الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجمهور العقلاء على خلافة، وهو لم يثبته هنا بالدليل، فيكفي مجرد المنع وبسط ذلك في موضعه.
وكل من أمعن في معرفة هذا المقام علم أن ما ذكروه من أن الجسم مركب من جواهر منفردة متشابهة عرض لها التركيب، او من مادة وصورة، وهما جوهران، من أفسد الكلام.
وإذا كان كذلك أمكن أن يكون كل من الصفات القائمة بجميع المحل شائعة في جميع الموصوف، ولا يلزم أن يكون الواحد قام بأجزاء بل القول في الصفة الحالة كالقول في المحل الذي هو الموصوف.
الثاني
أن يقال: القول في وحدة الصفة وتعددها وانقسامها وعدم انقسامها كالقول في الموصوف وسواء في ذلك الصفات المشروطة بالحياة كالقدرة والحس ـ بل والحياة نفسها أو التي لا تشترط بالحياة كالطعم واللون والريح، فإن طعم التفاحة مثلا شائع فيها كلها، فإذا بعضت تبعض ولا يقال إنها قام طعم واحد بجملة التفاحة، بل إن قيل: إن التفاحة أجزاء كثيرة، قيل: أم بها طعوم كثيرة، وإن قيل: هي شيء واحد قيل: قام بها طعم واحد.
فإن
قيل فهذا هو التقدير الأول، وهو اتصاف كل جزء من هذه الأجزاء بجميع هذه الصفات قيل: ليس كذلك.
أما أولا: فلمنع التجزي.
وأما ثانياً فلأنه لم يقل بكل جزء إلا جزء من الصفة القائمة بالجمع، لم تقم جميع الصفة بكل جزء وحينئذ فيطل التلازم المذكور وهو كون كل جزء إليها، فإن الإله سبحانه هو المتصف بأنه بكل شيء عليم، وهو على كل شيء قدير، أما إذا قدر موصوف قام به جزء من هذه القدرة لا تنقسم هي ولا محلها لم يلزم أن يكون ذلك الجزء قادراً، فضلا عن أن يكون رباً إذ القادر لا يجب أن يكون من قام به جزء من القدرة ولا الحي من قام به جزء من الحياة ولا العالم من قام به جزء من العلم.
فإن قيل: كيف يعقل انقسام القدرة والحياة والعلم؟
قيل: كما يعقل انقسام محل هذه الصفات فإن الإنسان تقوم حياته بجميع بدنه وكذلك الحس والقدرة ببدنه من صفاته فكما أن بدنه ينقسم فالقائم ببدنه ينقسم.
فإن قيل إذا انقسم لم يبق قدرة ولا علماً ولا حياة.