الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
46 -
عودة إلى وثنية نصب التماثيل
عن أبي زُرْعة قال: دخلت مع أبي هريرة دار مروان بن الحكم فرأى فيها تصاوير، وهي تُبْنى، فقال:"سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يقول الله عز وجل: ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقاً كخلقي! فليخلقوا ذرة، أو فليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة".
قال الشيخ (1):
"في عصرنا هذا كنا نسمع عن أناس كبار يُنسبون إلى العالم، ممن لم ندرك أن نسمع منهم، أنهم يذهبون إلى جواز التصوير كله، بما فيه التماثيل الملعونة تقرباً إلى السادة الذين يريدون أن يقيموا التماثيل تذكراً لآبائهم المفسدين، وأنصارهم العتاة أو المنافقين، ثم تقرباً إلى العقائد الوثنية الأوروبية، التي ضربت على مصر وعلى بلاد الإسلام من أعداء الإسلام الغاصبين، وتبعهم في ذلك المقلدون والدهماء، أتباع كل ناعق، حتى امتلأت بلاد المسلمين بمظاهر الوثنية السافرة؛ من الأوثان والأنصاب، ومن تعظيمها وتبجيلها، بوضع الأزهار والرياحين عليها، وبالتقدم بين يديها بمظاهر الوثنية الكاملة حتى بوضع النيران أحياناً عندها.
(1) في تعليقه على "مسند الإمام أحمد"(12/ 149 - 151).
وكان من حجة أولئك الذين شرعوا لهم هذا المنكر أول الأمر، الذين أجازوا نصب التماثيل بالفتاوى الكاذبة المضللة: أن تأولوا النصوص بربطها بعلة لم يذكرها الشارع ولم يجعل مناط التحريم هي -فيما بلغنا- أن التحريم إنما كان أول الأمر لقرب عهد الناس بالوثنية.
أما الآن وقد مضى على ذلك وهو طويل، فقد ذهبت علة التحريم ولا يخشى على الناس أن يعودوا لعبادة الأوثان!!.
ونسي هؤلاء ما هو بين أيديهم من مظاهر الوثنية الحقة بالتقرب إلى القبور وأصحابها، واللجيء إليها عند الكروب والشدائد.
وأن الوثنية عادت إلى التغلغل في القلوب دون أن يشعر أصحابها، بل نسوا نصوص الأحاديث الصريحة في التحريم وعلة التحريم!!.
كنا نعجب لهم من هذا التفكير العقيم، والاجتهاد الملتوي! وكنا نظنهم اخترعوا معنى لم يُسبقوا إليه، وإن كان باطلاً، ظاهراً البطلان. حتى كشفنا بعد ذلك أنهم في باطلهم مقلدين، وفي اجتهادهم واستنباطهم سارقين!!.
فرأينا الإمام الحافظ الحجة ابن دقيق العيد المتوفى سنة 702هـ، يحكي مثل قولهم ويرده أبلغ رد، وبأقوى حجة، في كتابه "إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام"(جـ1/ ص359 - 360) بتحقيق الأخ الشيخ حامد الفقي، ومراجعتنا، و (جـ2/ ص171 - 173) من الطبعة المنيرية، في شرح حديث عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أولئك إذا
مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً، ثم صوّروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله".
فقال ابن دقيق العيد: "فيه دليل على تحريم مثل هذا الفعل، وقد تظاهرت دلائل الشريعة على المنع من التصوير والصور، ولقد أبعد غاية البعد من قال: "إن ذلك محمول على الكراهة، وأن هذا التشديد كان في ذلك الزمان، لقرب عهد الناس بعبادة الأوثان، وهذا الزمان -حيث انتشر الإسلام وتمهدت قواعده-: لا يساويه في هذا المعنى، فلا يساويه في هذا التشديد!! هذا أو معناه.
وهذا القول عندنا باطل قطعاً لأنه قد ورد في الأحاديث الإخبار عن أمر الآخرة، بعذاب المصورين، وأنهم يقال لهم: أحيوا ما خلقتم، وهذه علّة مخالفة لما قاله هذا القائل، وقد صرح بذلك في قوله عليه السلام:"المشبهون بخلق الله"، وهذه علّة عامة مستقلة مناسبة، لا تخصّ زماناً دون زمان، وليس لنا أن نتصرف في النصوص المتظاهرة المتضافرة بمنعى خيالي، يمكن أن يكون هو المراد، مع اقتضاء اللفظ التعليل بغيره، وهو التشبه بخلق الله".
هذا ما قاله ابن دقيق العيد، منذ أكثر من 670 سنة، يرد على قوم تلاعبوا بهذه النصوص، في عصره أو قبل عصره، ثم يأتي هؤلاء المفتون المضللون، وأتباعهم المقلدون الجاهلون، أو الملحدون والهدّامون، يعيدونها جذعة، ويلعبون بنصوص الأحاديث، كما لعب أولئكم من قبل!!.
ثم كان من أثر هذه الفتاوى الجاهلة أن ملئت بلادنا بمظاهر الوثنية كاملة، فنصبت التماثيل، ومُلِئت بها البلاد، تكريماً لذكرى من نسبت إليه تعظيماً! ثم يقولون لنا إنها لم يقصد بها التعظيم!.
ثم ازدادوا كفراً ووثنية، فصنعوا الأنصاب ورفعوها تكريماً لمن صنعت لذكراهم، وليست الأنصاب مما يدخل في التصوير، حتى يصلح لهم تأويلهم! إنما هي وثنية كاملة صِرف، نهى الله عنها في كتابه، بالنص الصريح الذي لا يحتمل التأويل.
وكان من أثر هذه الفتاوى الجاهلة أن صنعت الدولة وهي تزعم أنها دولة إسلامية، في أمة إسلامية: ما سمته: "مدرسة الفنون الجميلة"، أو "كلية الفنون الجميلة"!!، صنعت معهداً للفجور الكامل الواضح! ويكفي للدلالة على ذلك أن يدخله الشبان الماجنون، من الذكور والإناث، إباحيين مختلطين، لا يردعهم دين ولا عفاف ولا غيره.
يصورون فيه الفواجر من الغانيات، اللائي لا يستحين أن يقفن عرايا، ويجلسن عرايا، ويضطجعن عرايا، على كل وضع من الأوضاع الفاجرة، يظهرن مفاتن الجسد، وخفايا الأنوثة، لا يسترن شيئاً ولا يمنعن شيئاً!! ثم يقولون لنا: هذا فن!! لعنهم الله، ولعن من رضي هذا منهم أو سكت عليه، وإنا لله وإنا إليه راجعون".
*
…
*
…
*