الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر المقطم:
قال ابن عبد الحكم: حدثنا عبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد، قال: سأل المقوقس عمرو بن العاص أن يبيعه سفح المقطم بسبعين ألف دينار، فعجب عمرو عن ذلك وقال: أكتب في ذلك إلى أمير المؤمنين، فكتب في ذلك إلى عمر، فكتب إليه عمر: سله لِمَ أعطاك به ما أعطاك وهي لا تُزدَرَع (1) ولا يُستنبط بها ماء، ولا ينتفع بها. فسأله فقال: إنا لنجد صفتها في الكتب؛ إن فيها غراس الجنة. فكتب بذلك إلى عمر، فكتب إليه عمر: إنا لا نعلم غراس الجنة إلا للمؤمنين، فاقبر فيها من مات قبلك من المسلمين، ولا تبعه بشيء. فكان أول من دفن فيها رجل من المعافر، يقال له عامر، فقيل: عمرت (2) .
حدثنا هانئ بن المتوكل، عن ابن لهيعة، أن المقوقس قال لعمرو: إنا لنجد في كتابنا أن ما بين هذا الجبل وحيث نزلتم ينبت فيه شجر الجنة، فكتب بقوله إلى عمر بن الخطاب، فقال: صدق، فاجعلها مقبرةً للمسلمين (2) .
حدثنا عثمان بن صالح، عن ابن لهيعة، عمن حدثه، قال: قبر فيها ممن عرفنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس نفر: عمرو بن العاص، وعبد الله بن حذافة السهمي، وعبد الله بن الحارث الزبيدي، وأبو بصرة الغفاري، وعقبة بن عامر الجهني.
وقال غير عثمان: ومسلمة بن مخلد الأنصاري. قال ابن لهيعة: والمقطم ما بين القصير إلى مقطع الحجارة، وما بعد ذلك فمن اليحموم (3) .
حدثنا سعيد بن عفير وعبد الله بن عياد، قالا: حدثنا المفضل بن فضالة، عن أبيه قال: دخلنا على كعب الأحبار، فقال لنا: ممن أنتم؟ قلنا: من أهل مصر، قال: ما تقولون
(1) ح، ط:"تزرع".
(2)
فتوح مصر 156-157.
(3)
فتوح مصر 157-158.
في القصير؟ قلنا: قصير موسى قال: ليس بقصير موسى، ولكنه قصير عزيز مصر، كان إذا جرى النيل يترفع فيه، وعلى ذلك إنه لمقدس من الجبل إلى البحر (1) .
حدثنا هانئ بن المتوكل، عن ابن لهيعة ورشدين بن سعد، عن الحسن بن ثوبان، عن حسين بن شفي الأصبحي، عن أبيه شفي بن عبيد، أنه لما قدم مصر -وأهل مصر أتخذوا مصلى بحذاء ساقيه أبي عون التي عند العسكر- فقال: ما لهم وضعوا مصلاهم في الجبل الملعون، وتركوا الجبل المقدس (1) .
حدثنا أبو الأسود نصر بن عبد الجبار، أنبأنا ابن لهيعة، عن أبي قبيل، أن رجلًا سأل كعبًا عن جبل مصر، فقال: إنه لمقدس ما بين القصير إلى اليحموم (1) .
وأخرج ابن عساكر في تاريخه، عن سفيان بن وهب الخولاني، قال: بينما نحن نسير مع عمرو بن العاص في سفح المقطم، ومعنا المقوقس، فقال له: يا مقوقس، ما بال جبلكم هذا أقرع، ليس عليه نبات ولا شجر، على نحو من جبال الشام! قال: ما أدري؛ ولكن الله أغنى أهله بهذا النيل عن ذلك؛ ولكنا نجد تحته ما هو خير من ذلك، قال: وما هو؟ قال: ليدفنن تحته قوم يبعثهم الله يوم القيامة لا حساب عليهم، فقال عمرو: اللهم اجعلني منهم.
وقال الكندي: ذكر أسد بن موسى، قال: شهدت جنازة (2) مع ابن لهيعة، فجلسنا حوله، فرفع رأسه، فنظر إلى الجبل، فقال: إن عيسى عليه الصلاة والسلام مر بسفح هذا الجبل، وأمه إلى جانبه، فقال: يا أماه، هذه مقبرة أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
قال الكندي: وسأل عمرو بن العاص المقوقس: ما بال جبلكم هذا أقرع، ليس عليه نبات كجبال الشام؟ فقال المقوقس: وجدنا في الكتب، أنه كان أكثر الجبال شجرًا، ونباتًا وفاكهة، وكان ينزله المقطم بن مصر بن يبصر بن حام بن نوح، فلما كانت
(1) فتوح مصر 157-158.
(2)
الجنازة: الميت.