الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللمْعَة الرَّابِعَة منح الْحَيَاة آيَة جلية
انْظُر إِلَى هَذِه الموجودات الملونة الزاهية المبثوثة على وَجه الأَرْض وَإِلَى هَذِه المصنوعات المتنوعة السابحة فِي بَحر السَّمَاوَات تَأمل فِيهَا مَلِيًّا تَرَ أَن على كل مَوْجُود مِنْهَا طغراء لَا تقلد للمنور الأزلي جلّ وَعلا فَكَمَا تشاهد على الْحَيَاة آيَاته وشاراته وعَلى ذَوي الْحَيَاة أختامه وَقد رَأينَا بَعْضًا مِنْهَا فعلى الْإِحْيَاء أَي منح الْحَيَاة آيَات وشارات أَيْضا سننظر إِلَى حَقِيقَتهَا بمثال إِذْ الْمِثَال يقرب الْمعَانِي العميقة للأفهام
أَنه يُشَاهد على كل من السيارات السابحة فِي الفضاء وقطرات المَاء وَقطع الزّجاج الصَّغِيرَة وبلورات الثَّلج البراقة طغراء لصورة الشَّمْس وَختم لانعكاسها وَأثر نوراني خَاص بهَا فَإِن لم تقبل أَن تِلْكَ الشميسات المشرقة على الْأَشْيَاء غير المحدودة هِيَ انعكاسات نور الشَّمْس وتجليها فستضطر إِذا أَن تقبل بِوُجُود شمس بِالْأَصَالَةِ فِي كل قَطْرَة وَفِي كل قِطْعَة زجاج
معرضة للضوء وَفِي كل ذرة شفافة تقَابل الضَّوْء مِمَّا يلْزم ترديك فِي مُنْتَهى البلاهة ومنتهى الْجُنُون
وَهَكَذَا فَإِن لله وَهُوَ نور السَّمَوَات وَالْأَرْض تجليات نورانية من حَيْثُ الْإِحْيَاء وإفاضة الْحَيَاة فَهُوَ آيَة جلية وطغراء وَاضِحَة يَضَعهَا سُبْحَانَهُ على كل ذِي حَيَاة بِحَيْثُ لَو اجْتمعت جَمِيع الْأَسْبَاب وَأصْبح كل سَبَب فَاعِلا مُخْتَارًا فرضا فَلَنْ تَسْتَطِيع منح حَيَاة لموجود أَي أَنَّهَا تعجز عَجزا مُطلقًا عَن أَن تقلد شَيْئا الْخَتْم الرباني فِي الْأَحْيَاء ذَلِك لِأَن كل ذِي حَيَاة هُوَ بِحَدّ ذَاته معْجزَة من معجزات الْقُدْرَة الإلهية إِذْ هُوَ على صُورَة نقطة مركزية كالبؤرة لتجليات الْأَسْمَاء الْحسنى الَّتِي كل مِنْهَا بِمَثَابَة شُعَاع من نوره سُبْحَانَهُ فَلَو لم يسند مَا يُشَاهِدهُ على الْكَائِن الْحَيّ من صَنْعَة بديعة فِي الصُّورَة وَحِكْمَة بَالِغَة فِي النظام وتجل باهر لسر الأحدية إِلَى الْأَحَد الصَّمد جل جلاله للَزِمَ قبُول قدرَة فاطرة مُطلقَة غير متناهية مستترة فِي كل ذِي حَيَاة وَوُجُود علم مُحِيط وَاسع فِيهِ مَعَ إِرَادَة مُطلقَة قادرة على إدارة الْكَوْن بل يجب قبُول وجود بَقِيَّة الصِّفَات الَّتِي تخص الْخَالِق سُبْحَانَهُ فِي ذَلِك الْكَائِن حَتَّى لَو كَانَ الْكَائِن الْحَيّ ذُبَابَة أَو زهرَة أَي إِعْطَاء صِفَات
الألوهية إِلَى كل ذرة من ذرات أَي كَائِن أَي قبُول افتراضات محَالة من أَمْثَال هَذِه الافتراضات الَّتِي توجب السُّقُوط إِلَى أدنى بلاهات الضَّلَالَة وحماقات الخرافة ذَلِك لِأَنَّهُ سبحانه وتعالى قد أعْطى لذرات كل شَيْء لَا سِيمَا إِذا كَانَت من البذرة والنواة وضعا معينا كَأَن تِلْكَ الذّرة تنظر إِلَى ذَلِك الْكَائِن الْحَيّ كُله رغم أَنَّهَا جُزْء مِنْهُ وتتخذ موقفا معينا وفْق نظامه بل تتَّخذ هَيْئَة خَاصَّة بِمَا يُفِيد دوَام ذَلِك النَّوْع وانتشاره وَنصب رايته فِي كل مَكَان وَكَأَنَّهَا تتطلع إِلَى جَمِيع أَنْوَاع ذَلِك الْكَائِن فِي الأَرْض فتزود البذرة مثلا بِمَا يشبه جنيحات لأجل الطيران والانتشار ويتخذ ذَلِك الْكَائِن الْحَيّ موقفا يتَعَلَّق بِجَمِيعِ موجودات الأَرْض الَّتِي يحتاجها لأدامة حَيَاته وتربيته ورزقه ومعاملاته فَإِن لم تكن تِلْكَ الذّرة مأمورة من لدن قدير مُطلق الْقُدْرَة وَقطعت نسبتها من ذَلِك الْقَدِير الْمُطلق لزم أَن يعْطى لَهَا بصر تبصر بِهِ جَمِيع الْأَشْيَاء وشعور يُحِيط بِكُل شَيْء
حَاصِل الْكَلَام كَمَا أَنه لَو لم تسند صور الشميسات المشرقة وانعكاسات الألوان الْمُخْتَلفَة فِي القطرات وَقطع الزّجاج إِلَى ضوء الشَّمْس يَنْبَغِي عندئذ قبُول شموس لَا