الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن نفيتم الحكمة جوزتم أن يفعل أفعالاً لا يحصل له بها كمال فيقال لهم قولوا في أفعاله القائمة بنفسه الاختيارية ما تقولونه في حدوث المفعولات عنه، وهو الفعل عندكم
وإن أثبتم الحكمو، قيل لكم الحكمة الحاصلة بالفعل الحادث حادثة بعده فحدوث هذه الحكمة بعد أن لم تكن، سواء كانت قائمة بنفسه أو بغيره، اهي صفة كمال أو لا؟
فإن قلتم صفة كمال فقولوا في نفس الفعل الحادث ما قلتموه في الحكمة المطلوبة به
وإن قلتم ليست صفة كمال، فقولوا في نفس الفعل الحادث ما قلتموه في الحكمة المطلوبة
فقد لزمكم في الحكمة، إن أثبتموها أو نفيتموها، ما يلزمكم في نفس الفعل سواء بسواء، وهذا بين واضح
الوجه العاشر
أن يقول من يثبت الفعل القائم به والحكمة القائمة به معلوم بصريح العقل ان هذا صفة كمال، وأن من يكون كذلك أكمل ممن لا يفعل أو يفعل لا لحكمة فلم قلتم إن هذا ممتنع؟
فإذا قيل لئلا يلزم الكمال بعد النقص
قيل لهم لم قلتم وجود مثل هذا الكمال ممتنع؟
ولفظ النقص لفظ مجمل كما تقدم فإن غايته أن يفسر بعدم ما وجد قبل أن يوجد، فيعود الأمر إلى أن هذا الموجود إذا وجد بعد أن لم يكن، لزم أن يكون معدوماً قبل وجوده
فيقال ومن أين علمتم أن وجود هذا بعد عدمه محال؟ وليس في ذلك افتقار الرب إلى غيره ولا استكماله بفعل غيره، بل هو الحي الفعال لما يشاء العليم القدير الحكيم، الخبير الرحيم الودود، لا إله إلا هو، وكل ما سواه فقير إليه، وهو غني عما سواه، لا يكمل بغيره، ولا يحتاج إلى سواه ولا يستعين بغيره في فعل، ولا يبلغ العباد نفعه فينفعوه، ولا ضره فيضروه، بل هو خالق الاسباب والمسببات، وهو الذي يلهم عبده الدعاء، ثم يجيبه وييسر عليه العمل، ثم يثيبه ويلهمه التوبة، ويحبه ويفرح بتوبته وهو الذي استعمل المؤمنين فيما يرضيه، ورضي عنهم فلم يحتج في فعله لما يحبه ويرضاه إلى سواه، بل هو الذي خلق حركات العباد التي يحبها ويرضاها، وهو الذي خلق ما لايحبه ولا يرضاه من اعمالهم، لما له في ذلك من الحكمة التي يحبها ويرضاها {وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون} القصص: 70، فلا إله إلا هو {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} الانبياء: 22، إذا كان هو الذي يستحق أن تكون العبادة له، وكل عمل لا يراد به وجهه فهو باطل لا منفعة فيه،
فما لا يكون به لا يكون، فإنه لا حول ولا قوة إلا به، وما لا يكون له لا ينفع ولا يدوم كما قال تعالى {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا} الفرقان: 23 وقال {مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء} إبراهيم: 18، وهو سبحانه يحب عباده الذين يحبونه، والمحبوب لغيره أولى أن يكون محبوباً
فإذا كنا إذا أحببنا شيئاً لله هو المحبوب في الحقيقة، وحبنا لذلك بطريق التبع، وكنا نحب من يحب الله لأنه يحب الله، فالله تعالى يحب الذين يحبونه، فهو المستحق أن يكون هو المحبوب المألوه المعبود، وأن يكون غاية كل حب كيف وهو سبحانه الذي يحمد نفسه ويثني على نفسه، ويحب الحمد من خلقه
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لا أحد أحب إليه المدح من الله
وقال له الأسود بن سريع يا رسول
الله إني حمدت ربي بمحامد فقال إن ربك يحب الحمد
وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك، لا احصى ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك وقد روى انه كان يقول ذلك في آخر الوتر
فهو المثني على نفسه، إذا أفضل خلقه لا يحصى ثناء عليه
والثناء تكرير المحامد وتثنيتها، كما في الحدث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال إذا قال العبد الحمد لله رب العالمين، قال الله حمدني عبدني فإذا قال الرحمن الرحيم قال أثنى علي عبدي فإذا قال مالك يوم الدين قال مجدني عبدي
وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان إذا رفع رأسه من الركوع قال ربنا ولك الحمد، ملء السموات وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، احق ما قال العبد وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت، ولا
معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. فذكر الحمد والثناء والمجد هنا، كما ذكره في اول الفاتحة، فالحمد يتناول جنس المحامد، والثناء يقتضي تكريرها وتعديدها والزيادة في عددها 0 والمجد تعظيمها وتوسيعها والزيادة في قدرها وصفتها
فهو سبحانه مستحق للحمد والثناء والمجد، ولا أحد يحسن أن يحمد كما يحمد نفسه ن ولا يثني عليه كما يثني على نفسه، ولا يمجده كما يمجد نفسه
كما في حديث ابن عمر الذي في الصحيح، لما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه} الزمر: 67 قال يقبض الله سماواته بيده، والأرضون بيده الأخرى، ثم يمجد نفسه فيقول ـنا الملك، انا القدوس، انا السلام، أنا المؤمن، أنا المهيمن، أنا العزيز، أنا الجبار، أنا المتكبر، أنا الذي بدأت الدنيا ولم تك شيئاً، أنا الذي أعدتها، أين الملوك أين الجبارون أين المتكبرون؟ أو كما قال