الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
الملحدون واعتذار الرسول صلى الله عليه وسلم
عن طلحة قال: "مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قوم في رؤوس النخل، فقال: "ما يصنع هؤلاء"؟ قالوا: يلقّحونه، يجعلون الذكر في الأنثى، قال: "ما أظن ذلك يغني شيئاً"، فأخبروا بذلك، فتركوه فأُخْبِر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إن كان ينفعهم فليصنعوه، فإني إنما ظننت ظناً، فلا تؤاخذوني بالظن، ولكن إذا أخبرتكم عن الله عز وجل بشيء فخذوه، فإني لن أكذب على الله شيئاً".
قال الشيخ (1):
"وهذا الحديث مما طنطن به ملحدوا مصر وصنائع أوربا فيها، من عبيد المستشرقين، وتلامذة المبشرين، فجعلوه أصلاً يحاجّون به أهل السنة وأنصارها وخدام الشريعة وحماتها، إذا أرادوا أن ينفوا شيئاً من السنة، وأن ينكروا شريعة من شرائع الإسلام، في المعاملات وشؤون الاجتماع وغيرها، يزعمون أن هذه من شؤون الدنيا، يتمسكون برواية أنس: "أنتم أعلم بأمر دنياكم"، والله يعلم أنهم لا يؤمنون بأصل الدين، ولا يالألوهية، ولا بالرسالة، ولا يصدقون القرآن في قرارة نفوسهم، ومن آمن
(1) في تعليقه على "مسند أحمد"(2/ 364 - 365) برقم (1395).
منهم فإنما يؤمن لسانه ظاهراً ويؤمن قلبه فيما يخيل إليه، لا عن ثقة وطمأنينة، ولكن تقليداً وخشية فإذا ما جدّ الجدّ، وتعارضت الشريعة -الكتاب والسنة- مع ما درسوا في مصر أو في أوربا، لم يترددوا في المفاضلة، ولم يحجموا عن الاختيار، فضّلوا ما أخذوه عن سادتهم، واختاروا ما أشربته قلوبهم! ثم ينسبون نفوسهم بعد ذلك، أو ينسبهم الناس إلى الإسلام!!.
والحديث واضح صريح، لا يعارض نصاً، ولا يدل على عدم الاحتجاج بالسنة في كل شأن، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى، فكل ما جاء عنه فهو شرع وتشريع:(وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا)، وإنما كان في قصة تلقيح النخل أن قال لهم:"ما أظن ذلك يغني شيئاً" فهو لم يأمر ولم ينه، ولم يخبر عن الله، ولم يسن في ذلك سنة، حتى يتوسع في هذا المعنى إلى ما يهدم به أصل التشريع، بل ظن، ثم اعتذر عن ظنه، قال:"فلا تؤاخذوني بالظن"، فأين هذا مما يرمي إليه أولئك؟ هدانا الله وإياهم سواء السبيل" اهـ.