الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
25 -
المراد بالمحصنات من الذين أوتوا الكتاب
قال الحافظ ابن كثير (1):
"
…
قوله: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ)[المائدة: 5]، فقيل أراد بالمحصنات الحرائر دون الإماء، حكاه ابن جرير عن مجاهد، وإنما قال مجاهد: المحصنات الحرائر، فيحتمل أن يكون أراد الأخرى عنه، وهو قول الجمهور ههنا، وهو الأشبه، لئلا يجتمع فيها أن تكون ذميّة وهي مع ذلك غير عفيفة، فيفسد حالها بالكلية، ويتحصل زوجها على ما قيل في المثل:
"حَشَفا وسوء كيلة"، والظاهر من الآية أن المراد بالمحصنات العفيفات عن الزنا
…
".
قال الشيخ (2):
"وأكثر النساء من تيك الأمم التي تنتسب لليهودية والمسيحية -ليس فيهن عفيفات، بل قد صرن لا يعرفن البكارة ولا يحرصن عليها. يعاشرن الأخدان دون حياء، ولا حرص على عرض، أبحن من أنفسهم لأخدانهن وأحبابهن كل شيء، لا تتزوج امرأة منهم رجلاً إلا بعد أن تعرفه معرفة
(1) تفسير ابن كثير (2/ 21).
(2)
عمدة التفسير (4/ 87 - 88).
تامة، ومعرفة داخلية في كل شيء، وبعد أن تكون تقلبت بين أيدي الرجال. إلا النادر الذي لا يؤبه له، ولا حكم له.
وأقبح من هذا وأسوأ أثراً: أن هذه الحال المنكرة فشت في الأمم المنتسبة للإسلام، خاصة في الطبقات المتعلمة، التي تصطنع تقليد الإفرنج، والتي ترى أن الرقي والمدنية لا يكونان إلا في التهتك والإباحية، والرقص والفجور وشرب الخمر والقمار -إلى ما يبث فيهن معلموهن من الإلحاد وإنكار الأديان، والكفر بالله وبالأنبياء، ومن السخرية بالدين والمستمسكين به، وإلى ما تذيعه المجلات الماجنة الداعرة من الدعوة إلى الاختلاط، والحرص على ما يسمونه "حقوق المرأة" و"مساواتها بالرجل"، بل زادوا فجوراً ونكراً فسموا "العفة" التي أمر الله بها في كل دين "كبتاً". وصارت الدعوة سافرة إلى تخفيف هذا "الكبت" عن الشبان من الجنسين بل صارت الدعوة علانية إلى البغاء، لا يستحي الداعون إليه! بل يريدون "تنظيم البغاء"، حتى لا يضار الشبان من "الكبت"!! فهؤلاء ملعونون في كل دين، وعلى لسان كل نبي.
وقد صرنا نأسف أن نرى أكثر عقود الزواج بين هذه الطبقات باطلة شرعاً، بحكم الكفر الذي اختاروه لأنفسهم. وصارت الأنساب في هذه الطبقات مدخولة، بحكم الفجور من ناحية، حين يكون الفجور، وبحكم الردة والكفر من كل النواحي فيهم: فالملحد -وهو كافر مرتد -زواجه بمثله من النساء زواج باطل، لا ينتج عنه نسل شرعي ثابت النسب، وزواجه بالمسلمة الحقيقية أشد بطلاناً.
والمسلم الحقيقي زواجه بالملحدة المرتدة باطل، لا ينتج عنه نسل شرعي ثابت النسب، وهكذا الحكم فيما إذا كان الزوجان مسلمين عند عقد الزواج، ثم تردى أحدهما أو كلاهما في حمأة الردة والإلحاد والكفر.
فلينظر المسلمون لأنفسهم، وليروا أين يذهب بهم، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
*
…
*
…
*