الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر بناء المسجد الجامع:
قال ابن عبد الحكم: حدثنا عبد الملك بن مسلمة، عن الليث بن سعد، قال: بنى عمرو بن العاص المسجد؛ وكان ما حوله حدائق وأعنابا، فنصبوا الحبال حتى استقام لهم، ووضعوا أيديهم، فلم يزل عمرو قائما حتى وضعوا القبلة؛ وإن عمرا وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وضعوها واتخذوا فيه منبرا (1) .
وحدثنا عبد الملك عن ابن لهيعة، عن أبي تميم الجيشاني، قال: كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أما بعد؛ فإنه بلغني أنك اتخذت منبرا ترقى به على رقاب المسلمين، أوما (2) حسبك أن تقوم قائما والمسلمون تحت عقبيك! فعزمت عليك لما كسرته (3) .
وحدثنا عبد الملك، أنبأنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، أن أبا مسلم اليافعي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤذن لعمرو بن العاص، فرأيته يبخر المسجد (4) .
وقال يزيد بن أبي حبيب: وقف على إقامة قبلة الجامع ثمانون من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن عبد الحكم: ثم إن مسلمة بن مخلد الأنصاري زاد في المسجد الجامع بعد بنيان عمرو له ومسلمة الذي كان أخذ أهل مصر ببنيان المنار للمساجد، كان أخذه إياه بذلك في سنة ثلاث وخمسين، فبُنيت المنار، وكتب عليها اسمه، ثم هدم عبد العزيز
(1) فتوح مصر 92.
(2)
ط: "أما".
(3)
فتوح مصر 92.
(4)
فتوح مصر 92.
بن مروان المسجد في سنة سبع وسبعين وبناه. ثم كتب الوليد بن عبد الملك في خلافته إلى قرة بن شريك العبسي، وهو يومئذ واليه على أهل مصر (1) فهدمه كله، وبناه هذا البناء وزوقه، وذهب رءوس العُمد التي هي في مجالس قيس، وليس في المسجد عمود مذهب الرأس إلا في مجالس قيس. وحول قرة المنبر حين هدم المسجد إلى قيسارية العسل، فكان الناس يصلون
فيها الصلوات، ويجمعون فيها الجمع، حتى فرغ بنيانه، ثم زاد موسى بن عيسى الهاشمي بعد ذلك في مؤخره في سنة خمس وسبعين ومائة. ثم زاد عبد الله بن طاهر في عرضه بكتاب المأمون بالإذن له في ذلك سنة ثلاث عشرة ومائتين، وأدخل فيه دار الرمل ودورا أخرى من الخطط.
هذا ما ذكره ابن عبد الحكم (2) .
وقال ابن فضل الله في المسالك: مسجد عمرو بن العاص مسجد عظيم بمدينة الفسطاط، بناه عمرو موضع فسطاطه وما جاوره، وموضع فسطاطه حيث المحراب والمنبر وهو مسجد فسيح الأرجاء، مفروش بالرخام الأبيض، وعمده كلها رخام، ووقف عليه ثمانون من الصحابة، وصلوا فيه، ولا يخلو من سكنى الصلحاء (3) .
(1) بعدها في فتوح مصر: "وكانت ولاية قرة بن شريك مصر سنة تسعين، قدمها يوم الاثنين لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول.
(2)
فتوح مصر 131-132.
(3)
مسالك الأبصار 1: 208.