الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْآيَة الثَّانِيَة إدارة الْحَيَاة على الأَرْض
إِن التجلي الباهر لاسم الله الْفَرد يجعلنا نشاهد على وَجه الأَرْض وَلَا سِيمَا فِي الرّبيع ختما لامعا للأحدية وَآيَة جلية للوحدانية بِحَيْثُ
إِن من لَا يُدِير جَمِيع الْأَحْيَاء على وَجه الأَرْض كلهَا بأفرادها وَأَحْوَالهَا وشؤونها كَافَّة وَالَّذِي لَا يرى وَلَا يخلق وَلَا يعلم جَمِيعهَا مَعًا لَا يُمكن أَن يكون لَهُ أَي تدخل فِي أَي شَيْء من حَيْثُ الإيجاد
فلنوضح هَذِه الْآيَة
تَأمل فِي هَذِه الْبسط المفروشة على الأَرْض الَّتِي لحمتها وسداها مئتا ألف طَائِفَة وَنَوع من أَنْوَاع الْحَيَوَانَات وَطَوَائِف النباتات بأفرادها المتنوعة الَّتِي لَا تعد وَلَا تحصى وَالَّتِي تضفي الزِّينَة وتنثر الْبَهْجَة على نَسِيج الْحَيَاة على سطح الأَرْض وبخاصة فِي الرّبيع تأملها جيدا وأدم النّظر فِيهَا فَإِنَّهَا مَعَ اخْتِلَاف أشكالها وتباين وظائفها وتنوع أجهزتها وامتزاجها بَعْضهَا مَعَ الْبَعْض الآخر تشاهد أَن رزق كل ذِي حَيَاة يَأْتِيهِ رغدا من كل مَكَان وَمن حَيْثُ لَا يحْتَسب بِلَا سَهْو وَلَا نِسْيَان
بِلَا انشغال وَلَا ارتباك بِلَا خطأ وَلَا التباس فَيعْطى بميزان دَقِيق حساس كل مَا يَحْتَاجهُ الْفَرد فِي وقته الْمُنَاسب من دون تكلّف وَلَا تَكْلِيف مَعَ تَمْيِيز لكل مِنْهَا وَهُوَ يموج فِي هَذَا الامتزاج الهائل وَفِي هَذَا الخضم من الموجودات المتداخلة فضلا عَمَّا يخبىء بَاطِن الأَرْض من آيَات التَّوْحِيد الرائعة المتلمعة من انتظام الْمَعَادِن والعناصر الجامدة
لذا فَإِن هَذَا التَّدْبِير والإدارة الْمُشَاهدَة فِي هَذَا الْأَمر الدائب على وَجه الأَرْض وباطنها إِنَّمَا هُوَ آيَة ساطعة للأحدية وَختم وَاضح للوحدانية بِحَيْثُ
إِن من لم يكن خَالِقًا لجَمِيع تِلْكَ الموجودات من الْعَدَم ومدبرا لجَمِيع شؤونها فِي آن وَاحِد لَا يقدر على التدخل من حَيْثُ الربوبية فِي شَيْء مِنْهَا لِأَنَّهُ لَو تدخل لأفسد تِلْكَ الإدارة المتوازنة الواسعة إِلَّا مَا يُؤَدِّيه الْإِنْسَان من وَظِيفَة ظاهرية بأذن إلهي أَيْضا لكشف تِلْكَ القوانين الربانية وَحسن سَيرهَا