصر، ولازمه إلى أن توفي، فانصرف إلى بغداد، ودرس بها؛ ثم إلى خراسان، ومات بها يوم الأربعاء سادس جمادى الآخرة سنة أربع وثمانين وثلاثمائة، وهو ابن ست وسبعين سنة (3) .

65-

ابن شعبان أبو إسحاق محمد بن القاسم بن شعبان. كان رأس فقهاء المالكية

(1) العبر 2: 252.

(2)

العبر 2: 264.

(3)

العبر 3: 26.

ص: 313

بمصر في وقته، وأحفظهم لمذهب مالك، وكان شيخ الفتوى، حافظ البلد، انتهت إليه رياسة المالكية بمصر، وله تصانيف وأقوال وترجيحات. مات في جمادى الأولى سنة خمس وخمسين وثلاثمائة (1) .

66-

القاضي عبد الوهاب بن علي بن نصر أبو محمد البغدادي أحد الأعلام، وأحد أئمة المالكية المجتهدين في المذهب، له أقوال وترجيحات. تفقه على ابن القصار وابن الجلاب، وانتهت إليه رياسة المذهب. قال الخطيب: لم أر في المالكية مثله، ولا أفقه منه. ولي قضاء داريا ونحوها، وتحول إلى مصر لضيق حاله ببغداد، فأكرم بها، وتمول وسعد جدا فأدركه الموت، فكان يقول في مرضه: لا إله إلا الله، عندما عشنا متنا! مات بمصر في شعبان سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة عن ستين سنة (2) .

67-

الحسن بن الخطير أبو النعماني الفارسي. كان فقيها حنفيا عالما بالتفسير والحساب والهيئة والطب، مبرزا في النحو واللغة والعروض والأدب والتاريخ، ألف تفسيرا، وشرح الجمع بين الصحيحين للحميدي، وكتابا في اختلاف الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار. أقام بالقاهرة مدة يدرس إلى أن مات بها سنة ثمان وتسعين وخمسمائة. وكان يقول: قد انتحلتُ مذهب أبي حنيفة، وأنتصرُ له فيما وافق اجتهادي (3) .

68 -

الشيخ عز الدين بن عبد السلام بن عبد العزيز بن أبي القاسم بن حسن بن محمد بن مهذب السلمي أبو محمد. شيخ الإسلام، سلطان العلماء. ولد سنة سبع - أو ثمان - وسبعين وخمسمائة، وتفقه على الفخر بن عساكر، وأخذ الأصول عن السيف الأبذي، وسمع الحديث من عمر بن طبرزد وغيره، وبرع في الفقه والأصول العربية. قال

(1) الديباج المذهب 248.

(2)

العبر 3: 149.

(3)

الجواهر المضية 1: 191

ص: 314

الذهبي في العبر: انتهت إليه معرفة المذهب، مع الزهد والورع، وبلغ رتبة الاجتهاد، وقدم مصر، فأقام بها أكثر من عشرين سنة؛ ناشرا العلم، آمرا بالمعروف، ناهيا للمنكر، يغلظ على الملوك فمن دونهم. ولما دخل مصر بالغ الشيخ زكي الدين المنذري في الأدب معه، وامتنع من الإفتاء لأجله، وقال: كنا نفتي قبل حضوره، وأما بعد حضوره فمنصب الفتيا متعين فيه. وألقى التفسير بمصر دروسا. وهو أول من فعل ذلك.

وله من المصنفات: تفسير القرآن، ومجاز الفرسان، والفتاوي الموصلية، ومختصر النهاية، وشجرة المعارف، والقواعد الكبرى والصغرى، وبيان أحوال الناس يوم القيامة.

وله كرامات كثيرة، ولبس خرقة التصوف من الشهاب السهروردي. وكان يحضر عند الشيخ أبي الحسن الشاذلي: قيل لي: ما على وجه الأرض مجلس في الفقه أبهى من مجلس الشيخ عز الدين بن عبد السلام، وما على وجه الأرض مجلس في الحديث أبهى من مجلس الشيخ زكي الدين عبد العظيم، وما على وجه الأرض مجلس في علم الحقائق أبهى من مجلسك!

وقال ابن كثير في تاريخه: انتهت إليه رياسة المذهب، وقصد بالفتاوي من الآفاق، ثم كان في آخر عمره لا يتقيد بالمذهب، بل اتسع نطاقه، وأفتى بما أدى إليه اجتهاده. وقال تلميذه ابن دقيق العيد: كان ابن عبد السلام أحد سلاطين العلماء.

وقال الشيخ جمال الدين بن الحاجب: ابن عبد السلام أفقه من الغزالي. وحكى القاضي عز الدين البكاري أن الشيخ عز الدين بن عبد السلام أفتى مرة بشيء، ثم ظهر له أنه أخطأ، فنادى في مصر والقاهرة على نفسه: من أفتى له ابن عبد السلام بكذا، فلا يعمل به،

ص: 315

فإنه خطأ. قال القطب اليونيني: وكان مع شدته وصلابته حسن المحاضرة بالنوادر والأشعار، يحضر السماع ويرقص فيه.

وقال ابن كثير: كان لطيفا يستشهد بالأشعار، توفي بمصر عاشر جمادى الأولى سنة ستين وستمائة (1) .

69-

القرافي العلامة شهاب الدين أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن الصنهاجي البهنسي المصري. أحد الأعلام. انتهت إليه رياسة المالكية في عصره، وبرع في الفقه وأصوله والعلوم العقلية، ولازم الشيخ عز الدين بن عبد السلام الشافعي، وأخذ عنه أكثر فنونه، وألف التصانيف الشهيرة كالذخيرة والقواعد وشرح المحصول والتنقيح في الأصول وشرحه وغير ذلك. قال القاضي تقي الدين بن شكر: أجمع المالكية والشافعية على أن أفضل عصرنا بالديار المصرية ثلاثة: القرافي، وناصر الدين بن المنير وابن دقيق العيد. مات في جمادى الآخرة سنة أربع وثمانين وستمائة ودفن بالقرافة (2) .

70-

ابن المنير العلامة ناصر الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن منصور الجذامي الإسكندراني. أحد الأئمة المتبحرين في العلوم من التفسير والفقه والأصلين والنظر والعربية والبلاغة والأنساب. أخذ عن جماعة منهم ابن الحاجب. وكان الشيخ عز الدين بن عبد السلام يقول: الديار المصرية تفتخر برجلين في طرفيها: ابن دقيق العيد بقوص وابن المنير بالإسكندرية. ومن تصانيفه تفسير القرآن والانتصاف من الكشاف وأسرار الإسراء، ومناسبات تراجم البخاري، ومختصر التهذيب في الفقه. ولد سنة عشرين

(1) البداية والنهاية لابن كثير 13: 235.

(2)

الديباج المذهب 62.

ص: 316

وستمائة. ومات في أول ربيع الأول سنة ثلاث وثمانين بالإسكندرية (1) .

71-

أخوه زين الدين علي قاضي الإسكندرية بعد أخيه. قرأ على ابن الحاجب وغيره، وكان بعض الفضلاء يفضله على أخيه، وإن كان هو أشهر منه. وله شرح عظيم على البخاري. قال ابن فرحون (2) : وكان ممن له أهلية الترجيح والاجتهاد في مذهب مالك.

72-

ابن دقيق العيد الشيخ تقي الدين أبو الفتح محمد بن الشيخ مجد الدين علي بن وهب بن مطيع القشيري القوصي. قال ابن السبكي في الطبقات: شيخ الإسلام الحافظ الزاهد الورع الناسك المجتهد المطلق ذو الخبرة التامة بعلوم الشريعة، الجامع بين العلم والدين، والسالك سبيل السادة الأقدمين. أكمل المتأخرين. ولد بظهر البحر الملح قريبا من ساحل الينبع وأبواه متوجهان من قوص للحج يوم السبت خامس عشرين شعبان سنة خمس وعشرين وستمائة، ونشأ بقوص وتفقه بها، ثم رحل إلى مصر والشام، وسمع الكثير. وأخذ من الشيخ عز الدين بن عبد السلام، وحقق العلوم، ووصل إلى درجة الاجتهاد، وانتهت إليه رياسة العلم في زمانه، وشدت إليه الرحال. قال الحافظ فتح الدين بن سيد الناس: لم أر مثله فيمن رأيت، ولا حملت عن أجل منه فيمن رويت. وكان للعلوم جامعا، وفي فنونها بارعا؛ مقدما في معرفة علل الحديث على أقرانه، منفردا بهذا الفن النفيس في زمانه، بصيرا بذلك، شديد النظر في تلك المسالك، أذكى ألمعية، وأزكى لوذعية، لا يشق له غبار، ولا يجري معه سواه في مضمار، وكان حسن الاستنباط للأحكام والمعاني من السنة والكتاب، بنُكَت تسحر الألباب، وفكر تستفتح له ما استغلق على غيره من الأبواب، مستعينا على ذلك بما رواه من العلوم،

(1) فوات الوفيات 1: 72.

(2)

الديباج المذهب 214.

ص: 317

مبينا ما هنالك بما حواه من مدارك الفهوم، مبرزا في العلوم النقلية والعقلية، والمسالك الأثرية والمدارك النظرية، بحيث يقضى له من كل علم بالجميع، وسمع بمصر والشام والحجاز، على تحر في ذلك واحتراز، ولم يزل حافظا للسانه، مقبلا على شأنه، وقف نفسه على العلوم وقصرها، ولو شاء العاد أن يحصر كلماته لحصرها؛ ومع ذلك فله بالتجريد تخلق، وبكرامات الصالحين تحقق، وله مع ذلك في الأدب باع، وكرم طباع، لم يخل في بعضها من حسن انطباع، حتى لقد كان الشهاب محمود الكاتب المحمود في تلك المذاهب، يقول: لم تر عيني آدب منه. وقال أبو حيان: هو أشبه من رأيناه يميل إلى الاجتهاد.

قال الشيخ تاج الدين السبكي: ولم أر أحدا من أشياخنا يختلف في أن ابن دقيق العيد هو العالم المبعوث على رأس المائة السابعة، المشار إليه في الحديث؛ فإنه أستاذ زمانه علما ودينا.

وله مصنفات، منها الإلمام في الحديث وشرحه الذي لم يؤلف أعظم منه لما فيه من الاستنباطات العظيمة، وشرح العمدة، والاقتراح في مصطلح الحديث، وشرح العنوان في أصول الفقه، وكتاب في أصول الدين، وله ديوان خطب، وشعر حسن.

مات يوم الجمعة حادي عشر صفر سنة اثنتين وسبعمائة (1) .

ورثاه الشرف محمد بن محمد بن عيسى القوصي بقوله:

سيطول بعدك في الطلول وقوفي

أروي الثرى من مدمعي المذروف

أبكي على فقد العلوم بأسرها

والمكرمات بناظر مطروف

أمحمد بن علي بن وهب دعوة

من قلب مشجون الفؤاد أسيف

لو كان يقبل فيك حتفك فدية

لفديت من علمائنا بألوف

أو كان من جمر المنايا مانع

منعتك سمر قنا وبيض سيوف

(1) طبقات الشافعية 6: 2-22.

ص: 318

ما كنت في الدنيا على الدنيا إذا

ولت بمحزون ولا مأسوف

سلمت عداتك لا عداتك كلها

مذ كنت من مطل ومن تسويف

يا طالبي المعروف أين مسيركم

مات الفتى المعروف بالمعروف

المشتري العليا بأغلى قيمة

من غير ما بخس ولا تطفيف

ما عنف الجلساء قط ونفسه

لم يخلها يوما من التعنيف

يا مرشد الفتيا إذا ما أشكلت

طرق الصواب ومنجد الملهوف

من للضعيف يعينه أنى أتى

مستصرخا يا غوث كل ضعيف

من لليتامى والأرامل كافل

يرجونه في شتوة ومصيف

لم يثن عزمك من مواصلة العلا

حسناء ذات قلائد وشنوف

أفنيت عمرك في تقى وعبادة

وإفادة للعلم أو تصنيف

وسبحت في بحر العلوم مكابدا

أمواجه والناس دون السيف

وبذلت سائر ما حويت فلم تدع

لك من تليد في العلا وطريف

يا شمس مالك تطلعين ألم تري

شمس المعارف غيبت بكسوف

ولأنت كنت أحق من بدر الحجى

والعلم يا بدر الدجى بخسوف

لهفي على حبر بكل فضيلة

علياء من زمن الصبا مشغوف

كان الخفيف على تقي مؤمن

لكن على الفجار غير خفيف

تبكي العلوم كأنها ليلى على

فقدانه وكأنه ابن طريف

أمنت أحاديث الرسول به من الـ

ـتبديل والتحريف والتصحيف

والشرع يخشى عودة الداء الذي

قد كان منه على يديه عوفي

عم المصاب به الطوائف كلها

لما ألم وخص كل حنيف

ومضى وما كتبت عليه كبيرة

من يوم حل بساحة التكليف

ص: 319

بشراك يابن علي العالي الذرا

إذ بت ضيفا عند خير مضيف

وخلعت من كبد الحسود ورومة الـ

ـجاني البغيض وجزت كل مخوف

ولقد نزلت على كريم غافر

بالنازلين كما علمت رءوف

صبرا بنيه قوة من بعده

صبر الكريم الماجد الغطريف

والله لو وفيتموه من حقه

شيئا فليس الحزن فيه بموفي

73-

ابن الرفعة الإمام نجم الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن علي بن مرتفع الأنصاري. واحد مصر، وثالث الشيخين: الرافعي والنووي: في الاعتماد

عليه في الترجيح. قال الإسنوي: كان إمام مصر بل سائر الأمصار، وفقيه عصره في جميع الأقطار، لم يُخرج إقليم مصر بعد ابن الحداد مَنْ يدانيه، ولا يُعلم في الشافعية مطلقا بعد الرافعي من يساويه؛ كان أعجوبة في استحضار كلام الأصحاب؛ لا سيما من غير مظانه، وأعجوبة في معرفة نصوص الشافعي، وأعجوبة في قوة التخريج.

ولد بالفسطاط سنة خمس وأربعين وستمائة، وتفقه على السديد والظهير التزمنتي وعلى الشريف العباسي، ودرس بالمعزية بمصر، وولي حسبة مصر، وصنف التصنيفين العظيمين: الكفاية في عشرين مجلدا، والمطلب في ستين مجلدا. وله النفائس في هدم الكنائس، وتأليف في المكيال والميزان. مات بمصر في ثاني عشر رجب سنة عشر وسبع مائة (1) .

74-

ابن الزملكاني العلامة كمال الدين محمد بن علي بن عبد الواحد بن عبد الكريم الأنصاري. قال الذهبي: كان عالم العصر، وكان من بقايا المجتهدين، ومن أذكياء أهل زمانه، تخرج به الأصحاب. مولده بدمشق في شوال سنة

(1) البداية والنهاية 14: 60.

ص: 320

سبع وستين وستمائة، وقرأ الأصول على الصفي الهندي، والنحو على بدر الدين بن مالك، وألف عدة تصانيف، وطلب لقضاء مصر، فقدم: فمات ببلبيس في سادس عشر رمضان سنة سبع وعشرين وسبعمائة، وحمل إلى القاهرة ميتا، ودفن قريبا من قبر الإمام الشافعي رضي الله عنه (1) .

74-

السبكي العلامة تقي الدين أبو الحسن علي بن عبد الكافي بن تمام بن حماد بن يحيى بن عثمان بن علي بن سوار بن سليم الأنصاري. قال ولده في الطبقات: الإمام الفقيه المحدث الحافظ المفسر الأصولي المتكلم النحوي اللغوي الأديب الجدلي الخلافي النظار، شيخ الإسلام بقية المجتهدين، المجتهد المطلق. ولد بسبك من أعمال المنوفية في صفر سنة ثلاث وثمانين وستمائة، وتفقه على ابن الرفعة، وأخذ الحديث عن الشرف الدمياطي، والتفسير عن العلم العارقي، والقراءات عن التقي بن الصائغ، والأصول والمعقول عن العلاء الباجي، والنحو عن أبي حيان. وصحب في التصوف الشيخ تاج الدين بن عطاء الله، وانتهت إليه

رياسة العلم بمصر. قال الإسنوي: كان أنظر من رأيناه من أهل العلم ومن أجمعهم للعلوم، وأحسنهم كلاما في الأشياء الدقيقة وأجلدهم على ذلك. وقال الصلاح الصفدي: الناس يقولون: ما جاء بعد الغزالي مثله، وعندي أنهم يظلمونه بهذا وما هو عندي إلا مثل سفيان الثوري، وقال ابنه في الترشيح: قال الشيخ شهاب الدين بن النقيب، صاحب مختصر الكفاية وغيرها من المصنفات: جلست بمكة بين طائفة من العلماء وقعدنا نقول: لو قدر الله تعالى بعد الأئمة الأربعة في هذا الزمان مجتهدا عارفا بمذاهبهم أجمعين يركب لنفسه مذهبا من الربعة، بعد اعتبار هذه المذاهب المختلفة كلها، لازدان الزمان به، وانقاد الناس، فاتفق رأينا على أن هذه الرتبة لا تعدو الشيخ تقي الدين السبكي، ولا ينتهي لها سواه.

(1) البداية والنهاية لابن كثير 14: 131.

ص: 321

وله من المصنفات الجليلة الفائقة التي حقها أن تكتب بماء الذهب، لما فيها من النفائس البديعة، والتدقيقات النفيسة؛ منها الدر النظيم في تفسير القرآن العظيم، تكملة شرح المهذب للنووي وصل فيه إلى أثناء التفليس، الابتهاج في شرح المنهاج وصل فيه إلى الطلاق. الرقم الإبريزي شرح مختصر التبريزي، التحقيق في مسألة التعليق، رفع الشقاق في مسألة الطلاق، أحكام كل وما عليه تدل، بيان حكم الربط في اعتراض الشرط، شفاء السقام في زيارة خير الأنام، السيف المسلول على من سب الرسول، التعظيم والمنة، في "لتؤمنن به ولتنصرنه"، منية الباحث عن حكم دين الوارث، الرياض الأنيقة وقسمة الحديقة، الإقناع في إفادة "لو" للامتناع، وشي الحلا في تأكيد النفي بلا، الاعتبار ببقاء الجنة والنار، ضرورة التقدير في تقويم الخمر والخنزير، كيف التدبير في تقويم الخمر والخنزير، السهم الصائب في قبض دين الغائب، الغيث المغدق في ميراث ابن المعتق، فصل المقال في هدايا العمال، مختصره، نور المصابيح في صلاة التراويح، ضياء المصابيح، ضوء المفاليح، تقييد التراجيح؛ ومصنفان آخران في ذلك، تكملة سبعة أجزاء، إبراز الحكم من حديث رفع القلم، الكلام على حديث:"إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث"، كشف الغمة في ميراث أهل الذمة، الاتساق في بقاء وجه الاشتقاق، الطوالع المشرقة في الوقف على طبقة بعد طبقة، النقول والمباحث المشرقة، طليعة الفتح والنصر في صلاة الخوف والقصر، القول الصحيح في تعيين الذبيح، القول المحمود في تنزيه داود، قطف النور مسائل الدور، الدَّوْر في الدور؛ وله فيه مؤلف ثالث ورابع وخامس، عقود الجمان في عقود الرهن والضمان، ورد الغلل في العلل، البصر الناقد في لا كملت كل واحد، الجمع في الحضر بعذر المطر، حسن الصنيعة في ضمان الوديعة، التهدي إلى معنى التعدي، بيان المحتمل في تعدية العمل، الحكم والأناه في إعراب قوله:"غير ناظرين إناه"، القول الجد

ص: 322

في تبعية الجد، الإغريض في الفرق بين الكناية والتعريض، المواهب الصمدية في المواريث الصفدية، تفسير {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ} الآية، كشف الدسائس في هدم الكنائس، تنزيل السكينة على قناديل المدينة، الطريقة النافعة في المساقاة والمخابرة والمزارعة، من أقسطوا ومن غَلَوا في حكم من يقول لو، نيل العلا في العطف بلا، حفظ الصيام عن فوت التمام، معنى قول الإمام المطلبي: إذا صح الحديث فهو مذهبي. القول المختطف في أدلة "كان إذا اعتكف"، كشف اللبس عن المسائل الخمس، غيرة الإيمان الجلي لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، بيع المرهون في غيبة المديون، الاقتناص في الفرق بين الحصر والاختصاص، تسريح الناظر في انعزال الناظر، جزء في تعدد الجمعة؛ وغير ذلك. وله فتاوى كثيرة جمعها ولده في ثلاثة مجلدات.

توفي بجزيرة الفيل على شاطئ النيل، يوم الاثنين رابع جمادى الآخرة سنة ست وخمسين وسبعمائة (1) .

ورثاه شاعر العصر الأديب جمال الدين بن نباتة بقوله (2) :

نعاه للفضل والعلياء والنسب

ناعيه للأرض والأفلاك والشهب

ندب رأيناه وجوب الندب حين مضى

فأي حزن وقلب فيه لم يجب

نعم إلى الأرض ينعى والسماء علا

فقيدكم يا سراة المجد والحسب

بالعلم والعمل المبرور قد ملئت

أرض بكم وسماء عن أب فأب

مقدم ذكر ماضيكم ووارثه

في الوقت تقديم بسم الله في الكتب

آها لمجتهد في العلم يندبه

من بات مجتهدا في الحزن والحرب

بينا وفود العلا والعلم ينزلهم

إذ نازلتنا الليالي فيه عن كثب

(1) طبقات الشافعية 6: 146-227.

(2)

ديوان ابن نباتة 41-43 ورواها ابنه في الطبقات 6: 217، وقال:"سمعتها من لفظه".

ص: 323

وأقبلت نوب الأيام ثائرة

إذ كان عونا على الأيام والنوب

ففاجأتنا يد التفريق مسفرة

عن سفرة طال فيها شجو مرتقب

وجاء من نحو مصر مبتدا خبر

لكن به السمع منصوب على النصب

قالت دمشق بدمع النهر واخبرا

فزعت فيه بآمالي إلى الكذب

حتى إذا لم يدع لي صدقه أملا

شرقت بالدمع حتى كاد يشرق بي

وكلمتنا سيوف الكتب قائلة

السيف أصدق إنباء من الكتب

وقال موت فتى الأنصار مغتبطا

الله أكبر كل الحسن في العرب

لقد طوى الموت من ذاك الفريد حلى

كانت جلا الدين والأحكام والريب

وخص مغنى دمشق الحزن متصلا

بفرقتين أبانتها على وصب

بين وموت يئوب الغائبون ومن

يجمع له مقسما بالله لم يؤب (1)

كادت رياح الأسى والشجو يعكسها

حتى الغصون بها معكوسة العذب

والجامع الرحب أضحى صدره حرجا

والنسر ضم جناحيه من الرهب

وللمدارس هم كاد يدرسها

لولا تدارك أبناء له نجب

من للهدى والندى لولا بنوه ومن

للفضل يسحب أذيالا على السحب

من للفتوة والفتوى يجالسه

في الضيعتين وللآداب والأدب

من للتواضع حيث القدر في صعد

على النجوم وحيث الحكم في صبب

أمضى من النصل في نصر الهدى فإذا

سلت نصال العدى أوفى من النكب

من للتصانيف فيها رتبة وهدى

ورجم باغ فيا لله من شهب

من للفضائل والإفضال قد جمعت

متن السراة إلى دان بها درب

ذو همة في العلا والعلم قد بلغت

شأو السماك وما ينفك في دأب

(1) لم يرد في الديوان.

ص: 324

من للتهجد أو من للدعا بسطت

به الوجود فينا راحتا تعب

حتى رأى العلم شفع الشافعي به

فقال من ذا وذا أدركت مطلبي

من للمدائح فيه قد جلت وصفت

كأنما افتر منها الطرس عن شنب

من للمدائح قد قامت خطابتها

على معاليه في قاص ومقترب

لهفي وقد لبست حزنا لفرقته

مدادها أسطر الأشعار والخطب

لهفي لمظلم مدح فكر أجمعهم

بالهم لا بالذكا أمسى أبا لهب

كأن أيدي الورى تبت وقد قعدت

من عي أقلامها حمالة الحطب

لهفي على الظهر في عرض وفي سعة

وفي لسان وفي حلم وفي غضب

واقي الشريعة من تخليط من جهلوا

فما يخوضون في جد ولا لعب

محجب غير ممنوع اللقا بسنا

عليائه ومهيب غير محتجب

أضحى لسبك فخار من مناقبه

على العراق فخار غير منتقب

لهفي لعلمين: مروي ومجتهد

لهفي لفضلين: موروث ومكتسب

آها لمرتحل عنا وأنعمه

مثل الحقائب والطلاب والحقب

إيمان حب على الأوطان حركه

حتى قضى نحبه يا طول منتحب

لهفي لكل وقور من بنيه بكى

وهو الصواب بصوب واكف السرب

وكل نادبة للحجب قلن لها

يا أخت خير أخ يا بنت خير أب (1)

إلى الحسين انتهى مسرى علي فلا

منيت يا خارجي الهم بالغلب

يا ثاويا والثنا والمجد ينثره

بقيت أنت وأفنتنا يد الكرب

نم في مقام نعيم غير منقطع

ونحن في نار حزن غير متئب

(1) أصل مطلع قصيدة للمتنبي يرثي أخت سيف الدولة؛ وبقيته:

كناية بهما عن أشرف النسب

ص: 325

سهام حزن قسمناها عليك فإن

تقسم برق وإن ترم الحشا تصب

ما أعجب الحال لي قلب بمصروفي

دمشق جسم ودمع العين في حلب

من لي بمصر التي ضمتك تجمعنا

ولو بطون الثرى فيها فيا طربي

بالرغم منا رثاء بعد مدحك لا

يسلي ونحن مع الأيام في لجب

ما بين أكبادنا والهم فاصلة

ولا نرى لصنيع الشعر من سبب

أما القريض فلولا نسلكم كسدت

أسواقه وعدت مقطوعة الجلب

قاضي القضاة عزاء عن إمام تقي

بالفضل أوصى وصاة المرء بالعقب

فأنت في رتبة عليا وما وسقت

بحر يحدث عنه البحر بالعجب

ما غاب عنا سوى شخص لوالدكم

وعلمه والتقى والجود لم يغب

جادت ثراك أبا السادات سحب رضا

تزهى بذيل على مثواك منسحب

وسار نحوك منا كل شارقة

سلام كل شجي القلب مكتئب

تحية الله نهديها ونتبعها

فبعد فقدك ما في العيش من أرب

وخفف الحزن أنا لاحقون بمن

مضى فامضي شباة الحارب الدرب

إن لم يسر نحونا سرنا إليه على

أيامنا والليالي الدهم والشهب

إنا من الترب أشباح مخلقة

فلا عجيب مآل الترب للترب

ورثاه الصلاح الصفدي بقوله:

أي طود من الشريعة مالا

زعزعت ركنه المنون فمالا

أي ظل قد قلصته المنايا

حين أعيا على الملوك انتقالا

أي بحركم فاض بالعلم حتى

كان منه بحر البسيطة آلآ

أي حبر مضى وقد كان بحرا

فاض للواردين عذبا زلالا

أي شمس قد كورت في ضريح

ثم أبقت يضي وهلالا

ص: 326

مات قاضي القضاة من كان يرقى

رتب الاجتهاد حالا فحالا

مات من فضل علمه طبق الأ

رض مسيرا وما تشكى كلالا

كان كالشمس في العلوم إذا ما

أشرقت أصبح الأنام ذبالا

كان كل الأنام من قبل ذا العص

ر عليه في كل علم عيالا

كان فرد الوجود في الدهر يزهى

بمعالي أهل العلوم جمالا

فمضوا قبله وكان ختاما

بعدهم فاعتدى الزمان وصالا

كملت ذاته بأوصاف علم

علم البدر في الدياجي الكمالا

وأنام الأنام في مهد عدل

شمل الخلق يمنة وشمالا

فلمن بعده نسد رحابا

ولمن بعده نشد رحالا

وهو إن رمت مثله في علاه

لم تجد في السؤال عنه سوى لا

أحسن الله للأنام عزاهم

فهمو بالمصاب فيه ثكالى

ومصاب السبكي قد سبك القلـ

ـب وأودى منا الجلود انتحالا

خزرجي الأصول لو فاخر النجـ

ـم علا مجده عليه وطالا

خلق كالنسيم مر على الرو

ض سحيرا وعرفه قد توالى

ويد جودها يفوق الغوادي

تلك ما أنعمت ودامت نوالا

أيها الذاهب الذي حين ولى

صار منه عز الدموع مذالا

لو أفاد الفداء شخصا لجدنا

بنفوس على الفدا لا تغالى

نفس طال ما تنفس عنها

منك كرب يكظها واستحالا

أنت بلغتها المنى في أمان

فاستفادت عزا وعزت منالا

من لنا إن درجت شجوا شكونا

من أذاها في الدهر داء عضالا

كنت تجلو ظلامها ببيان

حل من عقلنا الأسير عقالا

ص: 327

من يعيد الفتوى إلى كل قطر

منه جاءت جوابها يتلالا

قد أصبت الصواب فيها وأهديـ

ـت هداها وقد محوت الضلالا

فيقول الورى إذا ما رأوها

هكذا هكذا وإلا فلالا

فليقل ما يشا أما جاء أن ال

موت أردى الغضنفر الرئبالا

وإذا ما خلا الجبان بأرض

طلب الموت وحده والنزالا (1)

قد تقضي قاضي القضاة تقي الد

ين سبحان من يزيل الجبالا

فالدراري من بعده كاسفات

وإذا ما بدا نراها خجالى

كان طودا في علمه مشمخرا

مد في الناس من بنيه ظلالا

فبه عزها ونعمة تاج

فوق فرق العلاء رف اعتدالا

هو قاضي القضاة صان حماه

من عوادي الزمان ربى تعالى

وهداه للحكم في كل يوم

فيه يرعى الأيتام والأطفالا

وحباه الصبر الجميل ووفا

هـ ثوابا يزجي سحابا ثقالا

ليفيد العدا جلادا ويعدو

فيعيد الندى ويبدي الجدالا

75-

ولده قاضي القضاة تاج الدين أبو النصر عبد الوهاب. ولد بمصر سنة تسع وعشرين وسبعمائة، ولازم الاشتغال بالفنون على أبيه وغيره حتى مهر وهو شاب، وصنف كتبا نفيسة، وانتشرت في حياته، وألف وهو في حدود العشرين. كتب مرة ورقة إلى نائب الشام يقول فيها: وأنا اليوم مجتهد الدنيا على الإطلاق، لا يقدر أحد يرد على هذه الكلمة، وهو مقبول فيما قال عن نفسه.

ومن تصانيفه: جمع الجوامع ومنع الموانع، وشرح مختصر ابن الحاجب، وشرح منهاج البيضاوي، والتوشيح، والطبقات، ومفيد النعم وغير ذلك. مات عشية

(1) للمتنبي، ديوانه 3:143.

ص: 328

يوم الثلاثاء سابع ذي الحجة سنة إحدى وسبعين وسبعمائة (1) .

76-

البلقيني شيخ الإسلام سراج الدين أبو حفص عمر بن رسلان بن نصير بن صالح الكناني، مجتهد عصره، وعالم المائة الثامنة.

ولد في ثاني عشر رمضان سنة أربع وعشرين وسبعمائة، وأخذ الفقه عن ابن عدلان والتقي والسبكي، والنحو عن أبي حيان، وبرع في الفقه والحديث والأصول، وانتهت إليه رياسة المذاهب والإفتاء، وبلغ رتبة الاجتهاد. وله ترجيحات في المذهب خلاف ما رجحه النووي، وله اختيارات خارجة عن المذهب، وأفتى بجواز إخراج الفلوس في الزكاة، وقال: إنه خارج عن مذهب الشافعي.

وله تصانيف في الفقه والحديث والتفسير منها، حواشي الروضة، وشرح البخاري، وشرح الترمذي، وحواشي الكشاف.

وولي تدريس الخشابية وغيرها، وتدريس التفسير بالجامع الطولوني.

وكان البهاء ابن عقيل يقول: هو أحق الناس بالفتوى في زمانه، مات في عاشر ذي القعدة سنة خمس وثمانمائة.

وسمعت ولده شيخنا قاضي القضاة علم الدين يقول: ذكر الشيخ كمال الدين الدميري أن بعض الأولياء قال له: إنه رأى قائلا يقول: إن الله يبعث على رأس كل مائة لهذه الأمة من يجدد لها دينها، بدئت بعمر، وختمت بعمر.

قلت: ومن اللطائف أن شرط المبعوثين على رءوس القرون مصريون: عمر بن عبد العزيز في الأولى، والشافعي في الثانية، وابن دقيق العيد في السابعة، والبلقيني في الثامنة؛ وعسى أن يكون المبعوث على رأس المائة التاسعة من أهل مصر.

وقال الحافظ ابن حجر يرثي البلقيني، وضمنها رثاء الحافظ أبي الفضل العراقي:

(1) الدرر الكامنة 2: 425.

ص: 329

يا عين جودي لفقد البحر بالمطر

واذري الدموع ولا تبقي ولا تذري

لو رد ترداد دمع ذاهبا سبقت

شهب الدموع بعيني جرية النهر

تسقي الورى فمتى لام العذول أقل

دعها سماوية تجري على قدر

يا سائلي جهرة عما أكابده

عدتك حالي لا سري بمستتر (1)

لم يعل مني سوى أنفاسي الصعدا

ولست أبصر دمعي غير منحدر

أقضي نهاري في غم وفي حزن

وطول ليلي في فكر وفي سهر

وغاص قلبي في بحر الهموم أما

ترى سقيط دموعي منه كالدرر

فرحمة الله والرضوان تشمله

سلامة ما بكى باك على عمر

بحر العلوم الذي ما كدرته دلا

من المسائل إن تشكل وإن تذر

والحبر كم حبرت طرسا براعته

حتى تجانس بين الحبر والحبر

لم أنس حين يحف الطالبون به

مثل الكواكب إذ يحففن بالقمر

فيقسم العلم في مفت ومبتدئ

كقسمة الغيث بين النبت والشجر

ولم يخص ببشر منه ذا نسب

بل عمهم فضله بالبشر والبشر

لقد أقام منار الدين متضحا

سراجه فأضاء الكون للبشر

في القرن الأول والقرن الأخير لقد

أحيا لنا العمران الدين عن قدر

في الاسم والعلم والتقوى قد اجتمعا

وإنما افترقا في العصر والعمر

لكن أضاء سراج الدين منفردا

وذاك مشترك في سبعة زهر

من للفضائل أو من للفواضل أو

من للمسائل يلقيها بلا ضجر

من للفوائد أو من للعوائد أو

من للقواعد يبنيها بلا خور

(1) أصله بيت البوصيري:

عدتك حالى لا سري بمستتر

عن الوشاة ولا دائي بمنحسم

ص: 330

من للفتاوى وحل المشكلات إذا

جل الخطاب وظل القوم في فكر

لمن يكون اختلاف الناس إن نعقت

عمياء والحكم فيها غير مستطر

قالوا إذا عضلت نبه لها عمرا

ونم فمن بعده للمشكل العسر

من لو رآه ابن إدريس الإمام إذا

أقر أو قر عينا منه بالنظر

قد كان بالأم برا حين هذبها

تهذيب منتصر للحق معتبر

ترى خوارق في استنباطه عجبا

يردها العقل لولا شاهد البصر

قالت حواسده لما رأوا غررا

من بحثه خبرها يربو على الخبر

الله أكبر ما هذا سوى ملك

وحاش لله ما هذا من البشر

عهدي بأكبرهم قدرا بحضرته

مثل البغاث لدى صقر من الصغر

محدث قل لمن كانوا قد اجتمعوا

ليسمعوا عنه فزتم منه بالوطر

علوتم فتواضعتم على ثقة

لما تواضع أقوام على غرر

محقق كم له بالفتح من مدد

تحقيق رجوى نبي الله في عمر

حكى الجنيد مقامات بها فله

تذكير ناس وتنبيه لمدكر

وبابه يتلقى فيه قاصده

بشر وسهل ومعروف به وسرى

لو قال هذي السواري الخشب من ذهب

قامت له حجج يشرقن كالدرر

وإن تكلم يوما في مناظرة

يدق معناه عن إدراك ذي نظر

سل ابن عدلان عن تحقيقه وأبا

حيان واعدل إذا حكمت واعتبر

مسدد الرأي حجاج الخصوم غدا

في سعيه خير حجاج ومعتمر

كم حجة وغزاة قد سما بهما

وكم حوى عمر الخيرات من عمر

أصم ناعيه آذانا، وقيد أذ

هانا وأطلق أجفانا لمنكسر

سعى إلينا به يوم الوقوف فما

أجابه الركب إلا بالثنا العطر

ص: 331

نعاه في يوم تعريف الحجيج فقد

عجوا وضجوا أسى من حادث نكر

يا من له جنة المأوى غدت نزلا

ارقد هنيئا فقلبي منك في سفر

حباك ربك بالحسنى ورؤيته

زيادة في رضاه عنك فافتخر

أزال عنك تكاليف الحياة فما

تتلو إذا شئت إلا آخر الزمر

أوحشت صحف علوم كنت تجمعها

ومنزلا بك معمورا من الخفر

لم يستملك لشاد أو لغانية

بيت من الشعر أو بيت من الشعر

لكن عكفت على استنباط مسألة

أو حل معضلة أعيت على الفكر

بالنصر قمت لنص تستدل به

كالسيف دل على التأثير بالأثر

طويت عنا بساط العلم معتليا

فاهنأ بمقعد صدق عند مقتدر

كنانة لك مأوى وهي منتسب

الدار مصر غدت والبيت في مضر

تحمي قسي ركوع مع سهام دعا

تحل حاشاك من خاط ومن خطر

بضعا وستين عاما ظلت منفردا

برتبة العلم فيها أي مشتهر

فما برحت مجدا للعلا يقظا

ولا انتبهت إلى كأس ولا وتر

قد كنت تحمي حمى الإسلام مجتهدا

حتى تقلد منه الجيد بالدرر

فرقت جمع عدو الدين حيث نجوا

بجمعهم بين تأنيث ومنكسر

طعنت غير محاب في مقالتهم

بالسمهرية دون الوخز بالإبر

طورا بسيف الهدى في الملحدين سطا

تارة بسهام الذكر في التتر

رزء عظيم يسر الملحدون به

كالإتحادي والشيعي والقدري

ليت الليالي أبقت واحدا جمعت

فيه هداية أهل النفع والضرر

وليتها إذ فدت عمرا فدت عمرا

يطالبيه وأولاهم بذي عمر

هيهات لو قبل الموت الفدا بذلت

في الشيخ من غير ثنيا أنفس البشر

ص: 332

عجبي لقبر حواه إنه عجب

إذ بان منه اتساع الصدر للبحر

لهفي على فقد شيخ المسلمين لقد

جل المصاب وفيه عز مصطبري

لهفي عليه سراجا كان متقدا

يسمو ذكا بذكاء غير منحسر

لولا نداه خشينا نار فكرته

لكنه بنداه مطفئ الشرر

من ناره ظل بحر النيل محترقا

حزنا ألا فاعجبوا من فطنة النهر

لهفي وهل نافعي إبداع مرثية

وكيف يغني كبير القلب بالفقر

لهفي عليه لليل كان يقطعه

نفلا وذكرا وقرآنا إلى السحر

لهفي عليه لعلم كان يجمعه

يشق فيه عليه فرقه السهر

لهفي عليه لعان كان ينفعه

فعلا وقولا فما يؤتى من الحصر

لهفي عليه لضد كان يدفعه

عن الخلائق من بدو ومن حضر

نعم ويا طول حزني ما حييت على

عبد الرحيم فحزني غير مقتصر

لهفي على حافظ العصر الذي اشتهرت

أعلامه كاشتهار الشمس في الظهر

علم الحديث انقضى لما قضى ومضى

والدهر يفجع بعد العين بالأثر

لهفي على فقد شيخي اللذين هما

أعز عندي من سمعي ومن بصري

لهفي على من حديثي من كمالهما

يحيي الرميم ويلهي الحي عن سمر

اثنان لم يرتق النسران ما ارتقيا

نسر السما إن يلح والأرض إن يطر

ذا شبه فرخ عقاب حجة صدقت

وذا جهينة إن يسأل عن الخبر

لا ينقضي عجبي عن وفق عمرهما

العام كالعام حتى الشهر كالشهر

عاشا ثمانين عاما بعدها سنة

وربع عام سوى نقص لمعتبر

الدين تتبعه الدنيا مضت بهما

رزية لم تهن يوما على بشر

بالشمس وهو سراج الدين يتبعه

بدر الدياجي زين الدين في الأثر

ص: 333

ما أظلم الأفق في عيني وقد أفلت

شمس المنيرة عني وامحي قمري

قد ذقت من بين أحبابي العذاب وهم

لاح النعيم فساروا سير مبتدر

يا قلب ساروا وما وافقتهم فعلوا

إلى الرفيق لدى الجنات والنهر

وعشت بعد نواهم مظهرا جلدا

تكابد الشوق ما أقساك من حجر

وأنت يا طرف لا تنظر لغيرهم

ما أنت عندي إن تنظر بذي نظر

ولا يغرنك بشر من خلافهم

ولو أنار فكم نور بلا ثمر

وقل لأسود عيني بعد أبيضه

يا آخر الصفو هذا أول الكدر

ما بعدهم غاية يا موت تطلبها

بلغت للأفق في المرقى فلا تطر

بدور تم خلت منهم منازلهم

والقلب ذو كدر والطرف ذو سهر

غصون روض ذوت في التراب أوجههم

واوحشتاه لذاك المنظر النضر

دمعي عليهم وشعري في رثائهم

كالدر ما بين منظوم ومنتثر

دارت كئوس المنايا حين غبت على

أحباب قلبي فليت الكأس لم تدر

خرجت أنى ألقاهم ففات، فقد

زهدت في وطني إذ فاتني وطري

لقد رجونا لها قاضي القضاة جلا

ل الدين حيث لنا أدى السفر

ولى عهد أبيه كان نص على اس

تخلافه، فانتظر يا خير منتظر

فتى سن وفي المقدار شبه أب

هذا اتفاق فتى السن والكبر

جارى أباه وأخلق أن يساويه

والبدر في شفق كالبدر في سحر

له مناقب تسري ما سرى قمر

وسيرة سار فيها أعدل السير

علم وحلم وعدل شامل وتقى

وعفة ونوال غير منحصر

خلائق في العلا لما سمعت ونمت

فاحت ولاحت لنا كالزهر والزهر

يا كامل الأصل داني الفضل وافره

بسيط فضل العطايا غير منبتر

ص: 334

يا سيدا في المعالي طال مطلبه

ملكتها عنوة بالحق فاقتصر

إن فهت بالفقه فقت الأقدمين ذكا

وصلت بالحق صول الصارم الذكر

وإن تكلمت في الأصلين فاعل وطل

وقل ولا فخر مالرازي بمفتخر

وإن تفسر تحقق كل مشتبه

وسيف ذهنك شفاق على الطبري

وليس يرفع رأسا سيبويه إذا

نصبت للنحو طرفا غير منكسر

ومن قديم زمان للحديث لقد

رقيت في الحفظ والعليا إلى الزهر

مولاي صبرا فما يخفاك أن لنا

في رزئنا أسوة في سيد البشر

واعذر محبك في إبطاء تعزية

لغربة ظلت فيها أي معتذر

ولا تقولن لي في غير معتبة

علي لما أطلت المكث في سفري

أبعد حول توافينا بمرثية

هلا ونحن على عشر من العشر

وحق رأسك لولا القرب منك لما

راجعت فكري ولا حققت في نظري

بأي ذهن أقول الشعر وبي

غم يغم على الألباب والفكر

فكر وحزن بقلبي والحشا سكنا

وغربة ظلت فيها أي منكسر

هذا على أن رزء الشيخ ليس له

عندي انقضاء إلى أن ينقضي عمري

فقدت في سفري إذ مات منه دعا

فالفقد أوجد ما لاقيت في سفري

دامت على لحده سحب الرضا ديما

ما ناحت الورق في الآصال والبكر

أيقنت أن رياضا قبره فهمت

عيني عليه بمنهل ومنهمر

ودم لنا أنت ما عن الهلال وما

غنى المطوق في زاه من الزهر

ودام مجدك محروسا بأربعة

العز والنصر والإقبال والظفر

77-

ترجمة مؤلف هذا الكتاب عبد الرحمن بن الكمال أبي بكر بن محمد بن سابق الدين بن الفخر عثمان بن ناظر الدين محمد بن سيف الدين خضر بن نجم الدين أبي الصلاح أيوب بن ناصر الدين محمد بن الشيخ همام الدين الهمام الخضيري الأسيوطي.

ص: 335

وإنما ذكرت ترجمتي في هذا الكتاب اقتداء بالمحدثين قبلي، فقل أن ألف أحد منهم تاريخا إلا وذكر ترجمته فيه؛ وممن وقع له ذلك الإمام عبد الغافر الفارسي في تاريخ نيسابور، وياقوت الحموي في معجم الأدباء، ولسان الدين بن الخطيب في تاريخ غرناطة، والحافظ تقي الدين الفارسي في تاريخ مكة، والحافظ أبو الفضل بن حجر في قضاة مصر، وأبو شامة في الروضتين؛ وهو أروعهم وأزهدهم، فأقول:

أما جدي الأعلى همام الدين؛ فكان من أهل الحقيقة، ومن مشايخ الطريق، وسيأتي ذكره في قسم الصوفية، ومن دونه كانوا من أهل الوجاهة والرياسة؛ منهم من ولي الحكم ببلده، ومنهم من ولي الحسبة بها، ومنهم من كان تاجرا في صحبة الأمير شيخون، وبنى مدرسة بأسيوط، ووقف عليها أوقافا، ومنهم من كان متمولا، ولا أعرف منهم من خدم العلم حق الخدمة إلا والدي، وسيأتي ذكره في قسم الفقهاء الشافعية.

وأما نسبتنا بالخضيري، فلا أعلم ما تكون إليه هذه النسبة إلا بالخضيرية، محلة ببغداد؛ وقد حدثني من أثق به، أنه سمع والدي رحمه الله تعالى يذكر أن جده الأعلى كان أعجميا أو من الشرق؛ فالظاهر أن النسبة إلى المحلة المذكورة، وكان مولدي بعد المغرب ليلة الأحد مستهل رجب سنة تسع وأربعين وثمانمائة.

وحملت في حياة أبي إلى الشيخ محمد المجذوب، رجل كان من كبار الأولياء بجوار المشهد النفيسي، فبرك علي، ونشأت يتيما، فحفظت القرآن ولي دون ثماني سنين ثم حفظت العمدة، ومنهاج الفقه والأصول، وألفية ابن مالك؛ وشرعت في الاشتغال بالعلم، من مستهل سنة أربع وستين، فأخذت الفقه والنحو عن جماعة من الشيوخ، وأخذت الفرائض عن العلامة فرضي زمانه الشيخ شهاب الدين الشارمساحي الذي كان

ص: 336

يقال إنه بلغ السن العالية وجاوز المائة بكثير، والله أعلم بذلك؛ قرأت عليه في شرحه على المجموع، وأُجِزتُ بتدريس العربية في مستهل سنة ست وستين.

وقد ألفت في هذه السنة، فكان أول شيء ألفته الاستعاذة والبسملة، وأوقفت عليه شيخنا شيخ الإسلام علم الدين البلقيني، فكتب عليه تقريظا، ولازمته في الفقه إلى أن مات؛ فلازمت ولده، فقرأت عليه من أول التدريب لوالده إلى الوكالة، وسمعت عليه من أول الحاوي الصغير إلى العدد، ومن أول المنهاج إلى الزكاة، ومن أول التنبيه إلى قريب من باب الزكاة، وقطعة من الروضة من باب القضاء، وقطعة من تكملة شرح المنهاج للزركشي؛ ومن إحياء الموات إلى الوصايا أو نحوها، وأجازني بالتدريس والإفتاء من سنة ست وسبعين، وحضر تصديري.

فلما توفي سنة ثمان وسبعين لزمت شيخ الإسلام شرف الدين المناوي. فقرأت عليه قطعة من المنهاج، وسمعته عليه في التقسيم إلا مجالس فاتتني، وسمعت دروسا من شرح البهجة، ومن حاشية عليها، ومن تفسير البيضاوي.

ولزمت في الحديث والعربية شيخنا الإمام العلامة تقي الدين الشبلي الحنفي، فواظبته أربع سنين، وكتب لي تقريظا على شرح ألفية ابن مالك وعلى جمع الجوامع في العربية تأليفي، وشهد لي غير مرة بالتقدم في العلوم بلسانه وبنانه، ورجع إلى قولي مجردا في حديث؛ فإنه أورد في حاشيته على الشفاء حديث أبي الجمرا في الإسرا، وعزاه إلى تخريج ابن ماجه، فاحتجت إلى إيراده بسنده، فكشفت ابن ماجه في مظنته، فلم أجده، فمررت على الكتاب كله، فلم أجده، فاتهمت نظري، فمررت مرة ثانية فلم أجده، فعدت ثالثة فلم اجده؛ ورأيته في معجم الصحابة لابن قانع، فجئت إلى الشيخ وأخبرته، فبمجرد ما سمع مني ذلك أخذ نسخته، وأخذ القلم فضرب على لفظ ابن ماجه،

ص: 337

وألحق ابن قانع في الحاشية؛ فاعظمت ذلك وهبته لعظم منزله الشيخ في قلبي، واحتقاري في نفسي، فقلت: ألا تصبرون، لعلكم تراجعون! فقال: لا، إنما قلدت في قولي ابن ماجه البرهان الحلبي. ولم أنفك عن الشيخ إلى أن مات.

ولزمت شيخنا العلامة أستاذ الوجود محيي الدين الكافيجي أربع عشرة سنة؛ فأخذت عنه الفنون من التفسير والأصول والعربية والمعاني وغير ذلك؛ وكتب لي إجازة عظيمة.

وحضرت عند الشيخ سيف الدين الحنفي دروسا عديدة في الكشاف والتوضيح وحاشيته عليه، وتلخيص المفتاح، والعضد.

وشرعت في التصنيف في سنة ست وستين، وبلغت مؤلفاتي إلى الآن ثلاثمائة كتاب سوى ما غسلته ورجعت عنه.

وسافرت بحمد الله تعالى إلى بلاد الشام والحجاز واليمن والهند والمغرب والتكرور، ولما حججت شربت من ماء زمزم، لأمور؛ منها أن أصل في الفقه إلى رتبة الشيخ سراج الدين البلقيني، وفي الحديث إلى رتبة الحافظ ابن حجر.

وأفتيت من مستهل سنة إحدى وسبعين.

وعقدت إملاء الحديث من مستهل سنة اثنتين وسبعين.

ورزقت التبحر في سبعة علوم: التفسير، والحديث، والفقه، والنحو، والمعاني، والبيان، والبديع؛ على طريقة العرب والبلغاء، لا على طريقة العجم وأهل الفلسفة. والذي أعتقده أن الذي وصلت إليه من هذه العلوم السبعة سوى الفقه والنقول التي اطلعت عليها فيها، لم يصل إليه ولا وقف عليه أحد من أشياخي؛ فضلا عمن هو دونهم، وأما الفقه فلا أقول ذلك فيه؛ بل شيخي فيه أوسع نظرا، وأطول باعا؛ ودون هذه السبعة في المعرفة: أصول الفقه والجدل والتصريف، ودونها الإنشاء والتوسل والفرائض، ودونها

ص: 338

القراءات، ولم آخذها عن شيخ، ودونها الطب، وأما علم الحساب فهو أعسر شيء علي وأبعده عن ذهني؛ وإذا نظرت في مسألة تتعلق به فكأنما أحاول جبلًا أحمله.

وقد كملت عندي الآن آلات الجهاد بحمد الله تعالى؛ أقول ذلك تحدثًا بنعمة الله تعالى لا فخرًا؛ وأي شيء في الدنيا حتى يطلب تحصيلها بالفخر، وقد أزف الرحيل، وبدا الشيب، وذهب أطيب العمر! ولو شئت أن أكتب في كل مسألة مصنفًا بأقوالها وأدلتها النقلية والقياسية، ومداركها ونقوضها وأجوبتها، والموازنة بين اختلاف المذاهب فيها لقدرت على ذلك من فضل الله، لا بحولي ولا بقوتي، فلا حول ولا قوة إلا بالله، ما شاء الله، لا قوة إلا بالله.

وقد كنت في مبادئ الطلب قرأت شيئًا في علم المنطق، ثم ألق الله كراهته في قلبي. وسمعت أن أبي الصلاح أفتى بتحريمه فتركته لذلك، فعوضني الله تعالى عنه علم الحديث الذي هو أشرف العلوم.

وأما مشايخي في الرواية سماعًا وإجازة فكثير؛ أوردتهم في المعجم الذي جمعتهم فيه، وعدتهم نحو مائة وخمسين؛ ولم أكثر من سماع الرواية لاشتغالي بما هو أهم وهو قراءة الدراية.

وهذه أسماء مصنفاتي لتستفاد:

فن التفسير وتعليقاته والقراءات: الإتقان في علوم القرآن، الدر المنثور في التفسير المأثور. ترجمان القرآن في التفسير. المسند، أسرار التنزيل يسمى قطف الأزهار في كشف الأسرار، لباب النقول في أسباب النزول، مفحمات الأقران في مبهمات القرآن، المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب، الإكليل في استنباط التنزيل، تكملة تفسير الشيخ جلال الدين المحلي، التحبير في علوم التفسير، حاشية على تفسير البيضاوي، تناسق الدرر في تناسب السور، مراصد المطالع في تناسب المقاطع والمطالع، مجمع البحرين ومطلع البدرين

ص: 339

في التفسير، مفاتيح الغيب في التفسير، الأزهار الفائحة على الفاتحة، شرح الاستعاذة والبسملة، الكلام على أول الفتح، وهو تصدير ألقيته لما باشرت التدريس بجامع شيخون بحضرة شيخنا البلقيني، شرح الشاطبية، الألفية في القراءات العشر، خمائل الزهر في فضائل السور، فتح الجليل للعبد الذليل في الأنواع البديعية المستخرجة من قوله تعالى:{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا} الآية، وعدتها مائة وعشرون نوعًا، القول الفصيح في تعيين الذبيح، اليد البسطى في الصلاة الوسطى، معترك الأقران في مشترك القرآن.

فن الحديث وتعلقاته: كشف المغطى في شرح الموطا، إسعاف المبطا برجال الموطا، التوشيح على الجامع الصحيح، الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج، مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود، شرح ابن ماجه، تدريب الراوي في شرح تقريب النووي، شرح ألفية العراقي، الألفية وتسمى نظم الدرر في علم الأثر وشرحها يسمى قطر الدرر، التهذيب في الزوائد على التقريب، عين الإصابة في معرفة الصحابة، كشف التلبيس عن قلب أهل التدليس، توضيح المدرك في تصحيح المستدرك، اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة، النكت البديعات على الموضعات، الذيل على القول المسدد، القول الحسن في الذب عن السنن، لب اللباب في تحرير الأنساب، تقريب العزيب، المدرج إلى المدرج، تذكرة المؤتسي بمن حدث ونسي، تحفة النابه بتلخيص المتشابه، الروض المكلل والورد المعلل في المصطلح، منتهى الآمال في شرح حديث إنما الأعمال، المعجزات والخصائص النبوية، شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور، والبدور السافرة عن أمور الآخرة، ما وراء الواعون في أخبار الطاعون، فضل موت الأولاد، خصائص يوم الجمعة، منهاج السنة، ومفتاح الجنة، تمهيد الفرش في الخصال الموجبة لظل العرش، بزوغ الهلال في الخصال الموجبة للظلال، مفتاح الجنة في الاعتصام

بالسنة، مطلع البدرين فيمن يؤتى أجرين،

ص: 340

سهام الإصابة في الدعوات المجابة، الكلم الطيب، القول المختار في المأثور من الدعوات والأذكار، أذكار الأذكار، الطب النبوي، كشف الصلصلة عن وصف الزلزلة، الفوائد الكامنة في إيمان السيدة آمنة، ويسمى أيضًا التعظيم والمنة في أن أبوي النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، المسلسلات الكبرى، جياد المسلسلات، أبواب السعادة في أسباب الشهادة، أخبار الملائكة، الثغور الباسمة في مناقب السيدة آمنة، مناهج الصفا في تخريج أحاديث الشفا، الأساس في مناقب بني العباس، در السحابة فيمن دخل مصر من الصحابة، زوائد شعب الإيمان للبيهقي، لم الأطراف وضم الأتراف، أطراف الأشراف بالإشراف على الأطراف، جامع المسانيد، الفوائد المتكاثرة في الأخبار المتواترة، الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة، تخريج أحاديث الدرة الفاخرة، تخريج أحاديث الكفاية يسمى تجربة العناية، الحصر والإشاعة لأشراط الساعة، الدرر المتنثرة في الأحاديث المشتهرة، زوائد الرجال على تهذيب الكمال، الدر المنظم في الاسم المعظم، جزء في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، من عاش من الصحابة مائة وعشرين، جزء في أسماء المدلسين، اللمع في أسماء من وضع، الأربعون المتباينة، درر البحار في الأحاديث القصار، الرياضة الأنيقة في شرح أسماء خير الخليقة، المرقاة العلية في شرح الأسماء النبوية، الآية الكبرى في شرح قصة الإسرا، أربعون حديثًا من رواية مالك عن نافع عن ابن عمر، فهرست المرويات، بغية الرائد في الذيل على مجمع الزوائد، أزهار الآكام في أخبار الأحكام، الهبة السنية في الهيئة السنية، تخريج أحاديث شرح العقائد، فضل الجلد، الكلام على حديث ابن عباس:"احفظ الله يحفظك"، هو تصدير ألقيته لما وليت درس الحديث بالشيخونية، أربعون حديثًا في فضل الجهاد، أربعون حديثًا في رفع اليدين في الدعاء، التعريف بآداب التأليف، العشاريات، القول الأشبه في حديث:"من عرف نفسه فقد عرف ربه"، كشف النقاب عن الألقاب، نشر العبير في تخريج أحاديث الشرح الكبير،

ص: 341

من وافقت كنيته كنية زوجة من الصحابة، ذم زيارة الأمراء، زوائد نوادر الأصول للحكيم الترمذي، تخريج أحاديث الصحاح يسمى فلق الصباح، ذم المكس، آداب الملوك.

فن الفقه وتعلقاته: الأزهار الغضة في حواشي الروضة، الحواشي الصغرى، مختصر الروضة يسمى القنية، مختصر التنبيه، يسمى الوافي، شرح التنبيه، الأشباه والنظائر، اللوامع والبوارق في الجوامع والفوارق، نظم الروضة يسمى الخلاصة، شرحه يسمى رفع الخصاصة، الورقات المقدمة، شرح الروض، حاشية على القطعة للإسنوي، العذب السلسل في تصحيح الخلاف المرسل، جمع الجوامع، الينبوع فيما زاد على الروضة من الفروع، مختصر الخادم؛ يسمى تصحين الخادم، تشنيف الأسماع بمسائل الإجماع، شرح التدريب، الكافي، زوائد المهذب على الوافي، الجامع في الفرائض، شرح الرحيبة في الفرائض، مختصر الأحكام السلطانية للماوردي.

الأجزاء المفردة في مسائل مخصوصة على ترتيب الأبواب: الظفر بقلم الظفر، الاقتناص في مسألة التماص، المستطرفة في أحكام دخول الحشفة، السلالة في تحقيق المقر والاستحالة، الروض الأريض في طهر المحيض، بذل العسجد لسؤال المسجد، الجواب الحزم عن حديث التكبير جزم، القذاذة في تحقيق محل الاستعاذة، ميزان المعدلة في شأن البسملة، جزء في صلاة الضحى، المصابيح في صلاة التراويح، بسط الكف في إتمام الصف، اللمعة في تحقيق الركعة لإدراك الجمعة، وصول الأماني بأصول التهاني، بلغة المحتاج في مناسك الحاج، السلاف في التفصيل بين الصلاة والطواف، شد الأثواب في سد الأبواب في المسجد النبوي، قطع المجادلة عند تغيير المعاملة، إزالة الوهن عن مسألة الرهن، بذل الهمة في طلب براءة الذمة، الإنصاف في تمييز الأوقاف، أنموذج اللبيب في خصائص الحبيب، الزهر الباسم فيما يزوج فيه الحاكم، القول المضي في الحنث في المضي، القول المشرق في تحريم الاشتغال بالمنطق، فصل الكلام في ذم الكلام، جزيل المواهب

ص: 342

في اختلاف المذاهب، تقرير الإسناد في تيسير الاجتهاد، رفع منار الدين وهدم بناء المفسدين، تنزيه الأنبياء عن تسفيه الأغبياء، ذم القضاء، فضل الكلام في حكم السلام، نتيجة الفكر في الجهر بالذكر، طي اللسان عن ذم الطيلسان، تنوير الحلك في إمكان رؤية النبي والملك، أدب الفتيا، إلقام الحجر لمن زكى سباب أبي بكر وعمر، الجواب الحاتم عن السؤال الخاتم، الحجج المبينة في التفضيل بين

مكة والمدينة، فتح المغالق من أنت طالق، فصل الخطاب في قتل الكلاب، سيف النظار في الفرق بين الثبوت والتكرار.

فن العربية وتعلقاته: شرح ألفية ابن مالك، يسمى البهجة المضية في شرح الألفية، الفريدة في النحو والتصريف والخط، النكت على الألفية والكافية والشافعية والشذور والنزهة، الفتح القريب على مغني اللبيب، شرح شواهد المغني، جمع الجوامع، شرحه يسمى همع الهوامع، شرح الملحة، مختصر الملحة، مختصر الألفية ودقائقها، الأخبار المروية في سبب وضع العربية، المصاعد العلية في القواعد النحوية، الاقتراح في أصول النحو وجدله، رفع السنة في نصب الزنة، الشمعة المضيئة، شرح كافية ابن مالك، در التاج في إعراب مشكل المنهاج، مسألة ضربي زيدًا قائمًا، السلسلة الموشحة، الشهد، شذا العرف في إثبات المعنة للحرف، التوشيح على التوضيح، السيف الصقيل في حواشي ابن عقيل، حاشية على شرح الشذور، شرح القصيدة الكافية في التصريف، قطر الندا في ورود الهمزة للندا، شرح تصريف العزي، شرح ضروري التصريف لابن مالك، تعريف الأعجم بحروف المعجم، نكت على شرح الشواهد للعيني، فجر الثمد في إعراب أكمل الحمد، الزند الوري في الجواب عن السؤال الكندري.

فن الأصول والبيان والتصوف: شرح لمعة الإشراق في الاشتقاق، الكوكب الساطع في نظم جمع الجوامع، شرحه، شرح الكوكب الوقاد في الاعتقاد، نكت على

ص: 343

التلخيص يسمى الإفصاح، عقود الجمان في المعاني والبيان، شرحه، شرح أبيات تلخيص المفتاح، مختصره، نكت على حاشية المطول لابن الفنري رحمه الله تعالى، حاشية على المختصر، البديعية، شرحها، تأييد الحقيقة العلية وتشييد الطريقة الشاذلية، تشييد الأركان في ليس في الإمكان أبدع مما كان، درج المعالي في نصرة الغزالي على المنكر المتغالي، الخبر الدال على وجود القطب والأوتاد والنجباء والأبدال، مختصر الإحياء، المعاني الدقيقة في إدراك الحقيقة، النقاية في أربعة عشر علمًا، شرحها، شوارد الفوائد، قلائد الفرائد، نظم التذكرة، ويسمى الفلك المشحون، الجمع والتفريق في الأنواع البديعية.

فن التاريخ والأدب: تاريخ الصحابة وقد مر ذكره، طبقات الحفاظ، طبقات النحاة: الكبرى والوسطى والصغرى، طبقات شعراء العرب، تاريخ الخلفاء، تاريخ مصر هذا، تاريخ سيوط معجم شيوخي الكبير يسمى حاطب ليل وجارف سيل، المعجم الصغير يسمى المنتقى؛ ترجمة النووي، ترجمة البلقيني، الملتقط من الدرر الكامنة، تاريخ العمر؛ وهو ذيل على إنباء الغمر، رفع الباس عن بني العباس، النفحة المسكية والتحفة المكية، على نمط عنوان الشرف، درر الكلم وغرر الحكم، ديوان خطب، ديوان شعر، المقامات، الرحلة الفيومية، الرحلة المكية، الرحلة الدمياطية، الرسائل إلى معرفة الأوائل، مختصر معجم البلدان، ياقوت الشماريخ في علم التاريخ، الجمانة، رسالة في تفسير ألفاظ متداولة، مقاطع الحجاز، نور الحديقة من نظم القول، المجمل في الرد على المهمل، المنى في الكنى، فضل الشتاء، مختصر تهذيب الأسماء للنووي، الأجوبة الزكية عن الألغاز السبكية، رفع شأن الحبشان، أحاسن الأقباس في محاسن الاقتباس، تحفة المذاكرة في المنتقى من تاريخ ابن عساكر، شرح بانت سعاد، تحفة الظرفاء بأسماء الخلفاء، قصيدة رائية، مختصر شفاء الغليل في ذم الصاحب والخليل.

ص: 344