الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
20 -
الشورى في الإسلام
(
…
وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ
…
) [آل عمران: 159].
قال الشيخ (1):
وهذه الآية (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ) والآية الأخرى (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ)، اتخذهما اللاعبون بالدين في هذا العصر -من العلماء وغيرهم- عدتهم في التضليل بالتأويل، ليواطؤا صنع الإفرنج في منهج النظام الدستوري الذي يزعمونه، والذي يخدعون الناس بتسميته "النظام الديمقراطي"! فاصطنع هؤلاء اللاعبون شعاراً من هاتين الآيتين، يخدعون به الشعوب الإسلامية أو المنتسبة للإسلام. يقولون كلمة حق يراد بها الباطل: يقولون: "الإسلام يأمر بالشورى"، ونحو ذلك من الألفاظ.
وحقا إن الإسلام يأمر بالشورى. ولكن أي شورى يأمر بها الإسلام؟ إن الله سبحانه يقول لرسول صلى الله عليه وسلم: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ). ومعنى الآية واضح صريح، لا يحتاج إلى تفسير، ولا يحتمل التأويل. فهو أمر للرسول صلى الله عليه وسلم، ثم لمن يكون ولي الأمر من بعده: أن يستعرض آراء أصحابه الذين يراهم موضع الرأي، الذين هم أولو الأحلام
(1) عمدة التفاسير (3/ 64).
والنُّهى، في المسائل التي تكون موضع تبادل الآراء وموضع الاجتهاد في التطبيق. ثم يختار من بينها ما يراه حقاً أو صواباً أو مصلحة، فيعزم على إنقاذه، غير متقيد برأي فريق معين، ولا برأي عدد محدود، لا برأي أكثرية، ولا برأي أقلية، فإذا عزم توكل على الله، وأنفذ العزم على ما ارتآه.
ومن المفهوم البديهي الذي لا يحتاج إلى دليل: أن الذين أُمر الرسول بمشاورتهم -ويأتسي به فيه من يلي الأمر من بعده -هم الرجال الصالحون القائمون على حدود الله، المتقون لله، المقيمو الصلاة، المؤدو الزكاة، المجاهدون في سبيل الله، الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى". ليسوا هم الملحدين، ولا المحاربين لدين الله، ولا الفجار الذين لا يتورعون عن منكر، ولا الذين يزعمون أن لهم أن يضعوا شرائع وقوانين تخالف دين الله، وتهدم شريعة الإسلام، هؤلاء وأولئك -من بين كافر وفاسق- موضعهم الصحيح تحت السيف أو السّوط، لا موضع الاستشارة وتبادل الآراء.
والآية الأخرى: آية سورة الشورى -كمثل هذه الآية وضوحاً وبيانا وصراحة: (وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ). ثم هي ما كانت خالصة بطرق الحكم وأنظمة الدولة. إنما هي في خُلُق المؤمنين الطائعين المتبعين أمر ربهم: أن من حُلُقهم أن يتشاوروا في شؤونهم الخاصة والعامة، ليكون ديدنهم التعاون والتساند في شأنهم كله.
ومجال القول ذو سعة. وفيما قلنا عبرة وعظة وكفاية، إن شاء الله.
*
…
*
…
*