المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الخطة العملية لاقتباس القوانين من الشريعة - حكم الجاهلية

[أحمد شاكر]

فهرس الكتاب

- ‌بين يدي الكتاب

- ‌تحكيم القوانينبقلم سماحة الشيخ / محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ

- ‌1 -حكم الجاهلية

- ‌2 -الملحدون واعتذار الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌3 -الحكم بقتل شارب الخمر في الرابعة

- ‌4 -خمّارة حقيقية

- ‌5 -الرد على من زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم بين أهل الكتاب بشرعهم

- ‌6 -هل إذا أسلم غير المسلم يُجبر على الاحتكام إلى غير شريعة الإسلام

- ‌7 -جزاء الفجور بالمحارم

- ‌8 -النساء والجنديّة

- ‌9 -الرد على من قال بمساواة المرأة بالرجل

- ‌10 -جزاء من يُخالف الشرع مع الإقرار بصحته

- ‌11 -التشبه بأوربة في قوانينهم الكافرة

- ‌12 -جزاء من اتبع أهواء اليهود والنصارى

- ‌13 -لعن الله آكل الربا

- ‌14 -تسمية الربا بالفائدة

- ‌15 -الربا محرم بكافة أنواعه

- ‌16 -ولاية المرأة القضاء

- ‌17 -الكتاب والسنة، يجب أن يكونا مصدر القوانين في مصر

- ‌ الخطة العملية لاقتباس القوانين من الشريعة

- ‌18 -عبد العزيز فهمي باشا وعداؤه للعربية والشريعة

- ‌19 -متى ولمن!! السمع والطاعة

- ‌20 -الشورى في الإسلام

- ‌21 -المرأة ليست كالرجل في الميراث

- ‌22 -خواطر

- ‌1 - في التعليم:

- ‌2 - في المحاضرة الحمقاء:

- ‌3 - في الأعراض:

- ‌4 - لصوص الثياب:

- ‌5 - هل في شعائر الإسلام وثنية

- ‌6 - بحث في تاريخ السيد البدوي

- ‌7 - مقاطعة الملحدين

- ‌8 - الكشف الطبي على راغبي الزواج

- ‌9 - تعليم الدين في المدارس

- ‌10 - الجامعة المصرية

- ‌23 -الإيمان بالغيب

- ‌24 -من هم أهل الكتاب

- ‌25 -المراد بالمحصنات من الذين أوتوا الكتاب

- ‌26 -النصارى لا يزالون في شقاق وخلاف وبغضاء

- ‌27 -عاقبة قوم لوط

- ‌28 -المتبعون لأهواء سادتهم من المبشرين

- ‌29 -بطلان نظرية داروين وأتباعه

- ‌30 -تزيين الشيطان لآدم عليه الصلاة والسلام

- ‌31 -الذكر والابتهالات الدينية

- ‌32 -لا وصية لوارث

- ‌33 -لا نكاح إلا بولي

- ‌34 -فتح القسطنطينية

- ‌35 -أين الرجال!! أين الرجال

- ‌36 -لا يجوز إطلاع أهل الذمة على أسرار المسلمين

- ‌37 -كُروية الأرض

- ‌38 -طاعة الكفار = خسران مبين

- ‌39 -صحف الهلال والدعاية ضد الإسلام

- ‌صحف الهلال 1

- ‌صحف الهلال 2

- ‌صحف الهلال 3

- ‌40 -نساء بدون حياء

- ‌41 -الطلاق عند عبيد الخواجات

- ‌42 -ظُلم ونَكَد عَيْش الأُجراء والخدم

- ‌43 -قُحَّة الأجرياء المتفرنجين

- ‌44 -حرمة التشبه بالكفار

- ‌45 -دعوة ادِّعاء نسب الغير

- ‌46 -عودة إلى وثنية نصب التماثيل

- ‌47 -ولكن القوم لا يستحون

- ‌48 -العطف على الفقير .... وحكم من احتكر

- ‌49 -حكم من سب الدهر أو القَدَر

- ‌50 -في تعدد الزوجات

الفصل: ‌ الخطة العملية لاقتباس القوانين من الشريعة

-‌

‌ الخطة العملية لاقتباس القوانين من الشريعة

قلت في المحاضرة، فيما مضى:"لا تظنوا أني حين أدعوكم إلى التشريع الإسلامي أدعوكم إلى التقيد بما نص عليه ابن عابدين أو ابن نجيم مثلا، ولا إلى تقليد الفقهاء في فروعهم التي استنبطوها غير منصوصة في الكتاب والسنة، وكثير منها فيه حرج شديد. كلا فأنا أرفض التقليد كله ولا أدعو إليه، سواء أكان تقليداً للمتقدمين أم للمتأخرين. ثم الاجتهاد الفردي غير منتج في وضع القوانين. بل يكاد يكون محالاً أن يقوم به فرد أو أفراد. والعمل الصحيح المنتج هو الاجتهاد الاجتماعي، فإذا تبودلت الأفكار، وتداولت الآراء، ظهر الصواب، إن شاء الله".

"فالخطة العملية، فيما أرى: أن تختار لحنة قوية من أساطين رجال القانون وعلماء الشريعة، لتضع قواعد التشريع الجديد، غير مقيدة برأي، أو مقلدة لمذهب، إلا نصوص الكتاب والسنة. وأمامها أقوال الأئمة وقواعد الأصول وآراء الفقهاء، وتحت أنظارها آراء رجال القانون كلهم. ثم تستنبط من الفروع ما تراه صواباً، مناسبا لحال الناس وظروفهم، مما يدخل تحت قواعد الكتاب والسنة، ولا يصادم نصا، ولا يخالف شيئا معلوماً من الدين بالضرورة".

فهذه اللجنة يجب أن تكون موفورة العدد، يكون منها لجنة عليا، تضع الأسس وترسم المناهج، وتقسم العمل بين لجان فرعية، ثم تعيد النظر

ص: 128

فيما صنعوا ووضعوا، لتنسيقه وتهذيبه، ثم صوغه في الصيغة القانونية الدقيقة. فيعرض كاملا على الأمة، ليكون موضع البحث والنقد العلمي، حتى إذا ما استقر الرأي عليه، عرض على السلطات التشريعية، لإقراره واستصدار القانون للعمل به.

وأول ما يجب على اللجنة العليا عمله، أن تدرس، بنفسها أو باللجان الفرعية، مسائل علم أصول الفقه، ومسائل علم أصول الحديث (مصطلح الحديث) لتحقيق كل مسألة منها وتوحيد منهج الاستنباط من الأدلة. فتحقق المسائل التي يرجع فيها لدلالة الألفاظ على المعاني في لغة العرب، من نحو الحقيقة والمجاز، والعام والخاص، والصريح والمؤول، المفسر والمجمل، وسائر قواعد الأصول، كأبواب القياس والاستحسان والمصالح المرسلة، وما إلى ذلك.

وتحقق القواعد في نقد رواية الحديث ورواته، من ناحية المتن وناحية الإسناد، وما يكون به الحديث صحيحاً يصلح للاحتجاج ويجب الأخذ به، وما يكون به ضعيفاً لا يصلح للاحتجاج.

وتحقق القاعدة الجليلة الدقيقة، التي لم يحققها أحد من العلماء المتقدمين، فيما نعلم، إلا أن القرافي أشار إليها موجزة في الفرق السادس والثلاثين من (كتاب الفروق) (ج1 ص:249 - 252 طبعة تونس) وهي الفرق بين تصرف رسول الله بالفتوى والتبليغ، وبين تصرفه بالإمامة، وبين تصرفه بالقضاء. وهو بحث أساسي لدرس الأحاديث والاستدلال بها درساً صحيحاً، فيفرق به بين الأحاديث التي لها صفة العموم والتشريع،

ص: 129

وبين الأحاديث التي جاءت عن رسول الله تصرفاً منه بالإمامة، فليست لها صفة العموم والتشريع، بل المرجع في أمثالها إلى ما يأمر به الإمام من المصالح العامة، وبين الأحاديث في أقضية جزئية، تصرفاً منه صلى الله عليه وسلم بالقضاء، فيكون الحديث عن قضية بعينها، يستنبط منه ما يسمى في عصرنا (المبدأ القضائي).

وقد حققت مثالا من مثل هذه القاعدة العظيمة في شرحي على (كتاب الرسالة) للإمام الشافعي ص: 240 - 242.

وأجلّ عمل وأعظمه أثراً أن تحقق اللجنة باب (تعارض الأدلة والترجيح بينها) فذلك هو علم الأصول على الحقيقة، وذلك هو ميدان الاجتهاد، وذلك هو أساس الفقه والاستنباط.

فإذا تم هذا، ووحدت القواعد التي يبنى عليها الاستدلال والاستنباط، نظر في القواعد العامة التي يرجع إليها الفقهاء في فقههم، على اختلاف مذاهبهم، وطبقت عليها قواعد الأصول التي أقرتها اللجنة العليا أو اللجنة العامة، "أصول الفقه وأصول الحديث" ثم وزنت بميزان الكتاب والسنة الصحيحة، وأخذ منها ما قام الدليل على صحته وموافقته للتشريع الصحيح.

ثم تدرس اللجنة القواعد العامة للقوانين الوضعية، على اختلاف مبادئها وأنواعها، وتزنها بميزان القواعد التشريعية الإسلامية، فتختار منها ما تقضي المصلحة العامة باختياره، مما لا يعارض نصاً من نصوص الكتاب والسنة، ولا يُناقض شيئاً معلوماً من الدين بالضرورة، ولا قاعدة

ص: 130

أساسية من قواعد التشريع الإسلامي.

وبعد هذا كله، بعد أن تستقر القواعد التي تُستنبط الفروع والمسائل على أساسها، وتوضع الموازين الصحيحة البينة، حتى لا تتشعب الطرق بالمجتهد، تقسم أبواب الفقه بين اللجان الفرعية، لتطبق فروع المسائل وجزئياتها على القواعد التي أقرت، وتضع لها الأحكام الصحيحة التي تقتضيها الأدلة الصحيحة نصاً أو استنباطاً.

وهذا عمل كبير ضخم، لا يضطلع به إلا العلماء الأفذاذ المخلصون، من علماء الشرع وعلماء القانون، فيجب أن يسمو اختيارهم على الرغبات الشخصية والأهواء الحزبية، وما إلى ذلك مما قد يُفسد الاختيار أو يضعفه.

وسيدعوهم هذا العمل إلى أن يفرغوا له وحده، فلا يجوز أن يعهد إلى أي واحد منهم بعمل غيره، حتى يكون وقتهم كله وقفاً عليه، ليسير على وتيرة واحدة، سيراً حثيثاً موصلاً إلى الغرض المقصود منه في أقرب وقت وأوجزه، وسيدعو إلى اختيار عشرات كثير من الأعضاء والمساعدين، ولعله مع كل هذا لا يتم في أقل من عشرين سنة.

هذا تصوير تقريبي للخطة العملية، لاقتباس القوانين من الشريعة، فيه كثير من الإجمال، لا أستطيع التوسع في تفصيله، إلا أن يوضَع الدرس والبحث، ليكون حقيقة واقعة، لا خيالا وأمنية، أرجو أن ينال من عناية الباحثين، ومن نقد الناقدين، ما يرشدني ويرشد غيري إلى وجه الصواب، فيما اقترحت وفيما فاتني أو خفي عليه.

وأسأل الله الهُدى والسداد والعصمة والتوفيق.

*

*

*

ص: 131